المجموع : 152
لقد رقد السمار حتى خلا النادي
لقد رقد السمار حتى خلا النادي / ولم تبق يقضى غير عصفورة الوادي
شدت في هدوء الليل تدعو اليفها / وفي شدوها شجو لسامعه باد
تردده في خير لحن سمعته / وتنشده شعراً على خير انشاد
فيا حسن شعر محزن مطرب معاً / ويا حسن لحن ثم يا حسن ترداد
فبت وعيني لحظها يخرق الدجى / وسمعي على بعد الى الطائر الشادي
فد انتبهت في ليلها فتذكرت / اليفاً غدا عنها ولم يعد الغادي
وبرّحت الذكرى بها فترنمت / ترنم ثكلى قد اصيبت باولاد
وقالت تناجي نفسها ما لصاحبي / تأخر عن ميعاده غير معتاد
وقد كان وجه الليل ميعاد عوده / وذلك للاطيار آخر ميعاد
فما عاد عصفوري اليّ لشقوتي / وكان اليه في حياتي اخلادي
أابعد عن مثواه في طيرانه / فضل طريق العود من بعد ابعاد
وكيف تضل الطير عن مستقرّها / وكل كثيب في الطريق لها هاد
ام احتازه الصياد في شرك له / ام اختطفته برثن الاجدل العادي
ام التقفته هرة البر بغتة / ام ابتلعته حية بعد ارصاد
لقد كان لي اغراده خير سلوة / كما كان يسليه عن الهم اغرادي
وكنا اذا طرنا معاً لرياضة / نحلق في جو من الصبح وراد
وبعدئذ نهوى معا في هوادة / الى فنن غض من البان مياد
وكنا على الايام زوجين في رضى / فافردني دهري واوحش افرادي
بقيت لارزاء الزمان وحيدة / بعش نضيد من هشيم واعواد
وكنا بنيناه معاً فوق ايكة / تطلّ على ماء وعشب واوراد
بنيناه حتى تمّ نجهد نفسنا / لنحيا معاً في غبطة ثم ارغاد
يقيم بقربي ثم في العش واضعا / اذا ما غفا الغاده فوق الغادي
ولكن الفي قد تخطفه الردى / فافسد عيشي بعده شر افساد
فيا ليت الفي كان قد ظل سالما / واني بريشي والحياة له فاد
ذهبت ولم ترجع فهل كان واقفا / لك الموت في جنب الطريق بمرصاد
بربك عدلي او على الموت دلني / فاني الى كأس شربت بها صاد
لقد يرتقي في الجمع فرد ذرى المجد
لقد يرتقي في الجمع فرد ذرى المجد / ويعظم حتى تبصر الجمع في الفرد
اذا آده امر تقوى بشعبه / كما يتقوى قائد الجند بالجند
فان ذل ذاك الشعب فهو يعزه / وان ضل ذاك الشعب فهو له يهدى
ابو الشعب اما سار سار وراءه / كظل له ما ان يحيد عن القصد
فذاك زعيم الشعب يحمي ذماره / ويدفع عنه كيد اعذائه اللد
وما ذهنه الا سراج مكهرب / يضيء طريقيه بما فيه من وقد
واول شرط ان يكون بمعزل / عن الحنث في الاقسام والكذب في الوعد
ولكن اذا كان الزعيم تعوزه / محاسن اخلاق فذلك لا يجدى
وما زعماء الشرق الا قلائل / واهداهم من كان بالقلب يستهدي
ولم يك في الاموال من طمع بهم / الم يكفهم ما يكسبون من الحمد
على انهم لا يعبئون لنفسهم / بمدح من الجمهوى اخلص في الود
وما كان بالاجداد فخر وانما / يباهي بمجد الجد من ليس ذا مجد
ولم ار قطرا كالعراق مضيعا / ولا مثل قوم ابدلوا الغي بالرشد
لقد عقدت حملانه باختيارها / مع الذئب عهدا واستنامت الى العهد
وقد حمل الحملان صفقة عقدها / وسوف يرى الحملان عاقبة العقد
رجعت الى الماضي البعيد بفكرتي
رجعت الى الماضي البعيد بفكرتي / وقلت لقرد الغاب يا لك من قرد
تقلبت في الاصلاب دهرا وبعده / نسلت ابنك الانسان نادرة الولد
فجئت به سبط القوام شمردلا / فكان لعمري شر اعدائك اللد
ولكنني باق لذكرك حافظا / وموليك جماً من ثنائي ومن حمدي
فانك جد الناس في كل بقعة / من الارض حلوها فبوركت من جد
ويجحد هذا الامر من هو لم يزل / اليك قريباً في الغباوة والحقد
واما الذي في عقله ونبوغه / نأى عنك اشواطاً فليس بذي جحد
سفحت على اقدام ليلى مدامعي
سفحت على اقدام ليلى مدامعي / وليلى سوى صد يبرح لا تبدى
واني من بعد الدموع لسافح / دمي في هواها وهو آخر ما عندي
اذا صح تشبيهي الحياة بدوحة
اذا صح تشبيهي الحياة بدوحة / فما انا الا بعض اغصانها الجرد
يوارون في لحد اذا مت رمتى / كأن بمن قد مات فقراً الى اللحد
حلمت بان الدهر لي يتبسم
حلمت بان الدهر لي يتبسم / ورب شقى بالسعادة يحلم
فلما انقضى ليلي وعدت ليقظتي / رأيت نهاري عابسا يتجهم
يغم فؤادي اليوم ما فيه سلوة / ويقبض نفسي الليل ما فيه انجم
كأن نهاري صنو ليل يجنني / وليلي قبر ضيق الجوف مظلم
فسيان ليلي والنهار كلاهما / عليه ظلام من همومي مخيم
فليلي حتى يأتي اليوم اليل / ويومي حتى يأتي الليل ايوم
وللحر آلام كثار وانما / على قدر الاحساس يأتي التألم
لقد عاب اقوام على تبرمي / واي امرء يشقى ولا يتبرم
وليس على ضيم يقيم سوى الذي / اذا ناله ضيم فلا يتألم
ويغسل ادران السياسة كلها / من الارض كل الارض شيء هو الدم
عظيم من استولى على الناس كلهم / ولكن من استغنى عن الناس اعظم
هنالك مغرور يظن بانه / سيبقى بما في حوزه يتنعم
ويعتز بالصرح الذي شرفاته / حوته كأن الصرح لا يتهدم
وما الارض والانسان يجثم فوقها
وما الارض والانسان يجثم فوقها / سوى قطرة في الكون والكون عيلم
هناك نواميس بها انا عالم / واخرى على جهدي بها لست اعلم
وفي الكون سر يبتغى ان يذيعه / وليس لديه من فم يتكلم
واني منه فوق احقر بقعة / فكيف ولم افهمه عنه اترجم
وما انا شيء مثلما انت فاهمي / ولا انت شيء مثلما انا افهم
حسبنا من العرفان اوهام نفسنا / وليس عن العرفان يغني التوهم
وابصر ومضا نائيا وهوغامض / واسمع همسا دانيا وهو مبهم
هو الدهر او من قد توارى وراءه / يحطم ما يأتي ويبنى ويهدم
ويبرم قبل الصبح امرا برغبة / وينقض قبل الصبح ما هو مبرم
فقيل ضرورات وقيل مشيئة / وكل الذي قد قيل ظن مرجم
وفي القلب اشياء ولست اقولها / مخافة ان يطغى علي التهكم
الام اذا شط امرؤ ذو روية / كأني على اهل الروية قيم
وكائن ترى من طائش في فعاله / وبعد قليل يعتريه التندم
كأن الذي من فعله جاء نادما / الى نفسه من نفسه يتظلم
حذار فان الدهر منك بمرصد / اذا هو الفى غرة يتهجم
رأيت طريق السلم غير مقرب / وعلى طريق الحرب ادنى واقوم
ولا يستقل الشعب يوما بنفسه / اذا لم يكن للشعب جيش عرمرم
وما العيش الا طيب ومنغص / وما الارض الا جنة وجهنم
ثراء واملاق وعز وذلة / وفوز وحرمان وعرس ومأتم
اراك على مجد قضى متحدباً / كأم لطفل كان قد مات ترأم
بربك لا تمسس بايديك قرحتي / فانك ان ماسستها اتألم
يسائلني عن مذهبي وعقيدتي / فريق من الاشياخ ما انا منهم
فقلت لهم اما السؤال فبارد / واما جوابي فهو اني مسلم
ولكنني ما كنت يوما مقلدا / يرى ان حكم العقل في الدين مأتم
فما القلب مني بالسخافات مولع / ولا الرأس مني بالخرافات مفعم
ولم اك يوما بالإصابة واثقا / فاني في داج من الليل ارجم
جددت فما ارعاني القوم سمعهم / وليس وراء الجد الا التهكم
اولئك ناس طرفهم ذو غشاوة / عن الحق مهما حصحص الحق قد عموا
يقولون لا شيء وهم يرجمونني
يقولون لا شيء وهم يرجمونني / وهل يستحق الرجم من هو لا شيء
دعوني ولا شيئيتي وانقدوا امرأ / اذا جاء امراً ساء نقاده الجئ
وما انا الا دوحة قد تجرّدت / فلا ورق يصبى العيون ولا فيء
ذكرى صباباتي فهزّني الذكر
ذكرى صباباتي فهزّني الذكر / وعيشاً رغيداً جاد حيناً به الدهر
اذ النفس سكرى من رحيق شبابها / وقد طاب يحلولي لها ذلك السكر
ذكرت به عهداً كأن رفيفه / رفيف اقاحي الروض قد طلها القطر
اذ الشمس تعلو فوق دجلة ضحوة / فيغرق في انوارها الشاطئ النضر
وكان يحييني نهارا شعاعها / وتبسم لي في ليلي الانجم الزهر
واذ حب ليلى لي كحبي لها فلا / تشط بها عني القطيعة والهجر
ويفتنني منها حديث ومنطق / وتفتنها مني الفصاحة والشعر
بكيت شبابي بعد اني فقدته / الى الموت حتى ابتل جيدي والنحر
ولا تعجبوا للشعر يذرو عجاجة / واية ريح للعجاجة لا تذرو
سلام على عهد الصبا انه مضى / ولم يبق الا طيفه لي والذكر
لقد كان في عيني جميلا ربيعه / واجمل شيء في الربيع هو الزهر
لنا قدم في الحكم تعوزها الخطى / وحرية في القول يعوزها الجهر
وماذا عسى ان تستطيع ابتعاثه / عقول عليها في جماجمها حجر
وقد يستطيع الشعب اصلاح شأنه / اذا لم يكن من كفه خرج الامر
يقولون صبرا يا جميل على الذي / اصابك من حيف واني لي الصبر
ولا بد من حرب على من تعصبوا / علي فاردى او يفيئ لي النصر
وكل امرئ يسعى الى الجد جاهدا / ولكن طريق المجد اكثره وعر
هلموا نسابق من لنا قد تقدموا / فنعل علاهم او نمر كما مروا
نتمّ على رغم المقادير امرنا / اذا هي ضنت ان يتمّ لنا الامر
سأرحل في شيخوختي عن مواطني / الى حيث لا نهي علي ولا امر
وان العراق اليوم شبه سفينة / تقاذفها الامواج والمد والجزر
اذا لم يكن ما يبتغيه اولو الهوى / على اهله شرا فماذا هو الشر
يقولون ان الدهر يصلح فاسدا / فما حيلة الانسان ان فسد الدهر
الما بشعر قام كالطلل البالي
الما بشعر قام كالطلل البالي / يمثل نفس القوم في الزمن الخالي
وافراح ناس بعد خفض ونعمة / عليهم اناخ الدهر يقسو بكلكال
وشقوة اجيال مشوا في حياتهم / كما قد تلقوه على نهج اجيال
وما الشعر الا ما يمثل اهله / فينقل من ماض اناسا الى الحال
وما كل شعر قد سمعت بجيد / ولا كل ماء قد وردت بسلسال
اذا لم يكن شعر الفتى من شعوره / فما هو مقبول ولا هو ذو بال
وان قصرت الفاظه عن مراده / فليس من استحقاقه غير اهمال
وان يزك معناه ولم يزك لفظه / فذاك كخود في دريس واسمال
وما راقني ممن تقدم عهدهم / سوى الصدق ان الصدق اجمل سربال
ويا حبذا هذا الجديد لو انه / اتانا بوجه من طلاء به خال
وما عن قلى رفضي الغلاة وانما / هنالك اميال تخالف اميالي
قد انهار صرح الشعر الا اقله / وقد كان ملء العين كالجبل العالي
واما حياض كان ثراً نميرها / فانك لا تلقى بها غير او شال
ولم ارض فيمن خاب للجهل سعيهم / كمغترف ماء يفيض بغربال
رأيت ابتذالا فيك يا شعر زاريا / وما كان هذا في مصيرك آمالي
اردتك خلواً من عيوب زرية / فانك عندي ذلك الجوهر الغالي
كأنك لم تركب جواداً لغارة / ولم تتبطن كاعباً ذات خلخال
يجادلني في الشعر لا عن روية / فرق من اللنقاد كلهم قال
كلانا ملّم بالصواب بزعمه / ولكن صوت المبطلين هو العالي
كلانا اذا خاض العجاجة مبسل / ولكنما ابسالهم غير ابسالي
هنالك حرب شبها السخط والرضى / وما كل من خاضوا الحروب بابطال
نشأت على استقلال نفس تمردت / فلا ارتضى نسجا على غير منوالي
ولا ادعى اني انفردت بمقولي / ولكنني راض كغيري باقوالي
سوى ما اريهم انني ان قفوتهم / شأوت وأني فوق اجرد ذيال
لقد ظل هذا الشعر خمسين حجة / يهذب اقوالي ويصلح اعمالي
فسرت على ما قد هداني سراجه / وان كان في تلك الهداية اضلالي
وافصحت حتى اوهنتني كبرة / وحينئذ اسمكت كالطلل البالي
وقلت اقلني ايها الشعر عثرتي / فقد زل رجلي وهي تحمل اثقالي
فاعرض عني لا يريد اقالتي / واشمت في اعراضه بي عذالي
واني ان اهلك فلست بخاسر / لشيء كثير من عقار واموال
لعمرك ما في الموت شيء يهولني / ولكن حياتي هذه ذات اهوال
على ان لي بعد الهزيمة كرة / اصول بها جلداً على كل مختال
سأجهر بالحق الذي يكتمونه / وان قطعوا بالسيف يا حق اوصالي
واني في غيلي كرئبال غيضة / ومن ذا ترى في غيله غير رئبال
لحى اللَه ناساً اخطأوا طرق العلا / ولم يطلبوا الغايات الا من المال
نصبت لليلى من قريض نحته
نصبت لليلى من قريض نحته / على صفحة القرطاس اجمل تمثال
حكاها كأن الله صاغها معاً / شبيهين في ثوب من الحسن هلهال
وشبه ناس طرفها وقوامها / بابيض بتار واسمر عسال
على خطأ منهم فما السيف باترا / ولا الرمح عسالا ليلى بامثال
واحسب اني لا اشط عن الهدى / اذا قلت ليلى كوكب الافق العالي
سرى حب ليلى في جميع جوارحي / واذهلني عن غيرها أي اذهال
وليلى كقرص الشمس يجمل ضؤه / ويملأ عيني في غدوّى وآصالي
وان تك ليلى اليوم شط بها النوى / فما انا عن ليلى وايامها سال
يعز على عيني الشقية ان ترى / لليلى بقربي منزلا غير محلال
اريد رحيلا عن بلاد تهنيني / ولكن افدني اين انزل احمالي
وفي القوم من لا يبتغي نقلة له / وان نسفت ارض العراق بزلزال
ولكن حرا ليس يرضيه حاله / يموت ولا يبقى مقيما على الحال
ارى النحس في بغداد لي متجسما / يريني انيابا كانياب اغوال
يريدون بالاذلال جرح كرامتي / ويأبى جراحات المذلة امثالي
بأعماله الإنسان يعرف عقله
بأعماله الإنسان يعرف عقله / فليس سواها للنهى من موازين
سليماً يظل الخيط بين اولى النهى / وينقطع الجنزير بين المجانين
يضيق بما يلقاه قلبي من البين
يضيق بما يلقاه قلبي من البين / فيدفعه دمعاً سخياً إلى عيني
لعل بكاء العين مني ساعة / يخفف ما في القلب من الم البين
وعندي وان اسرفت من قبل في البكى / بقايا دموع سوف اقضى بها ديني
وان حياتي في الهوى وهي كل ما / ملكت من الدنيا طريق الى حيني
لقد علمت ليلى بان صبابتي / كما يبتغى الايمان ليس بذي مين
وقد فتشت قبلي القلوب فاجفلت / لما راعها فيما هنالك من رين
وددت لو اني اسطعت ان اخفي الهوى / ولكنما اخفاؤه ليس بالهين
اذا حال عجز المرء دون انتقامه
اذا حال عجز المرء دون انتقامه / يحاول بطشا بالمسيئين في الفكر
لعلك من فرسان قوم اذا دعت / وغى ركبوا متن الخيالات في الكر
واني اذا جاد الزمان بفرحة
واني اذا جاد الزمان بفرحة / علي وكان اليوم يلمع فتانا
افكر في ليل يجيئ وراءه / فتنقلب الافراح عندي احزانا
ولا تحسب الإنسان إلا سلالة
ولا تحسب الإنسان إلا سلالة / لقردين عافا الغاب لما تضجرا
ولم يتحسن طوره لتنازع / ولكن حياة القرد رامت تطورا
سقطت فلا تحزن على ما فقدته
سقطت فلا تحزن على ما فقدته / فما انت بين الساقطين باول
فكم من وزير كان قبلك قد هوى / كجلمود صخر حطه السيل من عل
لقد اشبعوا بالطيبات بطونهم
لقد اشبعوا بالطيبات بطونهم / على مشهد منا لهم واجاعونا
وقد حفظوا حق الحياة لنفسهم / بما اغتصبوا من حقنا واضاعونا
على العقل قد عولت لله ناشداً
على العقل قد عولت لله ناشداً / وعقلك لا يملى عليك ولا يدلي
وما انت في يوم من الدهر واصل / الى اللَه الا ان خرجت من العقل
ألا فاسمحوا لي أن أقول موضحا
ألا فاسمحوا لي أن أقول موضحا / لما بيننا يا أهل بغداد من لبس
فان تمنعوني ان افوه بحجتي / فكيف اجيبوني ادافع عن نفسي