القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ الرُّومِي الكل
المجموع : 408
عجبتُ لدهرٍ ينتحيك صُرُوفُه
عجبتُ لدهرٍ ينتحيك صُرُوفُه / وليس لها إلّا بعرفك حامدُ
أتهدي لك الأيام غوْلاً وإنما / مساعيك في أعناقهن قلائدُ
تجنَّى عليك الدْهرُ ذنباً فلم يجد / لك الدهرُ ذنباً غير أنك ماجدُ
سيعلم إن لم ينزجر عنك أنه / كطارف عَيْنَيْ نفسه وهو عامدُ
ولو كان يدري أن خلدك زينةٌ / له وجمالٌ ودَّ أنَّك خالدُ
لما وَجَدَتْ وجدي بكم أُمُّ واحدٍ
لما وَجَدَتْ وجدي بكم أُمُّ واحدٍ / تَعُوذُ من الأَسْواء فيه بواحدِ
وإني وإن أضحى لسانيَ جاحداً / لذو مدْمعٍ يُضْحي وليس بجاحدِ
فكيف بإقرارِ المحبِّ وإنما / يروح ويغدو بين باغٍ وحاسدِ
وفي قُبْحها كافٍ لها من كِيَادها
وفي قُبْحها كافٍ لها من كِيَادها / ولكنها في فعلها تتبرَّدُ
ولو عَقِلَت ما كايدتنا لأنها / بأنفاسها والوجهِ والطبلِ أكْيَدُ
ولكنها تبغي التَّبرُّد أنها / تُكابِدُ ناراً في استها تتوقَّدُ
ستعلم إن أحْمى الهِجاءُ وطيسَه / على من غدا شيطانُها يتمَرَّدُ
ألا فليهاجر حبَّه وعزيزه
ألا فليهاجر حبَّه وعزيزه / ويصبرْ على بُعد يؤدي إلى القصْدِ
ولكنكُمْ كنتُمْ تريدون علّةً / فهيَّجَكُمْ أدْنَى عِتاب إلى الصَّدِّ
عبرتُمْ زماناً تطلبون قطيعتي / فأوجدْتُكُمْ ما تطلبون بلا عمدِ
رجوتُ صلاح القبْل بالبَعْدِ فانبرى / لنا ظلمُكُم فاستفسد القبلَ بالبعدِ
ومن حرك المعتلَّ عرَّضَ وصْله / وخُلَّته للصَّرْم والغدْرِ بالعهدِ
لعمري لقد غُرِّرْتُ حين اسْتَزَدْتُكُمْ / بما كان من عهدٍ ضعيفٍ ومن عقدِ
وكنت وما حاولته من زيادةٍ / وما نالني من ذاك في جملة الودِّ
كطالبِ رِبْحٍ في سبيلٍ مخوفةٍ / فأَوْدَى بأصل المال والحرصُ قد يودي
وكم طالبٍ ربحاً إلى أصل ماله / فآب حَريباً أوْبة الخائب المُكْدِي
ومن رام تشييد البناء وأُسُّهُ / ضعيفٌ فما يبنيه أَوَّلُ منهدِّ
وكنتم أعرتم فارتجعتُمْ وإنما / تؤول عَوارِيُّ المعِير إلى الردِّ
فإنك ما أوحشت حين تركتها
فإنك ما أوحشت حين تركتها / نديماً ولا أوجدتَ فقدك فاقدا
لما زاد في الشرب الذي قد تركته / من الراح خيرٌ منك في الشرب زائدا
سأبْدِئُ شكري تارة وأعيدُه
سأبْدِئُ شكري تارة وأعيدُه / على مُبْدئٍ للعارفات مُعيدِ
فتىً بدأتْني بدأةٌ من فَعَاله / أنسْتُ بها أُنسي صَبيحَةَ عيدِ
تطيب به الأرضُ الخبيثُ صعيدُها / وتزداد ذاتُ الطيب طيبَ صعيدِ
فَلا تسترثْ حمدي مع الشكر إنه / لبيْنَ قَعيدٍ منهما وقعيدِ
إذا أمنَتْ نفسي وعيدَ زمانها / على ابن سَعيد لم تُرَعْ بوعيدِ
وما زادَهُ إلا دُنُوَّاً بعادُهُ
وما زادَهُ إلا دُنُوَّاً بعادُهُ / على حَنَقٍ من حاسديه على وُدِّي
يقولون تنساه إذا طالَ عهْده / وما زادني إلا اشتغالاً به فَقْدي
ولا عَلمَ الرحمنُ أنِّي سلَوْتُهُ / ولا زال بي كيدُ الوشاة عن العهدِ
لئن نِلْتُمُ منها حُظوظاً لقد غَدتْ
لئن نِلْتُمُ منها حُظوظاً لقد غَدتْ / نفوسُكُمُ مذمومةً في المشاهدِ
كسوْتُم جُنوباً منكُم لِبْسَةَ القِلى / وعرَّيْتُمُوها من لِباس المحامدِ
فإن فخرتْ بالجُود ألْسُنُ معْشرٍ / عَضَضْتُمْ على صُغْرٍ بِصُمّ الجلامدِ
تَسمَّيْتُمُ فينا ملوكاً وأنْتُمُ / عبيدٌ لما تحوي بطونُ المزاودِ
ومكَّنْتُمُ أذقانَكُمْ من نُحوركُمْ / كأنَّكُمُ أولادُ يَحيَى بن خالدِ
فلو أن أعناقاً تُمَدُّ لخيركُمْ / لقلَّدْتموها خاملاتِ القلائدِ
متى آل وهب يَرْتَجي الرِّيَّ حائمٌ / إذا كنتُم مُلّاكَ سُبْل المواردِ
لقد ذُدْتُمونا من مشارِبَ جَمَّةٍ / وغَرَّقْتُمُ في غمرها كلَّ جاحدِ
وأحيَيْتُمْ دينَ الصَّليبِ وقمْتُمُ / بتشيِيد أعْمارٍ وهدْمِ مساجدِ
وإبطال ما كان الخليفة جعْفَرٌ / تخيَّرَهُ زِيّا لكلِّ مُعاندِ
ومَلَّكْتُمُ لَيْثاً كُنوزاً مصونةً / بِبذْلٍ لأعراضٍ ومنْع مواعدِ
فكلُّ الذي أظهَرْتُمُ من فَعَالِكُمْ / دَليلٌ على تصديق خُبْث الموالدِ
لكم نعمةٌ أضحتْ لضِيق صُدوركُمْ / مُبَرَّأَةً من كل مُثْن وحامدِ
كَسَبْتُمْ يساراً واكتَسبتم ببخلِكمْ / شَناراً عليكم باقياً غير بائدِ
فإن هي زالت عنكُمُ فزوالُها / يُجدِّدُ إنعاماً على كل ماجدِ
ولو أن وهباً كان أعْدى أكفّكُم / على البخل من جُود استه بالأوابدِ
لظلَّتْ على العافين أسْمَحَ بالندى / من الهاطلات البارقات الرواعد
وعلَّ سميَّ المبتلى في جبينه / سيأخذ بالثارات من كل فاسدِ
كأنِّيَ أستدني بك ابن حَنِيَّةٍ
كأنِّيَ أستدني بك ابن حَنِيَّةٍ / إذا النَّزْعُ أدناه إلى الصدر أبعدا
تجرَّدَ من غمدين سيفٌ مُهَنَّدُ
تجرَّدَ من غمدين سيفٌ مُهَنَّدُ / هُمامٌ مضت أسلافُهُ فهو أوْحَدُ
شهابٌ أجاد البدرُ والشمسُ نَجْلَهُ / وغابا فأمسى وهو في الأرض مُفرَدُ
قد اعتَضَدَتْ بالله والحقِّ نفسُه / فأصبح مَعضوداً وما زال يُعْضَدُ
فلا يفرحنَّ الشامتون فإنما / يُصمِّمُ حدّ السيف حين يجرَّدُ
ولا يعْثُرَنَّ العاثرون فإنما / لهم جندَلٌ يُدمي الوجوهَ وجلمَدُ
مضى شافعاً من كان يخطىء مرة / فلا تُخْطئنْ رِجْلٌ ولا تُخطئنْ يَدُ
أتاكمْ صريحُ العدل لا ظُلمَ عنده / ولا خُلُقٌ للظالمين مُمهَّدُ
أراكمْ وليَّ العهد حامي حماكُمُ / ومُردي عداكم والمآثمُ شُهَّدُ
أتاكمْ أبو العباس لا تنكرونَهُ / يُسَلَّلُ فيكم تارةً ويجرَّدُ
كريمٌ يظلّ الأمسُ يُعْملُ نحوه / تلفُّتَ ملْهوف ويشتاقُهُ الغَدُ
يودُّ زمانٌ ينقضي عنْه أنه / عليه إلى أن ينْفَدَ الدهرُ سرمَدُ
تواضَعَ إذ نال التي ليس فوقها / مَنالٌ وهل فوق التي نال مَصْعَدُ
سوى غُرُفات أصبحتْ نُصبَ همَّةٍ / له في جوار الله منهن مَقعَدُ
وذاك إذا مرّتْ له ألف حجَّةٍ / وسلطانُه في كل يوم يؤكَّدُ
ستفتح أبوابُ السماء برحمة / وتنزل عن برٍّ له يتصعَّدُ
وبالعدل أو بالحقِّ من أُمرائنا / تُفَتَّحُ أبوابُ السماء وتوصَدُ
إليك وليَّ العهد أُهْدي مقالةً / مسدَّدةً لا يجتويها مُسَدَّدُ
وليتَ بني الدنيا فَنُكِّرَ مُنْكرٌ / وعُرِّفَ معروفٌ وأُصْلح مُفْسَدُ
وأنت أبو العباس إنْ حاصَ حائصٌ / وإن لَزِمَ المُثلى فإنك أحمدُ
نذيرٌ لما تُكْنَى به لذوي النُّهى / بشيرٌ لما تُسْمى به لا تُفنّدُ
لك اسمٌ وجدناه بخيرك واعدٌ / وإن قارَنَتْهُ كُنْيةٌ تتوعَّدُ
عِدات لمن يأتي السَّداد وراءها / وعيدٌ لمن يطغى ومن يتمرّدُ
ألا فليخفْ غاوٍ ولا يخشى راشدٌ / فَعَدلُكَ مسلولٌ وجوْرُكَ مُغمَدُ
وعِشْ والذي كَنَّيْتَهُ بمحمَّدٍ / ذوي غبطةٍ حتى يشيخ محمّدُ
ولا برحت من ذي الأيادي عليكُمُ / أيادٍ توالت في شبابٍ تُجدَّدُ
ومن لا تخلِّده الليالي فكلُّكُمْ / بِخُلْدِ الذي يبني ويَثْني مُخَلَّدُ
وسمعاً أبا العباس قولاً مُسدَّداً / أتى من وليّ مجتبيه مُسَدَّدُ
لعمري لقد حَجَّ الولاةَ خَصِيمُهُمْ / وأنَّى لسيفٍ أمكن الجورَ مُغْمَدُ
فما يَنْقِمون الآن لا درَّ دَرُّهم / وقد قام بالعدل الرضيُّ المحمَّدُ
وفي العدل ما أرضاهُمُ غير أنهم / حصائد سيف الله لا بدَّ تحصَدُ
وقد كان منهنّ الكَفُور ابن بلبل / فهل راشدٌ يهديه غاوٍ فيسعدُ
كفورٌ أبى إلا جُحُوداً لنعمةٍ / تُكذِّبه شهّادُها حين يجحدُ
ألا فعليه لعنةُ الله دِيمةً / ووبْلاً كثيراً شِرْبه لا يُصرّدُ
ألا وعلى أشياعه مثل لَعْنَةٍ / رماهُ بها داعٍ عليه وأوْكَدُ
حَبَاك بها عن شكر أصدق نِيَّةٍ / وَليٌّ وموْلى في الولاءِ مردّدُ
يرى أن إهلاك الكفور ابن بلبلٍ / حياة له أسبابُها لا تُنكَّدُ
ويُسألُ للعَظْم الذي كان هاضَه / جُبوراً بِرِفْدٍ والمرجِّيكَ يُرْفدُ
رقدْتُ وما ليلُ الغريب براقدِ
رقدْتُ وما ليلُ الغريب براقدِ / وما راقدٌ لم يرْعَ نجماً كساهدِ
وكيف رُقاد الصَّبِّ ما بين سائقٍ / من الشوْق يُقريه النزاعَ وقائدِ
إذا ما تدانيْنا مُنعتُ وإن تَبِنْ / جَزِعْتُ وما في المنْع عذرٌ لواجِدِ
تبيتُ ذراعي لي وساداً ومُنْصُلي / ضجيعاً إذا ما بتُّ فوق الوسائدِ
أحنُّ إلى بغداذ والبيدُ دونها / حنينَ عميدِ القلب حَرَّانَ فاقِدِ
وأتركها قصْداً لآمِدَ طائعاً / وقلبي إليها بالهوى جِدَّ قاصِدِ
ألا هلْ لأيام تعلَّلْتُ عيشها / بها عودةٌ أم ليس دهرٌ بعائدِ
بلى ربما عاد الزمان بمثل ما / بدا فحمدنا فعلَه غير عامدِ
فما مثلُها للمُلْك دار خلافة / أجَلْ لا ولا للطيب مرتاد رائدِ
وما خِلْتُنا مستبدِلِي بقعةٍ بها / من الأرض لولا شؤْمُ صاحبِ آمِدِ
أظنَّ أميرَ المؤمنين كغيره / من الناس تَبَّاً للغَويِّ المعانِدِ
ألم ير أن الأمر في الأرض أَمره / وأن الذي يعصيه ليس بخالدِ
وما عذر من ضلَّ الهدى وأمامَهُ / ضياءُ شهاب في دُجى الليل واقِدِ
لقد رأبَ الله الثَّأى وجلا العمى / بمعْتَضِدٍ بالله للدين عاضدِ
حليمٍ عليمٍ للرَّعية ناظرٍ / رؤوفٍ بهم يحنو عليهم كوالدِ
يريحُهُمُ إتعابُهُ نفسَه لهم / ويُسْهِرُهُ إصلاحُ أحوال هاجدِ
إذا ما العِدا لم يستجيروا بعفْوه / ويُلْقوا إليه خُضَّعاً بالمقالدِ
سرى جَحْفَلٌ من بأْسه قاصداً لهم / فساقهمُ قهراً كسوْق الطَّرائِدِ
وإن أرْصدوا منه لإدراك غرَّةٍ / لقُوا دونها أسيافه بالمراصدِ
وما غَرَّهم لا يَبْعَد اللَّهُ غيرَهُمْ / بليْثٍ على لجْبِ المحجَّة صائدِ
إذا ما انتضى للعزم صارمَ رأْيه / رأيتَ جميع الناس في مَسْك واحدِ
ويكشف أعقابَ الأمور صدورُها / له فيراها غائباً كمشاهدِ
ألست الذي ساد الورى وحَوى العلا / على رغم أنفٍ من عدو وحاسدِ
منعتَ حِمى الإسلام ممن يكيدُه / وضاربتَ عنه قائماً غير قاعدِ
وباشرتَ فيه كل لينٍ وشدةٍ / وجاهدتَ عنه فوق جَهْد المجاهدِ
غلاماً أميراً ثم كهلاً خليفةً / بهمَّة ماضي العزم يقظانَ ماجدِ
وكم مارقٍ من ربقة الدين خائنٍ / لنعمى الإله عنده فيك جاحدِ
دَلَفْتَ إليه فاستبحتَ حَرِيمَهُ / بجيشٍ لُهامٍ كالمدود الزَّوائدِ
وأسلفتَ إنذاراً وقدّمت عذْرَةً / لتقويم مُعوَجٍّ وإصلاح فاسدِ
ولو شئتَ أطعمتَ المنية رُوحه / بأدنى غلامٍ أو بأصغر قائدِ
وقد فَغرتْ فاهاً له غير أنها / تراقب إذناً منك غير مساعدِ
وأنت تراعي الله فيمن تضمُّه / مدينتُه من مسلم ومُعاهدِ
فلم يعصم ابن الشيخ تَشييدُ سُوره / على رأس نيقٍ بالصَّفا والجلامدِ
بل اغترَّ بالإحْصار منه وسوَّلتْ / له النفس غَيّاً ليس غاوٍ كراشدِ
وما الحازمُ النِّحريرُ إلا الذي يرى / مصادرَ ما يأتيه قبل المواردِ
وقد كان في الغيثِ المُواصل غوْثُهُ / يدافعنا عنه دفاعَ المُكايدِ
فلما تقضى حيْنُه وتفرَّغتْ / عَزاليه ثُرنا كالليوث اللوابدِ
فجادتْهُ من وُبل السهام سحابةٌ / تسح ذُعافاً من سمام الأساودِ
وأمطرَه جذْبُ المجانيق جنْدلاً / وناراً تلظَّى كانقضاض الفراقدِ
ودبَّ عليه الموتُ غضبانَ مسرعاً / باباته من محكمات المصائدِ
ثلاثةُ أيامٍ فَقَطَّ عُددتها / به ساهراً في ليله غيرَ راقدِ
فأخرَجْتهُ مستخزياً راجلاً بما / بَثَثْتَ عليه من صنوف المكايدِ
ولو لم يَعُدْ بالعفو منك لأرْقلَتْ / إليه المنايا في رؤوس المَطاردِ
فأثبتَّهُ لما استقاد وقد دنت / ظُباتُ السيوف من مَناط القلائدِ
وأصبحتَ تحوي أرضه ودياره / وكلَّ طريف من حماه وتالدِ
أباح وما قامتْ عليه لسفكه / شهادةُ قاضٍ فهو أعدلُ شاهدِ
بنقض شروط كان أحمقَ ناقضٍ / عُراها ولكن كنتَ أحزم عاقدِ
فآب ذميمَ الفعل خزيانَ نادماً / وأُبْتَ كريم العفو جمَّ المحامدِ
وأُبنا عِزازَ النصر تشكو ركابُنا / وَجاهاً ونشكو طولَ هجر الخرائدِ
بأية ملأ مغنماً وسلامةً / حواها رفيعَ العيش خوضُ الشدائدِ
وليس كإغْذاذ المسير وحثِّه / لتقريب لُقْيان الصديق الأباعدِ
ولم أر مثل الشعر يَنْظم للعُلا / فنون الحُلى لو أنه غيرُ كاسدِ
بني طاهر مدحي لكم دون غيركم
بني طاهر مدحي لكم دون غيركم / بحكم الندى والطَّوْل والبأس والمجدِ
كأنِّيَ إذ أشركتُ في المدح مرةً / بكم معشراً أشركتُ بالله في الحمدِ
فما بال أيديكم على الناس ثَرَّةٌ / سواي فإني من نوالكُمُ مُكْدي
إذا كان حظ الناس سُقْيا سمائكُم / فحظي وميضُ البرق أو زَجَلُ الرعدِ
فلو كان منعاً شاملاً لعذرتُكمْ / ولكنه شيء خُصصْتُ به وحدي
أفي عدلكم أن تُفردوا بجفائكم / وليّاً لكُمْ يصفيكُمُ بهوىً فرْدِ
وإني على ما كان منكم لعالمٌ / بأَنِّيَ ما أخطأتُ في مدحكم رشْدي
لأني أتيت الحظ من نحو بابه / فإن يك حرمانٌ فذاك على جَدِّي
وليس ضلال المرء فوتَ غنيمةٍ / رَجَاها ولكن أن يجور عن القصدِ
أطلتم وقوفي بين يأس ومَطْمَعٍ / بلا صَدَر بادي السبيل ولا ورْدِ
ولا مثلكم من قال طالبُ رفده / بخلتُمْ ببرد اليأس عني وبالرِّفْدِ
تعجَّل مولودٌ ليُمْهَل والدُ
تعجَّل مولودٌ ليُمْهَل والدُ / ولا بِدْعَ قد يحمي العشيرةَ واحدُ
لقد دافع المفقودُ عنك بنفسه / عُراماً فلا يُحْزنْكَ أنك فاقدُ
ومن قبلتْ من الليالي فداءه / فحُقَّ بأن يَلْقيْنَهُ وهو حامدُ
على أنَّ من قدَّمْتَ عالٍ مكانُه / بحيث الثريا أو بحيث الفراقدُ
وما مات منه أسوةَ الناس ميِّتٌ / بل انقضَّ منه المشتَري أو عطاردُ
وما كان لو خُيِّرْتَ عُرْضَةَ فدية / ولا ولداً يَشريه بالأجْر والدُ
وما كان لو حُكِّمْتَ جنة بذله / ولو حُوذرتْ أنيابُ دهرٍ حدائدُ
بل النفس تُفْدى بالنفوس وتُشْتَرىَ / فَتُبْذَلُ منها المنفسات التلائدُ
وكان أبى إلا افتداءً بنفسه / لنفسك جادتْهُ الغيوثُ الرواعدُ
عظيم وَفَى النُّعْمَى عظيماً وماجد / فدى ماجداً لا زال يفديه ماجدُ
سوى البدر والنجميْن والعِتْرة التي / نُصالحُ فيها دهرَنا ونُفاسدُ
أولئك كانوا قدوة بل مواهباً / فذاد الرّدى عنهم يدَ الدهر ذائدُ
مضى ابنُك والآمال تكنُفُ نعشَه / وتبكيه للمعروف وهْيَ حواشِدُ
ولو عاش عاشتْ في ذَاره وأَورقتْ / لها من عطاياه غصونٌ موائدُ
فما عندنا إلا شؤون حوافل / تجود عليه أو عيون سواهدُ
وإلا تأَسِّيْنا مراراً وقولُنا / هو الدهر لا تَبقى عليه الجلامدُ
قَرَى ما تَمُجُّ النحْلُ ثم استردَّه / وأصبح يقْري ما تَمُجُّ الأساوِدُ
ومن ذاك ذَمَّ الصالحون أمورَهُ / وقالوا جميعاً صالحُ الدهر فاسدُ
ومن ذاك ما أَولاكه وهو بادئٌ / ومن ذاك ما أَبلاكه وهو عائدُ
وبيناهُ من فرْط الموالاة قابلٌ / إذا هو من فرط المعاداة عاندُ
ومن عَقْده عند العطايا ارتجاعُه / وأن يُنْقَضَ العقْدُ الذي هو عاقدُ
وما ابنك إلا من بني النَّشْء والبلىَ / لكلٍّ على حوض المنون مواردُ
وما ابنك إلا مُستعارٌ رَدَدْتَهُ / وكلُّ عَواريِّ الزمان رَدائدُ
وما ابنك إلا وافد نحو ربه / ومن أوفدتْه عزْمةُ الله وافدُ
فإمَّا اشتراه الله منك فما اشترى / ضَنِينٌ بإرغاب ولا باع زاهدُ
فصبراً فإنَّ الصبر خَيْرٌ مغبَّةً / وهل من مَحِيْدٍ عنه إن حاد حائدُ
وقد فُزْتَ أن أصبحت عبداً مُسلِّماً / لما أوْجبتهُ في الرقاب القلائدُ
لك الأجر تعويضاً من اللَّه وحده / ومنْ خلْقه حُسْنُ الثنا والمحامدُ
وللَّه لطْفٌ في العزاء لعبده / وإن مسّه جَهْدٌ من الحزن جاهدُ
هو الجارح الآسي ولا شك أنه / سيشفى الحشا المجروحُ ممَّا يكابدُ
ويحبوك بالعمر الطويل مُتابعاً / لك الرِّفْدَ والمبْتزُّ إن شاء رافدُ
أخا العلم والحلم اللذين كلاهما / يؤازرُه في أمره ويُعاضدُ
ألم تك من هذا المصاب بمنظر / لياليَ كان ابن النُّذور يجاهدُ
ولا تحسبن الرُّزْء لم يك واقعاً / ولا تعتقدْه طارفاً فهو تالدُ
ونحن بذور الدهرِ والدهرُ زارع / ونحن زروع الدهر والدهرُ حاصدُ
وتاللَّه ما موْلىً لمولاه خالد / ولا الحزن من مولى لمولاه خالدُ
غدا الموت والسُّلْوان حتماً على الورى / كِلا ذا وهذا للفريقين راصدُ
فلا تجعلنَّ الموت نُكراً فإنما / حياةُ الفتى سَيْرٌ إلى الموت قاصدُ
ولا تحسبنَّ الحزن يبقى فإنه / شهاب حريقٍ واقدٌ ثم خامدُ
ستألفُ فقدان الذي قد فقدته / كإلْفكَ وجْدان الذي أنت واجدُ
على أنه لا بدّ من لذْع لوعةٍ / تهبُّ أحايينا كما هبَّ راقدُ
ومن لم يزل يرعَى الشدائد فكره / على مهلٍ هانت عليه الشدائدُ
وللشرّ إقلاعٌ وللهمِّ فَرْجَةٌ / وللخير بعد المُؤيسات عوائدُ
وكم أعقبت بعد البلايا مواهبٌ / وكم أعقبت بعد الرزايا فوائدُ
وكم سِّيئٍ يوماً سيقْفوه صالحٌ / وكم شامت يوماً سيقفوه حاسدُ
تَعزَّ حِجاً قبل السُّلُوِّ على المدى / فمثلك للحسنى من الأمر عامدُ
وما أنت بالمرء المعلَّم رشدَه / لعمري ولكن قد يذكَّر راشدُ
وعِش في نماءٍ والوزير كلاكما / وكلُّكم والدهرُ طَوْعٌ مساعدُ
ترودون منه بين حظَّيْ سعادة / لكم حاصلٌ منها عتيد وواعدُ
وجَدُّ الذي يَبْغيكُمْ الشرَّ هابطٌ / وجَدُّ الذي يبغيكُم الخيرَ صاعدُ
وزَارتكُمُ بالمدْح كلُّ قصيدةٍ / ولا قصدتكم بالمراثي القصائدُ
أرى كلَّ مدحٍ قيل فيمن سواكمُ / فليست له إلا البيوتَ مَناشدُ
وكلّ مديحٍ قيل فيكم فإنَّما / مَناشده دون البقاع المساجدُ
وما أنكرت تلك المشاهدُ فضلَكم / وهل يُنْكر المعروف تلك المشاهدُ
تَورُّدُ خدَّيْه يذكِّرني الورْدا
تَورُّدُ خدَّيْه يذكِّرني الورْدا / ولم أر أحلى منه شكلاً ولا قدَّا
وأبصرتُ في خدَّيْهِ ماءً وخضرةً / فما أملح المرعى وما أعذب الوِرْدا
كأن الثريّا عُلِّقَتْ في جبينه / وبدر الدُّجى في النحر صيغ له عِقْدا
وأهدَتْ له شمسُ النهار ضياءها / فمرَّ بثوب الحُسْن مرتدياً بُردا
ولم أر مثلي في شقائي بمثله / رضيتُ به مولى ولم يرض بي عبدا
فإن يك سيارُ بن مُكْرَمٍ انقضى
فإن يك سيارُ بن مُكْرَمٍ انقضى / فإنك ماء الورد إن ذهب الوردُ
مضى وبنوه وانفردْتَ بفضلهم / وألْفٌ إذا ما جُمِّعتْ واحدٌ فردُ
فإن تسأليني ما الخضابُ فإِنَّني
فإن تسأليني ما الخضابُ فإِنَّني / لَبستُ على فقد الشباب حدادِي
ومَنْ سَرَّهُ ألا يرى ما يَسُوؤُهُ
ومَنْ سَرَّهُ ألا يرى ما يَسُوؤُهُ / فلا يَتَّخِذْ شيئاً يخاف له فقدا
بعثت ببرْنيٍّ جنيّ كأنه
بعثت ببرْنيٍّ جنيّ كأنه / مخازن تبرٍ قد مُلئنَ من الشهدِ
مُختَّمَةَ الأَطراف تنْقَدُّ قُمْصُها / عن العسل الماذيِّ والعنبر الهندي
ينقَّل من خُضر الثياب وصفرها / إلى حُمرها ما بين وشي إلى بردِ
فكم لبثت في شاهقٍ منه لا ترى / ولا تُجْتَنَى باللحظ إلا من البعدِ
ألذَّ من الشكوى وأحلى من المنى / وأعذب من وصل الحبيب على الصدَِ
سمِيَّ خليل الله لا زلتَ مثله
سمِيَّ خليل الله لا زلتَ مثله / يُعيذُك من كيد العداة مُعيذُهُ
نجوت كمَنْجَاهُ كما اسمُك كاسمِه / فأنت نَقيذُ الله وهو نقيذُهُ
تشابهتما هَدْياً فأنت محبّبٌ / لذيذُ مذاقِ الذِّكْر وهو لذيذُهُ
كما اشتبه النُّمروذ والحائن الذي / سيَتْبعه والبغيُ جمٌّ وقيذُهُ
تخذت من المعروف درعاً حصينة / وقتْك من الطاغي وأنت أخيذُهُ
شحا فاه كالتنين نحويَ شحوة
شحا فاه كالتنين نحويَ شحوة / فقلت له بالله منك أَعوذُ
وأقربِ بنصر الله من مُتضعَّف / يصول عليه القِرنُ وهو يلوذُ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025