المجموع : 84
وأشكو إِليه سُقْمَ حالي وإِنما
وأشكو إِليه سُقْمَ حالي وإِنما / بعُلياهُ أرجو أن يبلَّ سقيمُها
وما أبطأَ الإِنجاحَ حتى أهُزَّهُ / بنكتةِ شعرٍ قد أصاب مقيمُها
قضَى كلُّ ذِي دَينٍ فوفَّى غريمَهُ / وعزَّةُ ممطولٌ مُعَنّىً غريمُها
ولكنّه قرب الرحيلِ وحيرتي / أعجّلُها في سفرةٍ وأُقِيمُها
وأولى امرئٍ بالنُّجْحِ صاحبُ حاجةٍ / تشفَّعْتُ فيها والليالي خصيمُها
فعمَّ الورى بالفضلِ طُرَّاً وخَصَّنِي / فأفضلُ آلاءِ الرجالِ عميمُها
فقالتْ ألا تُبقِي لنفسكَ هَجْمةً
فقالتْ ألا تُبقِي لنفسكَ هَجْمةً / فقد دَقَّ عظمٌ واستشنَّ أديمُ
فقلتُ لها عنِّي إليكِ فهجمتي / تحيَّفَها ذو حاجةٍ وغَريمُ
فإنَّ امرَءاً لم يرزأ الحقُّ مالَهُ / ولم يفتقِرْ عن ثروةٍ للئيمُ
وجُدتُ بها لا عن ملالٍ وإنَّما
وجُدتُ بها لا عن ملالٍ وإنَّما / غُلبتُ عليها مُكْرَهاً متهضَّما
ألا ليتَ أَنَّا ما اصطحبنا ولم نَبِتْ / قرينَينِ في خَفْضٍ من العيشِ توأَمَا
ولم نُرزَقِ الوصلَ الذي عادَ فُرْقةً / ولم نعهدِ العُرسَ الذي صار مأتما
مضتْ حين لم أصغُرْ فأجهَلَ قَدْرَها / ولم أَعْمُرِ الدهرَ الطويلَ فأحلُما
وعِشتُ صحيحاً سالماً بعد يومِها / وحسبيَ داءً أن أصِحَّ وأسلَمَا
ولو خيَّروني بين كفِّي وبينَها / لآثرتُ أن تبقَى وأُصبِحَ أجذمَا
ولا زال خدُّ الوردِ فيهنَّ ناضراً
ولا زال خدُّ الوردِ فيهنَّ ناضراً / وثغرُ أقاحيهنَّ طلقَ المباسمِ
ربوعٌ تُمرُّ الريح فيها فتكتسي / بها أَرَجاً هوجُ الرياحِ الهواجمِ
تفتّقَ فيها المِسكُ حتى يدُلَّنِي / على صوبها مَرُّ الرياحِ النواسمِ
إِذا مرِضَتْ فيها الأصائِلُ عادَها / على شُعَبِ الأغصانِ نوحُ الحمائمِ
وقفنا جُنوحاً فوقَ أكوارِ عِيسنا / نسائلُ عنه بالدموعِ السَّواجمِ
تذكِّرُنا دهراً تقضَّى نعيمُه / وعيشاً تولَّى مثلَ أضغاثِ حالمِ
أفِي كلِّ يومٍ في عِداد صَبابةٍ / يُعاودني منها عدادَ الأراقمِ
وقلبٍ علوقٍ للصبابة غُنْمُهُ / وماليَ منهُ غيرُ حملِ المغارمِ
إِذا شاء أجرَى في التَّصابي إِلى المدَى / ولكنَّه لا ينثني بالشكائمِ
أقولُ لركبٍ ألحفتهم جناحها / دُجى ليلةٍ ظلماءَ وُحْف القوادمِ
تجودُ بهم كورُ المطايا وتهتدي / نشاوى بكأسِ الهمِّ ميلُ العمائمِ
وقد درعتْ ثوبَ الظلامِ نياقُهمْ / بكل فتىً يقظانَ عينِ العزائمِ
إِذا ادَّرَع الليلَ البهيمَ تفرَّجتْ / غياهبُهُ عن أبيضِ الوجهِ باسمِ
ويُسفرُ عن غِبِّ السُّرى وكأنَّهُ / بقيَّةُ نصلٍ من عِتاقِ الصوارمِ
ألا أيِّها الركبُ المُخِبّونَ عرِّجُوا / على مُثْقَلٍ بالوجدِ أغبرَ ساهمِ
مفارقِ ريحانِ الحياةِ ونازحٍ / عن الكأسِ والخِلِّ الوفيِّ الملائمِ
مطلِّق خفضِ العيش كُرهاً مراجعٌ / من العيشِ رنق الوِرد مرّ المطاعمِ
يبيتُ شريدَ النومِ مفترشَ الثَّرى / لمفترشٍ وشيَ العراقين نائمِ
إِذا خاضَ في تهويمةِ الفجرِ عينُه / نفَى نومَه وخزُ الندوبِ القدائمِ
ودمعٍ متى ما ردَّهُ الصبرُ ينعطف / جوىً داخلاً بين الحشَا والحيازمِ
وإِن لم تواسُوا بالمقام فساعدوا / بتعريجةٍ بين اللوى والأناعمِ
وقولا لإِخواني أرى عهدَ ودِّكُمْ / كعهدِ الغواني أو كظلِّ الغمائمِ
أفي الحقِّ أنْ أثنِي العظائمَ عنكمُ / وتثنون نحوي طارقاتِ العظائمِ
وأني أرامي الدهرَ عنكمْ مدافعاً / وترمونني بالباتراتِ الكَوالمِ
وبي عنكمُ ظُفْرُ الخطوبِ مقلَّمٌ / وأظفارُكم قد أُنشبتْ في محارمي
وأُشجي عِداكم بالحِفاظ عليكمُ / وأنتمْ شجىً بين اللّها والحلاقمِ
وأحميكمُ صونَ الذُّرى وأراكُمُ / تُريدونَ أن أُرمَى بذلِّ المناسمِ
وأرجو كما تُرجى الغمائمُ وَدَّكْمُ / وتأبَوْنَ إِلّا خُلفكم للشوائمِ
وأولي مداراةَ الشَموسِ جماحَكُمْ / وتولونني صَدَّ الجِيادِ العوادمِ
وإِنّي على ما كانَ منكم لواجدٌ / بحبِّكُمُ تاللّه وجدَ الروائمِ
وما كلما خانتْ يدي في مُلمّةٍ / تبرّحُ بي برَّأتُها عن معاصمي
سأمنحُكمْ لِيناً إِذا ما قصدتُمُ / جنابيَ بالأيدي الطِوال الغواشمِ
ولولاكُمُ ما طاوعَ الذّلَ مقودي / ولا لانَ نبعي للنيوبِ العواجمِ
ومن لم يُردْ عيشَ الوحيدِ فإنَّه / يلاقي مُعاديهِ لقاءَ المسالمِ
ومن رام أنْ يستبقيَ الودَّ من أخٍ / تعوَّدَ أن ينقادَ طوعَ الحزائمِ
ومن عافَ إِلّا الصفوَ من كلِّ مشربٍ / أراه يقاسي برحَ ظمآنَ حائمِ
أأطمعُ منكم بالوفاءِ وقبلكم / علمتُ بأنّ الغدرَ ضربةُ لازمِ
وأسألكمْ خِيماً سوى شِيَمِ الورى / كأني بأخلاقِ الوَرى غيرُ عالمِ
وأطلبُ منكم وافياً بذمامهِ / فأطلبُ شمساً في النجومِ العواتم
وأرجو صفاءَ الودِّ منكم وعندَكمْ / فأرجو مذاقَ الشهدِ عندَ العلاقمِ
سأغضي وفي الأحشاءِ جُرحٌ وأتَّقِي / بوصلِ حبالِ الودِّ قبلَ اللوائمِ
وأُسحبُكمْ ذيلَ التجاوزِ عنكمُ / لعلَّكمُ أن تَقْرعُوا سنَّ نادمِ
وإِنَّ هُماماً من أميّةَ ضامني
وإِنَّ هُماماً من أميّةَ ضامني / ليعفُو عن الجاني المسيء ويحلمُ
فما ليَ مأخوذاً بجرمِ محجَّبٍ / على بابهِ الإِملالُ لولا التجرُّمُ
أعِدْ نظرةً فيما أقولُ ولا تكنْ / كذي العُرِّ يُكَوى غيرهُ وهو يسلمُ
أعيذُكَ بالحِلمِ الذي أنتَ أهلُهُ / وإِنكَ أولى بالجميلِ وألزمُ
فثِقْ باعتقادي في ولائِكَ وارعَ بي / زِمامَ العُلَى إِني بحبلِكَ مُعْصِمُ
فقد جاء في أمثالهم أنَّ ثعلباً
فقد جاء في أمثالهم أنَّ ثعلباً / وذئباً أصابا عندَ ليثٍ تقدُّمَا
أضرَّ به جُوعٌ طويلٌ فشَفَّهُ / وأبقى له جِلداً رقيقاً وأعظُما
ففازَ لديهِ الذئبُ يوماً بخلوةٍ / فقال كفاكَ الثعلبُ اليومَ مطعما
فكُلْهُ وأطعِمْهُ فما هو شكلُنَا / ولستُ أرى في أكلهِ لك مأثما
فلما أحسَّ الثُعْلُبانُ بكيدِه / تطبَّبَ عندَ اللَّيثِ واحتال مُقدِما
وقال أرى بالمَلْكِ داءً مماطِلاً / تهدَّمَ منه جسمُه وتحطَّمَا
وفي كَبِدِ الذئب الشِفاءُ لدائِه / فإِنْ نالَ منها يَنْجُ منه مُسَلَّما
فصادفَ ذا منه قَبولاً فعندَها / أحال على الذئب الخبيث فصمَّما
فأفلتَ ممسوخَ الإِهابِ مرمَّلاً / فلما رآه الثُعْلُبانُ تبسَّمَا
وصاحَ بهِ يا لابسَ الثوبِ قانياً / متى تخلُ بالسُلطانِ فاسكت لتسلما
خليليَّ لا راعَ الفراقُ حشاكُما
خليليَّ لا راعَ الفراقُ حشاكُما / ولا فرَّقَتْ شملَ الجميعِ نَواكُما
ولا زِلتُما كالفرقدينِ تلازُماً / أجدّكما لا تذكرانِ أخاكما
لئِن خُنْتما في العهدِ بعدي فإنَّني / وحقِّكما لم أرجُ إلّا رضاكما
وإن ذُقتما السُّلوانَ بعدِي فإنَّني / وحقِّ الهَوى لم أسْلُ حتى أراكما
أغارُ على ريحِ الصَّبَا إنْ تنفستْ / بريحكما أو أعقبتْ بثراكما
وما ذُبتُ إلّا لاعتلاقِ نسيمها / إِذا خطرتْ حتى أزورَ ذراكُما
ولا شجوَ إلّا أنّ سَجْلي سقاكُما / وأنّكما يُعطَى سوايَ حيَاكما
فإنْ نجتمعْ قبل المماتِ فناقتي / وراكبُها والحاديانُ فداكُما
وإن متُّ من قبلِ اللقاءِ فإنَّني / سأُنشَرُ إنْ مرَّتْ عليَّ يَداكُما
أُحِبُّكُما طولَ الحياةِ فإن أمتْ / فلا شكَّ أنْ يهوَى صدايَ صداكُما
ولو شُقَّ عن سوداءِ قلبي وفتشتْ / جوانبُه لم يُلْفَ إلّا هواكُما
وبين الرياضِ الحُوِّ زَهْرُ شقائقٍ
وبين الرياضِ الحُوِّ زَهْرُ شقائقٍ / مطاردهُ حُمْرٌ أسافلُه سُحْمُ
كما طُرِحَتْ في الفحمِ نارٌ ضعيفةٌ / فمن جانبٍ نارٌ ومن جانبٍ فحمُ
ألا إنَّ عِلماً بين جنبيَّ مودَعَاً
ألا إنَّ عِلماً بين جنبيَّ مودَعَاً / يُضِيءُ ورائي نورُه وأمامي
أثارةُ علمِ الصادقينَ وما أتتْ / به الرُّسْلُ فيه بُرْءُ كلِّ سَقامِ
مفاتيحُ علمِ اللّهِ في الأرض من تَفُزْ / بها يدُه يظفَرْ بكلِّ مَرامِ
فإنْ عشتُ أحوِ المُلكَ لم يحوِ مثلَهُ / يدا ملكٍ في العالمينَ هُمامِ
وإن مُتُّ من قبلِ الوصولِ بحسرةٍ / فكم حسراتٍ في نفوسِ كرامِ
لقد هاجَني والصبحُ طلْقُ المباسمِ
لقد هاجَني والصبحُ طلْقُ المباسمِ / على ملعب الأفنان ورقُ الحمائِمِ
تلَّوى بها لَدْنُ الشمائلِ ماجدٌ / يُمَجُّ على عِطْفيهِ ريقُ الغمائِمِ
إِذا نهضَ الظلماءَ أبرزَ سجعُها / دفائنَ أسرارِ القلوب الكواتِمِ
سَقى عقَداتِ الرملِ من أيمن الحِمَى / رُضابٌ من اللُّعسِ الغوادي الروائمِ
وراضعَها دَرَّ الحيا متحدّبٌ / يطاوعُه مَرُّ الرياحِ النواسمِ
وغازلَ خِيطانَ الأراكِ بِجوِّها / مضمَّخةَ الأعطافِ رحبُ البواسمِ
إِذا حرِّشتْ بين الغصون حسبتَها / تُعيرُ تلوِّيها اضطرابَ الأراقمِ
إِذا مَرِضتْ فيها الأصائلُ أسبلتْ / عليها السواري بالدموعِ السواجمِ
وركبٍ سرَوا والصبحُ في حِجْرِ أمِّهِ / على شُعَبِ الأكوارِ ميلَ العمائمِ
ألاحَهُمُ الهمُّ المخامِرُ والسُّرى / ووَخْدُ المهارى وارتكابُ المجاشمِ
لهم سُننٌ شَفَّتْ وغِيضَ ثمادُها / وإن كان سنّ الحسنِ فوقَ المراغمِ
من القوم يَحنونَ الضلوعَ شوابكا / جُنوحاً على مسِّ الهُموم اللوازمِ
إِذا وضعوا ذَرَّ الدِلاص عليهِمُ / ويعتقلون الرمحَ قبلَ التمائمِ
هديتُهم صوبَ الفلاةِ وإنني / بُعَيدَ الوجَى هتّامُ رُوقِ المخارمِ
أنهنِهُ طغيانَ الهُمومِ بعزمتي / أُلوّي على رَوْقِ الغَرام حيازمي
فما الخُطَّةُ الجُلَّى ألانتْ عريكتي / ولا لَفتَتْ سودُ الخطوب حزائمي
وأرضٌ نفضتُ العِزَّ عن منكبي بها / كما نفص الأرطى ظباءُ الصرائمِ
خلعتُ بها ريعانَ مجدٍ مؤثَّلٍ / وألبستُ فيها الكأسَ ثوبَ عنادمِ
وقد علمتْ حسَّانةُ الجِيدِ أنَّني / أكلِّفُ أوطاي صدورَ اللّهاذمِ
مُورَّسَةُ الأطرافِ يلفظُ صدرُها / مُجاجةَ أكبادِ العِدى والجَماجمِ
ولا عذرَ لي عند العُلى وصوارمي / ظِماءٌ إِلى وِرْدِ الطُلى والغَلاصِمِ
لعلّي أُراني في سُرادقِ قَسْطَلٍ / وقد ملأتْ سمعَ الزمانِ غماغمي
أهُزُّ أنابيبَ الردينيّ سافحاً / على جمرةِ الهيجاءِ ماءَ الصوارمِ
لقد دَمِيَتْ غيظاً على الدهرِ أنْمُلِي / وهل ينفعُ المكروبَ عضُّ الأباهمِ
أما آن أن يسري غريمي فيرتقي / غواربَ أغباشِ الخطوبِ العظائمِ
وأرمي بها جَوْزَ الفلاةِ كأنني / أرنِّحُ منها أعقُبَاً في الشكائمِ
عوابسَ ينفضنَ السبيتَ على القَنا / إِذا وُصِلتْ سُمْرُ القَنا بالمعاصمِ
أرى صدمةَ الأيامِ هبَّة ناسمٍ / وخوضَ غِمار الموتِ تهويمَ نائمِ
وما الموتُ إلّا أن أرى مارنَ العُلَى / يذِلُّ على كيدِ الزمان بخاطمِ
شهِدتُ لقد مالتْ بقلبي ارتياحةٌ / تُمِرُّ قوى حزمي وتوهي عزائمي
أهادنُ عنها عاذليَّ وقد هفتْ / بقلبي عقابيلُ الكروبِ القدائمِ
رسيسُ هوىً قد كاد يمحو رسومَهُ / صروفُ الليالي الجائراتِ الغواشمِ
سِوى أن قلبي مَرخَةٌ تُوقدُ الهَوى / سرائرُهُ من عهدهِ المتقادمِ
يغايظُني صرفُ الزمانِ وقلَّما / يؤثّرُ في عودي نيوبُ العواجمِ
وقد علموا أني إِذا الخطبُ أظلمتْ / جوانبُه أغشى مقيلَ الضراغمِ
وإِنِّيَ مردي الخَصمِ يَحْرُقُ نابَهُ / إِذا طمسَ الأصباحُ ريشَ القشاعمِ
أشرِّق أذيالَ القَتام وأنتحي / فأسحلُ سلكَ المأزقِ المتلاحمِ
وإِنّي إِذا ما العودُ يسلبُ ظِلُّهُ / أنفِّضُ أقطاعَ المَطيِّ الرواسمِ
وما أعرض الأطماع إِلّا رأيتَني / لهنَّ شجىً بين اللَّهى والحلاقمِ
أيا بانتَيْ وادي الأراكِ وُقيتُما
أيا بانتَيْ وادي الأراكِ وُقيتُما / بنفسي وأهلي طارقَ الحدَثَانِ
أُحِبُّكما حُبَّ الجبانِ ذِماءَهُا / وإِنْ لم أكنْ يومَ الوغَى بجبانِ
ويُعجبُني أن تُسقيَا باكرَ الحَيَا / بأبطحَ وسمِيٍّ تراه هجانِ
فهل فيكما أنْ تُسعدانِي ساعةً / لأنشُدَ قلباً ضَلَّ منذُ زمان
تعرَّضَ لي في السِّربِ من ساحتيكما / غزالٌ رآني خُلسةً فرماني
وإِن عادَ ذاك السربُ يوماً بعينهِ / أخذتُ بحقي من أصابَ جناني
ألا مَنْ لصَبٍّ بالعراق يشوقه / تخلُّجُ برقٍ بالعُذَيبِ يماني
يغارُ عليه أن يشيم وميضَه / غرائرُ من أُدْم به وغَوانِي
ملكنَ على قلبي طريقَ سُلوِّهِ / ومَلَّكْنَ برحَ الوجدِ ثنيَ عناني
قضيتُ لُباناتِ الهَوى غيرَ لذةٍ / يُرابُ لها ذو غيرةٍ بحَصانِ
تعفُّ يدي ما بينَها وسريرتي / ويفسُقُ طرفي دونَها ولساني
وأخلو وقد رابَ الغيورُ بأمرِنَا / بريئين بُردَا يُمنةٍ عَطِرَانِ
ضمنتُ لصحبي أن أُفيقَ وقد أبتْ / ضمانةُ قلبي أن أفي بضماني
فمن لامني فليَطعَمِ الحبَّ قلبُهُ / ليعلمَ هل لي بالسُلوِّ يدانِ
أحِنُّ إِلى أرض الحجاز وفيهمُ / غريمٌ مُلِطٌّ لو يشاء قضاني
وآسى على تشييعهم حيثُ يممَّوا / تأَسُّفَ مقصوصٍ على الطيرانِ
همُ نزعوا عن طاعةِ الصبرِ بعدَهُم / يديَّ وأغروا ناجذي ببناني
وكيف أُرجِّي أن أُفَكَّ وهيِّنٌ / على طُلَقاء الحيّ أنّيَ عاني
ذخرتُكما يا صاحبيَّ لشدةٍ / فإِن لم تُعينا فاذهَبا ودعاني
نصحتُكما والنصحُ ما دام هاجماً / على ظنَّةٍ ضربٌ من الهَذَيانِ
وقلت أجيزا ساحةَ الحيّ واحذرا / هنالك طعنَيْ مقلةٍ وسنانِ
وهل تأمنانِ الفتكَ من فتياتِهم / وإن سمَحت فتيانُهم بأمانِ
وكم سالمٍ من طعنهمْ وهو عُرضَةٌ / لرشقَةِ عينٍ أو لطعنِ بَنَان
لَأَمنَعُ من نفسي عشيّةَ تنتهي / إِلى الحيّ بالبطحاء قعبُ لِبانِ
ستغدو وفي الأحشاءِ منا نوافذٌ / بغيرِ رماءٍ بيننا وطِعَانِ
أجيرتنا بالجِزع كيف خلصتُمُ
أجيرتنا بالجِزع كيف خلصتُمُ / نَجيَّاً وأخفيتمْ حديثَكُمُ عنِّي
وقد سَمِعتْ أذنايَ نجوى فِراقِكمْ / فلا أبصرتْ عيني ولا سَمِعتْ أُذنِي
أُحَذِّرُكمْ طُوفانَ دمعي فبدِّلُوا / إِذا أزِفَ البينُ الركائبَ بالسُّفْنِ
وفي الحيّ مرهومُ الإِزارينِ بالبُكا / وآخرُ مرقومُ العِذارين بالحُسنِ
إِذا ما التقى خداهما وتقاربَا / بدتْ لك شمسُ الصحوِ في ليلة الدّجنِ
وزائرةٍ والليلُ قد زُرَّ جيبُه / على الصُبحِ والظلماءُ مسبلةُ الرُّدْنِ
أتتْ وهي أحلى في فؤادي من المُنَى / وأطيبُ من تهويمةِ الفجرِ في جَفْني
إِذا انفتلتْ أبصرتُ غصناً على نقَا / وإِن سَفَرتْ أبصرتُ بدراً على غُصْنِ
فرشتُ لها خدِّي وقبَّلْتُ كفَّها / خضوعاً ولا تقبيلَ مستلمِ الرُّكْنِ
ولما تطارحنَا الأحاديثَ بيننَا / وبُحْنَا بأسرارِ القلوب ولم نكْنَ
حلفتُ لها بالبُدْنِ تدمَى نحورُها / أليَّةَ بَرٍّ صادقٍ ليس يستثنى
لأنتِ صميمُ القلبِ والنفسِ والذي / إِذا رُمتُ حُبَّاً غيرَهُ فهو ما أعني
وما اقتسمَ العُشَّاقُ مُذْ صِرْتُ فيهِمُ / سوى سُؤْرِ وجدي والبقيَّةِ من حزني
هَنَاكَ الكرى يا راقدَ الليلِ إِنَّني
هَنَاكَ الكرى يا راقدَ الليلِ إِنَّني / ألِفْتُ سُهاداً طابَ لي وهَنانِي
طردتُ سَوامَ النومِ عنّي تشوقاً / لخفقةِ برقٍ بالعُذَيْبِ يمانِ
وكم عند برقٍ لاح من أيمن الحِمَى / عَنِيٍّ مَطولٍ لو يَشَاءُ قَضانِي
وآخرُ مرهومُ الإزارِ بواكفٍ / من الدمعِ جودٍ لجَّ في الهملانِ
ومجدولةٍ جدلَ العنانِ بكفّها / عنانُ فؤادي في الهَوى وعِناني
إِذا سمتُ قلبي الغيَّ فيها أطاعني / وإنْ سمتهُ فيها الرشادَ عَصاني
ضمِنتُ لصحبي الصبر عنها وقد أبتْ / ضمانةُ قلبي أن أفي بضماني
فيا صاحبَيْ سرّي وجهريَ أسعدا / فلمْ يبقَ منِّي غيرَ ما تَرياني
خذا خبري عن نار قلبيَ واسْألا / تحلُّبَ شاني عن تَقلُّبِ شاني
فإن قُلتما والحقُّ ما تَريانهِ / تداوَ بصبرٍ فاذهبا ودَعاني
هو النصحُ إلّا أنّه غيرُ نافعٍ / إِذا لم يكُنْ لي بالسُّلُوِّ يدانِ
فديتُكِ أقوالُ الوشاةِ كثيرةٌ
فديتُكِ أقوالُ الوشاةِ كثيرةٌ / وهنَّ ظهورٌ مالهنَّ بُطونُ
فلا تقبلي ما قيلَ عني لديكمُ / فان تخاليطَ الوُشاةِ فُنونُ
وما كلُّ قولِ قيلَ عنِّيَ صادقٌ / ولا كلُّ ذي نُصْحٍ أتاكِ أمينُ
همُ أرجفوا بالوصلِ بيني وبينكمْ / وظُنَّ بنا فيما حكوهُ ظنونُ
فليتَ أراجيفَ الوُشاةِ حقيقةٌ / وليت ظنونَ الكاشحينَ يقين
لنا شيمةٌ لا ترتضي الغدرَ صاحباً
لنا شيمةٌ لا ترتضي الغدرَ صاحباً / وآيٌ على الأيامِ لا تقبل الوهْنَا
إِذا ما تخذنا صاحباً لم نُجازِهِ / بسوءٍ وأحسنَّا بأفعالِه الظَنَّا
فمن تُنقصُ الأيامُ مِرَّةَ عهدِهِ / فإنَّا على العهدِ القديم كما كُنَّا
وما رَبِحتْ في الودِّ صفقةُ كَارهٍ / مجاملةَ الإخوانِ يعتدُّها غبنا
إلامَ التجنِّي والإساءةُ منكمُ / عتبتمْ وأعتَبْنَا وخُنْتُم وما خُنَّا
فإن تُنصِفُونَا في القضيّةِ تشهدوا / بأن الذي جِئناهُ أشبَهُ بالحُسْنَى
فإنْ عُدْتُمُ عُدْنَا وإن تُظهروا الغِنى / عن الودِّ كنَّا عن وِدادكمُ أغنَى
فقد يُكرَمُ العِلْقُ الرخيصُ وإن غَلا / وزاد غَلاءً يُسْلَ عنه ويُستغنى
أقولُ لنِضوي وهو من شجنٍ خِلْوُ
أقولُ لنِضوي وهو من شجنٍ خِلْوُ / حنانيكَ قد أدميتَ كلمْيَ يا نِضْوُ
تعاليْ أقاسمكِ الهمومَ فتعلمي / بأنّكِ مما تشتكي كَبِدي خلوُ
تُريدينَ مرعى الريفِ والبدوَ أبتغي / وما يستوي الريفُ العراقيُّ والبدوُ
هُناكَ نسيمُ الريحِ مثليَ لاغِبٌ / ومثليَ ماءُ المُزنِ موردُهُ صَفْوُ
ومحجوبةٍ لو هبَّتِ الريحُ أرقلت / إليها الغيارى بالعوالي ولم يلْوُوا
صبوتُ إليها وهي ممنوعةُ الحِمَى / فحتّامَ أصبو نحو مَنْ مالُه نجوُ
هوىً ليس يُسلي القربُ عنه ولا النَّوى / وشجوٌ قديمٌ ليس يُشبِهُهُ شجوُ
فأسْرٌ ولا فَكٌّ وَوَجْدٌ ولا أسىً / وسُقْمٌ ولا بُرْءٌ وسكرٌ ولا صَحْوُ
عناءٌ مُعَنٍّ وهو عنديَ راحةٌ / وسُمٌّ ذُعافٌ طعمُه في فمي حُلوُ
ولولا الهَوى ما شاقني لمعُ بارقٍ / ولا هدَّني شجوٌ ولا هزَّني شَدوُ
خذي صفوَ ما أوتيتِ واغتنميهِ
خذي صفوَ ما أوتيتِ واغتنميهِ / وإن سوَّفَ المقدارُ فانتظريهِ
وإن بدَّلَ الأيَّامَ بؤسى بنعمةٍ / فلا تُنكري ما استبدلتْ وخُذيهِ
ولا تيأسي من رَوْحِ ربِّكِ إنَّهُ / متى تستحقّي رَوْحَهُ تجديهِ
ولا تجزعي من ذمِّ غاوٍ وحاسدٍ / فأهونُ مأثورٍ كلامُ سفيهِ
يُعارُ الفتى المجدودُ إحسانَ غيرهِ / ويُنشرُ عنه خيرُ ما هوَ فيهِ
ويُروى عن المحدودِ شرُّ خِصالهِ / ويُذكَرُ بالعيب الذي لأخيهِ
ألم ترَ أنَّ الناسَ أبناءُ دهرِهمْ / وكلُّهُمُ في غَدْرِهِ كأبيهِ
فإِن غدرتْ بالحسنِ يوماً بناتُه / فذاك قليلٌ من كثيرِ بنيهِ
هي الدارُ ينبو بالقطين جنابُها / فمن خاملٍ ينتابُها ونبيهِ
تخبِّرُنَا عمَّنْ تقدَّم قبلنَا / وإنْ لم نسائلْهَا بكيفَ وإِيهِ
تفانَوا فمكبوبٌ على أمِّ رأسهِ / وآخرُ مكبوبٌ يخِرُّ لفيهِ
عجِبْتُ لصرفِ الدهرِ أعقبَ حُلوَه / بمُرٍّ من المكروهِ جَرَّعَنيهِ
أرانيَ أقصى ما لديه بمرِّهِ / سأزهدُ فيما عندَهُ وأريهِ
أطامنُ عن أيدي العفاةِ تكرُّماً
أطامنُ عن أيدي العفاةِ تكرُّماً / يدي ليكونَ المعتفي يده العُلْيَا
ولا أُتْبعُ المعروفَ منّاً ولا أذىً / ولو وهبتْ نفسي لسائِلها الدُّنيا
أرى في ابتغاءِ الشُّكر ممن أُنيلُهُ / متاجرةً والمنُّ أعتدُّه بغيا
هو المال إنْ أمسكتَه أو بذلتَهُ / فحظُّكَ منه ما كفَى الجوعَ والعريا
فكُلْهُ وأطعمْهُ وخالسْهُ برهةً / من الدهر تُفني اللحمَ والعظمَ والنقيا
وقد أنذرتكَ الحادثاتُ فلا تُبَلْ / فما بعدَ إنذارِ الحوادثِ من بُقيا
وكم مرَّ بي من حادثٍ قلتُ عندَهُ / ألا ليتني قد كنتُ من قبله نسيا
فإِن راشتِ الأيامُ قِدحي فطالما / غدتْ بيدِ الأيامِ تنهِكُهُ بريَا
ومن يصحبِ الأيامَ يألفْ هناتِها / إِلى أنْ يظنَّ الشريَ من طعمِه أريَا
وقد أتعبَ الجُردَ المذاكيَ غايتي / قديماً فما للهجْنِ ناهبْنَني الجَريا
وكم ملئتْ من لبدةِ الليثِ قبضتي / فكيف يظُنُّ الكلبُ أنّي به أعيَا
ألا أيها الركبُ اليمانون ما لكمْ
ألا أيها الركبُ اليمانون ما لكمْ / تَشيمونَ بالبطحاء برقاً يمانيا
تُريدون إِخفاءَ الغَرامِ بجَهدكم / وهل يكتُمُ الإنسانُ ما ليس خافيا
أبَى اللّهُ أن يخفَى غرامٌ وراءهُ / دموعٌ وأنفاسٌ صدعنَ التراقيا
ويا رفقةً مرَّتْ بجرعاءَ مالكٍ / تؤمُّ الحِمى أنضاؤُها والمطَاليا
نشدتكُمُ باللّهِ إلّا نشدتُمُ / به شُعبةً أضللتُها من فُؤادِيا
وقلتمْ لحيٍّ نازلين بقربهِ / أقاموا بهِ واستبدلوا بجواريا
رويدكُمُ لا تسبقوا بقطيعتي / صروفَ الليالي إنَّ في الدهرِ كافيا
أفي الحقِّ أني قد قضيتُ ديونكمْ / وأنّ ديوني باقياتٌ كما هِيَا
فوا أسفاً حتّامَ أرعى مضيِّعاً / وآمنُ خوَّاناً وأذكرُ ناسيا
وما زال أحبابي يُسيؤون عِشرتي / ويجفونني حتى عذرت الأعاديا
وخيرُ صِحابي من كفانيَ نفسَهُ / وكان كفافاً لا عليَّ ولا لِيَا
ألم ترَ أنَّ الحيَّ طالَ نجيُّهم / لبينٍ ولبَّوا للفراقِ مناديا
وقالوا اتَّعدْنا للرحيلِ غُدَيَّةً / فواحسرتا إنْ أصبحَ الركبُ غاديا
فيا قلبُ عاودْ ما عهدْتَ من الجَوى / معاذَ الهَوى أنْ تُصبِحَ اليومَ ساليا
ويا مهجتي ذوبي ويا مقلتي اسهري / ويا نفسُ لا تُبقي من الوجدِ باقيا
ويا صاحبي المذخور للسرِّ دونَهمْ / سأُصفيكَ وُدِّي معلناً ومناجيا
إِذا ما رأيتَ السربَ يُزجي غزيِّلاً / لطيفَ الشوى أحوى المدامعِ رانيا
فلا تدنُ من ذاك الغُزَيِّلِ إنِّه / يفوتُكَ مرمياً ويُصميكَ راميا
وبلِّغ ندامايَ الذين توقَّعوا / لقائيَ بعدَ اليوم ألّا تلاقيا
فلا تطمعوا في بُرْءِ ما بي فإنَّهُ / هو الداءُ قد أعيى الطبيبَ المداويا
ولم أنسَ يوماً بالحِمى طابَ ظلُّه / ونلْنَا به عَذْباً من العيش صافيا
أرى لفتةً منكم إليه مريبةً / فهل بكمُ من لوعةِ الحُبِّ ما بيا
وليلةِ وصلٍ قد لبسنا شبابَها / إِلى أن أشابَ الصبحُ منها النواصيا
ذكرنا شكاوى ما لَقِينا من الهَوى / فلما تصالحْنَا نسِينا الشكاويا
وبِتْنَا على رغمِ الحسود تضُمُّنَا / جميعاً حواشي بُردِها ورِدائيا
وكانت إساءاتُ الليالي كثيرةً / فما بَرِحَتْ حتى شكرنا اللياليا
تعرَّضَ لي بعدَ السُّلوِ وما استحيَى
تعرَّضَ لي بعدَ السُّلوِ وما استحيَى / وأقرأني من سحرِ أجفانِه وَحْيَا
وغادرني بعدَ اندِمالِ صبابتي / صريعَ غرامٍ لا أموتُ ولا أحيا
ورام اعتذاري عن ذنوبٍ تقدّمَتْ / وذمّةِ ودٍّ قد أساءَ لها رعيا
وعارضَهُ زهوُ الدلالِ فلم يُطِقْ / لنخوتهِ إثباتَ عُذْرٍ ولا نَفْيَا
فيا موقفاً بين اعتذارٍ ونخوةٍ / ألذَّ وأحلى من مساعدةِ الدنيا
ويا نظرةً شنَّتْ على القلبِ غارةً / وغادرتِ الصبرَ الجميلَ له سبيا
ملكت عليّ الأمرَ في طاعةِ الهَوى / فلا أمرَ لي ما دمتُ حيَّاً ولا نهيا
أذكِّرُ بالبُقيا على السِرِّ بعدما / فُضحتُ وهل بعدَ الفضيحةِ من بُقيا