القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : مُحْيي الدّين بنُ عَرَبي الكل
المجموع : 192
رأيتُ وجود الدورِ يعطي الدوائر
رأيتُ وجود الدورِ يعطي الدوائر / ويعطي وجود الدورِ فيه الدوائر
رميت بأمر لم ير العقلُ مثله / بما أنا علاَّمٌ به أنا حائر
رمى بي وجوه القومِ ثم يقولُ لي / رميتَ وجوهَ القومِ هل أنتَ ناظر
رأى نظري بالحق ما لم يكن يرى / إلاَّ أنه الرائي لما هو ساتر
رعى الله من يرعاه في كلِّ حالةٍ / وإنْ لم يكن ما قلتُه فهو خاسر
رقيت به حتى ظهرت لمستوى / وجودي فقال الكشفُ ما هو حاضر
ربابةُ سهمِ الذمِ صيَّر ذاتنا / ونحن إشاراتُ السِّهامِ الغوائر
ربا بفؤادي عين إيمانه بنا / وذلك كفر الكفر ما هو كافر
رأى الأمر من قبلِ الوقوع لأنه / يرى في ثبوتِ العين ما هو ظاهر
رقيباً عليه غائباً ثم شاهداً / فما أنا مقهورٌ ولا السِّرُّ قاهر
سأحرفُ عن قومٍ عن الحقِّ أعرضوا
سأحرفُ عن قومٍ عن الحقِّ أعرضوا / بنا فهم الأفراد يدعون بالخرسِ
سروراً يتكوين وعزاً بجَلوة / ليستوحشن الأقوام في حالة الأنسِ
سموا بل علوا إلا قليلاً لأنهم / تعالوا عن التنزيه في حضرةِ القُدس
سلامٌ على قوم تباهوا بربِّهم / على كلِّ موجودٍ من الجنِّ والإنس
سروا وظلامُ الليلِ يَستر سيرهم / إلى أن علوا فوق الإشارة بالكرسي
سرتْ همة مني على خيرِ مركبٍ / من الطبع من عقلٍ نزيهٍ ومن حسِّ
سرى نحوه سرِّي ليدري حديثه / على هيكلٍ قد بيع بالثمنِ البخسِ
سباها وأسلاها وجود منزه / عن الحدِّ بالفصل المقوّمِ والجنسِ
سناه مزيلُ ظلمةِ العرشِ والعمى / وما كان من أين يقالُ ومن جنسِ
سلت بوجودِ القيد عن نيل مُطلقٍ / عن الحبسِ بالتقييد باليومِ والأمس
شهدتُ الذي قد مهد الأرض لي فرشاً
شهدتُ الذي قد مهد الأرض لي فرشاً / شهودَ إمامٍ حاكم حكم العرشا
شغفتُ به حباً فأسهر مقلتي / ومن أجل وجدي رحمة سكن الفرشا
شهودي له بالباء ليس بغيرها / لأجل الذي قدّ سنّ أن نغرم الأرشا
شيوخ من الأقوام فيه لقيتهم / فكانوا لنا سقفاً وكنتُ لهم فرشا
شِدادٌ أولو أعزمٍ رعاةٌ أيمة / تجلى لهم فينا وفي الحية الرقشا
شعارهم التوحيدُ يبغون قربه / به وهو الشرك الذي أثبت الأعشى
شبيه بهم من كان طولَ حياته / وفي البرزخ المعلوم في الليل إذ يغشى
شمرت عليهم بعد تعظيم قدرهم / ولم آمن الهجران منه ولم أخشا
شمرت الذي من شربه اللذة التي / لشاربه نصّاً أتانا به يَغشى
شممتُ له ريحاً من المسك عاطراً / يخبرني في هذا المقام الذي يغشى
علمت بما في الغيب من كل كائن
علمت بما في الغيب من كل كائن / وما لا فما قلنا وما أدراك السمعُ
على أنني ما كنتُ إلا موحِّداً / بتوحيدِ فرق ما يخالطه جمعُ
علا الحقُّ في الإدراك عن كلِّ حادثٍ / وهل يدرك التنزيه ما قيد الطبعُ
علاه بها عقلاً وليس بذاته / وليس لمخلوقٍ على حمله وسع
عبيد وفي التحقيق ربٌ كصورةٍ / وليس له ضرٌّ وليس له نفع
عظيم على من أو جليلٌ من أجل من / تعالى فلا فطر لديه ولا صَدْع
عزيزٌ ذليلٌ بائسٌ ذو غنى / ولكن عمن إذ هو السيبُ والمنع
عبدناه بالفقرِ الذي قام عندنا / ولو قام ضدَّ الفقرِ لم ندرِ ما الصنع
علينا من التقوى رقيبٌ مُسلَّطٌ / نقيٌ وقيّ فهو لي الوتر والشفع
علوتُ عن التنزيه معنى وما علا / عن الحكمِ والتشبيه فليدع من يدعو
غنيٌ عن الأكوانِ بالذاتِ والذي
غنيٌ عن الأكوانِ بالذاتِ والذي / له من سنى الأسماء ما ليس يبلغ
غوى من له حكم الخلافةِ في الورى / لذا جاء في القرآن حقاً سنفرغ
غريقٌ ببحرٍ والنجاةُ بعيدةٌ / ولولا وجودي لم ير الحقَّ يدمغُ
غنيّ وإني أكثر الذكر جاهداً / فقال أنا عن كلِّ ذاك مفرّغ
غنيت به إذ كان كوني وجوده / ونشىء به في قالب الطبع يفرغ
غريبٌ تراه العينُ في أرضِ غُربةٍ / من الأهل والمرجوّ منه سيبلغ
غوايتنا ما كنتِ إلا لحكمة / هي الرشد عن أمرٍ أتاه المبلغ
غصصتُ بريقي بل شَرِقْتُ بمائه / ويا عجباً وهو الحياةُ فبلغوا
غرارَ حسامِ الموتِ والحكمُ فَيصلٌ / لسانٌ فصيحٌ النطقِ ما هو ألثغ
غمام جوى إتيان حقٍّ بمحشرٍ / وأرواح أملاك فقولوا وسوِّغوا
فررتُ إلى ربي كموسى ولم يكن
فررتُ إلى ربي كموسى ولم يكن / فِراري عن خوفِ عنايةِ مصطفى
فنوديتُ من تبغي فقلت وصالَ من / دعاني إليه قبل والرسم قد عفا
فما هو مطموسٌ وما هو واضحٌ / وطالبه بالنفسِ منه على شَفا
فلو كان معلوماً لكان مميَّزاً / ولو كان مجهولاً لما كان مُنصفا
فيل ليتَ شِعري هل أراه كما أرى / وجودي ومَن يرجو غنيّاً قد أنصفا
فقال لسانُ الحالِ يخبر أنني / غلطتُ ولا والله جئتُ معنفا
فبادرني في الحال من غير مقصدي / أيا حادبي عندي ببابي توقفا
فإني بحكمِ العينِ لستُ مخيرا / ولو كنتُ مختاراً لما سمعوا قفا
فنيتُ به عني فأدركَ ناظري / وجودي وغيري لو يكون تأسفا
فما ثَمَّ إلا ما رأيتُ ومن يرم / سوى ما رأينا فهو شخصٌ تعسفا
فرام أموراً عقلُه حاكمٌ بها / وما أثبت البرهانُ فالكشف قد نفى
قرأت كتابَ الحقِّ بالحقِّ مُفهماً
قرأت كتابَ الحقِّ بالحقِّ مُفهماً / فلم أر مشهوداً سوى ألسنِ الخلقِ
قلقت فلما أنْ سمعتُ معلمي / تسمَّى بما للخلقِ عدتُ إلى الحقِّ
قريباً بما عندي من الحالِ بائناً / بعيداً بما عندي من العلمِ والخلقِ
قد أفلح من زكَّى حقيقةَ نفسِه / وقد خاب من دساها في عالمِ الرتقِ
قدرتُ على كوني بعلمي بفاطري / ولولا وجودُ الرتقِ لم أحظ بالفتق
قليل ترى من كانَ رَتقاً مُنضداً / يحوز بميدانِ النهى قصبَ السبق
قتيلٌ بسيفِ الوهم من كان ذا فكر / وأين شهودُ الصفوِ من مشهد الرنق
قصدت بصدقي أن أفوز بخالقي / فناداني المطلوبُ لا قرب في الصدقِ
قنعتُ بما قد جاءني في بداية / أيقنعُ بالتكليم من كان ذا عشقِ
قبضتُ على ما قاله لأحجَّهُ / فيا ليت شعري هل يرى الحق في الحق
كبرتُ بملك الملك إذ كان من ملكي
كبرتُ بملك الملك إذ كان من ملكي / أسخره من غير مينٍ ولا إفكِ
كتصريفه بالحالِ غيباً وشاهداً / وبالأمرِ حقاً لستُ من ذاك في شك
كياني كيانُ الحقِِ إذ كنتُ ذا حجى / وفهمٍ وإني ما برحتُ من الملك
كما لي في فقري ونقصي تملكي / فحالي ما بين التملكِ والملك
كلامٌ كمثلِ الروضِ عطرُه الندى / وكاللؤلؤ المنثورِ نظم في سلك
كلامٌ له التأثيرُ في كلِّ قابلٍ / فيضحك وقتاً للتلاحين أو يبكي
كما نمَّ أزهارُ الرياضِ حروفه / فتشكو من التالي له وهو لا يشكي
كتابٌ حكيم من حكيم منزل / أكون به في الرحب وقتاً وفي ضنك
كساني نحولاً نثرُه ونظامه / فجسمي مما نالني منه في السبك
كتبتُ إليه أشتكي ما يصيبني / كما كان يشكو الناس من صاحبِ النبك
مرادي مرادُ الطالبين أولي النهى
مرادي مرادُ الطالبين أولي النهى / وحالهمُ حالي وعلمهمُ علمي
مكانتهم مني مكانة باطني / من الجسد المشهود في عالم الرسمِ
مكانٌ وإمكانٌ وإخوانُ راحةٍ / هو الغرضُ المطلوبُ عند ذوي الفهمِ
مراتبهم عُلوية يشهدونها / فويقَ استواء الأمر في العدل والحكم
مناط الثريا كان ايمنهم بنا / وأيسرهم إكليلها وهو من كمي
مشيتُ على مثليّ بيضا نقية / بقومي فلم أجهل وما جرت في زعمي
مقامي مقامي حيث لا أين وانتهت / مقالتهم فينا وجرّدت عن جسمي
مضى زمن كان التأسي برأسهم / لأن شهودَ العينِ حيرهم في اسمي
مقابل من تعنو له أوجه العلى / أنا ولهذا لم أزل ناقص القسم
مرامهمُ كوني ومرماه غائبٌ / عن الفكر والتحديد بالعقلِ والوهم
نهاني ودادي أن أبث سرائري
نهاني ودادي أن أبث سرائري / إلى أحدٍ غيري فمت بكتماني
نبا بي زمان عز عندي وجودُه / وقد كان مشهودي لمشهد إحساني
نزلتُ إلى الأمرِ الدني وكان لي / علوُّ الذي أعلى الإله به شاني
نروم أموراً من زمانٍ محكم / بتضعيف آرائي وتحليلِ أركاني
نرى فيه ربي عين دهري وموجدي / بتوحيدِ إسلامٍ عميمٍ وأيمانِ
نموت ونحيى حكم دهري بنشأتي / ولم آت فيما قلت فيه ببهتانِ
نسميه بالدهرِ العظيمِ لأنه / به قد تسمى لي بأوضح تبيان
نمتُّ إليه بالودادِ فعله / يجود على أهلِ الوجودِ بطوفان
نعيشُ به لما تألم باطني / بما أشعلَ التبريح من نار بركاني
نحت نحوه سبحانه من وجودِنا / خواطر إيماء بتقويضِ بنيانِ
وددتُ بأني ما علوت كما علوا
وددتُ بأني ما علوت كما علوا / عليه وإني ما دنوتُ كما دنوا
وعطلت ما عندي بما عندهم وما / حصلتُ على ما حصلوه وما دروا
وانهمُ في كلِّ حالٍ ومشهد / على حكم ما ظنوه فيه وما نووا
وليتهمُ لو قدَّموه وثابروا / عليه تدلوا في النزول وما علوا
ولكنهم لما تحققَ جودُهم / وجودهمُ هدُّوا قواعدَ ما بنوا
وما ذاك إلا أنَّ في الصدق ثلمةً / تخوّنهم فيما رأوه وما رووا
وليتهمُ لما تحققَ كونهمُ / لديهم وما اهتموا لذاك وما بلوا
ولو كان غيرَ الكون كوّن كونَهم / لما اتباع أضدادَ الهوى ولما شروا
ودادُك مطلوبي وحبك مذهبي / وعشقك صفو العيش هذا إذا صفوا
وصيتهم حبل الإله تمسكوا / به وتدانوا منهمُ عندما خلوا
يلبي نداء الحقِّ من كان داعياً
يلبي نداء الحقِّ من كان داعياً / جزاء لما يدعو أجابَ المناديا
يقول تذكر ما أتى في خطابه / وما أودعَ الله السنين الخواليا
يرى حضرةً لم تشهدِ العينُ مثلها / يناديه أيّاماً بها ولياليا
يؤمل أمراً لم يزل قائلاً به / من الله لم يدعو له الله داعيا
يحيى فيحيى من يشاءُ بنطقه / لذاك تراه في المحاريب تاليا
يمين له مدَّتْ لبيعة مالك / هو العبد إلا أنه كان واليا
يوليه أمرَ الكونِ فهو خليفته / وإقليده التقليد إنْ كنت واعيا
ينزله في الأرض عبداً مسوداً / سؤوساً عليماً بالأمور وراعيا
يكسر أصنامَ النفوسِ بعزمه / من الهمة العليا خفيّاً وخافيا
يناديه من ولاه أنت خليفتي / على الكل مهديّ المقام وهاديا
أحاطت بنا الأفكار من كلِّ جانبٍ
أحاطت بنا الأفكار من كلِّ جانبٍ / فأصبحتْ قد سُدَّت عليّ مسالكي
عَبوساً لمن قد جاء في غيرَ ضاحكٍ / وهل وجه رضوانَ كسحنةِ مالكِ
ولكنني لما علمت بأنني / قد أصبحتُ مملوكاً لأكرم مالكِ
ينفس عني كل كَرب وجدته / فملكني حالي جميع الممالك
فلبيتُ إجلالاً وشكراً لخالقي / وعظمت ربي في جميع المناسك
وقلت لنفسي لم يكثر الهنا / مناسكه إلا لأجلِ التماسك
فإن لم تجده ههنا ربما ترى / تجده هنا فاحذر حجابَ التباسك
لكل أناسٍ واحدٌ يقصدونه / وإني على حكم الهوى من أناسك
نزلت على الحق انتساكاً لأنه / وجود الذي تبغيه عند انتساكك
ولا تختلس إنَّ الوجودَ مُحرَّم / عليك إذا لم تعتمد في اختلاسك
شمست فلم تظفر بما مبتغيه / لأجل الذي أعطاه عين شمارك
نفست فلم يقربك إلا مكذب / كذوب وهذا أصله من نفاسك
فلا تقتبس ناراً من الزندانه / حجابٌ عليه فهو نفسُ اقتباسك
أيا خير مصحوبٍ ويا خير صاحب
أيا خير مصحوبٍ ويا خير صاحب / عليكَ اتكالي في جميعِ مطالبي
عليك اتكالي ثم أنت وسيلتي / إليك فحُل بيني وبين مطالبي
وكن عند ظني لا تخيبه إنه / من أكرمِ مطلوبٍ وأفقر طالبِ
لقد ترجم الإيمان عنكم بأنكم / ضمنتم لأمثالي جميع المطالب
غزالٌ من الفردوس بات معانقي
غزالٌ من الفردوس بات معانقي / فقبلني وداً فتم مرادي
له زينةُ الأسماءِ أسماءِ خالقي / عليه من الأثوابِ ثوبُ حداد
من أجل الذي قد بات فيه مهيماً / ضَحوكاً للقياه صحيح وداد
تراه مع الأنفاس يتلو كتابه / بعبرة محزونٍ حليفِ سهاد
يقوم بأمرِ الله إذ قال قم به / بطاعةِ مهديٍّ وسنة هادي
حروفُ الهجا عشرتها لتكون لي
حروفُ الهجا عشرتها لتكون لي / ذخيرة خيرٍ للسعادةِ شاملَة
فضمنتها علماً وأنشأتُ صورة / مخلقة عند المحقِّق كاملَهْ
وصوَّرتها مثل الهيولى لأنها / إلى صورةِ الألفاظ بالذات قابله
فأظهرتُها للعينِ شمساً منيرةَ / على صِفة تفني الزوائدَ فاضله
تراها إذا خاطبتها بذواتها / تردُّ جوابي فهي قول وقائله
فأمنتها من كلِّ تحريفٍ لافظٍ / وآمنتها من كلِّ مكرٍ وغائله
يترجم عما في الضمير وجودها / إذا أفردت أو ركبت هي باذله
بها وحايةُ العلمِ عشرت ذاتها / هي الروح إلا أنها فيه فاصله
تقسمه تقسيمَ حرِّ ممكن / خبير بما لي فهي للخيرِ واصله
تراها على النعتين مهما تكلمتْ / بها ألسنُ ما بين حالٍ وعاطله
إذا ما أبانت فهي أعدلُ شاهد / وإنْ لم تبن كانت عن الحقِّ عادله
تولّد ما بين الطبيعةِ والأمر
تولّد ما بين الطبيعةِ والأمر / وجود يسمى عالم الخلقِ والأمرِ
أهيم به دهري لصورةِ خالقي / ولولا وجودُ الدهرِ لم أفن في الدهرِ
أذوبُ وأفنى رقةً وصبابةً / إذا ما ذكرتُ الله في السرِّ والجهر
وفي صورةِ الأكوان أبصرتُ صاحبي / لذا كثرتْ أسماء حبي في شعري
فإن قلتُ شعراً في شُخيصٍ معينٍ / فما هو إلا ما تضمنه صدري
هو الحق لكن قيدَتْه حقائق / تقومُ به من عقلٍ أو حسٍّ أو فكر
يناجيه في سرّي ضميري وشاهدي / بأسمائه في الشفع كان أو الوتر
أقول له حبي فأسمعُ ردَّه / بما قلته مثلَ الصدى حكمه يجري
وجودي وجودُ العارفين لأنهم
وجودي وجودُ العارفين لأنهم / كمثلِ الذي أشهدته أشهدوا حقا
فعينهمُ عيني ولستُ سوى لهم / ولو أطلقوا جمعاً ولو أطلقوا فرقا
وكونهمُ كون الإله كما أنا / فقل إنْ تشا حقاً وقل إن تشا خلقا
كزيتونة قامت على ساقِ موجودي / فما هي في غربٍ ولا رأتِ الشرقا
تعالت عن الأرواح لا ميل عندها / ويمطرها السحب الذي يُخرجُ الودقا
فمنها بدا لي ساق حرٍّ كما بدتْ / لعيني منهن المطوقة الورقا
فعاينت آحاداً ولم أر كثرةً / وقد قلت فيما قلته الحقَّ والصدقا
ونظمت أبياتاً من الشعر فيهما / وما كان نطقي بل هما عينا النطقا
سواسيةٌ أسنانُ مشطٍ تراهمُ / وهم في سفال جاوزوا الدوح والأفقا
لهم حركات في سكون فصنعهُم / صنيعُ الذي من أجله أوجدوا الفرقا
فيفعل بالشكل المعين وضعه / لذاك تراه يحفظ الرتق والفتقا
نظرت إلى الحق المستر بالخلق
نظرت إلى الحق المستر بالخلق / فقلت بتنزيه الخلائق والحقِّ
فلم أر تشبيهاً بخلق محققا / لأن صفاتِ الخلقِ حقٌّ بلا خلق
فما الأمر إلا واحد لا موحد / عن النظر العقليِّ والقولُ بالوفق
فلا تعدلوا عني فإني منبىء / انبئكم بالحال وقتاً وبالنطق
فما كان عن حالٍ فذوق ُمحققٍ / وما كان عن نطقٍ سيسفر عن خلق
فقوموا إليه عندما تسمعونه / فذلك حظ النفسِ من مُطلق الرزق
ألم تر أن الحقَّ بالذاتِ رزقنا / ونحن له رزقٌ بفتقٍ على رَتقِ
أمرت فلم أسمع دعوتُ فلم تجب
أمرت فلم أسمع دعوتُ فلم تجب / ألا ليت شعري من هو الربُّ والعبدُ
تسترت عني بي فقلت بأنني / ظهرت فلم تخفَ خفيت فلم أبدُ
طلبتكم مني فلم أر غيركم / فهل حكمُ القبلِ المحكم والبعدُ
قعدتُ بكم عنكم لكوني كونكم / فلما قعدنا قمتَ أنت بنا تعدو
إليكم عسى يبدو وجودي إليكمُ / فألفيته في اسم يقال له الفرد
فأسماؤك الحسنى يكثر كونها / وجودي ولولا ذاك لم يكن البعد
فمن يحصها حالاً يكون بجنة / ومن يحصها عدّا يكون له الحدّ
لي البعد منكم والتداني من اسمكم / فبعدي لكم قربٌ وقربي بكم بُعدُ
إذا أنت أعطيتَ النعيم وجدتني / شكوراً وإن لم تعطني فلك الحمد
مركبنا يبغيه برهانُ وجدكم / وأفراده بالذاتِ يطلبها الحدّ
فمن قام في الأفراد فالحدّ آجلٌ / ومن قام في التركيب برهانه النقد
فكم بين موضوع حماه محرَّم / وكم بين محمولٍ يساعده الجدّ
إذا غطني ملقى الحديثِ بباطني / ففي حلِّ تركيبي يكونُ له قصد
فيفصم عني وهو للذاتِ قاهرٌ / إذا بلغ المقصودُ من غطّيَ الجهد
أسايره حتى إذا ينقضي الذي / أتاني به ألوي على عقبي أعدو
يزملني من كان عندي حاضراً / لما هدَّ مني ما تضمنه العهدُ
ولستُ بما قد قلته بمشرِّع / لقومي ولكني ورثتُ فلم أعد
تروح عليّ الروح يوماً إذا يرى / قبولا بآداب وعن امره تغدو
بما أنا مأمور به انا آمر / وما لي مهما جاءني منهما بدّ
لعبت بشطرنجِ العقولِ مدبراً / ولي في الذي يبدو القبولُ أو الردّ
وبالنرد يلهو صاحبُ الشرعِ والحجى / وقد عرفَ المطلوبَ من لهوه النرد
وبينهما شطرنج نردٍ لمن يرى / ويقضي عليه ما يقابله العقد
تولى على الأسرار سلطانُ ودِّه / وأفلح سرٌّ كان سلطانه الودّ
له حرمات في شهور تعينت / فواحدهم فردٌ وباقيهمُ سرد
إذا أنت شاهدت الوجودَ وجودَه / بذلك ما يعطيه من قدحه الزند
ولكنه بالريح روحٌ بقائه / يقال له في عُرفنا النفخ والوقد
فيفعل فعل النورِ والنارِ وسمه / كما لهما الإطفاء والذم والحمد
فخصّ بفتح النون إذ عمّ نفعه / ورحمته والضم من شأنه السدّ
فتطمع فيه الكاعبات لنفعه / وترهب منه في أماكنها الأسد

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025