القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : مُحْيي الدّين بنُ عَرَبي الكل
المجموع : 192
ولما رأيتُ الأمر يعلو ويسفل
ولما رأيتُ الأمر يعلو ويسفل / ويقضي به الحقُّ المبين ويفصلُ
تصرّفُه الأهواء أنى توجهت / فيقضي به ريحُ جنوبٍ وشمأل
تنبه قلبي عند ذاك عناية / من الله جاءته وقد كان يعقل
فو الله لولا أن في الصدق ثلمة / لما كان قلبُ العبدِ يسهو ويغفل
وقلت لقلبي ما دعاك لما أرى / فلم أدر إلا أنها تتأوّل
بحثت عن أصل الأمرِ ما أصل كونه / فلاحَ لنا في ذلك البحثِ فيصل
فأعلم أنَّ الحكم للعلم تابعٌ / كما هو للمعلومِ والأمر يجهلُ
ولما رأيتُ الحقَّ فيما ذكرته / علمت بأن الأمر جبر مفصل
وأن إله الخلقِ بالخلقِ يفصلُ / وبالخلقِِ أيضاً بالمكاره يعدل
فمن لام غيرَ النفسِ قد جار واعتدى / ومن لامها فهو الشهيد المعدّل
ولما رأيتُ الحق للخلقِ تابعا / تساوي لديَّ الخوف والأمن فاعملوا
على كشفِ هذا واعملوا بمناره / فإن به تسمو الذواتُ وتكمل
لا تعوِّل عليّ في كلِّ حال
لا تعوِّل عليّ في كلِّ حال / إنني عبدُ سيِّدٍ متعالي
حكمه الحكمُ ليس لي حكم نفسي / إن عينَ المحال في عين حالي
كلما قلت قد مضى حكم وقتٍ / جاءني مثله يريد اغتيالي
فإذا ما بحثت عنه بعقلي / لم يكن غيره فزاد خبالي
قلتُ للدهر أنت جامع أوقا / تِ شؤوني فعين فصلي اتصالي
لست أبفى عنه انفصالاً لأني / لابس من هداه عين الضلال
إن هذا هو الضلالُ فحقِّقْ / عينَ ما قد سمعته من مقالي
ما ثَم أشباهٌ ولا أمثال / الكل في تحصيله محال
حبي الذي نسبَ الوجودَ بعينه / للعقلِ في تعيينه إشكالُ
إنْ نزهتْه عقولُهم يرمي به / تشبيهُ قولٍ كله إضلالُ
حتى يعمَّ وجودُه إقرارهم / فلذاك قلتُ بإنه يحتال
فتقابلت أقواله عن نفسه / نصّاً وهذا كله إخلال
في العقل والإيمان ثبتُ عينه / متناقصاً ولذاك لا يغتال
فالمؤمنُ المعصومُ من تأويله / عند الإله فنعته الإجلال
أمّا المؤوّل فهو يعبد عقله / مع وهمه والأمر لا ينقال
تبارك ربٌّ لم يزل عالي الجدّ
تبارك ربٌّ لم يزل عالي الجدّ / نزيهاً عن الفصلِ المقومِ والحدّ
تعالى فلا كونٌ يقاوم كونه / يعبر عنه الكشفُ بالعَلَمِ الفرد
تميز في خلق جديد مميز / بأسمائه الحسنى وبالأخذ للعهد
فقلت له من أنت يا من جهلته / فقال المنادي ذو الثناء وذو المجد
كمثلِ الصدى كان الحديث فمن يقل / خلاف الذي قد قلته خاب في القصد
فمن يدر سرَّ الفرد لم يجهل الذي / يجيء به الفرد الوحيدُ من العدّ
وليس سواه والعيون كثيرةٌ / وتختلف الألقاب فيه مع الفقد
نزلتُ على حصنٍ منيع مشيدِ
نزلتُ على حصنٍ منيع مشيدِ / وقد حال عما أبتغي منه حائل
لقد جدت يوماً بالقرونة منعماً / على السيفِ والأرماح والقرب نائل
تراني إذا دارت رحى الحرب ضاحكاً / وغيري إذا دارت رحى الحرب باسل
أجوع مع الةجدان من أجلِ جائعٍ
أجوع مع الةجدان من أجلِ جائعٍ / مخافة أن أنساه والله سائلي
وأطلب قرضاً اقتداء بخالقي / وأرهن فيه للتأسي غلائلي
واحفظ خلق الله دوني فإنني / على خلق الرحمن جمُّ الفضائل
وقال لنا من كان يعرف أصلنا / على ذا جرت أسلافكم في ألأوائل
فأخوالنا خولانُ والعمُّ طيء / بُناةُ العلى في كل عالٍ وسافلِ
يجودون إنعاماً على كلِّ نائل / وما الناس إلا بين مُعطٍ ونائل
بحورٌ ذوو بأسٍ صَدورٌ أئمة / فلا ما در فيهم ولا عيَّ باقلِ
يرون لمن يولونه يدَ نعمةٍ / عليهمُ هم أهل الندى والوسائل
إذا كان كلُّ اسم يسمَّى ويُنعت
إذا كان كلُّ اسم يسمَّى ويُنعت / بأسمائه الحسنى التي تتفاضلُ
فلا فضلَ في الأسماء إنْ كنت ذا حجى / وإن كان منها ذو علوٍّ وسافلُ
فما العال منها في الترقي برتق / وما سافل الأسماء في الحكم نازل
فمن فهم الأمر الذي قد ذكرته / فذاك إمام في الحكومة عادل
يُسمى بقطبِ الدين فالعدلُ نعته / وليس أخو علمٍ كمن هو جاهل
فإنّ ذمه ذو النقصِ فهي شهادةٌ / بأن الذي قد ذم في الفضل كاملُ
إذا النظر الفكريّ كان سميري
إذا النظر الفكريّ كان سميري / وكان وجودُ الحقِّ فيه سجيري
وعز لوجدانِ الحقيقةِ مطلبي / وكان ورودي في عمى وصدور
تيقنت أني إنْ تأملتُ خاطري / وجدت الذي أبغيه عين ضميري
دعاني إليه الشوق من كلِّ جانب / فكان بشيري بالهوى ونذيري
نفوسٌ عفيفاتٌ أتين يعدنني / وقد ضربوا ما بينهن بسور
شهدن علينا إذ شهدن بما لنا / وحرمة حبي ما شهدنَ بزورِ
لقد ذهبت في حسنِ ذاتي طوائف / ذهاب خبير بالأمور بصير
أضلُّوا على علمٍ فضلوا وضللوا / فيا ليتَ شعري من يكون عذيري
تباركتَ أنت الله جلَّ جلالُه
تباركتَ أنت الله جلَّ جلالُه / وعزَّ فلم يظفر به علمُ عالم
تعالى فلم تدركه أفكارُ خلقه / وردَّ بما أوحى به كلُّ حاكم
ولكن مع الردِّ الذي وردتْ به / نصوصُ الهدى أثني بأرحمِ راحم
على نفسه وحياً ليعلم سابقٌ / ومقتصدٌ من ذاك حكمةُ ظالمِ
فلا سابقٌ يزهو لتاخيرِ ذكره / لإلحاقه فيه باهل المظالم
فجاء بتنزيه بشورى وغيرها / وجاء بتشبيهِ لسانِ التراجم
وكلٌّ له وجهٌ صحيحٌ ومقصدٌ / فعم بما أوحى جميعَ المعالم
وقال أنا عند الظنونِ وحكمها / وذلك عينُ العلم بي في التراجم
وفيها ترى القيامةِ عندما / يقرِّبه بعد الجحود الملازم
لما عقدوا فينا ببرهان عقلهم / وإن فضلتهم في العلومِ بهائمي
كما جاء عنا في صريح كلامنا / على ألسن الأرسالِ من كلِّ حاكم
نهضتُ إلى نفسي لأعرف خالقي
نهضتُ إلى نفسي لأعرف خالقي / كما جاء في التنزيلِ والسنة المثلى
فلم أر إلا العجز لم أر غيره / فأعرضتُ عنه وارتحلت إلى المجلى
على رفرفِ الياقوتِ والدرِ قاصداً / وذلك عند العقل غايتنا السُّفلى
فلما بدت للعين سجةُ ذاته / سجدتُ لها ذُلاً فقالت لنا أهلا
وشالتْ ستور الحجبِ عن عين عقلنا / فشاهدت مرئياً بلا مقلة نجلا
وقلت لها من أنت قالت وجودكم / فكنت لها أهلاً وكانت لنا بعلا
فأولدني من كلِّ سترٍ مُحجب / وأوردني من ذلك المورد الأجلى
لذاك أحب المصطفى سيّد الورى / كما جاء بالحلواء والعسل الأحلى
إذا قلت يا الله لبى من الحشى
إذا قلت يا الله لبى من الحشى / فأصغيت نحو الصوت والعين في غشا
وقال شهودي إن تأملت شاهدي / إذا طلع الليل الإلهي في العشا
لأني وتر لم تشفعه ذاتكم / لأنك من أهل العزاء مع العشا
وإن شئت قلت العين مني عينه / وإن مدمنه نحو أعياننا الرشا
وجاء بنعتٍ فيه عيني وعينه / لذا يقبل القرض الذي حرَّم الرشى
ومَنْ كان هذا حاله فهو شاهد / عليه بأن العقلَ في الفكر في غشا
فما ثَم إلا الكشف ما ثم غيرهُ / له ترفع الأستار في الحالِ إن يشا
وما ثم سترٌ غير أني فرضته / ومَنْ يقبلِ النقصانَ قد يقبل المشا
هو القمر الوضّاح فيها كمثلِ ما / هو الشمسُ والروضُ المنمنم والرشا
تعالى وجود الذات عن نيل ناظرٍ
تعالى وجود الذات عن نيل ناظرٍ / فإنَّ وجودَ الذاتِ لله عينها
وذاك اختصاصٌ بالإله ولا تقل / بأنّ ذوات الخلقِ كالحقِ كونها
تغيرتِ الأحكام لما تغايرت / بألفاظه الأنساب فالبينُ بينها
فمن شاء فليقطع ومن شاء فليصلْ / فذلك ستر فيه للذاتِ صونها
ألا إنه الفرقانُ عينُ وجودي
ألا إنه الفرقانُ عينُ وجودي / وإن كان قرآناً فذاك شهودي
زَبورٌ وتوراةٌ وإنجيلُ مهتدٍ / مسيحٌ وقرآنٌ صريحٌ وجودي
تعاليتَ أنت الله في كل صورةٍ / تجلَّت بلا ستر لعينِ مريد
وقد شهدت عندي بذاك مسامعي / من ألفاظِ معصوم بجبل وريد
فما العالم المنعوتُ بالنقصِ كائنٌ / ولكنه نقصٌ بغير مزيد
فما نظرت عيني مليكاً مسوَّداً / تجلى لمملوك بنعتِ مسود
سواه ولكن فيه للقلب نظرة / إذا هو ملاه بنعت عبيد
فأخبرت عن قرب بما أنا شاهد / وإن كنتُ فيما قلته ببعيد
فبعدي به قربٌ إليه وقربنا / هو البعد إذ كان الوجودُ شهيدي
وما أنا معصوم ولست بعاصمٍ / إذا طلعت شمسي بنجم سعودي
ولو كنتُ معصوماً لما كنت عارفاً / وإني لعلاَّم به وبجودي
كما جاءنا نصُّ الكتابِ مخبراً / بغفرانِ ذنبِ المصطفى بقيودِ
يقولون أنت الحقُّ بل أنا خلقه / ولو كنتَ حقاً لم يكن ببعيدِ
فإني مشهودٌ وحكمي قاصرٌ / وإن كان عينُ الحقِّ عينَ وجودي
وحكمي عليه نافذٌ غير قاصر / وعينُ الحقِّ عينُ شهودي
ولستُ بخلاقٍ ولستُ بفاجرٍ / إذا كان لي كن واستمر قصودي
ومهما يفو سمعي فإني سامعٌ / لما أورده فالورودُ ورودي
وما أنا علاَّمٌ ولستُ بجاهلٍ / إذا كان مشهودي بحيث شهودي
وما أنا حيّ لا و لا أنا ميِّتٌ / وإنْ ألحقوني عندهم بلحودي
ولستُ بأعمى لا و لا أنا مبصرٌ / إذا كان قربي منه قرب وريدي
ولستُ بذي نطقٍ وإن كنتُ مفصحاً / بأخبار ما عاينتُ دونَ مزيدِ
فذاتي ذاتُ الحقِ إذ هي عينُنا / كما جاء في الشَّرعِ المبينِ فعودي
إلى الحقِّ يا نفسي ولا تجزعي لما / أتيت بما أودعتهُ بقصيدي
وإخوانِ صدقٍ جمل الله ذكرهم
وإخوانِ صدقٍ جمل الله ذكرهم / معلمهم كلبٌ وهو يزجرونَهْ
يعرفهم بالحالِ والفعلِ قدرهم / فيعرفهم عيناً وهم يجهلونه
يلازمُ بابَ القومِ يحمي ذمارهم / ويحفظهم طبعاً ولا يحفظونه
يقول لهم بالحالِ إني منكمُ / وعلمي بكم علمٍ بما تعلمونه
فلم يفهموا ما قاله وتواطئوا / على مسكه حفظاً بما ينظرونه
نظرتُ إلى عينِ الوجودِ فلم أر
نظرتُ إلى عينِ الوجودِ فلم أر / قديماً ولكني رأيتُ حديثا
أظنّ الذي قد كان بيني وبينه / بياناً يسمى للحجابِ كلوثا
فشبهتُ نفسي في طلاب حقيقتي / بليلٍ أتى يبغي النهارَ حثيثا
ليأخذ منه تارة فيردُّه / إلى الغيبِ حتى لا يرى مبثوثاً
وهل يعدمُ العلاتِ إلا قديمها / ولكن نراه في العيانِ حدوثا
فمدَّ بنا حبلاً من العلوِّ نازلاً / ولم يك في نعتِ الحبالِ رثيثا
له قوّةٌ تغشى النعاسَ عيوننا / لها ألسنٌ فينا وكم وكميثا
ويعطى قليلاً من وجودي لأنني / قليلٌ ويعطينا الوجودَ أثيثا
اُضاحِكُ في يوم السرورِ كرائماً / وأقبلُ في اليومِ العبوسِ ليوثا
سمعنا حديثاً بالرصافة طيِّباً / وعند مسيئي لو سمع خبيثا
إذا ما ذكرت الله في السرِّو الجهرِ
إذا ما ذكرت الله في السرِّو الجهرِ / ليذكرني ربي بما كان من ذكري
لأنا نقلناه حديثاً معنعناً / وما زال ذاك النقلُ عنه على ذكري
فمن كونه كوني ومن عينه عيني / ومن سرِّه سرّي ومن جهره جهري
ولستُ بغير لا و لا أنا عينه / فمن أنا عرفني فإني لا أدري
فلو كنته عيناً لما كنت جاهلاً / ولو لم أكنه لم يكن أمره أمري
فميزه عني الذي فيه من غنى / وميزني عنه الذي بي من الفقر
يساعد تعظيم الإزار ردائي
يساعد تعظيم الإزار ردائي / بتكبيره فالقول قول إمائي
كنفسي وما لي من صفات تنزَّهَتْ / عن الكيفِ والتشبيه فهو مرائي
يرى ناظري فيها الوجودَ بأسرِه / وذلك عند الكشفِ كشفِ غطائي
فقلتُ ومن قد جاد لي بعطائه / فقال لي المطلوب ذاك عطائي
فخفتُ على نفسي لسبحة وجهه / فجاد على نفسي بأخضَرَ ماءِ
من العلم ما يحيى به ما أماته / يفكر جهلي إذ وفى لوفائي
أنا عبده ما بين عالٍ وسافلٍ / كما هو في أرض له وسماء
فيوقفني ما بين نورٍ وظلمةٍ / بما كان عندي من سنا وسناء
ويشهدني حباً لنا وعناية / بما أنا فيه من حياً وحياء
فنوري كنور الزبرقان إذا بدا / ملاء بما يعطيه نورُ ذُكاء
فأصبحت في عيشٍ هنيء وغبطةٍ / يقلبني فيه رخاءُ رخائي
فيخدمني من كان إذ كنت في الثرى / بجانب ذاتي خدمة لثرائي
ألا ليت شعري هل أرى رسمَ دارٍ من / يرى ذا هوى فيه صريعُ هواء
من أجل سلامٍ ساقه في هبوبه / من الملأ الأعلى من النجباء
إذا نزل الأمرُ العزيزُ من السما
إذا نزل الأمرُ العزيزُ من السما / ويعرجُ فيها معجمُ الحرفِ مبهما
ويولج في الأرضِ الغذاء لترتوي / فيخرج منها الزهرَ وشياً منمنما
مصابيحُ أنوارٍ الكواكبِ زينةٌ / لها ورجوماً للشياطين كلما
أرادوا استراقَ السمعِ من كلِّ جانبٍ / فيحرقهم منها شهابٌ تبسَّما
ويجعلُ ما يعلو على الأرضِ زينةً / لها فالذي يبدو إلى العين منه ما
يغذي به الرحمن جسماً مروحَنا / كما قد يغذي منه رُوحاً مجسَّماً
فقلتُ ومن غذاها من سمائه / فقيل لنا عيسى المسيحُ بنُ مريما
له الامتزاجُ الصرفُ من روحِ كاتبٍ / بديوانه لما تحلَّى بآدما
فروحَن أجساماً وجسم أنفساً / وكان له التحكيم أيان يمما
فلم أر سبطاً كان يشبه جدَّه / سواه كما قال المهيمن معلما
إذا ما ذكرت الله في غسق الدجى
إذا ما ذكرت الله في غسق الدجى / دُجى الجسمِ لو عند الصباحِ إذا بدا
صباحُ الذي يحيى به الجسم عندما / هو الروح لكن بالمزاجِ تبلَّدا
فلا يأخذِ الأشياء من غير نفسه / ولكن بآلاتٍ بها سرُّه اهتدى
فأمسى فقيراً بعد أن كان ذا غنى / وأصبح عبداً بعد أن كان سيِّدا
لقد خلته رُوحاً كريماً منزهاً / فأصبح ريحاً عنصرياً مُجسَّدا
وكان جليساً للخضارمةِ العُلى / بمقعد صدقٍ للنفوسِ مؤيدا
لقد كان فيهم ذا وقارٍ وهيبةٍ / فلما ارتدى الجسمَ الترابيّ ألحدا
وأجرى له نهراً من الخمر سائغاً / فلما تحسي شربةً منه عربدا
وكان له فوق السموات مشهدٌ / فلما رأى الأرض الأريضة أخلدا
وكان لما يلقاه بالذاتِ قائلاً / وكان إذا ما جاءه الوحي أسجدا
وقد كان موصوفاً فأصبح واصفاً / كما كان ذا قصدٍ فأصبح مَقصدا
كما كان فيما نال منه موعدا / فأصبح فيما نيل منه موحدا
وفي عالم البعدِ الذي قد رأيته / رأيت له في حضرةِ القربِ مقعدا
ولما تجلّى من تجلى بنعتهم / رأيتهمُ خرّوا بكياً وسجّدا
وأصعقهم وحيٌ من الله جاءهم / فلما أفاقوا قلت ماذا فقال دا
أصابهم في حالِ نشأةِ ذاتهم / ولن يصلحَ العطارُ ما الدهر أفسدا
فقلت وهل ميزتني في رعيلهم / فقال وهل عبدٌ يصير مسوَّدا
جعلتكمُ في أرض كوني خليفةً / وأبلست من ناداك فيها وفندا
وأسجدتُ أملاكي وكانوا أئمة / لرتبتك العليا فأمسيت معبدا
نهيتك عن أمر فقاربته ولم / نجد لك عزماً إذ نرى منك ما بدا
وقمت لكم فيه بعذر مُبين / بوّئت داراً خالداً ومخلدا
كما قال من أغواكمُ غير عالم / بما قاله إذ قال قولاً مسددا
ومار بخسران إلى أصل فلقه / كنوز سراج في ظلام توقَّدا
يضيء لإبصارٍ ويحرقُ ذاته / عن أمر إلهي أتاه فما اعتدى
فيا ليتَ شعري هل يرى الناس ما أرى
فيا ليتَ شعري هل يرى الناس ما أرى / من العلم في القرآن والنورِ والهدى
لقد جمعَ الله الكريمُ بفضلِه / ورحمته بين الأودَّاء والعِدى
وما كلُّ قربٍ كائنٌ عن قرابةٍ / كمثلي وإنّ الحقَّ بالكامل ارتدى
وكان كمالي فيه بالصورة التي / خُصصت بها فانظره في باطن الردا
وفي سورةِ الشورى إبان وجودها / بديّ لمن قد فاز فيها إذا ابتدا
وأنزلنا في عالمِ الخلق قدوةً / أئمتها وأسوةً لمن اقتدى
فللَّه ما يبقى ولله ما مضى / فلم يوجد الأشياء خلاقها سدى
وإني لعلاّم بما جئتكم به / وما أنا ممن حار فيه وقلَّدا
وإنّ لنا في كلِّ حالٍ مواقفاً / ومقعدَ صدقٍ في الغيوبِ ومشهدا
وإني ممن أسلم الأمر فيكمُ / إليه وممن بالإمامة قلَّدا
أنا خاتمٌ للأولياء كما أتى / بأنَّ ختام الأنبياءِ محمدا
ختامَ خصوصٍ لا ختامَ ولاية / تعم فإنّ الختم عيسى المؤيَّدا
لقد منح الله العبيدَ قصيدةً / يقوم بها يومَ القيامةِ مُنشدا
على رأسِ مبعوثٍ إلى خير أمّة / لقد طاب أصلاها شمياً ومولدا
مقولاتُ أهل العلمِ محصورةُ الكمِّ
مقولاتُ أهل العلمِ محصورةُ الكمِّ / بجوهر أعراضٍ مع الكيفِ والكم
وتتلو إضافاتٌ ووضعٌ محقق / ولفظُ متى والأين منها لذي أم
وفاعل أشياء ومنفعل له / وما ثم إلا ما ذكرت من الحكم
وقد قسموا لفظي فلفظٌ محقق / يدل على معنى كما جاء في العلم
وإن قدَّموا المعنى عليه فإنه / يدل عليه أيّ لفظ لذي فهم
وقد حصروا في المفردات حقائقاً / كجنسٍ ونوعٍ ثم فصلٍ بلا قسم
ويتلوه ما يختصُّ منه بذاته / وعارض أمر لم أقل ذاك عن وهم
فتقتص الأفرادُ بالحدِّ والذي / تركَّبَ منها بالبراهين في علمي
فبرهانُ تحقيقٍ وبرهانُ رافع / وبرهانُ إفصاحٍ وسفسطةُ الخصمِ
وما ثَم إلا ما ذكرتُ فحققوا / ولا تك من أهلِ التحكم والظلمِ
فإني أتيت الأمر في ذاك قاصداً / فقل وتنزه عن ملامي وعن ذمي
وهذي علومٌ إن تأملتها بدا / لعين سناها في الإضاءة كالنجم
وما لفظه إلا مثالٌ محقق / لها فانظروه بالتقاسيم في القسم

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025