المجموع : 149
وَيَركَبُ أَقوامٌ مَطايا نَفيسةً
وَيَركَبُ أَقوامٌ مَطايا نَفيسةً / وَنَحنُ مَطايانا أَخامِصُ أَقدامِ
وَيلبس أَقوام حَريراً لزينةٍ / وَمَلبوسُنا ما شانَ مِن وَبرِ أَنعامِ
وَيَشرَبُ أَقوامٌ رَحيقاً بِأَكؤسٍ / وَمَشروبُنا ماءٌ بإشفافِ خَتّامِ
وَيَأكُلُ أَقوام شواءً وَجَردَقاً / وَمَأكولُنا خُبزٌ مَشوبٌ بآلامِ
وَيَلتذُّ أَقوامٌ بِأبناءِ يافِثٍ / وسامٍ وَموطوآتُنا مِن بَني حامِ
يَقضُونَ مِن دُنياهُمُ شَهواتِهِم / وَنَحنُ لَهُم في الدَهرِ أَطوَعُ خُدامِ
إِذا جاءَهُم مِنّا فَقيرٌ لحاجَةٍ / لَوَوا جيدَهم زَهواً وَنَخوةَ إِعظامِ
وَما اللَهُ عَمّا يَعملون بِغافلٍ / وَلَكنما يملي زِيادَةَ آثامِ
كَذَلِكَ تَأتيهم بَلايا عَظيمَةٌ / مِن الحَبسِ وَالتَعذيبِ وَالضَربِ وِالسامِ
غَدوا عِبرةً يَرثي لَهُم كُلُّ شامِتٍ / بِهِم وَكَذا الملتذ يَشقى بإِجرامِ
لَقَد عجِبُوا مِن لُؤلُؤٍ مُتَناثِرٍ
لَقَد عجِبُوا مِن لُؤلُؤٍ مُتَناثِرٍ / مِن الكَلِمِ الأَعلى فُرادى وَتَوأَمِ
وَما بِعَجيبٍ لُؤلؤٌ كانَ قَد مَلا / بِهِ مَسمَعي شَيخي تَناثَرَ مِن فَمِ
وَبَينَ فَمِ الإِنسانِ وَالسَمعِ نِسبَةٌ / أَلم تَرَ أَنَّ السَمعَ بابُ التَكَلُّمِ
خُلِقنا لأَمرٍ لَو عَلِمنا حَقيقةً
خُلِقنا لأَمرٍ لَو عَلِمنا حَقيقةً / له ما أَحبَّ المرءُ لَيلى وَلا لُبنى
وَلكن جَهِلنا فاستراحَت نُفُوسُنا / وما تلكَ إِلا راحةٌ تَعقبُ الحُزنا
سَرى مِن نَسيمِ الأُنسِ ما عَطَّر الكَونا
سَرى مِن نَسيمِ الأُنسِ ما عَطَّر الكَونا / فَبُحتُ بِسرٍّ طالَ كَتمي لَهُ صَونا
وَما نَظَرت عَيني إِلى غير واحدٍ / تَصرَّف في كُلٍّ فَلونٌ يرى لَونا
وَما أَدرَكَ الأَشياءَ غَير منطّقٍ / أخي لُطُفٍ يَمشي عَلى أَرضِهِ هَونا
فَكَم بَينَ ذي علمٍ وَآخرَ جاهِلٍ / وَكَم بَينَ ذي نورٍ وَعادِمِهِ بَونا
هِيَ النَفسُ يَجلُوها فَتَبدو حَقائِقٌ / بِها وَصَداها الجون يُظهرهُ جَونا
بروحي حَبيبٌ نَعَّمَ اللَهُ بالَه
بروحي حَبيبٌ نَعَّمَ اللَهُ بالَه / وَلا زالَ في أَمنٍ مَدى الدَهرِ جَذلانا
تملَّكني مِنهُ بِسحرِ جُفُونِهِ / فَصِرتُ أخيذاً لا أَرى عَنهُ سُلوانا
غزالٌ لَهُ مَرعىً خَصيبٌ بِمُهجتي / وَسَلسالُ دَمعي يَغتَدي مِنهُ رَيّانا
وَلما رَآني ذُبتُ مِنهُ صَبابَةً / وَذُقتُ مَراراتِ المَحبةِ أَلوانا
تَعجَّبَ من صَبري عَلى مُرِّ هَجرِهِ / فَأَهدى ليَ الحلواءَ لُطفاً وَإِحسانا
توهَّمَ أَن أَشفى بِها فَإِذا بِها / يَزيدُ ضنىً جسمي وَقَلبي نِيرانا
وَأَيُّ شفاءٍ لا يُرى شفَّهُ الهَوى / سِنينَ لَهُ تِسعاً يُكابِر أَشجانا
أَيا مَهديَ الحَلواءِ في فيكَ شبهُها / بَل احلى بِهِ لَو شِئتَ أَرويتَ ظَمآنا
وَيا مالِكاً رِقّي أَما لَكَ رِقَّة / عَلى عاشقٍ يَهواك سِراً وَإِعلانا
وَكُنتُ أَرى أَنَّ التَهاجُرَ يَنقَضي / إِذا الحسنُ يَكسو وَردَ خَدَّيكَ رَيحانا
وَقَد زِدتَ في تِيهٍ وَعُجبٍ وَنَخوَةٍ / أَخاً لَكَ ما الفردوس خاتلت رِضوانا
فَجئتَ إِلى الدُنيا فَريداً فَلا تَرى / بِها عاشِقاً إِلا بِحُبِّكَ مَلآنا
أَرى شِيَمَ الناسِ الأَذى وَأَشدُّهُم
أَرى شِيَمَ الناسِ الأَذى وَأَشدُّهُم / أَذىً جاهِلٌ أَوليتَه مِنكَ إِحسانا
يجيئُكَ عيرٌ مِنهُم فَتسوسُهُ / إِلى أَن غَدا في الناسِ يُحسَبُ إِنسانا
فَيَبأى وَيُزهى زاهِداً فيكَ نابِزاً / لِحقِّك يُبدي عَنكَ في العلمِ غُنيانا
وَلَو أنَّه قَد فاقَ في الفَضلِ صحبَهُ / لَما كانَ إِلا العير طَرطرَ آذانا
وَمَن كانَ تلميذاً وَيَزعمُ أَنَّهُ / كَشيخٍ لَهُ فَالجهلُ أَولاه حِرمانا
لَدى الشَيخِ مِن علمٍ زَوايا غَريبةٌ / قَد اكسبَها مُذ عاشَ في العلم أَزمانا
عَجِبتُ لمثلي عِشتُ سَبعين حِجَّةً / أعاني لِسانَ العُربِ جَمعاً وَتِبيانا
فَما صحَّ عِندي غَيرُ أَني مُقصِّرٌ / وَقَد فاتَنا مِنه كثيرٌ وأَعيانا
فَكيفَ بمَن أَضحى سُكُردان صُحفِهِ / يقلِّبُ في ذا ثمَّ ذَلِكَ أَحيانا
يَرى أَنَّهُ قَد صارَ شَيئاً وَلم يَكُن / كَشَيءٍ وَلَكن جَرَّ للجَهلِ أَرسانا
وَأُمٌ وَلودٌ هَذه الأَرضُ لا يُرى / بِها مُدَّعٍ إِلا وَيُفضَحُ خُذلانا
سَكِرتُ وَلَكن مِنكَ بِالمقلةِ النَشوى
سَكِرتُ وَلَكن مِنكَ بِالمقلةِ النَشوى / فَقَلبي لا يَختارُ عَن سُكرِهِ صَحوا
وَلذَّ ليَ الوَجدُ المُبَرِّحُ في الَّتي / أَمرَّ بِها عَيشي وَقَد كانَ لي حُلوا
وَقَد مَلأَت كُلّي بِبَعضِ جَمالِها / فَما لِسواها فيَّ مِن مَوضِعٍ خُلوا
وَعُلِّقتُها سَمراءَ أَمّا قَوامُها / فَللسُمرِ وَالأَلحاظِ للشادِنِ الأَحوى
تَفوقُ سَنىً شَمسَ الضُحى وَهِلالها / وَلِم لا وَلم تَخشَ كُسوفاً وَلا محوا
تُغازِلُني مِنها جُفونٌ نَواعِسٌ / يُؤثّرنَ في أَجفانِيَ السُهد وَالشَجوا
عَجِبتُ لَها إِذ نَلتَقي لا تَكَلُّمٌ / يَكونُ وَتَدري ما يرادُ مِن الفَحوى
وَتُعرِبُ عَما قَد أَكَنَّت نُفوسُنا / بِلَحنٍ وَلَم تَقرَأ كِتاباً وَلا نَحوا
تَرى مُقلةَ المَحبوبِ تَقرَأُ أَطرُفاً / مِن الحُبِّ قَد لاحَت بِصَفحَةِ مَن يَهوى
يُناجي ضَميري بِالمُرادِ ضَميرَها / فَيا لُطفَ مَعنىً انتجت تِلكُم النَجوى
وَأَشكو لَها وَجداً قَديماً حَديثُهُ / فَتُصغِي وَلَكن لا تُزيلُ لَنا الشَكوى
مِن التُركِ لَم تَرتَع بِأَكنافِ حاجِرٍ / وَرَضوى وَلم تَرتَع بِنَجدٍ وَلا حُزوى
وَلَكن إِلى خاقانَ يُعزى نِجادُها / وَفي مِصرَ مَرباها وَفيها لَها مَثوى
أَلَخصاءَ طَرفٍ هَل لِقَلبي مخلَصٌ / إِلى وَجنَةٍ أَضحَت لَنا جَنَّةَ المَأوى
لَئِن مُنِعَت مِنّا زَماناً فَطالَما / لَنا مُنِحَت نَجني بِها كُلَّ ما نَهوى
وَنَرشِفُ مِن تلكَ الثَنايا مُدامَة / وَنلثِمُ من غَضِّ الجَنى لَعَساً حُوّا
سَرى الجَوهرُ العُلويُّ للعالمِ العُلوِي
سَرى الجَوهرُ العُلويُّ للعالمِ العُلوِي / وَأُسكِنَ بَطنَ الأَرض مَستودَعَ السّلوِ
وَعُطِّلَ بَيتُ العِلمِ وَالدينِ وَالحِجا / مِن الذكرِ وَالقُرآنِ وَالفقهِ وَالنَحوِ
وَقَد كانَ مَعموراً بِسُنَّةِ أَحمَدٍ / فَها هُوَ ذا مِن بَعدِ أُنسٍ بِها مُقوي
وَكانَت نُضارٌ فيهِ شَمساً منيرةً / فَعوجِلَ ذاكَ النُورُ بِالكَسفِ وَالمَحوِ
فَتاةٌ كَأنَّ الحسنَ خُيِّرَ أينَ مَن / يَحِلُّ بِها فاختارَها طالبُ البَأوِ
جَرى الناس شَأواً للمعالي وَقَصَّروا / وَجاءَت نُضارٌ فيهِ سابِقَة الشَأوِ
وَما لنضارٍ في البَناتِ نَظيرةٌ / لَفاقَت بَناتَ الناسِ في الحَضرِ وَالبَدوِ
سَلامٌ عَلى ذاكَ الشَبابِ الَّذي لَها / تَرَدّى رِداءَ العلمِ وَالدينِ وَالسّروِ
سَلامٌ عَلى فَخرِ البَناتِ الَّتي غَدَت / لداتٌ لَها تزهى بِها أَيَّما زَهوِ
يُعَظِّمنَها إِمّا حَلَلنَ بِمُنتَدىً / فَيجلِسنَ سُفلاً وَهيَ تَجلِس في البَهوِ
يُقَبِّلنَ مِنها الردنَ عِظماً لِشأنِها / فَتُلقي لَهُنَّ الدُرَّ مِن مَنطِقٍ حُلوِ
أَبَعدَ نُضارٍ أَبتَغي صَفوَ عِيشَةٍ / وَقَد كُدِّرَت يا بُعدَ عَيشي مِن الصَفوِ
لَقَد أَشرَبَت قَلبي وَطَرفي وَمَسمَعي / وَما ليَ مِن فكرٍ وَما ليَ مِن عُضوِ
وَإِنّي مَعمورُ الزَمانِ بِشَخصِها / يمثل لي في الأَمسِ وَاليَومِ وَالغدوِ
وَعاهدتُ أَنّي لا أَزالُ إِزاءَها / مُقيماً كَئيباً دائمَ الشَوقِ وَالشَجوِ
إِلى أَن تُوافيني شَعوبُ فَنَرتَقي / مِن الوَهدَةِ السُفلى إِلى العالمِ العُلوي
لَئِن كانَ غَيري قَد سَها عَن حَبيبِهِ / فَما أَنا يَوماً عَن نُضارَ بذي سَهوِ
وَإِن كانَ سَكرانٌ مِن الحُبِّ قَد صَحا / فَإِنّي سَكرانٌ وَما لي مِن صَحوِ
سَقى رَوضَةً حَلَّت نُضارُ قَرارَها / مُغِبّ مِن الغُرِّ الغَوادِي بِلا صَحوِ
وَلا زالَ رَيحانٌ يُظِلُّ ضَريحَها / فَما رَوضَةٌ تَحوي كمثلِ الَّذي تَحوِي
أَيا مانِحي الحَلواءَ جُوداً وَمانِعي
أَيا مانِحي الحَلواءَ جُوداً وَمانِعي / عَلى بُخلٍ أَحلى وَأَشهى مِن الحَلوى
رُضابٌ حَكَتهُ الراحُ طَعماً وَنكهَةً / وَإِن لَم تَذُقهُ الروحُ راحَت بِهِ نَشوى
وَإِنّي وَلَو ذاقَتهُ دامَ اِنتِشاؤُها / إِلى الأَجَلِ المَحتومِ لا تَبتَغي صَحوا
وَقَد كُنتُ أَسلو لَو يَمُنُّ بِرَشفَةٍ / فَلا هُوَ ذُو مَنٍّ وَلا أَنا ذُو سَلوى
بِروحي مُكارٍ ما جَفا جَفني الكَرى
بِروحي مُكارٍ ما جَفا جَفني الكَرى / وَلا ضَلَّ عَقلي في هَواه وَلا وَعي
هُوَ الظَبي في جِيدٍ وَعَينٍ وَنَفرَةٍ / وَإِن لا يَكُنهُ فَهوَ حَقاً أَخُو الظَبي
أَلَم تَرَ أَنَّ الظَبيَ يَنفِرُ ساعِياً / وَهَذا حَبيبي في نفارٍ وَفي سَعيي
حَكى الشَمسَ في التَسيارِ وَالبَدرَ في السُرى / فَبِاليَومِ في سَيرٍ وَبِاللَيلِ في سَري
وَفاتَهُما عَقلاً وَنُطقاً وَصُورَةً / وَلَيسَ جَمادٌ في الفَضائِلِ كَالحَيِّ
وَعابُوه بِالخلقان وَهيَ الَّتي غَدَت / عَلى جِسمِهِ الفضيِّ أَبهى مِن الحَلي
كَتَمتُ الهَوى عَنهُ فَكانَ مُطاوِعي / وَما مِن خلافٍ مِنهُ في الأَمرِ وَالنَهي
أَشاهدُ مِنهُ صورَةً مَلَكِيَّةً / تَنَزَّلُ مِنها سورَةُ الحُبِّ لا الوَحي
وأُبصِرُ مِنهُ البَدرَ في الأَرضِ ماشياً / وَمَن ذا الَّذي يَستخدِمُ البَدرَ بِالمَشي
نَتائِجُ هَذا كُلِّه الكَتمُ للهَوى / وَكَتمُ الهَوى مِن عادةِ الحازِمِ الرَأي
وَكُنت امرَأً أَهوى الجَمالَ وَلَم أَشُب / ودادِيَ يَوماً بِاتِّباعيَ لِلغِيِّ
إِذا كانَ للإِنسانِ عِندَكَ حاجَةٌ
إِذا كانَ للإِنسانِ عِندَكَ حاجَةٌ / أَتى رائِحاً فيها إِلَيكَ وَغاديا
فَإِن تَقضِها يَوماً فَلَيسَ مُسَلِّماً / عَليكَ وَيَهوى أَن يَرى لَكَ ناعيا
إِذا ما شَرِبتُ الراحَ يا صاحِ فاتَني
إِذا ما شَرِبتُ الراحَ يا صاحِ فاتَني / لأَرشِفَ مِن ذاكَ الرُضابِ بَقاياها
فَإِن فاتَني رَشفُ المُدامِ فَإِنَّني / سأقنَعُ مِنها بِانتِشاقِيَ رَيّاها
هِيَ الوَجنَةُ الحَمراءُ وَالشَفَةُ اللَميا
هِيَ الوَجنَةُ الحَمراءُ وَالشَفَةُ اللَميا / لَقَد تَرَكاني في الهَوى مَيِّتاً حَيّا
هُما أَلبَسا جسمي سَقاماً وَأَورَثا / فُؤادي غَراماً حِملُهُ الصَبَّ قَد أَعيا
فَمِن مُهجَتي نارٌ وَمِن مُقلَتي حَيا / مَتى اِشتعلَت هَذي تَزيد ذا جريا
وَبي مَن إِذا ناجَيته ذُبتُ هَيبَةً / وَجانَبتُهُ جَهراً وَهمتُ بِهِ خِفيا
مَليحٌ إِذا ما لاحَ أَبهتَ من رَنا / فَأَردى الَّذي أَنأى وَأَحيا الَّذي حيّا
عَليمٌ بنِيّاتِ النُفوسِ وَما حَوَت / كَأَنَّ لَهُ مِن نَحوِ أَسرارِها وَحيا
تَجَمَّعَت الأَضدادُ فيهِ مَحاسِناً / فَعبستُهُ مَوتٌ وَبَسمَتُه مَحيا
وَغُرَّتُهُ بَدرٌ وَطُرَّتُهُ دُجىً / وَأَعطافُه ظَمأى وَأَردافُه رَيّا
أَعارَ اِعتِدالاً كُلَّ غُصنٍ كَمثلِ ما / أَعارَ السَنى وَالناضِرَ الشَمسَ وَالظَبيا
وَأَخجلَ نورَ الشَمسِ لَما تَقابَلا / فَحُمرتُهُ إِذ غابَ من فَرط ما اِستَحيا
عَجِبتُ لِخالٍ حَلَّ في وَسطِ أَنفِهِ / وَعَهدي بِهِ وَسطَ الخُدودِ يرى وَشيا
وَلَكنَّما خَدّاهُ فيهِ تَغايَرا / هَوىً فَاِبتَغى مِن وَجهِهِ أَوسَطَ الأَشيا
وَحُسنُ الفَتى في الأَنف وَالأَنفُ عاطِلٌ / فَكَيفَ إِذا ما الخالُ كانَ لَهُ طَيا
أَيا باخِلا حَتّى بِتَقبيلِ كَفِّهِ / عَلى مَن سَخا حَتّى بِحوباه في الدُنيا
أَلَم تَدرِ أَنّي طوعُ حُسنِكَ دائِماً / وَقَلبيَ لا يَعصِيك أَمراً وَلا نَهيا
عِداتي لَهُم فَضلٌ عَليَّ وَمِنَّةٌ
عِداتي لَهُم فَضلٌ عَليَّ وَمِنَّةٌ / فَلا أَذهبَ الرَحمنُ عَنّي الأَعاديا
همُ بَحَثوا عَن زلَّتي فَاجتَنَبتُها / وَهُم نافَسُوني فَاكتَسَبت المَعاليا
أَما أَنَّهُ لَولا ثَلاثٌ أُحِبُّها
أَما أَنَّهُ لَولا ثَلاثٌ أُحِبُّها / تَمَنَّيتُ أَني لا أُعَدُّ مِن الأَحيا
فَمِنها رَجائي أَن أَفوزَ بِتَوبَةٍ / تُكَفِّرُ لي ذَنباً وَتُنجِحُ لي سَعيا
وَمِنهُنَّ صَوني النَفسَ عَن كُلِّ جاهِل / لَئيم فَلا أَمشِي إِلى بابِهِ مَشيا
وَمِنهُنَّ أَخذي بِالحَديثِ إِذا الوَرى / نَسُوا سُنَّةَ المُختارِ وَاتَّبعوا الرَأيا
أَتَترك نَصّاً لِلرَسولِ وَتَقتدي / بِشَخصٍ لَقَد بَدَّلتَ بِالرَشدِ الغِيّا
أَذاتَ اللثامِ الحَمِّ وَالشَفَةِ اللَميا
أَذاتَ اللثامِ الحَمِّ وَالشَفَةِ اللَميا / بعادُكِ لي مَوتٌ وَقُربُكِ لي مَحيا
سكَنتِ فُؤاداً لَم يَزَل مِنكِ خافِقاً / وَصيَّرتِ حُلوَ العَيشِ يا مُنيتي شَريا
بِرُوحِي الَّتي زارَت بِليلٍ وَأَقبَلَت / تَجُرُّ عَلى آثارِها العُصبَ وَالوَشيا
هَداها سَناها نَحوَ طاوٍ ضُلوعَهُ / عَلى سَلوَةٍ ماتَت وَوَجد بِها حَيّا
تحلَّت بدُرٍّ فَوقَ لَبّاتِ نَحرِها / فَكانَ لِذاكَ الدُرِّ لَباتُها حليا
وَمَسَّت بِمِسواكٍ موشَّرَ ثَغرِها / فَذاقَت لَهُ مِسكاً وَمَجَّت بِهِ أَريا
وَأَلقَت بِهِ نَحوي لتُبرد غُلَّتي / بِرَشفِي لَهُ فازدادَ قَلبي بِهِ غَليا
مِن التُركِ ضاقَ العَينُ مِنها لِبُخلِها / وَلَيسَت مِن العِينِ الَّتي تُشبِهُ الظَبيا
سُمَيراءُ حاكى طائر السُمر قَدُّها / حَكاهُ وَلَكن أينَ أَردافُه الرَيّا
أَبى الدَمعُ إِلا نَشرَ حُبّي وَإِن غَدا / فُؤادي طَواه عَن جَميع الوَرى طَيّا
وَأَغيدَ مِن أَبناءِ خاقانَ قَد بَدا
وَأَغيدَ مِن أَبناءِ خاقانَ قَد بَدا / لَهُ وَجنَةٌ يَجلو سَناها الدَياجِيا
تعلَّم مِن عِينِ الظِباءِ نِفارَها / يَمرُّ وَيَأتي لاعِباً مثلَ ماهِيا
وَمَرَّ بِنا يَعدُو وَراءَ إِوَزّةٍ / وَقَد ذعِرَت مِنهُ كَذُعرِ فُؤادِيا
عَجِبتُ لهَذا الظَبيِ يَكسِرُ طائِراً / وَقَد كَسَرت عَيناه أُسداً ضَوارِيا
أَيَجهلُ هَذا الطَيرُ أَنَّكَ جارِحٌ / أَلم يَرَ أَكبادَ الرِجالِ دَوامِيا
جُنِنت بِها سَوداء لَون وَناظِرٍ
جُنِنت بِها سَوداء لَون وَناظِرٍ / وَيا طالَما كانَ الجُنونُ بِسَوداءِ
وَجَدتُ بِها بَردَ النَعيمِ وَإِن يَكُن / فُؤاديَ مِنها في جَحيمٍ وَلأواءِ
وَشاهَدتُ مَعنى الحُسن فيها مُجَسِّداً / فَاعجب لِمَعنى صارَ جَوهَرَ أَشياءِ
أَطاعنةً مِن قَدِّها بِمثقفٍ / أَصَبتِ وَما أَغنى الفَتى لبسُ حَصداءِ
لَقَد طَعَنت وَالقَلبُ ساهٍ فَما دَرى / أَبالقَدِّ مِنها أَم بِصَعدَةِ سَمراءِ
جُنِنتُ بِها سَوداءَ شعرٍ وَناظِرٍ / وَسَمراءَ لَون تَزدَري كُلَّ بَيضاءِ
وَما كُنتُ أَدري أَنَّ مالِكَ مُهجَتي
وَما كُنتُ أَدري أَنَّ مالِكَ مُهجَتي / يُسَمّى بِمَظلومٍ وَظُلمٌ جَفاؤه
إِلى أَن دَعاني لِلهَوى فَأَجَبته / وَمَن يَكُ مَظلوماً أُجيبَ دُعاؤه
وَمالَكَ وَالإتعابَ نَفساً شَريفَةً
وَمالَكَ وَالإتعابَ نَفساً شَريفَةً / وَتَكليفَها في الدَهر ما لَيسَ يَعذُبُ
أَرِحها فَعن قُرب تلاقي حِمامَها / فَتَنعمُ في دارِ البَقا أَو تُعذَّبُ