المجموع : 97
وحسبك أن الروم رامت فشاهت
وحسبك أن الروم رامت فشاهت / سعادة ملك تاه في أمرها العقلُ
فإنك مهما رمت أمرا بلغته / فابعده دانٍ وأصعبه سهلُ
فتعساً لعبد لم يزل متوجها
فتعساً لعبد لم يزل متوجها / يشاهد بالعين البصيرة ما اشتهى
هواه هوى ينهاه عن كل ريبة / ويلحقه بالسابقين أولي النّهى
هداه إلى الحسنى فاشهد مشهداً / يراه أولوا التحقيق سدرة منتهى
هنالك نعم الكنز فاشدد يد الرضا / عليه محقاً كنت أو متشبها
هُبلت أيا محجوب مالك كلّما / تُرى البدر وضاحاً سناه ترى السُّها
هلمّ نصف شوقاً بنا لمحمد / فطوبى لصبّ في هواه تولّها
أحقاً هوى البدر المنير وطالما
أحقاً هوى البدر المنير وطالما / أضاء سناه الباهر الشرق والغربا
أحقاً فقدنا القدوة العلم الذي / غذّانا وربّانا بصيراً بنا طبّا
أحقاً فقدنا غوثنا وصريحنا / إذا ما دعوناه لحادثة لبّى
أحقاً فقدنا بحر علم وحكمة / يفيض علينا علمه لؤلؤاً رطبا
وقصدُك مشكورٌ وعهدُكَ ثابتٌ
وقصدُك مشكورٌ وعهدُكَ ثابتٌ / وفضلُكَ منشور وفعلُكَ مُرتَضَى
ولما أتى العيد السعيد أتيت في
ولما أتى العيد السعيد أتيت في / ضحاه مصلاه وقد عظم الحَفلُ
على قدم المعظام للّه خاشعا / وللأرض لثم لو تحسّ به الرجلُ
فبورك من يوم أغرّ محجّل / يخفف من أصر الذنوب به حمل
أقمت صلاة العيد تهدي وتقتدي / بما سنّ مختار به شرف الرّسل
وعُدت إلى الدار الكريمة راضياً / عن اللّه مرضياً لك القول والفعل
وحولك من أنصار دين محمد / جيوش يحل النصر أينما حلّوا
تألق فيها دارع ومعمّم / تناظر حسناً منهم الخيل والرّجلُ
كماة إذا هبّت رياح اعتزامهم / أثارت سحاب النقع بالدم ينهلّ
يسلّون أرواح العِدا من جسومهم / وشيكاً إذا ماهم صوارمهم سلّوا
فمن دارع في درعه وحسامه / أشعّة نار الحرب أضرمها الصقل
ساقني فأهلاً بالسقاية والساقي
ساقني فأهلاً بالسقاية والساقي / سلافاً بها قام السرور على ساقِ
ولا نُقل إلا من بدائعِ حِكمةٍ / ولا كأس إلا مِن سطور وأوراقِ
فقد أنشأت نشوةً بعد نشوةٍ / تمدُّ بروحانِيّةٍ ذات أذواقِ
فمن خطّها الباهي متاعٌ لناظري / وسمعي وحظُّ الروح من حظّها الباقي
تبصَّر فحكمُ القهوتين تخالفا
تبصَّر فحكمُ القهوتين تخالفا / فكم بين إثباتٍ لعقلٍ وإزهاقِ
وشتّان ما بين المدامين فاعتبر / فكم بينَ إنجاح لسعي وإنفاقِ
فتلك تهادي بين ظُلمٍ وظلمةٍ / وهذي تهادي بين نورٍ وإشراقِ
فضائلك الحسنى عليَّ تواترت
فضائلك الحسنى عليَّ تواترت / بمنهمرٍ من سُحب فكرك غيداق
خزائنُ آداب بعثت بدُرِّها / إليّ ولم تمنن لخشية إنفاق
ولا مثل بكرٍ حرَّةٍ عربيّةٍ / زكية أخلاقٍ كريمة أعراق
فأقسم ما البيضُ الحسانُ تَبرَّجت / تناجيك سرّاً بين وحي وإطراق
قدحت زنادي بالعتاب فهاكها
قدحت زنادي بالعتاب فهاكها / نتيجة فكرٍ فيه أضرمت ناركا
فها هي تُبدي من وجوه جفائها / وتجزي سواءً بالنفار نفاركا
نتيجة آداب وطبع مهذب
نتيجة آداب وطبع مهذب / أطال مداه في البيان وأعرضا
ولا مثل بِكرٍ باكرتني آنفا / كزورة خل بعدما كان أعرضا
هي الروضة الغناء أينع زهرها / تناظر حسناً مُذهباً مفضضا
أو الغادة الحسناء راقت فينقضي / مدى العمر في وصفي لها وما ارتضى
وكم لك عندي قبلها من قصيدة
وكم لك عندي قبلها من قصيدة / أريت بها في رفع قدري اقتداركا
نثرنَ عليّ القولَ مَثنَى وموحداً / وأعلينَ في سمكِ المعالي مناركا
رياضٌ تروقُ الطرفَ والقلبَ بهجةً / فها أنا أجني من رُباها ثماركا
بدورٌ بدت من فوقِ أطواقها على
بدورٌ بدت من فوقِ أطواقها على / رياض شَدت في قضبهان ذات أوراق
يناظر منها الأقحوان ثغورَها / وقَابَلَ منها نرجسٌ حسن أحداق
وناسب منها الوردُ خداً مورداً / سقاه الشبابُ الغضُّ بورك من ساق
وأَلبسنَ من صنعاءَ وشياً منمنما / وَحُلينَ من درٍّ نفائسَ أعلاق
أأصحابَنا يا صاحِبَ الأدباءِ
أأصحابَنا يا صاحِبَ الأدباءِ / ويا نخبة الكُتّابِ والشُّعراءِ
لأعطيتُكُم فَصلَ الخطابِ وَوَصلَهُ / فيعجزُ عنكُم واصلُ بن عَطاءِ
فَمن يَعمرُ الأوقات طُرّاً بِذكرِهِ
فَمن يَعمرُ الأوقات طُرّاً بِذكرِهِ / فليسَ نَصِيبٌ في الهدي كَنَصِيبهِ
ومن كان عنه مُعرِضاً طول دهره / فكيف يرجِّيه شَفيع ذنوبِهِ
أهزلاً وقد جَدَّت بك اللَّمّةُ الشمطا
أهزلاً وقد جَدَّت بك اللَّمّةُ الشمطا / وأمناً وقد ساورتِ يا حيةٌ رَقطا
أغرك طولُ العمرِ في غَيرِ طائلٍ / وسَرَّكَ أن الموتَ في سيره أبطا
رويداً فإنَّ الموتَ أسرعُ وافدٍ / علَى عُمرك الفاني ركائبَهُ حطّا
فإذ ذاتك لا تسطيعُ إدراكَ ما مضى / بحالٍ ولا قبضاً تطيقُ ولا بسطا
تأهّب فقد وافى مشيبُكَ منذراً / وها هو في فَودَيك أحرًفَه خطَّا
فوافقت منه كاتبَ السر واشياً / له القلمُ الأعلى يخطّ بهِ وخطا
معمَّى كتابٍ فكُّه احذر فهذه / سفينةُ هذا العمرِ قاربتِ الشطا
وإن طالما خاضت لك اللجَجَ التي / خبطتَ بها في كلِّ مهلكةٍ خبطا
وما زلتَ في أمواجها متقلباً / فآونة رفعاً وآونة حَطَّا
فقد أوشكت تلقيك في قعرِ حفرةٍ / تشدُّ عليكَ الجانبين بها ضغطا
ولستَ على علم بما أنتَ بعدها / مُلاقٍ أرضواناً من الله أم سخطا
وأعجبُ شيء منك دعواك في النُّهى / وهذا الهوى المردي على العقلِ قد غطى
قسطتَ عن الحقِّ المبين جهالةً / وقد خالفتك النفسُ فادعت القسطا
وطاوعتَ شيطاناً تجيبُ إذا دعا / وتَقبَلُ إن أغوى وتأخذ إن أعطى
تناءى عن الأخرى وقد قربت مدىً / تدانى من الدنيا وقد أزمعت شحطا
وتمنحها حبّاً وفرطَ صبابةٍ / وما منحت إلا القَتَادةَ والخَرطا
فها أنت تهوى وَصلها وهي فاركٌ / وتأمل قرباً من حِماها وقد شطَّا
صراطُ هدىً نكّبتَ عنه عمايةً / ودار رديً أوعيت في سُحتِها سرطا
فما لك إلا السيد الشّافعُ الذي / له فضلُ جاهٍ كل ما يَرتَجِي يعطى
دليلٌ إلى الرحمن فانهج سبيلَهُ / فمن حاد عن نهج الدليلِ فقد أخطأ
محبته شرط القَبولِ فمن خلت / صحيفتُهُ منها فَقَد فَقَدَ الشرطا
وما قُبِلت منه لدى الله قربةً / وما زكت الأعمالُ بل حبطَت حبطا
به الحقُّ وضاحٌ به الإفكُ زاهقٌ / به الفوز مرجوُّ به الذنبُ قد حُطَّا
هو الملجأ الأحمى هو الموئل الذي / به في غدٍ يستشفع المذنبُ الخطَّا
لقد مازَجَت روحي محبَّتُهُ التي / بقلبي خُطَّت قبل أن أعرفَ الخطَّا
إليك ابنَ خيرِ الخلقِ بنتَ بديهةٍ / تُقَبِّلُ تبجيلاً أنامِلَك السُّبطا
وحيدةَ هذا العصر وافت وحيدةً / لتَبسُطَ من شَتى بدائعها بسطا
وتتلوَ آياتِ التشيُّعِ إنَّها / لموثقةٌ عهداً ومحكمةٌ ربطا
لكَ الشرفُ المأثور يا ابنَ محمد / وحسبك أن تُنمَى إلى سبطه سبطا
إلى شرفَي دينٍ وعلمٍ تظاهرا / تبارك من أعطى وبورك في المعطى
ورهطُكَ أهلُ البيتِ بيتش محمدٍ / فأعظم به بيتاً وأكرم بهم رهطا
بعثت بهِ عقداً من الدرِّ فاخراً / وذكرُ رسول الله دُرَّتُهُ الوسطى
وأهديتُ منها للسيادَةِ غادةً / نظمتُ من الدرِّ الثمين بها سِمطا
وحاشيتها من كل شانها فإن / تَجعَّدَ حُوشيٌ تجد لفظها سبطا
وفي الطيبين الطاهرين نظمتُها / فساعَدَها من أجلِ ذلك حُرف الطا
عليك سلامُ الله ما ذَرَّ شارقٌ / وما رددت ورقاءُ في غُصُنٍ لغطا
أيا عَبرة العَينِ امزُجِي الدمعَ بالدَّمِ
أيا عَبرة العَينِ امزُجِي الدمعَ بالدَّمِ / ويَا زَفرة الحُزنِ احكُمِي وتَحَكَّمِي
ويا قلبُ ذُب وجداً وغماً ولوعةً / فإنَّ الأسَى فَرضٌ على كُلِّ مُسلِمِ
ويا سلوَةَ الأيَّامِ لا كنتِ فابعدي / إلى حيث ألقت رحلها أم قشعم
وصِح بأناة الصبر سُحقاً تأخري / وقل لشكاة الحزن أهلاً تقدَّمي
ولِم لا وشمسُ الملك والمجد والهُدى / وفَتَّاح أبواب النَّدى والتكرُّم
ثوَى بين أطباق الثرى رهن غُربة / وحيداً وأصمَته الليالي بأسهم
على مَلِك الإسلام فاسمَح بِزَفرَةٍ / تُساقط درّاً بين فذِّ وتَوأمِ
على عَلَمِ الأعلام والقمر الذي / تجلّى بوجه العصر غُرَّة أدهمِ
على أوحَدِ الأملاك غير منازع / أصالة أعراق وفضل تقدُّمِ
ومَن مثل إسماعيل نورٌ لمُهتَدٍ / وبُشرى لكروبٍ وعفوٌ لمُجرمِ
ومن مثلُ إسماعيل للبأس والندى / لإصراخِ مذعورٍ وإغناء مُعدمٍ
ومن مثلُ إسماعيل للحرب يجتَني / به الفتحُ من غَرس القَنَا المُتَحَطِّمِ
ومن مثل إسماعيل سَهُمُ سعادةٍ / أصاب به الإسلام شاكلة الدم
شهيدٌ سعيدٌ صبّحته شهادة / تبوأ منها في الخلود التنعمِ
أتت وغُبار الغَزو طيّ ثيابه / ظهيرُ أمانٍ من دخان جَهَنَّمِ
فتباً لدارٍ لا يدوم نعيمُها / فما عُرسُها إلا طليعةُ مأتَمِ
ولا أنسُها إلا رهينٌ بوَحشَةِ / ولا شَهدُها إلا مشُوبٌ بعلقمِ
فيا من يرى الدنيا مُجاجة نَحلَةٍ / ألا فاعتبرها فهي نَبتَة أرقَمِ
فمن شام منها اليوم برق تبسُّم / ففي الغد تلقاه بوجه جهنَّم
فضاحكُها باكٍ وجَذلانُها شجٍ / وطالعُها هاوٍ ومُبصرها عَمِ
وسرّاؤها تفنى وضرّاؤها معاً / فكلتاهما طيفُ الخيالِ المُسَلَّمِ
سَطَت بملوك الأرض من بعد آدم / تُبَدِّدُ منهم كلَّ شَملٍ مُنظم
فكم من قصير قصَّرت شأو عُمره / فخر صريعاً لليَدين وللفمِ
وكم كسرت كِسرى وفضّت جيوشه / فلم تحمِهِ منها كتائبُ رستُم
ولو أنها ترعى إمام هداية / لأعفَت علياً من حُسام ابن مُلجَمِ
وما قَتلت عثمان في جَوف داره / فقدس من مُستَسلم ومُسلّمِ
وما أمكَنَت فيروز من عُمر الرِّضى / فهدَّت من الإسلامِ أرفع مَعلمِ
أبى الله إلاَّ أن تكون اليدُ العليا
أبى الله إلاَّ أن تكون اليدُ العليا / لأندلس من غير شَرطٍ ولا ثُنيا
وإن هي عضّتها بِنَوبِ نوائبٍ / فصيرتِ الشَّهدَ المُشورَ بها شريا
فما عدمت أهل البلاغة والحجى / يقيمون فيها الرسمَ للدين والدنيا
إذا خطبوا قاموا بكلِّ ليغةٍ / تجلّي القلوبَ الغلفَ والأعينَ العميا
وإن شعروا جاءوا بكلِّ غريبةٍ / تخالُ النجومَ النيراتِ لها حَليا
فأسألُ في الدنيا من الله سَترهُ / علينا وفي الأخرى إذا حانتِ اللقيا