المجموع : 385
رعى الله بحراً فوق أرجا بحيرةٍ
رعى الله بحراً فوق أرجا بحيرةٍ / تكاد تحاكي بسط يمناه بالندى
وتبدو إذا هبَّ النسيم كمبرد / فلا غرْوَ أن تجلي عن المهج الصدا
ألا ليت شعري هل أفوز بحافظٍ
ألا ليت شعري هل أفوز بحافظٍ / ليَ الود من هذا البريد المردد
فيرفع أخبارَ السلامِ لمالكٍ / ويسمعني في الرد مسند أحمد
تداينتُ من عمرو فلما صرفته
تداينتُ من عمرو فلما صرفته / بنعماك أضحى عمرُو نحوي راصدا
وما ضرني دينٌ وفعلك سالمٌ / يصرّف لي زيداً وعمراً وخالدا
وردت على الباب الجماليّ قاصداً
وردت على الباب الجماليّ قاصداً / فجادَ ولاقى مقصدي بأياد
ولي فرسٌ قد بات ضيفاً لطرفه / فبات كلانا وهوَ بيتُ جواد
ولما بعثت المال عفواً مهنأً
ولما بعثت المال عفواً مهنأً / تزيد هذا الشعر حسناً مجددا
وما الشعر إلا روضةٌ راق حسنها / ولا سيما إن كان قد وقع الندى
سألت النقا والبان أن يحكيا لنا
سألت النقا والبان أن يحكيا لنا / رَوادفَ أو أعطاف من زاد صدها
فقال كثيب الرمل ما أنا حملها / وقال قضيب البان ما أنا قدها
نظرت وقد قام الخطيب وراقني
نظرت وقد قام الخطيب وراقني / على درَج بدر العلى وهو صاعد
ولما رأيت الناس دون محله / تيقنت أن الدهر للناس ناقد
رعى الله للعلياءِ قطبَ سيادةٍ
رعى الله للعلياءِ قطبَ سيادةٍ / يدورُ عليه كلّ علمٍ وسؤدد
متى جئت موسى شائماً نار ذهنه / تجد خير نارٍ عندها خير موقد
مليك بدا في أحمر من ملابس
مليك بدا في أحمر من ملابس / كذاك بدت من حوله الخيل والجند
بدوا كلهم في حلة الورد ملبساً / فقال الورى هذا هو الأسد الورد
روت عنك أخبار المعالي محاسن
روت عنك أخبار المعالي محاسن / كفت بلسان الحال عن ألسن الحمد
فوجهك عن بشر وكفك عن عطا / وخلقك عن سعدٍ ورأيك عن سعد
أيا سائلي عن مذهب العتب والولا
أيا سائلي عن مذهب العتب والولا / لأهل زمانٍ أنه لشديد
أوالي عليًّا خلد الله مجده / وأشكو أذى عثمان وهو يزيد
بعثت لكم يا سادةً أنا عبدهم
بعثت لكم يا سادةً أنا عبدهم / قليلاً من المنّ الذي طاب مأخذا
فلا تقرنوه بالخليليّ آكلاً / فحاشكمُ أن تقربوا المنّ بالأذى
كذا أبداً تلقى الأهلة طالعاً
كذا أبداً تلقى الأهلة طالعاً / عليك بأنوارِ السعود فحبَّذا
ويصنع فينا الجودُ صفواً مهنّئاً / ولا حظراً فيه عليك ولا قذى
ومهما وضعت المنّ في مستحقه / فوالله ما مدت إليك يد الأذى
بروحي معسول اللمى متحجب
بروحي معسول اللمى متحجب / إذا لم يزر لم يهن عيشي ولا إذا
وإن ذقن منًّا من حلاوة ريقه / أتانا رقيب يتبع المنّ بالأذى
صحا القلب لولا نسمةٌ تتخطَّر
صحا القلب لولا نسمةٌ تتخطَّر / ولمعةُ برق بالغضا تتسعَّر
وذكر جبين البابلية إذ بدا / هلال الدجى والشيء بالشيء يذكر
سقى الله أكناف الغضا سائل الحيا / وإن كنت أسقى أدمعاً تتحدَّر
وعيشاً نضا عنه الزمانُ بياضه / وخلَّفه في الرأسِ يزهو ويزهر
تغير ذاك اللون مع من أحبه / ومن ذا الذي يا عزّ لا يتغير
وكان الصبى ليلاً وكنتُ كحالمٍ / فيا أسفي والشيبُ كالصبح يسفر
يعللني تحت العمامة كتمه / فيعتاد قلبي حسرة حين أحسر
وينكرني ليلي وما خلت أنه / إذا وضعَ المرءُ العمامةَ ينكر
ألا في سبيل الله صوم عن الصَّبى / وقلب على عهد الحسان مفطر
تذكرت أوطان الوصالِ فأشهبٌ / من الدَّمع في ميدان خدِّي وأحمر
إذا لم تفضْ عيني العقيق فلا رأت / منازله بالوصلِ تبهى وتبهر
وإن لم تواصل غادة السفح مقلتي / فلا عادها عيشٌ بمغناه أخضر
ليالي تجني الحسن في أوجه الدّمى / وتجني على أجسامِها حين تنظر
يؤثر في خدِّ المليحة لحظها / وإن كانَ في ميثاقِها لا يؤثر
رأيت الصَّبى مما يكفّر للفتى / ذنوباً إذا كانَ المشيب يكفّر
إذا حلَّ مبيضّ المشيب بعارضٍ / فما هو إلاَّ للمدامعِ ممطر
كأنيَ لم أتبع صبى وصبابةً / خليع عذارٍ حيثما همت أعذَر
ولم أطرق الحيّ الخصيب زمانه / يقابلني زهرٌ لديه ومزهر
وغيداء أما جفنها فمؤنث / كليلٌ وأما لحظها فمذكَّر
يروقُك جمعُ الحسن في لحظاتها / على أنه بالجفنِ جمعٌ مكسَّر
من الغيد تحتفّ الظبا بحجابها / ولكنها كالبدرِ في الماءِ يظهر
يشفّ وراء المشرفيَّة خدها / كما شفَّ من دون الزجاجة مسْكر
ولا عيبَ فيها غير سحر جفونها / وأحبب بها سحَّارة حين تسحر
إذا جرّدت من بردها فهي عبلةٌ / وإن جرَّدت ألحاظها فهيَ عنتر
إذا خطرت في الروض طاب كلاهما / فلم يذْرِ من أزهى وأشهى وأعطر
خليليّ كم روضٍ نزلت فناءه / وفيه ربيعٌ للنزيل وجعفر
وفارقته والطَّير صافرةٌ به / وكم مثلها فارقتها وهي تصفر
إلى أعينٍ بالماءِ نضَّاحة الصفا / إذا سدَّ منها مِنخرٌ جاش منخرُ
نداماي من خودٍ وراحٍ وقينة / ثلاث شخوصٍ كاعبات ومعصر
قضيت لبانات الشبيبة والهوى / وطوَّلت حتَّى آن أنيَ أقصر
وربَّ طموح العزم إدماء جسرة / يظل بها عزمي على البيدِ يجسر
طوت بذراعي وخدها شقَّة الفلا / وكفّ الثريا في دجى الليل يشبر
ومد جناحي ظلها آلِقُ الضحى / فشدت كما شد النعام المنفّر
بصمّ الحصى ترمي الحداة كأنما / تغارُ على محبوبها حين يُذكر
إذا ما حروف العيس خطَّت بقفرةٍ / غدت موضع العنوانِ والعيس أسطر
فلله حرفٌ لا ترام كأنها / لوشك السرى حرف لدى البيد مضمر
تخطت بنا أرض الشآم إلى حمى / به روضة ريا الجنان ومنبر
إلى حرمِ الأمن المنيع جواره / إذا ظلت الأصوات بالروعِ تجأر
إلى من هو التبر الخلاصِ لناقدٍ / غداة الثنا والصفوة المتخير
نبيٌّ أتم الله صورةَ فخرِهِ / وآدم في فخاره يتصور
نظيم العلى والأفق ما مدَّ طرسهُ / ولا الزهر إلا والكواكب تنثر
ولا لعصا الجوزاء في الشهبِ آية / مجرّ النّجى من تحتها يتفجر
نبيٌّ له مجدٌ قديمٌ وسؤددٌ / صميمٌ وأخبارٌ تجل وتخبر
تحزم جبريلٌ لخدمة وحيه / وأقبل عيسى بالبشارة يجهر
فمن ذا يضاهيه وجبريل خادمٌ / لمقدمه العالي وعيسى مبشرُ
تهاوى لمأتاه النجوم كأنها / تشافه بالخدِّ الثرى وتعفّر
وينضب طام من بحيرة ساوة / ولم لا وقد فاضت بكفيه أبحر
نبيٌّ له الحوضان هذا أصابعٌ / تفيض وهذا في القيامةِ كوثر
وعن جاهه الناران هذي بفارسٍ / تبوخ وهذي في غدٍ حين تحشر
إذا ما تشفعنا به كُفّ غيظها / وقالت عبارات الصراط لنا اعبروا
تنقل نوراً بين أصلاب سادة / فلله منه في سما الفضل نير
به أيَّد الطهر الخليليّ فانتحت / يداه على الأصنام تغزو وتكسر
ومن أجله جيء الذبيحان بالفدى / وصين دمٌ بين الدماءِ مطهَّر
ورُدَّت جيوش الفيل عن دار قومه / فلله نصلٌ قبل ما سُلَّ ينصرُ
ولما أراد الله إظهار دينه / بدا قمراً والشرك كالليل يكفر
فجلى الدجى واسْتوثق الدِّين واضحاً / وقام بنصر الله داعٍ مظفر
بخوف السطا بالرعب ينصر والظبا / وداني الحيا في اليسر والعسر يهمر
عزائم من لا يختشي يوم غزوِهِ / ردًى وعطاً من ليسَ للفقرِ يحذر
علا من محاكاة الغمام لفضله / وكيف يحاكيه الخديم المسخَّر
يظلله وقت المسير وتارةً / يشير إليه بالبنان فيمطر
ألم ترَ أنَّ القطر في الغيم فارسٌ / إذا برزت آلاؤه يتقَطَّر
هو البحر فيَّاض المواردِ للورى / ولكنه العذبُ الذي لا يكدّر
فمن لي بلفظٍ جوهريّ قصائدٍ / تنظم حتَّى يمدح البحرَ جوهر
وهيهات أن تحصى بتقدير مادحٍ / مناقبُ في الذكر الحكيم تقرّر
إذا شعراء الذكر قامت بمدحه / فما قدرُ ما تنشي الأنام وتشعر
نبيٌّ زكا أصلاً وفرعاً وأقبلت / إليه أصولٌ في الثرى تتجرَّر
وخاطبه وحشُ المهامهِ آنساً / إليه وما عن ذلك الحسن منفر
له راحةٌ فيها على البأسِ والندى / دلائلُ حتَّى في الجمادِ تؤثر
فبينا العصا فيها وريقُ قضيبها / إذا هو مشحوذُ الغرارين أبتر
كذا فليكن في شكرِها وصفاتها / يدٌ بينَ أوصاف النبيين تشكر
سخت ومحت شكوى قتادة فاغْتدت / بها العينُ تجري إذ بها العين تجبر
لعمري لقد سارتْ صفات محمدٍ / كذاك النجوم الزاهرات تسير
أرى معجز الرسل انْطوى بانْطوائِهم / ومعجزهُ حتَّى القيامة ينشر
كبير فخار الذكر في الخلقِ كلما / تلا قارئٌ أو قيلَ الله أكبرُ
هو المرتقي السبع الطباق إلى مدًى / لجبريل عنهُ موقفٌ متأخِّر
هو الثابت العليا على كلّ مرسلٍ / بحيثُ له في حضرة القدس محضر
هو المصطفى والمقتفى لا مناره / يحطّ ولا أنواره تتكوَّر
إليكَ رسولَ اللهِ مدَّت مطالبي / على أنَّها أضحت على الغور تقصر
خلقتَ شفيعاً للأنامِ مشفعاً / فرجواك في الدَّارين أجدى وأجدر
ولي حالتا دنيا وأخرى أراهما / يمرَّان بي في عيشةٍ تتمرَّر
حياةٌ ولكن بين ذلٍّ وغربةٍ / فلا العزّ يستجلى ولا البين يفتر
وعزمٌ إلى الأخرى يهمّ نهوضه / ولكنه بالذَّنبِ كالظَّهر مُوقَر
تصبرت في هذا وذاك كأنني / من العجز والبؤس قتيلٌ مصبر
وها أنا ذا أبلغت عذريَ قاصداً / وأيقنت أن النجح لا يتعذَّر
عليك صلاةُ الله في كلِّ منزلٍ / تعبر عنه سرّ الجنان وتعبرُ
وآلك والصحب الذين عليهمُ / تحلُّ حُبا مدحٍ ويعقد خنصر
بجاهك عند الله أقبلت لائِذاً / فكثرت حاجاتي وجاهك أكثر
ونظّمت شعري فيك تزهى قصيدةٌ / على كلِّ ذي بيتٍ من الشعر يعمر
معظّمة المعنى يكرَّر لفظها / فيحلو نباتيّ الكلام المكرَّر
دنت من صفات الفضل منك وإنها / لتفضل ما قالته طيُّ وبحترُ
وما ضرَّها إذ كانَ نشر نسيمها / رخاء إذا ما لم يكنْ فيهِ صرصرُ
تنبه لما أن رأى شبيه فجرا
تنبه لما أن رأى شبيه فجرا / فنزَّه عن عاداته الشّعر الشّعرا
وأعرض عن أغزاله وغزاله / فلا قامةٌ سمرا ولا وجنةٌ حمرا
ولا مقلةٌ نجلاءُ يحرس لحظها / لَمًى فأقول السيف قد حرس الثغرا
ولا مرشفٌ ماءَ الحياةِ حسبته / ولا نبتُ خدٍّ كنت أحسبه الخضرا
ولا قهوةٌ أستغفر الله تجتلى / ومن عجبٍ أنْ قد حلا منه ما مرا
وكانت كما لا يقتضي العقل غِرَّةً / فحنَّك ذاك الشيب ذاك الفتى الغرا
وذكَّرني فقدَ الأحبة مرجعي / إليهم وترحالي فلم أستطع صبرا
أحبَّاء ساروا قبلنا لمنازلٍ / فيا صاحبي رحلى قفا نبك من ذكرى
كأنَّهمُ لم يركبوا ظهرَ سابح / ولا ركبوا في يوم مكرمةٍ ظهرا
ولا بسطوا يمنى ببذلِ رغيبةٍ / ولا أوجدوا من بعد جائحه يسرا
لنا عبرةٌ فيهم تنبه مقلةً / ولو أرشدت كانت له مقلة غبرا
لقد غرَّت الدُّنيا بخدعة حربها / فما أكثر القتلى وما أرخص الأسرى
حمى الله من عين الزمان وأهله / لنا ملكاً قد أحرز الذكر والأجرا
ترجَّى لدنياه الملوك وإننا / لنرجوه للدنيا ملاذاً وللأخرى
مليكٌ سمت عيناه للنسك والعلى / فكانت قليلاً من دجى الليل ما تكرى
وأعذرَ في هجر التنعم نفسه / وقال للاحيه لعلَّ لها عذرا
على حين أعطاف الشبيبة لدنةٌ / وروضتنا في الملك أو نفسها خضرا
وما زال طهر الفعل حتى تشبهت / فعال رعاياه فكان يرى طهرا
ليهن بني أيوب أن محمداً / بنى لهمُ في كل صالحةٍ ذكرا
وبرّ البرايا عدله ونواله / فلا عدموا من شخصه البرّ والبحرا
وفي الناس من حاز الممالك جنةً / ولكنْ جنان الخلد مملكةٌ أخرى
أيا ملكاً نمسي إذا الدهر مظلم / نراقب من لألاء غرّته الفجرا
بقيت لنا تعلو عن الشعر رتبة / نعم وعلى هامِ السماكين والشعرى
وتذكرنا عهدَ الشهيدِ ودهرَه / سقى الغيثُ عنا ذلك العهد والدهرا
بدت في رداء الشعر باسمة الثغر
بدت في رداء الشعر باسمة الثغر / فعوَّذْتها بالشمس والليل والفجر
ولو شئت قسمت الذوائبَ مقسماً / بطيب ليالٍ من ذوائبها عشر
وقبلتها مصرية حلوةَ اللمى / أكرّرُ في تقبيلها السكّر المصري
ويعذلني من ليس يدري صبابتي / فأصرفه من حيث يدري ولا يدري
ومن عجب الأشياءِ حلوٌ ممنعٌ / أصبر عنه وهو حلوٌ مع الصبر
وكم لائمٍ في حب خنساء أعرضت / وعنّف حتى جانس الهَجر بالهُجر
وشيب رأسي خدَّها ومعنفي / وهذا رماد الشيب من ذلك الجمر
فيا قلب خنساء القويّ وأدمعي / على مثلك العينان تجري على صخر
ويا قلبُ صبراً في عطاها ومنعها / فلا بدَّ من يسرٍ ولا بد من عسر
أرى الشمسَ منها في العشاء منيرةً / ومن صدّها عني أرى النجم في الظهر
يذكرني عهد الوفا ما نسيته / ولكنه تجديدُ ذكرٍ على ذكر
زمان الصبى والقرب لا نحذر النوى / ولكن نقضي الحال أحلى من التمر
وأما وقد ضاء المشيب بمفرقي / فبالشيب لا بالطوع صرنا إلى الهجر
وفارقت خدّ الغانيات وجفنها / فجرحاً على جرحٍ وكسراً على كسر
وإني لمشتاقٌ إلى ظلِّ روضةٍ / على النيل أروي العيش منها عن النضر
لئن حثني باب البريد إلى مصر / لقد حثني باب الزيادة في النزر
إلى مصر يحلو نيلها مخصب الثرى / فيغني الورى في الحالتين عن القطر
وتقبيل حلو الغزو للمحل قاتل / حلاوته سكبٌ وجنديهُ يجري
ويجري بإسعاد العباد فحبذا / بسعدك يا سلطانها ساعياً يجري
لسلطان مصر الناصر بن محمدٍ / على كلِّ مصرٍ طاعةُ البحر والبرّ
تجمعتِ الأمصارُ في مصر طاعة / وهل تجمع الأمصار إلا على مصر
سلامٌ على إسكندر الوقت أن يفح / شذا الذكر عنه فالسلام على الخضر
سلام ثغور الخلق تنقش في الثرى / بأفواهها ختماً على أنفس الذخر
على باب سلطان العباد كأنها / لنظم ثناياها عقودٌ من الدُّرِّ
مليكٌ روت أعماله سيرَ التقى / عن الملك المصري عن الحسن البصري
له منزلا جيش وتحت مقامه / بهذا وذا في القلب حب وفي الصدر
أيالة ملكٍ لا فلان ولا فلٌ / ونحوُ علًى لا نحو زيد ولا عمرو
فملكٌ بلا جور وحكمٌ بلا هوًى / وأزرٌ بلا وِزْرٍ وعزّ بلا كبر
قضا عمرٍ في حلم عثمان جامعاً / لبأسِ عليٍّ في سماح أبي بكر
مضى الشفع من مرآى أبيه وجدّه / وجاءَ فلا زالت له دولةُ الوتر
إلى ناصرٍ من ناصرٍ وكذا على / مدى جدّه المنصور مسترسل النصر
أجلّ بيوت الملك بيت قلاونٍ / وأنت أجلّ البيت يا وارث الدهر
فملكك حقّ واضح الصبح أشرقت / سعادته كالظهر يا واحد العصر
مراد البرايا أن تدوم وإن توَوْا / وميراثك الباقي إلى ذلك الحشر
بصوتك أركان الشريعة شيّدت / وصينت ثغور كلها باسم الثغر
وخاض بها قوم تعدوا فقوبلوا / بما كل إنسانٍ لديه من الخسر
وليس الذي خاض الشريعة سالماً / من الأسد الحامي حماها من المكر
لك الله إما كسب حظٍّ من الثنا / يحوز وإما كسب حظٍّ من الأجر
ليهنك ما تجنيه من جنةٍ غدا / بإبطال ما تجنى الجناياتُ من وزر
ليهنك ما عمّرته من معالمٍ / سيثني على عمارهنّ أبو ذَرّ
ويمدحكم حسَّانها اليوم أو غدًا / بدار البقا بعد الطويل من العمر
فأيامك الأعياد عائدةٌ لمن / رَجاك ومنْ عاداك بالفطر والنحر
وكفَّاك للمدَّاح أيام عشرها / وليلة من تسعى لها ليلة القدر
ودولتك الزّهراء للجود والسّطا / فبالفلك السعديّ والفلك البشري
ونصر على الأعدا يبادرُ رُعبه / فيسبق مجرى الخيل بالعسكر المجرِ
ويعرض عن كيد العدا لاحتقارهم / بلا قاصدٍ ماشٍ ولا حائمٍ صقر
فأعداك هذا مسَّ في النوم رأسه / وآخر قبل السيف ماتَ من الذّعرِ
وكم لكَ في داني الدِّيار ونازحٍ / غيوثُ عطايا تخلط السهل بالوعر
يضنُّ بأحمال من التبن معشرٌ / إذا اتصلت أحمال جودك من تبر
مليك التقى والعلم والبأس والندى / فمدحٌ على مدحٍ وشكرٌ على شكر
تهنّ وكلّ الناس عافية روت / حديث التهاني عن بشيرٍ وعن بشر
بها حملت عنكَ السقام بمصرِها / عيون المها بين الجزيرة والجسر
فأحسن بها للملكِ في كلِّ حالةٍ / بشائرَ عند السيف والعزّ والنصر
وأحسن بها حيثُ الهناءُ مسطرٌ / صحائفها عند كاتب السرِّ والجهر
عوافيَ إلا أنها قاهرِيةٌ / حلت حالتاها في المسرةِ والقهر
فعافية الأجساد عند ذوي الهدى / وعافية الأطلال عند ذوي الكفر
هنيئاً لسلطان البرية سيرة / مزهَّرة الأوراق بالأنجمِ الزّهر
هنيئاً لأجلاب المدائح والرجا / لقد أصبحت تجري إلى ملك تجري
يبيع ولكن بالكلام نفائساً / من المال تلقاها غداً جمّة الوفر
ويبتاع لكن بالنفيس غوالياً / من الحمدِ إلا أنه عاطر النشر
غنينا عن السبعِ البحار بأنملٍ / أفيضت كما يغنى عن السبع بالعشر
وأحييت للآدابِ علماً ومعلماً / بنعماء تقري بالفوائدِ أو تقرِي
وجوهُ دنانير سبقنَ بمعجزٍ / ترينا وجوهَ النمّ في أوَّل الشهر
سبقنَ وإن لم يشتكي الفقر بالغنى / وقابلنَ من لم يشتكي الكسر بالجبر
كذلك أذهانُ الملوك نقيَّةٌ / ترى في مرَاةِ العقل أيان يستقري
تأملت ما تعطى للملوك من النهى / فعوذت فرداً بالثلاثِ من الحجر
أحقًّا أراني في ثرى عتباته / نباتاً يحيي وَاكفَ المزن بالزهر
وأنشدت أمداحاً تقول لمن أتت / مدحتك بالشعرى وغيرك بالشعر
وقائع حبّ حار في كرِّها فكرِي
وقائع حبّ حار في كرِّها فكرِي / فمنْ حُسَّدٍ تمشي ومن أدمعٍ تجري
ولاحٍ ثقيلٍ في مليحٍ ممنَّعٍ / فيا لكَ من أُحدٍ لديَّ ومن بدر
يظلّ أبا جهلٍ عليَّ بجهله / وأمسي بأوصاف السّقام أبا ذَرّ
وأغيد في فيه المدامُ ولحظه / وفيّ وفي أعطافه نشوة السُّكْر
تداويتُ من ألحاظهِ برضابِه / كما يتداوَى شاربُ الخمر بالخمر
ونزَّهت فكري في بدائعِ حسنهِ / وفي عقلِ عذَّالي على أنها تغري
تباركَ من أنشا بخدَّيه زخرفاً / وسبحان من أنشى عذولي بلا حجر
لعمرِي لقد قاسَ الهوى نحوَ صبوتي / مقاييسَ لم تعبأ بزيدٍ ولا عمرو
وأنفقت عمرِي في المليحِ محبَّةً / فإن يسلني عذلٌ فيا ضيعة العمر
وإني لعذري الصبابة إن روت / حديث الأسى عني الدموع فعن عذري
تسابق بيض المزن حمرُ مدامعي / فتسبقها والسبق من عادة الحمر
ويسهرني ومضُ البريق كأنما / تبسم في لُعس السحائب عن ثغر
أما ومليح العصر إنك بالبكى / وبالسهدِ يا إنسان عيني لفي خسر
معنى بوسنان اللواحظ سارق / كرى مقلتي من حيث أدري ولا أدرِي
يجرُّ بنون الصدغ قلبيَ للأسى / وما خلت أن النون من أحرف الجرّ
يقابل دمعِي باسماً فكأنما / ينظم ما أملت جفوني من النثر
وما ليَ لا أبكي على درّ مبسم / كما بكتْ الخنساء قبلي على صخر
وأجري عيون الدمع فائضة على / عيون المها بين الجزيرة والجسر
ظباء بشطّي نيل مصر لأجلها / يقولُ حنين الشوق آهاً على مصر
خليليّ شابت في النواظر لمتي / وشبَّ الأسى نار التذكُّر في صدري
فلا تنكرا تعبيس وجهي فإنما / تنقل ذاك الابتسام إلى شعري
وزالت بصبح الشيب عنيَ خلني / فكان زوال الشمس للصبح لا الظهر
ويا رُبّ ليلٍ كان لي بكؤوسه / ومبسمه سلكٌ ينظم بالدّرّ
تولى ووافى بالهموم كدملٍ / أكابده في الحالتين بلا فجر
كأن النجوم المائلاتِ بأفقه / مفارقُ شيبٍ لا تسرّ ولا تسري
سقى الله أيام الشباب التي خلت / من السحب أحلى ما يسيل من القطر
رأيت شباب المرء عوناً على الهوى / وجود ابن فضل الله عوناً على الدهر
إذا ذُكرت أهل السيادة والعلى / فعدّ ابن فضل الله فاتحةَ الذكر
إذا شمت منه طلعةً علويةً / فغالِ الثنا وأرفض سنا الأنجم الزهر
إذا ما علاءُ الدّين حام فخاره / فسل ثم عن نسرِ الكواكب لا النسر
وزيرٌ بلا وزرِ وقاضٍ بلا هوًى / وغيث بلا عيب وبحرٌ بلا ضرّ
يسابقني لفظي لوصف زمانه / وبالطبع تشدو الورق في الورق الخضر
ويخدعه مثلي فيخدع للندى / سريعاً ولا والله ما هو بالغمر
فسيح مجال الصدر بالبرِّ للورى / فيا لك من بحرٍ ويا لك من برّ
ويا لك من لفظٍ وفضلٍ لطالبٍ / يحقق أن الصدرَ والكف من بحر
ويا لك مجداً جلّ رائيه عن عمى / ويا لك بحراً جلّ عافيه عن نهر
يسرّ به ملكٌ ويحمي ثغورَه / فليس يزال الملك مبتسم الثغر
وما زال شفعاً بأسه ونواله / لدى الملك حتى ما ينام على وتر
فما الشمس في ظهر مثيلة وصفه / ولا مثله فيما تقدّم من عصر
وما فيه من عيبٍ يعدّ لناقدٍ / سوى أنه بالجود مستعبد الحرّ
وأن ثناه فاضحٌ حصرَ الورى / وأنَّ ندَاه لا يحاوَل بالحصر
من القوم في بطحاءِ مكة أصلهم / وأفناؤهم في الخلق فوَّاحة الزّهر
إذا فرَّق الفاروقُ في الخلق ذكرهم / فيا حبَّذا الأطهارُ تعزَى إلى الطّهر
إذا ذكرت أقلامهم وسيوفهم / فناهيك بالحمر الرَّواعف والسمر
طوى شخصهم دهرٌ وقام بمجدهم / يفوح ثناً يستقبل الطيَّ بالنشر
له قلمٌ يدعو الدواة كتابةً / ويعزى به عيش الملوك إلى النّضر
حفيّ غداةَ المكرمات أو الوغى / ببيض أياديها وأعلامها الصّفر
ونظم ونثر يخرجان ذوي النهى / لعمرك من أرض التثبت بالسّحر
لأجيادنا منه وللطّرس حليةٌ / فأجيادُنا بالجود والطرس بالشّذر
وللحرب صفّ من سطورٍ كأنها / حديدٌ يسوق الناكثين إلى الحشر
بكف كريم الإرث والكسب في العلى / فمن خبرٍ نامي الفخار ومن خبر
همامٌ إذ الآراءُ حثَّت لغارةٍ / كريمٌ إذا حثت على الكلم الغرّ
له منزلٌ في القلب من كلِّ جحفلٍ / وفي المحفل السامي محلٌّ من الصَّدر
بزهرٍ من الآراء والقول واللُّهى / روينا صحيحَ الحمد منها عن الزُّهري
فيا حبَّذا عبدُ الرحيم توسلاً / ويا حبَّذا الطائي في الجود والشعر
ألم ترني أني نهضت بمدحه / وألقيت أمداحَ البرية عن فكري
أمولاي قد غنى بمدحي لك الورى / وسارت به الركبان في السهل والوعر
وقصّر عن نظمي الأنامُ وشُيّدت / عليك مباني بيته فهو كالقصر
إذا رفعت قدري بمدحك ليلةٌ / تيقَّن قصدي أنها ليلةُ القدر
وقضَّيتها والنيراتُ تمدني / سلاماً وتسليماً إلى مطلعِ الفجر
على أنَّ عندي كأس شكوى أديرها / على السمع ممزوجاً بمدمعيَ الغمر
أيكسر حالي بالجفاء وطالما / تعوَّدت من نعماك عاطفة الجبر
ويدفعني عن قوت يوميَ معشرٌ / وأنت عليهم نافذُ النهي والأمر
ولو كانَ ذنبٌ لاعْترفت بهِ ولا / تحيَّلتُ في عذرٍ ولا جئت من غفر
أحاشيكَ أن يدجو زمانيَ بعدما / أضاءت بشعرى في المدائحِ من شعري
بنيت على ضمٍّ وَلاءَك في الحشا / فلا تبنِ بيت القلب مني على كسر
وإن تخف يا ذا السرّ عنك محبَّتي / فشاهد حبِّي عالم السرّ والجهر
تجلَّى فقلت البدر والليل شعره
تجلَّى فقلت البدر والليل شعره / وماسَ فقلت الغصن والحلي زهره
وأفصح عن ألفاظه وابتسامه / فأعجبني نظم الجمان ونثره
مليح يغيظُ الوردَ حمرةَ خدّه / ويطوي حديث العنبر الورد نشره
كأنَّ بما في الثغر نظم عقدُه / وإلاَّ بما في العقد نظّم ثغره
عجبت لمخضرّ العِذار بخدِّه / على أنَّه يذكو ويلهب جمره
وليس عِذاراً ما أرى غير أنَّه / لماءِ حياةِ الرِّيق أقبل خضره
كلفت بهِ حلوَ اللَّمى بابليه / فمن أين يحلو عنه للمرء صبره
وأسكنته قلبي الذي طارَ فرحةً / فطائره قلبي الحزين ووكره
ووالله ما وفيته حقَّ نزله / إذا كانَ في نارِ الحشا مستقره
عليَّ له أن أبذل القلب والحشا / على ما يرى في الحبِّ والأمر أمره
ويعجبني طرفٌ تدرُّ دموعه / على حسنه الغالي فلله درّه
أحنُّ لوجهٍ تهتُ فيه صبابةً / فلله صبّ ضلّ إذ لاح بدرُه
وأنصب طرفي نحو طرف يشوقني / إذا ما الْتقى في الحبِّ نصبي وكسره
أما والذي قاست عليهِ جوانحي / من الضنك ما قاسَى من الردف خصره
لقد زيَّن قلبي المستهام بحبِّه / كما بشهاب الدِّين قد زيّن دهره
رئيس كما ترضى السيادة والعلى / بهِ زال ذلّ الدهر واشْتدَّ أزره
كثير الأيادي البيض في كلِّ مقصدٍ / إذا ما غدت تسعى على الطرس حمره
عليك به إن عافت المدح الورى / وضاق به سهل الرَّجاءِ ووعره
سجاياه لا زَهر الرِّياض وعرفها / وجدواه لا ظلّ الغمام وقطره
إذا رمت أن تتلو على يدهِ الرَّجا / فتيسير عنوان الندى منه نشره
رأيت لهُ فضلاً على جامعي الثنا / كما فضل الشهر المحرَّم عشره
وقدراً إذا أضحى به الذكر طائراً / غدا واقعاً عنه من الليل نسره
من الباذلي الأموال والقامعي العدا / فأعداؤهُ تشكو النثارَ ونثره
له قلمٌ تنهلّ بالجودِ سحبه / وتشرق في أفق الفضائلِ زُهره
عجبت له من طاهر اللفظ ظاهر / على أنه قد حاقَ في الناسِ سحره
أما وأبي العليا لقد سادَ في الورى / سيادة من أربى على الحصرِ شكره
أثاب فقلنا الغيث أبداه شامه / وزادَ فقلنا النيل أهدته مصره
هو المتلقي رفعةً بتواضعٍ / ورُبَّ رفيع حطَّ علياه كبره
وأفعاله أوفى ندًى من مقاله / وأكرم من أخباره الغرّ خبره
وأفسح من بحرِ البلاد وبرّها / ومدحي وآمالي نداه وصدره
علقت بحبل من مودته التي / هيَ الذَّخر لا بيض الثراء وصفره
وعاودته بالقصدِ أجلو مدائحي / على فكرِه الأذكى وحسبي فكره
ومن كانَ مثلي واثقاً بولائه / فيا ليت شعري ما يحاول شعره
نفرتُ عن الظبي الذي كانَ ينفر
نفرتُ عن الظبي الذي كانَ ينفر / وحلت عن العشق الذي كان يؤثر
دعوني فما عين الغزالة كحيلة / بعيني ولا وجه الغزالة نير
وخلوا أحاديثَ الجفون فواتراً / فقد حلَّ بي الخطب الذي ليسَ يفتر
ونبهني الحال الذي بأقله / ينبه من سكر الغرام كثَير
مشيبٌ وإقتار هو الشيب ثانياً / ألا هكذا يأتي الشَّقاء المكرَّر
أبى الدهر أن يصغي لألفاظ معربٍ / له أملٌ بين المقادير مضمر
فهل للأيادِي الناصريَّة عطفةٌ / يغاثُ بها داعي الرَّجاء وينصر
رئيسٌ له رأي كما وضحت ذُكا / وجودٌ كما يهمي الغمام ويهمر
وعلمٌ إذا ما غاصَ في الفكرِ غوصةً / رأيت لآلي لفظه كيفَ تنثر
وبأسٌ يذيب الصخر لكن وراءه / عواطفُ من أحلامهِ حين يقدر
علا عن فخارِ البرمكيّ فخارُه / وما قدر ما يبدِي لدى البحر جعفر
وقد سكنت في قلبهِ الطهر رحمةٌ / يكادُ بمسرى نشرها الميتُ ينشر
فمن مبلغٌ تلك العواطفَ قصَّةً / تكادُ لها صمُّ الصفا تتفطَّر
إلى مَ وأنت الغيثُ أرجعُ ظامئاً / وحتى مَ يا ظلّ العفاة أهجر
وكم يشرح البطال سيرته التي / يكافحها من حادث الدَّهر عنتر
وقالوا فلانٌ رمّ بالشعر عيشه / فيا ليت أني ميتٌ لست أشعر
تصرّم أقصى العمر أدعوك للمنى / وأرقبُ آفاق الرَّجاء وأنظر
وأصبر والأيام تقتلني أسًى / فها أنا في الدُّنيا قتيلٌ مصبر
أرى دون حظِّي مسلكاً متوعراً / إذا ما جرت فيه المنى تتعثر
ويحمرُّ دمعي حين تصفرُّ وجنتي / فألبس ثوبَ الهمِّ وهو مشهَّر
ولا ذنبَ لي عند الزمان كما ترى / سوى كلمٍ كالروض تبهى وتبهر
سوابق من نظم الكلام ونثره / لها خبرٌ في الخافقين ومخبر
وأنت الذي نطَّقتني ببديعِها / وأحوجتني أنشي الكلام وأنشر
فوائد إن عادتْ عليَّ مصائباً / فأنت بتدبير القضيَّةِ أجدر
وما هيَ إلاَّ مدَّةٌ وقد ارْتوى / رجائِي فأضحى وهو فينان أخضر
وطرس إذا ما النقش عذّر وجهه / فإنَّ وجوه القصد لا تتعذَّر
قصدتك للتنويه والجاه لا لما / تبيض من هذي اللّهى وتصفّر
إذا جمع الإنسانُ أطرافَ قصدِه / لنفحةِ مالٍ فهو جمعٌ مكسر