القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ نُباتَةَ السَّعْدِيّ الكل
المجموع : 92
ولم أرَ مثلَ الخمرِ للهمِّ شافياً
ولم أرَ مثلَ الخمرِ للهمِّ شافياً / إذا هي لم تلقَ الغيورَ المحامِيا
ولا كحِذارِ العارِ للثارِ طالباً / ولا كذُبابِ السيفِ للجهلِ ناهيا
يفوتُ ضجيعُ التّرّهاتِ طِلابُه / ويَدنو إلى الحاجاتِ من كانَ ساعِيا
وسرٍ إلى العلياءِ لم أتخذْ لهُ / صَديقاً ولم أُطلعْ عليهِ معاديا
إذا كان دائي خافِياً لم أبحْ بهِ / فأيُّ طبيبٍ يخبرُ النّاسَ ما بِيا
تَخَيّرَ تاجُ المِلّةِ المَجْدَ واصْطَفَى / من العِزِّ أهْوالاً تُشيبُ النّواصِيا
يُفارقُ فيها رأسَه كلُّ مُعْلَمٍ / فما تَعْلَمُ الراياتُ فيها العَوالِيا
طوى سِرَّهُ عن طَرفِه ولسانِهِ / وأصبحَ لا يرضى من العيْشِ فانيا
وشاغَبَ رَيْبَ الدّهْرِ يَثلِمُ حَدّهُ / ويَرجُم فيه منْ تَمنّى الأمانِيا
فيوماً بحَمراء الهَواجرِ قائِظاً / ويوماً ببيضاء الصّنابِرِ شاتِيا
يُخبرُ عمّا في فؤادكَ ظنُّه / وكان لأسرارِ الضّمائرِ فاليا
وبين نجومِ القندَهار وبابِلٍ / وبرقَةَ كيدٌ لا يَقيلُ الأعادِيا
يَدا ضيغم ناشَ الرماحَ ونشنَه / وعاودَ مخضوبَ الذّراعينِ ضاريا
يعفُّ عن الصيدِ اللّئيمِ مَرامُهُ / إذا عَدِمَ الأقرانَ أصبحَ طاوِيا
فباشرهم يَجلو صَفيحةَ وجهِه / على أذرعٍ تَجْلو الصّفيحَ اليَمانيا
وما أنصفتْ عندَ القِراعِ كَتيبةٌ / مقنَّعةٌ تَلقى السّيوفَ العَواريا
حَلَفْتُ بأرْماحٍ تُعانِقُ صَبْوةً / نُحورَ كِرامٍ يَعْشَقونَ المَعاليا
رأَوا حَدّها أحلى من الذُّلِّ مطعماً / وأوفقَ من عيشٍ يكون تَلافيا
وبالزمنِ التّاجي أنّ حِذارَهُ / أراكَ ذِئابَ الرملِ تَحمي المَواشيا
لَنَعْمَ مليكُ الأرضِ زاركَ راقياً / لرأيكَ من داءِ العقوقِ مداويا
أخوكَ الذي يَحمي حِماكَ ويَبْتني / عُلاكَ ويَرعى منكَ ما لست راعِيا
يَعِزُّ عليه أنْ تُلِمّ مُلِمّةٌ / يكونُ بها هَشَّ المكارمِ خاوِيا
وإنْ تصحبِ العلياءَ ذرعُكَ ضيقاً / وهمُّكَ من كسْبِ المَحامِدِ خالِيا
رميتَ بها رطبَ الشّمائلِ مُعْجَباً / كأنّك ما أبصرتَ قبلَكَ راميا
فلا أنتَ فارقتَ الإمارةَ رغبةً / ولا أنا ودّعْتُ الشّبيبةَ قالِيا
وفي كل يومٍ أنتَ راكبُ عَثْرةٍ / تُخادعُ عنها المُبْصِرَ المتغاضِيا
رعاكَ بعيني رقةٍ وفظاظةٍ / وماطلكَ البغضاءَ غضبانَ راضِيا
يُسَدّدُ قبلَ الطّعنِ رأياً مثقفاً / يَرُدُّ سنانَ الرّمحِ أبكَمَ نابِيا
وتعدمُ في الجيشِ العَرَمْرَمِ حازماً / وإن كنتَ فيه لست تَعْدَمُ حامِيا
ولمّا توقّتْ جمرةُ الحربِ نارها / وأصبحَ لا يرجو الأسيرُ مفاديا
عَفا مطرقُ الأحقادِ عن كلّ زلةٍ / لَها ناسياً في القومِ أو مُتناسيا
وأعرضَ عن ذكرِ الضّغائنِ غالبٌ / على الحزمِ يمضي منه ما كان ماضِيا
إذا كنتَ تولي كل شيءٍ كرهتَه / عِتابكَ عاتبتَ الرياحَ الهَوافيا
لعَمري لقد أذكى الهمامُ بأرضِهِ / مُشَهَّرَةً ينْتابُها الفخرُ صالِيا
تغيبُ النجومُ الزهرُ عندَ طلوعِها / وتَحْسُدُ أيامُ الشّهورِ اللّيالَيا
قِلادةُ مَجْدٍ أغفلَ الدّهْرُ نَظمَها / عليهِ وقد جرَّ السِّنينَ الخَوالِيا
وقاسَ بني شَمْرٍ بآلِ مُحَرّقٍ / وغربلَ ألفاظَ الوَرى والمَعانيا
هي الليلةُ الغَرّاءُ في كلِّ شَتْوَةٍ / تُغادِرُ جيدَ الليلِ أتلعَ حالِيا
ولابدّ من شَعْواءَ يَبْرقُ خالُها / بغَيْرِ سَحابٍ يتركُ الجوَّ دامِيا
عسى وقعُها بعدَ التّعَلُّلِ والمُنى / على النأيِ يَشفى من كُتامَةَ دائيا
وأعجَبكم من جانِبِ الرّملِ ماطِرٌ / تُراعي الغُرَيْرِيّاتُ فيه المَذاكِيا
أظنّ الطوالَ الشمَّ لا يتركونَها / سِوى العامِ تَرعى من قُراقِرَ وادِيا
ولا يقبلونَ النصفَ حتى يُعَجِّلوا / وفاءَ غَريمٍ يَجْعَلُ السّيفَ قاضِيا
ولو جفتِ الغُدرانُ دونَ مسيرِه / لأنبطَ نَهراً في السّماوةِ جارِيا
ببيضِ الظُّبى يَنْفي دُجى الليل رائحاً / وبالنّقْعِ يُبْهي مَطْلَعَ الشّمسِ غادِيا
يُغيِّرُ آثارَ القرونِ التي خَلَتْ / ويَجعَلُ أخبارَ الملوكِ مَلاهِيا
إذا عرّسَ السّارونَ في بَطْنِ زامِرٍ
إذا عرّسَ السّارونَ في بَطْنِ زامِرٍ / فسِرْ وتعوذْ من شِرارِ الطّوارِقِ
ففي الهَضْبةِ الحَمْراءِ إنْ كنتَ سارياً / أُغيْبِرُ يأوي في صُدوعِ الشّواهِقِ
يسالمُ ركبانَ الطّريقِ نهارَهُ / إلى الليلِ مخبوءٌ لإحدى البَوائِقِ
كأنّ بَقايا ما سَرى من قَميصهِ / على متنِهِ أقوافُ بُردٍ شَبارِقِ
يُقَصِّرُ عن يافوخهِ حين تَنطوي / حقيبةُ مملوءٍ من السُّمِّ زاهِقِ
تَناذَرهُ الحاوونَ إذْ بَصروا بهِ / تُسارقُ عيناه بَنانَ المُشارِقِ
وغَرّهُم منه وهم يَخدعونَه / كِراهٌ على أيمانهم والمَواثِقِ
ودونَ الذي يَرجون من سَقَطاتِهِ / حفيظةُ مشبوبِ اللحاظِ مُرامِقِ
مَطولٍ إذا ماطلتَه الكيدَ سادرٍ / جَريءٍ إذا بادهتَه في الحَقائِقِ
وأطلسَ ما في سَعْيهِ غيرَ أنّهُ
وأطلسَ ما في سَعْيهِ غيرَ أنّهُ / يَضيقُ عليهِ الرزقُ والخرقُ واسِعُ
يخافُ أخوهُ حِرصَهُ وهو طاعِمٌ / وتَهرُبُ منه عِرسُه وهو جائعُ
علا شرفَ البيداءِ يسألُ أنفَهُ / بياناً وقد أكْدَتْ عليه المَسامِعُ
فنمّتْ إليه الريحُ أنّ شَظيّةً / وبهماً بأكنافِ السّماوةِ ضائعُ
فزعزعَ من قُطريهِ يَدْألُ ظالِعاً / وما هو إلاّ للخَديعةِ ظالعُ
على كل حالٍ من يَسار وَفاقَةٍ / يَسيرُ بما أهدتْ إليهِ المَطامِعُ
إذا غَمرةٌ هابَ الجَبانُ خِياضَها / تَوَرّدَها ماضٍ على الهولِ طالعُ
سَرى ماله تحتَ الظّلامِ وسيْلَةٌ / إلى الحيّ إلاّ خَطْمُهُ والأكارِعُ
وأبصرها فوضى فَسارعَ تاركاً / رَويَّتَهُ أنّ الحَريصَ مُسارعُ
رأتْ قَدْرَهُ فانضمّ يسرقُ شَطْرَهُ / أزل كصدرِ الرمحِ بالخيلِ بارِعُ
فوَيْلُمِّهِ لو كان يومَ غَوارِهِ / عن المجدِ يَحمي أو عليهِ يُقارِعُ
أَلَمْ يأتِ أَملاكَ الطَّوائفِ أَنَّهُ
أَلَمْ يأتِ أَملاكَ الطَّوائفِ أَنَّهُ / نَبا عن طِلابِ المجدِ كلُّ مُخَاطِرِ
ولم ينب صَمْصَامُ الخِلافةِ أنَّهُ / مضى راضياً عن عزمهِ لم يُشَاوِرِ
وباتَ نَجيباً للهمومِ كأَنَّهُ / على الجَمرةِ الحَمراءِ شحمةُ صَاهِرِ
رأى رأيَهُ ثم استبدَّ فلم يُطِعْ / نصيحاً ولم يَسْمَعْ مَقَالَةَ زاجِرِ
ولم يَنْهَهُ عن هَمِّهِ وَزماعِهِ / وعيدُ الأَعادى وأعتراضُ المقَادِرِ
رأَى كلَّ ساعٍ في الأَنامِ مغَرَّراً / فغَرَّرني كسبُ العُلا والمآثِرِ
نظرتُ ولم أبَصرْ وقد بعدَ المَدَى / كجريكَ في جَري الجيادِ المُحَاصِرِ
ولا مثلَ أَمْرٍ رُضْتَه لا يروضهُ / من الناسِ إلاَّ مُسْتَمِرُّ المَرائِرِ
إذا همَّ كانَ العزمُ أَهونَ سَعيهِ / يَزيدُ على كيدِ العدوِّ المكابِرِ
وللهِ مربوطٌ على الحربِ جَاشُهُ / إذا فَتَرَتْ أَلفَيتَهُ غيرَ فاتِرِ
تقدَّم يَغلى كيدها لِصِحَابِهِ / ولا خيرَ في مُسْتَقْدِمٍ غيرِ حَاذِرِ
هو الجَدُّ حتى يفرِقَ المرءَ ظِلُّهُ / ويَقْصُرَ من الحاظهِ كل ناطِرِ
فلم يَنْهَ عنكَ الناسَ مثلُ مْحَلِّقٍ / من الضَّربِ أَو قالٍ من الطَّعْنِ فَائِرِ
بنَفسى من الفتيانِ كلَّ سَميَدَعٍ
بنَفسى من الفتيانِ كلَّ سَميَدَعٍ / يُصابُ فلا يشكو ولا يَتَضَعْضَعُ
وممتَعِضٌ لما دعا وسطَ رهطهِ / فلم تحمه أَيدٍ طوالٌ وأَذرعُ
رأَى سيفَه أوَفى له من حَمِيمِهِ / فعاذَ به أنَّ العَزِيزَ مُمَنَّعُ
إذا اصْطكتِ الاحسابُ وابتدر المدى / وهابَ جَسيماتِ الأمورِ المُروَّعُ
فما مثلُ صَمْصَامِ الخِلافةِ صَارمٌ / يُفَلُّ به حَدُّ الخُطُوبِ ويُقطَعُ
شديدُ نياطِ القلبِ لا يستخِفَّهُ / وميضُ المواضي والوشيجُ المزَعْزِعُ
تَراهُ إذا ما جئتَ تطلُبُ رِفَدَهُ / جميلَ المحيا وهو في الرَّوِعِ أَروعُ
رعابيلُ وشي العبقريِّ ثيابُهُ / إذا ما تمطى والدِّلاصُ المُضَلَّعُ
وفيكَ لمن عاديتَه واصطفيتَهُ / خلائقُ فيها الخيرُ والشر أَجمَعُ
دُنُوٌّ لمن يَدنو إليكَ بقلْبهِ / ولو أَنَّهُ ذو اللبدتين المُشَيَّعُ
ونأيٌ عن المُهدى لعينكَ ثَغرَهُ / ومبسمُه بينَ الجَوانحِ يَلْذَعُ
أَبوكَ يُلافى الملكَ ليلةَ جَازِرٍ / ويومَ دُجيلٍ وهو بالرِّدفِ يَظلَعُ
وقالَ لبيضِ الهندِ كلُّ مناجزٍ / بغيرِكَ في الجُلى يُخَانُ ويُجْدَعُ
ضَغَائنُ لو لم يُحْسِنِ السيفُ داءَها / لضرَّتْ وهلْ شيءٌ سِوى السيفِ يَنْفَعُ
إذا الحِلْمُ لم يَعْطِف عليكَ فَدَاوِهِ / بخُرقكَ أنَّ الشرَّ بالشرِّ يُدْفَعُ
وكن مثلَ ركنٍ الدولةِ الحلوِ واصطنعْ / كما كان تاجُ الملَّةِ المرُّ يصنعُ
هما أَوْرَثا عِزَّ الحَيَاةِ ورفَّعا / إلى غايةِ ما فوقَها مُتَرفَّعُ
وماتا وما ماتَ امرؤٌ خَلَدَتْ له / مناقبُ يُحْييها الحَدِيثُ المُرَجَّعُ
ضَمِنتُ لِسَعْدٍ بالأَبارقِ رَدَّهَا
ضَمِنتُ لِسَعْدٍ بالأَبارقِ رَدَّهَا / وكانتْ بنو سَعدٍ تُجيزُ ضَمانِي
طلبتمْ بها أَوتارَ يومِ قُرَاقِرٍ / وما طَالبُ الأَوتَارِ بالمتوانِي
ولمَّا حَلَلْتُمْ بالأَيادِ أَمِنْتُمُ / فَصُبَّ عليكم فَارسُ الغَدَوَانِ
أَمامَ جيادٍ يكتُم النقعُ شَخْصَهَا / ولو ركضتْ بالهَضْبِ هَضْب ابَانِ
نزائعُ اما عرضةٌ لِكَريهَةٍ / تُقادُ واما عُرضَةٌ لرِهَانِ
تَخُصُّ السيوفُ المرهفاتُ جِبَاهَهَا / ويأخذُ منها الطَّعْنُ كلَّ مكَانِ
فأنقذْتُها منهمْ وهمْ يَطردونَها / كما طُرِدَتْ بالقَاعِ شَاةُ اِرانِ
أَحِنُّ الى العلياءِ في طلبِ الحمدِ
أَحِنُّ الى العلياءِ في طلبِ الحمدِ / حنينَ الأَعاريبِ الجُفَاةِ الى نَجْدِ
وكل هوىً الاَّ هَواىَ وصالها / يكون وانْ طالَ اللجاجُ الى حَدِّ
غَبيٌّ عن السَّراءِ لوني وناجزى / ولا تبلغُ الضَّراءُ آخرَ ما عندي
لَويتُ ديونَ الغَانياتِ وعُطِّلَتْ / رسائلُ يُستَشفى بِهَنَّ من الوَجْدِ
وقلنَ وقد أَنكرننى بعدَ صَبْوَةٍ / صَددْتَ وشيءٌ ما دعاكَ الى الصَّدِّ
ولما رأَيتُ الأُعطياتِ قَلِيْلَةً / زَهِدْتُ لعلَّ الدَّهْرَ يأنفُ من زُهْدِي
وأَزمعْتُ يأساً لا طَماعةَ بَعْدَهُ / ولا رغبةً حتى أُغَيَّب في اللَّحْدِ
ولم أَنْسَ عَيِشاً بالجَزيرِ وَلَذَّةً / اذا العيشُ أَنسى طِيبَهُ قِدَمُ العَهْدِ
قَضى حَاجَةَ الزوراءِ سارٍ كأَنَّهُ / يزورُ اذا جَنَّ الظلامُ على وَعْدِ
ولا بَرحَتْ تلكَ الأَباطحُ والرُّبى / يُضاحِكها البرقُ النَّمومُ على الرَّعْدِ
تَمرُّ بها هُوجُ الرياحِ مريضةً / كأَنَّ بها ما بالقلوبِ من الوَجْدِ
اذا هى لَفَّتْ رَندها بِعَرَارِهَا / فَتَقْنَ فتيتَ المِسْكِ بالعَنْبرِ الوَرْدِ
سَلي الركبَ عنّي هل أَجُمُّ نِطافَهم / وأَطوى كما يُطوى الاصمُّ من الرُبْدِ
بَلوني غَداةَ الزادِ والزادُ فاضِلٌ / وعندَ هُجُوم الخَامِسَاتِ على الوِرْدِ
ولله يوم لم أُطعْ فيهِ رَغبةً / وقد بَلَغَتْ حبلَ الوريدِ من الجَهْدِ
أَفِرُّ كأَنّي رهبةَ الضيمِ جارمٌ / أَصاب دماً في الاقربينَ على عَمْدِ
وثقتُ بأَنَّ العَصْبَ يُحرجُ نائِلى / وذلكَ مسٌّ لا يلينُ له جِلْدِيِّ
أُسامُ وكفى تَعْرِفُ السيفَ ريبةً / كأنى أَسيرٌ في الحديدِ وفي القِيدِّ
وما ضَاقَتِ البيداءُ عن مُتَغَلْغِلٍ / على الجورِ يَطوى بُعْدَها وعلى القَصدِ
رأَيتُ أَبا نَصْرٍ وما اسوَدَّ خَدُّهُ / قَضَى فَضْلُه على الكُهولة للمُرْدِ
فما بضَعيفِ العزم لَبَّستُ أَحبُلى / ولكننى صَاولتُ بالحَازم الجَلْدِ
وأَروعَ لا تَثْنى البوارحُ هَمَّهُ / على النَّحسِ يَقْضي أَمرَهُ وعلى السَّعْدِ
مُناوشِ أَطرافِ الأَسنَّةِ ماجدٍ / يَرى الحَزْمَ أَولى بالرِّجَالِ من الجَدِ
اذا أَنتَ يوماً خِفتَهُ ورجوتَهُ / لَقِيتَ المنايا أو غنيتَ عن الكَدِّ
له النظرةُ الشَّوسَاءُ في البشْرِ شيمةٌ / وقُربُ المدى في البعدِ والهَزلُ في الجِدِّ
وأَبيضَ بالابصارِ يفعلُ لونُهُ / فِعالَ شُعَاعِ الشَّمْسِ بالأعينِ الرمْدِ
أَشارَ بعينِ الصقرِ عاينَ صَيدَهُ / وأَطرقَ اطراقَ الحيى من الأُسْدِ
وكيفَ أُؤدى شكرَ طرفٍ ثَنَيتَه / الىَّ على بُعدٍ الزيارةِ والعَهْدِ
وقولك لى ما جئتَ الاَّ لحاجةٍ / وهل حاجتى الاَّ بقاؤك للمَجْدِ
أَعدتَ وأَبديتَ الذي أَنتَ أَهلُه / وكنتَ جديراً أَنْ تُعيدَ كما تُبدِي
تأَملتُ أَبلو مَّنةً النَّاسِ أَيُّهُمْ / يُعينُ على صَرفِ النوائبِ أو يُعْدِي
فما كان فيهم ناهضٌ لصنيعَةٍ / سِواكَ ولا والٍ يَهشُّ الى الحَمدِ
وغيرُكَ غَرَّ الظنَّ حُسْنُ مقالهِ / وَحُسْنُ المواضي لا يدكُ على الحَدِّ
نبا عن مَقيلِ الهَامِ حينَ هَزَتُهُ / بكفي كأَني كنتُ أضرِبُ بالغِمْدِ
وقاكَ من الأَسواءِ كلُّ منافسٍ / يَرى الغِيَّ أَهدى في الأمُور الى الرشْدِ
رماكَ فلما لم يَجِدْ لكَ عَورةً / تجاوزَ غيظَ الحَاسدينَ الى الحِقْدِ
فان تكُ مَلْكاً من مُلوكٍ كثيرةٍ / فانكَ فيهم أَوحدُ الحَلِ والعَقْدِ
نجومٌ بآفاقِ السَّماءِ طَوالعٌ / وليسَ بها فردٌ سِوى الكوكبِ الفَرْدِ
أَبوك دَعانى والجَيزةُ بَيْنَنَا / دُعاءَ كريمٍ لا يُعَرضُ للردِّ
وانّيَ لمَّا فَتَّشَ النَّاسَ راغباً / بنفسي عن بذلِ الرغائبِ والرِفْدِ
وما ضرَّنى انْ كنتُ آخرَ واردٍ / وأَنْ لم أكن يومَ الوفادةِ في الوَفْدِ
وما زلتُ عند الحلمِ واليأسِ والنَّدى / اذا حَضَرَ الاقوامُ مفتقدَ الفَقْدِ
سَقَى قبرَ تاجِ الملةِ الغيثُ واستوى / بِعَقْوَتَةٍ سيلُ المَخَارمِ والوَهدِ
فقد كانَ عضداً للمكارمِ والعُلا / وأنتَ اليدُ البَيْضاءُ من ذلكَ العَضْدِ
أَيا ابنَ عُميرٍ أَنتَ أَول ماجِدٍ
أَيا ابنَ عُميرٍ أَنتَ أَول ماجِدٍ / خَطَبْتُ اليه وُدَّهُ وهو بَاذِلُ
وخضتُ اليه الجمع لما رأَيتُه / تُشِيرُ اليه بالثناءِ الأَنامِلُ
أَعِنّى على دَهْرٍ كأَنَّ صُروفَهُ / لها دِمنٌ ما تَنْقَضِي وَطَوائِلُ
أَنا الغرضُ المَرميُّ دونَ شُخُوصِهِ / فما تَهتَدي الاَّ اِليَّ الغَوائِلُ
وَهَمٌّ بَراني شَجْوُهُ وَدَخِيلُهُ / فلا دَاؤُهُ محيٍ ولا هو قاتِل
دعوتكَ لا أَرجو سِواكَ وبيننا / رجالٌ لهم عِزٌّ عزيز ونائِلُ
يَوَدُّونَ لو حَمَّلْتَهُمْ ثِقلَ حَاجَةٍ / ولا يَحْمِلُ الأَقوامُ ما أَنتَ حَامِلُ
اذا لم يكن اِلاَّ الجوارُ غنيمةً / فجاور كريماً حَبْلهُ لكَ واصِلُ
اذا أَنتَ تحتَ المُرْهفاتِ دَعَوتَهُ / أَتاكَ ولم تَشْغَلهُ عنكَ الشَّواغِلُ
يَقيكَ من اللحظِ المريبِ وانما / تُصانُ اذا لك تَبْتَذِلْكَ المَبَاذِلُ
وشتانُ مولىً لا يُغِبُّكَ نصره / ومولىً يُمنى نَصْرَهُ وهو خَاذِلُ
أَبا طالبٍ كاثِرْ بها القومَ واعتقدْ / مَضَنّةَ مشفوقٍ بها لا يُبَادِلُ
فَانَّكَ انْ أوجبتَ شُكْرَكَ أَوجَبَتْ / لكَ المكرماتُ خيرَ ما أنا قائِلُ
وسارتْ مسيرَ الشَّمسِ فيكَ قَصَائِدٌ / يُجَدِّدُ ذِكراهَا الضُّحَى والأَصائِلُ
لحا اللهُ حياً لا تزالُ حِرابُهُ
لحا اللهُ حياً لا تزالُ حِرابُهُ / هَواربَ من حزبٍ تَراها الى حِزْبِ
أَبِقْنَ فما يَرجِعْنَ الاَّ عواطِفاً / على كلِّ نَحْرٍ في السَّنوَّر أو قُلْبِ
وما تصنعُ الزغبُ القِصَارُ اذا نَزَتْ / مع الزابلِ الخَطَّارِ والصَّارمِ العَضْبِ
اذا ما سلاحُ المرءِ فارقَ كفَّهُ / أَضاعَ ولاقى عَزْبَ قومٍ بلا عَزْبِ
تحمل كردُ الشَّاذِجانِ أُمورَها / غُلاماً كغصنِ البانةِ الناعمِ الرطْبِ
ومشتقُّ عنَّازٍ من العنز في الوَغى / وجَدِّكَ ما اشتقَ الحرابُ من الحَرْبِ
ولكنَّ أشباحاً من البيضِ والقَنا / تُعادُ وتُبدي في المفارقِ والحُجْبِ
يقولُ تباشيرُ الغزالةِ راجَعَتْ / كِناسَ الدُّجى أَم بُدّلَ الشرقُ بالغرْبِ
رأَى الليلَ تَزْهَاهُ النُّجومُ وانما / رأَى قَارِيَات في رِماحِ بني كَعْبِ
وَمَبثُوثَةً سوم الجَرادِ كأَنَّها / لَوَاحِسُ يا جُوجٍ خَرَجْنَ من النَّقْبِ
روادفُ بالخَطّي أَيمانَ فِتْيَةٍ / تُناجزُ بَعْدَ السَّمْهَريةِ بالقُرْبِ
فَما راعَهُ غلاَّ وميضُ سَحَائِبٍ / تَصُوْبُ بمنهلٍّ من الطَّعنِ والضَّرْبِ
وقوم بهم يُستدركُ الفَوتُ عَنوَةً / اذا كانَ سَهلاً جاوزوهُ الى الصَّعْبِ
فهلا شَدَدْتَ الطَّرفَ يومَ تَعَرَّضَتْ / فوارسُ من أولادِ حُرْقُفَةِ الكَلْبِ
كِرامٌ رَحى قيسٍ تدورُ عليهمُ / وكل رَحى دارتْ تدورُ على قُطْبِ
حَسِبتُ طِعَانَ الغُرِّ آلِ مُقَلَّدٍ / طِرادَ بنى شَيْبَانَ في أثَرِ النَّهْبِ
وأوطَأَكَ البَغيُ المُضَللُ جَمْرَةً / نكَصْتَ لها يوم الهِياج على العَقْبِ
وجَوْثَةُ حيٍّ من يُردْها بكَيْدِهِ / يكُنُ حَتْفُهُ أَدنى اليهِ من الرُّعْبِ
فقولا له لا وَفَّقَ اللهُ رأْيَهُ / متى صَبَرَتْ كردُ الأَعاجمِ للعُرْبِ
أَبى اللهُ أَنْ أَهوى من النَّاسِ واحداً
أَبى اللهُ أَنْ أَهوى من النَّاسِ واحداً / وكلُّهُمُ عندِي أَقلُّ من القُلِّ
وأَهْجُرُ أَقواماً عليَّ أَعِزَّةً / صُدُوْرُهم تَغلى اشتياقاً الى وَصلي
وما ذاكَ الاَّ خشية الذلِ في الهَوى / وعلْمِي بأنَّ الذلَ شَرٌ من القَتْلِ
أَبيتُ أُعزِّي النفسَ باليأسِ عنهم / ولو شِئتُ كانَتْ من خُدُودِهُمُ نَعْلِي
أَأَغلِبُ هذا الدهرَ أَمْ هو غَالبي
أَأَغلِبُ هذا الدهرَ أَمْ هو غَالبي / وعزمي مَعي والمَشْرفيُّ مُصاحِبي
أَصُونُ ضُلوعي عن مُعَالجةِ الهَوى / وأَتركُهَا نَصبَ الرماحِ النَّواشِبِ
وما العِزُّ الاَّ قطعةٌ من خَلائقي / وما المَجْدُ الاَّ اِربةٌ من مآربِي
وتَزعمُ يا قلبي بأَنَّكَ صَاحبي / وأَنتَ سِنانٌ في الحَشا والتَّرائِبِ
فلولا الذي أَمسيتَ مَنزِلَ سِرِّةِ / سكبتُكَ ما بينَ الدموعِ السَّواكِبِ
لكَ الويلُ ما هذا التَمَلمُلُ والأسى / على اِثرِ مفقودٍ من العيشِ ذَاهِبِ
وما العَيْشُ الا سَدُّكَ الجوَّ بالثَّري / وَسَدُّ الثَّري بالمقرباتِ السَّلاهِبِ
وتَصْييرُ تِيجَانِ الجَبابرةِ الذرى / مقاعدَ أولادِ الاماءِ الحواطِبِ
شَرِقْتُ على دَارِ الحبيبِ بأَدمعي / وقد شَرِقَتْ أَطلالُها بالمَصَائِبِ
اذا لَعِبَتْ أَيدي الرياحِ بتُربِهَا / فَتَقْنَ فتيتَ المِسْكِ بينَ المَلاعِبِ
ألا يا خليلَ القلبِ دونَ حِجَابِهِ / خَليلُكَ لا يَلقى هَواكَ بحَاجِبِ
أَعنّي بسيفٍ أَو بعُذرٍ تَقُولهُ / والا فأَنتَ اليومَ عونُ النَّوائِبِ
تقولُ ليَ الأيامُ خَوَّلْتُكَ الغِنَى / وهلْ أَنا آخذْ مِثْلُ واهِبِ
أُشرِّفُها بالأَخذِ منها لأَنَّهُ / يُشَرِقُنِي في أَخْذِهِ كلُّ راغِبِ
أَعُدُّ نُجُومَ الليلِ والرملَ والحَصَى / ولكنني أَعيا بِعَدِّ العَجَائِبِ
زَماني زَمانٌ قَدْ زَمِنَّ صُروفُهُ / بصَبري فما يطلُبنَ غيرَ مَطَالِبي
تَعَوَّدَ منَي كلَّما جَر نكبةً / تلقيتُها من صَرفِه بالمَرَاحِبِ
كما يتلقَّى صاعدٌ مُسْتَميحهُ / والا كما يلقي صُدورَ الكتائِبِ
فتَى الجُودِ لا تَسْأَلْهُ نَزْراً فانَّهُ / يَرى البَحْرَ لا يكفي عَطاءً لِشَارِبِ
يَجُود بما يُعطيك أَرضكَ كلها / فتحسَبه أَعطاكَ بعضَ السَّحَائِبِ
وما مرَّ يومٌ لم تعانقْ سيوفُهُ / نُحُورَ الأَعادي أَو نُحورَ الركائِبِ
أُبايعُ في أَقلامهِ كلَّ حَاسِدٍ / يقيس شَبَاهاً بالمَنايا الشَّواعِبِ
فانْ لم تكن أَمضى من الموتِ في الوَرى / فقلتُ العَوالي مثلُها في المَناصِبِ
ذكرتُكَ لما أَنكرَ السيفُ جفنَه / وجرَّرَ ذيلَ الحَربِ فوقَ الغَواَرِبِ
وهل أَنتَ الاَّ الهُندُ واني لاتَني / مضَاربُه مَشْغُوفةً بالضَّرائِب
وَبَحْر دَمٍ هامُ الرجَالِ حُبَابُهُ / وخيلُهم في لُجةٍ كالمَراكِبِ
ترفعُ شُرعُ الموت في جَنَباتِهِ / اذا ارتفعتْ فيه رياحْ القَواضِبِ
وَيَغْرَقُ في تَيَّارهِ كلُّ سَابِحٍ / أَقمتَ به الاقدامَ عندَ التَّضَارُبِ
ويوم عليهِ للكلامِ تلاطُمٌ / تلاطمُ موج اللجَّةِ المُتَراكِبِ
طعنتَ بفصلِ القولِ فيه كأَنَّما / طعنتَ بصَدْرِ الرمحِ قلبَ المُخَاطِبِ
أَلستَ من القوم الذينَ أكفهم / أَحدُّ من البيضِ الرقاقِ المَضَارِبِ
تَخِرُّ الجبالُ الشُّمُ عند ندَائِهم / وتقصُرُ عن أَعناقهم والمناكِبِ
فلا تَجْعَلَنّي كالذينَ رَأَيتَهم / وَمَنْ يَجْعَلُ الأَقدامَ مثلَ الذَّوائِبِ
اذا أَبصروني نكَّسوا فكأنَّما / شواربُهم مَضْفُورةٌ بالحَواجِبِ
أَعيذُكَ مِنْ مولىً بطيءٍ عن النَّدى / سريعٍ الى دَاعي الطعامِ مُكالِبِ
أَما ينتهي من أَول الزَّجرِ جاهِلٌ / اذا هو لم يُضرَبْ فليس بتائِبِ
وكنتُ اذا لم أُدْعَ للوِرْدِ لم أَرِدْ / ولو شَرِبَتْ روحي زُقَاقَ المَشَاربِ
أَبى ذاكَ عِزٌّ طالما وصلَ العُلا / وقطَّع غيظاً في صدورِ المعائِبِ
وانكَ لو أَبصرتَني متبسماً / أكرُّ على الأَيامِ من كل جانِبِ
رأَيتَ فتىً سُمُّ الأَفاعي شَرابُه / ومطعَمُهُ أطرافُ شَوكِ العَقَارِبِ
جليداً على ريبِ الزمانِ وصرفهِ / بصيراً بأَدواءِ الخطوبِ الغَرائِبِ
كتمتُ مقالَ الشعرِ حتى أضرَّني / وظنَّ المُعادي ظَنَّ كِسرى بحَاجِبِ
فانْ لم يكُنْ الاَّ التشهرُ باسمِهِ / فهذا أَوانُ الطَّالِعَاتِ الثَّواقِبِ
سَأَبعَثُ في أرضِ العِراقِ قصيدةً / يُصَلَّى الى أَبياتِها في المَحَارِبِ
يُعَوّلُ عُلاَّنُ عليها ومَعْمَرٌ / بما جَمَعَاهُ في كتابِ المَثَالِبِ
باسماعِ أَملاكِ الطوائفِ وَقْعُهَا / يَشُدُّ على هاماتهم بالعَصَائِبِ
عصيتُ القوافي وهي جِدُّ مُطِيْعَةٌ / وَقُمتُ على حَدٍّ من الحَقِّ لاحِبِ
أَشاوِرُ قَلباً فيكَ لو شاءَ عزمُهُ / وَقُمتُ على حَدٍّ من الحَقِّ لاحِبِ
وقبلكَ ما التفَّتْ عليَّ ربيعةٌ / ببيضِ المَواضي والوجوهِ الشَّواحبِ
فاعرضتُ عن زلاَّتها وَمَنَحْتُهَا / فصاحةَ عبد الوُدِّ رَبٍّ التَّجَارِبِ
وقلتُ اذا كاتَبْتم الرومَ بعدهَا / فَشدُّوا أَواخي كتبكم بالكَتائِبِ
سَرى الليلَ طَلاَّبُ الذحولِ ولا أَرى / طلابكم الاَّ انتظارَ العَواقِبِ
فلما أَبوا الاَّ الخلافَ تركتهم / وأُسدُهم مأْسُورةٌ للثعالِبِ
فمن مبلغ آلِ المهلبِ أَنَّني / أَلفتُهم في المجدِ اِلفَ الحَبائِبِ
فآليتُ أَلاَّ أَمدحَ الدهرَ غيرَهم / ولو عَرَضَ الأقوامُ لي بالرغائِبِ
هم سلَّموا دهري اليَّ فَشِلْوُهُ / لقاً بين أَنيابي وبينَ مَخَالبي
أُمزِّقُهُ ما مزَّقَتْني صُروفُهُ / وآخذُ منه ثَارَ كلِّ مُطَالِبِ
أَيا دَمعُ هل للحُزنِ عندكَ مَطْمَعُ
أَيا دَمعُ هل للحُزنِ عندكَ مَطْمَعُ / فما كلُّ محزونٍ الى الدَّمعِ يَفْزَعُ
وانْ كنتَ قد أَفنيتَ ما آلَ فاستَعِرْ / دمَ القلبِ واعلمْ أَنَّ ضَرَّكَ يَنْفَعُ
تداعتْ بلا طَعْنٍ أَنابيبُ عاملي / وأَصبحَ حَدّي بالنوائبِ يُقْطَعُ
نفوسٌ على زَاذَانَ ينشدها الحِجى / وليسَ لها حتى القيامةِ مَرجِعُ
وقبرانِ بالزوراءِ أُمّى ووالدي / كلا طَرفي مَجْدي يُجَّبُ ويُجْدَعُ
وبالرى اسماعيلُ أوهنَ كيدُهُ / وأَرماحُه دونَ المنيةِ شُرَّعُ
وليس بخير من رجالٍ رزئتُهم / على أَنَّ حِدثانَ المصائبِ أَوجَعُ
فقدتُ كبيراً بِرَّ أُمٍ حَفِيَّةٍ / كما فقدَ الثديَ المُعَلّلَ مُرضَعُ
اذا اختفرتْ زانَ الحِجَالَ عَفَافُهَا / وانْ سَفَرتْ فبالحياءِ تُقَنَّعُ
أَخافُ عليكِ الموتَ في شهرِ ناجِرٍ / ولم أَدرِ أَنَّ الامرَ أَوحى وأسْرَعُ
وانَّ المنايا اذْ غَدوتِ قَريرة / غَدتْ لكِ في أثَوابها تَتَصَنَّعُ
تُبادرُ نحوي تبتغي أَنْ تَسُرني / ولم تدر أَنى بالسرورِ أُروَّعُ
فليتَ النساءَ المُعْولاتِ فدينَها / من السوءِ أَو ضاجعنَها حيثُ تَضْجعُ
عَشِيَّةَ يَسْتَصرِخنْنَي لدُعائِها / وهلْ يدفعُ الناسُ الحِمامَ فأَدفَعُ
لقد فَطَنَ الدهرُ الغبيُّ لنكْبةٍ / يذلُّ لها عبدُ العَزيزِ وَيَضْرعُ
هَنيئاً له أَنى المتُ لِصَرفهِ / وأَنيَّ من أَحْداثِهِ أَتَخَشَّعُ
ولم ترعَ لى يا دَهرُ حقَّ نَزاهَتى / وتركى لكَ الشىءَ الذي كنتُ امنَعُ
عسى قائم المأثورِ يركبُ صدرَه / اليكَ وما بَيني وبينكَ أصبَعُ
ترديتَ تَهوى بعدما كنتَ والسُّهَا / يقولُ الممارى أَيُّ هذين أرفَعُ
أخالُك صَباً بالاقامةِ مُعْجَباً / وأنتَ على وشكِ التفرقِ مُزْمِعُ
فوا أَسفى لم ادرِ أَنَّكَ خائنٌ / فكنتُ بأَقصى لمحةٍ أَتمتَعُ
لدى وقفةٍ لا تأملُ العينُ نَظْرَةً / سِواها ولا يرجو اللقاءَ مُوَدَّعُ
الى أَيّ تعليلٍ وأَيّ مَبَرَّةٍ / وَوُدِّ نصيحٍ بعد وُدِّكِ أَرجِعُ
ولم تبقَ في الاَيامِ بَعْدَكِ لذةٌ / ولا متعةٌ يلهو بها المتمتِّعُ
أَبى الدمعُ يومَ الدورِ أَنْ يَنصُر الأَسى / فلا ذرفتْ عينٌ ولا فاضَ مَدْمَعُ
ويا ليتَه لما حكى جفوةَ الكَرى / حكى جَزعي أَوْ كانَ للبينِ يَجْزَعُ
بنفسي ونفسِ المكُرماتِ حُشَاشَةٌ / تَصَعَّدُ في أَنفاسِهَا وتَرَفَّعُ
شَهِدتَ فما أُغنيتَ عنها قُلامةً / وأَنتَ تَرى ما لا تُحِبُّ وَتَسمَعُ
صَرِيْعٌ على أَيدى العَوائدِ مُدْنَفٌ / يُغالبُ فيه رَوعَةَ اليأسِ مَطْمَعُ
أَصابَ الردى قَومى بسهمٍ أَصابَهُ / ولم يَدرِ رَامٍ قلبه كيفَ يَصْنَع
وكنتُ بهم جاراً فَصِرتُ مجاوراً / أَأُطرَدُ عن سُورِ الحِياضِ وأَقْزَعُ
أحُلُّ مع البَرشَاءِ داراً ذَليلَةً / بها الكلبُ يُحْمَى والصَّديقُ يُضَيَّعُ
تُدَابِرُ مُستنَّ الرياحِ بيوتُهم / وليس لرحلى في المَواطِنِ مُوضِعُ
فلا أَنا راضٍ بالدنيَّةِ فيهم / ولا غضبى عندَ الحَفِيظَةِ يَنفَعُ
وكنتُ دَفَنتُ العزَّ يومَ عُرَيْعِرٍ / وأَيقنتُ أَنى بَعْدَهُ أَتَضَعْضَعُ
وفارقتُ فتياناً كأَنَّ خُدودَهم / متونُ صِفاحٍ في قَناً يَتَزَعْزَعُ
أُشيِّعُ منهم هَالكاً بعدَ هالِكٍ / وكانَ النَّدى أَنْ لا يَعُودَ المُشَيَّعُ
فلا لبُيِّتَتْ بالغَوثِ دعوةُ صَارخِ / دعاهُم الى آجالهم فَتَسرعوا
أَرى منهم ظَهْرَ البَسيطَةِ عارياً / وما اجتمعوا الاَّ لأَنْ يَتَصَدَّعُوا
برابيةِ الدورِ الشَّجاعةُ والنَّدى / أَقاما وقالا حبَّذا المتربَّعُ
فمن لذبابِ الشر يُخْشَى ويُتَّقى / وللخيرِ يرجوه الضريكُ المُدفَّعُ
سَقَى الرائحُ الغادي قَبوراً كأَنَّها / ظهورُ جِمَالٍ بُرِّكَتْ وهي ضُلَّعُ
ولا زالَ هَدَّارٌ من الرعد مُغْمَدٌ / يَحِنُ ومسلولٌ من البرقِ يَلْمَعُ
معاهدُ يأسٍ كل يومٍ تَزورُهَا / دُمُوعُ البواكى والنَّحيبُ المُرَجَّعُ
وذاكَ الوفاءُ لا وفاءُ مفارِقٍ / يَشُطُّ به نأىُ الدِّيَارِ وَيْجمَعُ
غنيتُ من الدُّنيا فلا أَنا عُسرهَا / أَخافُ ولا ميسورها أَتَوَقَّعُ
تُمَلُّ سِوى آمالِنا ورجائِنا / وكيف يُمَلُّ المَطَلَبُ المتوقَّعُ
اذا جَنَّ ليلٌ قيلَ أَينَ صَباحُهُ / وكلُّهُمُ بالليل والصُّبْحِ يُخْدَعُ
وكم من نعيمٍ قد لبستُ رِداءَهُ / وشرٍ له كلُّ المطالعِ مطلعُ
ومن لَذَّةٍ وَلَّتْ كأَنَّ وصالَها / وصالُ خَيالٍ في الكرّى حينَ أَهْجَعُ
مع الوقتِ بمضى بؤسُهُ ونعيمُه / كأَنْ لم يكن والوقتُ عمركَ أَجمعُ
وما خيرُ عيشٍ نصفُهُ سِنَةُ الكَرى / ونصفٌ به يَعْتَلُّ أو يَتَفَجَّعُ
وأقسِمُ لو أَعطيتَهُ مُتَخَيِّراً / لما كنتُ الاَّ بالوثيقةِ أَقَنعُ
يُشَاوِرُني في عَطْفِهِ الغَزوَ باسِلٌ
يُشَاوِرُني في عَطْفِهِ الغَزوَ باسِلٌ / ويزعُم أَنَّ الخَيلَ أَمْسَتْ سَواهما
فقلتُ لهم جُروا الجيادَ على الوجى / ولو لم يُفِدْ الاَّ الطِّعَانَ غَناهمُا
لَعَمري لقد أَنذرتُ ساكن قُوْمسٍ
لَعَمري لقد أَنذرتُ ساكن قُوْمسٍ / وحذرتُ لو عاقَ القضاءَ حذارُ
وقلتُ لهم لو كان للرأي مُبصرٌ / لكان لكم مما ترونَ نفارُ
نفى الهمَّ واستولى على عزماتكم / سَمَاعٌ يُثَنّي رَجْعَهُ وعُقَارُ
وَصِلُّ صَفاً بالسنِّ سِنِّ سُميرةٍ / له في عيونِ الناظِرينَ وجَارُ
يُخادعُ أَلَبابَ الرجالِ كأَنَّهُ / اذا ما تَطوى للأكُفِّ سِوارُ
من الصمِّ أَعيا حادثَ الدَّهْر كيدُهُ / تَصَرَّمَ ليلٌ دونَه وَنَهَارُ
أَرى بكمُ ما لا تَرونَ وأنتُمُ / يُقربكم دونَ النجاةِ قَرَارُ
سرى يكتُمُ الظلماءَ غُرَّةَ وجههِ / وناظرُ عينِ الشمسِ فيه يحَارُ
طلوبٌ لاقصى الضِّغْنِ غيرُ مسامحٍ / عليه لفعلِ المكرُماتِ مَدَارُ
وقد علَّم الغزوَ الجيادَ فسيرُها / اذا طلبتْ أرضَ العدوِّ سِرارُ
غوامضُ لا وقع السنابكُ مُسْمِعٌ / ولا النقعُ في آثارِهِنَّ يُثَارُ
قَضَتْ وَطَراً من أَهلِ جُرْجَانَ والتوى / لِقَسْطَلِها بالهِندُوانِ أَطَارُ
طلبنَ السيوفَ الهندَ حتى تعارفتْ / وجوهٌ على حَوضِ الرَّدى وشِفَارُ
وعوَّدَها طولَ القيادِ مُشِمِّراً / اذا همَّ لم يَبْعُدْ عليه مَزارُ
عيونهم عما يَراه كَلِيلَةٌ / وأَذرُعُهُمْ عما يَنَالُ قِصَارُ
ومُسْتَظْهرٍ بالحزمِ دونَ جُنُودهِ / تأملهُ في المشكلاتِ سِبَارُ
أَكادُ على ما سِمْتَ أَعِتبُ جَرُأَةً / وانْ لم يكنْ تُنَوِّلُ عَارُ
أَهُزكَ للجُلَّى وأَنتَ تَخالني / بُروقُ لُجينٍ هِمَّتي ونُضَارُ
وواللهِ لولا المجدُ ما جِئتُ طَائِعاً / اِليكَ ولو أَنَّ السِّنَانَ عِذَارُ
أَغثْ مرضعاً لم يبقَ الاَّ رجاؤها / وطفلاً لهُ حتّى الصَّباحِ جُؤارُ
وقوماً بهم فقر الى أَنْ تَسوسَهم / كما بأكُفِّ الخَامِعاتِ عِثارُ
وفتكَ العِدى ما تتقيهِ فانَّها / غُصونٌ لها جَدوى يَدَيكَ ثِمَارُ
وعُمِّرتَ ما لاحَ الجَديُّ علامَةً / وما دامَ بينَ الفَرقَديْنِ جِوَارُ
اذا كانَ عن فَرطِ المَلالِ التَّفَرُّقُ
اذا كانَ عن فَرطِ المَلالِ التَّفَرُّقُ / فانَّ النَوى بي من سُلُوكَ أَرفقُ
وأي فتى قبل الغرامِ وبعدَهُ / تمنَّى الذي منه يَخافُ ويشفِقُ
وما خلتُ أَنَّ الشوقَ والنأيَ والبكا / وفقدَ الكَرى مما أَلذُّ وأَعشقُ
أَخِيبُ ويَحظى بالغنيمةِ عاجزٌ / ولا يَعْدَمُ النُّجحَ المُعَانُ الموفَّقَ
وفذٍ من الفتيانِ يأنفُ وحدَهُ / بِنَا وبِهِ من سَورِةِ العزِّ أَولقُ
أُسِرُّ وأُبدي الوجدَ يومَ وَدَاعِه / كأَني أَسيرٌ للضريبةِ موثَقُ
يرى الصبر أَولى بالفتى فيُطيعه / ويُدركه حبُّ الحياةِ فيقلَقُ
وأَعييتَني لا في الاضاعةِ حَازمٌ / ولا في مخيلاتِ المَطَامعِ أَحْمَقُ
كأني بنجدٍ أَنشدُ الذئبَ نعجةً / رعى شِلْوَهَا بالأَمسِ فهو ممزَّقُ
أُسَائِلُهُ اذْ عارضته طَريدةٌ / فمرَّ على آثارها يَتَدَفَّقُ
سَلا كلُّ مُشْتَاقٍ يبوحُ بشَجْوِهِ / ولم يُسْلني الكتمانُ والحزمُ أَوفقُ
فسقياً لأرضِ الشامِ لو أَنَّ ذكرها / يَشِحُّ بأَلبابِ الرجالِ ويَرفُقُ
ولله مهضومُ الربى من رِحابها / يمر به عافي النَّسيمِ فيعبَقُ
يُباهي بياضَ الأُقْحُوَانِ بَهَارُهُ / للونِ ضُحاهُ والعشيَّاتِ رَونَقُ
وأَغيدُ في أَجْفَانِهِ سِنَةُ الكرى / نعرتُ به والليلُ بالصبح أَروقُ
فَقَدْ خَانَنَي ذاكَ النشاطُ ومَلَّنِي / مَلولٌ شكاهُ تُبَّعٌ ومحرِقُ
وأَنزلني طولُ الشَّقاءِ ببلدَةٍ / يؤرقني فيها الشَّرابُ المُرَوّقُ
بها المِسكُ والكافورُ يُعَدَمُ نَشرُه / وريحُ الصَّبَا فيها مع الفَجْر تُعرَقُ
مَدىً لرهانِ النائباتِ كأَنني / لها غرضٌ دونَ الخلائقِ يُرشقُ
ولي رُفقةٌ شتَّى النِّجارِ جعلتُها / مواقعَ لحظي والحَوادثُ تَطرُقُ
وللضَّرْبِ هَزْهَازٌ وللطعن عاسِلٌ / وللرحْلِ شَوْشاةٌ وللرَكضِ خَيفَقُ
أَولئكَ من صاحبتُه فهو ماهِرٌ / صَنَاعٌ ومن فارقتُه فهو أَخرَقُ
أولئكَ من صاحبتُه فهو ماهِرٌ / لهنَّ عن البيداءِ والآلُ يَخفِقُ
ومدَّتْ على شَمسِ النهارِ ملاءةً / مُنَمْنَمَةً فيها النجومُ تألَّقُ
فَوَيْلُمِّها لو عَرَّسَتْ عند غايةٍ / ومُحْتَقِرُ الغاياتِ لا يَتَرفَّقُ
لمن نِعَمٌ لما رَعَتْ مطمئنةً / نَفَاهَا ذُبابٌ في الثعالبِ أَزرَقُ
أَغار عليها عدوة الذئبِ عائفٌ / يُخَبِّرُ عما في الغُيوبِ فيصدُقُ
تبيت بأَفواه الثغورِ جيادُهُ / سوالِفُها فيها الحديدُ المُعَلَّقُ
حَطَمْنَ بجُرجَانَ القنا غيرَ أكعُبٍ / لدولابَ كانتْ في الجَوانحِ تُشْرِقُ
ومثلكَ يا كافي الكفاةِ أَعادَها / تُسابقُ أَلحَاظَ العيونِ فتسْبِق
مسافةُ ما بينَ الخُوارِ وآملٍ / يَضيقُ بها والجَوُ بالنقعِ أَضيقُ
تَقَطَّعَتِ الأَرحامُ الاَّ قواطِعاً / تَحُوْم على هضامِ الرجالِ وتخفِقُ
ونصرٌ مع العَيُّوقِ في مُشْمَخِرَّةٍ / يناوحهُ فيها السّمِاكُ المُحَلِّقُ
كأَن ظهورَ الطير دونَ مَقيلِهِ / زَرابيُّ سَدَّى وشيَهُهنَّ المنمِّقُ
ولم يدرِ أَنَّ الحضْرَ أَسلَمَ رَبَّهُ / ومن دونهِ سورٌ منيفٌ وخَنْدَقُ
رآها تَعُلُّ النقعَ منه فخالَها / أَمامَ السَّواقى سُرَبةً وهي فيلَقُ
وما ضرها أنْ كان في سَرَعَانشها / الى الطعنِ أَطرافِ القنا يتنزَّقُ
أناتضكَ يا ابنَ الفَيرُزان فانَّها / شمائلُ دَهْرٍ بالفتى يَتَصَفَّقُ
قليلٌ بها الانسانُ الا حديثَه / وأَيُّ حديثٍ لا يُمَل فيخلُقُ
كأَنْ لم يكن من بعدِ ما هو كائنٌ / فلا غرَّنى هذا الخَيالُ الملفَّقُ
تركتُ سَواماً بالحمى لك شَطْره / وأَقبلتَ في حَافاتِهِ تَتَسَرَّقُ
مرافقةُ السِّرْحَانِ أَدنى عَدُوه / أخوهُ اذا ضَافَ اللوى وهو مُخْفِقُ
أَعقكما أَو فاكما وكلاكما / به غَدرةٌ من شَابِكِ العِرقِ أَعرَقُ
تنم عليه عينُه ولسانُهُ / يكذِب ما في العين والعينُ أَصْدَقُ
وما طلكَ البغْضَاءَ حتى سئمتَها / طليعةُ آجالٍ من السُم مِتْأَقُ
علا ثَبج الطوفانِ في الفلكِ وحدَهُ / وكانَ رضيعَ الدهرِ أَو هو أَعتَقُ
أَخو الرأى اسماعيلُ انَّ أَناتَهُ / لها من أَعاديه اللُّهَا والمُخَنَّقُ
ضحوكٌ ببسطِ الوجهِ يرفَعُ ثغْرَهُ / عن اللهوِ لا يجفو ولا يتمَلَّقُ
كفاه علّوُ القَدْرِ كُلفةَ مَدْحِهِ / ويَغنى عن الطَّوق الحَمامُ المُطَوَّقُ
وأَروعُ وضاحُ الجبين ثيابُه / رعابيلُ ريط أو دِلاصُ مُخَرَّقُ
له خُلُقٌ باقٍ على الفَقْرِ والغِنَى / وما آفةُ الأخْلاقِ الاَّ التَّخَلَقُ
ومعتركٍ بين الخُصُومِ شَهِدْتَهُ / كما شَهِدَ الروعَ السنانُ المذلَّقُ
على خطرٍ تَنسى به الأَلسنُ الحِجَى / فتخرُسُ فيه والفرائضُ تنطِقُ
فَرقْتَ به بين الضَّلالةِ والهُدى / كما فَرَّقَ الفَودَينِ في الرأس مَفْرِقُ
وشتانَ سَهْمٌ في الجَوانحِ نَصْلُهُ / وآخرُ في عُرضِ البوارحِ يَمْرُقُ
لقد غَلَبَ الأَعداءَ حزماً وقوةً / صموتٌ على طولِ الضغينةِ مُطْرِقُ
هم سَبروا قَعْرَ الذي أَنتَ طالبٌ / فما وصلوا هيهاتَ غورُك أَعْمَقُ
أَلم ترنى نلتُ المَحَامدَ وادعِاً / وما كلُّ من يَسترزقُ الحَمْدَ يُرزَقُ
أَصدُ عنِ الزَّادِ الذي هو مُونقُ / ولا يَطَّبِيْنِي العَارضُ المتأَلِّقُ
واني وان لم أعْدمِ العِزَّ كلَّهُ / لأَعلمُ أَنَّ العيشَ عندكَ أوفَقُ
عسى عُقَبُ الأَيامِ تجَمَعُ بينَنَا / وقد يُنصَرُ الجدُّ الحَرُونُ فيلْحَقُ
نشدتُكَ بالوُدِّ الذي كانَ بينَنَا
نشدتُكَ بالوُدِّ الذي كانَ بينَنَا / وللوُدِّ بينَ الصَّالحينَ أَواصِرُ
متى قلت فيما ساءني أَنتَ مذنبٌ / اِليَّ وفيما ضرَّني أَنتَ ضائِرُ
وكلُّ فتىً في الناسِ يُظِهرُ وُدَّهُ / ظنينٌ اذا لم تَختَبره المَخَابِرُ
على الجِذْعِ مُوفٍ لا يزالُ كأَنَّه
على الجِذْعِ مُوفٍ لا يزالُ كأَنَّه / سليبٌ دعا قوماً اليه فأَقبلوا
فقامَ يُماريهم وقد مدَّ باعَه / يقولُ لهم عَرضي أَم الطولُ أَطوَلُ
أَيوعِدُ فَقْعٌ كامنٌ بقَرَاره
أَيوعِدُ فَقْعٌ كامنٌ بقَرَاره / ذُؤابةَ طَوْدٍ من تِهامةَ أَغلَبَا
كما قال للفيلِ البعوضُ سفاهةً / تثبتْ تَجدْني فوقَ ظَهْركَ تُرْتَبَا
يُؤنبني أَني وفيتُ لصاحبٍ / فلا ماتَ حتى لا يَفي ويُؤنبَا
وسُرَّ بأَنْ كانتْ له كثرةُ الحَصَى / فأَيُّ حِصَانٍ كانَ في المضغ أَصلبَا
دعِ الوثبةَ الغَشْماءَ للَّيثِ والتمسْ / بعدْوِك الا في الحَزاورِ أرْنبَا
فَفَرقُ الذي بيني وبينكَ بيّنٌ / رغبتَ ولم يتركْ ليَ العِزُّ مرغبَا
وانَّ ابنَ حمد ما أَردنا بحفظهِ / ضياعَكَ يا غرسَ الدعى فتغضبَا
وَفِينا له اذْ ضَيعَ الناسُ عَهْدَهُ / وكنَّا له الأمَّ الحفيةَ والأَبا
وصنَّاه عن عيبِ المطامعِ بعدما / أَردتَ به في القوم أَنْ يتلعبَا
لتجعله دونَ المقاتِلِ جُنَّةً / فقلنا له كُنْ في مقاتلةِ الشبَا
أَكلُّ وفاءٍ لا يسُركَ غُدْرَهُ / لحَا اللهُ أَدنانا اليها وأَقربَا
وأَخبثنا عند المطاعم مطعماً / وأَوخمنا عند المشاربِ مَشربَا
تزود وباعدْ بين جنبيكَ طاعماً / فان لنا في قلةِ الزادِ مَذْهَبَا
وانَّ الذي أَصبحتَ تملك أمره / تملك قوم أمره فتشعبا
يد قبل ما هزتك هزَّتْ مضاربى / فقلتُ لها ما عذرُ مثلكَ انْ نبَا
أَمُلْكٌ بفَّراشٍ مَشى ومُعَلِّمٍ / شبيبته أَمسيتَ بالشيبِ معجبَا
وهبتْ صباً غرتهما ثم أَعقبت / دَبوراً وكم غرتْ بنفحتها الصَّبَا
ولو شئتُ أَعجلتُ المقلِّبَ رأيَه / عن الفكرِ أَوقُدت الحرونَ فأصحبَا
برأىٍ يردُّ السبلَ يطَّلبُ الرُّبى / وقد جاءَ من افراطها متصوبَا
وكل فتى يسرى اذا هجدَ القَطا / خفيفٌ عليها وطؤُه حينَ أَهدبَا
تصدَّعُ عنه الثاقباتُ كأَنَّه / أَخو قَنَصٍ بالدوِّ يذعَرُ رَبْرَبَا
كأَن الجديَّ استنظرته ركابُه / فباتَ لها في أفقه مترقبَا
وطالعةٍ شَمسُ النَّهار اذا بَدَتْ / تغيبُ ويبقى ضوؤها ما تغيبا
كأَنَّ قوافيها أسنةُ قَعْضَبٍ / علا كلَّ حَرْضٍ ذابلاً فتركَبا
تكون لجوعِ الركبِ زاداً وللصدى / مزاداً وللسارى اذا ضَلَّ كوكَبا
فتحتُ بها آذان صُمٍ كأَنَّما / نفختُ بنجواها اليراعَ المثقبَا
وربَّ عدوٍّ نفعُه في بعادِنا / يَزيدُ أَذىً منا اذا ما تقربَا
ليقبسَ ناراً كلَّما عادَ جاهداً / ليطفئها بالماء والترب أَلهبَا
تُشَبُّ بمرضوم الصَّفَا ويزيدها / فلزُ الحديدِ جرأَةً وتغضُّبَا
فيا ليتَه قبلَ التقدمِ سادِراً / بفكرتِهِ قاسَ الامورَ وجرَّبَا
فيعلم أنَّ الناسَ بينَ مؤدَبٍ / وبينَ لبيبٍ بالنُهى قد تأدبَا
أَكلُّ امرىءٍ لم يعطهِ المجدُ رتبةً / يكون له مجدٌ اذا ما تَرتَّبَا
كفى حَزناً يا ابنَ المُسَيِّبِ أَنَّني
كفى حَزناً يا ابنَ المُسَيِّبِ أَنَّني / ببغداد دَانٍ من جِوارِكَ نَازحُ
وانى أَرى أَعلامَ دارى كما يَرى / منازلَ بُصرى دوحُها المتناوِحُ
اذا شئت غنتنى حَمائم أَيكةٍ / أَوالفها والفاقداتُ الصَّوادِحُ
أقلبُ طرفي في اليفاعِ كأَنني / من الزُّرقِ أَقنى يَنفُضُ طَافِحُ
اذا حلَّ أرضاً لم يصفق بجوها / جناحٌ ولم يسرح من الوحشِ سارِحُ
أمن بعد ما رضت الصعابَ وعُللتْ / بما أتغناه القِلاصُ الطلائحُ
وغادرتُ لم أَجفلْ وانْ بعدَ المَدَى / زواحفُ في أَغراسِهِنَّ السرَّائِحُ
أَهمُ فلا اسطيعُ نحوكَ نَهْضَةً / وعَرضُ الملا بينى وبينكَ فاسِحُ
فقل لمدرِ الحَربِ قبلَ أَوانِها / لقد لَقَحَتْ فانظرْ بما هي لاقحُ
فانَّكَ لو شاورتَنى يومَ واسِطٍ / علمتَ مَن المولى الذي لكَ ناصِحُ
سأَصْرِفُ نَفْسي عنكم آل باسِلٍ / وفي كل أَرضٍ عن سِواها مَنَادِحُ
فأكره وِرْداً ليس يُشْفَى به الصَّدى / كما كَرِهَتْ وردَ الحِياضِ المَقَامِحُ
وتأخذُ آفاقَ البلادِ عليكم / سوائرُ في أَمثالها السمُ ذَابِحُ
تقطَّع عن روحاتها وبكورها / رياحُ الصَّبا منها مُرِمٌّ ورازحُ
أُخبر فيها بالذي قد صَنَعتُم / وما أَنا هاجيكم وما أَنا مادِحُ
أَلم يكُ في عشرينَ حولاً سَهِرتُها / أُناضلُ عن أَحسابِكم وأُكافِحُ
ثوابٌ فتنهوا عن أَذايَ سفيهكم / ومن لا يورع كلَبه فهو نابِحُ
وما كنتُ الا فارغاً متشاغلا / اذا جئتكم أَغدوكما أَنا رائِحُ
وانَّ من الانصافِ أَنْ تَتَثبتوا / سنا الحقِ انَّ الحقَ أَبلجُ واضِحُ
فتا للهِ أَبقى أن تَسيلَ عليكمُ / شِعابُ القوافى أَوْ تجيش القرائِحُ
لعل أَبا حسَّانَ يجلو ظَلامَها / بغُرَّتِهِ والمشتري الحَمْدَ رابِحُ
فَتُخْبِرَني كعبٌ ولا كعبَ غيرها / لساقِ هَوى قَيدُومها فهوَ طائِحُ
بنو رافعِ البنيانِ رهطُ مقلدٍ / بهم يَمنعُ الضيمَ الألدُ المكاشِحُ
أناسٌ لمستَنِ الفراتِ عِصيُّهم / طوالُ العوالي والسُّيوفُ الجَوارِحُ
هم يَعْقِرُونَ الكُومَ والربحُ قَرَّةٌ / تُصارعُ نيرانَ القِرى أو تُرامِحُ
اذا لم تُعَدِلْ قِسمةَ الزادِ بيننا
اذا لم تُعَدِلْ قِسمةَ الزادِ بيننا / أَضعتَ ولا يَرعى الحِفاظَ المُضَيَّعُ
وان أَنتَ لم تَحمِ العيالَ مِنَ الطوى / اذا أَمنوا لم يَحمهم حِينَ تَفْزَعُ
هَبِ الوَرْدَ لم يُخلقْ ليومِ كريهةٍ / أما كنْتَ تعصى بالحُسام وتَمنَعُ
وباللهِ ما يُغني فتيلاً اذا دَعَوا / بَراكاء الاَّ أَنْ يَفِرَّ المُرَوَّعُ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025