المجموع : 71
سموتَ بأَعلى الأفْقِ تخترِق الذُّرَى
سموتَ بأَعلى الأفْقِ تخترِق الذُّرَى / لتعلمَ صنْعَ الكائناتِ وَمَا جَرَى
وأنت كمثلِ النملِ تمشي عَلَى الثَّرَى / وَمَا الأرضُ بَيْنَ الكائناتِ الَّتِي تَرى
بعينيك إِلاَّ درةٌ صغُرتْ حجما /
فعلمُك من بحرِ المَشيئةِ قطرةٌ / وجسمك من ظهرِ البَسيطة مَدرةٌ
تريد اكتشافَ الغيبِ ذَلِكَ عبرة / وأنت عَلَى الأرض الحقيرة ذرة
تحاول جهلاً أن تحيطَ بِهَا علما /
فما صَدَّني عنها العُذيبُ ولا اللِّوى
فما صَدَّني عنها العُذيبُ ولا اللِّوى / ولا حُلتُ عن داري وإن شطَّ بي النَّوى
فأقسمت لولا الصبرُ طرتُ عَلَى الهوى / فهل ظن قلبي قَدْ سلوت عن الهوى
وهل ظن معشوقيَ بأنيَ قَدْ تبتُ /
فلا الضالُ يُسْلِي عن هواها ولا اللِّوَى
فلا الضالُ يُسْلِي عن هواها ولا اللِّوَى / ولا حبُّها عني يزولُ ولا الجَوى
وهيهات مَا ضلَّ الفؤاد وَمَا غَوى / فهل ظن قلبي قَدْ سلوتُ عن الهوى
وهل ظن معشوقي بأنيَ قَدْ تبت /
وَهَى جَلَدي مما أُقاسي من الجَوَى
وَهَى جَلَدي مما أُقاسي من الجَوَى / وَقَدْ شاب رأسي من مُعاناتيَ النَّوَى
فعاتبتُ قلبي فِي الغرامِ وَمَا ارْعَوَى / ألم يأنِ لي يَا قلبُ أن أتركَ الهوى
وأن يُحدِثَ الشيبُ المُلِمُّ ليَ العقلا /
وحَتَّى متى يَا قلب أصبو إِلَى الحِمَى / وألثم ثغرَ الكأسِ شوقاً إِلَى اللمَى
أيحسنُ يَا قلب التَّشبُّب بالدُّمَى / عَلَى حينِ صار الرأسُ منيَ كلما
عَلَتْ فَوْقَه نُدّافةُ العَطْب أَغْزلا /
أنا لا أنسى زماناً قَد انقضى
أنا لا أنسى زماناً قَد انقضى / وعصراً برَيْعانِ الشّبيبةِ قَدْ مَضَى
ووقتاً بوصلِ الغانياتِ تَعرَّضا / وَلَمْ أنسَ ضَمِّي للحبيب عَلَى رِضا
ورَشْفِي رُضاباً كالرَّحيقِ المُسَلْسَل /
وَلَمْ أنسَ إِذ يحنُو عليَّ بقَدِّه / فأقطِف من رُمَّانتيه ووردِهِ
وكَفِّي بخَصْرَيه وأخرى بنَهْده / ولا قولَه لي عند تقبيل خدِّه
تَنَقَّلْ فلذاتُ الهوى فِي التنقلِ /
أَوَجدي كَذا أَم هَكَذا كُلُّ مَن يَهوى
أَوَجدي كَذا أَم هَكَذا كُلُّ مَن يَهوى / يَزيدُ غَراماً واِشتياقاً عَلى البَلوى
رَعا اللَهُ مَن أَمسَت وَسوءُ صَنيعِها / بِنا فَوقَ أَن يَخفى واحسانها دَعوى
رأت أَنَّ في الاعراضِ تَقوى فَحَمَّلَت / مِن الضُرِّ ما تأبى المُروءَة وَالتَقوى
وَكَم نَقَضت مِن مُوثَقٍ جَعلت بِهِ / شَهيداً عَلَيها عالِم السِرِّ وَالنَجوى
إِذا فَكَّ هَذا اليَوم أَسوأ هجرها / ثَنَنتهُ بِيَومٍ مِن تجنّبها أَسوا
وَما زالَتِ الشَكوى تَزيدكَ غِلظَةً / عَليَّ الى أَن صِرتُ أُومن بِالشَكوى
لَها مَربَعٌ في القَلبِ ما زالَ آهِلاً / اذا رَبعُها بِالحُزنِ أَقفَر أَو أَقوى
وانّي عَلى ما حَمَّلَتهُ لَصابِرٌ / وان كُنت لا أَبقى عليه وَلا أَقوى
أُسَرُّ بِما سُرَّت وأأبى الَّذي أَبَت / وَأَرضى الَّذي تَرضى وَأَهوى الَّذي تَهوى
يَسيرٌ لَها أَنَّ السَقام مُحرَّمٌ / بِجِسمي وَسهَلٌ أَنَّ قَلبي بِها يَدوي
وَنَشوان مِن خَمرِ الصَبابَةِ لَم يَزَل / يَميلُ الى سَكرى مِن الدُلِّ أَو نَشوى
فَما يَستَفيق القَلبُ مِن بَرح صَبوةٍ / الى ظَبيَةٍ أَدماءَ أَو رَشأٍ أَحوى
تتابعَ في لَيلٍ مِن الغيِّ مُظلمٍ / وَقَد لاحَ صُبحٌ في المَفارِقِ أَو أَضوا
وَعائبَةٍ منّي العَفافَ مَع الضَوى / وَأَحسَنُ شَيء أَن أعفّ وَأَن أَضوى
اذا كانَ في المَسعى الغنى وَمذَلَّتي / فَحَسبي بِفَقرٍ لا يذلُّ وَبالمَثوى
صبرتُ عَلى نَحت الخطوب وبَريها / وان كانَ ثقلاً لَيسَ يحملُه رَضوى
وَنادَيتُ مِن قَعر الحَمولِ وَقَد هَوى / بجديَ صَرفُ الدَهرِ في أَبعد المَهوى
أَما في بَني الدُنيا فَتىً مُتَدارِكٌ / حُشاشَةَ هَذا الفَضل مِن قبل أَن تَبلى
وَكَيفَ وَدَهري المُعتَدي المُتَعَمِدي / أُحاوِلُ مِن أَنيابِهِ النَصر وَالعَدوى
وَما كانَ أَدناها اِستِغاثَةُ موثَقٍ / إِلى مُطلَقٍ لَو يَسمَعُ الفاضِلُ الشَكوى
فَريدُ بَني الدُنيا الَّذي لا يُرى لَهُ / نَظيرٌ عَلى مَرّ الزَمانِ وَلا يُروى
قَريبٌ الى باغي نَداهُ مُبادِرٌ / وَلا طالِبٌ يُقصى وَلا مَوعِدٌ يُلوى
إِذا التوت الأَحداثُ بِالمَرءِ واشَجت / وَنادى بِها أَلوى بِها المَرس الأَلوى
وَأَبلَج مَعسولِ الشَمائِل ما جدٍ / خَلائِقُه تُسلي عَن المَنِّ وَالسَلوى
يَهشُّ إِلى العافي اِرتياحاً الى النَدى / فَلا عُنُقٌ يُلوى وَلا حاجِبٌ يُزوى
شَرى المَدحَ مِنّي وَالمَوَدَّة وَالهَوى / فَتىً مالَهُ في الناسِ مِثلٌ وَلا شروى
أَقَرَّ لَه بِالفَضل شانيه راغِماً / مَتّى يسبِقِ الاجماعُ تتحِد الفَتوى
اذا قِستَهُ بالأَولين رَأَيتَه / وَآراؤُهُ أَهدى وَأَقواله أَقوى
لَهُ قَلَمٌ دِرياقُه وَسِمامُه / يُداوي بِه نَفس المَمالك اذ تَدوى
يطبّقُ عَفواً رأيُه كُلّ مُعضِلٍ / اذا قالَ بَعد الجهد ذو الرأي أَو أَسوى
وسَبّاقِ غايات البَلاغَةِ وَالنُهى / وَذو الخَصل مِنها ان شده أَو أَزوى
بِنَفسي كِتابٌ قُلتُ لَمّا قَرأتُه / مَكانَكَ لا تَنصب فَقَد بلَغت حَلوى
وَعرّيتُ ظَهر السِرِّ عَجزاً فَلا يَرى / لَهُ أَبَداً رَحلٌ وَلا يُزوى
وَأَيأستُ نَفسي مِن مُباراةِ بارِعٍ / حَوى قَصَبَ السَبقِ الَّتي لَم تَكُن تُحوى
وَلَو فَضَّه عِبدُ الحَميد لردَّهُ / يَذُمُّ الَّذي قَد كانَ سَدَّد أَو سَوّى
نَفائِس نَظمٍ لا يقوَّم شَذره / لَو انقاس رَوضٌ لا يَجِفُّ وَلا يَذوى
وَلَم أَرَ عِندي ما يَرى لهديَّةٍ / لقلَّةِ ما عِندي فأهدَيتُ ما يُروى
وَأَصغرتُ ما يُطوى وَيُنشَرُ وَشيُه / فحبّرتُ منشوراً عَلى الدَهر ما يُطوى
وَلَولاكَ ما أَسرَيتُ لَيلاً بُحرَةٍ / مِن المَنزِلِ الأَدنى إِلى الغايَةِ القُصوى
وَفاءً لحقِّ الوُدِّ لا تابِعاً مُنىً / وَلا بائِعاً شِعراً وَلا طالِباً جَدوى
وَقَفنافَكَم هاجَ الوُقوفُ عَلى المَغنى
وَقَفنافَكَم هاجَ الوُقوفُ عَلى المَغنى / غَليلاً دَخيلاً مِن لُبَينى وَمِن لُبنى
وَعُجنا عَلَيهِ مُنذُ عِشرينَ حِجَّةً / تَقَضَّت فَما عُجنا عَلى الحِلمِ مُذ عُجنا
أَرَبعَ التَصابي قَد فَنِيتَ وَحُبُّنا / لِأَهلِكَ لا يَبلى فِناكَ وَلا يَفنى
كَأَنكَ تَلقى ما لَقِينا مِنَ الهَوى / وَتَضنى لِفَقدِ الظاعِنينَ كَما نَضنى
سَأَلناكَ لَو أَخبَرتَنا أَينَ يَمَّمُوا / أَوَعسَ الحِمى الأَقصى أَمِ الأَوعَسَ الأَدنى
أَمِ الحَيُّ لَمّا أَكدَتِ المُزنُ يَمَّمُوا / ثِمالاً فَشامُوا مِن أَنامِلِهِ المُزنا
لَقَد نَجَعُوا رَبعاً حَصيناً مِنَ النَدى / وَصارُوا إِلى مَن يَمنَحُ المُدنَ لا البُدنا
فَتى كَرَمٍ أَفنى الصَوارِمَ في الوَغى / ضِراباً وَأَفنى بِالطِعانِ القَنا اللُدنا
يَدُلَّكَ مِن كِلتا يَدَيهِ عَلى الغِنى / فَيُسركَ لِليُسرى وَيُمنُكَ لِليُمنى
هُوَ البَحرُ إِلّا أَنّنا لا نَرى لَهُ / سِوى مُوقَراتِ العِيسِ مِن مالِهِ سُفنا
نَظَمتُ لِأَسنى الخَلقِ مَدحاً وَجَدتُهُ / سَنِيّاً فَأَهدَيتُ السَنِيَّ إِلى الأَسنى
أَبا صالِحٍ إِن كُنتُ في القَولِ مُحسِناً / فَإِنَّكَ قَد جازَيتَني عَنهُ بِالحُسنى
وَأَعدَيتَني بِالجُودِ حَتّى تَرَكتَني / أَجُودُ فَأُفِني مَكسَبي قَبلَ أَن أَفنى
تَشاغَلتُ أَبني فيكَ مَدحاً وَأَبتَني / فَفيكَ الَّذي أَبني وَمِنكَ الَّذي يُبنى
إِذا نَحنُ جُدنا أَو نَفَحنا بِنِعمَةٍ / فَمِنكَ وَمِمّا جُدتَ ذاكَ الَّذي جُدنا
وَإِن شُكِرَ القَومُ الأُلى مِنكَ رِزقُهُم / فَإِنَّكَ بِالشُكرِ الَّذي شُكِروا تُعنى
إِذا المَرءُ أَولى الفَضلَ مِن فَضلِ غَيرِهِ / فَمُوليهِ أَولى بِالثَناء الَّذي يُثنى
تريد الهوى صِرفاً من الضُّرِّ والبَلْوَى
تريد الهوى صِرفاً من الضُّرِّ والبَلْوَى / لعمرك ما هذِي قضيَّة مَن يَهوَى
إذا لم يكن طَرفُ المحبِّ مُسَهَّداً / وأَدْمُعُهُ تَجْرِي فهذا هو الدعوى
ولا حبَّ إلا أن ترى كُلْفَةَ الهوى / أَلذَّ من المنِّ المنزِّل والسَّلْوَى
وحتى ترى القلب القريحَ من الهوى / يمانعه الصبرُ الجميل من السَّلْوَى
رَعَى اللهُ من أَعطى المحبةَ حَقَّها / وإن لم يكن فيها من الأَمر ما يقْوَى
إِذا لم يكنْ مَعْنى حديثك لي يُدْرَى
إِذا لم يكنْ مَعْنى حديثك لي يُدْرَى / فلا مُهْجْتيِ تُشْفىَ ولا كَبدي تُروَى
نَظرتُ فلم أنْظر سِواكَ أحبُّهُ / ولَولاكَ ما طَاَب الهَوى لِلَّذي يَهوى
ولَّما اجْتلاَك الفكرُ في خَلوة الرّضا / وغيّبت قال الناس ضَلت بي الاهْوا
لَعمرُك ما ضَلَّ المحبُّ وَما غَوى / ولكَّنهمْ لمَّا عمُوا أخطئوا الفتوى
ولو شَهدوا معنى جمَالِكَ مثْلما / شهدْتُ بعينِ القلبِ ما أنكروا الدَّعوى
خلعت عِذاري في هَواك وَمنْ يكنْ / خليعَ عِذارِ في الهوى سَرَّهُ النجوى
وَمزقتُ أثواب الوقارِ تَهتكا / عليكَ وطابت في محَبتكَ الْبلوَى
فما في الهْوى شكوىَ ولو مُزِّق الحَشَا / وَعارٌ على العُشاق في حُبِّكَ الشَّكوى
على عرشه الرحمن سبحانه استوى
على عرشه الرحمن سبحانه استوى / كما أخبر القرآن والمصطفى روى
وذاك استواء لائق بجنابه / وهل لائق قولي له عرشه حوى
ومن قال مثل الفلك كان استواؤه / على قنة الجودي من شاهق هوى
فلم أقل استولى ولست مكلفا / بتأويله كلا ولم أقل احتوى
ومن يتبع ما قد تشابه يبتغي / به فتنة أو يبغ تأويله غوى
ومن قال لي كيف استوى لا أجيبه / بشيء سوى إني أقول له استوى
سألت أبا المغوار سعدا عن الهوى
سألت أبا المغوار سعدا عن الهوى / فقال الهوى الداء الذي ما له دوا
أخوك هذيم فيه لا زال مبتلى / ولو ان ممن يرعوي عنه لا رعوى