المجموع : 192
رأيتُ وجود الدورِ يعطي الدوائر
رأيتُ وجود الدورِ يعطي الدوائر / ويعطي وجود الدورِ فيه الدوائر
رميت بأمر لم ير العقلُ مثله / بما أنا علاَّمٌ به أنا حائر
رمى بي وجوه القومِ ثم يقولُ لي / رميتَ وجوهَ القومِ هل أنتَ ناظر
رأى نظري بالحق ما لم يكن يرى / إلاَّ أنه الرائي لما هو ساتر
رعى الله من يرعاه في كلِّ حالةٍ / وإنْ لم يكن ما قلتُه فهو خاسر
رقيت به حتى ظهرت لمستوى / وجودي فقال الكشفُ ما هو حاضر
ربابةُ سهمِ الذمِ صيَّر ذاتنا / ونحن إشاراتُ السِّهامِ الغوائر
ربا بفؤادي عين إيمانه بنا / وذلك كفر الكفر ما هو كافر
رأى الأمر من قبلِ الوقوع لأنه / يرى في ثبوتِ العين ما هو ظاهر
رقيباً عليه غائباً ثم شاهداً / فما أنا مقهورٌ ولا السِّرُّ قاهر
سأحرفُ عن قومٍ عن الحقِّ أعرضوا
سأحرفُ عن قومٍ عن الحقِّ أعرضوا / بنا فهم الأفراد يدعون بالخرسِ
سروراً يتكوين وعزاً بجَلوة / ليستوحشن الأقوام في حالة الأنسِ
سموا بل علوا إلا قليلاً لأنهم / تعالوا عن التنزيه في حضرةِ القُدس
سلامٌ على قوم تباهوا بربِّهم / على كلِّ موجودٍ من الجنِّ والإنس
سروا وظلامُ الليلِ يَستر سيرهم / إلى أن علوا فوق الإشارة بالكرسي
سرتْ همة مني على خيرِ مركبٍ / من الطبع من عقلٍ نزيهٍ ومن حسِّ
سرى نحوه سرِّي ليدري حديثه / على هيكلٍ قد بيع بالثمنِ البخسِ
سباها وأسلاها وجود منزه / عن الحدِّ بالفصل المقوّمِ والجنسِ
سناه مزيلُ ظلمةِ العرشِ والعمى / وما كان من أين يقالُ ومن جنسِ
سلت بوجودِ القيد عن نيل مُطلقٍ / عن الحبسِ بالتقييد باليومِ والأمس
شهدتُ الذي قد مهد الأرض لي فرشاً
شهدتُ الذي قد مهد الأرض لي فرشاً / شهودَ إمامٍ حاكم حكم العرشا
شغفتُ به حباً فأسهر مقلتي / ومن أجل وجدي رحمة سكن الفرشا
شهودي له بالباء ليس بغيرها / لأجل الذي قدّ سنّ أن نغرم الأرشا
شيوخ من الأقوام فيه لقيتهم / فكانوا لنا سقفاً وكنتُ لهم فرشا
شِدادٌ أولو أعزمٍ رعاةٌ أيمة / تجلى لهم فينا وفي الحية الرقشا
شعارهم التوحيدُ يبغون قربه / به وهو الشرك الذي أثبت الأعشى
شبيه بهم من كان طولَ حياته / وفي البرزخ المعلوم في الليل إذ يغشى
شمرت عليهم بعد تعظيم قدرهم / ولم آمن الهجران منه ولم أخشا
شمرت الذي من شربه اللذة التي / لشاربه نصّاً أتانا به يَغشى
شممتُ له ريحاً من المسك عاطراً / يخبرني في هذا المقام الذي يغشى
علمت بما في الغيب من كل كائن
علمت بما في الغيب من كل كائن / وما لا فما قلنا وما أدراك السمعُ
على أنني ما كنتُ إلا موحِّداً / بتوحيدِ فرق ما يخالطه جمعُ
علا الحقُّ في الإدراك عن كلِّ حادثٍ / وهل يدرك التنزيه ما قيد الطبعُ
علاه بها عقلاً وليس بذاته / وليس لمخلوقٍ على حمله وسع
عبيد وفي التحقيق ربٌ كصورةٍ / وليس له ضرٌّ وليس له نفع
عظيم على من أو جليلٌ من أجل من / تعالى فلا فطر لديه ولا صَدْع
عزيزٌ ذليلٌ بائسٌ ذو غنى / ولكن عمن إذ هو السيبُ والمنع
عبدناه بالفقرِ الذي قام عندنا / ولو قام ضدَّ الفقرِ لم ندرِ ما الصنع
علينا من التقوى رقيبٌ مُسلَّطٌ / نقيٌ وقيّ فهو لي الوتر والشفع
علوتُ عن التنزيه معنى وما علا / عن الحكمِ والتشبيه فليدع من يدعو
غنيٌ عن الأكوانِ بالذاتِ والذي
غنيٌ عن الأكوانِ بالذاتِ والذي / له من سنى الأسماء ما ليس يبلغ
غوى من له حكم الخلافةِ في الورى / لذا جاء في القرآن حقاً سنفرغ
غريقٌ ببحرٍ والنجاةُ بعيدةٌ / ولولا وجودي لم ير الحقَّ يدمغُ
غنيّ وإني أكثر الذكر جاهداً / فقال أنا عن كلِّ ذاك مفرّغ
غنيت به إذ كان كوني وجوده / ونشىء به في قالب الطبع يفرغ
غريبٌ تراه العينُ في أرضِ غُربةٍ / من الأهل والمرجوّ منه سيبلغ
غوايتنا ما كنتِ إلا لحكمة / هي الرشد عن أمرٍ أتاه المبلغ
غصصتُ بريقي بل شَرِقْتُ بمائه / ويا عجباً وهو الحياةُ فبلغوا
غرارَ حسامِ الموتِ والحكمُ فَيصلٌ / لسانٌ فصيحٌ النطقِ ما هو ألثغ
غمام جوى إتيان حقٍّ بمحشرٍ / وأرواح أملاك فقولوا وسوِّغوا
فررتُ إلى ربي كموسى ولم يكن
فررتُ إلى ربي كموسى ولم يكن / فِراري عن خوفِ عنايةِ مصطفى
فنوديتُ من تبغي فقلت وصالَ من / دعاني إليه قبل والرسم قد عفا
فما هو مطموسٌ وما هو واضحٌ / وطالبه بالنفسِ منه على شَفا
فلو كان معلوماً لكان مميَّزاً / ولو كان مجهولاً لما كان مُنصفا
فيل ليتَ شِعري هل أراه كما أرى / وجودي ومَن يرجو غنيّاً قد أنصفا
فقال لسانُ الحالِ يخبر أنني / غلطتُ ولا والله جئتُ معنفا
فبادرني في الحال من غير مقصدي / أيا حادبي عندي ببابي توقفا
فإني بحكمِ العينِ لستُ مخيرا / ولو كنتُ مختاراً لما سمعوا قفا
فنيتُ به عني فأدركَ ناظري / وجودي وغيري لو يكون تأسفا
فما ثَمَّ إلا ما رأيتُ ومن يرم / سوى ما رأينا فهو شخصٌ تعسفا
فرام أموراً عقلُه حاكمٌ بها / وما أثبت البرهانُ فالكشف قد نفى
قرأت كتابَ الحقِّ بالحقِّ مُفهماً
قرأت كتابَ الحقِّ بالحقِّ مُفهماً / فلم أر مشهوداً سوى ألسنِ الخلقِ
قلقت فلما أنْ سمعتُ معلمي / تسمَّى بما للخلقِ عدتُ إلى الحقِّ
قريباً بما عندي من الحالِ بائناً / بعيداً بما عندي من العلمِ والخلقِ
قد أفلح من زكَّى حقيقةَ نفسِه / وقد خاب من دساها في عالمِ الرتقِ
قدرتُ على كوني بعلمي بفاطري / ولولا وجودُ الرتقِ لم أحظ بالفتق
قليل ترى من كانَ رَتقاً مُنضداً / يحوز بميدانِ النهى قصبَ السبق
قتيلٌ بسيفِ الوهم من كان ذا فكر / وأين شهودُ الصفوِ من مشهد الرنق
قصدت بصدقي أن أفوز بخالقي / فناداني المطلوبُ لا قرب في الصدقِ
قنعتُ بما قد جاءني في بداية / أيقنعُ بالتكليم من كان ذا عشقِ
قبضتُ على ما قاله لأحجَّهُ / فيا ليت شعري هل يرى الحق في الحق
كبرتُ بملك الملك إذ كان من ملكي
كبرتُ بملك الملك إذ كان من ملكي / أسخره من غير مينٍ ولا إفكِ
كتصريفه بالحالِ غيباً وشاهداً / وبالأمرِ حقاً لستُ من ذاك في شك
كياني كيانُ الحقِِ إذ كنتُ ذا حجى / وفهمٍ وإني ما برحتُ من الملك
كما لي في فقري ونقصي تملكي / فحالي ما بين التملكِ والملك
كلامٌ كمثلِ الروضِ عطرُه الندى / وكاللؤلؤ المنثورِ نظم في سلك
كلامٌ له التأثيرُ في كلِّ قابلٍ / فيضحك وقتاً للتلاحين أو يبكي
كما نمَّ أزهارُ الرياضِ حروفه / فتشكو من التالي له وهو لا يشكي
كتابٌ حكيم من حكيم منزل / أكون به في الرحب وقتاً وفي ضنك
كساني نحولاً نثرُه ونظامه / فجسمي مما نالني منه في السبك
كتبتُ إليه أشتكي ما يصيبني / كما كان يشكو الناس من صاحبِ النبك
مرادي مرادُ الطالبين أولي النهى
مرادي مرادُ الطالبين أولي النهى / وحالهمُ حالي وعلمهمُ علمي
مكانتهم مني مكانة باطني / من الجسد المشهود في عالم الرسمِ
مكانٌ وإمكانٌ وإخوانُ راحةٍ / هو الغرضُ المطلوبُ عند ذوي الفهمِ
مراتبهم عُلوية يشهدونها / فويقَ استواء الأمر في العدل والحكم
مناط الثريا كان ايمنهم بنا / وأيسرهم إكليلها وهو من كمي
مشيتُ على مثليّ بيضا نقية / بقومي فلم أجهل وما جرت في زعمي
مقامي مقامي حيث لا أين وانتهت / مقالتهم فينا وجرّدت عن جسمي
مضى زمن كان التأسي برأسهم / لأن شهودَ العينِ حيرهم في اسمي
مقابل من تعنو له أوجه العلى / أنا ولهذا لم أزل ناقص القسم
مرامهمُ كوني ومرماه غائبٌ / عن الفكر والتحديد بالعقلِ والوهم
نهاني ودادي أن أبث سرائري
نهاني ودادي أن أبث سرائري / إلى أحدٍ غيري فمت بكتماني
نبا بي زمان عز عندي وجودُه / وقد كان مشهودي لمشهد إحساني
نزلتُ إلى الأمرِ الدني وكان لي / علوُّ الذي أعلى الإله به شاني
نروم أموراً من زمانٍ محكم / بتضعيف آرائي وتحليلِ أركاني
نرى فيه ربي عين دهري وموجدي / بتوحيدِ إسلامٍ عميمٍ وأيمانِ
نموت ونحيى حكم دهري بنشأتي / ولم آت فيما قلت فيه ببهتانِ
نسميه بالدهرِ العظيمِ لأنه / به قد تسمى لي بأوضح تبيان
نمتُّ إليه بالودادِ فعله / يجود على أهلِ الوجودِ بطوفان
نعيشُ به لما تألم باطني / بما أشعلَ التبريح من نار بركاني
نحت نحوه سبحانه من وجودِنا / خواطر إيماء بتقويضِ بنيانِ
وددتُ بأني ما علوت كما علوا
وددتُ بأني ما علوت كما علوا / عليه وإني ما دنوتُ كما دنوا
وعطلت ما عندي بما عندهم وما / حصلتُ على ما حصلوه وما دروا
وانهمُ في كلِّ حالٍ ومشهد / على حكم ما ظنوه فيه وما نووا
وليتهمُ لو قدَّموه وثابروا / عليه تدلوا في النزول وما علوا
ولكنهم لما تحققَ جودُهم / وجودهمُ هدُّوا قواعدَ ما بنوا
وما ذاك إلا أنَّ في الصدق ثلمةً / تخوّنهم فيما رأوه وما رووا
وليتهمُ لما تحققَ كونهمُ / لديهم وما اهتموا لذاك وما بلوا
ولو كان غيرَ الكون كوّن كونَهم / لما اتباع أضدادَ الهوى ولما شروا
ودادُك مطلوبي وحبك مذهبي / وعشقك صفو العيش هذا إذا صفوا
وصيتهم حبل الإله تمسكوا / به وتدانوا منهمُ عندما خلوا
يلبي نداء الحقِّ من كان داعياً
يلبي نداء الحقِّ من كان داعياً / جزاء لما يدعو أجابَ المناديا
يقول تذكر ما أتى في خطابه / وما أودعَ الله السنين الخواليا
يرى حضرةً لم تشهدِ العينُ مثلها / يناديه أيّاماً بها ولياليا
يؤمل أمراً لم يزل قائلاً به / من الله لم يدعو له الله داعيا
يحيى فيحيى من يشاءُ بنطقه / لذاك تراه في المحاريب تاليا
يمين له مدَّتْ لبيعة مالك / هو العبد إلا أنه كان واليا
يوليه أمرَ الكونِ فهو خليفته / وإقليده التقليد إنْ كنت واعيا
ينزله في الأرض عبداً مسوداً / سؤوساً عليماً بالأمور وراعيا
يكسر أصنامَ النفوسِ بعزمه / من الهمة العليا خفيّاً وخافيا
يناديه من ولاه أنت خليفتي / على الكل مهديّ المقام وهاديا
أحاطت بنا الأفكار من كلِّ جانبٍ
أحاطت بنا الأفكار من كلِّ جانبٍ / فأصبحتْ قد سُدَّت عليّ مسالكي
عَبوساً لمن قد جاء في غيرَ ضاحكٍ / وهل وجه رضوانَ كسحنةِ مالكِ
ولكنني لما علمت بأنني / قد أصبحتُ مملوكاً لأكرم مالكِ
ينفس عني كل كَرب وجدته / فملكني حالي جميع الممالك
فلبيتُ إجلالاً وشكراً لخالقي / وعظمت ربي في جميع المناسك
وقلت لنفسي لم يكثر الهنا / مناسكه إلا لأجلِ التماسك
فإن لم تجده ههنا ربما ترى / تجده هنا فاحذر حجابَ التباسك
لكل أناسٍ واحدٌ يقصدونه / وإني على حكم الهوى من أناسك
نزلت على الحق انتساكاً لأنه / وجود الذي تبغيه عند انتساكك
ولا تختلس إنَّ الوجودَ مُحرَّم / عليك إذا لم تعتمد في اختلاسك
شمست فلم تظفر بما مبتغيه / لأجل الذي أعطاه عين شمارك
نفست فلم يقربك إلا مكذب / كذوب وهذا أصله من نفاسك
فلا تقتبس ناراً من الزندانه / حجابٌ عليه فهو نفسُ اقتباسك
أيا خير مصحوبٍ ويا خير صاحب
أيا خير مصحوبٍ ويا خير صاحب / عليكَ اتكالي في جميعِ مطالبي
عليك اتكالي ثم أنت وسيلتي / إليك فحُل بيني وبين مطالبي
وكن عند ظني لا تخيبه إنه / من أكرمِ مطلوبٍ وأفقر طالبِ
لقد ترجم الإيمان عنكم بأنكم / ضمنتم لأمثالي جميع المطالب
غزالٌ من الفردوس بات معانقي
غزالٌ من الفردوس بات معانقي / فقبلني وداً فتم مرادي
له زينةُ الأسماءِ أسماءِ خالقي / عليه من الأثوابِ ثوبُ حداد
من أجل الذي قد بات فيه مهيماً / ضَحوكاً للقياه صحيح وداد
تراه مع الأنفاس يتلو كتابه / بعبرة محزونٍ حليفِ سهاد
يقوم بأمرِ الله إذ قال قم به / بطاعةِ مهديٍّ وسنة هادي
حروفُ الهجا عشرتها لتكون لي
حروفُ الهجا عشرتها لتكون لي / ذخيرة خيرٍ للسعادةِ شاملَة
فضمنتها علماً وأنشأتُ صورة / مخلقة عند المحقِّق كاملَهْ
وصوَّرتها مثل الهيولى لأنها / إلى صورةِ الألفاظ بالذات قابله
فأظهرتُها للعينِ شمساً منيرةَ / على صِفة تفني الزوائدَ فاضله
تراها إذا خاطبتها بذواتها / تردُّ جوابي فهي قول وقائله
فأمنتها من كلِّ تحريفٍ لافظٍ / وآمنتها من كلِّ مكرٍ وغائله
يترجم عما في الضمير وجودها / إذا أفردت أو ركبت هي باذله
بها وحايةُ العلمِ عشرت ذاتها / هي الروح إلا أنها فيه فاصله
تقسمه تقسيمَ حرِّ ممكن / خبير بما لي فهي للخيرِ واصله
تراها على النعتين مهما تكلمتْ / بها ألسنُ ما بين حالٍ وعاطله
إذا ما أبانت فهي أعدلُ شاهد / وإنْ لم تبن كانت عن الحقِّ عادله
تولّد ما بين الطبيعةِ والأمر
تولّد ما بين الطبيعةِ والأمر / وجود يسمى عالم الخلقِ والأمرِ
أهيم به دهري لصورةِ خالقي / ولولا وجودُ الدهرِ لم أفن في الدهرِ
أذوبُ وأفنى رقةً وصبابةً / إذا ما ذكرتُ الله في السرِّ والجهر
وفي صورةِ الأكوان أبصرتُ صاحبي / لذا كثرتْ أسماء حبي في شعري
فإن قلتُ شعراً في شُخيصٍ معينٍ / فما هو إلا ما تضمنه صدري
هو الحق لكن قيدَتْه حقائق / تقومُ به من عقلٍ أو حسٍّ أو فكر
يناجيه في سرّي ضميري وشاهدي / بأسمائه في الشفع كان أو الوتر
أقول له حبي فأسمعُ ردَّه / بما قلته مثلَ الصدى حكمه يجري
وجودي وجودُ العارفين لأنهم
وجودي وجودُ العارفين لأنهم / كمثلِ الذي أشهدته أشهدوا حقا
فعينهمُ عيني ولستُ سوى لهم / ولو أطلقوا جمعاً ولو أطلقوا فرقا
وكونهمُ كون الإله كما أنا / فقل إنْ تشا حقاً وقل إن تشا خلقا
كزيتونة قامت على ساقِ موجودي / فما هي في غربٍ ولا رأتِ الشرقا
تعالت عن الأرواح لا ميل عندها / ويمطرها السحب الذي يُخرجُ الودقا
فمنها بدا لي ساق حرٍّ كما بدتْ / لعيني منهن المطوقة الورقا
فعاينت آحاداً ولم أر كثرةً / وقد قلت فيما قلته الحقَّ والصدقا
ونظمت أبياتاً من الشعر فيهما / وما كان نطقي بل هما عينا النطقا
سواسيةٌ أسنانُ مشطٍ تراهمُ / وهم في سفال جاوزوا الدوح والأفقا
لهم حركات في سكون فصنعهُم / صنيعُ الذي من أجله أوجدوا الفرقا
فيفعل بالشكل المعين وضعه / لذاك تراه يحفظ الرتق والفتقا
نظرت إلى الحق المستر بالخلق
نظرت إلى الحق المستر بالخلق / فقلت بتنزيه الخلائق والحقِّ
فلم أر تشبيهاً بخلق محققا / لأن صفاتِ الخلقِ حقٌّ بلا خلق
فما الأمر إلا واحد لا موحد / عن النظر العقليِّ والقولُ بالوفق
فلا تعدلوا عني فإني منبىء / انبئكم بالحال وقتاً وبالنطق
فما كان عن حالٍ فذوق ُمحققٍ / وما كان عن نطقٍ سيسفر عن خلق
فقوموا إليه عندما تسمعونه / فذلك حظ النفسِ من مُطلق الرزق
ألم تر أن الحقَّ بالذاتِ رزقنا / ونحن له رزقٌ بفتقٍ على رَتقِ
أمرت فلم أسمع دعوتُ فلم تجب
أمرت فلم أسمع دعوتُ فلم تجب / ألا ليت شعري من هو الربُّ والعبدُ
تسترت عني بي فقلت بأنني / ظهرت فلم تخفَ خفيت فلم أبدُ
طلبتكم مني فلم أر غيركم / فهل حكمُ القبلِ المحكم والبعدُ
قعدتُ بكم عنكم لكوني كونكم / فلما قعدنا قمتَ أنت بنا تعدو
إليكم عسى يبدو وجودي إليكمُ / فألفيته في اسم يقال له الفرد
فأسماؤك الحسنى يكثر كونها / وجودي ولولا ذاك لم يكن البعد
فمن يحصها حالاً يكون بجنة / ومن يحصها عدّا يكون له الحدّ
لي البعد منكم والتداني من اسمكم / فبعدي لكم قربٌ وقربي بكم بُعدُ
إذا أنت أعطيتَ النعيم وجدتني / شكوراً وإن لم تعطني فلك الحمد
مركبنا يبغيه برهانُ وجدكم / وأفراده بالذاتِ يطلبها الحدّ
فمن قام في الأفراد فالحدّ آجلٌ / ومن قام في التركيب برهانه النقد
فكم بين موضوع حماه محرَّم / وكم بين محمولٍ يساعده الجدّ
إذا غطني ملقى الحديثِ بباطني / ففي حلِّ تركيبي يكونُ له قصد
فيفصم عني وهو للذاتِ قاهرٌ / إذا بلغ المقصودُ من غطّيَ الجهد
أسايره حتى إذا ينقضي الذي / أتاني به ألوي على عقبي أعدو
يزملني من كان عندي حاضراً / لما هدَّ مني ما تضمنه العهدُ
ولستُ بما قد قلته بمشرِّع / لقومي ولكني ورثتُ فلم أعد
تروح عليّ الروح يوماً إذا يرى / قبولا بآداب وعن امره تغدو
بما أنا مأمور به انا آمر / وما لي مهما جاءني منهما بدّ
لعبت بشطرنجِ العقولِ مدبراً / ولي في الذي يبدو القبولُ أو الردّ
وبالنرد يلهو صاحبُ الشرعِ والحجى / وقد عرفَ المطلوبَ من لهوه النرد
وبينهما شطرنج نردٍ لمن يرى / ويقضي عليه ما يقابله العقد
تولى على الأسرار سلطانُ ودِّه / وأفلح سرٌّ كان سلطانه الودّ
له حرمات في شهور تعينت / فواحدهم فردٌ وباقيهمُ سرد
إذا أنت شاهدت الوجودَ وجودَه / بذلك ما يعطيه من قدحه الزند
ولكنه بالريح روحٌ بقائه / يقال له في عُرفنا النفخ والوقد
فيفعل فعل النورِ والنارِ وسمه / كما لهما الإطفاء والذم والحمد
فخصّ بفتح النون إذ عمّ نفعه / ورحمته والضم من شأنه السدّ
فتطمع فيه الكاعبات لنفعه / وترهب منه في أماكنها الأسد