القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : مَحمود سامِي البارُودِي الكل
المجموع : 123
لَعَمْرُكَ مَا يُدْعَى الْفَتَى بَيْنَ قَوْمِهِ
لَعَمْرُكَ مَا يُدْعَى الْفَتَى بَيْنَ قَوْمِهِ / بِذِي كَرَمٍ حَتَّى يَكُونَ كَرِيمَا
وَلَنْ يَلْبَثَ الْمَرْءُ الضَّنِينُ بِمَالِهِ / إِذَا خَافَ غُرْمَاً أَنْ يُعَدَّ لَئِيمَا
فَلَيْسَ الْفَتَى مَنْ حَازَ مَالاً وَإِنَّمَا / فَتَى الْقَوْمِ مَنْ أَغْنَتْ يَدَاهُ عَدِيمَا
فَمِزْ بَيْنَ مَا تَخْتَارُ فِي الْفِعْلِ وَالْتَمِسْ / لِنَفْسِكَ حَظّاً كَيْ تَكُونَ عَظِيمَا
لَهُ نَظْرَتَا جُودٍ وَبَأْسٍ أَثَارَتَا
لَهُ نَظْرَتَا جُودٍ وَبَأْسٍ أَثَارَتَا / غَمَامَيْنِ سَالا بِالْفَوَاضِلِ وَالدمِ
فَكَمْ أَحْيَتِ الأُولَى لُبَانَةَ مَعْشَرٍ / وَكَمْ أَرْدَتِ الأُخْرَى حُشَاشَةَ مُجْرِمِ
أَلا لا تَلُمْ صبّاً عَلَى طُولِ سُقْمِهِ
أَلا لا تَلُمْ صبّاً عَلَى طُولِ سُقْمِهِ / وَدَعْهُ فَلَيْسَ الأَمْرُ فِيهِ لِحُكْمِهِ
فَلَيْسَ الْهَوَى مِمَّا يُرَدُّ بِحِيلَةٍ / وَلَكِنَّهُ يَثْنِي الْفَتَى دُونَ عَزْمِهِ
وَمَا يَسْتَوِي جَانٍ أَتَى الإِثْمَ طَائِعاً / وَآخَرُ لَمْ يَقْرفْهُ إِلَّا بِرَغْمِهِ
إِذَا مَا أَقَرَّ الْمَرْءُ يَوْمَاً بِذَنْبِهِ / فَمَاذَا الَّذِي تُغْنِي لَجَاجَةُ خَصْمِهِ
مَنَحْتُكَ أَلْقَابَ الْعُلا فَادْعُنِي بِاسْمِي
مَنَحْتُكَ أَلْقَابَ الْعُلا فَادْعُنِي بِاسْمِي / فَمَا تَخْفِضُ الأَلْقَابُ حُرّاً وَلا تُسْمِي
إِذَا كَانَ عُقْبَانُ الْجَدِيدِ إِلَى بِلَىً / فَلا فَرْقَ مَا بَيْنَ الْحَدِيثِ وَلا الرَّسْمِ
تَأَمَّلْ إِلَى الدُّنْيَا بِعَيْنٍ بَصِيرَةٍ / لَعَلَّكَ تَرْضَى بِالْقَلِيلِ مِنَ الْقَسْمِ
فَمَا الْعَيْشُ إِلَّا خَطْرَةٌ عَرَضِيَّةٌ / تَزُولُ كَمَا زَالَ الْحَثِيثُ مِنَ النَّسْمِ
وَهَلْ نَحْنُ إِلَّا مِثْلُ مَنْ كَانَ قَبْلَنَا / فَسَلْ عَنْ جَدِيسٍ أَيْنَ وَلَّتْ وَعَنْ طَسْمِ
تَزَوَّدْ مِنَ الدُّنْيَا بِمَا فِيهِ بُلْغَةٌ / فَسَوْفَ تُعَانِي الْجَدْبَ يَا رَاعِيَ الْوَسْمِي
لَعَمْرِي لَنِعْمَ الْمَرْءُ مَنْ بَاتَ رَاضِياً / بِمَا خَصَّهُ مِنْ فَيْضِهِ سَابِقُ الرَّسْمِ
تَفَلْسَفَ قَوْمٌ فِي الْمَقَالِ وَمَا دَرَوْا / جَرِيرَةَ مَا أَبْقَوا عَلَى الدَّهْرِ مِنْ وَسْمِ
وَلَوْ رَاجَعُوا هَذِي النُّفُوسَ لَعَالَجُوا / بِتَرْكِ الْخَطَايَا مُعْضِلَ الدَّاءِ بِالْحَسْمِ
فَدَعْ هَذِهِ الدُّنْيَا وَإِنْ هِيَ أَقْبَلَتْ / عَلَيْكَ بِإِيمَاضِ الْبَشَاشَةِ وَالْبَسْمِ
فَلَوْ جَرَّبَ الإِنْسَانُ أَخْلاقَ دَهْرِهِ / لأَمْسَكَ بِالْيَأْسِ الْمُرِيحِ عَنِ الْعسْمِ
فَمَنْ لِي بِرَأْيٍ صَادِقٍ أَقْتَفِي بِهِ / مَدَارِجَ قَوْمٍ أَدْرَكُوا الأَمْرَ بِالْقَسْمِ
بَرَتْنِي تَبَارِيحُ الْحَيَاةِ فَلَمْ تَدَعْ / لَدَيَّ سِوَى رُوحٍ تَرَدَّدَ فِي جِسْمِ
يَقُولُونَ مَحْمُودٌ وَيَا لَيْتَ أَنَّنِي / كَمَا زَعَمُوا أَوْلَيْتَ لِي طَائِعاً كَاسْمِي
مَتَى يَنْقَضِي عُمْرُ الْحَيَاةِ فَتَنْقَضِي
مَتَى يَنْقَضِي عُمْرُ الْحَيَاةِ فَتَنْقَضِي / مَآرِبُ كَانَتْ عِلّةً لِلْمَظَالِمِ
تَسَاوَتْ نُفُوسُ الْخَلْقِ فِي الشَّرِّ فَاسْتَعِذْ / بِرَبِّ الْبَرَايَا مِنْ جَهُولٍ وَعَالِمِ
وَلَوْ عَرَفُوا مَا أَنْكَرُوهُ لأَيْقَنُوا / بِأَنَّ نَعِيمَ الدَّهْرِ خُدْعَةُ حَالِمِ
تَأَمَّلْ رُويْداً يَا بْنَ وُدِّي هَلْ تَرَى / عَلَى صَفَحَاتِ الأَرْضِ غَيْرَ مَعَالِمِ
يَظُنُّ عَلِيلُ الْقَوْمِ فِي الطِّبِّ بُرْأَهُ / وَلَمْ يَدْرِ أَنَّ الطَّبَّ لَيْسَ بِسَالِمِ
فَطِرْ لِلسُّهَا أَوْ فَاتَّخِذْ لَكَ سُلَّمَاً / لِتَرْقَى إِلَى أَبْرَاجِهِ بِالسَّلالِمِ
وَكَيْفَ تَنَالُ النَّفْسُ فِي الدَّهْرِ عِيشَةً / تَلَذُّ بِهَا وَالدَّهْرُ غَيْرُ مُسَالِمِ
خَلِيلَيَّ مَا فِي الدَّهْرِ أَطْوَلُ حَسْرَةً
خَلِيلَيَّ مَا فِي الدَّهْرِ أَطْوَلُ حَسْرَةً / مِنَ الْمَرْءِ يَلْقَى فُرْصَةً فَيَخِيمُ
وَإِنَّ امْرَءاً يَلْقَى فَوَاضِلَ نِعْمَةٍ / بِأَرْضٍ وَيَنْوِي غَيْرَهَا لَمُلِيمُ
أَخُو الْعِلْمِ فِي الدُّنْيَا لِذِي الْجَهْلِ مُحْوَجٌ
أَخُو الْعِلْمِ فِي الدُّنْيَا لِذِي الْجَهْلِ مُحْوَجٌ / وَكُلٌّ لَهُ عِنْدَ الْقِيَاسِ مَعَالِمُ
فَلَوْلا وُجُودُ الْعِلْمِ مَا عَاشَ جَاهِلٌ / وَلَوْلا وُجُودُ الْجَهْلِ مَا عَاشَ عَالِمُ
إِذَا مَا كَتَمْتُ الْحُبَّ كَانَ شَرَارَةً
إِذَا مَا كَتَمْتُ الْحُبَّ كَانَ شَرَارَةً / وَإِنْ بُحْتُ بِالْكِتْمَانِ كَانَ مَلامَا
فَكَيْفَ احْتِيَالِي بَيْنَ أَمْرَيْنِ أَشْكَلا / عَلَيَّ فَصَارَا شِقْوَةً وَغَرَامَا
بِأَيِّ غَزَالٍ فِي الْخُدُورِ تَهِيمُ
بِأَيِّ غَزَالٍ فِي الْخُدُورِ تَهِيمُ / وَغِزْلانُ نَجْدٍ مَا لَهُنَّ حَمِيمُ
يَقُدْنَ زِمَامَ النَّفْسِ وَهْيَ أَبِيَّةٌ / وَيَخْدَعْنَ لُبَّ الْمَرْءِ وَهْوَ حَكِيمُ
فَإِيَّاكَ أَنْ تَغْشَى الدِّيَارَ مُخَاطِرَاً / فَدُونَ حِمَاهَا لِلأُسُودِ نَئِيمُ
فَوَارِسُ لا يَعْصُونَ أَمْرَ حَمِيَّةٍ / وَلا يَرْهَبُونَ الْخَطْبَ وَهْوَ عَظِيمُ
يَصُونُونَ فِي حُجْبِ الأَكِلَّةِ ظَبْيَةً / لَهَا نَسَبٌ بَيْنَ الْحِسَانِ صَمِيمُ
مِنَ الْهِيفِ أَمَّا نَعْتُ مَا فِي إِزَارِهَا / فَرَابٍ وَأَمَّا خَصْرُهَا فَهَضِيمُ
أَنَاةٌ بَرَاهَا اللَّهُ فِي الْحُسْنِ آيَةً / يَدِينُ إِلَيْهَا جَاهِلٌ وَحَلِيمُ
يَمِيلُ بِهَا سُكْرُ الشَّبَابِ إِذَا مَشَتْ / كَمَا مَالَ بِالْغُصْنِ الرَّوِيِّ نَسِيمُ
لَعَمْرُكَ مَا أَدْرِي أَدُمْيَةُ بِيعَةٍ / تَرَدَّدَ فِيهَا الْحُسْنُ أَمْ هِيَ رِيمُ
يَلُومُونَنِي أَنْ هِمْتُ وَجْداً بِحُسْنِهَا / وَأَيُّ امْرِئٍ بِالْحُسْنِ لَيْسَ يَهِيمُ
وَهَلْ يَغْلِبُ الْمَرْءُ الْهَوَى وَهْوَ غَالِبٌ / وَيُخْفِي شَكَاةَ الْقَلْبِ وَهْوَ كَلِيمُ
فَإِنْ أَكُ مَحْسُورَاً بِهَا فَلَرُبَّمَا / مَلَكْتُ عِنَانَ الْقَلْبِ وَهْوَ كَظِيمُ
وَكَابَدْتُ فِيهَا مَا لَوِ انْقَضَّ بَعْضُهُ / عَلَى جَبَلٍ لانْهَالَ مِنْهُ قَوِيمُ
فَيَا رَبَّةَ الْبَيْتِ الْمَنِيعِ جِوَارُهُ / أَمَا مِنْ مُسَامٍ عِنْدَكُمْ فَأُسِيمُ
بَخِلْتِ عَلَيْنَا بِالسَّلامِ ضَنَانَةً / وَجَدُّكِ مَطْرُوقُ الْفِنَاءِ كَرِيمُ
فَكَيْفَ تَلُومِينِي عَلَى مَا أَصَابَنِي / مِنَ الْحُبِّ يَا لَيْلَى وَأَنْتِ غَرِيمُ
وَقَدْ عِشْتُ دَهْرَاً لا أَدِينُ لِظَالِمٍ / وَلَمْ يَحْتَكِمْ يَوْماً عَلَيَّ زَعِيمُ
فَأَنْتِ الَّتِي مَرَّهْتِ عَيْنِيَ بِالْبُكَا / وَأَسْقَمْتِ هَذَا الْقَلْبَ وَهْوَ سَلِيمُ
تَنَامِينَ عَنْ لَيْلِي وَعَيْنِي قَرِيحَةٌ / وَتُشْجِينَ قَلْبِي وَهْوَ فِيكِ مُلِيمُ
مَنَحْتُكِ نَفْسِي وَهْيَ نَفْسٌ عَزِيزَةٌ / عَلَيَّ وَمَا لِي مِنْ هَوَاكِ قَسِيمُ
فَإِنْ يَكُ جِسْمِي عَنْ فِنَائِكِ رَاحِلٌ / فَإِنَّ هَوَى قَلْبِي عَلَيْكِ مُقِيمُ
شَكَوْتُ إِلَى مَنْ لَيْسَ يَرْحَمُ بَاكِياً / وَمَا كُلُّ مَنْ يُشْكَى إِلَيْهِ رَحِيمُ
فَحَتَّامَ أَلْقَى فِي الْهَوَى مَا يَسُوؤُنِي / وَأَحْمِل عِبْءَ الصَّبْرِ وَهْوَ عَظِيمُ
وَإِنِّي لَحُرٌّ بَيْنَ قَوْمِي وَإِنَّمَا / تَعَبَّدَنِي حُلْوُ الدَّلالِ رَخِيمُ
وَإِنِّي وَإِنْ كُنْتُ الْمُسَالِمَ فِي الْهَوَى / لَذُو تُدْرَإ فِي النَّائِبَاتِ خَصِيمُ
أَفُلُّ شَبَاةَ الْخَصْمِ وَهْوَ مُنَازِلٌ / وَأَرْهَبُ كَرَّ الطَّرْفِ وَهْوَ سَقِيمُ
أَلا قَاتَلَ اللَّهُ الْهَوَى مَا أَلَذَّهُ / عَلَى أَنَّهُ مُرُّ الْمَذَاقِ أَلِيمُ
طَوَيْتُ لَهُ نَفْسِي عَلَى مَا يَسُوؤُهَا / وَأَصْبَحْتُ لا يَلْوِي عَلَيَّ حَمِيمُ
فَمَنْ لِي بِقَلْبٍ غَيْرِ هَذَا فَإِنَّنِي / بِهِ عِنْدَ رَوْعَاتِ الْفِرَاقِ عَلِيمُ
كَأَنِّي أُدَارِي مِنْهُ بَيْنَ جَوَانِحِي / لَظَىً حَرُّهَا يَكْوِي الْحَشَا وَيَضِيمُ
بَلَوْتُ لَهُ طَعْمَيْنِ أَمَّا مَذَاقُهُ / فَعَذْبٌ وَأَمَّا سُؤْرُهُ فَوَخِيمُ
وَجَرَّبْتُ إِخْوَانَ الصَّفَاءِ فَلَمْ أَجِدْ / صَدِيقاً لَهُ فِي الطَّيِّبَاتِ قَسِيمُ
لَهُمْ نَزَوَاتٌ بَيْنَهُنَّ تَفَاوُتٌ / وَعَنٌّ عَلَى طُولِ اللِّقَاءِ ذَمِيمُ
بِمَنْ يَثِقُ الإِنْسَانُ وَالْغَدْرُ شِيمَةٌ / لِكُلِّ ابْنِ أُنْثَى وَالْوَفَاءُ عَقِيمُ
فَلا تَعْتَمِدْ إِلَّا عَلَى اللَّهِ فِي الَّذِي / تَوَدُّ مِنَ الْحَاجَاتِ فَهْوَ رَحِيمُ
وَلا تَبْتَئِسْ مِنْ مِحْنَةٍ سَاقَهَا الْقَضَا / إِلَيْكَ فَكَمْ بُؤْسٍ تَلاهُ نَعِيمُ
فَقَدْ تُورِقُ الأَشْجَارُ بَعْدَ ذُبُولِهَا / وَيَخْضَرُّ سَاقُ النَّبْتِ وَهْوَ هَشِيمُ
إِذَا مَا أَرَادَ اللَّهُ إِتْمَامَ حَاجَةٍ / أَتَتْكَ عَلَى وَشْكٍ وَأَنْتَ مُقِيمُ
سُكُوتِي إِذَا دَامَ الْحَدِيثُ كَلامُ
سُكُوتِي إِذَا دَامَ الْحَدِيثُ كَلامُ / وَتَقْلِيبُ عَيْنِي فِي الْوُجُوهِ مَلامُ
وَصَبْرِي عَلَى الأَيَّامِ لا مِنْ مَذَلَّةٍ / وَلَكِنْ يَدٌ مَغْلُولَةٌ وَحُسَامُ
أُلامُ عَلَى أَنِّي صَبَرْتُ وَهَلْ فَتَىً / عَلَى الصَّبْرِ إِنْ قَلَّ الْمُعِينُ يُلامُ
دَعِ الْهَزْلَ وَاحْذَرْ تُرَّهَاتِ الْمُنَادَمَهْ
دَعِ الْهَزْلَ وَاحْذَرْ تُرَّهَاتِ الْمُنَادَمَهْ / فَكَمْ مِنْ غَوِيٍّ قَدْ أَسَالَ الْمُنَى دَمَهْ
فَمَهْ لا تَفُهْ بِالْقَوْلِ قَبْلَ انْتِقَادِهِ / فَرُبَّ كَلامٍ فَضَّ مِنْ قَائِلٍ فَمَهْ
حَنَى الشَّيْبُ عُودِي فَاسْتَقَامَتْ رَوِيَّتِي
حَنَى الشَّيْبُ عُودِي فَاسْتَقَامَتْ رَوِيَّتِي / وَلَوْلا انْحِنَاءُ الْقَوْسِ مَا صَرَّدَ السَّهْمُ
أَلَمْ يَأْنِ أَنْ يَرْضَى عَنِ الدَّهْرِ مُغْرَمُ
أَلَمْ يَأْنِ أَنْ يَرْضَى عَنِ الدَّهْرِ مُغْرَمُ / أَمِ الْعُمْرُ يَفْنَى وَالْمَآرِبُ تُعْدَمُ
أُحَاوِلُ وَصْلاً مِنْ حَبِيبٍ مُمَنَّعٍ / وَبَعْضُ أَمَانِي النَّفْسِ غَيْبٌ مُرَجَّمُ
وَمَا كُلُّ مَنْ رَامَ الْعَظَائِمَ نَالَهَا / وَلا كُلُّ مَنْ خَاضَ الْكَرِيهَةَ يَغْنَمُ
يَسُرُّ الْفَتَى مِنْ عِشْقِهِ مَا يَسُوؤُهُ / وَفِي الرَّاحِ لَهْوٌ لِلنُّفُوسِ وَمَغْرَمُ
وَلَوْ كَانَ لِلإِنْسَانِ عِلْمٌ يَدُلُّهُ / عَلَى خَافِيَاتِ الْغَيْبِ مَا كَانَ يَنْدَمُ
كَتَمْتُ الْهَوَى خَوْفَ الْوُشَاةِ فَلَمْ يَزَلْ / بِيَ الدَّمْعُ حَتَّى بَانَ مَا كُنْتُ أَكْتُمُ
وَكَيْفَ أُدَارِي النَّفْسَ وَهْيَ مَشُوقَةٌ / وَأَحْلُمُ عَنْهَا وَالْهَوَى لَيْسَ يَحْلُمُ
وَتَحْتَ جَنَاحِ اللَّيْلِ مِنِّي ابْنُ لَوْعَةٍ / يَرِقُّ إِلَيْهِ الطَّائِرُ الْمُتَرَنِّمُ
إِذَا مَدَّ مِنْ أَنْفَاسِهِ لاحَ بَارِقٌ / وَإِنْ حَلَّ مِنْ أَجْفَانِهِ فَاضَ خِضْرِمُ
وَإِنَّ الْتِي يَشْتَاقُهَا الْقَلْبُ غَادَةٌ / لَهَا الرُّمْحُ قَدٌّ وَالْمُهَنَّدُ مِعْصَمُ
يَنُمُّ بِهَا صُبْحٌ مِنَ الْبِيضِ أَزْهَرٌ / وَيَكْتُمُهَا نَقْعٌ مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِمُ
إِذَا رَاسَلَتْ كَانَتْ رِسَالَةُ حُبِّهَا / بِضَرْبِ الظُّبَا تُوحِي وَبِالطَّعْنِ تَعْجُمُ
لَهَا مِنْ دِمَاءِ الصِّيدِ فِي حَوْمَةِ الْوَغَى / شَرَابٌ وَمِنْ هَامِ الْفَوَارِسِ مَطْعَمُ
فَتِلْكَ الَّتِي لا وَصْلُهَا مُتَوَقَّعٌ / لَدَيْنَا وَلا سُلْوَانُهَا مُتَصَرَّمُ
عَلِقْتُ بِهَا وَهْيَ الْمَعَالِي وَقَلمَا / يَهِيمُ بِهَا إِلَّا الشُّجَاعُ الْمُصَمِّمُ
هَوَىً لَيْسَ فِيهِ لِلْمَلامَةِ مَسْلَكٌ / وَلا لاِمْرِئٍ نَاجَى بِهِ النَّفْسَ مَأْثَمُ
تَلَذُّ بِهِ الآلامُ وَهْيَ مُبِيرَةٌ / وَيَحْلُو بِهِ طَعْمُ الرَّدَى وَهْوَ عَلْقَمُ
فَمَنْ يَكُ بِالْبِيضِ الْكوَاعِبِ مُغْرماً / فَإِنِّيَ بِالْبِيضِ الْقَوَاضِبِ مُغْرَمُ
أَسِيرُ وَأَنْفَاسُ الْعَوَاصِفِ رُكَّدٌ / وَأَسْرِي وَأَلْحَاظُ الْكَوَاكِبِ نُوَّمُ
وَمَا بَيْنَ سَلِّ السَّيْفِ وَالْمَوْتِ فُرْجَةٌ / لَدَى الْحَرْبِ إِلَّا رَيْثَمَا أَتَكَلَّمُ
أَنَا الْمَرْءُ لا يَثْنِيهِ عَمَّا يَرُومُهُ / نَهِيتُ الْعِدَا وَالشَّرُّ عُرْيَانُ أَشْأَمُ
أُغِيرُ عَلَى الأَبْطَالِ وَالصُّبْحُ أَشْهَبٌ / وَآوِي إِلَى الضِّيفَانِ وَاللَّيْلُ أَدْهَمُ
وَيَصْحَبُنِي فِي كُلِّ رَوْعٍ ثَلاثَةٌ / حُسَامٌ وَطِرْفٌ أَعْوَجِيٌّ وَلَهْذَمُ
وَيَنْصُرُنِي فِي كُلِّ جَمْعٍ ثَلاثَةٌ / لِسَانٌ وَبُرْهَانٌ وَرَأْيٌ مُحَكَّمُ
فَمَا أَنَا بِالمَغْمُورِ إِنْ عَنَّ حَادِثٌ / وَلا بِالَّذِي إِنْ أَشْكَلَ الأَمْرُ يَفْحَمُ
لِسَانِي كَنَصْلِي فِي الْمَقَالِ وَصَارِمِي / كَغَرْبِ لِسَانِي حِينَ لَمْ يَبْقَ مُقْدِمُ
إِذَا صُلْتُ فَدَّتْنِي فِرَاسٌ بِشَيْخِهَا / وَإِنْ قُلْتُ حَيَّانِي شَبِيبٌ وَأَكْثَمُ
فَلا تَحْتَقِرْ فَضْلَ الْكَلامِ فَإِنَّهُ / مِنَ الْقَوْلِ مَا يَبْنِي الْمَعَالِي وَيَهْدِمُ
وَمَا هُوَ إِلَّا جَوْهَرُ الْفَضْلِ وَالنُّهَى / يُسَرَّدُ فِي سِلْكِ الْمَقَالِ وَيُنْظَمُ
فَمَا كُلُّ مَنْ حَاكَ الْقَصَائِدَ شَاعِرٌ / وَلا كُلُّ مَنْ قَالَ النَّسِيبَ مُتَيَّمُ
فَإِنْ يَكُ عَصْرُ الْقَوْلِ وَلَّى فَإِنَّنِي / بِفَضْلِي وَإِنْ كُنْتُ الأَخِيرَ مُقَدَّمُ
يَدُلُّ عَلَى أَنْ لَيْسَ فِي الدَّهْرِ رَحْمَةٌ
يَدُلُّ عَلَى أَنْ لَيْسَ فِي الدَّهْرِ رَحْمَةٌ / خِيَانَةُ شِمْرٍ بَعْدَ غَدْرِ ابْنِ مُلْجَمِ
هُمَا مَنْجَما شَرٍّ وَصِنْوَا ضَلالَةٍ / وَكُلُّ امْرِئٍ فِي الدَّهْرِ يُعْزَى لِمَنْجَمِ
شَقِيَّانِ هَامَا فِي الضَّلالِ فَأَصْبَحَا / دَرِيئَةَ لَعْنٍ مِنْ فَصِيحٍ وَأَعْجَمِ
لَقَدْ فَوَّقَا سَهْمَيْهِمَا وَتَطَاوَلا / إِلَى فَلَكٍ عَالٍ مُحَاطٍ بِأَنْجُمِ
لَعَمْرِي لَقَدْ بَاءا بِخِزْيٍ وَلَعْنَةٍ / وَمَنْ يَحْتَقِبْ خِزْيَاً مِنَ اللَّهِ يُرْجَمِ
وَمَا مِصْرُ عُمْرَ الدَّهْرِ إِلَّا غَنِيمَةٌ
وَمَا مِصْرُ عُمْرَ الدَّهْرِ إِلَّا غَنِيمَةٌ / لِمَنْ حَلَّ مَغْنَاهَا وَنَهْبٌ مُقَسَّمُ
تَدَاوَلَهَا الْمُلاكُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ / وَنَالَ بِهَا حَظّاً فَصِيحٌ وَأَعْجَمُ
فَمَا أَهْلُهَا إِلَّا عَبِيدٌ لِمَنْ سَطَا / وَلا رَيْعُهَا إِلَّا لِمَنْ شَاءَ مَغْنَمُ
عِدَادُكَ فِي سِلْكِ الْبَرِيَّةِ خِزْيَةٌ / وَدَعْوَاكَ حَقَّ الْمُلْكِ أَدْهَى وَأَعْظَمُ
لَقَدْ هَانَتِ الدُّنْيَا عَلَى النَّاسِ عِنْدَمَا / رَأَوْكَ بِهَا فِي مُلْكِ يُوسُفَ تَحْكُمُ
فَإِنْ تَكُ أَوْلَتْكَ الْمَقَادِيرُ حُكْمَهَا / فَقَدْ حَازَهَا مِنْ قَبْلُ عَبْدٌ مُزَنَّمُ
وَشَتَّانَ عَبْدٌ بِالْمَحَجَّةِ نَاطِقٌ / وَحُرٌّ إِذَا نَاقَشْتَهُ الْقَوْلَ أَغْتَمُ
فَهَذَا أَذَلَّ الْمُلْكَ وَهْوَ مُعَزَّزٌ / وَذَاكَ أَعَزَّ الْمُلْكَ وَهْوَ مُهَضَّمُ
فَمَنْ شَكَّ فِي حُكْمِ الْقَضَاءِ فَهَذِهِ / جَلِيَّةُ مَا شَاءَ الْقَضَاءُ الْمُحَتَّمُ
مَحَا الْبَيْنُ مَا أَبْقَتْ عُيُونُ الْمَهَا مِنِّي
مَحَا الْبَيْنُ مَا أَبْقَتْ عُيُونُ الْمَهَا مِنِّي / فَشِبْتُ وَلَمْ أَقْضِ اللُّبَانَةَ مِنْ سِنِّي
عَنَاءٌ وَيَأْسٌ وَاشْتِيَاقٌ وَغُرْبَةٌ / أَلا شَدَّ مَا أَلْقَاهُ فِي الدَّهْرِ مِنْ غَبْنِ
فَإِنْ أَكُ فَارَقْتُ الدِّيَارَ فَلِي بِهَا / فَؤَادٌ أَضَلَّتْهُ عُيُونُ الْمَهَا مِنِّي
بَعَثْتُ بِهِ يَوْمَ النَّوَى إِثْرَ لَحْظَةٍ / فَأَوْقَعَهُ الْمِقْدَارُ فِي شَرَكِ الْحُسْنِ
فَهَلْ مِنْ فَتَىً فِي الدَّهْرِ يَجْمَعُ بَيْنَنَا / فَلَيْسَ كِلانَا عَنْ أَخِيهِ بِمُسْتَغْنِ
وَلَمَّا وَقَفْنَا لِلْوَدَاعِ وَأَسْبَلَتْ / مَدَامِعُنَا فَوْقَ التَّرَائِبِ كَالْمُزْنِ
أَهَبْتُ بِصَبْرِي أَنْ يَعُودَ فَعَزَّنِي / وَنَادَيْتُ حِلْمِي أَنْ يَثُوبَ فَلَمْ يُغْنِ
وَلَمْ تَمْضِ إِلَّا خَطْرَةٌ ثُمَّ أَقْلَعَتْ / بِنَا عَنْ شُطُوطِ الْحَيِّ أَجْنِحَةُ السُّفْنِ
فَكَمْ مُهْجَةٍ مِنْ زَفْرَةِ الْوَجْدِ فِي لَظَىً / وَكَمْ مُقْلَةٍ مِنْ غَزْرَةِ الدَّمْعِ فِي دَجْنِ
وَمَا كُنْتُ جَرَّبْتُ النَّوَى قَبْلَ هذِهِ / فَلَمَّا دَهَتْنِي كِدْتُ أَقْضِي مِنَ الْحُزْنِ
وَلَكِنَّنِي رَاجَعْتُ حِلْمِي وَرَدَّنِي / إِلَى الْحَزْمِ رَأْيٌ لا يَحُومُ عَلَى أَفْنِ
وَلَوْلا بُنَيَّاتٌ وَشِيبٌ عَوَاطِلٌ / لَمَا قَرَعَتْ نَفْسِي عَلَى فَائِتٍ سِنِّي
فَيَا قَلْبُ صَبْرَاً إِنْ جَزِعْتَ فَرُبَّمَا / جَرَتْ سُنُحاً طَيْرُ الْحَوَادِثِ بِالْيُمْنِ
فَقَدْ تُورِقُ الأَغْصَانُ بَعْدَ ذُبُولِهَا / وَيَبْدُو ضِيَاءُ الْبَدْرِ فِي ظُلْمَةِ الْوَهْنِ
وَأَيُّ حُسَامٍ لَمْ تُصِبْهُ كَهَامَةٌ / وَلَهْذَمُ رُمْحٍ لا يُفَلُّ مِنَ الطَّعْنِ
وَمَنْ شَاغَبَ الأَيَّامَ لانَ مَرِيرُهُ / وَأَسْلَمَهُ طُولُ الْمِرَاسِ إِلَى الْوَهْنِ
وَمَا الْمَرْءُ فِي دُنْيَاهُ إِلَّا كَسَالِكٍ / مَنَاهِجَ لا تَخْلُو مِنَ السَّهْلِ وَالْحَزْنِ
فَإِنْ تَكُنِ الدُّنْيَا تَوَلَّتْ بِخَيْرِهَا / فَأَهْوِنْ بِدُنْيَا لا تَدُومُ عَلَى فَنِّ
تَحَمَّلْتُ خَوْفَ الْمَنِّ كُلَّ رَزيئَةٍ / وَحَمْلُ رَزَايَا الدَّهرِ أَحْلَى مِنَ الْمَنِّ
وَعَاشَرْتُ أَخْدَانَاً فَلَمَّا بَلَوْتُهُمْ / تَمَنَّيْتُ أَنْ أَبْقَى وَحِيداً بِلا خِدْنِ
إِذَا عَرَفَ الْمَرْءُ الْقُلُوبَ وَمَا انْطَوَتْ / عَلَيْهِ مِنَ الْبَغْضَاءِ عَاشَ عَلَى ضِغْنِ
يَرَى بَصَرِي مَنْ لا أَوَدُّ لِقَاءَهُ / وَتَسْمَعُ أُذْنِي مَا تَعَافُ مِنَ اللَّحْنِ
وَكَيْفَ مُقَامِي بَيْن أَرْضٍ أَرَى بِهَا / مِنَ الظُّلْمِ مَا أَخْنَى عَلَى الدَّارِ وَالسَّكْنِ
فَسَمْعُ أَنِينِ الْجَوْرِ قَدْ شَاكَ مِسْمَعِي / وَرُؤْيَةُ وَجْهِ الغَدْرِ حَلَّ عُرَا جَفْنِي
وَصَعْبٌ عَلَى ذِي اللُّبِّ رِئْمَانُ ذِلَّةٍ / يَظَلُّ بِهَا فِي قَوْمِهِ وَاهِيَ الْمَتْنِ
إِذَا الْمَرْءُ لَمْ يَرْمِ الْهَنَاةَ بِمِثْلِهَا / تَخَطَّى إِلَيْهِ الْخَوْفُ مِنْ جَانِبِ الأَمْنِ
فَلا تَعْتَرِفْ بِالذُلِّ خِيفَةَ نِقْمَةٍ / فَعَيْشُ الْفَتَى فِي الذُّلِّ أَدْهَى مِنَ السِّجْنِ
وَكُنْ رَجُلاً إِنْ سِيمَ خَسْفاً رَمَتْ بِهِ / حَمِيَّتُهُ بَيْنَ الصَّوَارِمِ وَاللُّدْنِ
فَلا خَيْرَ فِي الدُّنْيَا إِذَا الْمَرْءُ لَمْ يَعِشْ / مَهِيباً تَرَاهُ الْعَيْنُ كَالنَّارِ فِي دَغْنِ
وَلا تَرْهَبِ الأَخْطَارَ فِي طَلَبِ الْعُلا / فَمَنْ هَابَ شَوْكَ النَّحْلِ عَادَ وَلَمْ يَجْنِ
وَلَوْلا مُعَانَاةُ الشَّدَائِدِ مَا بَدَتْ / مَزَايَا الْوَرَى بَيْنَ الشَّجَاعَةِ وَالْجُبْنِ
فَإِنْ لَمْ تَجِدْ فِي الْمُدْنِ مَا شِئْتَ مِنْ قِرَىً / فَأَصْحِرْ فَإِنَّ الْبِيدَ خَيْرٌ مِنَ الْمُدْنِ
صَحَارٍ يَعِيشُ الْمَرْءُ فِيهَا بِسَيْفِهِ / شَدِيدَ الْحُمَيَّا غَيْرَ مُغْضٍ عَلَى دِمْنِ
وَأَيُّ حَيَاةٍ لاِمْرِئٍ بَيْنَ بَلْدَةٍ / يَظَلُّ بِهَا بَيْنَ الْعَوَاثِنِ وَالدَّخْنِ
لَعَمْرِي لَكُوخٌ مِنْ ثُمَامٍ بِتَلْعَةٍ / أَحَبُّ إِلَى قَلْبِي مِنَ الْبَيْتِ ذِي الْكِنِّ
وَأَطْرَبُ مِنْ دِيكٍ يَصِيحُ بِكُوَّةٍ / أَرَاكِيَّةٌ تَدْعُو هَدِيلاً عَلَى غُصْنِ
وَأَحْسَنُ مِنْ دَارٍ وَخِيمٍ هَوَاؤُهَا / مَبِيتُكَ مِنْ بُحْبُوحَةِ الْقَاعِ فِي صَحْنِ
تَرَى كُلَّ شَيءٍ نُصْبَ عَيْنَيْكَ مَاثِلاً / كَأَنَّكَ مِنْ دُنْيَاكَ فِي جَنَّتَيْ عَدْنِ
تَدُورُ جِيَادُ الْخَيْلِ حَوْلَكَ شُرَّباً / تُجَاذِبُ أَطْرَافَ الأَعِنَّةِ كَالْجِنِّ
إِذَا سَمِعْتَ صَوْتَ الصَّرِيخِ تَنَصَّبَتْ / فَتُدْرِكُ مَا لا تُبْصِرُ الْعَيْنُ بِالأُذْنِ
فَتِلْكَ لَعَمْرِي عِيشَةٌ بَدَوِيَّةٌ / مُوَطَّأَةُ الأَكْنَافِ رَاسِخَةُ الرُّكْنِ
وَمَا قُلْتُ إِلَّا بَعْدَ عِلْمٍ أَجَدَّ لِي / يَقِيناً نَفَى عَنِّي مُرَاجَعَةَ الظَّنِّ
فَقَدْ ذُقْتُ طَعْمَ الدَّهْرِ حَتَّى لَفَظْتُهُ / وَعَاشَرْتُ حَتَّى قُلْتُ لاِبْنِ أَبِي دَعْنِي
وَلَوْلا أَخٌ أَحْمَدْتُ فِي الْوُدِّ عَهْدَهُ / عَلَى حَدَثَانِ الدَّهْرِ مَا كُنْتُ أَسْتَثْنِي
وَرُبَّ بَعِيدِ الدَّارِ يُصْفِيكَ وُدَّهُ / وَمُقْتَرِبٍ يَجْنِي عَلَيْكَ وَلَمْ تَجْنِ
وَمَا الْوُدُّ فِي الْقُرْبَى وَإِنْ هِيَ أَوْجَبَتْ / وَلَكِنَّهُ فِي الطَّبْعِ وَالشَّكْلِ وَالْوَزْنِ
إِذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَ الْوَدِيدَيْنِ خُلَّةٌ / فَلا أَدَبٌ يُجْدِي وَلا نَسَبٌ يُدْنِي
فَذَاكَ أَخٌ لَوْلاهُ أَنْكَرْتُ كُلَّ مَا / سَمِعْتُ بِهِ عَنْ أَحْنَفِ الْحِلْمِ أَوْ مَعْنِ
فَإِنْ لَمْ أُصَرِّحْ بِاسْمِهِ خَوْفَ حَاسِدٍ / يَنُمُّ عَلَيْهِ فَهْوَ يَعْلَمُ مَنْ أَعْنِي
عَلَى أَنَّ ذِكْرَاهُ وَإِنْ كَانَ نَائِيَاً / سَمِيرُ فُؤَادِي فِي الإِقَامَةِ وَالظَّعْنِ
أَنُوحُ لِبُعْدِي عَنْهُ حُزْناً وَلَوْعَةً / كَمَا نَاحَ مِنْ شَوْقٍ جَمِيلٌ عَلَى بُثْنِ
فَمَنْ لِي بِهِ خِلّاً كَرِيماً نِجَارُهُ / فَقَدْ سَئِمَتْ نَفْسِي مُعَاشَرَةَ الْهُجْنِ
تُجَاذِبُنِي نَفْسِي إِلَيْهِ وَدُونَنَا / أَهَاوِيلُ مُلْتَجِّ الْغَوَارِبِ مُسْتَنِّ
لَعَلَّ يَدَ الأَيَّامِ تَسْخُو بِلُقْيَةٍ / أَرَاهُ بِهَا بَعْدَ الْكَزَازَةِ وَالضَّنِّ
وَإِنِّي وَإِنْ طَالَ الْمِطَالُ لَوَاثِقٌ / بِرَحْمَةِ رَبِّي فَهْوَ ذُو الطَّوْلِ وَالْمَنِّ
نَعَاءِ عَلَيْهِ أَيُّهَا الثَّقَلانِ
نَعَاءِ عَلَيْهِ أَيُّهَا الثَّقَلانِ / فَقَدْ أَقْصَدَتْهُ أَسْهُمُ الْحَدَثَانِ
مَضَى وَأَقَمْنَا بَعْدَهُ فِي مَأْتَمٍ / عَلَى الْفَضْلِ نَبْكِيهِ بِأَحْمَرَ قَانِي
فَلا عَيْنَ إِلَّا وَهْيَ بِالدَّمْعِ ثَرَّةٌ / وَلا قَلْبَ إِلَّا وَهْوَ ذُو خَفَقَانِ
حِفَاظَاً وَإِشْفَاقَاً عَلَى مُتَرَحِّلٍ / خَلَتْ أَرْبُعٌ مِنْ شَخْصِهِ وَمَغَانِي
فَقَدْنَاهُ فِقْدَانَ الظِّمَاءِ شَرَابَهُمْ / بِدَيْمُومَةٍ وَالْوِرْدُ لَيْسَ بِدَانِي
فَيَا لِلْعُلَى كَيْفَ اسْتُبِيحَ ذِمَارُهَا / وَلِلْفَضْلِ إِذْ يُرْمَى بِهِ الرَّجَوَانِ
لَعَمْرِي لَقَدْ هَاجَ الأَسَى بَعْدَ فَقْدِهِ / بِنَا لَوْعَةً لا تَنْثَنِي بِعِنَانِ
ضَمَانٌ عَلَى قَلْبِي صِيَانَةُ عَهْدِهِ / وَمَا خَيْرُ قَلْبٍ لا يَفِي بِضَمَانِ
تَخَلَّى عَنِ الدُّنْيَا وَأَبْقَى مَآثِرَاً / يُقِرُّ لَهَا بِالْفَضْلِ كُلُّ لِسَانِ
فَإِنْ يَكُ أَوْدَى فَهْوَ حَيٌّ بِفَضْلِهِ / وَمَنْ كَانَ مَذْكُوراً فَلَيْسَ بِفَانِي
وَأَيُّ امْرِئٍ يَبْقَى وَدُونَ بَقَائِهِ / نَهَارٌ وَلَيْلٌ بِالرَّدَى يَفِدَانِ
أَلا قَاتَلَ اللَّهُ الْحَيَاةَ فَإِنَّهَا / إِلَى الْمَوْتِ أَدْنَى مِنْ فَمٍ لِبَنَانِ
إِذَا مَا بَنَانَا الدَّهْرُ ظَلَّتْ صُرُوفُهُ / تُهَدِّمُنَا وَالدَّهْرُ أَغْدَرُ بَانِي
تُخَادِعُنَا الدُّنْيَا فَنَلْهُو وَلَمْ نَخَلْ / بِأَنَّ الرَّدَى حَتْمٌ عَلَى الْحَيَوانِ
إِذَا مَا الأَبُ الأَعْلَى مَضَى لِسَبِيلِهِ / فَمَا لِبَنِيهِ بِالْبَقَاءِ يَدَانِ
لَقَدْ فَجَعَتْنَا أُمُّ دَفْرٍ وَمَا دَرَتْ / بِأَرْوَعَ مِنْ نَسْلِ النَّبِيِّ هِجَانِ
سَلِيمُ نَوَاحِي الصَّدْرِ لا يَسْتَفِزُّهُ / نِزَاعٌ إِلَى الْبَغْضَاءِ وَالشَّنَآنِ
يُعَاشِرُ بِالْحُسْنَى فَإِنْ رِيبَ لَمْ يَفُهْ / بِسُوءٍ وَلَمْ تَرْمِزْ لَهُ شَفَتَانِ
لَقَدْ كَانَ خِلاً لا يُشَانُ بِغَدْرَةٍ / وَصَاحِبَ غَيْبٍ طَاهِرٍ وَعِيَانِ
إِذَا قَالَ كَانَ الْقَوْلُ عُنْوَانَ فِعْلِهِ / وَيَا رُبَّ قَوْلٍ نَافِذٍ كَسِنَانِ
خِلالٌ يَفُوحُ الْمِسْكُ عَنْهَا مُحَدِّثاً / وَيُثْنِي عَلَى آثَارِهَا الْمَلَوَانِ
فَلا غَرْوَ أَنْ تَدْمَى الْعُيُونُ أَسَافَةً / عَلَيْكَ وَيَرْعَى الْحُزْنُ كُلَّ جَنَانِ
فَأَنْتَ ابْنُ مَنْ أَحْيَا الْبِلادَ بِعِلْمِهِ / وَأَبْقَى لَهُ ذِكْرَاً بِكُلِّ مَكَانِ
أَفَادَ بَنِي الأَوْطَانِ فَضْلاً سَمَوْا بِهِ / إِلَى هَضَبَاتٍ فِي الْعُلا وَقِنَانِ
وَأَنْتَ ابْنُهُ وَالْفَرْعُ يَتْبَعُ أَصْلَهُ / وَمَا مِنْكُمَا إِلَّا جَوَادُ رِهَانِ
هُوَ الأَوَّلُ السَّبَّاقُ فِي كُلِّ حَلْبَةٍ / وَأَنْتَ لَهُ دُونَ الْبَرِيَّةِ ثَانِي
فَيَا رَحْمَةَ اللَّهِ اسْتَهِلِّي عَلَيْهِمَا / بِسَجْلَيْنِ لِلرِّضْوَانِ يَنْهَمِلانِ
وَعُمِّي قُبُورَ الْعَالَمِينَ كَرَامَةً / لِقَبْرَيْنِ بِالْبَطْحَاءِ يَلْتَقِيَانِ
عَلَيْكَ سَلامُ اللَّهِ مِنِّي تَحِيَّةٌ / يُوَافِيكَ فِي خُلْدٍ بِهَا الْمَلَكَانِ
حَوَيْتَ مِنَ السَّوْءَاتِ مَا لَوْ طَرَحْتَهُ
حَوَيْتَ مِنَ السَّوْءَاتِ مَا لَوْ طَرَحْتَهُ / عَلَى الشَّمْسِ لَمْ تَطْلُعْ بِكُلِّ مَكَانِ
وَمَا تَرَكَ الْهَاجُونَ فِيكَ بَقِيَّةً / يَدُورُ عَلَيْهَا فِي الْهِجَاءِ لِسَانِي
يَمُوتُ مَعِي سِرُّ الصَّدِيقِ وَلَحْدُهُ
يَمُوتُ مَعِي سِرُّ الصَّدِيقِ وَلَحْدُهُ / ضَمِيرٌ لَهُ الْجَنْبَانِ مُكْتَنِفَانِ
وَأُسْأَلُ يَوْمَ الْبَعْثِ عَنْ كُلِّ مَا وَعَى / سَمَاعٌ وَمَا فَاهَتْ بِهِ شَفَتَانِ
فَأُنْكِرُهُ مِنْ بَيْنِ مَا فِي صَحِيفَتِي / وَأَجْحَدُهُ إِذْ يَشْهَدُ الْمَلَكَانِ
وَذَنْبِي فِي ذَا الْجَحْدِ أَيْسَرُ مَحْمَلاً / مِنَ الذَّنْبِ فِي إِفْشَائِهِ بِلِسَانِي
أَقِلَّا مَلامِي فِي هَوَى الشَّادِنِ الأَحْوَى
أَقِلَّا مَلامِي فِي هَوَى الشَّادِنِ الأَحْوَى / فَقَلْبِي عَلَى حَمْلِ الْمَلامَةِ لا يَقْوَى
كَفَى بِالْهَوَى شُغْلاً عَنِ اللَّوْمِ بِامْرِئٍ / بَرَاهُ الضَّنَى وَاسْتَمْطَرَتْ عَيْنَهُ الْبَلْوَى
فَلَيْسَ الْهَوَى سَهْلاً فَأَلْوِي عِنَانَهُ / وَإِنْ كُنْتُ يَوْمَ الرَّوْعِ ذَا مِرَّةٍ أَلْوَى
هُوَ الْحُبُّ يَعْتَامُ الْكِرَامَ وَلَنْ تَرَى / لَئِيماً يَنَالُ السَّبْقَ فِي الْفَضْلِ أَوْ يَهْوَى
وَمَنْ ذَا الَّذِي يَقْوَى عَلَى دَفْعِ مَا أَتَى / بِهِ الْحُبُّ مِنْ جوْرٍ وَسُلْطَانُهُ أَقْوَى
سَبُوقٌ إِذَا جَارَى لَحُوقٌ إِذَا هَوَى / غَلُوبٌ إِذَا بَادَى قَتُولٌ إِذَا أَهْوَى
لَهُ سُورَةٌ لَوْ صَادَمَتْ رُكْنَ يَذْبُلٍ / وَرَضْوَى لَهَدَّتْ يَذْبُلاً وَمَحَتْ رَضْوَى
فَحَتَّامَ يَلْحَانِي الْعَذُولُ عَلَى الْهَوَى / أَلَيْسَ يَرَى مَا بِي فَيَجْتَنِبَ الشَّكْوَى
لَقَدْ سَامَنِي طَيَّ الْغَرَامِ وَمَا دَرَى / بِأَنَّ الْهَوَى الْعُذْرِيَّ يَكْبُرُ أَنْ يُطْوَى
وَبِي بَلْ بِقَوْمِي الأَكْرَمِينَ خَرِيدَةٌ / إِذَا سَفَرَتْ كَادَتْ لَهَا الشَّمْسُ أَنْ تَضْوَى
مِنَ الْغِيدِ كَحْلاءُ الْمَحَاجِرِ لَوْ رَنَتْ / إِلَى القَسِّ فِي نَامُوسِهِ أَخْطَأَ النَّجْوَى
تُمِيتُ وَتُحْيِي مَنْ تَشَاءُ بِلَحْظِهَا / فَمِنْ عَاشِقٍ يَحْيَا وَمِنْ عَاشِقٍ يَثْوَى
بَعَثْتُ لَهَا قَلْبِي عَلَى إِثْرِ لَحْظَةٍ / فَمَا عَادَ إِلَّا وَهْوَ بِالْحُسْنِ مُسْتَهْوَى
وَأَفْنَيْتُ عُمْرِي فِي رِضَاهَا فَلَمْ أَنَلْ / سِوَى رَاحَةٍ تَرْتَدُّ أَوْ عِدَةٍ تُلْوَى
وَأَصْبَحْتُ مَغْلُوبَ الرَّشَادِ وَقَلَّمَا / يَعُودُ رَشِيداً صَالِحَ الْعَقْلِ مَنْ يَغْوَى
خَضَعْتُ لأَحْكَامِ الْهَوَى وَلَطَالَمَا / أَبَيْتُ فَلَمْ أَخْضَعْ لِمَنْ يَهَبُ الْجَدْوَى
وَإِنِّي امْرُؤٌ لَوْلا الْهَوَى مَا وَجَدْتَنِي / أَدِينُ لِغَيْرِ اللَّهِ أَوْ أَرْهَبُ الْعَدْوَى
بَعِيدُ مَنَاطِ الْهَمِّ تُرْهَبُ صَوْلَتِي / إِذَا مَا دَجَا خَطْبٌ وَبَادِرَتِي تُرْوَى
لِسَانِي خَلُوبٌ فِي الْجِدَالِ وَصَارِمِي / رَسُوبٌ وَرَأْيِي مِنْ سَمَاءِ الضُّحَى أَضْوَى
وَعِنْدِي إِذَا مَا الْحَرْبُ أَلْقَتْ قِنَاعَهَا / عَزِيمَةُ لَيْثٍ مَا تَهِرُّ وَمَا تُعْوَى
وَحِلْمُ كَرِيمٍ يَمْلأُ الْغَيْظُ قَلْبَهُ / فَيَكْظِمُهُ وَالْحِلْمُ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى
وَعِفَّةُ نَفْسٍ لا تُزَنُّ بِرِيبَةٍ / وَجُودٌ بِهِ ظَلَّتْ عُفَاةُ النَّدَى تَرْوَى
وَلِي هِمَّةٌ لَوْلا الْعَوَائِقُ مَهَّدَتْ / يَدُ الْمَجْدِ فِي أُفْقِ السَّمَاءِ لَهَا مَثْوَى
بَلَغْتُ بِهَا بَعْضَ الْمُنَى غَيْرَ أَنَّنِي / جَدِيرٌ بِأَنْ أَحْوِي بِهَا كُلَّ مَا أَهْوَى
فَإِنْ سَادَ غَيْرِي بِالْجُدُودِ فَإِنَّنِي / بِهِمْ وَبِفَضْلِي رِشْتُ سَهْمِي فَمَا أَشْوَى
وَلَيْسَ عُلُوُّ النَّفْسِ بِالْجَدِّ وَحْدَهُ / وَلَيْسَ كَمَالُ الْمَرْءِ فِي شَرَفِ الْمَأْوَى
إِذَا حَرَّكَتْنِي نَحْوَ أَرْضٍ وَتِيرَةٌ / رَكِبْتُ لَهَا عَزْمِي وَإِنْ بَعُدَ الْمَهْوَى
فَإِنْ كَانَ سَوَّى الدَّهْرُ بَيْنِي وَبَيْنَ مَنْ / أَرَى مِنْ بَنِيهِ فِي الْحُظُوظِ فَمَا سَوَّى
بَرِئْتُ مِنَ الْغِلِّ الَّذِي أَصْبَحَتْ بِهِ / قُلُوبُهُمُ مِنْ شَرِّ مَا حَمَلَتْ تَدْوَى
نَصَحْتُ وَغَشُّوا وَاسْتَقَمْتُ وَرَاوَغُوا / وَهَلْ مَنْ هَدَى بَيْنَ الأَنَامِ كَمَنْ أَغْوَى
وَإِنِّي إِذَا مَا الْخَطْبُ أَمْقَرَ طَعْمُهُ / نَبَذْتُ بِهِ رَأْيَاً أَلَذَّ مِنَ السَّلْوَى
أَصَبْتُ كُلَى الأَحْدَاثِ حَتَّى تَرَكْتُهَا / عَلَى جَمَرَاتِ الْغَيْظِ تَأْمُورُهَا يُشْوَى
وَصُغْتُ مِنَ السِّحْرِ الْحَلالِ قَصَائِدَاً / تَظَلُّ بِهَا نَفْسُ الْمُعِيدِ لَهَا نَشْوَى
فَمَا قَيَّدَتْنِي لَفْظَةٌ دُونَ حِكْمةٍ / وَلا غَرَّنِي قَوْلٌ فَمِلْتُ إِلَى الدَّعْوَى
وَيَا طَالَمَا رُمْتُ الْقَوَافِي فَأَقْبَلَتْ / سِرَاعاً فَلا أَرْوَى ذَكَرْتُ وَلا حُزْوَى
فَلا يَحْذُوَنَّ النَّاسُ حَذْوَ بَلاغَتِي / فَأَقْرَبُ مَا فِي شَأْوِهَا الْغَايَةُ الْقُصْوَى

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025