المجموع : 408
ومعتضدٍ بالله أضحى وربُّهُ
ومعتضدٍ بالله أضحى وربُّهُ / له عضدٌ يحميه دوْر الدوائِرِ
إذا كِيد سراً كيد عنه عدوهُ / وفي بأسه كفء لبأس المجاهر
وما كيد من أضحى له الله ناصراً / وعيناً على مستخفيات السرائر
ولو لم يخبّر عن عداهُ لخبَّرتْ / جوارحُهم عنهم بما في الضمائر
وحُقّ بنصر الله ناصرُ دينهِ / فأين به عن ناصر وابن ناصر
إذا حاول الأعداءُ أن يمكروا به / أحال عليهم مكرهم خيرُ ماكر
كأنَّ نسيم الروض إبان نوره
كأنَّ نسيم الروض إبان نوره / أرذَّت عليه مُزنةٌ حين أسْحرا
أتانا به رشٌّ من الريح لو نأى / مُعرَّسُنا عنه مدى النَّبل قصرا
إذا حَسُنَتْ أخلافُ قومٍ فبِئْسما
إذا حَسُنَتْ أخلافُ قومٍ فبِئْسما / خَلَفتم به أسلافكم آل طاهِر
جَنَوا لكُم أن تُمدَحوا وجنيتُمُ / لموتاكُمُ أن يُشتَموا في المقابر
فلو أنهم كانوا رأوا غيب أمركم / لقد وأدوكم سِيّما أمَّ عامر
أجَيْئلةً عرفاء تَسحب رِجْلها / أجِدَّكَ لا يُرضيكَ مِدحةُ شاعِر
كأنك قد فُتّ المديح فما ترى / لمجدك فيه من كَفِيٍّ مُقادِر
فكيف ولو جاريت من وطأَ الحصا / لجئت وراء الناس آخرَ آخر
ألست ابن بوشَنْجٍ أُعيْرِج ناقصاً / وإن نلتَ مهما نلتَهُ بالمقادر
وما كانت الدنيا وأنت عميدُها / لتعدل عند الله عبَّة طائر
ولو كان في الناس ابن حرٍّ وحرةٍ / لمِتَّ ولم تخطر على بال ذاكر
أحَسْبك في العيدين إيجافُ موكبٍ / تَخايل فيه مُسبطرّ المشافر
وحِلْسٍ من الكتان أخضر ناعمٍ
وحِلْسٍ من الكتان أخضر ناعمٍ / توسَّنه داني الرَّباب مَطيرُ
إذا درجت فيه الشّمال تتابعت / ذوائبهُ حتى تقول غدير
أحلَّ العراقيُّ النبيذَ وشربَهُ
أحلَّ العراقيُّ النبيذَ وشربَهُ / وقال الحرامان المدامةُ والسُّكرُ
وقال الحجازيُّ الشرابان واحدٌ / فحلّتْ لنا بين اختلافهما الخمرُ
سآخذ من قوليهما طرفيهما / وأشربها لا فارقَ الوازر الوزرُ
أظنك مما قد مَطلت مَثوبتي
أظنك مما قد مَطلت مَثوبتي / يسرُّك لو دارتْ عليّ الدوائرُ
إذا ورد المالُ الذي كنت أرتجي / أُتيحت له تلقاءَ غيري مصادر
وعُلِّلتُ من وردٍ سواه بموعدٍ / فليس لأمري آخرَ الدهر آخر
تربّصُ بي عضواً من المال بائراً / عليك وهل عضو من المال بائر
تظل إذا حبرتُ فيك قصيدةً / من المدح فيها المحكمات السوائر
تقدِّرُ لي من كلِّ مالٍ تُفيدهُ / جُزارتَه حتى كأنيَ جازر
لَشتان ما بيني وبينك تصطفي / مديحي وحظي من لُهاك الحقائر
ولسْن لُهىً لكن مُنىً ومَواعد / تأخرن حتى قيل هنَّ عَواقر
إذا كان إنجازَ المواعيد كَرُّها / فأحسن منها قبل ذاك المعاذر
رأيتُ جناة الحرب غير كُفاتها
رأيتُ جناة الحرب غير كُفاتها / إذا اختلفت فيها الرماح الشواجرُ
كذاك زناد النار عنها بنجوةٍ / ولكنما تَصْلى صلاها المَساعر
قرأْتُ على أهلي كتابَكَ إذا أتى
قرأْتُ على أهلي كتابَكَ إذا أتى / وقلتُ لهم هذا أمانٌ من الدهرِ
فكلُّ امرئٍ منهم إذا خاف دهرَهُ / مُعوّلُهُ ضمُّ الكتاب إلى الصدر
أذكِّرك الوعدَ الذي كان بيننا / وما مرَّ من يومٍ عليه ومن شهر
وقطرةَ غيثٍ كنتَ أنبأتَ أنها / سيتبعُها قطرٌ مُلثٌّ على قطر
تقبّلها منك امرؤٌ متوقِّعٌ / لها أخواتٍ من أناملِكِ العَشْر
ولا غَروَ أنت البحر تُفضي عُفاتُه / إلى الضحل من جَدواه ثم إلى الغمر
أو الغيثُ يأتي قطْره قبل سَيله / أو الشمسُ يَهدي ضوءها وضَحُ الفجر
فدَتْكَ نفوسُ الناس من ذي حياطةٍ / غدوتَ لهم أمّاً ممهّدة الحِجر
تظلُّ من الأمرِ المخُوفِ وغيره / تضُمُّ بنيها باليدين إلى النَّحر
فإشفاقُها من أن يموتوا من الغنى / كإشفاقها من أن يموتوا من الفقر
لذلك تَحمي الناسَ أول وهلةٍ / نداك سوى الشيء الموائم والنزر
تُدرِّجُهُمْ هَوْناً على درجاته / وترفعهم بالقدر منه إلى القدر
ولو وردتْ كُبرى عطاياك بغتةً / على مُستنيلٍ أسْلَمتْهُ إلى القبر
إذاً لتقضّى قلبه من شِغافه / سروراً بما حازتْ يداه من الوفر
ومن فَرَحاتِ النفسِ ما فيه حتفُها / ومن أنسِها بالخير ما هو كالنفر
أبا حسنٍ حتى متى أنا حابسٌ / عليك رجائي أنسخُ العصر بالعصرِ
وقد وجبتْ لي بالمودّة حُرمةٌ / ومن بعدها ثنتان بالمدح والصبر
وعدتَ فبادِر بالوفاء فقد ترى / مبادرةَ الأيامِ بالغدر والختر
أتأمن أن يُرمَى مُرجٍّ مطلتَه / دُوينَ الذي رَجّى بداهيةٍ هَتر
فتقدحُ فيما بين ضِعفيك حسرةً / كحسرته ليست بخامدةِ الجمر
وما أمْنُ مأمولٍ على نفسِ آمِلٍ / حوادثَ دهر غير مأمونةِ المكر
ترامى بنا شأوُ المِطال إلى مدىً / بعيدٍ ولسنا من حديدٍ ولا صخر
وإني لأرجو من سمائك مَطرةً / أهزُّ لها عِطفيَّ في ورق نضر
نتيجةُ وعدٍ صادقٍ منك شاهدي / عليه كتابٌ يحفز السطرَ بالسطر
ولن يُخلِفَ الوعدَ امرؤٌ سار قولُهُ / أرى الوعد مثل العهد والخُلفَ كالغدر
ولو وعدتْ عنك المُنى مُتَمنِّياً / وفيْتَ له عنها وفاءك بالنَّذر
تطوّلْ بمالٍ نالني منك جَذرُهُ / فإنك قد جرّبت شُكري على الجَذر
جداً منك أو من ماجدٍ تستميحه / لراجيك رحب الباع ذي همةٍ بحر
وما المائةُ الصفراءُ منك ببدعةٍ / ولا من أخيك الأَرْيَحيِّ أبي الصقر
ولا هي أقصى ما أُرجِّيه منكما / وكيف وأدناه الجسيمُ من الأمر
ورأيُك في ردّ الكتاب فإنه / إذا انأدَّ ظهري نِعمَ مُستنَدُ الظهرِ
وليس بمنفكٍّ قريني أو يُرى / قرينَ كتابي في يميني لدى الحشر
ولمْ لا ولم أقرأه إلا تكشّفتْ / غواشي هُمومي وانتشيتُ بلا خمر
وزادتْ به عيناي في كلّ روضةٍ / أنيقةِ وشْي النوْر طيِّبة النشر
لعمري لقد أنكرتَ غيرَ نكيرِ
لعمري لقد أنكرتَ غيرَ نكيرِ / عُبُوس الغواني لابتسام قَتيرِ
كذا هنّ لا يوقعنَ وُدّاً على امرئٍ / أطارت غُراباً عنه كفُّ مُطيرِ
وللشَّيب جَهرٌ والشبيبة طُرّةٌ / وليس جَهيرٌ في الصِّبا كطَريرِ
عزاؤك عن ظبيٍ طَرير فإنه / بعينيك إذ شيَّبت غير غرير
رأيت حياةَ المرءِ بعد مشيبه / إذا زاول الدنيا حياةَ أسير
خليليَّ هل من نُهية الشّيب عائضٌ / لمعتاضِها من حَبْرةٍ وحَبير
وبنتِ نعيم في ضبابة عنبرٍ / تفورُ وطوراً في عَجاجِ عَبير
برَهْرهةٍ لم تُغْزَ إلا بناعمٍ / ولم تُسقَ من ماءٍ بغير نَمير
مضمّخة اللَّباتِ تحسب نحرها / من المسك والجاديِّ نحر نَحير
محجّبةٌ تحتلّ عليا خَوَرْنقٍ / تشارف أنهاراً خلال سَدير
سَقَتْني بعينيها وفيها وَدَلِّها / خُموراً لها ليستْ خمور عَصير
من الظّبياتِ العاطيات لمُجتنِي / ثمار قلوبٍ لا لحَبِّ بَذير
تُغيرُ على الجَلْد اللبيبِ فتستبي / حِجاه ولم تحمل سلاحَ مُغيرِ
بدرٍّ نثيرٍ من حديثٍ تحفُّهُ / بآخر في سِمطين غير نثيرِ
تبسَّمُ عنهُ في الدُّجَى فكأنما / يُضيءُ الدُّجى منه بروقُ صَبيرِ
أفيما يُفيدُ الشيب من واعظِ النُّهى / وفاءٌ بهذا في حكومةِ زير
أبى ذاك إلا كلُّ شهمٍ مشمِّرٍ / لها عن مجازٍ واعتنى بمصير
طوى مدةً من دهره ذاتَ زُخرفٍ / إلى أبدٍ ذي سُندسٍ وحرير
بمنزلةٍ لا لغوَ فيها سوى الذي / بها من غناءٍ مُطربٍ وزَمير
أرانينُ طيرٍ لا تزال مَليَّةً / بكرِّ هَديلٍ تارةً وصفير
ألا تِلكُمُ الدار التي حل أهلها / بناءٍ عن الخطب المخوف شَطير
خفيرُهمُ فيها من الشر كلّه / خفيرٌ إليه أمرُ كلِّ خفير
لهم ما اشتهوا فيها مسوقاً إليهمُ / مَقوداً إذا شاؤوا بغير جرير
وليست بها شمسٌ فكل زمانهم / غدوٌّ وآصالٌ بغير هجير
بلى كلُّ شمسٍ فوق خوطٍ مهفهفٍ / على دِعصِ رملٍ يزدَهيكَ وثير
وعيشٌ بلا موتٍ وكل ملذةٍ / يفوز بها الملتذُّ غير مَضير
أناخ بهم في الأمن خوفٌ أراهمُ / كأنهمُ يمشون فوق شفير
نهتهم به أحلامهم أن يثابروا / على عملٍ للعاملين مُبير
وإن ابن إبراهيمَ حقاً لمِنهمُ / وإن كان للسلطان أيّ ظهير
فتى يُتّقَى في السلم حشوُ دواته / كما يُتّقى في الحرب حشو جفير
يرى الحائنون الموتَ يصرف نابه / إذا بعث الأقلامَ ذات صرير
إذا ما أثارَ الحقَّ بعد ادِّفانه / بتحصيله الشافي فأيُّ مُثير
له حُلم لقمانَ الحكيم فإن طغا / سفيهٌ فخلفُ الحلم صولةُ شيرِ
وما ظنُّ راجٍ ما لديه بكاذبٍ / ولا مخُّ راعٍ في ذَراه برير
بكيرُ العطايا للعُفاة وإنما / حميدُ نباتِ الأرض كلُّ بكير
ينيلُ بلا وعدٍ إذا النيْلُ لم يكن / بغير وعيدٍ قبله وهَرير
فتى لا يُنسّيه الفعالَ اتِّكاله / على تاج مُلك سالف وسرير
ولكنه يبني على إرثِ من مضى / جهيراً من البنيان فوقَ جهير
أبا الحسنين العلم والجود لا تزلْ / بنعماءَ ما قامت هضابُ ثبير
كَناكَ بها لا بالحسين مُسلِّمٌ / إليك رِقابَ الودِّ غيرَ مُعير
معظِّمُ قدرٍ منك جدِّ مُعظَّمٍ / مُكبِّرُ شأنٍ منك جدِّ كبير
أبتْ لك أنْ تكنى بحسنٍ مُصغَّرٍ / محاسنُ ما مقدارُها بصغير
وقد علم الأقوامُ أنك مُكملٌ / لك الحسنُ في مرأىً وغيبِ ضمير
وما الحسن إلا شيمةٌ مستقلةٌ / بتبصير ذي جهلٍ وجبر كسير
وأنت الذي لا ينكُر الناس أنه / هُدىً لأخِي جوْرٍ غنىً لفقير
تُعظِّمُ من شكر الصديق حقيره / وتَحقرُ من جدواك غير حقير
لك الدهرَ معروفٌ شهيرٌ وإنما / تُحب من المعروف كلَّ ستير
وما أعجبَ المعروفَ تستر فِعله / ولستَ تراه الدهرَ غير شهير
إذا زارك العافُون كان إيابُهم / إيابَ بشيرٍ لا إيابَ نذيرِ
ولو قعد العافون عنك لَزارهم / نوالُك من تِلقاءِ خَيرِ مُزيرِ
كأنّ الذي يغشى جنابك نازلٌ / على روضةٍ مَوْليَّةٍ وغدير
نداك لهم رهنٌ مدى الدهر كله / بأخضر رِبْعيِّ النبات نضير
فهنّأَكَ اللهُ الفضيلةَ مِنحةً / ولا زلت في خيرٍ يزيد وخِيرِ
وهنأك الله الذي أنت أهلُهُ / برغم العدى من رأي خير أمير
أمير رأى فيك الذي ليسَ مُشكِلاً / ووافقه في ذاك خيرُ وزير
لعمري لقد جَلّى بعين جليّةٍ / من القوم نظّارٌ فقيد نظير
تأمل أين الفهمُ والحزم والتقى / لباغي سفيرٍ فوقَ كل سفير
فأبصرها فيك الموفّق كلّها / فولاك ما ولاك غير نكير
ولما عزمتَ الظّعن كي تفصل التي / عصتْ كلّ طبٍّ بالأمورِ خبير
رحلتَ على اسم الله أيمنَ رحلةٍ / وسرتَ على اسم الله خيرَ مَسير
على ثقةٍ من ناصر الدين أنه / سينصرُ منك الحقّ خيرُ نصير
فألفاك ميمونَ النقيبةِ كالذي / عُرفتَ به في أوّلٍ وأخير
ظللتَ له بالغيبِ عيناً يُديرها / فأيتما عينٍ وأيُّ مدير
ولولاك لم تُعدَم دماءٌ ممارةٌ
ولولاك لم تُعدَم دماءٌ ممارةٌ / سُدىً من قتيل طائح وعَقير
إذاً ولَعاق العاملين عن الحيا / عوائقُ بالسلطان ذات ضرير
ولكن نهيتَ السيف عن سَطواته / بيُمنك فارتدَّ ارتداد حسير
وبدَّلتَ خبط العالمين هدايةً / وقد يهتدي أعمى بنور بصير
وما كان إصلاحُ الأمور التي التوتْ / فداويتها من دائها بيسيرِ
ولكنّ من والى الإلهُ مُيسَّر / له بأقلّ السعي كلُّ عسير
ولم تُمتَهن لكنك المرء لم يزل / مُعِدّاً لعِيرٍ تارةً ونفير
فتنفِر في النفّار أيّ محافظ / وتقعد طوراً أيّ حافظ عير
تغيبُ فلا تنفك شُغل مُذاكِرٍ / وتبدو فلا تنفك نُصب مشير
يَهشُّ لذكراك العدو وإنه / ليُضمر في الأحشاء نار سعير
وقد سُئل الحساد عنك بأسرهم / فقالوا وما حابوا بوزن نَقير
مُهذَّبُ أخلاقٍ مشرَّفُ همّةٍ / مثقّفُ آراءٍ مُمرُّ مرير
فأعجِبْ بفضلٍ بان حتى استبانه / من الناس قومٌ في غباءِ حَمير
وأعجبْ بفضلٍ بان حتى عنَتْ له / سِباعٌ من الأعداء ذاتُ زئير
وحتى غدا يُثني به كلُّ كاشح / بقولٍ ويتلو قولَهُ بزفير
أطال عليّ الدهر قومٌ بظلمهم / وكم لك من يوم عليّ قصير
فلو كان لي حقٌّ تريد قضاءَهُ / لأُلفيتَ قد جاوزته بكثير
ولكنّ ما تُسديه فضلٌ منحتَه / وأنت بترك الفضل غير جدير
إذا كنتَ شمساً نورها من طباعها / فكيف بأن نلقاك غيرَ منير
وكنتَ سحاباً ضاق بالماء وُسْعهُ / فكيف بأن نلقاك غير مطير
أبى الله إلا أن تضيء لحائرٍ / وتَندَى لمستسقٍ إباء قدير
شكرتُ ولم أسأل مزيداً فزدتني / دريراً من المعروف بعد درير
نفحتَ بسيل بعد قَطرٍ وللحيا / سيولٌ بعَقْب القطر ذاتُ خرير
مطرتَ وقد أيبستُ حتى بللتني / فعُوديَ ليْن المتن غيرُ هصيرِ
عليه ثمارُ الشكر بين شَكيرِه / فيا حُسنَه حَمْلاً خلال شكير
وقالوا أطلْ في مدحه قلت حسبكم / رِشائي فليس المستقى بقَعير
ألا رُبما قَصَّرتُ في مدح ماجدٍ / وفزتُ بسَجْل من نداه غزير
وما بي غنىً عما لديك ولو غدتْ / مفاتيحُ ما مُلِّكتُ عبءَ بعير
فعِشْ في جوار الله خيرِ مجاوَر / يُجير بك الأحرارَ خيرُ مُجير
يدُ الله من ريب الزمان وقايةٌ / على خطر للمجد فيك خطير
فما لك عيبٌ غير أنك لم تدعْ / أخا كرمٍ جاراك غير بَهير
وأنك مَنْ أصبحتَ يوماً عشيرَهُ / من الناس طُرّاً ذَمَّ كلَّ عشير
مَنحتُكها غرّاء يقطعُ وَخْدُها / نهار أخي لهوٍ وليل سَمير
وإن لم أقرّظْ منك إلا مُقرَّظاً / وإن لم أشِدْ إلا بذكر ذَكير
شجاً أن أروم الصبر عنك فيلتوي
شجاً أن أروم الصبر عنك فيلتوي / عليَّ ولؤمٌ أن يساعدني الصبرُ
فيا حَزَني أن لا سلوَّ يُطيعني / ويا سوءَتا من سلوتي إنها غدرُ
من الحيف تخسيسُ النوال ومطْلُه
من الحيف تخسيسُ النوال ومطْلُه / فعجِّل خسيساً أو فأجّل موفَّرا
وكن نخلة تُلوِي وتُسني عطاءها / وإلّا فكن عَصْفاً أقلَّ وأيسرا
ليهنكِ أنْ قد مرّ من صدر دولة
ليهنكِ أنْ قد مرّ من صدر دولة / شهورٌ توالتْ بعدهن شهورُ
وأن العدا قد سُوِّغوا في مؤمّل / مقالهمُ بعضُ الرجاء غرورُ
أيُجدب يا للناس مرعَى وليِّكم / وأنتم غيوثٌ للورى وبحور
ويدجو عليه ليلُهُ ونهارهُ / وأنتم شموس أشرقتْ وبدور
أقول وقد قال العذول فأكثرا
أقول وقد قال العذول فأكثرا / وملّ من الإكثار فيها فأقصرا
دريرةُ منّي بالمكان الذي به / حياتي فدعْ عنك الملام المكررا
جرى حبها منّي مجاريَ ريقها / وألحاظِها ثم اكتفى فتحيّرا
فيا لك من جارٍ مع الروح ساكنٍ / مساكنَها في مأمنٍ أن ينفّرا
وكيف سلُوُّ القلب عنها وقد غدا / لها كل قلبٍ سخّرتْه مسخّرا
وقد أُوتيتْ عينين هاروتُ فيهما / وماروت ما أدهَى لقلبٍ وأسحرا
دريرة ما للدر عنديَ مَفْخر / سواك ولولا أنت ما عُدّ مفخرا
دعاك المسمِّي باسمه فرفعته / وفخّمت من مقداره فتكبرا
فأنت له حلْيٌ وإن كان حليةً / لكل غضيض الطرف أكحلَ أحورا
وما الحليُ إلا حيلة لنقيصةٍ / تتمّم من حسنٍ إذا الحسنُ قَصَّرا
وليس لحليٍ في الجميلة منظراً / جمالٌ ولكنْ في القبيحة منظرا
تضيء نجوم الليل في الليل وحده / وليس لها ضوء إذا الصبح نَوَّرا
فأمّا إذا ما الحسنُ كان مكمّلاً / كحسنكِ لم يحتج إلى أن يُزوّرا
إذا كنت لو دام السواد وأخلقتْ
إذا كنت لو دام السواد وأخلقتْ / محاسنَك الأيامُ قيل كبير
فكيف ترجّي بالخضاب وإفكِه / وأنت كبير أن يقال صغير
ويغفر للهافين غيرَ مُقصِّرٍ
ويغفر للهافين غيرَ مُقصِّرٍ / ولا جاهلٍ ما قد أتوا حين يغفرُ
ولكنْ يثيب المحسنين مَثوبةً / ينافسهم فيها المسيءُ فيُقصِرُ
ألا ليت شعري حين أخلفتَ موعدي
ألا ليت شعري حين أخلفتَ موعدي / وأنت امرؤ قد حَلَّمتك المَعاشرُ
أقدَّرت أني راغب فيك لائم / أبا حسن أم زاهد فيك عاذِرُ
كلا ذا وهذا يَتَّقي الخلُّ مثلَهُ / على العهد من خلانه ويحاذر
ويا ليت شعري حين غبتَ أفائزٌ / ببغيته أم خائب القِدح خاسر
لئن قَبُحتْ منّي لديك الظَّهائرُ
لئن قَبُحتْ منّي لديك الظَّهائرُ / لحسْبُك حسناً ما تُجِنُّ الضمائرُ
وإني وإن أخلفتُ وعدَك لَلَّذي / وفَى لك منه جَهْرهُ والسرائر
عثرتُ وأنساني التحفُّظ أنني / أراك مُقيلاً حين يعثر عاثر
فلا تَلْحينِّي في ذنوبيَ كلها / فجاني ذنوبي عفوك المتواتر
فإنْ لا تكن كانت لعفوك وحده / فعفوُك لي فيها شريكٌ مشاطِر
ومالك إنكار الجرائر من أخٍ / إذا وقعت منه ومنك الجرائر
ولابأس أن يزداد طولك بسطةً / بأنِّي خطَّاء وأنك غافر
وضعتُ جِران الذل سمعاً وطاعةً / ولي في مغيبي عنك يوماً مَعاذر
شُغِلت بصيد الظبي حتى اقتنصتُهُ / وها هو ذا قد قَبَّضتْهُ الأظافر
وكل امرئٍ يَفري بجدك مُفلِحٌ / وكل امرئٍ يسقي بجدك ظافر
وهل يحسن التقصير أو يُعذَر الوَنَى / ومثلي مأمورٌ ومثلُك آمر
وليست لأستاذٍ عليّ ملامةٌ / إذا غاب شخصي عنهُ والنفع حاضر
وساءلْتني هل غبتَ والقِدحُ فائزٌ / لدى غيبتي أم خائب ثم خاسر
ولم أخْلُ من ربحٍ وخُسْرٍ كليهما / إذا نفذت للمبصرين البصائر
كفاني ربحاً بُغيتي لك حاجةً / ولو أنها مما يَهاب المُخاطر
وحسبي خسراً أن أفأْتَ بنظرةٍ / إليك على أني بقلبي ناظر
سيشكر ربُّ الناس ما قد فعلتَهُ
سيشكر ربُّ الناس ما قد فعلتَهُ / بنا بادئاً والربُّ للبرّ أشكرُ
فلا تُولني البتراءَ منك فإنما / وليُّ اليد البتراء من هو أبتر
وأعقِبْ إذا أبدأتَ عُرفاً فإنما / بوادئه تنسى وعقباه تُذكر
ولا تكُ ممن يلحظ المجدُ فعلهُ / وأولاه معروف وأُخراه منكرُ
ألم ترد دنيا الناس تكسو شبابها / وبهجتها الأحياء ثم تنكّر
فتُشكى وفيما قدّر الله عاذر / لأفعالها لكنها ليس تُعذر
يلومونها مضطرةً مستقيدةً / فكيف تُرى يلحون من يتحير
ومن كان في أن يمنع الحقّ شاعراً / فإني في أنْ أبذلَ اللَّوم أشْعَر
فلا تجعل الحرمان أمراً مقدراً / فيلقاك من قولي ملام مقدر
شكرتَ مديحي فيك إذ سَبَق الجدا
شكرتَ مديحي فيك إذ سَبَق الجدا / وقلت لقد سلَّفتنا المدح والشكرا
فأطربني ما قلت حتى استخفّني / كأن سماعاً هز عِطفيَّ أو خمرا
وما شكر المداح قومٌ سواكُمُ / ولا حكموا أن يسبق النائلُ الشعرا
بقية أبناء الملوك بحقكم / يقولون ما قلتم من العرف لا نكرا
وما زالتِ الآذان تُقرَعُ منكُمُ / بأشياءَ تنفي من مسامعها الوقرا
فلو لم تُنلني غير ما قلت كان لي / نوالاً جزيلاً لا قليلاً ولا نزرا
وكنتم تفيدونا فوائد جمةً / فآونةً علماً وآونةً وفرا
أما حسبُكم أن تطردوا الفقر وحدهُ / عن الناس حتى تطردوا الجهل والفقرا