القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : أبو حَيّان الأندَلـُسي الكل
المجموع : 149
وَيَركَبُ أَقوامٌ مَطايا نَفيسةً
وَيَركَبُ أَقوامٌ مَطايا نَفيسةً / وَنَحنُ مَطايانا أَخامِصُ أَقدامِ
وَيلبس أَقوام حَريراً لزينةٍ / وَمَلبوسُنا ما شانَ مِن وَبرِ أَنعامِ
وَيَشرَبُ أَقوامٌ رَحيقاً بِأَكؤسٍ / وَمَشروبُنا ماءٌ بإشفافِ خَتّامِ
وَيَأكُلُ أَقوام شواءً وَجَردَقاً / وَمَأكولُنا خُبزٌ مَشوبٌ بآلامِ
وَيَلتذُّ أَقوامٌ بِأبناءِ يافِثٍ / وسامٍ وَموطوآتُنا مِن بَني حامِ
يَقضُونَ مِن دُنياهُمُ شَهواتِهِم / وَنَحنُ لَهُم في الدَهرِ أَطوَعُ خُدامِ
إِذا جاءَهُم مِنّا فَقيرٌ لحاجَةٍ / لَوَوا جيدَهم زَهواً وَنَخوةَ إِعظامِ
وَما اللَهُ عَمّا يَعملون بِغافلٍ / وَلَكنما يملي زِيادَةَ آثامِ
كَذَلِكَ تَأتيهم بَلايا عَظيمَةٌ / مِن الحَبسِ وَالتَعذيبِ وَالضَربِ وِالسامِ
غَدوا عِبرةً يَرثي لَهُم كُلُّ شامِتٍ / بِهِم وَكَذا الملتذ يَشقى بإِجرامِ
لَقَد عجِبُوا مِن لُؤلُؤٍ مُتَناثِرٍ
لَقَد عجِبُوا مِن لُؤلُؤٍ مُتَناثِرٍ / مِن الكَلِمِ الأَعلى فُرادى وَتَوأَمِ
وَما بِعَجيبٍ لُؤلؤٌ كانَ قَد مَلا / بِهِ مَسمَعي شَيخي تَناثَرَ مِن فَمِ
وَبَينَ فَمِ الإِنسانِ وَالسَمعِ نِسبَةٌ / أَلم تَرَ أَنَّ السَمعَ بابُ التَكَلُّمِ
خُلِقنا لأَمرٍ لَو عَلِمنا حَقيقةً
خُلِقنا لأَمرٍ لَو عَلِمنا حَقيقةً / له ما أَحبَّ المرءُ لَيلى وَلا لُبنى
وَلكن جَهِلنا فاستراحَت نُفُوسُنا / وما تلكَ إِلا راحةٌ تَعقبُ الحُزنا
سَرى مِن نَسيمِ الأُنسِ ما عَطَّر الكَونا
سَرى مِن نَسيمِ الأُنسِ ما عَطَّر الكَونا / فَبُحتُ بِسرٍّ طالَ كَتمي لَهُ صَونا
وَما نَظَرت عَيني إِلى غير واحدٍ / تَصرَّف في كُلٍّ فَلونٌ يرى لَونا
وَما أَدرَكَ الأَشياءَ غَير منطّقٍ / أخي لُطُفٍ يَمشي عَلى أَرضِهِ هَونا
فَكَم بَينَ ذي علمٍ وَآخرَ جاهِلٍ / وَكَم بَينَ ذي نورٍ وَعادِمِهِ بَونا
هِيَ النَفسُ يَجلُوها فَتَبدو حَقائِقٌ / بِها وَصَداها الجون يُظهرهُ جَونا
بروحي حَبيبٌ نَعَّمَ اللَهُ بالَه
بروحي حَبيبٌ نَعَّمَ اللَهُ بالَه / وَلا زالَ في أَمنٍ مَدى الدَهرِ جَذلانا
تملَّكني مِنهُ بِسحرِ جُفُونِهِ / فَصِرتُ أخيذاً لا أَرى عَنهُ سُلوانا
غزالٌ لَهُ مَرعىً خَصيبٌ بِمُهجتي / وَسَلسالُ دَمعي يَغتَدي مِنهُ رَيّانا
وَلما رَآني ذُبتُ مِنهُ صَبابَةً / وَذُقتُ مَراراتِ المَحبةِ أَلوانا
تَعجَّبَ من صَبري عَلى مُرِّ هَجرِهِ / فَأَهدى ليَ الحلواءَ لُطفاً وَإِحسانا
توهَّمَ أَن أَشفى بِها فَإِذا بِها / يَزيدُ ضنىً جسمي وَقَلبي نِيرانا
وَأَيُّ شفاءٍ لا يُرى شفَّهُ الهَوى / سِنينَ لَهُ تِسعاً يُكابِر أَشجانا
أَيا مَهديَ الحَلواءِ في فيكَ شبهُها / بَل احلى بِهِ لَو شِئتَ أَرويتَ ظَمآنا
وَيا مالِكاً رِقّي أَما لَكَ رِقَّة / عَلى عاشقٍ يَهواك سِراً وَإِعلانا
وَكُنتُ أَرى أَنَّ التَهاجُرَ يَنقَضي / إِذا الحسنُ يَكسو وَردَ خَدَّيكَ رَيحانا
وَقَد زِدتَ في تِيهٍ وَعُجبٍ وَنَخوَةٍ / أَخاً لَكَ ما الفردوس خاتلت رِضوانا
فَجئتَ إِلى الدُنيا فَريداً فَلا تَرى / بِها عاشِقاً إِلا بِحُبِّكَ مَلآنا
أَرى شِيَمَ الناسِ الأَذى وَأَشدُّهُم
أَرى شِيَمَ الناسِ الأَذى وَأَشدُّهُم / أَذىً جاهِلٌ أَوليتَه مِنكَ إِحسانا
يجيئُكَ عيرٌ مِنهُم فَتسوسُهُ / إِلى أَن غَدا في الناسِ يُحسَبُ إِنسانا
فَيَبأى وَيُزهى زاهِداً فيكَ نابِزاً / لِحقِّك يُبدي عَنكَ في العلمِ غُنيانا
وَلَو أنَّه قَد فاقَ في الفَضلِ صحبَهُ / لَما كانَ إِلا العير طَرطرَ آذانا
وَمَن كانَ تلميذاً وَيَزعمُ أَنَّهُ / كَشيخٍ لَهُ فَالجهلُ أَولاه حِرمانا
لَدى الشَيخِ مِن علمٍ زَوايا غَريبةٌ / قَد اكسبَها مُذ عاشَ في العلم أَزمانا
عَجِبتُ لمثلي عِشتُ سَبعين حِجَّةً / أعاني لِسانَ العُربِ جَمعاً وَتِبيانا
فَما صحَّ عِندي غَيرُ أَني مُقصِّرٌ / وَقَد فاتَنا مِنه كثيرٌ وأَعيانا
فَكيفَ بمَن أَضحى سُكُردان صُحفِهِ / يقلِّبُ في ذا ثمَّ ذَلِكَ أَحيانا
يَرى أَنَّهُ قَد صارَ شَيئاً وَلم يَكُن / كَشَيءٍ وَلَكن جَرَّ للجَهلِ أَرسانا
وَأُمٌ وَلودٌ هَذه الأَرضُ لا يُرى / بِها مُدَّعٍ إِلا وَيُفضَحُ خُذلانا
سَكِرتُ وَلَكن مِنكَ بِالمقلةِ النَشوى
سَكِرتُ وَلَكن مِنكَ بِالمقلةِ النَشوى / فَقَلبي لا يَختارُ عَن سُكرِهِ صَحوا
وَلذَّ ليَ الوَجدُ المُبَرِّحُ في الَّتي / أَمرَّ بِها عَيشي وَقَد كانَ لي حُلوا
وَقَد مَلأَت كُلّي بِبَعضِ جَمالِها / فَما لِسواها فيَّ مِن مَوضِعٍ خُلوا
وَعُلِّقتُها سَمراءَ أَمّا قَوامُها / فَللسُمرِ وَالأَلحاظِ للشادِنِ الأَحوى
تَفوقُ سَنىً شَمسَ الضُحى وَهِلالها / وَلِم لا وَلم تَخشَ كُسوفاً وَلا محوا
تُغازِلُني مِنها جُفونٌ نَواعِسٌ / يُؤثّرنَ في أَجفانِيَ السُهد وَالشَجوا
عَجِبتُ لَها إِذ نَلتَقي لا تَكَلُّمٌ / يَكونُ وَتَدري ما يرادُ مِن الفَحوى
وَتُعرِبُ عَما قَد أَكَنَّت نُفوسُنا / بِلَحنٍ وَلَم تَقرَأ كِتاباً وَلا نَحوا
تَرى مُقلةَ المَحبوبِ تَقرَأُ أَطرُفاً / مِن الحُبِّ قَد لاحَت بِصَفحَةِ مَن يَهوى
يُناجي ضَميري بِالمُرادِ ضَميرَها / فَيا لُطفَ مَعنىً انتجت تِلكُم النَجوى
وَأَشكو لَها وَجداً قَديماً حَديثُهُ / فَتُصغِي وَلَكن لا تُزيلُ لَنا الشَكوى
مِن التُركِ لَم تَرتَع بِأَكنافِ حاجِرٍ / وَرَضوى وَلم تَرتَع بِنَجدٍ وَلا حُزوى
وَلَكن إِلى خاقانَ يُعزى نِجادُها / وَفي مِصرَ مَرباها وَفيها لَها مَثوى
أَلَخصاءَ طَرفٍ هَل لِقَلبي مخلَصٌ / إِلى وَجنَةٍ أَضحَت لَنا جَنَّةَ المَأوى
لَئِن مُنِعَت مِنّا زَماناً فَطالَما / لَنا مُنِحَت نَجني بِها كُلَّ ما نَهوى
وَنَرشِفُ مِن تلكَ الثَنايا مُدامَة / وَنلثِمُ من غَضِّ الجَنى لَعَساً حُوّا
سَرى الجَوهرُ العُلويُّ للعالمِ العُلوِي
سَرى الجَوهرُ العُلويُّ للعالمِ العُلوِي / وَأُسكِنَ بَطنَ الأَرض مَستودَعَ السّلوِ
وَعُطِّلَ بَيتُ العِلمِ وَالدينِ وَالحِجا / مِن الذكرِ وَالقُرآنِ وَالفقهِ وَالنَحوِ
وَقَد كانَ مَعموراً بِسُنَّةِ أَحمَدٍ / فَها هُوَ ذا مِن بَعدِ أُنسٍ بِها مُقوي
وَكانَت نُضارٌ فيهِ شَمساً منيرةً / فَعوجِلَ ذاكَ النُورُ بِالكَسفِ وَالمَحوِ
فَتاةٌ كَأنَّ الحسنَ خُيِّرَ أينَ مَن / يَحِلُّ بِها فاختارَها طالبُ البَأوِ
جَرى الناس شَأواً للمعالي وَقَصَّروا / وَجاءَت نُضارٌ فيهِ سابِقَة الشَأوِ
وَما لنضارٍ في البَناتِ نَظيرةٌ / لَفاقَت بَناتَ الناسِ في الحَضرِ وَالبَدوِ
سَلامٌ عَلى ذاكَ الشَبابِ الَّذي لَها / تَرَدّى رِداءَ العلمِ وَالدينِ وَالسّروِ
سَلامٌ عَلى فَخرِ البَناتِ الَّتي غَدَت / لداتٌ لَها تزهى بِها أَيَّما زَهوِ
يُعَظِّمنَها إِمّا حَلَلنَ بِمُنتَدىً / فَيجلِسنَ سُفلاً وَهيَ تَجلِس في البَهوِ
يُقَبِّلنَ مِنها الردنَ عِظماً لِشأنِها / فَتُلقي لَهُنَّ الدُرَّ مِن مَنطِقٍ حُلوِ
أَبَعدَ نُضارٍ أَبتَغي صَفوَ عِيشَةٍ / وَقَد كُدِّرَت يا بُعدَ عَيشي مِن الصَفوِ
لَقَد أَشرَبَت قَلبي وَطَرفي وَمَسمَعي / وَما ليَ مِن فكرٍ وَما ليَ مِن عُضوِ
وَإِنّي مَعمورُ الزَمانِ بِشَخصِها / يمثل لي في الأَمسِ وَاليَومِ وَالغدوِ
وَعاهدتُ أَنّي لا أَزالُ إِزاءَها / مُقيماً كَئيباً دائمَ الشَوقِ وَالشَجوِ
إِلى أَن تُوافيني شَعوبُ فَنَرتَقي / مِن الوَهدَةِ السُفلى إِلى العالمِ العُلوي
لَئِن كانَ غَيري قَد سَها عَن حَبيبِهِ / فَما أَنا يَوماً عَن نُضارَ بذي سَهوِ
وَإِن كانَ سَكرانٌ مِن الحُبِّ قَد صَحا / فَإِنّي سَكرانٌ وَما لي مِن صَحوِ
سَقى رَوضَةً حَلَّت نُضارُ قَرارَها / مُغِبّ مِن الغُرِّ الغَوادِي بِلا صَحوِ
وَلا زالَ رَيحانٌ يُظِلُّ ضَريحَها / فَما رَوضَةٌ تَحوي كمثلِ الَّذي تَحوِي
أَيا مانِحي الحَلواءَ جُوداً وَمانِعي
أَيا مانِحي الحَلواءَ جُوداً وَمانِعي / عَلى بُخلٍ أَحلى وَأَشهى مِن الحَلوى
رُضابٌ حَكَتهُ الراحُ طَعماً وَنكهَةً / وَإِن لَم تَذُقهُ الروحُ راحَت بِهِ نَشوى
وَإِنّي وَلَو ذاقَتهُ دامَ اِنتِشاؤُها / إِلى الأَجَلِ المَحتومِ لا تَبتَغي صَحوا
وَقَد كُنتُ أَسلو لَو يَمُنُّ بِرَشفَةٍ / فَلا هُوَ ذُو مَنٍّ وَلا أَنا ذُو سَلوى
بِروحي مُكارٍ ما جَفا جَفني الكَرى
بِروحي مُكارٍ ما جَفا جَفني الكَرى / وَلا ضَلَّ عَقلي في هَواه وَلا وَعي
هُوَ الظَبي في جِيدٍ وَعَينٍ وَنَفرَةٍ / وَإِن لا يَكُنهُ فَهوَ حَقاً أَخُو الظَبي
أَلَم تَرَ أَنَّ الظَبيَ يَنفِرُ ساعِياً / وَهَذا حَبيبي في نفارٍ وَفي سَعيي
حَكى الشَمسَ في التَسيارِ وَالبَدرَ في السُرى / فَبِاليَومِ في سَيرٍ وَبِاللَيلِ في سَري
وَفاتَهُما عَقلاً وَنُطقاً وَصُورَةً / وَلَيسَ جَمادٌ في الفَضائِلِ كَالحَيِّ
وَعابُوه بِالخلقان وَهيَ الَّتي غَدَت / عَلى جِسمِهِ الفضيِّ أَبهى مِن الحَلي
كَتَمتُ الهَوى عَنهُ فَكانَ مُطاوِعي / وَما مِن خلافٍ مِنهُ في الأَمرِ وَالنَهي
أَشاهدُ مِنهُ صورَةً مَلَكِيَّةً / تَنَزَّلُ مِنها سورَةُ الحُبِّ لا الوَحي
وأُبصِرُ مِنهُ البَدرَ في الأَرضِ ماشياً / وَمَن ذا الَّذي يَستخدِمُ البَدرَ بِالمَشي
نَتائِجُ هَذا كُلِّه الكَتمُ للهَوى / وَكَتمُ الهَوى مِن عادةِ الحازِمِ الرَأي
وَكُنت امرَأً أَهوى الجَمالَ وَلَم أَشُب / ودادِيَ يَوماً بِاتِّباعيَ لِلغِيِّ
إِذا كانَ للإِنسانِ عِندَكَ حاجَةٌ
إِذا كانَ للإِنسانِ عِندَكَ حاجَةٌ / أَتى رائِحاً فيها إِلَيكَ وَغاديا
فَإِن تَقضِها يَوماً فَلَيسَ مُسَلِّماً / عَليكَ وَيَهوى أَن يَرى لَكَ ناعيا
إِذا ما شَرِبتُ الراحَ يا صاحِ فاتَني
إِذا ما شَرِبتُ الراحَ يا صاحِ فاتَني / لأَرشِفَ مِن ذاكَ الرُضابِ بَقاياها
فَإِن فاتَني رَشفُ المُدامِ فَإِنَّني / سأقنَعُ مِنها بِانتِشاقِيَ رَيّاها
هِيَ الوَجنَةُ الحَمراءُ وَالشَفَةُ اللَميا
هِيَ الوَجنَةُ الحَمراءُ وَالشَفَةُ اللَميا / لَقَد تَرَكاني في الهَوى مَيِّتاً حَيّا
هُما أَلبَسا جسمي سَقاماً وَأَورَثا / فُؤادي غَراماً حِملُهُ الصَبَّ قَد أَعيا
فَمِن مُهجَتي نارٌ وَمِن مُقلَتي حَيا / مَتى اِشتعلَت هَذي تَزيد ذا جريا
وَبي مَن إِذا ناجَيته ذُبتُ هَيبَةً / وَجانَبتُهُ جَهراً وَهمتُ بِهِ خِفيا
مَليحٌ إِذا ما لاحَ أَبهتَ من رَنا / فَأَردى الَّذي أَنأى وَأَحيا الَّذي حيّا
عَليمٌ بنِيّاتِ النُفوسِ وَما حَوَت / كَأَنَّ لَهُ مِن نَحوِ أَسرارِها وَحيا
تَجَمَّعَت الأَضدادُ فيهِ مَحاسِناً / فَعبستُهُ مَوتٌ وَبَسمَتُه مَحيا
وَغُرَّتُهُ بَدرٌ وَطُرَّتُهُ دُجىً / وَأَعطافُه ظَمأى وَأَردافُه رَيّا
أَعارَ اِعتِدالاً كُلَّ غُصنٍ كَمثلِ ما / أَعارَ السَنى وَالناضِرَ الشَمسَ وَالظَبيا
وَأَخجلَ نورَ الشَمسِ لَما تَقابَلا / فَحُمرتُهُ إِذ غابَ من فَرط ما اِستَحيا
عَجِبتُ لِخالٍ حَلَّ في وَسطِ أَنفِهِ / وَعَهدي بِهِ وَسطَ الخُدودِ يرى وَشيا
وَلَكنَّما خَدّاهُ فيهِ تَغايَرا / هَوىً فَاِبتَغى مِن وَجهِهِ أَوسَطَ الأَشيا
وَحُسنُ الفَتى في الأَنف وَالأَنفُ عاطِلٌ / فَكَيفَ إِذا ما الخالُ كانَ لَهُ طَيا
أَيا باخِلا حَتّى بِتَقبيلِ كَفِّهِ / عَلى مَن سَخا حَتّى بِحوباه في الدُنيا
أَلَم تَدرِ أَنّي طوعُ حُسنِكَ دائِماً / وَقَلبيَ لا يَعصِيك أَمراً وَلا نَهيا
عِداتي لَهُم فَضلٌ عَليَّ وَمِنَّةٌ
عِداتي لَهُم فَضلٌ عَليَّ وَمِنَّةٌ / فَلا أَذهبَ الرَحمنُ عَنّي الأَعاديا
همُ بَحَثوا عَن زلَّتي فَاجتَنَبتُها / وَهُم نافَسُوني فَاكتَسَبت المَعاليا
أَما أَنَّهُ لَولا ثَلاثٌ أُحِبُّها
أَما أَنَّهُ لَولا ثَلاثٌ أُحِبُّها / تَمَنَّيتُ أَني لا أُعَدُّ مِن الأَحيا
فَمِنها رَجائي أَن أَفوزَ بِتَوبَةٍ / تُكَفِّرُ لي ذَنباً وَتُنجِحُ لي سَعيا
وَمِنهُنَّ صَوني النَفسَ عَن كُلِّ جاهِل / لَئيم فَلا أَمشِي إِلى بابِهِ مَشيا
وَمِنهُنَّ أَخذي بِالحَديثِ إِذا الوَرى / نَسُوا سُنَّةَ المُختارِ وَاتَّبعوا الرَأيا
أَتَترك نَصّاً لِلرَسولِ وَتَقتدي / بِشَخصٍ لَقَد بَدَّلتَ بِالرَشدِ الغِيّا
أَذاتَ اللثامِ الحَمِّ وَالشَفَةِ اللَميا
أَذاتَ اللثامِ الحَمِّ وَالشَفَةِ اللَميا / بعادُكِ لي مَوتٌ وَقُربُكِ لي مَحيا
سكَنتِ فُؤاداً لَم يَزَل مِنكِ خافِقاً / وَصيَّرتِ حُلوَ العَيشِ يا مُنيتي شَريا
بِرُوحِي الَّتي زارَت بِليلٍ وَأَقبَلَت / تَجُرُّ عَلى آثارِها العُصبَ وَالوَشيا
هَداها سَناها نَحوَ طاوٍ ضُلوعَهُ / عَلى سَلوَةٍ ماتَت وَوَجد بِها حَيّا
تحلَّت بدُرٍّ فَوقَ لَبّاتِ نَحرِها / فَكانَ لِذاكَ الدُرِّ لَباتُها حليا
وَمَسَّت بِمِسواكٍ موشَّرَ ثَغرِها / فَذاقَت لَهُ مِسكاً وَمَجَّت بِهِ أَريا
وَأَلقَت بِهِ نَحوي لتُبرد غُلَّتي / بِرَشفِي لَهُ فازدادَ قَلبي بِهِ غَليا
مِن التُركِ ضاقَ العَينُ مِنها لِبُخلِها / وَلَيسَت مِن العِينِ الَّتي تُشبِهُ الظَبيا
سُمَيراءُ حاكى طائر السُمر قَدُّها / حَكاهُ وَلَكن أينَ أَردافُه الرَيّا
أَبى الدَمعُ إِلا نَشرَ حُبّي وَإِن غَدا / فُؤادي طَواه عَن جَميع الوَرى طَيّا
وَأَغيدَ مِن أَبناءِ خاقانَ قَد بَدا
وَأَغيدَ مِن أَبناءِ خاقانَ قَد بَدا / لَهُ وَجنَةٌ يَجلو سَناها الدَياجِيا
تعلَّم مِن عِينِ الظِباءِ نِفارَها / يَمرُّ وَيَأتي لاعِباً مثلَ ماهِيا
وَمَرَّ بِنا يَعدُو وَراءَ إِوَزّةٍ / وَقَد ذعِرَت مِنهُ كَذُعرِ فُؤادِيا
عَجِبتُ لهَذا الظَبيِ يَكسِرُ طائِراً / وَقَد كَسَرت عَيناه أُسداً ضَوارِيا
أَيَجهلُ هَذا الطَيرُ أَنَّكَ جارِحٌ / أَلم يَرَ أَكبادَ الرِجالِ دَوامِيا
جُنِنت بِها سَوداء لَون وَناظِرٍ
جُنِنت بِها سَوداء لَون وَناظِرٍ / وَيا طالَما كانَ الجُنونُ بِسَوداءِ
وَجَدتُ بِها بَردَ النَعيمِ وَإِن يَكُن / فُؤاديَ مِنها في جَحيمٍ وَلأواءِ
وَشاهَدتُ مَعنى الحُسن فيها مُجَسِّداً / فَاعجب لِمَعنى صارَ جَوهَرَ أَشياءِ
أَطاعنةً مِن قَدِّها بِمثقفٍ / أَصَبتِ وَما أَغنى الفَتى لبسُ حَصداءِ
لَقَد طَعَنت وَالقَلبُ ساهٍ فَما دَرى / أَبالقَدِّ مِنها أَم بِصَعدَةِ سَمراءِ
جُنِنتُ بِها سَوداءَ شعرٍ وَناظِرٍ / وَسَمراءَ لَون تَزدَري كُلَّ بَيضاءِ
وَما كُنتُ أَدري أَنَّ مالِكَ مُهجَتي
وَما كُنتُ أَدري أَنَّ مالِكَ مُهجَتي / يُسَمّى بِمَظلومٍ وَظُلمٌ جَفاؤه
إِلى أَن دَعاني لِلهَوى فَأَجَبته / وَمَن يَكُ مَظلوماً أُجيبَ دُعاؤه
وَمالَكَ وَالإتعابَ نَفساً شَريفَةً
وَمالَكَ وَالإتعابَ نَفساً شَريفَةً / وَتَكليفَها في الدَهر ما لَيسَ يَعذُبُ
أَرِحها فَعن قُرب تلاقي حِمامَها / فَتَنعمُ في دارِ البَقا أَو تُعذَّبُ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025