القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : الحَيْص بَيْص الكل
المجموع : 306
إذا ما عُقْيلٌ باهلت يوم فخرها
إذا ما عُقْيلٌ باهلت يوم فخرها / تأرَّج ناديها وطابَ نسيمُها
هُمُ يردون الخيل مُلْساً إلى الوغى / ويثنونها بالطَّعن تدْمى كلُومها
ليوثٌ إذا الجأواءُ خامَتْ كماتُها / غيوثٌ إذا الشهباء أكدت غُيومُها
تخُفُّ إلى داعي الوغى عزماتُها / وترزنُ إذ تهفو الحُلومُ حلومها
وموضعُ علْياءِ الشنينةِ منهُمُ / ذوائبها من مجدها وصميمُها
أنافوا على العلياء بابن مُهارشٍ / فردَّ حديثاً من عُلاهُ قديمها
سريعاً إلى صوت الصَّريخ ومانعاً / إذا السُّرْبةِ الحمساء ذلَّ حريمها
مُسوَّدُها يوم الوغى وأميرُها / ومرجوُّها يوم النَّدى وكريمُها
تودُّ رماحُ الخطِّ أيْسَرَ فتْكه / ويحسده من الرجال حَليمُها
وتمشي بمعبوط السَّديف إماؤُهُ / إذا الليلة الطَّخْياء ضلَّتْ نجومها
ومسودَّةٍ ضاقت لها الأرض كثرةً / ورُعْبِلَ من طول الطراد أديمها
غماميَّةٌ فيها ائْتلاقٌ قِطارهُ / دمُ الهامِ إمَّا رامها من يشكيمُها
غدتْ بأداحي النَّعامِ وهدَّمتْ / كِناسَ المَلا حتى تعفَّر ريمُها
بها السابحات الجرد خُزرٌ كأنها / ذئابُ الغضا ينحو عزيباً صؤومُها
تخوض نجيع القِرن من قبل مورد / ويدمى قناها قبل يَدْمي شيمُها
يُناقلن غُلْباً في الدِّلاص كأنها / مواردُ جِنَّانٍ تجشُ صريمها
بخعن الدجى بالقوم حتى تبلَّج ال / صَّباح وبانتْ من وجوهٍ وسومها
وغادرْن بالدَّهْناءِ ضرباً كأنه / شُدوق هِجانٍ مدَّ صوتاً بَغومُها
رماها سُليمانٌ برايع بأسِه / فأثبُتها تحت العجاجِ هزيمها
كأنَّ على أعْطافهِ بابليَّةَ / تغلَّظَ ساقيها ورقَّ نديمُها
يكادُ الدُّجى يغْدو صباحاً مشرقاً
يكادُ الدُّجى يغْدو صباحاً مشرقاً / إذا عُدِّدتْ فيها مناقبُ عنترِ
ويذْكو نسيم الجوِّ عند مديحهِ / كأن بأعلى لُوحِه نشرَ عنبرِ
يُعيرُ قَناهُ عَزْمَهُ في نِزالهِ / فلا طعْنَ إلا ف ضميرٍ ومحْجرٍ
تشكَّى العدى والنِّيب سورة فتكه / بظلماء ليلٍ أو بهبوةِ عِثْيَرِ
فللضيف لُحْمان العشارِ مُنيفةً / وللطير جُثمان الكميِّ المُعَفَّرِ
ترفَّع عن سكنى الغمودِ سيوفهُ / فيُغمدها ما بين رأسٍ ومِنْحرِ
وتكرهُ مُبْيضَّ المواردِ خيلهُ / فيوردها في ناصعِ اللون أحمر
صحا القلب من ودِّ الغواني وودُّها
صحا القلب من ودِّ الغواني وودُّها / من السورةِ العلياء ليس براجعِ
وفرَّق جيش الجهل شيْبٌ بوجهه / حصينُ الحِمى لا يُدَّرى بالروادعِ
مُنعَّمةٌ لا الصَّبْرُ عنها بناصِرٍ / مُجيرٍ ولا العذلُ الطويلُ بنافعِ
يذود الكرى عن مقلة الصب صدها / ويسخر عند الوصل من نفس هاجع
أُسِرُّ هواها غَيْرةً فتُذيعُهُ / حرارةُ أنفاسِ وفيضُ مدامع
وأُظْهرُ سِلواني لها ووراءهُ / غرامٌ كضرب المُرهفاتِ القواطِعِ
فلما استراح العذل من بعد شِدَّةٍ / إلى بارقٍ في مفرق الرأس لامِعِ
تضاعفَ شيطانُ الهوى فكأنما / أطاف بغمْرٍ في الخلاعةِ يافعِ
هنيئاً لعلْياءِ المراتبِ أنها
هنيئاً لعلْياءِ المراتبِ أنها / تُحلَّى بمجد الدين فخر المراتب
هُمامٌ غنيُّ من طبيعيِّ مجده / ومفخرهِ عن مُحْرزٍ بالمكاسبِ
إذا ستن في الجدوى وشدَّ على العدى / أَبَرَّ على حدِّ الظُّبى والسّحائب
سليمُ الطَّوايا لا يُجنُّ ضغينةً / ولا يفرش الأعداء لِينَ المُواربِ
تطيشُ الرزايا حولهُ وهو راسخٌ / يزيد وقاراً من طروقِ النَّوائبِ
فلا زالَ ذا أمْرٍ مُطاعٍ ونِحلةٍ / شعاعٍ وعيشٍ مُطمئنِّ الجوانبِ
رأيت غياث الدين في البأس والندى
رأيت غياث الدين في البأس والندى / سَحاباً ربيعياً وبيضاً صَوارما
يفوق الجبال الراسيابِ رزانةً / ويفْضُلُ مَرَّ العاصفاتِ عَزائما
يُعيدُ الضُّحى ليلاً بنقْع مغاره / ويكشف ليل الخطب جذلان باسما
إذا ما رأى الأموال قومٌ غنيمةً / رأى الحمد والذكر الجميل الغنائما
يكونُ لفقر المُعْتفي والجحفل ال / عَدو إذا ما جاد أو شدَّ هازما
يُظَنُّ هزبرا في الحفيظةِ ضارياً / ويحسب من لطف السَّجايا مُنادما
ومن سرِّه أن يُهزم الجيش باسمه / وما مدَّ خطِّياً ولا سَلَّ صارما
إذا أمْكنتهُ قدرةٌ كفَّ فَتْكَهُ / كريمٌ حليمٌ يَسْتحبُّ المَراحما
يُطيعُ العُلى من كل سهلٍ وصعبةٍ / ويعْصي إلى إحْرازهنَّ اللَّوايما
فلا زال منصورَ السَّرايا مُظَفراً / مدى الدهر محفوظ الحشاشة سالما
ولو كان لي في ذبح نفسي قُربةٌ
ولو كان لي في ذبح نفسي قُربةٌ / إلى الله بادرتُ المصير إلى الذبْحِ
وفاءً بشكر الله عن حفظ سيد ال / سلاطين مجموع الفخارِ أبي الفتحِ
فتىً صحَّة الدنيا بصحةِ نفسهِ / وقولي هذا في الدلالةِ كالصبحِ
كريمُ السجايا يحسد الماء لطفه / بريءٌ من الكِبْرِ المُذمَّم والشحِّ
يباري بجدواه الفرات إذا جرى / وينهل من طعن الكماة شبا الرُّمحِ
إذا ما اسْتقاد العاديات إلى الوغى / تلْنَ بتصهالٍ له سورةَ الفتْحِ
فإنْ يكُ قُرْباني قليلاً فإنني / كثير الدُّعاءِ والمحبَّةِ والمدحِ
أسىً وسرورٌ ناصِرٌ ومُخذِّلُ
أسىً وسرورٌ ناصِرٌ ومُخذِّلُ / أتاحهما لي عنترٌ ومُهلهلُ
فماضٍ بكت عيني لفقد كمالهِ / وباقٍ لما فيه من المجد أجْذَلُ
سقى عنتراً والدمع لولا حرارةٌ / أحقُّ به هامٍ من المُزن مُسبل
سحوحٌ إذا ما جرَّ فضل ذيولهِ / أُذيب له وانْماع صخرٌ وجندلُ
قضى نحبهُ جمَّ الثَّناءِ كأنما / يشب على النادي بذكراه منْدلُ
فتىً لم يخُن عهداً ولا ملَّ صاحباً / ولا بات عن ودٍّ وإن غاب يزحلُ
ولا بخلتْ كفَّاهُ يوماً بنائلٍ / ولكن ملومٌ في النَّوال مُعَذَلُ
غزيرُ التقى لم يألُ في الله طاعةً / ولا لاقه في غير تقواهُ منزلُ
لِيبْك عليه معْركٌ وكتيبةٌ / ويندبْهُ نادٍ ذو سَراةٍ ومَحْفلُ
وجُرْدٌ تمطَّى في الشكيم كأنها / على القاع مُعْطٌ بالمناكب عُسَّلُ
رعاها رماح الحظ حتى أعادها / ومرتعها روض من العز مخضل
وضيف شتاءٍ بات في حُجُراته / يُطافُ عليه بالنَّعيم ويُكْفلُ
سرى بخفاف العيس عجلى فزادهُ / من الوضع على ظهر المطيَّةِ أعجلُ
وجارٌ تحامته العشائر فانْثنى / يحيدُ به عن واضح السمت أفْكلُ
حمتهُ فحالت دونهُ قسوريَّةٌ / من العزِّ لا تُعْلى ولا تُتوقَّلُ
ولو أنني أنصفتُ في حكم ودِّهِ / لَبِتُّ وكُلي من مراثيهِ مِقْولُ
بقيتَ غياث الدين ما أظلم الدُّجى
بقيتَ غياث الدين ما أظلم الدُّجى / وما حان من شمس النهار ذُرورُ
يلوذ بك المستعصمون وسائلوا ال / نَّوالِ فتُعطي واسِعاً وتُجيرُ
فكم مات في كفيك قرنٌ مُنازلٌ / وكم عاش منها بالعطاء فقيرُ
غزاتك يُعمي مقلة الشمس نقعها / ورمحكَ فيها بالنَّحورِ بَصِيرُ
لبيضك هاماتُ الغطاريف في الوغى / عَمودٌ وللزُرْق اللِّدانِ نُحورُ
حوى المجد حتى لم يدع منه شارداً / أبو الفتح طِفلاً والقميصُ بَقيرُ
أبيٌّ إذا ما سيمَ خسْفاً مُنكِّبٌ / ولكنهُ تحت اللواءِ صَبورُ
بودي لا أنْفكُّ تحت عجاجهِ / وطرفيَ من كُحْل العجاج فخورُ
ولكنني في القرب والبعد مخلصٌ / ولي على مرِّ الزمان شكورُ
ناصر الدين والسَّحاب إذا غا
ناصر الدين والسَّحاب إذا غا / با تنادى الأحياءُ بالإمْحالِ
غير أنَّ السَّحابُ يمطرُ أحْيا / ناً ومسعودُ مُستمرُّ النَّوالِ
إِذا شَرَّفَت قَدرَ الرِجالِ مَراتِب
إِذا شَرَّفَت قَدرَ الرِجالِ مَراتِب / فَقَدرُكَ من كل المَراتِب أَشرَفُ
فَكَيفَ يُهَنّى بِالَّذي هو دونهُ / مُنيف عَلى أَقصى ذرى المجد مشرف
وَأَينَ كسعد الدين في البَأس وَالنَدى / اذا جارَ إعدام وَأرهب موقف
أَشدُّ من الصُمِّ الجلامد قسوَةً / وَأَسهل من ماء السَحاب وَأَلطف
وَفي أمِّ راسي من هَواهُ بقيَّة / يقل الهوى العُذري عنها وَيضعف
ذريني وأهْوالي نَفِرُّ ونلْتقي
ذريني وأهْوالي نَفِرُّ ونلْتقي / سيهزمُها عني حُسامي ومنطقي
بدتْ غُلُباً شُوساً ففلَّ غُروبها / بصيرٌ برَد المُجْلِبِ المُتألِّقِ
ربيطُ العُلى لا قلبُهُ برَمِيَّةِ / لحُبِّ ولا في غير مجدٍ بموثَقِ
إذا عَدَّدَ القومُ المساعي سمت به / تميمٌ إلى فرْعِ العَلاءِ المُحلقِ
وقد علِمَ اللّهو البهيجُ بأنني / أكفكف عنه لحظ غضبانَ مُحنقِ
وأنَّ نِدامَ اللهو يُمهي حفيظتي / وإنْ مُزجتْ ألفاظُه بالتَّملُّقِ
وأنَّ صباباتي بأجْرَدَ سابحٍ / وأسْمَرَ خطيٍّ وعضْبٍ مُذَلَّقِ
هجرتُ الهوى والعمر غضٌّ نباته / فكيف وقد لاحَ المشيبُ بمفرقي
ورُبَّ لُهامِ الجيش جَمٍّ بُنوده / وشيكِ نفاذٍ الأمر من ألاِ سلجق
تُحجِّبهُ عند المقام سُتورُهُ / وفي الحرب أستار العجاجِ المروَّقِ
مهيبُ الرُّؤا معدودةٌ لَفْظاتُه / يحاذرهُ الموت الزؤامُ ويتَّقي
ولَجْتُ عليه والمُلوكُ بنجْوةٍ / يُذادون عن صعب المراتج مُغْلق
فباذلْته والعرضُ صافٍ أديمهُ / من الجِدِّ لم يُنغل ولم يُتخرَّق
وعنْسٍ كأعواد القِداح زجرتُها / على لاحبٍ من نازح الغور سمْلق
وردتُ بها أعقابَ ماءٍ كأنه / من الأجْن أغبار السَّليط المُعتَّقِ
وقافيةٍ سيَّارةٍ عَطَّ وَخْدُها / بُرود المَلا ما بين غربٍ ومشرقِ
تطيبُ لسمعِ الأعْجميِّ كطيبها / لسمع الفصيح من بهاءٍ ورونقِ
أكرِّمها عن وصف غِيدٍ أوانسٍ / وأكْبرُها عن ذكر جِزْعٍ وأبرق
بها أفصحت صُيَّابة الحي واغْتدى / جبانُهُم عين الكميِّ المحقِّقِ
إذا رامَ فَدْمُ الناقلينَ معَابها / رمت عِرضه الرث السحيق بمرشقِ
وتأبى جوابَ الخاملينَ وإنما / أشاع جريراً سوءُ رأي الفرزدقِ
تخيَّرتُ منها مذ كنت لبُابها / لأبلج في عُليا قريشٍ مُعَرِّقِ
لجمِّ القِرى لا يخمد القُرُّ نارهُ / إذا النارُ للسَّارينَ لم تتأَلَّقِ
سريع افتراع المجد لا يستكفه / تعسف مرمى أو تعور مزلق
يلوذُ العُفاةُ المُسْنِتونَ بجودهِ / مَلاذهُمُ بالوابلِ المُتَبَعِّقِ
يشيمونَ بَرْقاً من أسرَّةِ وجهه / كفيلاً بسحِّ النائلِ المُتدفِّقِ
يطيفون منه في الشِّداد بمنزلٍ / رحيبٍ وعُذْرٍ في المكارم ضَيِّقِ
به في مساعيه حِرانٌ عن الدَّنا / وعند اكتساب الحمد شدَّةُ مُعنقِ
كثيرُ سهادِ الليل يجْلو رويُّهُ / عن العين أقْذاء النُّعاس المرَنِّقِ
إذا رقد النكس الدّثور عن العُلى / تجافى ضلوعاً عن حشيٍّ ونُمْرُقِ
يُهابُ نداهُ مثلما هِيَبَ بأسُهُ / إذِ المُغْرق الجيَّاش مثل المُحرقِ
صبيحُ الرُّؤا عذب المكاسر باسمٌ / له نفس نهَّاسٍ وعِطْفُ معشَّقِ
جرى ابن طِرادٍ والرجال بنو العلي / كما ابتُدِرتْ غايات سبقٍ لسُبَّقِ
ففاتهم فوتَ الزعازعِ أعصفَتْ / هُبوباً وقالت للطَّلوبِ ألا الحقِ
قشيبُ رداءِ العرض لكنَّ مالهُ / يُمزقُه العافونَ كل مُمزَّقِ
فشمل العلى منْ سعيه في تجمُّعٍ / وشمل اللُّهى من بذلهِ في تفرُّقِ
ونِعْمَ الفتى يثْني إليه بنو السُّرى / رقاب المَطايا من جمالٍ وأيْنُقِ
تماطلُ بالرِّيِّ الأوامَ لقصْدهِ / وقد خرَّقت في بُرد ماءٍ مُشبرقِ
لتبلُغ جيَّاش المراجلِ بالدجى ال / بهيمِ ضَروباً بالصَّباح المُشْرقِ
فتىً هو فردٌ في المعالي مُوَحَدٌ / ولكنُه من باسهِ ألْفُ فيلقِ
ودُهْمٍ كأمثالِ الدَّآدي حَوالكٍ / جوالبَ من هَمِّ الرجال المُؤرقِ
تزلُّ بذي الطَّيْش المُغرر نعْلهُ / لديها ويحظى الرأيُ بالمُترفِّقِ
لها ولفكر اللَّوذعيِّ مع الدُّجى / طِراد جيوش الفرس وابن محرِّقِ
يُظاهرها جيشٌ كأنَّ غبارهُ / على اللُّوح أهداب الغمام المُعلَّقِ
شديدُ ارْتصافِ الدارعين كأنه / بنا قِرمدٍ أو رعْنُ سامٍ مُحَلقِ
تُسابق عِقْبانُ المَوامي جِيادَهُ / إلى معركٍ للحوَّم الفُتحِ مَرْزقِ
يضاحك شمس الصبح منه ببيضهِ / وزهر الليالي من شَبا كل أزرقِ
أتت قُبْله من تحت خزرٍ عوابسٍ / فلم تَرَ إلا أوْلقاً فوق أوْلَقِ
وعجَّ فضلَّت ترجف الأرض تحته / كما مادَ خلْوٌ من سفينٍ بمغْرقِ
أضاء له وجه الوزير فأسْفرتٍ / وقد برمَتْ نفسُ الجزوع بحولقِ
من الضَّاربين الهام والباذلي القِرى / بغدْرة جبَّارٍ وفاقةِ دردقِ
يُجيشونَ نيرانَ اليَفاع لطارقٍ / بمُحمرِّ عيدانِ الوشيج المُدقِّقِ
إذا ذكروا خِلت الحديث صبا دُجىً / تحمَّل نشْراً من رياضٍ لمنَشْقِ
ليهْنك عيدٌ أنت عيدٌ لأهلهِ / سرورٌ لمهمومٍ ووُجْدٌ لمُمْلقِ
ولا زلت تبقى للمكارم والعُلى / فأنت الذي يبقى الفخارُ إذا بَقِي
تعطَّل جيدي من حُلى كل مِنَّةٍ / وراحَ بما أوليْت أيُّ مُطَوَّقِ
إذا ما رواقُ الحرب أظْلم نقْعُه
إذا ما رواقُ الحرب أظْلم نقْعُه / جلاهُ حسام الدولتين ابنُ صندقِ
فتىً تكره الأغماد بيضُ سيوفهِ / فيُغمدُها بالضرب في كل مفرقِ
يفوق سحوحَ الغيث جوداً ومِنحةً / ويفْضُل بشْرَ البارق المُتألِّقِ
هُمامٌ لبيق العطف يُغني طِعانهُ / إذا طالَ أعْطاف الوشيج المُدقَّقِ
تُلاقيهِ ذا قلبٍ جريءٍ وساعِدِ / وعزمٍ إلى نيل الأماني ومنْطقِ
يروحُ بذل المال أيَّ مُسامحٍ / ويغْدُو بيوم الروع أيَّ مُحقِّقِ
وجيشٍ كتيَّارِ الفراتِ مُزمجرٍ / تضايق عنه كل مَرْتٍ وسمْلَقِ
كانَّ السَّعالي ترْتمي بمواردٍ / كماةُ وغاهُ في كواهلِ سُبَّقِ
شددْتَ عليهم شَدَّةً بَكَجِيَّةً / فغادرتهمْ ما بين ثاوٍ وموثَقَِ
بكرْ سنُقرٍ يستفتح النجح للمنى / ويُضْحي رتيجُ المُبْتغى غير مغلقِ
يُناط نجادُ السيف منه بصارمٍ / جريءٍ وإنْ كاستْ خطوب بأورقِ
يضُمُّ إلى تُركيَّةٍ عربيَّةً / فيحوي المعالي في قميصٍ ويلْمَقِ
لئنْ ضاق حقي عند عوف بن خندف
لئنْ ضاق حقي عند عوف بن خندف / فعند ابن نوشروان غيرُ مُضاعِ
ثنوا أملاً عني وقلبي صابرٌ / على الضَّيْم ذو وجدٍ بهم ونِزاعِ
فإنْ شاعَ بخسٌ في القبائل منهمُ / فعَتْبي لذاكَ البخْس غيرُ مُشاعِ
وليس يراني الحزْمُ جادعَ أنفه / على عرضٍ من ذاهبٍ ومَتاعِ
ولي من جلال الدين نُعمى وعزةٌ / تواتُرُ إحسانٍ وجَذْبةُ باعِ
جميعٌ عن العار المُدنَّس عِرضه / وأموالهُ بالجودِ أيُّ شَعاعِ
يجيبُ نداه قبل أنْ تستغيثه / وخيرُ النّدى ما لم يكن بِدَواعِ
فتىً أحرز العلياء وهو شواردٌ / نوارٌ بِنَجْرٍ فاخِرٍ ومساعِ
يُضيءُ ابْتهاجاً بالعُفاةِ كأنما / مُحيَّاهُ في الجدوى ظهيرةُ قاعِ
يُرى عن جليل الجرم بالحلم معرضاً / وعند دقيقِ القول أحسنَ واعِ
بِطاءٌ سجاياه عن الشرِّ والأذى / جَلالاً وفي المعروفِ أيُّ سِراعِ
حوى من أبيه لُطفهُ غير أنه / أخو مُنَّةٍ لا يُتَّقى بِمصاعِ
فأصبح مرهوباً مُرَجىً إلى العُلى / بيومِ نوالٍ أو بيومِ قِراعِ
سل الحي عني هل أناخت خسيفةٌ
سل الحي عني هل أناخت خسيفةٌ / بربعي وهل ذاد الرَّجاءُ إبائي
وهل رمت موفور المنى من ضراعةٍ / فيجْبُنَ عزمي أو يَكلَّ مَضائي
أبتْ مُرهفاتٌ كالمنايا طَريرةٌ / وجُرْدٌ كسيلِ الطَّوْد غيرُ بطاءِ
وغِيرانُ غزوٍ من تميمٍ بن خندف / يروْنَ نجاءَ الذُلِّ غيرَ نجاءِ
هُمُ منعوا يوم الكُلاب ذمارهُمْ / بضربٍ كحرِّ النَّار غيرِ رُخاءِ
وفادوا رسول اللهِ أسرى حبيسةً / وما كان يُرجى أخْذهم بفِداء
مصاعب مُلْكٍ لم تُقَدْ لِمُفاخرٍ / وأسْدُ غِوارٍ لم تُرَعْ بلقاءِ
ترى الجار فينا غير شاكي خصاصةٍ / إذا ضاقَ ذرعُ الحي بالنُّزلاءِ
كأنَّ القُروم الهادراتِ عشيَّةً / مراجلُنا في أزمْةٍ وشِتاءِ
سعيت فلم أترك حديثاً وإنْ أعِشْ / نسخْتُ بفخري مفْخرَ القُدماءِ
إذا لم أروِّ البيض من قمم العدى / فكُفَّ بناني أن يلوثَ ردائي
بنفسي من جور الحوادث وعْكةٌ / وعند قِراعِ الدارعين شِفائي
عدمتُ فؤاداً حالياً من عزيمةٍ / وطرْفاً يعيرُ اللَّحظ غير عَلاءِ
وباهر فضلٍ لا يُظاهرُ مجْدهُ / شَبا مُرْهفٍ لا نزْقةُ الأدباءِ
ومن لي بيومٍ ينغض الشَّعر عطفه / بصوني له عن مِنْحةٍ وعطاءِ
تكونُ نفوس الدَّارعينَ رغائبي / وطائحُ هام الناكثين حِبائي
ألفتُ همومي إلف زادي فحرَّمت / عليَّ سُرورَ الشُّرْبِ والندماءِ
فما أوجدتني الخمرُ غير تخمُّطٍ / ولا هازلُ الأقْوالِ غيرَ إباءِ
يملُّ خليلي طولِ جِدي تبرُّماً / ويكرهني من مِرَّتي خُلَصائي
وما ذاك أني عفت طيب فُكاهةٍ / ولكن قلباً غَصَّ بالبُرحاءِ
أما في ملوك الخافقين ابنُ همَّةٍ / يكفُّ بميسورِ الكفاف عَنائي
يصون نداهُ ماء وجهٍ أراقَهُ / طِلابيَ للجدوى من البُخلاءِ
وهيهات ذَلَّ الآلُ أن ينقع الصدى / وإنْ خالَهُ الظَّمآنُ مورَد ماءِ
يقولون مُغرىً بالفخار وليتهُ / يُقاسمنا الأشعار قَسْمَ سواءِ
وإني ومدحَ القوم أفخرُ عندهُ / رذيَّةُ سيرٍ نُشِّطتْ بحُداءِ
إليكمْ فإني سيدُ القوم ما جَرى / لساني وهذا سيدُ الوزراءِ
إذا ما بنى مجداً وقلتُ قصيدةً / علوْنا على الساداتِ والفُصحاءِ
وأيُّ عُلاً لم أستفد بابن خالدٍ / سَنِيَّ نوالٍ أو كريمَ سَناءِ
فَرَعْت بنُعماهُ رفيعَ محلَّةٍ / عَلَوتُ بها عن موقفِ الشُّعراءِ
ونازلتُ صرف الدهر حتى طردته / أمامي وقد كانَ المُغير ورائي
يعافُ ورود الماء شيبَ بذلَّةٍ / ويكره بذل الغَمْرِ بالخُيلاءِ
فلا مالَ إلا مُستفادٌ بعزَّةٍ / ولا بذْلَ إلا جالبٌ لثناءِ
وقورٌ يشدُّ الخطب حبوةَ حلْمه / إذا روْعةٌ حلَّتْ حُبى الحُكماءِ
بنانٌ ووجهٌ حين يُسألُ حاجَةً / نضوحانِ ماءً من حَياً وحَياءِ
ومحضُ ودادٍ لا يُكدِّرُ صفْوه / طُروقُ ملالٍ أو حدوثُ جَفاءِ
لك الصائب النفَّاذُ في كل مأزقٍ / نفاذَ نِصال النَّبل يومَ رماءِ
وصولٌ فلا اللَبس الخفيُّ بحاجز / لديه ولا نائي الديارِ بناءِ
ومُضْطمر الجنبَيْنِ يخطرُ مائساً / على لاحِبٍ من طِرْسهِ وقَواءِ
يُريكَ على الأطراسِ كل بليغةٍ / تذوبُ عليها أنْفُس العُلماءِ
وهبت وقارعْتَ الأعادي ولم تَذر / فخاراً لبيضِ الهندِ والكُرماءِ
وأعرضت عما بات يعْرض نفسهُ / من الأمرِ إعْراضاً بغيرِ رياءِ
فعاماً تُداري بانْزواءٍ وعِفَّةٍ / وعاماً بشُغلٍ خاملٍ وتَناءِ
فلما أبى الرحمنُ إلا التي بها / حياةُ بني الآمالِ والفُقراءِ
أجبْتَ مُغيثاً للنَّداء ولم تكُنْ / تُجيبُ لها من قَبْلُ صوت نداءِ
تقمصتها فضفاضةَ البُرْدِ حُرَّةً / مُكرَّمةً عن مِشيةٍ بِضَراءِ
عفا ضارجٌ من آل ليلى فعاقلُ
عفا ضارجٌ من آل ليلى فعاقلُ / وخفَّت بأعباء القطين الرَّواحلُ
ونيطَ رقيمٌ فوق زُهْرٍ كأنها / نوارُ نَعامٍ أنكر الإنْسِ جافِلُ
وعاود قلبي راجعٌ من صَبابةٍ / فلا اللومُ يلهيه ولا العذلُ شاغلُ
وهيَّج وجدي والدُّجى مرجحنةٌ / حمامٌ بأغصانِ الأراكَة هادلُ
سجعن وقلتُ الشعر لكن أدمُعي / سوافحُ من حرِّ الفراقِ سوابلُ
عداكُنَّ رامي الصبح إنَّ صبابتي / تقاصرُ عنها الفاقداتُ الثَّواكلُ
كأني غداةَ البين ذو خيْبريَّةٍ / تُرنحهُ تحت المُروط الأفاكلُ
أقولُ لصبري يوم جَرْعاءِ مالكٍ / وقد أسلمتهُ للغرامِ الخواذلُ
أظَعْناً عن الحي الجميعِ وتاركي / وهل ينفعُ المحزونَ صبرٌ مُزايلُ
إذا اضمر الركب الدجى أظهرتهم / شموس ضُحىً أفلاكهن المحاملُ
وإن سلكوا بين النكاس فوجْرةٍ / تشابه حالٍ بالصَّريمِ وعاطلُ
عجبت لهم روْدُ الخمائل منزلاً / ونورُ الثَّنايا والعيونُ خمائلُ
وإعناقُهُم إثْرَ القنيص وعندهُمْ / خواذلُ منْ غِزلانهمٍ ومَطافلُ
وما زلْت أبْكي والمَطيُّ دوالجٌ / بمخترق الدهناءِ والصبحُ دائلُ
بدمعٍ إذا ما كفكف الحِلمث غرْبه / مَراهُ الأسى واستحدرتهُ البلابلُ
إلى أن تواروا بالكثيب وخفَّض ال / حداةُ وحال المُنحنى والجَلاجلُ
وفي الظعن فتَّاكُ اللحاظ إذا رنا / فسيَّانِ عندي لحظُهُ والمَعابلُ
يُظاهر سحر العين خمرُ رُضابه / كأنَّ مُحيَّاهُ على الغَوْرِ بابلُ
من البيضِ أما ودّهُ فهو قاطِعٌ / صَرومٌ وأما وعْده فهو ماطِلُ
تعلَّقْته والحلم من مرحِ الصِّبا / سفاهٌ وحقي في البطالةِ باطلُ
وما زلت أعصي في هواهُ عواذلي / إلى أنْ تجافى مسمعيَّ العواذلُ
وكم زارني سَلْمَ اللقاءِ وأنهُ / من الحُسن شاكٍ في السلاح مقاتلُ
إذا ما تثنىَّ قدُّه فهو رامحٌ / وأنْ كَرَّ من ألحاظِه فهو نابلُ
وعهدي بنا والنَّازحُ الدارَ رابعٌ / مُقيمٌ بها والقاطعُ الحبْلَ واصلُ
لياليَ ألْحاظُ الوشاةِ رواقِدٌ / لنا وقولبُ الحادثاتِ غوافِلُِ
فيا ليتَ شعري والأمانيُّ ضِلَّةٌ / من النفس والأيامُ مُعْطٍ وباخِلُ
هل الدار تدنو بالأحبَّةِ بعدما / تفرَّق مجموعٌ وأقفر آهِلُ
عدمتُ اصطباري والنوى مطمئنةٌ / فكيف أُطيق الصبر والحيُّ راحلُ
فإن كنت مضعوف البسالة في الهوى / فإني إذا ما صرَّح الروْعُ باسلُ
أنا ابن النواصي من تميم بن خندف / بحيث التقت علياؤُها والفواضلُ
يَفُونَ وأقوالُ الليالي غَوادِرٌ / ويعْدونَ والأيامُ شُوسٌ خواذلُ
ويحتملونَ الغُرْمَ لو نهضتْ به / جبالُِ شروري ضعضعتها المحاملُ
إذا عرسوا بالفدفد الخرق اغزرت / بمعرفهم غُدرانهُ والمناهِلُ
تَراعفُ بالقاني صدورُ رماحهمْ / وتفْهَقُ بالنيِّ الغَريضِ المراجلُ
يلوثون بالصِّيد الرزان إذا انْتدوا / مطارفَ وشْيٍ زيَّنتها السَّرابلُ
قَروا في حياض المجد عِدَّ مكارمٍ / فأصبحت الآمالُ وهي نواهلُ
وألقوا بجعجاع المُناخ رحالهُمْ / فما الموت مرهوبٌ ولا البأس صائلُ
شَفَعْتُ قديمي بالحديث وإنني / بإدراك ما نال الأوائلُ كافِلُ
وللصبح عندي بردةٌ من عَجاجةٍ / زجاجِ العَوالي طَرْزها والمناصل
جيادٌ كعقبان الشُّريف مُغيرَةٌ / ولُدْنٌ كأشُطانِ البِئارِ عواسلُ
وباس حسام الدين إذْ حدُّ بأسه / جريءٌ إذا تنْبو الصَّوارمُ قاصلُ
مُروِّي القنا واليوم تَظْمى كمانه / وهامي النَّدى والعامُ أشهبُ ماحلُ
ودافع ضيْم الخطب عن نفس جاره / وشيكاً إذا ما أسلمتْهُ القبائلُ
تُعَلَّق اشناقُ الدِّياتِ بجودهِ / إذا رهبتْ حمل الدِّياتِ العواقلُ
ضَروبٌ إذا ما لفَّه رهَجُ الوغى / وَهُوبٌ إذا التفَّت عليه الوسائلُ
يكاد يصيب الشيء من قبل كونهِ / ويخبرُ عن علمٍ بما الغيبُ فاعلُ
يحاذر فهم اللَّوذعيِّ انتقادهُ / وترهَبهُ عند المقالِ المَقاولُ
وسهمٌ إذا ما صاحب العزم نافذٌ / ورضوى إذا ما ساورتهُ الزلازلُ
فتىً لا يُبالي من يُبيدُ بفتْكهِ / ولكنه بالعدلِ في الفتْك عاملُ
ولا يستحضُّ العدل وقت سُروره / ولكنه عند الحفيظة عادلُ
ولا يركب البغْي الشَّنيع اقْتداره / ولكنه تَخْزى لديه النَّوازلُ
ولا يستلينُ الدهر معْجَم عودهِ / ولكنه عافٍ عن الجُرْمِ حاملُ
هنيُّ القِرى لا يشتكي بطؤُ زاده / إذا أخْلفت درَّ العِصابِ الحوافلُ
وغُريٍ بإدمانِ السِّفارِ تقاذفت / بهم هِممٌ وخَّادةٌ ومراسلُ
دجا صُبحهم من حظهم فرأوا به / تجاذُبهم آمالُهم وتناقُل
جدايل من عرقِ الطَّوى وكأنهم / ليقظتهم فوق الركابِ الأجادلُ
أنافوا على عِشْرِ المطي وشاكَهوا / الضباب وللشعرى العبور مشاعلُ
وأدموا خفاف العيس حتى تناهبت / مناسمها تثرْبُ الفَلا الجَراولُ
إذا اخْروَّطَ السَّيرَ العنيف برحلةٍ / هوى ابن لبونٍ واقتضى الحتف بازلُ
أناخوا بإقْبالٍ فَجادَ أكفُّهمْ / نوالٌ إذا ما أمسك الغيثُ هاطِلُ
ولست براضٍ أنْ أخُصَّ فخاره / بيوم رماحٍ ما المساعي قلائلُ
وكم يوم روْعٍ زاخر ذي غوارب / له الموتُ لُجٌّ والمخافةُ ساحلُ
طما بالقَنا العسَّا يتلو طِعانهُ / على سغبٍ مُعْطُ الذئاب العواسلُ
كأنَّ جيادَ الخيلِ في حَجَراتهِ / كواسرُ نيقٍ هيَّجتْها المَآكلُ
إذا اثعنجرتْ فيها الدماء حسبتها / دوارجَ سيلٍ أسلمتها المَسايلُ
وإنْ نكحتْ فيها الأسنة لَبَّةً / جَلا نقْعها والمُبْعلاتُ أرامِلُ
شددتَ ففرقت العديد بحملةٍ / تَخفُّ وأنت الحازمُ المُتثاقلُ
خليليَّ من عُلْيا تميم بن خِندفٍ
خليليَّ من عُلْيا تميم بن خِندفٍ / نداء ولوعٍ بالمآثرِ وامِقِ
مقالي مقالي آذنا ما استطعتُما / له فهون معْيارُ النُّهى والخلائقُ
ورووا سميعاً لوذعيّاً فإنني / بأكثر أفْهام الورى غيرُ واثقِ
فما كل مُصغٍ للحديثِ بسامعٍ / ولا كل من أجرى لساناً بناطقِ
وقد عزَّ فهمٌ مثلما عزَّ نائلٌ / وأنجم مأثورُ النَّدى والحقائقِ
فلولا غياث الدين لم يُصغ سامعٌ / إلى ناصعٍ من سر فضلٍ ورائقِ
فأوجف قولي إذ ظفرت بماجدٍ / إلى الحمد إيجاف الجيادِ السوابقِ
وأهديتها غُراً فِصاحاً كأنها / قلائدُ دُرٍّ في نُحورِ عَواتقِ
لأبلجَ أما جُودهُ فلِسائلٍ / فقيرٍ وأما بأسهُ فَلِمارقِ
رزينُ حصاةِ الحلْم لا يستخفُّه / من الدهر إجلاب الخطوب الطوارقِ
إذا هبَّتِ الأحداثُ حوله زعزعاً / حسبت نسيم الجو مَرَّ بشاهق
على أنه في عزمه واقتحامهِ / سبَوقٌ لأطرافِ السهام الرواشق
يهونُ له الصعبُ الشديدُ إذا غزا / وتطوى له البيداءُ طيَّ المهارقِ
ومن سرهِ أنَّ التنكُّرَ قاتلٌ / أعاديه من غير حربٍ ومأزقِ
وما مغرمٌ صَبُّ الفؤاد وشتْ به / مدامعهُ إِثر الخليطِ المُفارقِ
من القوم عُذريُّ الهوى غير محدث / سلواً إذا السُّلْوانُ طابَ لعاشقٍ
تصرَّم عنه وصلُ عشرين حجَّةً / بيومٍ من الهجران جَمَِّ البوارقِ
يودُّ اتباعُ الضَّعن في مطمئنَّةٍ / ليوسعَ من يهواهُ لحظ المُسارقِ
تذكَّر نُوَّاراً من الثغْرِ ضاحكاً / ونشْراً عِطارياً كروضِ المَبارق
لهيفاءَ مِقْلاقِ الوشاحِ قَوامُها / لعوبٌ كمتن الصَّعدةِ المُتناسقِ
تعلَّقها والقلبُ لا يعرف الأسى / لا أعْتاقهُ صرفُ الليالي بعائقِ
وباتَ يُرجِّي بعدما شطَّتِ النوى / زيارةَ طيْفٍ بالتَّحيةِ طارقِ
بأوْجدَ منه بالعُلى غير أنهُ / إذا فارقت محبوبةٌ لم يُفارقِ
إذا ما جرى نشر الخُزامى عشيةً / تهاداهُ أرواح الصَّبا للمناشقِ
بهضبة حزنٍ أو بوعساء حُرَةٍ / سحيقة مجرى الريح ذاتِ نقانق
بعامٍ رطيب الجو أغنتْ رياضُه / بجوز الفلا عن مونقاتِ الحدائقِ
أُتيح له جُنحِ الدجى عدنيَّةٌ / حوت كل طَبٍّ بالمكاسب حاذق
أناخوا ففضُّوا مُرتجاتٍ تضايقت / بأشهبَ خوَّار المعاجم لاصقِ
فعِرض غياث الدين أذكى تأرُّجاً / وأحمدُ سمعاً عند مُصْغِ وناشق
هو السابق البذَّاذ في حلبةِ العُلى / إلى غايةٍ طَلابُها غير لاحقِ
ومُستنبحٍ جاشتْ غواربُ ليله / بارزامٍ هطَّالٍ وإجْلابِ صاعقِ
تدافعَ يُخْفيهِ الظَّلامُ كأنهُ / سريرةُ حزمٍ حاذرت سمع مائق
تخطى سحيقاً نازح الغور هادماً / بطولِ مداهُ أسْنِماتِ الأيانقِ
نضا حرفهُ الادلاجُ حتى كأنها / من الضَّمر في طرس الفلا نون ماشق
هداه ندى السلطان في غسق الدجى / إلى قصْده من بعد جور السمالقِ
هنيٌّ القِرى لا تُستراثُ طهاتُه / إذا أخمدَ الشفانُ نار الشواهقِ
ويا رُبَّ حيٍّ ناعمينَ بنجْوةٍ / عن الشر في صفو من العيش رائق
لَقاحِ فلا سيفُ الخطوب بصارمٍ / جَريٍّ ولا سهمُ الرزايا براشقِ
أحلَّهمُ منك الرضا في رفاغةٍ / وعزٍّ قُناني المحَلَّةِ سامقِ
رعوا خصبهم حتى عصوك فبُدِّلوا / بأغْبَر مرهوبِ المُعَّرس عارقِ
فذلُّوا بجيشِ ذي زُهاءٍ كأنهُ / غواربُ موجِ الخِضرم المُتصافق
يقودونَ جُرْداً مضمراتٍ كأنها / كواسرُ عِقْبانِ الطِّوال الشواهق
صوادف عن ماء النَّهاء نواظراً / إلى الماء ما بين الطُّلى والبنائق
إذا استمطرت فرسانها صدقتْ لها / بوارقهم إِبَّانَ خُلْفِ البوارق
كأن فؤاد الصبح أَضْمرَ ليلةً / علت من عجاجِ المازق المُتضايقِ
تطاولَ فيه قبل حربِ كُمانِه / قِراعُ القَنا والمرهفات الدوالق
وعمَّ فلولا مَنْسرٌ بعد منْسرٍ / لضاقت رحابٌ من مَلاً وطرائقِ
فرشْتهمُ مُستهزمين كأنهمْ / طرائدُ صيد الجحفل المُتساوقِ
سجيَّةُ آباءٍ تجاروا إلى العُلى / بعزمهمُ جرْي المُجِدِّ المُسابقِ
بهاليلُ لا يُثْرون إلا لمنحةٍ / ولا يوردون البأس غير المُشاققِ
إذا مونعوا حقاً حووهُ تَغشْمُراً / من الدهر بالأيدي الطوال اللواحق
يجِلُّون عن طعن النحور إذا غزوا / فطعنهمُ يوم الوغى في الحمالق
دلفْتَ بجيشٍ ذي زُهاءٍ كأنه
دلفْتَ بجيشٍ ذي زُهاءٍ كأنه / غوارب يَمٍّ أو هضابُ نَقاً عُفْر
تضيق المُروتُ الفِيح عند نزوله / ويدجو إذا ما سار من نقعه الظُهر
فأغنتكَ عنه نيَّةٌ وطويةٌ / ببعضهما يُستنزل الفتحُ والنَّصرُ
وكنت إذا جاولت غزو قبيلةٍ / هزمت ولا بيضٌ هُززنَ ولا سمر
يُحاذَرُ منك البشرُ واليوم كالحٌ / ويرهب منك الصبر إذ نفذ الصبرُ
غياثٌ لدينِ اللهِ حامي عبادهِ / وغيثٌ لأرضِ الله إذ حبُس القطر
أغرَّ كأن الشمس منْ قسماتِه / خلائقهُ في كل مكْرُمةٍ زُهْرُ
فتى الخيل تجري بالكُماةِ كأنها / عواسلُ معطٌ مَدَّ أنفاسها القفرُ
إذا ما طوتْ ماء النِّهاءِ تخمُّطاً / فموردها ما أنبعَ الهامُ والنَّحرُ
يُغيرُ بها المنعوتُ في كل معْركٍ / إذا ما استقى العَسالُ واستطعم النسر
أبو الفتح ضرَّاب الجماجم بالضُحى / ومولي الندى إذ صرح الأزمُ الغبر
على عطفه من مجدهِ أريحيَّةٌ / به نشوةٌ منها وما دارتِ الخمرُ
تكرَّمَ منها أن يُرى غير راحِمٍ / عطوفٍ فلا ظلمٌ لديه ولا كِبْرُ
فدامَ مُطاع الأمر يُرجى ويتَّقى / لأعْدائه منه الإِبادةُ والقهرُ
مريرُ القوى لا ينقضُ الدهر حزمه / ولكنه يجري بمأثورهِ الدهْرُ
أظنُّ القوافي ساورتها صبابةٌ
أظنُّ القوافي ساورتها صبابةٌ / بمجدك والشوقُ المُبرِّحُ نازعُ
فلان لي الصعب الشديد وأصحب ال / حَرونُ وواتاني العصيُّ الممجانع
فأصبحت اِما قلت فيك فصيحةً / جلتْها بأفواهِ الرواةِ المجامعُ
فوجهك وضاحٌ وكفُّك هاطلٌ / وبأسك مرهوبٌ وصدرك واسعُ
حويت حلال المجد طراً فلم تدع / مساعيك اِلا ما اقتْفاه المُتابعُ
تهاب سُطاكَ المشرفيَّةُ والقَنا / وتحسدُ كفيَّك الغيوثُ الهوامعُ
صدوقُ الحَيا للشائمين ومُغدقٌ / إذا كذب الشَّيْم البروقُ اللوامع
وكم خلَّةٍ من بائس ذي خصاصةٍ / سددتَ وقد أكْدتْ عليه المطامعُ
ولهفانَ مكروب الفؤاد أجَرتْهُ / بنصرٍ وقد سُدَّتْ عليه المطالعُ
وجرمٍ جليل قد غفرتَ خطيرَهُ / وقد ضاق حلمٌ واستُريبتْ مفازع
فأنت لطول العمرأهلٌ وللعُلى / وللمجد ما حلَّ الأراكَةَ ساجعُ
يجلُّ غياث الدين عن وصف مادحِ / فكل مديح دون عَلياهُ واقِعُ
فتى كالحسام العضب أما فِرنْدهُ / فصافٍ وأما حدُّه فهو قاطِعُ
سليم نواحي الصدر من صور الأذى / يرى شرَّ عارٍ ما حوتهُ الخدائعُ
نقيٌّ إذا غشَّ الولاةُ رعيَّةً / عطوفٌ اذا يقسو القدير مُطاوعُ
يجاذبهُ الطفلُ الوليدُ بسلمهِ / ويفرق منه الجيش وهو مُماصِعُ
وخيلٍ كسيدانِ الموامي يحثُّها / إِلى الطعن غُرَّان الوجوه الموانعُ
تغادر نجد الأرض غوراً ويجعل ال / هواءَ خَباراً وطْؤها المُتتابعُ
كأن نِهاءَ القاعِ بعد ورودها / أخاديدُ كثبانِ الصَّريمِ اللَّوامع
اذا احتبست خلت الرياح جرت ضحى / على قصب الآجامِ وهي زعازعُ
عليها الكماة الحُمس صيداً كأنهم / مصاعبُ نيبٍ تطبَّيها المقارعُ
اذا بسموا للحرب من طربٍ بها / أعادوا رماحَ الخطِّ وهي دوامعُ
يُجيفون ضغناً لو يمرُّ برهْمةٍ / لساورها من قيظ سيرافَ سافِعُ
تقنَّصها السلطانُ منه بحملةٍ / أعادت مجال القوم وهو مَصارعُ
تقنَّصها الحامي حقيقة صحْبهِ / اذا صافحت بركَ الرجال البراقِع
فأوسع ضرباً وانثنى بعد نصرهِ / وهوباً لديه رِقَّةٌ وتواضُعُ
فنعمَ ملاذُ الحيِّ والمحْل عارق / ونِعمَ ملاذُ الحيِّ والشرُّ رائعُ
أبا الفتح دُمْ للمجد ما ذرَّ شارق / وما غرَّدتْ فوق الأراكِ السواجع
وما اتخذت غُبرَ الأداحيّ بالنَّقا / نعامُ المّلا فيها طليقٌ وراتِعُ
دُعاء وليٍّ خالص الود مخلصٍ / اذا نمَّقَ الودَّ الكذوبُ المخادِع
طوت ما طوت في سهل أرض ووعرها
طوت ما طوت في سهل أرض ووعرها / وجاءَتْ تسامى كاذئايب العواسلِ
مخافةَ عُذرٍ أو بدارٍ بذلَّةٍ / يطارد حقاً مستقيماً بباطِلِ
إِلى حرمٍ جمِّ المناقب لم يزلْ / مدى الدهر مشحوناً بحزمٍ ونائلِ
يحلُّ به طلقُ الجبين يسرُّه / شتاتُ اللُّهى عند التفاف الوسائل
أبو الفتح مُعْلي النار في غسق الدجى / وضرَّابُ هام الصِّيد تحت القساطل
حماهُ ونُعماهُ اُتحيا فأوسعا / لثروة سُؤَّال ونصرةِ نازلِ
فوالى له من غير ما مثنويَّةٍ / خميسٌ كرمْلِ الأنعُم المُتهايلِ
صبيحٌ ينوضُ البشرُ في قسماته / كما ناضَ عُلْويُّ الغيومِ الحوافلِ
بحيث الوجوه الغر شوسٌ كوالحٌ / عوابس من وقع الخطوب النوازل
يناطُ نجادا سيفه بممجَّدٍ / منيعِ الحمى زيْن الوغى والمحافل
لَبيقِ الغنى والعز غير مُصاحبٍ / لبغْيٍ ولاكَزِّ الأنامِلِ باخِلِ
وشيكُ القِرى لا تستراثُ وعوده / ولا يُمْترى معروفُه بالمسائل
كأن نسيم الجاشِريَّةِ ذكرهُ / إذا مرّ غِبَّ القطرِ فوق الخمائل
لطافةُ حلمٍ دونها ماءُ مُزْنةٍ / وبطشٌ كأطراف القنا والمناصِلِ
وركبٍ كأمثالِ القِداح تعاقروا / كؤوس السرى والليلُ مُرخى الذلاذل
خفافٍ على أكوار خوصٍ كأنها / أههلَّةُ جوٍّ أو قِسيُّ مَعايلِ
تكاد مطايا العزم تخطو إِلى العُلى / بهم قبل وخد النَّاجيات الرواحِل
نحوا من غياث الدين عزاً ونعمةً / فجيدوا بهطَّالٍ وأقعسَ باسِل
وما خَزَريٌّ لهْذَمٌ هجمت به / صناعُ يدٍ في رأس أغيدَ ذابلِ
طريرٌ كناب الأُفعوانِ مؤلَّلٌ / اُمِرَّ وأمْهَتْهُ أكُفُّ الصياقل
تغوَّلَ في قصبٍ فأنهْرَ وانثنى / خضيباً بقانٍ من دم الجوفِ سائل
بأمضى من السلطان بأساً إذا جرى / يُطاردُ فقراً أو لطرْد الجحافلِ
فتىً غير ممنوع الغنى عن عُفاته / ولا لكريمِ العِرضِ منه بباذلِ
عداني أن اُثني على غير مجدهِ / تفرُّدُهُ بالمجد دونَ القبائل
فما بالُ وردي من نداك مكدَّراً / وودِّي نقيُّ الوِرْدِ صفو المناهل
أفي كل يومٍ روعةٌ برسالةٍ / تُطيلُ إِلى ملكي يَدَيْ كل جاهل
وهبْتَ وما فيها رجوعٌ واِن تُرد / رُجوعاً فشرعُ المصطفى غير قابل
فعشتَ عزيز النصر تصطلمُ العدى / وتعصي إِلى المعروف قولَ العواذل
يدُوسُ بك التيجان كلُّ مُطهَّمٍ / وتُخدمك الأيامُ كلَّ حُلاحِل
عجزتُ فما لي حيلةٌ في هواكمُ
عجزتُ فما لي حيلةٌ في هواكمُ / سوى أنني أزداد وجداً مع الصدِّ
ولو أنني جاهدتُ نفسي فيكمُ / سلوتُ ولكن الاجِهاد على العبد

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025