المجموع : 152
إلى أشكو أنني منه في ريب
إلى أشكو أنني منه في ريب / تمكن مني في شبابي وفي شيبي
إذا كان هذا فيّ عيباً يشينني / فإني بإقراري أدل على عيبي
وما رابني فيه الشهادة وحدها / ولكنما ريب الشهادة والغيب
تباين أهل الشرق والغرب في النهى
تباين أهل الشرق والغرب في النهى / و الدين أيا كان والعلم والكسب
ففي الشرقي لا يحظى أخو العقل بالغنى / وفي الغرب لا يرضى أخو العلم بالرب
وبين الحجا والمال في الشرق خلفة / كما يتنافى العلم والدين في الغرب
تبوأ عرشاً في السموات ديان
تبوأ عرشاً في السموات ديان / فناصبه فيها العداوات شيطان
ووسوس للأقوام أن يكفروا به / فكان له منهم هنالك إذعان
فذاع على استحواذه الكفر في الورى / وقل برب الناس للناس إيمان
وجوهر بالإلحاد في كل بقعة / وأعلن في الاصقاع لِلّه عصيان
وقد بسط الشيطان في الأرض حكمه / ولم يبق للديان حول وسلطان
ألم فعم الكفر في عصرنا الورى / ولم يبق بالديان يؤمن إنسان
فما بقيت تنهاه نار جهنم / ولا لبثت تغريه حور وغلمان
فغاظ الذي قد جاء إبليس ربنا / بأعلى عرشه وهو حردان
وما كان ظني أن / فيخلو للشيطان في الملك ميدان
لقد ظل هذا اللَه يعبد أدهرا / وقد كان قبل اللَه تعبد أوثان
فما زال ينمو الشر في كل جانب / ويزداد بين الناس ظلم وعدوان
مضى أن يعيش المرء في ظل دينه / فيغضبه حق ويرضيه بطلان
ونحن بعصر ليس يعتقد الورى / بآلهة إلا إذا قام برهان
وما المرء إلا كالنبات فبينما / ترى عوده غضاً إذا هو صوحان
وما فتئت تأتي الطبيعة فعلها / فتنشأ أكوان وتخرب أكوان
وما من حياة للفتى غير هذه / فليس له يوماً إذا مات رجعان
وأن نصيب الملحدين للذة / وأن نصيب المؤمنين لحرمان
بكل مقام وقفة لك تبهت
بكل مقام وقفة لك تبهت / فعقلك ينفي اللَه والقلب يثبت
وما كل مرء للحقيقة قائل / ولا كل مرء للحقيقة ينصت
ولا تحسبني قد تزندقت عامداً
ولا تحسبني قد تزندقت عامداً / لأحرز مكثاً في جهنم خالدا
ولكنني لم أقتنع بكلامهم / فأصبحت من جراء ذلك جاحدا
أتى العلم يسعى شاحذاً لسلاحه
أتى العلم يسعى شاحذاً لسلاحه / إلى الأرض بعد الدين فهو يحاربه
وقد كان في الماضي له الدين غالباً / ولكن في المستقبل العلم غالبه
وما بالذي قد دان باللَه من عمى
وما بالذي قد دان باللَه من عمى / ولكنما حب السلامة يعميه
ولا يتحرى المرء ديناً لنفسه / ولكنه يأبى معارضة فيه
وما المرء في محياه إلا كآلة
وما المرء في محياه إلا كآلة / بأيدي الذي منه الضلالة والرشد
فما يصنع العبد الذي ليس شائياً / إذا شاء رب العبد أن يكفر العبد
تمتع بلذات الحياة فإنها
تمتع بلذات الحياة فإنها / إذا ما انقضت يوماً فليس لها بقيا
وليس لإنسان حياة سوى التي / يعيش بها الإنسان في هذه الدنيا
لقد جاء إبراهيم للناس مرسلا
لقد جاء إبراهيم للناس مرسلا / وموسى وعيسى ثم جاء محمد
وقد كان قبل الأنبياء وبعدهم / بكل مكان ذو يقين وملحد
ترى هل إذا متنا تظل نفوسنا
ترى هل إذا متنا تظل نفوسنا / تعيش بهذا الجو أم نحن كالعشب
نحس بنور الشمس حيناً وبعده / نحور حطاما لا يحس إلى الترب
علمت بأن اللَه ربى قد استوى
علمت بأن اللَه ربى قد استوى / على عرشه ينهى هناك ويأمر
ولكنني ما ان علمت لساعتي / هل العرش أم ربي على العرش أكبر
يسبح في عرض السماء وطولها
يسبح في عرض السماء وطولها / ملائكة لِلّه غير ميامين
وفي الأرض انس ثم في الأرض جنة / وفيها عفاريت وفيها شياطين
وأكثر من في الأرض يعصون ربهم / أولئك في الأخرى عذابهم الهون
لقد كفروا بِاللَه جل جلاله / بإغراء إبليس وإبليس ملعون
وإبليس لا يأتي سوى ما أراده / لهم ربهم ذاك الذي دينه دين
إليك إلهي في بكاء أجيده
إليك إلهي في بكاء أجيده / قصيداً إذا ما نابني الخطب أضرع
إليك بداجي الليل في البحر إن طغى / إليك إذا ما ريع قلبي أفزع
عبدتك ما أدرى ولا أحد درى / أسرك أم صدر الطبيعة أوسع
قرأت اسمك المحمود في الليل والضحى / إذ الشمس تستخفي إذ الشمس تطلع
فحققت أن الكون باللَه قائم / وأيقنت أن اللَه للكون مبدع
وأنك معنى والخليقة لفظه / وأنك حسن والطبيعة برقع
أيذكرك الإنسان في العسر جائعاً / وينساك عند اليسر إذ هو يشبع
تعاليت أنت اللَه مقتدراً فما / يضرك نسيان ولا الذكر ينفع
يعد اضطهاد المنكرين ديانة
يعد اضطهاد المنكرين ديانة / فإن جئت لوما قيل لي أنت ملحد
لقد جاء إبراهيم للناس مرسلا / وموسى وعيسى ثم جاء محمد
وقد كان قبل الأنبياء وبعدهم / بكل مكان مشرك وموحد
وفي الناس من يقفوا اعتقاداً بخالق / وفي الناس من ينفي ومن يتردد
إني غير مختار وفارق مضطرا
إني غير مختار وفارق مضطرا / ولم يك لما عاش في نفسه حرا
وهل جعلوا منه الدماغ برأيه / ليقبل ديناً أو ليجتنب الكفرا
ولو أنه اسطاع الكلام بقبره / لقال اتركوني إنني أحمد القبرا
له قد حلا الموت الذي قد حماه من / أذاه على عهد الحياة الذي مرا
لقد قدم الدنيا بغير اختياره / وسافر منغير اختيار إلى الأخرى
أمالك يوم الدين كن راحم به / فإن الذي قد جاءه جاءه قسرا
سل العبد عما جاء قبل جزائه / لعل له عذراً لعل له عذرا
فأنت الذي بالخير كنت أمرته / وأنت الذي قدرت أن يعصى الأمرا
ترأف ولا تقذف بنار جهنم / فتى غير مسطيع على حرها صبرا
لقد طال ليل المؤمن القانع الذي / ثوى في ظلام القبر ينتظر الفجرا
يؤمل بعد الموت عود حياته / فقد وعدوه بعد طي له نشرا
أيحيا أمرؤ في القبر ميتاً وإنما / يموت الذي يحيا إذا سكن القبرا
وكل امرئٍ يدرى شؤون حياته / وأما الذي بعدَ الحياة فلا يُدرى
وكم غاصبٍ مال اليتامى مبكر / لأجل صلاة الصبح يرجو بها الأجرا
سرى في ظلام الليل يطلب جاره / ليسرق ما يقنو فسبحان من أسرى
يصلى جهاراً في بياض نهاره / ويسرق مال الناس في ليله سرا
أيُلقى رنان في الجحيم وبخنر / وداروين من عن أصلنا كشف السترا
مخلدة أرواحهم وجسومهم / هناك يقاسون المهانة والحرّا
إذا نضجت بالنار فيها جلودهم / حباهم جلوداً قهر بارئهم أخرى
ويحظى عماد الدين منا بجنة / وكان الذي قد جاءه كله نكرا
فقد بزّ أموالاً لسفيان واعتدى / على صادق واغتال من خبثه عمرا
تذكر قبل الموت أفعاله نعم / وتاب عماد الدين لو تنفع الذكرى
أليس عماد الدين هذا الذي عدا / على الناس بالنيران لو أنصفوا أحرى
يمر على ظهر الصلاة وقد حكى / حساماً على كبش يريد به عبرا
صراط طويل دقَّ كالشعر متنه / وتحت الصراط النار قد سُعرت سَعرا
فيا عابراً فوق الصراط أخاف أن / يزجَّك هدا الكبش في الهوة الكبرى
رويدك يا هذا فإن الذي به / تكلمتَ لا يُرضى الديانة والعصرا
ألم تدر أن الناس في عصرنا الذي / نعيش به بالدين قد نوَّروا الفكرا
تفكَّر قليلا في مقال ذكرتَه / فذلك فوق الكفر إن لم يكن كفرا
جهلت اختيار اللَه فهو معذَّب / لبعض ومعطى البعض من فضله أجرا
ألا فاعتقد ما شئت إنا عصابة / ترى عن سماع الكفر في أذننا وقرا
وإن لنا بالدين في الناس سؤددا / وإن لنا بالدين بين الورى فخرا
وما أمة إلا تدين بصانعٍ / يُقر بذا من للشعوب قد استقرى
رضينا بدين اللَه ديناً وإنما / عبدناه أعصاراً ولم نعبد الدهرا
رأيت فتاة في الطريق جميلة / تسدد من ألحاظها نظراً شزرا
وقد كشفت عن وجهها من نقابها / فخيل لي أني به ناظر بدرا
على حين كان الناس في صلواتهم / يؤدونها والملتقى خالياً صفرا
أأنت الذي بالزعم تذكر أننا / إذا ماردينا لم نعد مرة أخرى
فتنكر بعث الناس من بعد موتهم / وتجحد في أقوالك الحشر والنشرا
فقلت لها يا هذه ما قد يدلنا / على أن للأموات بعد البلى حشرا
فليس لنا في العلم ما قد يدلُّنا / على أن للانسان بعد البلى حشرا
فقالت وقد حز الكلام فؤادها / بحزن ألا أقطع ما تريد له ذكرا
فلو لم تكن دار يجازى بها الفتى / تساوى إذن من يفعل الخير والشرا
فلما سمعت القول أسبلت أدمعا / جرت فسقت خدي وجيدي والنحرا
ندمت على ما كنت فرطت قبلذا / بسوء اعتقاد لي إلى الكفر قد جرا
لقد قلت قولاً باطلاً بجهالة / والحدت فاللهم يا خالقي غفرا
فقد تبت عما كنت معتقداً له / فإن لم تتب ربي على فوا خسرا
شهدت بأن اللَه ربي واحد / تنزه عن عيب يشين له قدرا
بستة أيام برا الخلق كله / وفي سابع الأيام في عرشه قرَّا
إذا شاء أمراً قال كن فيكون لا / يرى أبداً في خلق ما شاءه عُسرا
أزاغنيَ الشيطان عن منهج الهدى / وكان يميني فانحرفت إلى اليسرى
ولَم يشجني شيءٌ كمنظر غادةٍ / قَد اِغتال كفُّ الظلم حاميها غدرا
فَباتَت تناجي همها كحمامة / تَنوح بداجي اللَيل من كبدٍ حرَّى
أَضاعَت نهاراً إلفَها فتبجست / تجدّ بترداد الهديل له ذكرا
وأمٍّ أراها الحيفُ قتل وحيدها / فظلت من الأحزان كاسفة حسرى
وقامت إلى شاوٍ له متمزّع / تخمش منها الوجه أو تلدِم الصدرا
فلفته في أكفان خزّ جديدة / ووارته في قبر ولازمت القبرا
ولو لم يكن مِلحاً أجاجاً دموعها / لأَنبت من تسكابها القبر واخضرا
مفجعة ليست بغير حِمامها / تلاقي مع العسر الذي مضها يسرا
عجوز أبت أن تسكن الدار إنها / رأت دارها من بعد واحدها قَفرا
نظرت إلى الشِعرى بليلٍ فهاجني / تلألؤُها حتى نظمت بها شعرا
فكان مضيئاً في معانيد مثلها / فقلت كذا فليحسن الشعر في الشِعرى
أتيت به سهلاً يلذُّ سماعه / ولم أقتحم في نظمه مسلكا وعرا
وكيف ترى لا يَعتلي نظم شاعر / رأى أنجم الجوزاء في جوِّه نثرا
كأن الثريا كف خود تزينت / خواتيمها بالدر ما أحسن الدرا
عَلى الجانب الغَربيِّ أَبصر كوكباً / له ذنبٌ من فضة أُشربت تبرا
كَما قَد تمشت غادة فلكية / فأبقت بِعالي الجو من خلفها إِثرا
كأن عَلى وجه السماء الَّذي صفا / يداً بمداد النور قد كتبت سطرا
جرت تبتغي شمس النهار كأنها / تبلَّغها أمراً فما ألطف المجرى
تطوف حوالي كعبة الشمس دورة / وترجع أدراجاً إلى حيث لا يدرى
وللناس فيما قد علمت مآرب
وللناس فيما قد علمت مآرب / قد اختلفت فيهم كما اختلف الخلق
فمن طالب دنيا وذاك هو الحجى / ومن طالب دينا وذاك هو الحق
بكيت ولكن لا بكاء الغمائم
بكيت ولكن لا بكاء الغمائم / ونحتُ ولكن لا نواح الحمائمِ
فإن بكائي عن هوىً متحكمٍ / وإن نواحي عن غرامٍ ملازم
وما لغما ماطر عين مغرم / وما لحمام هادر قلب هائم
وهل ينفع الباكين شجوا بكاؤهم / إذا لم يصادف في الهوى قلب راحم
وكيف أخاف الدهر أو أرهب الردى / وقد لذت من صرف الزمان بعاصم
ولما سعى الساعون أن نهجر الوغى
ولما سعى الساعون أن نهجر الوغى / ونمنح للمغلوب من فضلنا مهلا
عقدنا مع اليونان للحرب هدنةً / على طلب منهم فكانوا اليد السفلى
هو النصر مقروناً به العزُّ لم تزل / بألسنة الأيام آياته تُتلى
أقول لمن قد بات يجهل مجدنا / سل السيف عنا والفتوَّة والنُبلا
لسلطاننا عبد الحميد سياسة / طريقتها في المعضلات هي المثلى
سللت لنصر الدين سيفَ عزيمة / فللتَ به ما لم يكن فلُّه سهلا
فجّهزت جيشاً للجهاد عرمرما / قهرت به ذاك العدو الذي ولّى
نُهنِّيك بالفتح المبين الذي به / تسامى منار للشريعة واستعلى
أفي كل يوم رحلة وتغرب
أفي كل يوم رحلة وتغرب / وسعيٌ لإدراك المعيشة متعبُ
نفوس طغت في غيّها فتسارعت / الى الشر أعمالها الهوى والتعصب
وماليَ ذنب عندهم غير أنني / ذهبت إلى ما ليس غيريَ يذهب
إذا كان نصر العلم ذنباً معاقبا / عليهِ فإني أشهد اللَه مذنب
وكم باسم منهم إذا كان حاضراً / ولكن متى ما غالب عنك يُقطّب
صفا منه لما خاف بأسك محضر / ولم يصف منه سرُّه والمغيّب
لقد نسبوني للضلال لأنني / مخالفهم فيما أقول وأكتب
ولو أنني شايعتهم في جهالةٍ / لكنت إلى الإحسان والرشد أُنسب
وقالوا أتيت الكذب قلت بل الذي / يحضّ على الأوهام للكذب أقرب
إذا كان من قد وافق الحقّ كاذباً / فإن الذي قد خالف الحقّ أكذب
أبى اللَه أن أنسى ربوعاً كريمة / قضيت بها عهد الصبا وهو طيّب
هي الدار ناطت بي حبالاً من الهوى / تجرُّ بها قلبي الشجيَّ وتجذب
رعى اللَه عهداً بالرصافة قد مضى / ولكنه عن خاطري ليس يغرب
ألا ليت شعري هل أرانيَ راجعاً / إليها وهل من ماء دجلة أشرب