القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : أُسامَة بنُ مُنْقِذ الكل
المجموع : 135
أبا حَسَنٍ قَد رَانَ بعد بِعَادِكم
أبا حَسَنٍ قَد رَانَ بعد بِعَادِكم / على القلبِ همٌّ ما أراه يَزولُ
أعلّلُ نفسِي أنّني سأَبثّه / إذا ما التقينَا والرّجاءُ مَطُولُ
إذا قلتُ في أعقابِ ذَا العامِ نَلتقي / تَمادَى وأيّامُ الهُمومِ تَطُولُ
وأقتَلُ أدْوائِي بِعادُ أحبّتِي / وداءُ التّنائِي ما علمتَ قَتُولُ
وقد ساءَني أنّ اللّيالِيَ غَيّرتْ / أخِلاَّي حتّى ما يدُومُ خَليلُ
وجفوةُ مجدِ الدّين أَعدَلُ شاهِدٍ / على أنّ أهواءَ القلوبِ تَحُولُ
أساءَ التّنائي ظنَّه بي وإنّنِي / لأَعهَدُهُ في القُربِ وهو جَميلُ
جفَاني زماناً لا مَلاَلاً وإنّما / نَهَتْهُ حُزُونٌ بَينَنَا وسُهولُ
مَفاوِزُ لا يَسْطِيعُ قطعَ فِجاجِها / رسولٌ ولو أنّ الخيالَ رسولُ
ولا ذَنبَ إلاّ للبِعادِ فما لَنا / دَنوْنَا وحَظّي في الدُّنُوِّ قليلُ
أحِنُّ إليكُم والمَهامِهُ بَيْنَنَا
أحِنُّ إليكُم والمَهامِهُ بَيْنَنَا / حَنينَ أَلُوفٍ بانَ عنها قَرِينُها
وأَسْتُر أشْواقِي واعلَمُ أنّ لِي / لَدَى ذِكرِكُم أنفاسَ وجْدٍ تُبينُها
وصَاحبٍ لا تُمَلُّ الدّهرَ صُحْبَتُهُ
وصَاحبٍ لا تُمَلُّ الدّهرَ صُحْبَتُهُ / يشْقَى لِنفعي ويسعَى سعْيَ مُجْتَهدِ
لم ألقَهُ منذ تَصَاحَبْنَا فحينَ بدَا / لِنَاظريَّ افترقْنَا فُرقَةَ الأَبدِ
أنِيسِيَ في ليلِ القطيعةِ مُشْبِهي
أنِيسِيَ في ليلِ القطيعةِ مُشْبِهي / نُحولاً وتَسهيداً ولوناً وأدْمُعَا
أُواجِهُ وجهاً منه حيثُ رأيتُهُ / منيراً إلى مَن أمّهُ متطَلِّعَا
كمُلْبِسِ جِسمِي سُقْمَ جفنَيْهِ حيثمُا / بَدَا لِيَ عاينْتُ الملاحةَ أجمَعَا
وَمفردةٍ تبكِي إذا جَنَّ ليلُها
وَمفردةٍ تبكِي إذا جَنَّ ليلُها / خُفَاتاً وفي أحشائِها النّارُ واللّذْعُ
تذوبُ جوىً إِمّا لصدٍّ وهجرةٍ / وإِمِّا لِبَينٍ ما لِتَشتِيتِهِ جَمْعُ
فلم أرَ جمراً ذائباً غيرَ دَمعِها / ولا جِسمَ باكٍ قَبْلَهَا كلُّه دمْعُ
شَبيهةَ حبّاتِ القُلوبِ لك الهَوى
شَبيهةَ حبّاتِ القُلوبِ لك الهَوى / وهل لفؤادٍ عن سُويدائِهِ صَبرُ
على نَحْرِكِ الدّاجِي زهَا الدُّرُّ مثلما / زَهَتْ في دياجي اللّيل أنجمُهُ الزُّهْرُ
لأَنتِ شَبابٌ ما يَشينُ سوادَه / بياضُ مشيبٍ والشّبابُ هو العمْرُ
لقد أكثرَ اللُّوَّامُ فِيكِ وجهلُهم / إذا عنّفونِي في هواكِ هو العُذْرُ
لقد عمَّ جُودُ الأفضَلَ السَّيِّدَ الوَرَى
لقد عمَّ جُودُ الأفضَلَ السَّيِّدَ الوَرَى / وأغنَى غَناءَ الغَيثِ حيثُ يَصُوبُ
أعدْتَ ربيعَ النَّاسِ في كلِّ بَلدةٍ / فليسَ بها للرّائِدِين جُدُوبُ
وجادَت لهمُ بالمالِ يُمناكَ إنّها / بَذُولٌ على بُخلِ الزّمانِ وَهُوبُ
وفي كلِّ حيٍّ قد خَبَطْتَ بِنعمةٍ / فحقٌّ لشَأسٍ من نَدَاك ذَنُوبُ
غرَّني لامِعُ السّرابِ وهذا ال / بحرُ دُوني عذبُ المياهِ شَروبُ
سرتُ أسْتَقْرِئُ المَحُولَ وفِي أر / ضِيَ مَرْعى عِينٍ ووادٍ قَشيبُ
وسحابُ مِنهُ تعلَّمَتِ السُّحْ / بُ وإن لم تُشبِهْهُ كيفَ تصوبُ
سوءُ حَظٍّ أنأَى عن الملِكِ الصا / لِحِ وَالحظُّ ينتهي ويَثُوبُ
وإلى بابِه مآلي وللآ / بِقِ حُسنُ القَبولِ حين يُنِيبُ
غَابَ عنه جِسمِي وقلبيَ ما زا / لَ مقيماً ببابِه لا يَغيبُ
فإذا ما سَمعتَ بالنّازحِ الدَّا / ني فإنّي ذاكَ البعيدُ القريبُ
ومتَى ما قَرُبْتُ منه فحَظّي / من عُلاهُ التّقريبُ والتّرحيبُ
وبما نِلتُ من نَدى الملِكِ الصّا / لحِ أقسمتُ صَادِقاً لا أحوبُ
لا ثَناني البِعادُ عنه وإن حَا / لَت أعادٍ من دُونِه وحُروبُ
أو يُروَّى بِرُؤْيتِي وجهَه المي / مونَ قَلبِي الصّادِي وطَرْفي السّكُوبُ
ويقولَ الأنامُ آدمُ قد عَا / دَ إلى الخُلدِ إنّ ذَا لَعجيبُ
فحياتِي وإن بلَغْتُ به المأ / مولَ في غير ظِلِّهِ لا تَطيبُ
يا أخا البيد والسّرَى وأخِي البرْ / رِ إذا عقّنِي أخٌ ونَسيبُ
قُل لِغيثِي الهتونِ في أزمةِ المح / لِ وغَوثِي إن أرهَقَتْنِي الخطُوبُ
كاشِفِ الغُمَّةِ المُبِرِّ على السح / بِ بجودٍ مَدَى الزّمانِ يصوبُ
يا رَبِيعي المَريعَ حاشَاكَ أن تُمْ / حِلَ رَبْعِي وَأنتَ ذُخري الجدُوبُ
أنَا أشكُو إليكَ دهراً لحَا عُو / دي وأعرَاه فَهْوَ يَبْسٌ سَليبُ
وخُطوباً رَمى بها حادِثُ الدَّهْ / رِ سَوادي وكلُّهُنَّ مُصيبُ
أذْهَبَتْ تَالِدي وطارِفِيَ الطَّا / ري فَضَاعَ المورُوثُ والمكسوبُ
فهْو شَطرانِ بين مصرٍ وبحرٍ / ذَا غريقٌ فَيءٌ وذَا مَنهوبُ
وإبائِي أراهُ عن حَمله المَنْ / نَ ضَعيفاً وهْو القَويُّ الرَّكوبُ
ويَرى كلّ منّةٍ لِسِوَى الصّا / لِحِ غُلاًّ في حملِه تَعذيبُ
ما اعتذارُ المُنى إذا مَطَلَتْنِي / بِطِلابِي وفضلُك المَطلوبُ
أوَ ليست مِصراً وكلُّ بَنانٍ / لكَ بحرٌ وكلُّ عبدٍ خَصيبُ
والنّدى طبعُك الكريمُ فما أه / نى نوالاً تُنيلُه وتُثيبُ
جاءَنِي والبِعادُ دُوني كما جَا / بَتْ فَيافي البلاد ريحٌ هَبُوبُ
وعجيبٌ أنّ المواهِبَ تَسرِي / ويقيمُ المسترفِدُ الموهُوبُ
سُنّةٌ سنَّها نَدَى الملِك الصا / لِحِ فيها لِكلِّ خَلقٍ نَصيبُ
مَن ثَنائِي طَوَى إليه الفَيافِي / وهْو من كلِّ ذِي اقترابٍ قريبُ
وله بالنَّوالِ باعٌ طَويلٌ / ويدٌ سبْطةٌ وصدرٌ رَحيبُ
وبأيامه تبَسَّمَتِ الدّنْ / يا سُروراً فلا اعترَاهَا قُطوبُ
ومَن عَلِقَتْ بالصّالِحِ المَلْكِ كفُّهُ
ومَن عَلِقَتْ بالصّالِحِ المَلْكِ كفُّهُ / فَليس له دُونَ العُلاَ والغِنَى شَرْطُ
ومِن دُونِهِ إن رابَ خطبٌ ذَوابلٌ / وبيضٌ وجردٌ لا القَتادَةُ والخُرْطُ
أثارَتْ جُدودِي مذ عَلِقتُ بحبلِه / وكان لها في خطب عَشوائِها خَبْطُ
له نائِلٌ يَسرِي إلى كلِّ آملٍ / إذا جيرةٌ سيموا النَّوالَ فلم يُنطُوا
على كلِّ وجهٍ نَضرةٌ من نوالِهِ / وفي كلَّ جيدٍ من صنائِعِهِ قُرْطُ
وكم أملٍ جعْدٍ أتَى اليأسُ دونَه / تَلقَّاهُ من إنعامِه نائلٌ سَبْطُ
وكنتُ أُرَجِّي منه ما دونَه الغِنَى / إذا ما غَدا في كفِّه الرّفْعُ والحطُّ
فلمّا ورَى زندُ المعالي بِكفِّهِ / وقال نَداهُ للوفُودِ ألَا حُطّوا
نأَتْ بِي اللّيالِي عنه لكنَّ جُودَهُ / أتَانِي ولم يَحجِزْهُ نأْيٌ ولا شَطُّ
كذا الغيثُ يَسرِي طالِباً كلَّ طالِبٍ / فكلُّ لهُ من فيضِ وابلهِ قِسطُ
وإنعامُه كالشمس يَغشَى ضِياؤُها / لمن زَاغَ أو حاذَاهُ من أُفْقِها خَطُّ
فأنزَرُ حَظِّي من مواهبهِ الغِنَى / وأيسرُ تخويلي العشيرةُ والرَّهطُ
حبَانِي نُفُوساً لا نَفِيساً من اللُّهَى / ونوَّلني ما لم يُنِلْ مَلِكٌ قَطُّ
وما النَّاسُ إلاّ آلُ رزِّيكَ إنَّهُمُ / هُم الذَّادةُ الشُبَّانُ والسّادةُ الشَّمطُ
بنُو الحربِ في يومِ الوغَى وبنو النَّدَى / إذا ما بلادُ الناسِ جرَّدها القَحطُ
إذا ما احْتبَوْا فالراسياتُ رجاجةً / وإن ركِبوا فالأُسْدُ هِيجَتْ لها نَحط
لهم جبلٌ لا زعزعَ الخطبُ ركنَه / به تُؤْمَنُ الأحداثُ والمِيتَةُ العَبْطُ
أقرَّ الورَى أن ليس كُفئاً لمُلكِه / سواهُ فقد زال التّنافُسُ والغَبْطُ
فلا زالتِ الأقدارُ تجرِي بأمرِهِ / وفي يدِه حَلُّ الممالكِ والرَّبْطُ
لئن شتَّتَتْ أيدي الحوادِثِ شَملَنا
لئن شتَّتَتْ أيدي الحوادِثِ شَملَنا / فجُودُ أبي الغاراتِ للشملِ جَامعُ
هو المَلِكُ الجزلُ النَّدى الصَّالِحُ الّذي / بحارُ نَداهُ كلُّهُنَ شَرائِعُ
يجودُ بلا منٍّ على عُظْمِ مَنِّهِ / كأَنَّ عطاياهُ لديهِ ودائعُ
يحكِّمُ مُشتَطَّ المُنى في نَواله / فتعجبُ من جَدوَى يديه المطامِعُ
أبا حَسَنٍ في طيِّ كلِّ مساءةٍ
أبا حَسَنٍ في طيِّ كلِّ مساءةٍ / من اللهِ صنعٌ للعبادِ جميلُ
كرهتُ لَكَ التِّرحالَ أمسِ وربَّما / أفادَ الفتي طولَ المُقامِ رَحيلُ
وقد يكرَهُ الشيءَ الفتى وهو خَيرُهُ / لَه ويحبُّ الشَّيءَ وهو وَبِيلُ
ولو لَم تُفِد إلاّ الجِهَادَ فإنّه / ثوابٌ كما نصَّ الكتابُ جزيلُ
فكيف وقد أصبحتَ جاراً لماجدٍ / يجودُ على عِلاّتِه ويُنيلُ
كريمٍ كليلِ الطّرْفِ عن عيبِ جارِه / وما طَرْفُه عِند السّؤالِ كلَيلُ
شرى الحمدَ بالأموالِ لا يَستقيلُ في / شِراهُ ولا عندَ البِيَاعِ يُقيلُ
ومَنْ كمُعينِ الدِّين أمّا جَنابُه / فرحبٌ وأمّا ظِلُّه فَظَليلُ
إذا وَرَدَت آمالُنا بَحرَ جُودِه / صَدَرنَ روَاءً ما بِهنِّ غَليلُ
فكُنْ واثِقاً باللهِ ثم بِجُودِه / فإنِّي بما أمَّلتُ مِنهُ كَفيلُ
أظَنَّ العِدَا أنَّ ارتحالِيَ ضائِري
أظَنَّ العِدَا أنَّ ارتحالِيَ ضائِري / ضَلالاً لِمَا ظَنَّوا وهل يكسُدُ التَّبرُ
وما زَادنِي بُعدِي سِوَى بُعدِ همّةٍ / كما زاد نُوراً في تباعُدِه البَدرُ
ولو كانَ في طُولِ الثَّواء فضيلةٌ / لما انتقلتْ في أفْقِها الأنجمُ الزُّهْرُ
ولو لَزِمت أغمادَها البيضُ ما انجَلتْ / بها غَمَراتُ الحربِ واتَّضَحَ النّصرُ
وهلْ في ارتحالي عن بلادٍ تنكّرتْ / لِمثليَ أو للسّاكِنينَ بها فَخرُ
وإنّ بلاداً ضاق عنّي فضاؤُها / لأرحَبُ من أكنافِها للعُلا فِترُ
وأرضاً نَبَتْ بي وهي آهِلَةُ الرُّبى / هي القَفرُ لاَ بل دُون وحشتها القَفْرُ
وهل يُنكرُ الأعداءُ فضلِي وإنّه / لأَسْيَرُ ذِكراً أن يوارِيَهُ الكَفْرُ
ألستُ الذي ما زال كهلاً ويافعاً / له المُكْرَماتُ الغُرُّ والنّائلُ الغَمْرُ
وخائضَ وقْعَاتٍ بوارقُها الظُّبَا / ووابلُ هاتِيكَ البروقِ دمٌ هَمْرُ
يهولُ الرّدى منّى تَقحُّمِيَ الرّدى / ويَعتادُه من جأشيَ الرابطُ الذُّعرُ
ولو حكَمَتْ بيني وبَينهُم الظُّبَا / رضيتُ بما تَقضي المهنَّدَةُ البُتْرُ
ولكنْ تولَّى الحاكمانِ قضاءَنا / فكان أبُو مُوسى لنا ولهمُ عمرُو
قَتلنا بقتلانَا من القوم مثلَهُم
قَتلنا بقتلانَا من القوم مثلَهُم / مراراً ولكن ما الدماءُ سَواءُ
ولكن شَفَينا النّفس من لاعجِ الأسَى / بقتلهمُ إن كان منه شِفاءُ
ولكنّنِي ألقَى الحوادثَ وادِعاً
ولكنّنِي ألقَى الحوادثَ وادِعاً / بقلبِ أريبٍ بأسُه يَتوقَّدُ
أبيٌّ على عدْلِ الزّمانِ وجَورِهِ / غنيٍّ عن الأعوانِ إن قَلَّ مُسعِدُ
فما هُو في خَطبٍ وإن راعَ جازِعٌ / مَروعٌ ولا في حادث مُتَبَلّدُ
ولكِن قضتْ فِينا اللّيالي بجَوْرِهَا
ولكِن قضتْ فِينا اللّيالي بجَوْرِهَا / وعادتُها كُفرُ الفَضائلِ والغَمطُ
حكى حكْمُهَا الميزانَ لا دَرَّ دَرُّها / فذُو النّقصِ يَستعلِي وذو الفضلِ ينْحَطُّ
وعِندي على ما رابَ من حِدْثَانِها / صريمَةُ عزمٍ مَا لِمَا عَقَلَتْ نَشطُ
تُهوِّنُ عندي الخطبَ والخطبُ هائلٌ / وتقبِضُ عنِّي كفَّهُ ولهَا البَسطُ
يُجَهِّلُ في الإقدَامِ رأْيي مَعَاشِرٌ
يُجَهِّلُ في الإقدَامِ رأْيي مَعَاشِرٌ / أراهُم إذا فَرّوا من الموتِ أجهَلاَ
أيَرجُو الفتَى عند انقضاءِ حَياتِه / وإن فَرَّ عن وِرد المنِيّةِ مَزْحَلاَ
إذا أنَا هِبتُ الموتَ فِي حُومةِ الوغَى / فلا وجَدَتْ نفسي من الموتِ مَوئِلا
وإنّي إذا نازلتُ كَبشَ كَتيبةٍ / فلستُ أُبالِي أيُّنا ماتَ أوَّلاَ
لكَ الفضلُ من دون الوَرى والمكارمُ
لكَ الفضلُ من دون الوَرى والمكارمُ / فَمَنْ حاتِمٌ ما نال ذا الفخرَ حاتِمُ
وصَلتَ فأغنيتَ الأنامَ عن الحَيا / وصُلْتَ فخافَت من سُطاك الصّوارِمُ
وجُدتَ على بُخلِ الزَّمانِ فأين مِن / نَداكَ السكوبِ المُستهِلِّ الغَمائمُ
تكفّلتَ للإسلام أنكَ مانِعٌ / حِماهُ مبيحٌ ما حَمى الكفرُ هادِمُ
فأصبحتَ تَرعى سرحَه بصَريمةٍ / من العزمِ لم تبلُغ مَداها العَزائمُ
وأيّدتَه بالعدلِ والبذل والتُّقَى / وضربِ الطّلى والصالحاتُ دَعائِمُ
فَعدلٌ مُزيلٌ كلَّ ظُلمٍ وُجُودُه / وجودٌ مُذيل ما تَصون الخَواتِمُ
رميتَ العِدا بالأُسْدِ في أجَمِ القَنا / على الجُرد تقتادُ الرّدى وهو راغِمُ
بمثلِ أتِيِّ السّيلِ ضاقَ به الفَضا / وضاقَ على الأعداءِ منهُ المخارمُ
يُبارين شُهْبَ القَذفِ يَحمِلن مثلَها / من الحَتْف للباغي الرّجيمِ رَوَاجِمُ
سرايا كَموجِ البحرِ في ليلِ عِثيرٍ / به مِن عَواليهِمْ نجومٌ نَواجِمُ
تسيرُ جيوشُ الطّير فوق جيوشِها / لها كلَّ يوم من عِداها ولائِمُ
فإن خَفَضَ الفُرسانُ للطّعنِ في الوغى / رِماحَهُمُ انقضَّتْ عليها القَشاعِمُ
تعرَّض منها فَوق غزَّة عارِضٌ / سحابُ المَنايا فوقَه مُتراكِمُ
فلِلنَّقعِ سُحبٌ والسيوفُ بوارقٌ / ولِلدَّمِ وَبْلٌ والنّباتُ جَماجِمُ
بوارقُ منها الغوثُ لا الغيْثُ يُرتجَى / أشائِمُ لا يَروَى بها الدَّهرَ شائِمُ
فليس لراجٍ غيرَ عفوِك ملجأٌ / وليس لعاصٍ لم يُنِبْ منك عاصِمُ
تنزّهتَ عن أموالِ مَن أنتَ قاتلٌ / فقد جُهلَتْ بين الجيوشِ المَقاسِمٌ
فَنَهبُك أرواحٌ تُنفِّلُها الظُّبَا / وسُمْرُ العَوالي والبلادُ مغانِمُ
فلا مَوردٌ إلاّ يُمازِجهُ دمٌ / ولا مرتَعٌ إلاّ رعته المَناسِمُ
فسيفُك للخَصمِ المعاندِ خاصِمٌ / وعدلُكَ للشكوى وللجَورِ شاكِمُ
خلطتَ السّطا بالعَدلِ حتّى تألّفَتْ / أسودُ الشّرى والمُطفِلاتُ الرّوائِمُ
يَشُنُّ أبو الغاراتِ غاراتِ جُودِهِ / على مالِه وهو المطيعُ المُسالِمُ
ويبعثُها شُعثَ النّواصي كأنّها / ذئابُ الفَلا تُردي عليها الضّراغِمُ
تُلِظُّ بأرضِ المشرِكين كأنّها / صوادٍ إلى وِردٍ حوانٍ حَوائمُ
فَويحَ العِدا من بأسها إنما سرى / إليها ولم تَشْعُر ردىً وَأداهُمُ
فهُم جُزُرٌ للبيضِ والبيضُ كالدّمَى / سبايا تُهادى والبلادُ مَعالِمُ
غزوتَهمُ في أرضِهم وبلادِهمْ / وجحفلُهمُ في أرضها مُتزاحِمُ
فأفنيتَهم قَتْلاً وأسراً بأسرِهم / فناجيهمُ مُستسلِمٌ أو مُسالِمُ
فلمّا أبادتهُم سيوفُكَ وانجَلت / عن الأرضِ منهمْ ظُلمةٌ ومظالِمُ
غزوتَهُمُ في البحرِ حتّى كأنما ال / أساطيلُ فيه موجُهُ المتلاطِمُ
بِفُرسانِ بحرٍ فوقَ دُهْمٍ كأنّها / على الماءِ طيرٌ ما لهُنَّ قَوادِمُ
يصرِّفُها فُرسانُها بأعِنَّةٍ / جَرَت حيثُ لم تُوصل بهِنَّ الشَّكائِمُ
إذا دَفعوها قلتَ فُرسانُ غارَةٍ / سَرَوْا بجيادٍ ما لَهُنَّ قوائِمُ
يَسوقُ أساطيلَ الفرنجِ إليهِمُ / حِمامٌ وطيرٌ للفَرنجِ أَشائِمُ
دماؤُهُم في البحرِ حُمرٌ سوائِحٌ / وهامُهمُ في البرّ سُحْمٌ جَواثِمُ
فلم يَخفَ في فَجٍّ من الأرضِ هارِبٌ / ولم يَنجُ في لُجٍّ من الماءِ عائِمُ
وعاد الأُسارى مُردَفين وسُفْنُهم / تُقادُ كما قاد المهاري الخَزائِمُ
وقد شَمَّر المَلْكانِ في الله طالِبَيْ / رِضاهُ بعزمٍ لم تَعُقْهُ اللّوائِمُ
بجِدٍّ هو العضبُ الحسامُ وحدُّهُ / لعاديةِ الأعداءِ والكفرِ حاسِمُ
وقاما بنصرِ الدِّين واللهُ قائمٌ / بنصرِهما ما دام للسيفِ قائمُ
وما دون أن يَفنى الفرَنجُ وتُفْتَحَ ال / بلادُ سوى أن يُمضيَ العزمَ عازِمُ
فيا مَلِكاً قد أحمد اللهُ سعيَه / ونيَّتَه واللهُ بالسِرِّ عالِمُ
تَهنَّ ثناءً طبَّقَ الأرضَ نَشرُهُ / هو المسكُ لا ما ضُمِّنَتْهُ اللَّطائِمُ
ثَناءً به يَحدو الحُداةُ ويُنشِدُ الرْ / رُواةُ وتَشدو في الغصونِ الحمائِمُ
يسيرُ معَ الرُّكبانِ أنَّى تيمَّمُوا / على أنّه في ساحةِ الحيِّ هاجِمُ
أميرَ الجيوشِ اُسمَعْ مقالَة بائحٍ / بشكرِكَ يُبدي مثلَ ما هو كاتِمُ
بِفَضْلِكَ آلى صادِقاً أنَّ فكرَهُ / لعَاصٍ له في نَظمِ ما هو ناظِمُ
كأَنَّ بَديعَيْ شعرِهِ وبَيانِهِ / حروفُ اُعتلالٍ والهمومَ جوازِمُ
على أنه كالصُّمِّ صبراً وقسوةً / تَحزُّ المُدى في قلبِه وهو كاظِمُ
فما يَعرفُ الشّكْوى ولا يستكينُ لِلْ / خُطوبِ ولا تُوهي قواهُ العَظائِمُ
ولو كان سَحباناً أَجرَّ لسانَهُ / ألا هكَذا في الله تُمضي العزائمُ
هيَ السّحرُ لا ما سارَ عن أرضِ بابلٍ / هي الدُّرُّ لا ما ألَّفَتْهُ النّواظِمُ
فريدةُ دهرٍ للقلوبِ تهافُتٌ / عليها وللأَسماعِ فيها تَزاحُمُ
إذا أُنْشِدَتْ في مَحفِلٍ قالَ سامِعٌ / أنَفْثَةُ سِحرٍ أم رُقىً وتمائمُ
ولولا رجاءُ الصَّالحِ المَلِكِ الّذي / بدولَتِهِ الدَّهرُ المقَطِّبُ باسِمُ
وأنّي أُمَنِّي النفسَ لثْمَ بنانِهِ / وما كانَ قبلي للسحائِبِ لاثِمُ
ففيها مَنايا للأعادي قَواصِمٌ / وفيها بحارٌ للعطايا خَضارِمُ
وحَطِّي رحالَ الشكرِ عنِّي بِبابِهِ / بحيثُ اعْتِدا الآمالِ في المالِ حاكِمُ
ويعجبُ منّي الناسُ حتَّى يقولَ مَن / رآني إلى الجنَّاتِ قد عادَ آدَمُ
قضيتُ لبُعدي عن ذُراهُ ندامَةً / ولا عجَبٌ إن ماتَ بالهمِّ نادِمُ
أتتْكَ ابنةُ الفِكر الحسيرِ وإِنَّها / تسيرُ مَسيرَ البَدْر والليلُ عاتِمُ
بمدْحٍ بديعٍ من وليِّ مُمَدَّحٍ / جَديرٍ بأن يُغلي به السَّومَ سائِمُ
تَسومُ جميلَ الرأيِ لا المالَ إنَّه / بَذولٌ له فيما قَضَتْهُ المكارِمُ
تَضَمَّنَ روضاً زهرُه مدحُ مجدِكَ الْ / عَليَّ وأوراقُ الكتابِ كَمائِمُ
فدُمتَ ودامتْ هالةٌ أنتَ بدرُها / ومُلْكُكَ ما كرَّ الجديدانِ دائمُ
إليكِ فما تَثنِي شؤونُكِ شاني
إليكِ فما تَثنِي شؤونُكِ شاني / ولا تَملكُ العِينُ الحِسانُ عِناني
ولا تجزَعي من بَغتَةِ البينِ واصبري / لعلَّ التَّنائي مُعْقِبٌ لِتَداني
ولا تَحمِلي همَّ اغترابي فلم أَزل / غَريبَ وفاءٍ في الورَى وبَيانِ
وفيّاً إذا ما خان جَفنٌ لناظِرٍ / ولم تَرْعَ كفٌ صُحبةً لِبَنانِ
فللأُسْدِ غِيلٌ حيثُ حلَّت وإنَّما / يهابُ التّنائي قلبُ كلِّ جبانِ
ولا تَسأليني عن زَماني فإنّني / أُنَزِّهُ عن شكوى الخَطوبِ لِساني
ولكن سَلي عنِّي الزَّمانَ فإنّه / يُحَدِّثُ عن صَبري على الحَدَثانِ
رَمتني الليالي بالخُطوبِ جَهَالةً / بصبري على ما نابني وعَرانِي
فما أوهَنَتْ عظمي الرَّزايا ولا لَها / بحُسنِ اصطباري في المُلِمِّ يَدانِ
وكم نكبةٍ ظَنَّ العِدا أنَّها الرَّدى / سَمتْ بي وأعلَت في البَرِيَّة شاني
وما أنا مِمَّنْ يستكينُ لحادِثٍ / ولا يملأُ الهولُ المَخُوفُ جَناني
وإن كانَ دَهري غالَ وَفْري فلم يَغُلْ / ثَنائي ولا ذكْري بكُلِّ مَكانِ
وما كانَ إِلاّ للنَّوالِ ولِلقِرَى / وغَوثاً لملهوفٍ وفِدْيَةَ عانِ
حُمِدتُ على حالَيْ يَسارٍ وعُسرةٍ / وبرَّزتُ في يومَيْ ندىً وطِعانِ
ولم أدَّخِر للدَّهرِ إن نابَ أو نَبا / وللخَطبِ إلاّ صارِمي وسِناني
لأنَّ جميلَ الذكرِ يَبقى لأهلِه / وكلُّ الذي فوقَ البسيطة فانِ
دَعْ ذا فما عُذرُ الفَتى
دَعْ ذا فما عُذرُ الفَتى / في غَيِّه والفَودُ شائِبْ
والأرْيَحِيَّةُ تمنعُ ال / كُرماءَ أن يَغْشُوا المعايِبْ
والجهلُ يأبى أن يكو / ن لهُ أخو الستّين صاحِبْ
سأُنْفِق وفَرْى في اكتسابِ مكارِمٍ
سأُنْفِق وفَرْى في اكتسابِ مكارِمٍ / أظَلُّ بها بعد المَماتِ مخلَّدَا
وأسعى إلى الهجاءِ لا أرهبُ الرّدى / ولا أتَخَشّى عامِلاً ومهَنّدَا
بكلِّ فتىً يلقى المنِيَّةَ ضاحِكاً / كأنَّ له في القتلِ عَيشاً مُجَدَدا
فإن نلتُ ما أرجو فللجودِ ثمَّ لي / وإن مِتُّ خَلَّفتُ الثَّناءَ المؤَبَّدا
تَلقَّ ذَوي الحاجات بالبِشر إنَّهُ
تَلقَّ ذَوي الحاجات بالبِشر إنَّهُ / إلى كُرماءِ النَّاسِ أشْهى من الجَدَا
عَسى من يُرجَّي سيْبَكَ اليوم يَغْتَني / فتُصبِحُ فيمن تَرتَجي سيبَه غَدَا
إرضَ الخُمولَ تَعِشْ به في نَجْوَةٍ / ممَّا تخافُ ومن مُعانَدَةِ العِدا
دُونَ المعالي عُدوةٌ إن خُضتَها / متقَحِّمَاً أورَدتَ مُهجَتَكَ الرَّدَى
وإذا سَلِمتَ ونلتَ أيسرَ بُغيَةٍ / مِنها جعلْتَ لكَ البريَّة حُسَّدا
فاسمَعْ نصيحَةَ مَن يكادُ لعلمِهِ / بالدَّهرِ يدري اليومَ بالآتي غَدا

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025