المجموع : 103
أرى الليل في دَيرِ القُصَير كأنما
أرى الليل في دَيرِ القُصَير كأنما / تطالِعنا من ساحتَيه شموس
يلذّ التصابي في ذَرَاه كأنما / تُجَدَّد للزوّارِ فيه نفوس
فمن كان محبوساً على حبّ لذَةٍ / فإني على ديرِ القصير حبِيس
عمرتُ المغاني واجتنبت النواويسا
عمرتُ المغاني واجتنبت النواويسا / وساعدت في الدير القصيرِيّ إبليسا
وهل يهجر اللذاتِ إلا مسوِّفٌ / ويتركها إلا امرؤ بات منحوسا
رُبَّ عظَّمتهن النصارى ولم أزل / أعرّس باللذات فيهنّ تعرِيسا
أصولُ بقرعِ البمّ والزيرِ بعده / إذا قرعوا عند الصلاة النواقيسا
وإن عظَّمت فيه النصارى صليبَهم / وحرّكتِ الناقوس أو عبدت عيسى
فزِعت إلى دين النبِيّ محمدٍ / وقدّست فيه رب أحمد تقديسا
ولما تلاقينا ولم نُظهِرِ البكا
ولما تلاقينا ولم نُظهِرِ البكا / حِذارا من الواشِي ولم نجدِ اللفظا
ولم نُفْشِ للألحاظ مكنونَ حبّنا / وأسرارِنا فيه فنستخدِم اللحظا
رددنا إلى الأجسام حَرَّ قلوبنا / فلما غدا سلطان حُمَّائها فظّا
شكونا أَذى الحُمَّى جهارا ولم نَخَفْ / رقيبا ونِلنا من تلافُظنا حظّا
أُحِبُّ عدوّي فيك والكاشح الذي
أُحِبُّ عدوّي فيك والكاشح الذي / يَنُمُّ علينا والرقيبَ الذي يسعى
لأنهمُ من أجلِ حبِّك أصبحوا / معارفَ لي لا أستطيع لهم دفعا
ولولاك ما خادعت قلبي ومهجتي / وصيَّرتُ ضرّي فيك عند الورى نَفْعا
ولو لم أكن أُرْضيك إلا بناظري / لأعطيتك العينين والقلب والسمعا
وما غاب عن قلبي الرشادُ وطُرْقُه / ولكنْ حُسَامُ الحبِّ يَقْرَعُه قرعا
إذا رمتُ أن أثني بما أنت أهله
إذا رمتُ أن أثني بما أنت أهله / من المدح أعيتني خصائلُ أربع
نوالٌ إذا قلَّ النوالُ أفضتَه / ورأى كحدِّ السيفِ بل هو أقطع
وحِلم إذا قلَّت حلُوم ذوِي النُهَى / وطاشت حِجا الأقوام لا يتضعضع
وإِشراق أخلاقٍ صَفتْ في عذوبة / ورقَّت كما رقًَّ الشّراب المشعشع
وفي خصلةٍ من هذه يَغْرَقُ الحِجا / وتغدو القوافي وهي حَسْرَى وظلَّع
وحسبك أن الناس جادوا تصنّعا / وجُودُك طبعٌ ليس فيه تصنّع
وأنك للعلياءِ والمجدِ جامعٌ / وغيرك للورّاث واللؤمِ يجمع
وأنك تَدْنُو كُلَّ يومٍ تواضُعاً / وأنت من الجَوْزَاءِ أعلى وأرفعُ
أهنّيك بالعيدِ الذي أنت عِيدُه / ونورُ سنا إِقبالِهِ حين يَسْطع
إذا ما تأمَّلت الزمانَ وجدته / بكفّيك يُعْطِي من يشاء ويمنع
ولو لم تكن فيه لما لاح بدرُه / ولا أَشرقت شمسُ الضحى حين تطلع
فدونكها من مادحٍ لك ما جدٍ / بذِلّ له شُوس القوافِي وتخضع
له فِطنةٌ لم تَذْبُ يوماً سِهامُها / عن الغرضِ الأقصى ولا تتمنَّع
على انه أمسى وأبياتُ شِعرِه / جُمَانٌ على بُرْدَي علاك مرصَّعُ
ثناء كأن المسك من طِيبِ نَشْرِه / إذا رُدِّدتْ ألفاظُه يَتضوَّع
ألا يا نسيم الريح عرِّج مسلِّماً
ألا يا نسيم الريح عرِّج مسلِّماً / على ذلك الشخص البعيد الموَدِّعِ
وهُبَّ على من شفَّ جِسمِي بِعادُه / سَمُوماً بما استمليتَ مِن نارِ أضلعِي
فإن قال ما هذا الحرَورُ فقل له / تنفُّسُ مشتاقٍ لوجهِك موجَعِ
أأعذِر قلبي وهْوَ لي غير عاذِرٍ
أأعذِر قلبي وهْوَ لي غير عاذِرٍ / أم أعصِي غرامي وهو ما بين أضلعي
ومن لِي بصبرٍ أَستزيلُ به الجوى / وما جَلَدِي طوعِي ولا كبِدِي معِي
نَأَوْا والأسى عنَّي بهم غير مُنْتَأٍ / وودّعتهم والحبُّ غير مودّعِي
فأوّل شوقي كانَ آخِرَ سَلْوتي / وآخِرُ صَبْري كانَ أَولَ أَدْمُعِي
إذا خالفتْ إِبانَها كلُّ طُرْفةٍ
إذا خالفتْ إِبانَها كلُّ طُرْفةٍ / غدا حسَنا في كلّ نفسٍ وقوعُها
بعثت بخَوخ جاء في غيرِ وقتِهِ / وأعذبُ لذَّاتِ الأنام منيعها
وإن كنتُ لا أُهدِيه إلا لمن له / طرائِفُ أبكارِ العلا وبدِيعها
إذا جَمَدَتْ عَيْنُ السنين وأجدبت / فأنت أميرَ المؤمِنين ربيعها
هَوىً زادَ حتّى لم تُطِقْه الأَضالع
هَوىً زادَ حتّى لم تُطِقْه الأَضالع / وشوقٌ مُسَرٌّ في الجوانِح شائِع
إذا لم تَجِد إلا بكاءَكَ حيلةً / فَدَمْعُك منهوبٌ وسِرُّك ضائع
بعثت بوردٍ لم يغادر بياضه
بعثت بوردٍ لم يغادر بياضه / بياض ثنايا قد أطلت بها الرشفا
ترشّفتُها من أحورٍ مخطّفِ الحشا / يلوح لنا بدراً ويرن لنا خِشفا
فما زلت أُصفيه وأَمحضه الهوى / ويمحضني فيه الترائب والرشفا
إلى أن بدا الإشراق في فحمة الدجى / ولاح عمود الصبح مخترِطا سيفا
دليلٌ عَلى أن سوف يُرْدِيه ما لَقِي
دليلٌ عَلى أن سوف يُرْدِيه ما لَقِي / بأنَّك لو قد شئْتَ بُقْياه ما بقي
ومُنبِئهُ أن التّصابِي والهوى / أتاه بكُرْهٍ لا بطبعِ تَخَلّق
محاجِرك القاضي لهَا الحسنُ أَنّها / مَتَى يَرها خَالٍ من العشق يَعْشقِ
أَمَا والخدودِ النّاعمات أَلِيَّةً / ونَبْلِ العيون الفاترات الْمُفَوَّقِ
وبرقِ الثنايا البيضِ في حُوَّة اللّمى / وَصِحَّةِ رُمّان الصُّدور المُعَلَّقِ
لقد هاجَ لي وشكُ الوَداع صَبابةً / تُمَزّقُ عنّي الصبرَ كُلَّ مُمزَّقِ
ولما اسْتَحَرَّ البينُ وانشقت العصا / وأَيقن أُلاَّف الهوى بالتفرّق
وشطّ بمن نهواه بَيْنٌ وأَصبحوا / ضَمائِرَ أحداج وأَثقالَ أَينقِ
وقفنا ندارِي الكاشِحين ولحظُنا / رسائلُ بَثٍّ بَيننا وتشوّقِ
وقد برزت من جانب الخِدر غادةٌ / كأنّ الضحى مِنها استعان برونقِ
فداؤكِ مقتولٌ بلحظٍ خلطتِهِ / بِشِبه كَرىً في مقلتيك مُرَنَّقِ
وإن كنتِ ما أبقيتِ مِني بقيّة / سوى كبِدٍ حَرّىً وطَرْفٍ مُؤَرَّقِ
كأن الليالي لم تكن سمحت لنا / بِجِدّة عيشٍ في ذراهنّ مُؤنِقِ
ولم نك نَسْتَسْقِي الصِّبا ماءَ مُزْنِهِ / ونفتح مِن أبوابِهِ كلّ مغلقِ
وابيضَ من خَمرِ الثّغورِ جعلته / غبوقِي مكان البابِليّ المعتّقِ
وصفارَ لم تُطْبخْ بنارٍ شرِبتها / على وجهِ معشوق السجايا مُقَرْطق
كأنّ حَباب الكأسِ من نظم ثغرِهِ / وإشراقها مِن خدّهِ المتألّقِ
ونَدْمان صِدقٍ ليس تنبو طِباعه / بحيث صفا صَفْوَ الشّرابِ المُرَوّقِ
بذلت له كَأْسَي ندامى تَعُلُّهُ / ورِفِدِي وإيناسي وحسن تملقي
مِن البؤس والنعماءِ نلتُ فما انْحَنَتْ / قناتِي ولا أَبديت فرط تضيّقِ
سَأَثْنِي خطوبَ الدّهرِ عني بماجدٍ / تخاف خطوبُ الدّهرِ منه وتَتّقِي
إمام إذا حنَّتْ يداه إلى النَّدَى / تَفَجَّرتا كالعارِض الْمُتَدَفِّقِ
هَدَى بِسَنا بُرْهانِهِ كُلَّ حائِرٍ / وأغنى بجَدْوَى كفّه كُلَّ مُمْلِق
وصَلَّتْ لعَلْياه العُلا وتَنَزَّلت / بتفضِيلِه آيُ الكتابِ الْمُصَدَّقِ
عزيزٌ بِهِ عَزًَّتْ خلافُة هاشم / وأَوْرَقَ مِن أغصانِها كُلُّ مُورِقِ
تجاوزَ غاياتِ المديح لغايةٍ / يُقَصِّرُ عنها كُلُّ فِكْرٍ ومَنْطِقِ
بإفضالِ كَفٍّ دونها كُلّ مُفْضِلٍ / وإِشراقِ وجهٍ دونَه كُلُّ مُشْرِق
ولولا مداراةُ الأنامِ لأنني / من الناسِ أَدْرَى بالذِي أَنت مرتقِي
مدحْتُك بالمدحِ الذي أنت أهلُه / وعدّيت عن هذا الكلامِ المنمَّقِ
لأنك مَعْنَى كلِّ ما تَقْتَضِي الْعُلاَ / ومن لم يَقُلْ ما قُلته يَتَزَنْدَقِ
تُحَقّقُ ما تَحْوِيهِ من كلّ سؤددٍ / وكم سؤددٍ بالقولِ لم يَتَحَقّق
ظلَمناك إذ قسناك بالبحرِ في الندى / ومهما يخَض تَيَّارَكَ البحرُ يَغْرقِ
ومن قاس بَدْرَ التّمّ عند كمالِه / بنجم السها يَضْلِلْ قياساً ويَزْهَقِ
ومن ذا الذي ناداك للجودِ واعتفى / نَداك فلم يَظْفَرْ بنُجْح ويُرْزَقِ
ألستَ ابنَ خيرِ النّاسِ جداً ووالداً / إذا عَلَتِ الأنساب من كل مُعْرِقِ
وأَشْبَهَهم في المجد فَرعا وعُنصراً / إذا ركبوا مِنه على كل مُخْلَق
ففاضِلْ ملوكَ الأَرض تَفْضُلْهُم عُلاً / وسابقْهُمُ في الفخرِ تَظْفَر وتَسْبِقِ
وحاربْهُمُ تَغنم ويَمِّمْهُمُ تُعَنْ / وطالِبْهُمُ بالثأر تُدْرِكْ وتَلْحَقِ
فقد علم الأعداء أنك زرتهم / ولاقَوك حرباً زَرْدَقاً بعد زَرْدَقِ
ولم تَرمِ إلا بالحِمامِ أَسِنّةً / ولم تمشِ إلا فوق هامٍ مُفَلّقِ
ولو زرتَهم فرداً لأَخمَدت نارَهم / بنارٍ متَى يَصْلَوْا بها مِنك تُحْرِقِ
لأنك من إقبالِ سعدِك في قَناً / ومن رأيك المعصومِ في ظِلِّ فيلقِ
فقلْ لملوكِ الأرضِ خافوه إِنه / متى ما اتقيتم حادِثاً غيرُ متّقِي
كَذَا أولياءُ اللهِ إن رام غيرهم / مرامَهُمُ يَظْفَرْ بخِزيٍ ويَزلَقِ
نعم وتراه الطّير في صدق صيدها / ويشدو بها غَيْرَ الحمامِ المُطَوَّقِ
فيا أرضَ بغدادٍ أصِيخِي لوقعة / تكون له بين الفراتِ وجلّقِ
تغنِّي السيوفُ البِيضُ فيها بنصرِه / وتُروِي الثرى من دمعِهِ المترقرقِ
إذا رامتِ الأقدار غَدراً بخائنٍ / رماك بِهِ بَغْيٌ وغِرّةُ أَحمقِ
ليهنَ سعودَ العيد أَنّ نجومها / ببرجِك ما زالت على السعد تلتقِي
وأَنك عيدٌ يَغْمُرُ العيدَ حُسْنُه / ويلقَى عُفاةَ الجودِ في زِيّ شَيِّقِ
سأكْسُوك من طِيبِ الثناءِ قوافياً / متى ما تَقَعْ فيها معاليك تَعْبَقِ
أرى الدهر مختاراً لقصدي بِجَوْرِهِ
أرى الدهر مختاراً لقصدي بِجَوْرِهِ / مُصراً على حَرْبِي وطولِ عُقوقي
إذا ساءني في مهجتي كَرَّ مُتْلفاً / لِحظِّي وأحوالي بكلّ طريق
وإن روّحتني حادثات خطوبه / دهتني بِإلْفٍ أو بضرّ صديق
ونُبِّئْتُ أن الشكو عادك عِيدُه / بموجِع آلامٍ وشدةٍ ضِيقِ
فلا وجلالِ اللهِ ما بِتُّ وادِعاً / ولا ساغ لي مذ صحَّ شَكْوُك رِيقي
ولو صار حكمي في جوامع صحّتي / أَعَرْتك منها حِصّتي وحقوقي
لِتَغْدُو مُفِيقاً سالماً بإفاقتي / وأُصبِح من شكواك غير مُفِيقِ
كفانيَ فيك الله ما أنا مُتّقٍ / عليك من البأساءِ كُلَّ شروقِ
شرِبنا على نوحِ المُطَوّقةِ الْوُرْقِ
شرِبنا على نوحِ المُطَوّقةِ الْوُرْقِ / وأَرديةِ الروضِ المفوّفة البُلْقِ
مُعَتَّقَةً أَفْنى الزمانَ وجودُها / فجاءت كفَوتِ اللحظِ أورِقَةِ العشقِ
كأنّ السحاب الغُرَّ اصبحن أَكؤساً / لنا وكأنّ الراح فيها سنا البرق
فبتْنا نحث الكأس حَثَّا وإِنّنا / لنشربها بالحثّ صِرفا ويَسْتَسْقِي
إلى أن رأيتُ النجمَ وهو مُغَرّب / وأَقبل رايات الصباحِ من الشرق
كأنّ سواد الليلِ والصبح طالع / بقايا مجالِ الكحلِ في الأعين الزرق
ووردٍ أعارته الغواني خدودَها
ووردٍ أعارته الغواني خدودَها / وأهدى إليه المسكُ أنفاسَ مَفْتوقِهْ
كأنّ الندى فيه مدامعُ عاشقٍ / أريقت غداةَ البينِ في خدّ معشوقِهْ
يحف به من تَوْءم الروض نرجِس / تناهَى سنا مُبْيضِّهِ فوق تَخْليقه
رأى الوردَ غضَّاً فاستهامَ بحبّه / وأطرقَ مبهوتاً وقام على سوقِه
أَدَرْنا كؤوس الراح في جَنباته / على حسنِ مرآه ورِقّة تورِيقِه
وقام علِيلُ الطرفِ والوعدِ مُتْرَفٌ / عليمٌ بتصريف الكلامِ وتشقِيقِه
فتوّجَ يُمناه بكأسٍ رَوِيّةٍ / وقَرّط يُسْرى راحتيه بإبرِيقِه
وصَبَّ وسقّاني مداماً كأنّها / تَلَهُّبُ خَدَّيْهِ وطيبُ جَنَى رِيقِه
وبات يُعاطِيني حدِيثاً كأَنّما / جَنَى من جَنى الرّوضِ زَهْرَةَ تَنْمِيقه
حدِيثاً حَشاه بالوعيدِ وإِنه / لَيَعْذُب لِي والموتُ حَشْوُ تفارِيقِه
ذكرتك بالريحانِ والراحِ ذِكْرَةً
ذكرتك بالريحانِ والراحِ ذِكْرَةً / مُرَدَّدَةً كادت لها النفسُ تُزْهَقُ
فلما تناولن الغِناءَ شوادِيا / وأَتْبَعَ مَزْموماً من الضَّرْبِ مُطْلَقُ
تَتَبَّعتِ العينانِ شَخْصَكِ فِيهم / فلما نأَى ظَلَّتْ دُموعِي تَرَقْرَق
إلى الله أشكو فَقْدَها مِثْلَ ما شَكا / إلى الله فَقْدَ الماءِ عَطْشانُ مُوثَقُ
كأن فؤادي مُنْذُ بان بِها الرَّدَى / جَناحٌ وَهَتْ أَجْزاؤُه فَهْو يَخْفُقُ
أُجِلُّكِ أن أَفْديكِ بالمال إنّني
أُجِلُّكِ أن أَفْديكِ بالمال إنّني / أَرى المالَ يُحْوى مِثْلُه حِينَ يَهْلِكُ
ولكنَّنِي أَفْدِيكِ بالنَّفْسِ إنها / أَجَلُّ وأَغْلَى ما أَصونُ وأَمْلِكُ
فلا تَسْفِكِي ظُلْماً دمي وَتَجَنّياً / فحبك فيه يا فديتك يسفك
إمامَ الهدى سعدٌ وفأل مباركُ
إمامَ الهدى سعدٌ وفأل مباركُ / وإقبالُ عِزّ ليس فيه مشاركُ
وفَصْدٌ لماءِ الجود في الناس فاصدٌ / وبُرْءٌ لك الأعداءُ فيه تُتاركُ
تَفَجَّرَ من يُمْناك باليُمْن للعُلا / دَمٌ لدمِ الأَعداءِ ما عِشْتَ سافكُ
دم أَعْقَبَتْهُ صحَّةٌ وسلامةٌ / وحفَّتْ به قبل الأنامِ الملائِكُ
لِنَفْسِ طبيبٍ جَسَّ عِرْفَكَ سُؤْلُها / فقد جَسّ ما لا يَنْتَهِيه مُماسِك
يَدا مَلِكٍ ما زال مُذْ كان فيهما / لبَذْلِ العطايا والمنَايا مَسالِكُ
فَوَجْهُ الهدَى رَيَّانُ أَبْيَضُ ناصِعٌ / كما بِكَ وَجْهُ الشِّرْكِ أَسْودُ حالكُ
بعثت ُ بمدحي قبلَ كلّ هدِيّةٍ / لأَني له دونَ الهديَّةِ مالكُ
ولا شيءَ غيرَ المدحِ يَبْقَى لأنه / مقيمٌ جديدٌ والهدايا هوالكُ
ولو كنتُ أَحْوِي ما على الأرضَ كُلَّه / بعثتُ به لطْفاً وما أنا آفكُ
ولولا خطوبٌ عُفْنَ مالِيَ لم تَرُحْ / هداياه منّي وهْيَ عنك مَواسِكُ
ولكنّه لِما مَضَى المالُ وانْقَضَى / بعثتُ بودٍّ ماله عنك فارِكُ
ومدحٍ إذا أضحى المديح مشبه / غدا وهو حسن للعلا وبواتكُ
قواف بواكٍ إن عداك بديعها / وإن يممت علياك فهي ضواحكُ
ومشفِقةٍ تَخْشَى عَلَيَّ مِن الرَّدَى
ومشفِقةٍ تَخْشَى عَلَيَّ مِن الرَّدَى / تُعَنِّفُني في بَيْعِيَ الصَّبرَ بِالفَتْكِ
فَقُلْتُ لها لا تَعذلِيني على العلى / أليس مذاقُ الذلِّ شَرّاً من الهُلْكِ
يَعزّ على سيفي ورمحِي وهِمَّتي / جلوسي جبانا تحتَ حادثةٍ أَبْكي
اصبراً وهذا وافدُ الْبَيْنِ نازل
اصبراً وهذا وافدُ الْبَيْنِ نازل / وقد قُطِعْت ممن تُحِبُّ الوسائل
فياليت شعري ما الذِي أنت صانع / إذا ظعنت سلمى وما أنت قائل
وجسمك إن لم يظعنوا عنك ناحِل / وقلبك إن بانوا مع الركبِ راحِل
ستذكر بيتاً قاله ذو صبابة / تروّت بماءِ الحبِّ منه المفاصِل
ستعلم إِن شَطّت بهم غُرْبَةُ النوى / وساروا بليلَى أَنَّ عقلك زائل
لئن كان شهر الصَّوْمِ أفضلَ حولِهِ
لئن كان شهر الصَّوْمِ أفضلَ حولِهِ / فَفَضْلُك في أَبناء جنسك أفْضلُ
وإن تك فيه ليلة القدر إنها / لَفِيكَ معانيها التي تُتأول
وحسبُك أَنّ الصائمين له إذا / طَوَوْا عنك فِيه النصح لم يُتَقَبَّلوا
فهُنِّيته شهراً وعُمِّرت مِثلَه / ثمانين حولاً تُرْتَجَى وتُؤَمّلُ
أَنارت بك الأَيام حتى كأَنها / دُجىً أنت صبح في أَعاليه مقبِلُ
فلِلمجدِ منك السعي فرض ولِلهدى / وللجود حتم ما تقول وتفعل
ولو لم نُجِد فيك المديح منظماً / لأغناك عن ذاك القُران المنَزَّلُ
وصلّى عليك الله يا خَيْرَ خَلقِهِ / ومَنْ هُو هَدْيٌ لِلأَنامِ وموئِلُ