المجموع : 149
وَتُفاحَةٍ تَحوي ثَلاثَ شَمائِلٍ
وَتُفاحَةٍ تَحوي ثَلاثَ شَمائِلٍ / أَتَتنِيَ مِن ريمٍ بِسهميهِ راشِقِ
فَحُمرةُ خَدَّيهِ وَخَمرةُ ريقِهِ / وَرائِحَةٌ كَالمِسكِ فاحَ لِناشِقِ
بَدَت عَجَباً فيها احمرارٌ وَصفرةٌ / كَخجلةِ مَعشُوقٍ لِنَظرَةِ عاشِقِ
لَزِمتُ اِنفِرادي إِذ قَطَعتُ العَلائِقا
لَزِمتُ اِنفِرادي إِذ قَطَعتُ العَلائِقا / وَجالَستُ مِن ذاتي الصَديقَ الموافقا
وَآنَسني فكري لِبُعدي عَن الوَرى / فَلَست إِلى شَيءٍ سِوى العلمِ تائِقا
أَرى يَقظَتي تُبدي لَطائفَ حكمةٍ / وَفي هجعتي وَهناً أشيم البَوارِقا
بَوارقَ في صُحفٍ مِن العلمِ اجتلي / مُشاهَدةً مِنها المَعاني الدَقائِقا
فأختالُ مِنها في رِياضٍ أَنيقَةٍ / وَأَقطفُ مِنها الزهرَ أَنورَ فائِقا
إِذا أَحجمَت أَذهانُ قَومٍ عَن الَّذي / يُعاطَونَ كانَ الذّهن لي فيهِ سابِقا
وَإِن يَشرَبوا طَرقاً لتكدير ذهنِهِم / شَرِبتُ أَنا صَفواً إِلى العينِ رائِقا
وَأَنقُدُ ما قَد بَهرَجُوا مِن كَلامهم / كَأنَّ بِذهني عِندَ ذاكُم مَيالِقا
وَمَن يُؤتَ فَهماً في القُرآنِ فَإِنَّهُ / يَفتحُ مِنهُ بِالذَكاءِ المَغالِقا
وَيَنشَقُ مِن ريّاه عَرفَ أَزاهرٍ / تَرى الجوَّ مِنها حينَ تَأرج عابِقا
وَيُدرِك بِالفكرِ المُصيبِ لَطائِفاً / تَرى اللَفظَ لِلمَعنى بِهِنَّ مُطابِقا
وَيَزدادُ بِالتَكرارِ فيهِ لَذاذةً / كَما لُكتَ مَعسولاً مِن الحُلوِ صادِقا
مُجيري كِتابُ اللَه يَومِي وَإِنَّهُ / هَجيري إِذا ما اللَيلُ أظلَم غاسِقا
كِتابٌ بِلِسنِ العُربِ أَوحاه جارياً / عَلى نَهجِهم لَم يَعدُ عَنهُم طَرائِقا
وَمَن يَجعل القُرآنَ نَصباً لِعينهِ / يَنَل خَيرَ مَأمولٍ وَيَأمن بَوائِقا
أَرى الناسَ أَشتاتاً فَبَعضٌ مُعارِضٌ / لِبَعض يخالُ الحَقَّ في فيهِ ناطِقا
وَما اِفتَرَقوا إِلا لعجزِ فُهومِهم / وَلَو أَدرَكوا لَم يُبصِروا فيهِ فارِقا
وَإقليدُه حَقاً هُوَ النَحوُ فاقصِدن / لتَحصيلِهِ إِن كُنتَ للعلمِ عاشِقا
عَلى قدرِ تَحصيلِ الفَتى فيهِ فَهمُه / فَأَقلِل وَأَكثِر وَاصِلاً أَو مُفارِقا
وَدَع عَنكَ تَقليدَ الرِجالِ فَإِنَّما / يُقَلِّدُهم مَن كانَ أَنوكَ مائِقا
وَلا تعدُ عَن كَشّافِ شَيخ زَمَخشَرٍ / وَكاشِف بِهِ باغي الكراماتِ خارِقا
فَكَم بكر مَعنىً عَزَّ مِنها اِفتِراعُها / لَها ذهنُهُ الوقّادُ أَصبَحَ فاتِقا
كَساها مِن اللَفظِ البَديعِ مَلابِساً / فَجرَّت ذُيولاً للفَخارِ سَوامِقا
لَقَد غاصَ في بَحرٍ فَأَبدى جَواهِراً / وَلَولا اعتيادُ السبحِ قَد كانَ غارِقا
وَراضَ لَهُ في العلمِ نَفساً نَفيسَةً / فَقادَت لَهُ آبي المَقادَةِ آبِقا
وَكَشَّفَ بِالكَشّافِ لا خابَ سَعيُهُ / مُغَطّى خَبيّاتٍ تَبَدَّت حَقائِقا
وَلَكنَّهُ فيهِ مَجالٌ لِناقِدٍ / وَزَلاتُ سَوءٍ قَد أَخَذنَ المَخانِقا
فَيثبِتُ مَوضوعَ الأَحاديثِ جاهِلاً / وَيَعزُو إِلى المَعصومِ ما لَيسَ لائِقا
وَيَشتِم أَعلامَ الأَئِمَةِ ضَلَّةً / وَلا سِيما أَن أَولَجُوه المَضايِقا
وَيُسهِبُ في المَعنى الوَجيزِ دَلالَةً / بِتَكثير أَلفاظٍ تُسمّى الشَقاشِقا
يقَوِّل فيها اللَه ما لَيسَ قائِلاً / وَكانَ مُحِبّاً في الخَطابَةِ وَامِقا
وَيُخطئ في تَركيبهِ لكلامِهِ / فلَيسَ لما قَد رَكَّبوه مُوافِقا
وَيَنسُب إِبداءَ المَعاني لِنَفسِهِ / لِيُوهِمَ أَغماراً وَإِن كانَ سارِقا
وَيُخطئ في فَهمِ القُرانِ لأَنَّهُ / يُجَوِّزُ إِعرابا أَبى أَن يُطابِقا
وَكَم بَينَ مَن يُؤتى البيان سَليقَةً / وَآخرَ عاناهُ فَما هُوَ لاحِقا
وَيَحتال لِلأَلفاظِ حَتّى يُديرَها / لِمذهبِ سوءٍ فيهِ أَصبَحَ مارِقا
فَيا خُسرَهُ شَيخاً تَخرَّقَ صِيتُهُ / مَغاربَ تَخريق الصَبا وَمشارِقا
لَئِن لَم تَدارَكه مِن اللَهِ رَحمَةٌ / لَسَوفَ يُرى للكافِرينَ مَرافِقا
سَأَلت سَليلَ الجودِ أَمراً فَما اِنقَضى
سَأَلت سَليلَ الجودِ أَمراً فَما اِنقَضى / نَهاريَ حَتّى صِرتُ في رَوض جِلَّقِ
فَأَقطِفُ مِن تُفّاحِهِ وَسَفَرجَلٍ / جَنِيٍّ وَكُمثرى لِعَينيَ مُونِقِ
كَريمٌ مَتى تَسألهُ شَيئاً فَإِنَّهُ / يَجودُ وَيُعطي ما تَشاءُ وَيَنتَقِي
وَلَو لَم تَسلهُ جادَ بَدءاً فَإِنَّما / مَكارِمُهُم خَلقٌ بِغَيرِ تَخَلُقِ
بَنونَ لآباءٍ كِرامٍ وَسادةٍ / مَدائحُهم تُروى بِغَربٍ وَمَشرِقِ
وَإِنَّ جَلالَ الدينِ قاضي قُضاتِنا / لخَيرُ إِمامٍ في الفَضائِلِ مُعرِقِ
يَعلِّمُ جُهالاً بِبَحثٍ مُدَقَّقٍ / وَيَجمَعُ أُمَّالاً بِجودٍ مُفَرَّقِ
وَكائِن لَهُ عِندي أَيادي جَمَّةً / بِغَيرِ حُلاها الدَهرَ لَم أَتَطَرَّقِ
وَكَم دَولَةٍ صاحَبتُها ناصِريةٍ / وَعاشَرتُ جَمعاً مِن رَحيبٍ وَمُرتَقِي
وَلَم يَسمحُوا يَوماً بِشَيءٍ وَلَم أَكُن / لأَسأل رِفداً مِن غَبِيٍّ مُمَخرَقِ
إِلى أَن طَما البَحرُ الخِضَمُّ فَعَمَّنا / بِتَيّارِ جُودٍ مِنهُ في الفَضلِ مُغرِقِ
عَلى بَهجَةِ الأَيّامِ مِنهُ جَلالَةٌ / فَلا زالَ في حِفظٍ مِن اللَهِ ما بَقِي
إِذا أَنا أَودِعتُ التُرابَ فَلَن تَرى
إِذا أَنا أَودِعتُ التُرابَ فَلَن تَرى / كَمثليَ نَحويّا أَحدَّ وَأَحذَقا
وَأَنقلَ أَحكاماً وَأَكثرَ شاهِداً / وَألزمَ تَنقاداً وَأَحسنَ مُنتَقى
وَأَلخَصَ لَفظاً زالَ عَنهُ فضولُهُ / وَأَغوصَ مَعنىً كانَ أَعيى المُدَقِّقا
وَأَنثَر للزُهرِ اللآلي بَلاغةً / وَأَنظمَ للزُهرِ الدَراري تَأنُّقا
مَضى لي في التَحصيلِ سَبعون حِجَّةً / نَهاراً وَلَيلاً جامِعاً ما تَفَرَّقا
فَأَخرَجتُ بِالبَحرِ المُحيطِ لآلئاً / نظمتُ بِهِ عِقداً بِهِ الدَهرُ طُوِّقا
حَشدتُ بِهِ أَقوالَ كُل مُفَسِّرٍ / وَأَخرَجتُ مِن ذهني لِنَقدي مَيلقا
سَبرتُ بِهِ ما بَهرَجُوا وَانتقَدتُهُ / وَألقيتُ ما قَد كانَ زيغاً منمَّقا
وَأَخلَصتُهُ صَفواً صَحائفَ حِكمَةٍ / بِها أُنسُ مَن قَد كانَ للحقِّ شَيِّقا
وَأنقَ ذا العقلِ السَليمِ رآؤُهُ / وَلَولا اِنتقادِهِ لَما كانَ مُونِقا
وَلا فَخرَ بَل لِلَّهِ حَمديَ دائِماً / وَشُكري عَلى ما كانَ لي مِنهُ وَفَّقا
وَلَما ذَوى علمُ الكِتابِ بِعَصرِنا / تَعهَّدتُهُ حَتّى لأَصبَحَ مُورِقا
وَقَد ماتَ أَشياخ الأُلى يَقرؤونَهُ / وَخُلِّفتُ فَرداً كانَ لي بَعدهم بَقا
فَأَقرأتُهُ لِلناسِ مُوضِحَ مُشكِلٍ / وَفاتحَ بابٍ مِنهُ قَد كانَ مُغلَقا
تَفرَّدتُ في الدُنيا بِإقرائِهِ فَمَن / يَكُن يَدَّعي فيهِ فَليسَ مُصَدِّقا
وَجَرَّدتُ أَحكامَ الكِتابِ بِلَفظِهِ / وَتَرتيبِهِ فَالتاج بَدراً قَد أَشرَقا
فَمن ينقل الأَحكامَ مِنهُ كَأَنَّما / تُشافِهُهُ الأَعرابُ مَعنىً وَمَنطِقا
سَقى اللَهُ قَبراً سيبويهِ ثَوى بِهِ / مُلِثَّ الغَوادي ريقاً ثُمَ رَيِّقا
وَبَوَّأهُ دارَ المَقامَةِ في غَدٍ / بِما كانَ أَسدى مِن عُلومٍ وَحَقَّقا
وَتَعليقَةُ الصَفّارِ شَرحاً يجِلُّ ما / لَهُ قَد حَوى لَخَّصتُ تَلخيصَ ذي اِنتِقا
وَسميته الأَسفارَ مَع طرَرٍ حَوَت / مسائلَ لَيسَت في سِواهُنَّ تلتَقى
وَأَحييتُ تَسهيلَ الفَوائدِ إِذ غَدا / مَواتا طَريحا بَينَ كُتبِ الوَرى لقا
وَأَوضَحتُ مِنهُ مُشكِلاً وَاِنتَقَدتُهُ / وَزِدتُ فَأَضحى نيِّر الوَجهِ مُشرِقا
عَلى حينِ لَم يَجسر عَلى بَحثهِ امرُؤٌ / سِوايَ وَلَم يَقربهُ غَرباً وَمَشرِقا
بِهِ نُسِخت كُتبُ النحاةِ وَأُهمِلت / فَلَستَ تَرى يَوماً عَليهِنَّ رَونَقا
لأَظلَمَ إيضاحٌ وَأَقصوا مُقَرِّباً / كَذا جُمَلٌ مَعهُ المُفَصَّلُ مُزِّقا
وَقانونُ عِيسى وَالفُصُولُ وَنَظمُها / وَنَظمُ ابنُ مالٍ ما أَرَدَّ وَأَقلَقا
وَكافيّةُ ابنِ الحاجبِ اِحتجبَت فَما / تُرى وَهيَ نَزرٌ ما أَقلَّ وَأَغلَقا
وَأنشأتُ للتسهيلِ شَرحاً وَالارتشا / فِ نَشأً غَريبَ الوَضعِ بِالعَقلِ طُبِّقا
وَنَخَّلتُ مِن شَرحِ ابنِ مالِكٍ الَّذي / وَقَفنا لَهُ شَرحاً لَطيفا مُلَفَّقا
فَكَمَّلتُ بِالتَكميل ما كانَ ناقِصاً / فَغرَّب هَذا الشَرحُ عَنّا وَشَرَّقا
وَتَذكِرَتي كَم قَد حَوَت مِن فَضائِلٍ / شَواهدَ نَحوٍ مَع مَسائلَ تُنتَقى
وَلَما رَأَوا حُسناً يَفوقُ تَخيَّلُوا
وَلَما رَأَوا حُسناً يَفوقُ تَخيَّلُوا / سَفاهاً بِأَنَّ الشَمسَ في الحُسنِ تَحكيكِ
وَشَكُّوا أأَنتِ الشَمسُ أَم هِي وَشَكَّكُوا / وَما واجدٌ للعَقلِ يفضي بِتَشكيكِ
وَإِنَّ جَمالاً قَد تَنظَّم عِقدُهُ / بِجيدِكِ يَوماً لا يُرامُ بِتَفكيكِ
فَلا تَحسَبي شَمسَ الضُحاءِ إِذا بَدَت / تُعارِض في حُسنٍ وَإِن هِيَ تَنكيكِ
وَلَكنَّها مِن فَرطِ حُبِّكِ لَو رَأَت / لِوَجهِكِ بُعداً ظَلَّتِ الدَهرَ تبكيكِ
أَهذا نسيمٌ قد تَهادى مِن الَّتي
أَهذا نسيمٌ قد تَهادى مِن الَّتي / سَبَت مُهجَتي بِالنّاعِسِ النّاغِشِ النَّزكِ
فَإِن لا فَما بالُ النّواحي تَضَمَّخَت / عَبيراً وجو الأفقِ يَأرَجُ بِالمِسكِ
وَعاشَ بِدَعوى العِلمِ ناسٌ وَما لَهُم
وَعاشَ بِدَعوى العِلمِ ناسٌ وَما لَهُم / مِن العلمِ حَظٌّ لا بِعَقلٍ وَلا نَقلِ
فَيا عَجَباً للحَبرِ يَحرم رزقه / بعلم وَللأغمار ترزق بِالجهلِ
وَعلِّقتُهُ ما اسودَّ مِنهُ سِوى المُقَل
وَعلِّقتُهُ ما اسودَّ مِنهُ سِوى المُقَل / وَوافِر دَيجورٍ عَلى الرِدفِ قَد أَطَل
بِقَدٍّ كَأَنَّ الخُوط عاطاهُ لينَهُ / وَوَجهٍ كَأنَّ البَدرَ فيهِ قَد اِكتَمَل
أَقَمنا زَماناً وَصلُنا لمحُ ناظِرٍ / وَجلسَةُ أُنسٍ تَهزِمُ القَلبَ بِالشُّعَل
فَلا جُرأة منّي فأهجم لاثِماً / وَلا رَحمة مِنهُ فَيَرحَم من قَتل
وَلَمّا تَصاوَنّا حَياءً وَحِشمَةً / وَتُقتُ إِلى التَقبيلِ أَوسَعتُ في الحِيل
وَضَعتُ عَلى عَينيهِ منّي أَنامِلاً / وَغَمَّضتُ من عَينيَّ فانساعت القُبَل
رَشَفتُ رُضاباً نَفحةُ المسكِ دُونَهُ / كَأَنَّ بِهِ الصَهباءُ شُجَّ بِها العَسَل
وَصِرتُ مَتى أَلثِمه أصنع بِهِ كَذا / فَيا لَكِ مِنها حيلة تُبلِغُ الأَمَل
وَطالَ بِنا هَذا فَزالَ حَياؤُها / وَصِرنا لأَمرٍ لا حَياءَ وَلا خَجَل
فَعانَقتُ من عطفيهِ دِعصا وَخَوطَةً / وَذَبَّلتُ من خَدَّيهِ وَرداً وَما ذَبل
فَطَوَّقتُ جيدَينا بِحَيَّةِ شعرِهِ / إِذا ما سعت للمتن دبت إِلى الكفل
تجنّبتُ ما يَختارُ مِنهُ ذَوو الخَنا / قَبيحَ فَعالٍ يُوجِبُ المَقتَ وَالزّلَل
فَلم أَرَ مِثلِي عاشِقاً ذا صَبابَةٍ / تَمكَّنَ مِما يَشتَهيهِ وَما فَعل
وَلِلنَفسِ آمالٌ فَإِن ظَفِرَت بِما
وَلِلنَفسِ آمالٌ فَإِن ظَفِرَت بِما / تؤمِّلُ يَوماً أَنشأَت بَعدُ آمالا
تُسَرُّ بِشيءٍ إِن تَنَلهُ بِمنقضٍ / وَإِن لا تَنَلهُ صارَ حُزناً وَأَوجالا
وَتجمع مالاً لِلَّذي هُوَ وارِثٌ / فَلا أَحرَزَت أَجراً وَلا نعِمت بالا
وَأَدكنَ مثل الطَودِ أمّا سراتُهُ
وَأَدكنَ مثل الطَودِ أمّا سراتُهُ / فَفَيحاءُ يَعلوها عَديدٌ مِن الرجلِ
لَهُ جُثَّةٌ عُظمى كَأنَّ إِهابَهُ / صَفيحُ حَديدٍ لا يُخَرَّقُ بِالنَبلِ
لموحٌ بِلخصاوَينِ كَالنار أُشعِلَت / يَرى بِهما ما كانَ أَخفى مِن النَملِ
وَيردى عَلى غُلبٍ غِلاظٍ كَأَنَّها / عوامِدُ صَخرٍ قَد غَنِينَ عَن النَقلِ
إِذا هَزَّ ما بِالأَرضِ مادَت بِأَهلها / كَأنَّ بِها الزِلزالَ مِن وَطأةِ الثِقلِ
سَفينةُ بَرٍّ قَلعها أذُنٌ لَهُ / تُراوِحُ جَنبيهِ فَيَمشي عَلى رَسلِ
وَخُرطومُه قَد قامَ فيما يَرومُهُ / مَقامَ يَدٍ في الأَخذِ وَالرَميِ وَالأَكلِ
عجِبتُ لَهُ مِن جِلدَةٍ لانَ مسُّها / وَيَقوى عَلى قَلعِ العَظيمِ مِن النَخلِ
وَيَملؤُه ماءً يبخُّ بِهِ الوَرى / كَأَنَّهُم قَد رَشَّهُم مِنهُ بِالعطلِ
وَيَلعَبُ بِالأَسيافِ حَتّى كَأَنَّها / مَخاريقُ بِالأَيدي تُحَفُّ فَتَستعلي
إِذا ما رَأى السُلطانَ قَد خَرَّ بارِكاً / لَهُ خدمة غَرزاً بِأَنيابِهِ العُصلِ
ذَكيٌّ أَخوفَهمٍ عَلى عظمِ جسمِهِ / يَكادُ يُباري في الذَكاءِ ذَوي العَقلِ
فَلَو صَحَّ قَولٌ بِالتَناسُخِ قُلتُ قَد / سَرَت رَوحُ أَرسطو لِجُثمانِهِ العَبلِ
غَريب بِلادٍ قَد تَأنَّسَ بَعد ما / تَوحَّشَ دَهراً في يَبابٍ وَفي أَهلِ
تَعالى الَّذي أَنشاهُ شكلَ بَعوضَةٍ / فَلا فَرقَ إِلا بِالتَكثُّرِ وَالقِلِّ
أَلا اسمع أَخي وَاحفَظهُ إِن كُنتَ ذا عَقل
أَلا اسمع أَخي وَاحفَظهُ إِن كُنتَ ذا عَقل / كَلامَ نَصيحٍ فاهَ بِالجَدِّ لا الهَزلِ
عليكَ كِتابُ اللَهِ وَالسُنَن الَّتي / تَناولَها أَهلُ العَدالةِ في النَقلِ
وَقُل إِنَّ أَصحابَ الرَسولِ هُمُ الأُلى / بِهم يُقتَدى في الدينِ بِالقَولِ وَالفعلِ
هُم خَيرُ خَلقِ اللَهِ بَعد نبيِّهم / فَلَيسَ لَهُم في السَبقِ وَالفَضلِ مِن مِثلِ
وَهُم آمَنوا بِاللَهِ بَدءاً وَجاهَدوا / فَأَفنَوا قبيل الكُفرِ بِالسَبي وَالقَتلِ
وَهُم نَقَلوا علمَ الشَريعةِ لِلَّذي / أَتى بَعدَهُم نَقلاً بَريئاً مِن الخَبلِ
فَما يَكُ مِن خَيرٍ لِمَن جاءَ بَعدَهُم / فَهُم لَهُمُ حظٌّ مِن الأَجرِ وَالفَضلِ
وَأَخبارُهُم مَنقولَةٌ بِتَواترٍ / وَآحاد النقل الَّذي صحَّ في العَقلِ
فَما مِنهُمُ مَن طارَ يَوماً وَلا مَشى / عَلى الماءِ لا يَندى لَهُ أَخمصُ الرِجلِ
وَلا مُخبرٌ بِالغَيبِ لا وَمُصيّرٌ / دَقيقَ حُوارى مِن تُرابٍ وَمِن رَملِ
وَلا مَن دَنا نَحوَ السَماءِ بِطَرفِهِ / لمُزنٍ فَجادَت بِالوَكيفِ لَدى المَحلِ
وَلا مُنفِقٌ بِالغَيبِ بيضَ دَراهمٍ / بلا ضربِ ضرّابٍ وَلا مَعدِنٍ أَصلي
ولا خاطِفٌ مِن الهَواء فَواكِهاً / فَوَردٌ بِلا شَوكٍ وَتمرٌ بِلا نَخلِ
دَعَوا مُعجِزاتِ الأَنبياءِ كَرامةً / لَهُم وَادَّعَوها حَذوكَ النَعلَ بِالنَعلِ
ينالُونَ صيتاً في الوَرى وَرِياسَةً / عَلَيهم وَأَموالاً تُجَمَّعُ بِالمِثلِ
وَزادُوا عَلى هَذا مُحالاً وَأَسنَدوا / لأَنفسِهم ما لَم يَكُن قَطُّ للرُسلِ
فَمن ذا كَأنَّ الشَخصَ في الآنِ واحِداً / يَحِلُ جِهاتٍ مِن عُلُوٍّ وَمِن سِفلِ
يحدِّثُ ذا في مِصرَ وَهوَ محدِّثٌ / لآخر في شامٍ وَآخرَ في حَقلِ
وَيغطِسُ في نَهرٍ لِغسلٍ فَيَلتَقي / مَدائنَ أَقوامٍ عَلى الحَزنِ وَالسَهلِ
وَيَنكِحُ بِكراً فيهم وَلَدت لَهُ / بَنين فَأَضحى في بَنينَ وَفي أَهلِ
مُقيماً لَدَيهم في سِنينَ مُمَتَّعاً / بِأبنائِهِ وَالعِرسُ مُجتَمعُ الشَملِ
فَيَخرُجُ مِن ذا النَهرِ يُلقي ثِيابَهُ / عَلى حافَةِ النَهرِ الَّذي جاءَ للغسلِ
وَذا كُلُّهُ قَد كانَ في بَعضِ ساعَةٍ / غِطاسٌ وَتَزويجٌ وَردّ بِلا نَسلِ
يَسمّونَهُ طَيَّ الزَمانِ كَما / يَكونُ لَهُم طَيُّ المَكانِ بِلا فَضلِ
وَيمشي إِلى الأَجداثِ يُخبرُ بِالَّذي / يَكونُ بِها بالاسم وَالوَصفِ وَالشَكلِ
وَيَأتي رَسولُ اللَهِ مِلقَبرِ يَقظَةً / إِلَيهِ فَيُثنى بِالمعارِفِ وَالفَضلِ
وَيَسري إِلَيهِ السِرُّ مِن قَبرِ شَيخِهِ / فَتَضطَربُ الأَسرارُ في قَلبهِ تَغلي
وَيقرأُ في آنٍ لَهُ أَلفَ خَتمَةٍ / تُرَتِّلُها حَرفاً فَحَرفاً عَلى مَهلِ
وَيَجعلُ في الإِبريقِ ماءً لِشُربِهِ / إِذا هُوَ زَيتٌ للسَراجِ وَللأَكلِ
تَدورُ رَحاهُ إِن يُرِد طَحنَ بُرِّهِ / بِغَيرِ مُديرٍ لا حِمارٍ وَلا بغلِ
وَأَعمى يَرى الأَفلاكَ في يَقظَةٍ لَهُ / مُعاينة أَجناسها أَبداً يُملي
فَهذي رَصاصٌ ذي نَحاس وَهَذِهِ / لُجينٌ وَهَذي عَسجدٌ نادرُ المِثلِ
وَذي جَوهرٌ هَذي زُمُرُّدَةٌ وَها / ذِ ياقوتةٌ مِن نُورها الشَمسُ تَستَجلي
وَفي الأقصر المِعراجُ مِعراجُ يوسُفٍ / فَيصعدُ للسَبعِ الطِباقِ وَيَستَخلي
وَلَيسَ بِمُحتاجٍ لِجبريلَ لا وَلا / براقَ وَلَكن رَميةُ القَوسِ بِالنبلِ
يُقيم بِها النسوانُ وَالمُردُ أَزمُناً / غِناءٌ وَرَقصٌ في شَراب وَفي أَكلِ
وَمَكشوف جُحرٍ لا يُصلّي واخر / عَلى السَطحِ بادٍ أَيرُه كادَ أَن يُدلي
يَزورُهما أَهلُ النُهى حَسبُوهما / وَلِيَّينِ فَاختَصّوهُما أَحسن الفِعلِ
وَلَما قَضى مَكشوفُ جُحرٍ سَعى إِلى / جَنازتِهِ مَشياً ذوو العَقدِ وَالحلِّ
عَلى النَعشِ يَرمونَ المَناديلَ ماسِحِي / وجوهٍ بِها شاهَت وَجوهُ ذَوي الجَهلِ
وَلَما قَضى ذو السَطحِ قامَ مَشايخٌ / بِدَعوتِهِ فَوقَ السُطوحِ فَيَستَعلِي
وَغَيداءَ مثلُ البَدرِ تُبدي دِيانَةً / وَأَنّى يُرى دينٌ لِمشقوقة القُبلِ
فَيصبغُ بِالحِناءِ جبريلُ كَفَّها / فَيُصبحُ مِنها البَيتُ مَلآنَ بِالرجلِ
يَزورُونَها فَوجاً فَفَوجا وَكَفُّها / مِن الجَسِّ وَالتقبيلِ في أَعظمِ السَفلِ
أَفاضوا عَلَيها المالَ سَكباً فَأصبَحَت / تَحِنُّ إِلى خِدنٍ وَتَرنو إِلى خِلِّ
وَفَرَّت فَلا يَدرونَ أَينَ تَوجهت / فِرار غَزالٍ خافَ مِن وَرطَة الحَبلِ
فَيا لَكَ مِن ذي خِصيةٍ قَد تَلعَّبت / بِهِ ذاتُ شَفرين اِستَفزَّت أَخا جَهلِ
وَكَم لَعِبَت بِالقَومِ في مَشرَع الهَوى / ذَواتُ الخُدود الحُمرِ وَالأَعينِ النُجلِ
طَغامٌ رُعاعٌ تابَعوا كُلَّ ناعِق / جُسُومٌ بِلا حِسٍّ قُلوبٌ بِلا عَقلِ
يَقول غَبي لي صَديقٌ ذَخَرتُهُ
يَقول غَبي لي صَديقٌ ذَخَرتُهُ / لِخَطبٍ مُعين لي وَلَو بِمَقالِهِ
وَلَم يَعلم المسكينُ أَنَّ صَديقَهُ / عَدوٌ مُبينٌ زائِدٌ في نِكالِهِ
أَرى كُلَّ ذي فَقرٍ حَقيرٍ إِذا اِقتَنى
أَرى كُلَّ ذي فَقرٍ حَقيرٍ إِذا اِقتَنى / تَعاظَمَ بِالمَلبوسِ مَع فارِهِ البَغلِ
يَرى أَنَّهُ قَد جَلَّ في أعيُنِ الوَرى / وَما هُوَ إلا البَغلُ قَد جَلَّ بِالجلِّ
إِذا اِستَتبَعَت نَفسُ امرِئ نَفسَ غَيرِهِ
إِذا اِستَتبَعَت نَفسُ امرِئ نَفسَ غَيرِهِ / فَتلكَ لَها عزٌّ وَهَذي لَها ذُلُّ
كفى بِكَ نَقصاً أَنَّ غَيرك حاكِمٌ / عَلَيكَ فَلا عَقدٌ إِلَيكَ وَلا حَلُّ
أَيا ناصرَ الدينِ الَّذي عَمَّ فَضلُهُ
أَيا ناصرَ الدينِ الَّذي عَمَّ فَضلُهُ / وَقَد شَمَلَتنا بِالنَوالِ شَمائِلُه
تَبسَّمَ هَذا القطرُ إِذ أَنتَ حاضِرٌ / بِهِ وَجَرى سَلسالُه وَجداولُه
ففي كُلِّ رَوضٍ مِنهُ عَينٌ قَريرةٌ / وَفي كُلِّ زَهرٍ مِنهُ زَهرٌ تُشاكِلُه
يُنافِسُني فيك الزَمانُ حسادة / إِذا رُمتُ لُقياك اِستَمَرّت شَوغِلُه
وَلي زَمَنٌ لَم أُبصِرَ السيِّدَ الَّذي / إِذا لَم نَزُرهُ زارَنا مِنهُ نائِلُه
كَريمٌ قَصَدناهُ لِدَفعِ مُلِمَّةٍ / مِن الدَهرِ فانثالَت عَلَينا فَواضِلُه
فَمِن جودِهِ في كُلِّ جِيدٍ قَلائِدٌ / بِها يَزدَهي حُسناً عَلى مَن يُطاوِلُه
وَما الفَخرُ إِلا ما يروِّضُ فكرُهُ / وَلا الهَجرُ إِلا ما تَفِيضُ أَنامِلُه
وَجاورَ هَذا النِيلَ نَيلُ بنانِهِ / وَرامَ مُضاهاةً لِمَن لا يُماثِلُه
وَأَنّى يُضاهي واحدٌ عشرَ أَنمُلٍ / تُمَدُّ مِن البَحرِ الخِضَمِّ نَوافِلُه
تهنَّ بعيدٍ أَنتَ لا شَكَّ عيدُهُ
تهنَّ بعيدٍ أَنتَ لا شَكَّ عيدُهُ / وَمِنكَ اِستَفادَ النّورُ نورَ هِلالِهِ
بَدا وَبدا الوَجهُ الَّذي لَكَ مُشرِقاً / سَناءً فَأَبدى نَقصَهُ بِكَمالِهِ
عَليٌّ هُوَ الشَمسُ الَّذي فاقَ حُسنُهُ / وَما البَدرُ إِلا مُستَمَدُّ جَمالِهِ
لَئِن أوحشَت رُوحي بِبُعدِ وِصالِهِ / لَقَد أنِسَت عَيني بِطَيفِ خَيالِهِ
أَمُحتَمِياً بِالدِينِ عَن لَثمِ مَبسمٍ
أَمُحتَمِياً بِالدِينِ عَن لَثمِ مَبسمٍ / وَما لَثمُهُ إِلا يَسيرٌ مِن اللَمَم
وَقَد أَعقَبَ الرَحمَنُ ذاكَ بِوسعِهِ / لِغُفرانِهِ فاسمَح بلقيا فَمٍ لِفَم
أَمَرَّ حَياتي يا نُضارُ سَقامُكِ
أَمَرَّ حَياتي يا نُضارُ سَقامُكِ / وَكَونُكِ لا يَسري إِليكِ مَنامُكِ
أَقَمتِ شُهوراً لا يَبُلُّ لَك اللُهى / شَرابٌ وَلا يَغذوك يَوماً طَعامُكِ
تَواتَرَت الأَسقامُ نَفخٌ وَسَعلَةٌ / وَقَيءٌ وَإسهالٌ فعزَ مَرامُكِ
وَعَمّا قَليلٍ يَذهبُ البُؤسُ كُلَّهُ / وَيَبدو عَلى إثرِ العُبوسِ ابتسامكِ
فنُصبح في أنسٍ وَخَيرٍ وَصحةٍ / وَحسنِ شَبابٍ طالَ فيهِ دَوامكِ
غَذيت بِدَرِّ الفَضلِ مُذ كُنتِ طفلَةً / وَكان بِتعليمِ القُرآن فِطامكِ
قَرَأتِ كِتابَ اللَهِ وَالسُنَن الَّتي / أَتَت عَن رَسولِ اللَهِ فَهوَ إِمامُكِ
وَدارَستِ علمَ النَحوِ حَتّى لَقَد غَدا / فَصيحاً بَليغاً في البَيانِ كَلامُكِ
وَأتقنتِ خَطّاً بارِعاً يَبهَرُ الحِجا / ففتَّحَ عَن زَهرِ الرِياضِ كِمامُكِ
وَبِالكَعبةِ الغَرّاءِ طُفتِ بِمَكَّةٍ / وَللحجر المسوَدِّ كانَ التثامُكِ
وَجاوَرتِ أَيّاماً بِها وَلَيالياً / وَكانَ كَثيراً بِالمَقامِ مُقامُكِ
وَزُرتِ رَسولَ اللَهِ أَفضلَ من مَشى / عَلى الأَرضِ وَاحتلَّت هُناكَ خِيامُكِ
فَكانَ بِبَيتِ اللَهِ برؤُكِ أَوَّلاً / وَزورة خَيرِ الخَلقِ كانَ اِختِتامُكِ
نُضيرةُ ما إِن في البَنات نَظيرةٌ / لَك اليَومَ فَخراً ما لَهُنَّ اِحتِشامُكِ
فَهمَّةُ بنتٍ في لِباسٍ وَزِينَةٍ / وَأنت بِتَحصيلِ العُلومِ اِهتمامُكِ
فَلو أَنَّ أُنثى لِلسَماءِ قَد اِرتَقَت / لَكانَ بِأَعنانِ السَماءِ مُقامُكِ
إِذا اِنتَظَمَ الرِبّابَ عِقدُ نفاسةٍ / فَفي وَسَطِ العِقدِ النَفيسِ اِنتِظامُكِ
وَقَد كُنتُ أَرجو أَن تَعيشَ وَالآن قَد / أَتاكِ مِن اللَهِ الكَريمِ حِمامُكِ
وَلَما أَبى إِلا جَفاءً مُعذِّبي
وَلَما أَبى إِلا جَفاءً مُعذِّبي / دَعوتُ لَهُ أَن يُبتَلى بِهِيامِ
وَكانَ دُعائي اللَهَ وَقتَ إِجابَةٍ / فَها هُوَ ذا في لَوعَةٍ وَغَرامِ
يَذوقُ مِن الهِجرانِ ما قَد أَذاقَني / وَيَسقَمُ مِنهُ الجسمُ مِثلَ سَقامي
وَكانَ بَخيلاً بِالوِصالِ فَحُبُّهُ / غَدا باخِلاً حَتّى بِطَيفِ مَنامِ
وَعُلِّقتهُ رِيماً وَعُلِّقَ آخَرا / هَوى آخَراً يَهذِي بِبَدرِ تمامِ
وَعلّقَ أُخرى حَبَّها آخَرٌ هَوى / أُخيرى غَدَت تَهذِي بآخرَ رامِ
فَيا لَكَ مِن حُبٍّ تَسَلسَلَ كُلُّنا / حَليفُ أَسىً هامِي المَدامِعِ دامِ
أَقَمنا بِكَهفِ الحُبِّ عِدَّةُ صُحبَةٍ / وَأَوَّلُنا بِالبابِ شَرُ مُقامِ
تصَعّدُ أَنفاسُ المُحبين في الهَوى / إِلَيهِ فَيَبقى في أَليمِ أوامِ
فَيا لَيتَ أَنّا قَد جُمِعنا فَنَشتَكي / اليمَ الهَوى أَو نَشتَفي بِكَلامِ
كَفانا وِصالاً أَن يُكَلِّمَ بَعضُنا / لِبَعضٍ وَلَو كَلما برجعِ سَلامِ
وَعُلِّقتُهُ وَالسَيفُ بَيني وَبَينَهُ
وَعُلِّقتُهُ وَالسَيفُ بَيني وَبَينَهُ / غَزالاً وَلَكن قاتِلٌ لِلضراغمِ
مِن التُركِ إِمّا حُسنُهُ فَهوَ فاتِن / وَإما سَطاهُ فَهوَ فتكُ الضَبارِمِ
غَيورٌ عَلى الحُسنِ الَّذي هُوَ حُسنُهُ / كَأنَّ بِهِ عشقَ المُحبِّ الملازِمِ
فَيا لَيتَ شِعري كَيفَ حالةُ عاشِقٍ / رَمى نَفسَهُ في المُهلِكات العَظائِمِ
فَلا وَصلَ إِلا باختلاسَةِ ناظِرٍ / عَلى غَفلَةٍ مِنهُ وَليسَ بِعالِمِ
وَلو أَنَّهُ يَدري الَّذي هُوَ ناظِرٌ / إِلى حُسنِهِ جازى بجرِّ الغَلاصِمِ
سَأَصبِرُ أَو تَأتي المَنيةُ أَو يُرى / يَلينُ لصَبٍّ ذاهبِ الحِسِّ هائِمِ
وَعَزَّيتُ نَفسي أَنَّهُ سَوفَ يَنقَضي / هَواها وَأَن يَسلو سلُوَّ البَهائِمِ
فَكُلُّ جَمالٍ للزَوالِ مآلُهُ / وَكُلُّ ظَلومٍ سَوفَ يُبلى بِظالِمِ
سَيظلِمُهُ شَعرٌ يَحلُّ بِخَدِّهِ / سَريعاً فَيَبقى في سَوادِ المَظالِمِ