المجموع : 385
هنيئاً لأفق الفضل إنك بدرهُ
هنيئاً لأفق الفضل إنك بدرهُ / وإن سجاياك الكريمة زُهره
قدمت قدومَ الغيث يهمي نواله / ويعبق ريَّاه ويبسم ثغره
وقبلك لم تبصر بنو الشام وابلاً / من الغيثِ تهدِيه إلى الشامِ مصره
وأقبلت إقبالَ البدور حقيقةً / على جائر الأيام أظلم دهره
وما كانَ لولا نور وجهك طالعاً / من الغربِ بدرٌ يملأ الأرض بشره
وأنت الذي في مصر والشام أشرقت / معاليه فاسْتولى على النجمِ قدره
لك الصدر من ديوان تلك وإنَّما / لصدرِك من هذا مدى الدهر سرّه
وكم أفقٍ طالت قوامُ نجمه / يقصر عن أدنى خوافيك نسره
تقر لك السادات طوعاً وعنوةً / ويحسن سرّ الفضل فيك وجهره
كأنَّك في العليا أبوك سقى ثرى / أبيكَ حياً يهمي فلله درّه
وقارك في حزم الأمور وَقارُه / وبشرك في صنع المعارف بشره
ترحلت يا يحيى وفضلك خالدٌ / هو البحر إلاَّ أنَّ جعفرَ نهره
إلهي أطلْ للدهرِ في عمرِ أحمدٍ / فيا حبَّذا الشخص الكريم ودهره
يؤَازِرُ أملاك الزَّمان كما ترى / فيشتدُّ بنيان الزَّمان وأزره
ويعجبهُ فعلُ الجميل مطابقاً / فيحفظ علياه ويبذل وفره
ولا عيبَ فيه غير إفراط سؤددٍ / يشقُّ على جهد المدائح حصره
فتى النسب الوضَّاح والشيمِ التي / يقلّ لها من بارع الحمد كثرُه
وذو البيت أما آلُ يحيى فنظمه / وأما أبو حفصِ الإمام فبحره
تقر له السادات طوعاً وعنوةً / ويحسن سرّ الفضل فيه وجهره
له قلمٌ ينحو الجميل فرفعه / لرتبة داعيه وللضدّ كسره
إذا قامَ يحيى دولة بسوادهِ / عنت دونه بيض القرَاع وسمره
قصيرٌ لأمرٍ ما يجدّع أنفه / إلى أن رأينا الملك قد عزَّ نصره
بكف فتىً لو كان للبحر جودُهُ / لفاضَ كما فاضَ في الطرسِ درّه
وممتدح يلقاك منه إذا بدَا / مديد العلى باهي المحيا أغرّه
يرنحه شدْوُ السؤال كأنما / تثنَّت بعطفيه وحاشاه خمره
أنجلَ العلى قابلتني ساعة العلى / مقابلةً لاقى بها القلبَ جبره
إذا شيد في نظمِ امتداحك بيته / فما هو إلا في ذوي النظم قصره
لمدحك يا معنى النسيب تأخرت / قوافي نسيبٍ طالما طار شعره
على أنني مغرًى بكلّ مقرطقٍ / بما خدّه ماءُ الحياة وخضره
عجبت له في كأس مرشفه الطلاً / وفينا ولم يقرب من الكأس سكره
ثناؤك أشهى من لماه إلى فمي / ولفظك لا حلو الوصال ومرّه
فحسبك من قلبي صفاه وودّه / وحسبك من لفظي دعاه وشكره
وحسبك عبدٌ بالجميل ملكتهُ / على أنه مستمجد القلب حرُّه
بقيت لداعي المدح وجهك عيده / وأنمل كفيك الكريمة عشره
تذكرت مصراً والأخلاّء والدهرا
تذكرت مصراً والأخلاّء والدهرا / سقى الله ذاك السفح والناس والعصرا
وقالت ظنوني في الشآم ادعُ لذةً / فقال لها ماضي الزمان اهبطوا مصرا
تقول أناسٌ إن جلق جنةٌ / فما بال أحشاء الغريب بها حرّى
بروحي فتان اللواحظ أغيد / شديد التجني ما أضرّ وما أضرى
من الغيد يحمي لحظُ عينيه ثغرَه / ولم أرَ سيفاً وحده قد حمى ثغرا
تثنى قضيباً فاح مسكاً رنا طلاً / سطا أسداً غنى حماماً بدا بدرا
وصيرني الواشون حتى حذرتهم / فها أنا مقتولٌ على حبه صبرا
أحاكي حبابَ البابليّ وتغرَه / بدمعيَ واللفظ الجماليّ والدرا
رئيس محا وِزْرَ الزمان بجوده / وشدّ لأبناء الرجا مئزراً إزرا
إذا ما رأيت الدهر يلهب تارة / فنل يا لإبراهيم نأمن به الدهرا
ولذ بحماه للمكارم والهدى / تجد علمه يقري وأضيافه تقرى
ومعدن خير بالفضائل والهدى / لطلابه يهدي الجواهر والنثرا
بفضل يديه أو بفضل دعائه / تشيم وتستسقي الغمائم والقطرا
وقال أناس جاوز الشعرُ قدرَه / فقلت نعم والله قد جاوز الشعرى
ألا أيها المجري له اللوم في الندى / لقد جئت شيئاً في مسامعه نكرا
سريّ سما للفضل والناس هجد / فسبحان من بابن السيادة قد أسرى
له قلم قد جاوز الغيث فاغتدى / ينمق في أرجاء مهرقه الزّهرا
ويبعث من دهم السطور إلى العلى / محجلة في طيِّ أدراجه غرَّا
زهى غصنه حتى إذا خيفت الوغى / رنا وانثنى كالسيف والصعدة السمرا
بيمن امرئٍ أحيى به ميت الرجا / وبدّل عسر الحادثات لنا يسرا
وما فيه من عيب يعد لعائب / سوى أنه بالجود يستعبد الحرَّا
ولله سرٌ في معاليه مودعٌ / ولا عجبٌ للسرّ يستودع الصدرا
أمولاي لي قصدٌ تخطى لك الورى / كما يتخطى الليلَ من يطلب الفجرا
فدونك آمالاً قديماً رجاؤها / ودونك من نظم الثنا غادة عذرا
تناهى الحيا وقتاً وغالبها الجوى / فجاءت تعد السهل نحوك والوعرا
وتشكو عقوق المعرضين وبخلهم / إليك فتلقى عندك البرّ والبحرا
على مثلها فلتهمِ أعيننا العبرى
على مثلها فلتهمِ أعيننا العبرى / وتطلق في ميدانها الشهب والحمرا
فقدنا بني الدنيا فلما تلفتَّت / وجوهُ أمانينا فقدنا بني الأخرى
لفقدك إبراهيم أمست قلوبنا / مؤجَّجةً لا برد في نارها الحرى
وأنت بجنَّات النعيم مهنأ / بما كنت تبلى في تطلبه العمرا
عريت وجوّعت الفؤاد فحبَّذا / مساكن فيها لا تجوعُ ولا تعرى
بكى الجامع المعمورُ فقدَك بعد ما / لبثت على رغم الدِّيار به دهرا
وفارقته بعد التوطن سارياً / إلى جنةِ المأوى فسبحان من أسرى
كأنَّ مصابيحَ الظلام بأفقهِ / لفقدك نيرانُ الصبابة والذكرى
كأنَّ المحاريبَ القيام بصدرهِ / لفرقةِ ذاك الصدر قد قوّست ظهرا
مضيت وخلَّفت الديار وأهلها / بمضيعةٍ تشكو الشدائدَ والوزرا
فمن لسهام الليل بعدك إنَّها / معطلةٌ ليست تراشُ ولا تبرى
ومن لعفافٍ عن ثراً وبني الورى / عبيِد الأماني وانْثنيت به حرَّا
سيعلم كلّ من ذوي المال في غدٍ / إذا نصب الميزان من يشتكي الفقرا
عليك سلام الله من متيقظٍ / صبورٍ إذا لمْ يستطعْ بشرٌ صبرا
ومن ضامر الكشحين يسبق في غدٍ / إلى غايةٍ من أجلها تحمد الضّمرا
أيعلم ذو التسليك أن جفوننا / على شخصه النائي قد انْتثرت دُرَّا
وأن الأسى كالحزن قد جالَ جولة / فما أكثر القتلى وما أرخص الأسرى
ألا رُبَّ ليلٍ قد حمى فيه من وغى / حمى الشام والأجفان غافلة تكرى
إذا ضحك السمار حجب ثغره / كذلك يحمي العابد الثغر والثغرا
إلى الله قلباً بعده في تغابنٍ / إلى أن رأى صف القيامة والحشرا
لقد كنت ألقاهُ وصدريَ محرج / فيفتح لي يسراً ويشرحُ لي صدرا
وألثم يمناه وفكريَ ظامئٌ / كأنيَ منها ألثم الوابل الغمرا
أمولاي إني كنت أرجوكَ للدعا / فلا تنسني بالخلدِ في الدعوة الكبرى
سقى القطر أرضاً قد حللت بتربِها / وإن كنت أستسقي برؤيتك القطرا
ومن كانَ يرجى منه في المدحِ أجرة / فإني أرجو في مدائحِكَ الأجرا
برغم العلى تاجٌ تحلى به الثرى
برغم العلى تاجٌ تحلى به الثرى / وكانت ثراهُ هامةَ السحب في الذرا
وكان عليه جوهر الذكر أبيضاً / فزاوجت فيه جوهر الدمع أحمرا
وكنت أرى عيشي مناماً بقربه / فيا أسفي بالبعد كيف تفسرا
وأجريت دمعاً كان يحسب فقده / زماناً لسوء الحظ لي وكذا جرى
بروحي الأولى أفناهمُ الدهر مبقياً / ببعدهُم هماً من الخطب أكبرا
سقانا بكأس قد سقاهم بمثلها / ولكنهم كانوا على الموت أصبرا
ألا في سبيل الله سارٍ للحده / وفي كل أفق ذكر علياهُ قد سرى
حميد المساعي كيفما حل بلدة / غدت بلدة فوق السماء وأزهرا
مضى طاهر الآثار في كل منزل / ألذّ من الماء الزلال وأطهرا
عفيف السجايا باسط اليد بالندى / وإن كان إلا من غنى النفس مقترا
يطوف بعلياه الثناء محلقاً / وإن كان عن أدنى مداه مقصرا
ويهتز للذكر الجميل كأنه / وحاشا بقاه قد تناول مسكرا
ويظهر مجداً والتعبد قبله / وإنَّا لنرجو فوق ذلك مظهرا
أتى الشام من مصرٍ ولم نر مثله / غماماً أتى من مصر للشام ممطرا
فنور مرعى القاصدين وسبلهم / فيا لك في الحالين روضاً منوَّرا
ومد يد النعمى إلى كل فضة / دنا وَرَقٌ منها إليه فأثمرا
وقابل أسرار الملوك بصدره / وأورد عنهم باليراع وأصدرا
وأخدمهم من رأيه ومداده / صواباً كما ترضى الملوك وعنبرا
وصان حمى الإسلام بالقلم الذي / إذا مد حبراً خلت درًّا محبرا
ونظم أسلاك السطور فحليت / من التاج أجياد الممالك جوهرا
وصادفني في معشرٍ بديارهم / بعيداً من الحيَّين داراً ومعشرا
فكمل منقوصاً من اسمي لديهم / وعرفني فيهم وكنت منكرا
ويسر من رزقي بيمن بنانه / فيمَّن ما شاءت يداه ويسرا
وحاول جبري رأفة وتعطفاً / وقد كان جمع الحال جمعاً مكسرا
وأثنى على جهدي بما هو أهله / وأظهر أفعال الجميل وأضمرا
فما ليَ لا أثني علي جود كفه / لديَّ كما أثنى على المطر الثرى
وأبكي بلفظ من رثاء وأدمع / منظمَ درٍّ تارةً ومنثرا
على ذاهب قد كان للقصد ملجأً / وللظن مرتاداً وللعين منظرا
وعاد إلى جنات عدن تزينت / ونحن إلى نيران حزن تسعرا
فلهفي على دنيا العفاة تنكرت / ولهفي على ربع السماحة أقفرا
ولهفي على بيت السيادة والتقى / ولهفي على حي القراءة والقرى
ولهفي على حكم تحف بلينه / بوادر تحمي صفوه إن يكدرا
ولهفي على رأي يضيء به الهدى / إذا النجم في أفق السماء تحيرا
ولم أنس مسرى نعشه يوم جمعة / تجمع هماً كالخميس إذا سرى
ولهفي على جار من الجود طالما / جرى معه صوب الحيا فتعطرا
وقد وعظتنا الحال منه كأنه / خطيب رقى من صهوة النعش منبرا
مواعظ من حيث السكوت وإنها / لأبلغ من نطق الفصيح إذا انبرى
كأن لم يسر والكاتبون أمامه / يجهز وفداً أو يجهز عسكرا
كأن لم يجل يومي وغى وسماحة / يراعاً كما سُل القضيب وأزهرا
كأَنْ لم يهزّ القصد منه شمائلاً / ولا قلماً يعزى إلى الخضر أخضرا
على مثل هذا شارطَ الدّهر أهله / إذا سرّ أبكى أو إذا ودّ غيرا
فمن سبر الأحوالَ لم يتعجب لها / ومن عرف الأيامَ لم يرَ منكرا
ومن ناله صبحُ المشيبِ ولم يفقْ / إلى طلب الأخرى فما وهب من كرى
كما طلب ابن الخضر دارَ مُقامه / فغلَّس في بغيا النعيم وبكَّرا
وما تركَ ابن الخضر ميراثَ واجدٍ / سوى الذكر فيَّاحاً أو الأجر نيرا
وأعناق أحرارٍ تملك رقّها / وأحوال قوم قبل ما مات دبرا
عليك سلام الله من مترّحلٍ / تخيرت قدماً ودّه وتخيَّرا
فألبسني ثوبَ الولاءَ معتَّقاً / وألبسته ثوبَ الثناءِ محرَّرا
وغيداء يعزى طرفها لكنانةٍ
وغيداء يعزى طرفها لكنانةٍ / ومعطفها الميَّاد يعزى إلى النضر
حمتْ ثغرها عن راشفٍ بلحاظِها / كذاك سيوف الهند تحمي حمى الثغر
كأن جفوني حين تسفح بالبكى / على حبِّها كفُّ المؤيد بالتبر
رعى الله أيام المؤيد إنَّها / ولا برحتْ فينا مواسم للدهر
مليك تساوى علمه ونواله / كأنَّهما بحران جاءا على بحر
مليكَ العلى بشراك بالعيد مقبلاً / وبشرى الورى من سحب كفَّيك بالعشر
وهنئت بالفطر الذي قام ناحراً / عداتك حتَّى أشكل الفطر بالنحر
لقد نفَّر الحسناء شيبي فأصبحت
لقد نفَّر الحسناء شيبي فأصبحت / على كبري بعد الوداد تكبر
وقد كنت بالغيدِ الحسان مشبباً / فها أنا للغيدِ الحسان منفّر
وقد نفرت حتى عن الشعر صبوتي / ولولا الثنا التَّاجيّ ما كنت أشعر
أيا من ذكرنا الشافعيّ وحاتماً / بآلائه والشيء بالشيء يذكر
وتاجاً على رأس السيادة يجتلى / فينظم درّ المدح فيه وينثر
مزجنا بحور الفضل والشعر بيننا / فها نحنُ في هذا وذا نتبختر
لعمري لقد قلت الرَّقيق لمدحه / وإن رقيقاً قلتهُ لمحرَّر
على حركات اليمن والأمن والهنا
على حركات اليمن والأمن والهنا / سكنتَ بدارِ العلم والحلم والقرى
وعمَّرتها يا عمرك الله للعلى / فعشْ مثلها عالي المنار معمّرا
تبادرها الطلاّب علماً وأنعماً / فتحمد عند الصبح من بشرك السرى
وتزداد بالتَّرخيم حيناً خلاف ما / يقاس وترضي الوفد ورداً ومصدرا
وتذكرك الجنَّات بالنسك والتقى / بشيران بالإحسان والعدل في الورى
لقد زادها في الحمد يوسف فاغْتدت / تباع بمرآها القلوب وتشترى
وما هي إلاَّ جنَّةٌ بدليلِ ما / وصفت وقلبي عاشق قبل أن يرى
خليلي عن حال المحبّين سلْ فما
خليلي عن حال المحبّين سلْ فما / ينبيك بالأحوال مثلُ خبير
فريقان هذا في الوصال بجنةٍ / وهذا كمثلي في الجفا بسعير
وسلْ في التقى عن مثل كافور مصره / يبشركَ ذكرى وقتنا لبشير
أمير على السادات أيّ مقدمٍ / وفي واجب المدَّاح أيّ كبير
لو أنَّك قابلت النجوم بقدرهِ / لألفيته قد جازها بكثير
إذا بشر الإنسان في الحين مرة / على وجه وضَّاح الهلال منير
فيا رب خلد ملك من لحظُ طرفه / يرى كل يومٍ منه وجه بشير
تهنّ به عيداً أجلّ كبيرا
تهنّ به عيداً أجلّ كبيرا / غدوت به للسائدين أميرا
وعش بين عيدٍ بالحجاز مهنئاً / وعيدٍ على أوطانِ مصر قريرا
لقد عشت نور الدين في أفق العلى / وفي العلم والفضل البهي شهيرا
ووفيتني حقّ الجوار يكاد أن / يكون من الحظّ الحرون مجيرا
لغلمانِ مولانا عليّ مودَّةٌ / ينقصها بعض الأمور يسيرا
لئن خدموني خدمةً مستجادةً / لقد بخلت بخلاً عليَّ كثيرا
ينفرّ من قد عطَّفته كأنما / تصحف لي معنى السرور شرورا
ذكرتك والأسماءُ تذكر بالكنى
ذكرتك والأسماءُ تذكر بالكنى / فلله يا أسما الكنافة والذكر
يذكر صحنَ الوجه صحنُ كنافة / هما الحلو ممَّا تشهد العين والفكر
ليالي فطر الصوم إذ كلّ ليلةٍ / بإحسان نور الدِّين عيدٌ هو الفطر
وأنعامهُ عندِي وشكريَ عندهُ / ولكن متى يوفي بإنعامه الشكر
إذا كانَ ذا جودٍ وشعرٍ مجيبني / وأحسن من شعري له ذاك الشعر
ولم أنسَ ليلات الكنافة قطرها / هو الحلو إلاَّ أنه بالسحب الغزر
يجود على ضعفي فأهتزُّ فرحةً / كما انْتفض العصفور بلله القطر
سقاك وحيَّاك الحيا أيُّها القبر
سقاك وحيَّاك الحيا أيُّها القبر / وفاضت على مغناك أدمعه الغزر
وزارت ثراك الطهر سحبٌ وفية / لدى المحل حتَّى يجمع الطهر والطهر
تجود بسقياها على جدث العلى / وإن كانَ في أرجائهِ البحر والبرّ
إمام تقىً للملكِ في رأيه هدى / وصدر علماً لله في أمره سر
فقدناه مشكور المساعي منزهاً / عن الوزر إن أودى بذي تربة وزر
فلهفي على آرائه / إليها الرماح السمر والعذب الصفر
ولهفي على أقلامه السود أوحشت / إليها السيوف الحمر والنعم الخضر
سلام على الإنشاء بعد فراقه / سلام امرئٍ أمسى لأدمعه نثر
عليكَ ابن فضل الله شقت جيوبها / فضائل في طيّ البلاد لها نشر
رحلت فألقى رحله كلّ قاصدٍ / وقطع من أسبابه بعدك الشعر
وكانت بك الأوقات فجراً ولا دجى / فأمست دجى لما انقضيت ولا فجر
وليس بقفرٍ ما سكنت وإنَّما / أرى كلّ مغنًى لست فيه هو القفر
مضيتَ غنيًّا عن سواك موقراً / وللدين والدُّنيا إليك إذاً فقر
كأنك لم تنفع ولياً ولم تضر / عدوًّا ولك تحمدك في أزمةٍ سفرُ
ولم يغزُ ذو الأملاك مغمدة الظُّبا / بجيشٍ من الآراء يقدمه النصر
ولم تنضَ في الأعداء كتباً جليةً / سواء بها صفّ الكتيبة والسطر
ولم تخف أسرار الملوك إذا ارْتمت / إليك ولم يفسح لمقدمك الصدر
ولم تلق أعباء الأمور ولم يجل / يراعاً ولم يذعن لك النهيُ والأمر
بل كنت تجمي الناس من كيدِ دهرهم / فكادك موتورٌ وقد يدْرَك الوتر
جزيت عن الإسلام خيراً فطالما / خبا شرَرٌ عنه بعزمِك أو شرّ
أفاض الدّجى حزناً لباسَ حداده / عليك وحارتْ في مطالعها الزّهر
ولم لا وقد أحييت ذاك تهجّداً / وكم كثرت هاتيك أوصافك الغرّ
وكم قاصدٍ يبكي عليكَ وقاصدٍ / فهذا له بشرٌ وهذا له أجر
فلا يبعدنك الله من مترحلٍ / له العزَّةُ القعساء والسؤدد الدثر
يودّ العدى لو بلغوا ما بلغته / وكانَ لهم من عمرك العشر لا الشطر
عزاءً عليه اليوم يحيى ببيته / وصبراً صلاح الدِّين قد صلح الصبر
ألا إنَّها الأيام من شأنها الرِّضا / إذا احْتكمت يوماً ومن شأنها الغدر
وما الناس إلاَّ راحلٌ إثر راحلٍ / إذا ما انْقضى عصرٌ بدا بعدهُ عصر
تبدَّت لدى البيدا مطايا قبورهم / ليعلَم أهلُ العقل أنهم سفرُ
عجائب تعيي النَّاظرين وحكمةٌ / ممنعةٌ قد زَلَّ من دونها الفكر
وغاية أهل البحث والفحص قولهم / هو الرزق يمضي وقته وهو العمر
بحقّك قلْ لي أينَ من طارَ ذكره / فأصبح في كلِّ البقاع له وَكرُ
وأينَ ابن فضل الله ذو الرتب التي / عنت لسناها الشمس أو قصر البدر
مضى وبحقّ أن يقالَ له مضى / فقد كانَ عضباً في الأمور له إثر
سقى عهده المشكور عنا ولا غدا / معانيه عفوٌ لا بكيٌّ ولا نزْر
وأكرم به من صائمٍ متخشِّعٍ / تولى فأمسى في الجنان له فطر
ألا ليتني حمّلت ما بك من ضنا
ألا ليتني حمّلت ما بك من ضنا / على أنَّ لي منهُ الأذى ولك الأجر
فأقسم لولا أنتَ ما أعتب الرجا / لمستعتبٍ منَّا ولا سكت الدهر
أحاشيك من ضرٍّ ألمَّ وإنما / بطلعتك الغرَّاء يستدفع الضرّ
وما زدت بالأدواء إلاَّ محاسناً / كما اعتلَّ فازْدادت محاسنه النشر
فلا تخشَ ممَّا يوجب الصبرَ مرَّةً / كأنَّك بالنعمى وقد وجب الشكر
وحقّك لا خابَ الدعاءُ ولا دجى / سنا النصف إلا زنت ما يشرق البدر
سلامٌ كنشر الروض لفَّ بمدرجٍ
سلامٌ كنشر الروض لفَّ بمدرجٍ / يريك بديع الحب في اللف والنشر
عليك أخا العلياء والعلم والحجى / وفضل الندى واليأس والنظم والنثر
لعمري لقد حملت بينك في الورى / من الشهب العالي السنا ومن الشعر
ولو شفعتك المكرمات بآخر / لما باتَ شاكي الدهر منه على وتر
أخا العلمِ إنَّ الشمس بادٍ ضياؤها
أخا العلمِ إنَّ الشمس بادٍ ضياؤها / فسرْ بسناءٍ حيثما أنت سائِر
وخلّ فتى شيرازَ عنكَ فإنما / هو القطب قد دارت عليه الدوائر
لقد خفقت منَّا القلوب تشوّقاً
لقد خفقت منَّا القلوب تشوّقاً / وعدت فكادتْ أن تطير سرورا
يمينك تصطاد الوحوش مطيعة / وحبُّك يصطاد القلوب طيورا
دواة لها جنس الحديد وبأسه
دواة لها جنس الحديد وبأسه / وزادت عليه في الندى فهي أبهر
وكمَّل معناها يراعك منشئاً / ففولاذها في الحالتين مجوهر
مليحٌ جلا من خطِّه لي رقعة
مليحٌ جلا من خطِّه لي رقعة / تدلّ على تحريره واعتباره
فلم أرَ في خط وشكل كحسنها / سوى شكل خدَّيه وخط عذاره
وحقكم لا مرَّ بي الصبر عنكُم
وحقكم لا مرَّ بي الصبر عنكُم / ولو ذقت هجراناً أمرُّ من الصبر
ولا أشتكيكم ما حييت وإنما / إلى فضلكم أشكو إذا مسَّني ضرِّي
على حبِّكم أنفقت عمري جاهداً / فإن رُمت سلواناً فيا ضيعة العمر
أمين التقى يكفي من الشكر أنه / يقصر عمَّا أنت مانحه شكري
أمين التقى قلبي أمينٌ على الوَلا / إن ارْتبْتُمو فاسْتشهدوه على أمري
فلولاك بادت عند بيروت حالتي / وسوفت في أمرِ الموارث والحشر
فيا من له في السرّ والعلم رتبةٌ / يجازيك عنِّي عالم السرّ والجهر
تعشقتها في الحلي غصناء منثورا
تعشقتها في الحلي غصناء منثورا / وفي البردِ بدراً في السماء منيرا
أشاهد من وجهه التأمل جنة / وألبس من جنس العناق حريرا
وألثم معسولاً نظيماً كأنما / تنظم من لفظ العلاء نثيرا
سريّ تعجلنا بيوم قدومه / على الصومِ أعياداً لنا وسرورا
بعشر نهنيه ويمناه في الندى / بخمس يهنينا الغمام مطيرا
أفادَ فما نشكو فتورَ قريحةٍ / ترى فضل هاتيك الصفات فتورا
وفطر أفواهاً ولولاه لم نجد / سوى في سماوات القلوب فتورا
أيا ملكاً أيامه الغر كلها
أيا ملكاً أيامه الغر كلها / مواسم تلقى الناس بالمنن الغر
تهنّ بعيد النحر وابقَ ممتعاً / بأمثاله سامي العلى نافذ الأمر
تقلدُنا فيه قلائدَ أنعمٍ / وأحسن ما تبدو القلائد في النحر