القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : الشَّريف المُرتَضى الكل
المجموع : 182
تكشّفَ ظلُّ العَتْبِ عن غُرّةِ العهدِ
تكشّفَ ظلُّ العَتْبِ عن غُرّةِ العهدِ / وَأَعدى اِقتِرابُ الوصلِ مِنّا على البُعدِ
تجنّبني من لستُ عن بعضِ هجرهِ / صفوحاً ولا في قسوةٍ منه بالجَلْدِ
نَضَتْهُ يدُ الإعتابِ عمّا سَخِطتُهُ / كما ينتضى العضبُ الجُرازُ من الغِمْدِ
وكنتُ على ما جرّه الهجرُ مُمسِكاً / بحبلِ وفاءٍ غير منفصم العَقْدِ
أمينَ نواحي السِّرِّ لم تَسْرِ غَدرَةٌ / ببالِي ولم أحفِلْ بداعيةِ الصَّدِّ
تَلينُ على مسِّ الإخاء مَضاربي / وإنْ كنتُ في الأقوام مُستخشنَ الحدِّ
وَلَمَّا اِستمرَّ البين في عُدَوائِهِ / تَغوّل عَفوي أو ترقّى إلى جُهدِي
أُصاحبُ حسنَ الظنِّ والشكُّ مُقبلٌ / بِوَجهي إِلى حيثُ اِسترثّتْ عُرا الوُدِّ
إِذا اِتّسَعَتْ في خُطِّةِ الصدّ فِكرتي / تجلَّلني همٌّ يضيق به جِلدِي
وَإِن ناكرتِي خلَّةٌ من خِلالِهِ / تعرّض قلبي يَفتَديها منَ الحِقْدِ
تخال رجالٌ ما رأوا لضلالةٍ / ولنْ تُستَشَفَّ الشمسُ بالأعينِ الرُّمدِ
وكم مُظهرٍ سِيما الودادِ يرونَه / حميداً وما يُخفي بعيدٌ من الحمدِ
وحوشيتُ أنْ ألقاك سبطاً بظاهري / وَأن كنتُ مطويّاً على باطنٍ جَعْدِ
إذا تَركتْ يُمنى يديك تعلُّقِي / فيا ليتَ شعرِي مَنْ تمسَّكُ مِنْ بعدي
إياباً فلم نُشرِفْ على غايةِ النّوى / ولم تَنْأَ كلَّ النأْيَ عن سَنَنِ القصْدِ
فَللدرّ نَثرٌ لَيس يُدفع حُسنُهُ / وليس كما ضمّتْهُ ناحيةُ العِقْدِ
وَلَو لَم يلاقِ القَدْحُ زنداً بمثلِهِ / كَما اِنبَعثت شُهبُ الشّرارِ من الزَّنْدِ
وَقد غاضَ سخطاناً فَهل من صبابةٍ / برأيك إنّي قد تصرّم ما عندِي
هَلُمَّ نُعِدْ صفوَ الودادِ كَما بدا / إعادةَ مَنْ لم يلفِ عن ذاك من بُدِّ
ونَغتَنِمُ الأيّامَ وَهْيَ طوائشٌ / تؤاتي بلا قصدٍ وتأبى بلا عَمْدِ
وَمثلُكَ أَهدى أنْ يعادَ إلى الهُدى / وأَرشدُ أنْ ينحازَ عن جهةِ القَصْدِ
إلامَ أرامِي في المُنى وأُرادِي
إلامَ أرامِي في المُنى وأُرادِي / وحشو صلاحِي في الزّمان فسادِي
وفجعِي بما نالتْ يداي موكّلٌ / فما سرّنِي أنّي بلغتُ مرادِي
فكم من مصيباتٍ إذا لم يُصبنَنِي / رواحاً وإمساءً فهنّ غوادِ
كأنّ جوادِي يومَ يطلبنِي الرّدى / ولا ناصرٌ لِي منه غيرُ جوادِ
ولا وَزَرٌ منه بزُرقِ أسنّتِي / ولا بيض أسيافي وسُمرِ صِعادِي
أفي كلّ يومٍ يقرع الموتُ مَرْوَتِي / ويُضرمُ أحشائي بِغَيرِ زنادِ
فيا أسهماً يمضين حول جوانبِي / لرامِي الرّدى أنّى يُصبْنَ فؤادِي
فرُزْءٌ على رُزءٍ وفجعٌ يُبيتنِي / على حَرِّ جمرٍ أو فِراشِ قَتادِ
وَهَل طَمَعِي في العيشِ إلّا جَهالةٌ / وفي كفّ روّادِ الحِمامِ قيادِي
يُسارُ بنا في كلِّ يومٍ وليلةٍ / إِلى حُفَرٍ تُطوى لنا بوهادِ
وما نافِعِي في هذه الدَّار مرّةً / بناءُ أهاضيبي ورفعُ عِمادِي
فَيا قُربَ بين الفقرِ فيها مِنَ الغِنى / وَبينَ اِزدِراعِي تارةً وحصادِي
وَما إِنْ وَفى غيثُ الرّدى في أصادقِي / بأنْ عَلِقَتْ يمناهُ لِي بأعادِ
وَمَن كانَ يُردي ذا حذارٍ وفطنةٍ / فماذا ملامُ المهمِل المتمادِي
سَلِ الدّهرَ عن سادات لَخْمٍ وحِمْيَرٍ / وأبناءِ نَهْدٍ بعدهمْ ومُرادِ
وَهَل بَقيتْ للعين والقلبِ بهجةٌ / بهوجِ اللّيالِي في ديارِ إيادِ
وَهَل تَرَكتْ أَيدي الرّدى مِن مُخبّرٍ / لآلِ نِزارٍ كلَّ يومِ تَنادِ
وَلَو كنتُ مَوعوظاً بِشيءِ عَرفته / يُقلِّلُ حِرصِي لاِتَّعظتُ بعادِ
مَضوا بعدَ أَن كانوا يُظنّ بقاؤهم / يكون على الدّنيا بغير نفادِ
وقد قلّدوا الأعناقَ منَّا وأترعوا / بطون الّليالي من لُهاً وأيادِ
فَيا هبةَ اللَّهِ اِرتُجعتَ إلى الرّدى / وقد كنت في فضلٍ ذُبالةَ نادِ
وما زلتَ خرّاجاً عن الغيّ والهوى / مَدَى الدّهرِ ولّاجاً لكلِّ رشادِ
وَكُنتَ لِعَينِي ثمّ قلبِي سوادَه / وليس بياضٌ فيهما كسوادِ
فَواللَّهِ ما أَدرِي أغال نعيُّهُ / رُقادِيَ حُزْناً أم أطارَ فؤادِي
على أنّه ذرّ الأسى في جوانحِي / وَأَودعَ منّي في الجفونِ سُهادِي
وما ضرّنِي والنّومُ ليس يزورنِي / دجىً وضحىً أنِّي بغير وِسادِ
فإنْ لم أعِرْ جسمِي عليك حِدادَه / فَقلبِيَ حزناً في ثيابِ حِدادِ
وَللَّهِ خَطبٌ زارني بعد هجعةٍ / فحرّم في عينَيَّ طعمَ رُقادِي
وَشرّد عنّي باِصطِبارٍ عهدتُه / وَأَحرج حَيزومِي وأضعف آدِي
وَعَرّف ما بينِي وَبيَن بلابلٍ / عمرتُ وما يمررن لِي ببلادِ
كَأنّي قَضيضُ الجنبِ حزناً ولوعةً / وفَرشي مهيداتٍ بغير مهادِ
ويا ليتني لمّا ثكلتُك لم أكن / جعلتك من سكّانِ دار ودادِي
وليتك لم تحلُلْ رِكابُك عَقْوَتِي / تُراوِحها صبّاً بِها وَتغادِي
وَما بَينَ قُربٍ وَاِشتِياقٍ عهدتُه / حَوَتْ أضلُعِي فرقٌ وبين بعادِي
سَقى اللَّهُ مَيْتاً لا يُرجّى إيابُه / وَحلَّ عليه رَبْطَ كلِّ مَزادِ
وَجادَ عليهِ كلُّ أسحمَ مسبلٍ / بعَذْبٍ صقيلِ الطُّرتين بُرادِ
لَهُ مِن وَميضِ البرقِ ثوبٌ مَعَصْفَرٌ / وَمِن رَعدِه وهناً زماجرُ حادِ
وَلا زالَتِ الأنواءُ يسقين تُربَه / إذا رائحٌ ولّى تصوّب غادِ
بلا موعدٍ تَخشى له النَّفس خُلفةً / وَخَيرُ اللُّها ما لم تكنْ بوعادِ
هلِ الدَّار تدري ما أثارتْ من الوجدِ
هلِ الدَّار تدري ما أثارتْ من الوجدِ / عشيّة عنّتْ للنّواظرِ من بُعْدِ
بَكيتُ ولولا نظرةٌ بمحجّرٍ / إلى الدّار لم تجرِ الدّموعُ على خدِّي
أيا صاحِ لولا أنّ دمعِيَ لم يَطِحْ / وقد لاح رسمُ الحيِّ لم تدرِ ما عندي
كتمتُك وجدِي طولَ ما أنت صاحبي / فنادتْ دموعُ العين منّي على وجدِي
ولمّا أقرّ الدّمعُ بان لك الهوى / فلم يُغنِ إنكاري الغرامَ ولا جحدِي
تذكّرتُ نجداً بعد ما غُرتُ موهِناً / وَأَينَ اِمرُءٌ بالغَوْرِ من ساكنِي نجدِ
وَأَذكرني شبهَ القضيبِ ونحنُ في / ظُهورِ مَطايانا قضيبٌ من الرّندِ
وَمُعتجراتٍ بالجمال كأنّما / بَسَمْنَ إذا يَبسِمن عن لؤلؤِ العِقدِ
لهنّ صباحٌ من وجوهٍ منيرةٍ / تخلّلها ليلٌ من الفاحِمِ الجَعْدِ
غلبن على ودّي ولولا محاسنٌ / جلون علينا ما غلبن على ودّي
وشرخ شبابٍ كنت أحقر فضله / إلى أن مضى والضدُّ يُعرف بالضدِّ
أمنتُ به بين الغوانِي وظلُّهُ / عليَّ مقيمٌ من بعادٍ ومن صدِّ
وقد قلتُ لمّا ضقتُ ذَرعاً بخُطّةٍ / شَموسِ القَرَا أين الوزير أبو سعدِ
فَتىً كانَ درعِي يوم تَحصبنِي العدى / ويوم ضرابِي للطُّلى موضعَ الزّندِ
وَما جِئتُه وَالرشدُ عنّي بمعزِلٍ / فَأَطلعنِي إلّا عَلى ذرْوَةِ الرّشدِ
وَكَم لكَ فيما بَيننا مِن مَواقفٍ / تسلّمتَ فيها رِبْقَةَ الحمدِ والمجدِ
فَبالسّيفِ طَوراً تولج النَّاسَ للهدى / وطوراً بأسباب التكرّمِ والرّفدِ
وَأَنتَ حَميتَ المُلكَ مِن كلِّ طالِعٍ / عَليهِ كَما تُحمى العرينةُ بالأسدِ
عَلى كلّ مطواعٍ إذا سُمتَه رَدى / وإن لم تَسُمه جَرْيَه فهو لا يردِي
كأنَّك منهُ فوقَ غاربِ عاصفٍ / منَ الرّيح أَو في ظهرِ هَيقٍ من الرُّبْدِ
وَما لِسفاهٍ بلْ لفَرْطِ شجاعةٍ / نزعتَ جلابيبَ المضاعفةِ السَّرْدِ
كَأنّك مِن بَأسٍ لَبِستَ قميصَه / لدَى الرَّوعِ في حَشْدٍ وما أنتَ في حَشْدِ
وَما لَكَ في هَزْلٍ معاجٌ وإِنّما / أتيتَ كما يؤتَى الرّجال من الجدِّ
ولم يُبقِ حِلمٌ أنتَ مالكُ رِقِّهِ / بِقَلبكَ بعدَ الصَّفحِ شيئاً من الحِقدِ
فَيا نازِحاً عنِّي وما لِيَ بعدَه / على جَوْرِ أيّامٍ إذا جُرنَ من مُعدِ
أما آن للقربِ الّذي كان بيننا / فولّى حميداً أنْ يُدالَ من البُعدِ
ولم تكُ دارٌ أنتَ فيها بعيدةً / ولكنّنِي بالعذرِ في حَلَقِ القِدِّ
وَما أَنا إلّا سائرٌ كلَّ طُرقةٍ / إليك على عُرْيِ المطهّمَةِ الجُرْدِ
فكم وطنٍ بالوُدِّ مِنِّي سكنتُه / وإنْ لم أُجرّرْ في جوانِبِه بُرْدِي
بقلبِيَ كَلْمٌ من فراقك مؤلمٌ / وكم بالفتى كَلْمٌ وما حزّ بالجِلدِ
ودمعِي على ما فاتنِي منك قاطِرٌ / كأنِّيَ دون النَّاسِ فارقتنِي وَحدي
سقَى اللَّهُ أيّاماً مَضين وأنت بِي / حَفيٌّ قريبُ المُلتَقى سَبِلُ الرّعدِ
لهنَّ بقلبِي عَبْقَةٌ أرَجِيَّةٌ / تبرّحُ بالنّفْحاتِ من عنبرِ الهِندِ
وقد حال فينا كلُّ شيءٍ عهدتُه / فلم يبقَ محفوظاً عليك سوى عهدِي
ولولا هَناةٌ كنتُ أقربَ منزِلاً / وما كلُّ سرٍّ في جوانحنا نُبدِي
فإنْ تَنْأَ فالعيّوقُ ناءٍ وإنْ تَغِبْ / فقد غابَ عنّا بُرهةً كوكبُ السّعدِ
وَلا خيرَ في وادٍ وأنت بغيرهِ / وما العيشُ مطلولاً خلافك بالرّغدِ
وإنِّيَ مغمودٌ وإِنْ كنتُ باتِراً / ولا بُدّ يوماً أن أُجرَّدَ من غِمدِي
فَإِن كُنتَ يوماً لَستَ تَرضى ضريبةً / فإنّك ترضى بالضريبةِ عن حَدّي
لَحَى اللَّهُ أَبناءَ الزمانِ فإِنّهمْ / بِتَيْهاءَ لا تدنو ضَلالاً عن القَصدِ
وَلَم يُرَ إلّا الهَزْلُ يَنفُقُ عندهمْ / فمن يشتري منِّي إذا بعتُه جِدّي
وَمُختَلطاً فيه الذّوائبُ كالشَّوى / وحُرُّهُمُ مِن لبسةِ الذُلِّ كالعبدِ
وكم فيهمُ للجهلِ ميتٌ وربّما / يَموت اِمرُءٌ لم يطوِه القومُ في اللَّحْدِ
فيا ليتَ أدواءَ الزّمانِ الَّتي عَصتْ / وأعيتْ على كلِّ المداواةِ لا تُعدِي
وَلَيس وفاءٌ للجميل بموعدٍ / لَدَيَّ ويأتينِي القبيحُ بلا وَعْدِ
وكم لك عندي من حقوقٍ كثيرةٍ / أنَفْنَ على حصري وأعيا بِها عَدِّي
فإنْ فُتنَ حمدِي كثرةً وزيادةً / فللّهِ دَرُّ الفائتاتِ مدى حمدِي
وإنّي لمُهدٍ كلَّ يومٍ قصيدةً / إليك وما يُهدي الأنام كما أُهدِي
يَسيرُ بِها عنِّي الرُّواةُ وإنّها / لتَخدِي وما تخدِي الرُّواةُ كما تخدِي
من الكَلِمِ الباقي على الدّهرِ خالداً / وكم كَلِمٍ لم يُؤتَ شيئاً من الخُلدِ
هو الماءُ طوراً رِقّةً وسلاسةً / وطوراً إذا ما شئتَ كالحجرِ الصَّلْدِ
وَما قُدَّ إلّا مِن قلوبٍ أديمُهُ / فليس له فيهنَّ شيءٌ من الرّدِّ
فَخُذه رَسولاً نائباً عن زيارتي / فإنّ قصيدي فيك أنفعُ من قصدِي
وَدُم لِجَلالٍ لَستَ فيه مُشاركاً / وَبَذلِ النّدى في النّاسِ والحلِّ والعَقدِ
أيا ملكَ الأملاكِ قَد جاءني الّذي
أيا ملكَ الأملاكِ قَد جاءني الّذي / حبَوْتَ به من نعمةٍ وتعهّدِ
وأرسلتَ تستدعِي المديحَ وإنّه / لرأسِيَ تاجٌ والسّواران في يدِي
ولم يكن التّشريفُ لِي دَرَّ درُّه / سوى خزّ أثوابِي ودُرِّ مقلَّدي
وما أخّرَ النَّظْمَ الّذي كنتَ خاطباً / به بين هذا الخلق في كلِّ مشهدِ
سوى مرضٍ حوشيتَ منه وإنّني / لراضٍ بأنّي للأذى عنك مُفتدِ
وحال عن التّجويدِ ما قد شكوتُه / ولم أرضَ قولاً فيكَ غيرَ مجوَّدِ
وليس لمعقول اللّسانِ مقالةٌ / تُقالُ ولا مَشْىٌ لرجلِ المقيَّدِ
وَكَيفَ اِطّراحِي مدحَ مَن كان مدحُه / به الدّهرَ تسبيحي وطولُ تهجّدِي
أصولُ به فعلاً على كلِّ فاعلٍ / وأزهى به قولاً على كلّ منشدِ
وكم لِيَ في مدحِي عُلاكَ قصائدٌ / فَضَلْنَ اِفتِخاراً نَظْمَ كلِّ مُقصِّدِ
يَسِرْن عَلى الأكوار شرقاً ومغرباً / وَيَقطعنَ فينا كلَّ بَرٍّ وفَدْفَدِ
ويُطربن مَن أصغى لهنَّ بسمعِه / كما أطربتْ ذا الخمرِ ألحانُ مَعبدِ
فإنْ غرَّد الشادِي بهنَّ تنغُّماً / تناسيتَ تغريد الحَمامِ المغرّدِ
خَدَمتُكَ كَهلاً مُذ ثلاثون حجّةً / أروح بما ترضاه مِنِّي وأغتدِي
ولم تكُ منِّي هفوةٌ ما اِعتمدتُها / فكيف لما تأتي يدُ المتعمّدِ
وَما كانَ إلّا في رضاك تشمّرِي / وَلا كانَ إلّا في هواك تجرّدِي
تَنامُ الدّجى عنِّي وأقطعُ عرضه / دعاءً بما تهوى بجَفْنٍ مُسهَّدِ
وَأَعلمُ أنّي مُستجابٌ دعاؤُه / لصادقِ إِخلاصِي ومحضِ تودُّدِي
وَكنتَ ملكتَ الرِّقَ مِنِّيَ سالفاً / فخذْ رِبْقتِي عفواً بملكٍ مجدّدِ
فَأَمّا مَوالينا بَنوك فإنّهمْ / علَوْا في سماءٍ للعُلا كلَّ فرقدِ
سُيوفُ غِوارٍ بَيننا وتسلّطٍ / كهوفُ قرارٍ بيننا وتمهّدِ
هُمُ ورِثوا تلك النّجابةَ فيهمُ / كَما شِئتَها عَن سيّدٍ بعد سيّدِ
حُسدتَ بهمْ لمّا تناهى كمالُهمْ / ولا خيرَ فيمن عاش غيرَ محسَّدِ
وكم لهمُ في الملكِ من عَبَقٍ به / ومن مرتقىً عالي البناءِ مشيّدِ
وتُعرَف فيهمْ من شَمائلك التِي / بهرتَ بها آثار مجدٍ وسؤدُدِ
ولم ترمِ لمّا أن رميت إلى المنى / بهمْ أسهماً إلّا بسهمٍ مسدَّدِ
فَلا زلتَ مكفيّاً بهمْ كلَّ ريبةٍ / ولا زلتَ فيهمْ بالغاً كلَّ مقصدِ
وَإِنّك مِن قَومٍ إِذا شَهِدوا الوغى / فما شئتَ من عانٍ بها وفتىً رَدِ
وَمِن أَبيضٍ عندَ الضّراب مثلَّمٍ / وَمِن أَسمرٍ عندَ الطّعان مقصّدِ
أَبَوْا أَن يَسدّوا عَن عَظيمِ أناتِهِ / وَأَن يُحجموا عن جاحمٍ متوَقّدِ
وَأَن يَرجعوا إلّا بِشملٍ مجمّعٍ / جنَوْه لهمْ من كفِّ شملٍ مبَدَّدِ
ولم يُرَ فيهمْ والمخاوفُ جمّةٌ / مُوَلٍّ إلى أمنٍ ولا من معرّدِ
وَلَم يَرتووا إلّا بِما سال بالقنا / كما يرتوي بالماءِ من عطشٍ صَدِ
وَدمْ أَبداً لِلمَجدِ وَالحمدِ والنّدى / تَعومُ اِنغِماساً في بقاء مخلَّدِ
وَإِن رامَ دَهرٌ أَن يسوءَك صرفُه / فأصغى بمصلومٍ وعضّ بأدْرَدِ
وَلا طَلعتْ يوماً على دولةٍ بها / بَلغنا بها إلّا كَواكبُ أسعُدِ
صددتِ بلا جرمٍ صدودَ قطيعةٍ
صددتِ بلا جرمٍ صدودَ قطيعةٍ / وعندكِ أنّي لا أجازيكِ بالصدِّ
وغرّكِ أنّي في إِسارٍ من الهوى / وَكَم فَلتَ المأسورُ من حَلَقِ القِدِّ
فَلا تَطلبِي ما ليس عندي تعنّتاً / سيكفيك منِّي لو تأمّلتِ ما عندي
ومُنتَقِباتٍ بالجمالِ أتَينَنا
ومُنتَقِباتٍ بالجمالِ أتَينَنا / وقد ملّ مِنّا كلُّ راعٍ وعائدِ
فقُلن وقد أنكرن ما بِيَ مِن ضَنىً / ألا ما ترى ما بين تلك الوسائدِ
فقلتُ وقلبِي واجفٌ غيرُ ساكنٍ / غراماً ودمعِي سافحٌ غيرُ جامدِ
وجدتُ غراماً ما تَجِدْنَ وما اِستَوى / بحامل ثِقلٍ في الهوى غيرُ واجدِ
فملنَ كما مالتْ غصونٌ مريحةٌ / يُضاحكن مِنّا حاضراتِ الولائدِ
أمِن شعرٍ في الرّأس بُدّلَ لونُه
أمِن شعرٍ في الرّأس بُدّلَ لونُه / تبدّلتِ يا أسماءُ عنّي وعن ودِّي
فإنْ يكُ هذا الهجرُ منكِ أو القِلى / فليس بياضُ الرّأس يا أسْمُ من عندي
تصدّين عمداً والهوى أنتِ كلّهُ / وما كان شيبي لو تأمّلتِ من عمدي
وليس لمن جازته ستُّون حجّةً / من الشيب إنْ لم يردِه الموتُ من بُدِّ
ولا لومَ يوماً من تغيّرِ صِبغتي / إِذا لم يكن ذاك التغيُّرُ من عهدِي
لَقَلَّ غَناءُ العتبِ والمجرمُ الدَهرُ
لَقَلَّ غَناءُ العتبِ والمجرمُ الدَهرُ / وضلّتْ أمانٍ لا يُبَلَّغُها العُمرُ
لَعَمْرُ العُلا لا ظلتُ طوعَ شكيَّةٍ / وإنْ كان قلبي ما يحلُّ به وِتْرُ
لَكَ اللَّهُ قَلباً ما أقلّ اِكتِراثَهُ / بما يتفادى من تحمّلهِ الصّبرُ
تَمرُّ العطايا لا تكشّف ناجذِي / وتأتي الرّزايا وهْيَ من جَزَعِي صفْرُ
وَسيّانِ عندي ثروَةٌ وخَصاصةٌ / قنوعِيَ إثرائِي وللجزعِ العُسرُ
هَجرتُ فضولَ العيش إلّا أقلَّها / وَفي القومِ من يَطغى على حلمه الوَفْرُ
أَعفّ وأَسبابُ المطامعِ جمّةٌ / وَأَعلم وَالأَلبابُ يخدعها المكرُ
لِكُلِّ زَمانٍ خُطّةٌ من مذاهبي / وأشقى الورى من لا يصرّفه الدّهرُ
وَلَم أَرَ إلّا مَن يهِي عند شدّةٍ / وَيأخذ من وافِي تجلُّدهِ الضّرُّ
صَمَتُّ ولم أصمتْ وفي القول فضلةٌ / وَقلتُ فَلَم يَأنس بِمنطِقيَ الهُجرُ
وَإِنّي قَليلُ الرّيثِ فيما يُريبنِي / لذاك رِكابِي ليس يحظى بها مصرُ
غنيٌّ بنفسي عن عديدي ومعشرِي / وإنِّيَ مَن يُلقى على غيره الفخرُ
وَمَولىً كداءِ القلبِ أَعيا دواؤهُ / يُجشّمُنِي ما لا ينوء به ظَهرُ
طوى عنِّيَ الإنصاف من غير ريبةٍ / وما بِي إلى الأنصاف من أحدٍ فقرُ
ألا ليت شعري هل أرى غير صاحبٍ / عليَّ تلظّى سرُّه ولِي الجَهْرُ
فَما أَمترِي إلّا وَفاءً مُصرَّداً / مَذِيقاً ينادي من جوانبه الغَدْرُ
إِذا ما تَرامتْ بِي سَجايا مخاللٍ / فأهونُ ما ترمِي يدايَ له الهَجْرُ
صَديقك مَن أَرضى مغيبَك قولُهُ / ولم يعرُهُ من فسخ عهدك ما يعرو
أَما وأَبِي ما بتُّ طوعَ مضيمةٍ / وقد عرّفتني نفسها البيضُ والسُّمْرُ
أبيْتُ اِنقِياداً للأنام بحبلهِ / وذاك صنيعٌ يستجيب له الشّكرُ
يودّ رجالٌ أن أهشّ إليهمُ / وَقَلّ عنِ الشّحناءِ ما يَنفَعُ البِشْرُ
وَآنسَ بي مَنْ لا يلين قيادُه / خلائقُ طالتْ أن يطاولها ذِكرُ
وَمِمّا نَفى عَن شِيمتِي الكِبْرَ فيهُمُ / يَقينِي بِأنّ الكُبرَ آفته الكِبرُ
عدِمتُ المنى ما أكدرَ العيشَ عندها / وَلَولا المُنى ما اِستَنجد السَّفَرَ السَّفْرُ
وَمَن عمرتْ دارُ المنى من همومهِ / تَمادى وَربْعُ المجد من مثله قَفْرُ
وَما كَلَفِي بِالعمرِ أَهوى وفورَه / وَعند الفَناء يستوي النَّزْرُ والدَّثْرُ
وَداء الورى حبُّ الحياة وشدَّ ما / تفاقم خطبُ الدّاء ما كان لا يبرُو
بنفسِي مَن لا يقبض اللّومَ سمعُه / ولا يُجتَنى من فرع منطقه عذرُ
جريءٌ إذا ضاق العراك بأهلِه / مليءٌ إذا أكدى من الأملِ الصّدرُ
أحبُّ من الفتيان كلَّ مشيَّعٍ / عصيٍّ فلا نهىٌ عليه ولا أمرُ
يجرّ أمام الرّكب فضلَ قناته / وَلا قَلبَ إلّا قَد تملّكه الذُعْرُ
يَنال الصّدى منه وَيحمِي نِطافهم / حِفاظٌ على الضرّاء مركبُه وعْرُ
وَمُستَوهلٍ لا يألف المجدَ فعلُه / إطاعته باعٌ وغايته فتْرُ
يَمدّ إلى العلياءِ عيناً كليلةً / ويبسط كفّاً ليس يعرفها النّصرُ
متى يشرع الخَطِّيُّ يطلب نحرَه / فكلُّ مكانٍ من جوانبه نحرُ
أقول له والرّعب يصبغ لونَه / وأنفاسُه يهفو بجَرْيَتها البُهْرُ
سَيَعلمُ مَن بِالظّنّ يُحيي رجاءَه / بأنّ مباراتي لآماله قبرُ
وَلِي وَطَرٌ يُنجِي الجيادَ اِدّكارُه / ولم يشقَ منِّي في تذكّرهِ فِكرُ
سَأُعطِي المَطايا ما نَوَتْه إِلى النّوى / فَما عاقَني وَصلٌ ولا راعنِي هَجرُ
إذا ما نَضَتْ أرضُ العراقِ ركابَنا / فَقُلْ لِلمَهارى ثمَّ تعريسُك الحشرُ
لَبِستُ بها البيداءَ وَاللّيل نافرٌ / وَقد كادَ أنْ يَفْترَّ عَن ثغرهِ الفجرُ
وَمال الدّجى يُخفِي عنِ الشرقِ شَخصه / وفي قبضةِ الآفاق من جسمه شطرُ
أقول لصحبي والكرى متردّدٌ / يبدّده همٌّ وينظمه شفْرُ
وقد عطفتْ أيدي الكرى من رقابهمْ / كَما عَطَفتْ أَعطافَ شاربها الخَمرُ
عُيونُ الدّجى أحنى على المجدِ منكُمُ / فما بالها تَرْنو وأجفانُكمْ فتْرُ
سَألتُكمُ باللَّه لا تَتثاقلوا / على عَلَل الآسادِ أو يطلعَ البدرُ
وملمومةٍ يغشى النهارَ غبارُها / لها لَجَبٌ كالرّيح هايجها القَطرُ
حَملنا إليها الموتَ والبيضَ والقنا / بأيدٍ دمُ الأبطال في وقعها هَدْرُ
شَببنا بها نارَ الطّعانِ بفِتْيَةٍ / مساعيرَ يخبو من تلظّيهم الجَمرُ
إِذا اِنتَقموا لَم يطمع العفوُ فيهم / وإنْ صفحوا لم يستفزّهمُ الغِمْرُ
وَما بَعَثوا في مُستطيرٍ عزيمةً / فحاجزها بَرٌّ ولا ذادَها بَحرُ
وَإِنْ تَلقَهمْ قُلّاً لدى كلِّ مطمعٍ / فإنّهمُ في كلِّ نائبةٍ كُثْرُ
أمغريةً باللّوم في سمعِ معرضٍ / دعوتِ شَروداً ما يحيقُ بهِ سِحْرُ
وراءَك إنّي ما تركتُ لباحثٍ / من الدّهر ما يُفضِي إليَّ به سَبْرُ
تُماطلنِي الأزمانُ عن ثَمراتها / وينجحُ فيما يدّعيه بها الغَمْرُ
فيا ليتنِي قصّرتُ طولَ تجاربي / فَلا عيشَ إلّا عَيشُ مَنْ ما له خُبرُ
وأشهدُ لو طالتْ يدُ الحزمِ في الورى / لما درّ للدّنيا على أهلها دَرُّ
ولو شئتُ حلّتْ ربقةُ المال في يدي / ما نفعُ مالٍ دون عورتِه سِترُ
دعِ المالَ يمري دَرَّه كلُّ حاشدٍ / فذُخرُك من كسب المعالي هو الذّخرُ
وَلا تَحسبن مُستسلماً لتِلادِه / طليقاً فأهواءُ التِّلادِ له أسرُ
هَلِ العزُّ إلّا أَن تُرى غَيرَ طالبٍ / طلابُك غُرْمٌ ليس يُخلِفه أجرُ
ولا خيرَ في رِفْدٍ تُمدُّ له يدٌ / وَلا في عطاءٍ يُقتضى عندهُ شكرُ
رَضيتُ وما أرضى بلوغاً لغايةٍ / وَعندَ اِمتداد الضّيم ما يُحمد العِشْرُ
وَهَل مُبهِجي قدرٌ رَضي النَّاسُ مثلَه / إذا كان همَّي لا يحيط به قدرُ
سَقى اللَّه دَهراً لم أطع فيه رِقْبةً / ولم يَنْهَنِي منه ملامٌ ولا زَجْرُ
إِذا اِلتَبَستْ بِي خُطّةٌ فُتّ شأْوَها / كما فوّت الأقذاءَ جانبَه التِّبْرُ
نَصيبُك مِمّا يُكثر النّاسُ ذكرُهُ / ومحصولُه في عَرْضِ أفعالهمْ نَزْرُ
فَلِلمجدِ ما أهوَى البقاءِ وربّما / حباني به عصرٌ ودافعني عصرُ
أمِن أجلِ مَن سارتْ بهنّ الأباعرُ
أمِن أجلِ مَن سارتْ بهنّ الأباعرُ / ضحىً والهوى فيهنّ قبلك طائرُ
جزعتَ لأنْ غابوا وتلك سفاهةٌ / تُلامُ بها لو أنّ لُبَّك حاضرُ
ولمّا جَحدتُ الحبَّ قال خبيرُه / إذا كنت لا تهوى فلِمْ أنتَ زافرُ
يلوموننِي والحبُّ عندِيَ دونهمْ / ومن أين للمشتاق في النّاس عاذرُ
أيا صاحِ في الرّبْعِ الّذي بان أهلُه / كأنّهمُ سِرْبٌ على الدّوِّ نافرُ
فلا الرّبعُ فيهِ منهمُ اليومَ رابعٌ / ولا سَمُراتُ الجِزْعِ فيهنّ سامرُ
أعِنِّي غداةَ البين منك بنظرةٍ / فقد عَشِيَتْ بالدّمعِ منّا النواظرُ
وَسِرَّك فَاِكتُمه عليك وخلِّنا / فَقَد ظَهرتْ بالبين منَّا السَّرائرُ
وَقُل لِحَبيبٍ خافَ منّي ملالةً / محلُّك من قلبي مدى الدّهر عامرُ
فَللّه يومُ الشِّعب قلبي وَقَد بَدَتْ / من الشِّعبِ أطلاءٌ لنا وجآذرُ
وقفنا فدمعٌ قاطرٌ من جفونِه / ودمعٌ نَهَتْه رِقْبَةٌ فهْوَ حائرُ
وفي السِّرْبِ ملآنٌ من الحسن مُتْرَعٌ / أوائل قلبي عنده والأواخرُ
أجود عليه بالمنى وهْوَ باخلٌ / وآتِي وصالاً بينه وهو هاجرُ
أحبُّ الثّرى النجديَّ فاح بعَرْفِه / إلى الرّكبِ رَجْراجُ العشيّاتِ مائرُ
وَيُعجبني والنّاعجاتُ مُشيحةٌ / خيالٌ من الزّوراءِ في اللّيل زائرُ
يَزورُ وَأعناقُ المطيِّ خواضعٌ / كلالاً وأحشاها ظوامٍ ضوامرُ
إِلى ملكِ الأملاكِ أعملتُ مادحاً / قوافِيَ تنتابُ العُلا وتُزاوِرُ
نوازعَ لا يدنو الكلالُ وجيفَها / وَلا يَتَشكّى أينَهُنَّ المسافرُ
حَملن إِليهِ مِن ثَنائي بفضلهِ / وإنعامِه ما لا تقِلُّ الأباعرُ
إِلى حَيثُ حَلّ المجدُ جمّاً عديدُه / وحيث يكون السُّؤدُدُ المتكاثرُ
فَأَنت الّذي أوليتنِي النِّعَمَ الّتي / تغيبُ النّجوم الزهْرُ وهْيَ ظواهرُ
غرائبُ لم تَسبقْ إليهنّ فكرةٌ / ولا أحضَرَتْها في القلوبِ الضّمائرُ
عرفتُ بهنّ النّاسَ لمّا أصبْننِي / فبان صديقٌ أو عدوٌّ مكاشِرُ
كأنّ الّذي يُثنِي بهنّ وما وفى / بمَبْلَغِهِنّ كافرٌ وهْوَ شاكرُ
وقبلك ما فتُّ الملوكَ فلم يكن / لتيجانهمْ من نَظْمِ لفظي جواهرُ
وَما كانَ تاج الملّةِ اِحتلَّ سَمْعَهُ / قريضي لم يشعرْ بأنّيَ شاعرُ
إِلى أَن مَضى عنّي ومَن كان بعدهِ / وسارت بتقريضي عُلاكَ السّوائرُ
ثَناءٌ حَدَتْه من عُلاك كرائمٌ / ثقالٌ على الأعناق غُرٌّ غرائرُ
كأنِّيَ أنثوهنَ ربُّ لَطيمةٍ / تَجَعْجَعَها في سوق دارِينَ عاطِرُ
فهبْ لِيَ ما فرّطتُ فيه وما مضتْ / ضياعاً له عنّي السّنونُ الغوائرُ
ودونك منّي اليومَ كلَّ قصيدةٍ / مهذّبةٍ قد ثقّفَتْها الخواطرُ
إذا أُنشدتْ قال المصيخون هكذا / تنظّمُ في أهلِ الفَخار المفاخرُ
وَقَد علمَ المَغرورُ بالملك أنّكم / سِدادٌ له ممّنْ سواكم وحاجرُ
وأنّكُمُ من دونِه لمرُيغِه / رماحٌ طِوالٌ أو سيوفٌ بواتِرُ
فكمْ مزّقتْ أشلاءَ قومٍ تطامحوا / إلى الملكِ أنيابٌ لكمْ وأظافرُ
ودون الثّنايا المطلعاتِ إلى الذُّرا / ذُرا الملكِ مفتولُ الذّراعين خادِرُ
يصرّف أحياءَ الورى وهو وادعٌ / ويُطرقُ إطراقَ الكرى وهو ناظرُ
وتصبح في فجٍّ من الأرض دارُهُ / وفي أُذنِ الآفاقِ منه زماجرُ
مَهيبٌ فلا تُلوى عليه حقوقهُ / مِطالاً ولا تُعصى لديه الأوامرُ
وَيَركبُ أَثباجاً منَ الأمرِ لَم يكُن / لِيَركَبها إلّا الغلامُ المخاطرُ
ومُغبرةِ الآفاق بالنّقعِ لا يُرى / بِأَرجائها إلّا القنا المتشاجرُ
وَإلّا يَدٌ تَهوِي إِلى القِرْن بِالرّدى / وَإلّا دَمٌ من عاملِ الرّمحِ قاطِرُ
تبلّجتَ فيها والوجوه كواسفٌ / وأقدَمْتَ بأساً والنّفوسُ حواذرُ
وقُدتَ إليها كلَّ جرداءَ سَمْحةٍ / لها أوّلٌ في السّابقاتِ وآخِرُ
إِذا أَرسلتْ في الخيلِ تَعدو إلى مدىً / تُحاضرُ حتّى لا ترى مَن تحاضِرُ
فَلا أوحشتْ منك الدّيارُ ولا خَلَتْ / محافلُ من أسمائكمْ ومنابرُ
وَضلّتْ صروفُ الدهرِ عنك وحاذرتْ / رِباعُك أن تعتادهنّ المحاذِرُ
تروح وتغدو في الزَّمان مُحكّماً / وتجري بما تهواه فينا المقادِرُ
ويفديك مَن لا يُرتَجى لمُلِمَّةٍ / ولا هو فيما أنت تصبر صابرُ
تَموَّهَ دهراً لومه ثم صرّحتْ / به النّفسُ إذ ضاقتْ عليه المعاذِرُ
وهنّئتَ يومَ المهرجانِ فإنّه / زمانٌ كزهر الرّوض أخضر ناضرُ
توسّط في قُرٍّ وحَرٍّ فخلفُهُ / وقُدَّامُه ظهائرٌ وصَنابرُ
وَدُمْ مُستقرَّ العِزِّ مُستَوفِزَ العِدى / فأُمُّ زمانٍ لا يسرّك عاقرُ
يقولون أسبابُ الحياة كثيرةٌ
يقولون أسبابُ الحياة كثيرةٌ / فقلت وأسبابُ المنونِ كثيرُ
وما هذه الأيّامُ إلّا مصائدٌ / وأشراكُ مكروهٍ لنا وغُرورُ
يُسارُ بنا في كلّ يومٍ وليلةٍ / فكم ذا إلى ما لا نُريد نسيرُ
وَما الدّهرُ إلّا فرحةٌ ثمّ تَرحةٌ / وَما النّاس إلّا مُطلقٌ وأسيرُ
وَدُهْمٍ كسَوْنَ اللّيلَ سودَ ثيابهِ
وَدُهْمٍ كسَوْنَ اللّيلَ سودَ ثيابهِ / عليهنّ فيحاءُ الفروج فَؤرُ
علتْ والمنى ترنو إليها كما علا / مليكٌ على كرسيّه وأميرُ
منَ اللّاتِ فيهن السَّديفُ كأنّه / إذا ما تراءته العيون ثبيرُ
يُحزنَ لأضياف الشّتاء فكلُّ مَن / أراد القِرى منهنّ فهْوَ قديرُ
كأنّ شحومَ البُزَّلِ الكُومِ وسطها / يطارحه فوّارهنّ صبيرُ
فَما لِلبُيوتِ دونَهنّ مغالقٌ / ولا للكلابِ حولهنّ هريرُ
فكم عُقِرتْ من أجلهنّ شِمِلَّةٌ / وذاق الرّدى حتّى فَهِقْنَ بعيرُ
جنيتَ علينا أيّها الدّهر عامداً
جنيتَ علينا أيّها الدّهر عامداً / ولم تعتذرْ أنّى وليس لك العذرُ
وكنتُ متى أسأل الدّهرَ حاجةً / تكون فيما أتى خَرِس الدّهرُ
بنفسِيَ مَنْ لو جاوَد القطر بذَّه / أو البحر في فيض النّدى خجل البحرُ
ويا منزلاً أمسى به غيرُ أهلِهِ / عَدَتْك تحيّاتٌ ولا جادك القَطْرُ
ولا زلتَ منزوعاً من الخير كلّهِ / ولا زال مسنوناً بساحتك الشّرُّ
فأين الأُلى كانوا بجوّك نُعَّماً / تدور عليهمْ في أباريقها الخَمرُ
لنا منهُمُ كلُّ الذي يملكونه / وَلَيس لهمْ إلّا المحامدُ والشّكرُ
وإنّي لمُطفٍ بالمعاريض غلّتي / وبالسّر سرّ القول إذ يمكن الجهرُ
حَلَفت بِمَن لاذتْ قريشٌ ببيتهِ
حَلَفت بِمَن لاذتْ قريشٌ ببيتهِ / وَطافوا بِهِ يومَ الطّواف وَكَبّروا
وَبِالحُصَياتِ اللّات يُقذَفْنَ في مِنىً / وَقَد أَمّ نحوَ الجَمرةِ المتجمّرُ
وَوادٍ تَذوق البُزْلُ فيه حِمامَها / فَلَيسَ بهِ إلّا الهديُّ المُعَفّرُ
وَجَمْعٍ وَقَد حَطّتْ إليهِ كَلاكلٌ / طَلائحُ أَضنَتها التّنائفُ ضُمَّرُ
يُخَلْن عليهنّ الهوادجُ في الضّحى / سفائنَ في بحرٍ من الآلِ يزخَرُ
وَيوم وقوفِ المحرمين على ثرىً / تطاحُ بهِ الزلّاتُ منهم وتُغفَرُ
أَتوهُ أسارى الموبقاتِ وودّعوا / وَما فيهمُ إلّا الطّليقُ المحرّرُ
لَقَد كُسِرتْ للدّين في يومِ كَربلا / كسائرُ لا توسى ولا هِيَ تُجبَرُ
فإمّا سبيٌّ بالرّماحِ مسوّقٌ / وإمّا قتيلٌ في التّراب مُعَفَّرُ
وَجَرحى كَما اِختارَت رِماحٌ وَأَنصُلٌ / وَصَرعى كَما شاءَت ضباعٌ وأنسُرُ
لَهُم وَالدّجى بِالقاعِ مُرخٍ سدولَه / وجوهٌ كأمثال المصابيح تزهَرُ
تُراح بريحانٍ ورَوْحٍ ورحمةٍ / وتُوبَل من وبلِ الجِنانِ وتُمطَرُ
فقل لبنِي حَربٍ وفي القلب منهمُ / دفائنُ تبدو عن قليلٍ وتظهرُ
ظَنَنتمْ وَبعضُ الظنّ عَجزٌ وغفلةٌ / بأنّ الّذي أسلفتُمُ ليس يُذكرُ
وهيهاتَ تأبى الخيلُ والبيضُ والقنا / مجاري دمٍ للفاطميين يُهدَرُ
وَلَستمْ سواءً والّذين غَلبتُمُ / ولكنّها الأقدار في القومِ تُقدَرُ
وَإِن نِلتُموها دَولةً عَجرفيَّةً / فَقَد نالَ ما قَد نالَ كِسرى وَقيصرُ
وَلَيسَ لَكُم مِن بعد أَن قد غدرتُمُ / بمن لم يكن يوماً من الدّهرِ يغدُرُ
سوى لائماتٍ آكلاتٍ لحومَكم / وإلّا هِجاءٌ في البلادِ مُسَيَّرُ
تقطّع وصلٌ كان منّا ومنكمُ / ودانٍ من الأرحامِ يَثنِي ويَسطُرُ
وَهَل نافِعٌ أَنْ فَرّقتنا أصولُكمْ / أصولٌ لنا نأوي إليها وعنصرُ
وَعُضو الفَتى إن شلّ ليس بعضوهِ / وليس لربّ السّرب سربٌ مُنَفَّرُ
وَلا بدَّ مِن يَومٍ به الجوّ أغبرٌ / وفيه الثرى من كثرةِ القتلِ أحمرُ
وَأَنتُمْ بِمجتاز السّيولِ كأنّكمْ / هَشيمٌ بِأَيدي العاصِفاتِ مطيَّرُ
فَتَهبِطُ مِنكم أَرؤُسٌ كنّ في الذُّرا / ويخبو لكم ذاك اللّهيب المُسَعَّرُ
ويثأرُ منكم ثائرٌ طال مطلُهُ / وقد تُظفر الأيّام من ليس يَظفرُ
ظَننتم مَحلّ الأمر فيكم وعندكمْ
ظَننتم مَحلّ الأمر فيكم وعندكمْ / ولم تعلموا ماذا تجرّ المقادرُ
وَغَرّ نُفوساً ظاهراتٍ غرورُه / وَمن دون ما يقضي به اللّهُ ساترُ
وَفاتكمُ ما كنتمُ تَحسبونه / وطار به والشّكرُ للّه طائرُ
وَرمتمْ ضِراراً لم يُرِدْهُ مليكُهُ / وليس لمن يُقضى له النفعُ ضائرُ
وَرفّعتُمُ مِنكم رؤُوساً فطُؤطِئَتْ / بأيدٍ عزيزاتٍ وكُبّتْ مناخِرُ
فَلا تولعوا مِن بعدها بطماعةٍ / ففيما مضى عن مثل ذلك زاجرُ
تزوريننا وهناً ولو زرتِ في الضّحى
تزوريننا وهناً ولو زرتِ في الضّحى / لأطلقتِ من ضيق الوِثاق أسيرا
وما كانَ ما أَشعَرتنيهِ زِيارةً / ولكنّها كانت لقلبِيَ زُورا
فإنْ لم تكن حقّاً فإنّي جنيتُها / إلى أنْ بدا ضوء الصّباح سرورا
فجاءَتْ إلى ليلِي الطّويل فخيّلتْ / لعينِيَ أو قلبي فعاد قصيرا
لقاءٌ شفى بعض الغليل ولم أكنْ / عليه وإن كنتُ القديرَ قديرا
وَما كانَ إلّا فكرةً لمفكّرٍ / وذكراً جنى منه الظّلام ذَكورا
وَلَمّا اِنقَضى ما صرتُ إلّا كَأنّني / محوتُ بضوء الصّبح منه سطورا
إذا ما حذرتَ الأمر فَاِجعَل إزاءَه
إذا ما حذرتَ الأمر فَاِجعَل إزاءَه / رجوعاً إلى ربٍّ يقيك المحاذرا
وَلا تَخشَ أَمراً أَنتَ فيهِ مفوِّضٌ / إِلى اللَّه غاياتٍ له ومصادرا
وَلا تُنهِضَنْ في الأمرِ قَوماً أذلّةً / إِذا قعدوا جنباً أقاموا المعاذرا
وَكنْ للّذي يَقضي بِهِ اللَّه وَحدَه / وإنْ لم توافقه الأمانيُّ شاكرا
وَلا تَفخَرنْ إلّا بِثوبِ صيانةٍ / إذا كنت يوماً بالفضيلة فاخرا
وَإنّي كَفيلٌ بِالنّجاء منَ الأذى / لِمن لَم يَبتْ يدعو سوى اللَّه ناصرا
صَبرتُ ولولا أن يقولوا سَفاهةً
صَبرتُ ولولا أن يقولوا سَفاهةً / لآيستُ عذّالاً على الصّبر من صبري
وقالوا لَهَا عنها فقلتُ لأنّكم / جهلتمْ حَزازاتٍ لها سكنتْ صدري
يقلّبنَ قلبي كلَّ يومٍ وليلةٍ / على جمراتٍ ليتهنّ من الجمرِ
بنفسِيَ مَن لا وصلَ مِن بعد هجرهِ / وَلا أَوْبَةٌ منه ترجَّى مع السَّفرِ
ومن لا سبيلٌ لِي إلى أنْ أزورَه / بِطرفي وإِنْ لَم يُخلِهِ اللَّهُ من ذكري
فَإِنْ لَم تَكُن أَفنت جميعي فلم تَرِمْ / مُودّعةً إلّا وَقد سكبتْ شطري
وولّتْ بعمري إذ تولّتْ بطيبه / فها أنا ذا حيٌّ أعيش بلا عمرِ
أمِنكِ سرى طيفٌ وقد كان لا يسري
أمِنكِ سرى طيفٌ وقد كان لا يسري / ونحن جميعاً هاجعون على الغَمْرِ
تعجّبتُ منه كيف أمَّ رِكابنا / وأرحُلَنا بين الرِّحال وما يدري
وَكيف اِهتدى والقاعُ بيني وبينه / ولمَّاعةُ القُطرين منَّاعةُ القَطْرِ
وأفضى إلى شُعثِ الحقائب عرّسوا / على منزلٍ وَعْرٍ ودَوِّيّةٍ قَفْرِ
وقومٍ لَقُوا أعضاد كلِّ طَليحةٍ / بهامٍ مَلاهنَّ النُّعاس من السُّكْرِ
سَرَوْا وسِماكُ الرُّمح فوق رؤوسِهمْ / فَما هَوّموا إلّا عَلى وَقعة النّسرِ
وَباتَ ضَجيعاً لي ونحن منَ الكرى / كأنّا تُروّينا العتيقُ من الخمرِ
أضمّ عليه ساعديَّ إلى الحشا / وأُفرشُهُ ما بين سَحْرِي إلى نحري
تمنّيتُهُ والليلُ سارٍ بشخصِهِ / إِلى مَضجعي حتّى اِلتَقينا على قَدْرِ
وَبيضٍ لَواهنَّ المشيبُ عنِ الهوى / فأَنْزَرن مِن وصْلي وَأَوسعنَ مِن هَجري
وَأَلْزَمنَني ذنبَ المَشيب كَأنّني / جَنَتْهُ يدايَ عانداً لا يدُ الدَّهرِ
أَمِن شَعراتٍ حُلنَ بيضاً بمَفْرقي / ظَننتنَّ ضَعْفي أو أَيِسْتُنَّ من عمري
مَحاكنَّ ربّي إنّما الشّيبُ قسمةٌ / لما فات من شرخِ الشّبيبة من أمري
سَقى اللّهُ أَيَّامَ الشّبيبةِ رَيِّعاً / ورَعْياً لعصرٍ بان عنِّيَ من عصرِ
لياليَ لا تَعدو جماليَ مُنيتي / ولا تَرْدُدُ الحسناءُ نهيي ولا أمري
وليلُ شبابي غاربُ النَّجم فاحمٌ / ترى العينَ تسري فيه دهراً بلا فجرِ
وإذ أنا في حُبّ القلوب محكَّمٌ / وأفئدة البيض الكواعب في أسري
ألا يا بني فِهْرٍ شَكيَّةَ مُثقَلٍ / من الغيظ ملآنِ الضّلوع من الوِتْرِ
تسقّونه في كلّ يومٍ وليلةٍ / بلا ظمأٍ كأس العداوة والغدرِ
وَأَغضبكم ما طوّل اللّهُ في يدي / وأعلاه من مجدي وأسناه من فخري
وَإنّيَ مِمَّنْ لا تُحَطُّ رِكابهُ / على البلد النابِي المُجَلَّهِ بالحسْرِ
وإنَّ لساني عازبٌ قد علمتُمُ / عن العُورِ أن أُجريهِ والمنطق الهُجْرِ
وكم ساءَكمْ نفعي ولم يك منكُمُ / وسرَّكُمُ ما قيَّض الدّهرُ من ضَرِّي
وأرضاكُمُ عسري وإن كان عُسركمْ / وأسخطكمْ يُسري وإن لم يكن يسري
وَقَد كُنتُ أَرجوكمْ لِجَبري فَها أَنا / أخافكُمُ طولَ الحياةِ على كسري
وَكانَ لَكم منّي جَميعي فَلَم يَزلْ / قبيحكُمُ حتَّى زوى عنكُمُ شطري
وَغرّكُمُ أنِّي غَمَرتُ عُقوقكمْ / وَأَخفيته عن أعين النَّاس بالبِرِّ
أُزَمِّلُهُ في كلِّ يومٍ وليلةٍ / كما زَمَّلَ المقرورُ كشحَيْهِ في قُرِّ
وأكظِمُهُ كَظْمَ الغريبة داءَها / وَلَولا اِتّساعي ضاقَ عن كَظْمِه صدري
وكيف أُرامي من ورائي عدوَّكمْ / وفيكم ورائي مَن أخاف على ظهري
وأنَّى أرجِّيكمْ لبُرْءِ جُراحتي / وَما كانَ إلّا عَن سهامكُم عَقْرِي
وَإنّي لأَرضى منكُمُ إنْ رضِيتمُ / بأن تبخلوا بالحلو عنّي وبالمُرِّ
وَأَن لا تَكونوا لِلعَدوِّ مخالباً / إذا لم تكونوا يوم فَرْيي بكم ظُفْرِي
وَهَل فيكُمُ إلّا اِمرؤٌ شاع ذكرهُ / لما شاع ما بين الخلائق من ذكري
وَمن هو غُفْلٌ قبل وَسْمِي وعاطلُ ال / تَرائب لولا دُرُّ نَظْميَ أو نثري
وَشَنعاءَ جاءَت مِن لسانِ سَفيهكمْ / تَصاممتُها عمداً وما بِيَ من وَقْرِ
وَأَعرضتُ عَنها طاوِيَ الكَشح دونها / وَطيُّ اليماني البُرد أبقى على النَّشرِ
رَعى اللَّهُ قَوماً خلّفوني عليكُمُ / شددتُ بهمْ في كلّ مُعضلةٍ أزري
بَطيئينَ عَن سِلْمي فَإِن عَزم العدا / مُحارَبتي كانوا سِراعاً إلى نصري
وَلِي دونَهمْ حقّي وَفوقَ ظُهورهمْ / إذا عضّني المكروه ثِقْلِيَ أَو وِقْري
صحبتُهُمُ أستنجد الشّكر فيهمُ / وقد كنتُ في الأقوام مستنجداً صبري
هُمُ أخصبوا مرعايَ فيهمْ ومسرحي / وهمْ آمنوا ما بين أظهرهمْ وَكْري
وهم بَرَدوا في النّائبات جوانحي / وهمْ تركوا ذنبي غنيّاً عن العُذرِ
وَقَد كنتُ أَلقى فيهمُ كلَّ مُتْرَعٍ / مِنَ الحُسنِ مَعقولِ الأسرّةِ كالبدرِ
أَمين الخُطا لم يسرِ إلّا إِلى تُقىً / وَلا دَبّ يَوماً لِلأخلّاءِ بِالمَكرِ
تَراه مليّاً وَالعوالِي تنوشُه / بأنْ يولج المَجْرَ العظيمَ على المجْرِ
وَيُمسِي حَديثُ القَومِ عنهُ وَيغتدي / ذَكيّاً شَذاهُ بَينهمْ أرِجَ النَّشرِ
كَأنّهُمُ شنّتْ ثَناهُ شِفاههمْ / يشنّون في النّادي سحيقاً من العِطْرِ
مَضَوا بَدَداً عنّي وَحلّق بَعدهمْ / بما سرّني في العيش قادمتا نَسْرِ
فَلا أغمضُ العينين إلّا عَلى قذَىً / وَلا أَقلب الجَنبين إلّا عَلى جَمْرِ
تراءَتْ لنا يومَ الأُبَيْرِقِ في الدّجى
تراءَتْ لنا يومَ الأُبَيْرِقِ في الدّجى / ونحن بلا بدرٍ فنابتْ عن البدرِ
وَأَغنَتْ بِريّاها وما إنْ تعطّرتْ / عن العِطْرِ حتّى ما تحنّ إلى العِطْرِ
وَقامَ مُحيّاها ضياءً وبهجةً / مَقامَ طلوعِ الفَجرِ أَو لؤلؤ البحرِ
وَحَكّمها فينا الهوى فَتلاعَبَتْ / بنا أريحيّاتُ الجوى وهْيَ لا تدري
أتاك الرّدى من حيث لا تحذر الرّدى
أتاك الرّدى من حيث لا تحذر الرّدى / وغافصني فيك الحِمامُ ولا أدري
فإنْ يَنْسَك الأقوامُ بعد تذكّرٍ / فإنِّيَ معمورُ الجوانح بالذكرِ
وَإِنْ كانَ عُمري ما اِنقَضى بَعد أنْ مضى / مَداك فقد نغّصتَ لِي باقِيَ العمرِ
فلا زال ما وُسّدتَ فيه من الثّرى / يعاوده ما شاء من سَبَلِ القَطْرِ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025