المجموع : 63
هِيَ الدارُ مِن سَلمى وَهاتي المَرابِعُ
هِيَ الدارُ مِن سَلمى وَهاتي المَرابِعُ / فَحَتّى مَتى ياعَينُ دَمعُكِ هامِعٌ
أَلَم يَنهَكِ الشَيبُ الَّذي حَلَّ نازِلاً / وَلِلشَيبِ بَعدَ الجَهلِ لِلمَرءِ رادِعُ
لَئِن وَصَلَت سَلمى حِبالَ مَوَدَّتي / فَإِنَّ وَشيكَ البَينِ لاشَكَّ قاطِعُ
وَإِن حَجَبَت عَنّا النَوى أُمَّ مالِكٍ / لَقَد ساعَدَتها كِلَّةٌ وَبَراقِعُ
وَإِن ظَمِئَت نَفسي إِلى طيبِ ريقِها / لَقَد رَوِيَت بِالدَمعِ مِنّي المَدامِعُ
وَإِن أَفَلَت تِلكَ البُدورُ عَشِيَّةً / فَإِنَّ نُحوسي بِالفِراقِ طَوالِعُ
وَلَمّا وَقَفنا لِلوَداعِ غَدِيَّةً / أَشارَت إِلَينا أَعيُنٌ وَأَصابِعُ
وَقالَت أَتَنسى العَهدَ بِالجِزعِ وَاللِوى / وَما ضَمَّهُ مِنّا النَقا وَالأَجارِعُ
وَأَجرَت دُموعاً مِن جُفونٍ لِحاظُها / شِفارٌ عَلى قَلبِ المُحِبِّ قَواطِعُ
فَقُلتُ لَها مَهلاً فَما الدَمعُ رائِعي / وَما هُوَ لِلقَرمِ المُصَمِّمِ رائِعُ
لَئِن لَم أُخَلِّ العيسَ وَهيَ لَواغِبٌ / حَدابيرَ مِن طولِ السَرى وَظَوالِعُ
فَما أَنا مِن حَمدانَ في الشَرَفِ الَّذي / لَهُ مَنزِلٌ بَينَ السَماكَينِ طالِعُ
أَيا ظالِماً أَمسى يُعاتِبُ مُنصِفاً
أَيا ظالِماً أَمسى يُعاتِبُ مُنصِفاً / أَتُلزِمُني ذَنبَ المُسيءِ تَعَجرُفا
بَدَأتُ بِتَنميقِ العِتابِ مَخافَةَ ال / عِتابِ وَذِكري بِالجَفا خَشيَةَ الجَفا
أُوافى عَلى عُلّاتِ عَتبِكَ صابِراً / وَأُلفى عَلى حالاتِ ظُلمِكَ مُنصِفا
وَكُنتُ إِذا صافَيتُ خِلّاً مَنَحتُهُ / بِهِجرانِهِ وَصلاً وَمِن غَدرِهِ وَفا
فَهَيَّجَ بي هَذا الكِتابُ صَبابَةً / وَجَدَّدَ لي هَذا العِتابُ تَأَسُّفا
فَإِن أَدنَتِ الأَيّامُ داراً بَعيدَةً / شَفى القَلبَ مَظلومٌ مِنَ العَتبِ فَاِشتَفى
فَإِن كُنتُهُ أَقرَرتُ بِالذَنبِ تائِباً / وَإِن لَم أَكُن أَمسَكتُ عَنهُ تَأَلُّفا
وَفِتيانِ صِدقٍ أَمَّلوا أَن أَزورَهُم
وَفِتيانِ صِدقٍ أَمَّلوا أَن أَزورَهُم / وَما مِنهُمُ إِلّا كَريمٌ وَمِنصِفُ
فَوافَيتُهُم نَشوانَ وَاللَيلُ زاحِفٌ / إِلى سائِرِ الآفاقِ وَالشَمسُ تَطرِفُ
إِباءٌ إِباءُ البَكرِ غَيرُ مُذَلَّلِ
إِباءٌ إِباءُ البَكرِ غَيرُ مُذَلَّلِ / وَعَزمٌ كَحَدِّ السَيفِ غَيرُ مُفَلَّلِ
أَأُغضي عَلى الأَمرِ الَّذي لا أُريدُهُ / وَلَمّا يَقُم بِالعُذرِ رُمحي وَمُنصِلي
أَبى اللَهُ وَالمَهرُ المَنيعِيَّ وَالقَنا / وَأَبيَضُ وَقّاعٌ عَلى كُلِّ مَفصِلِ
وَفِتيانُ صِدقٍ مِن غَطاريفَ وائِلٍ / إِذا قيلَ رَكبُ المَوتِ قالوا لَهُ اِنزِلِ
يَسوسُهُمُ بِالخَيرِ وَالشَرِّ ماجِدٌ / جَرورٌ لِأَذيالِ الخَميسِ المُذَيَّلِ
لَهُ بَطشُ قاسٍ تَحتَهُ قَلبُ راحِمٍ / وَمَنعُ بَخيلٍ تَحتَهُ بَذلُ مُفضِلِ
وَعَزمَةُ خَرّاجٍ مِنَ الضَيمِ فاتِكٍ / وَفِيٍّ أَبِيٍّ يَأخُذُ الأَمرَ مِن عَلِ
عَزوفٌ أَنوفٌ لَيسَ يَقرَعُ سِنَّهُ / جَريءٌ مَتى يَعزِم عَلى الأَمرِ يَفعَلِ
شَديدٌ عَلى طَيِّ المَنازِلِ صَبرُهُ / إِذا هُوَ لَم يَظفَر بِأَكرَمِ مَنزِلِ
بِكُلِّ مُحَلّاةِ السَراةِ بِضَيغَمٍ / وَكُلِّ مُعَلّاةِ الرَحالِ بِأَحدَلِ
كَأَنَّ أَعالي رَأسِها وَسَنامِها / مَنارَةُ قَسّيسٍ قُبالَةَ هَيكَلِ
سَرَيتُ بِها مِن ساحِلِ البَحرِ أَغتَدي / عَلى كَفرِطابٍ صَوبُها لَم يُحَوَّلِ
وَقَدَّمتُ نُذري أَن يَقولوا غَدَرتَنا / وَأَقبَلتُ لَم أُرهِق وَلَم أَتَحَيَّلِ
إِلى عَرَبٍ لاتَختَشي غَلبَ غالِبٍ / ذُؤابَةِ حَيِّ عامِرٍ وَالمُحَجَّلِ
تَواصَت بِمُرِّ الصَبرِ دونَ حَريمِها / فَلَمّا رَأَتنا أَجفَلَت كُلَّ مُجفَلِ
فَبَينَ قَتيلٍ بِالدِماءِ مُضَرَّجٌ / وَبَينَ أَسيرٍ في الحَديدِ مُكَبَّلِ
فَلَمّا أَطَعتُ الجَهلَ وَالغَيظَ ساعَةً / دَعَوتُ بِحِلمي أَيُّها الحِلمُ أَقبِلِ
بُنَيّاتُ عَمّي هُنَّ لَيسَ يَرينَني / بُعَيدَ التَجافي أَو قَليلَ التَفَضُّلِ
شَفيعُ النِزارِيّاتِ غَيرُ مُخَيِّبٍ / وَداعي النِزارِيّاتِ غَيرُ مُخَذَّلِ
رَدَدتُ بِرَغمِ الجَيشِ ماحازَ كُلَّهُ / وَكَلَّفتُ مالي غُرمَ كُلِّ مُضَلِّلِ
فَأَصبَحتُ في الأَعداءِ أَيُّ مُمَدِّحٍ / وَإِن كُنتُ في الأَصحابِ أَيُّ مُعَذَّلِ
مَضى فارِسُ الحَيَّينِ زَيدُ بنُ مَنعَةٍ / وَمَن يَدنُ مِن نارِ الوَقيعَةِ يَصطَلِ
وَقَرما بَني البَنّا تَميمَ اِبنِ غالِبٍ / هُمامانِ طَعّانانِ في كُلِّ جَحفَلِ
وَلَو لَم تَفُتني سَورَةُ الحَربِ فيهِما / جَرَيتُ عَلى رَسمٍ مِنَ الصَفحِ أَوَّلِ
وَعُدتُ كَريمَ البَطشِ وَالعَفوُ ظافِراً / أُحَدِّثُ عَن يَومٍ أَغَرَّ مُحَجَّلِ
نَعَم تِلكَ بَينَ الوادِيَينِ الخَمايِلُ
نَعَم تِلكَ بَينَ الوادِيَينِ الخَمايِلُ / وَذَلِكَ شاءٌ دونَهُنَّ وَجامِلُ
فَما كُنتُ إِذ بانوا بِنَفسِكَ فاعِلاً / فَدونَكَ مُت إِنَّ الخَليطَ لَزائِلُ
كَأَنَّ اِبنَةَ القَيسِيِّ في أَخَواتِها / خَذولٌ تُراعيها الظِباءُ الخَواذِلُ
قُشَيرِيَّةٌ قَترِيَّةٌ بَدَوِيَّةٌ / لَها بَينَ أَثناءِ الضُلوعِ مَنازِلُ
وَهَبتُ سُلُوّي ثُمَّ جِئتُ أَرومُهُ / وَمِن دونِ مارُمتُ القَنا وَالقَنابِلُ
هَوانا غَريبٌ شُزَّبُ الخَيلِ وَالقَنا / لَنا كُتُبٌ وَالباتِراتُ رَسائِلُ
أَغَرنَ عَلى قَلبي بِخَيلٍ مِنَ الهَوى / فَطارَدَ عَنهُنَّ الغَزالُ المُغازِلُ
بِأَسهُمِ لَفظٍ لَم تُرَكَّب نِصالُها / وَأَسيافِ لَحظٍ ماجَلَتها الصَياقِلُ
وَقائِعُ قَتلى الحُبِّ فيها كَثيرَةٌ / وَلَم يَشتَهِر سَيفٌ وَلا هُزَّ ذابِلُ
أَرامِيَتي كُلَّ السِهامِ مُصيبَةٌ / وَأَنتِ لِيَ الرامي وَكُلّي مَقاتِلُ
وَإِنّي لَمِقدامٌ وَعِندَكِ هائِبٌ / وَفي الحَيِّ سَحبانٌ وَعِندَكِ باقِلُ
يَضِلُّ عَليَّ القَولُ إِن زُرتُ دارَها / وَيَعزُبُ عَنّي وَجهُ ما أَنا فاعِلُ
وَحُجَّتُها العُليا عَلى كُلِّ حالَةٍ / فَباطِلُها حَقٌّ وَحَقِّيَ باطِلُ
تُطالِبُني بيضُ الصَوارِمِ وَالقَنا / بِما وَعَدَت جَدَّيَّ فِيَّ المَخايِلُ
وَلا ذَنبَ لي إِنَّ الفُؤادَ لَصارِمٌ / وَإِنَّ الحُسامَ المَشرَفِيِّ لَفاصِلُ
وَإِنَّ الحِصانَ الوالِقِيَّ لَضامِرٌ / وَإِنَّ الأَصَمَّ السَمهَرِيَّ لَعاسِلُ
وَلَكِنَّ دَهراً دافَعَتني خُطوبُهُ / كَما دَفَعَ الدَينَ الغَريمُ المُماطِلُ
وَأَخلافُ أَيّامٍ إِذا ما اِنتَجَعتُها / حَلَبتُ بَكِيّاتٍ وَهُنَّ حَوافِلُ
وَلَو نيلَتِ الدُنيا بِفَضلٍ مَنَحتُها / فَضائِلَ تَحويها وَتَبقى فَضائِلُ
وَلَكِنَّها الأَيّامُ تَجري بِما جَرَت / فَيَسفُلُ أَعلاها وَيَعلو الأَسافِلُ
لَقَد قَلَّ أَن تَلقى مِنَ الناسِ مُجمَلاً / وَأَخشى قَريباً أَن يَقِلَّ المُجامِلُ
وَلَستُ بِجَهمِ الوَجهِ في وَجهِ صاحِبي / وَلا قائِلٍ لِلضَيفِ هَل أَنتَ راحِلُ
وَلَكِن قِراهُ ما تَشَهّى وَرِفدُهُ / وَلَو سَأَلَ الأَعمارَ ماهُوَ سائِلُ
يَنالُ اِختِيارَ الصَفحِ عَن كُلِّ مُذنِبٍ / لَهُ عِندَنا مالا تُنالُ الوَسائِلُ
لَنا عَقِبُ الأَمرِ الَّذي في صُدورِهِ / تَطاوَلُ أَعناقُ العِدى وَالكَواهِلُ
أَصاغِرُنا في المَكرُماتِ أَكابِرٌ / أَواخِرُنا في المَأثُراتِ أَوائِلُ
إِذا صُلتُ يَوماً لَم أَجِد لي مُصاوِلاً / وَإِن قُلتُ قَولاً لَم أَجِد مَن يُقاوِلُ
أَقِلّي فَأَيّامُ المُحِبُّ قَلائِلُ
أَقِلّي فَأَيّامُ المُحِبُّ قَلائِلُ / وَفي قَلبِهِ شُغلٌ عَنِ اللَومِ شاغِلُ
وَلِعتِ بِعَذلِ المُستَهامِ عَلى الهَوى / وَأَولَعُ شَيءٍ بِالمُحِبِّ العَواذِلُ
أَرَيتَكِ هَل لي مِن جَوى الحُبِّ مَخلَصٌ / وَقَد نَشِبَت لِلحُبِّ فِيَّ حَبائِلُ
وَبَينَ بُنَيّاتِ الخُدورِ وَبَينَنا / حُروبٌ تَلَظّى نارُها وَتُطاوِلُ
أَغَرنَ عَلى قَلبي بِجَيشٍ مِنَ الهَوى / وَطارَدَ عَنهُنَّ الغَزالُ المُغازِلُ
تَعَمَّدَ بِالسَهمِ المُصيبِ مَقاتِلي / أَلا كُلَّ أَعضائي لَدَيهِ مَقاتِلُ
وَوَاللَهِ ما قَصَّرتُ في طَلَبِ العُلا / وَلَكِن كَأَنَّ الدَهرَ عَنِّيَ غافِلُ
مَواعِدُ أَيّامٍ تُماطِلُني بِها / مُراماةُ أَزمانٍ وَدَهرٌ مُخاتِلُ
تُدافِعُني الأَيّامُ عَمّا أُريدُهُ / كَما دَفَعَ الدَينَ الغَريمُ المُماطِلُ
خَليلَيَّ أَغراضي بَعيدٌ مَنالُها / فَهَل فيكُما عَونٌ عَلى ما أُحاوِلُ
خَليلَيَّ شُدّا لي عَلى ناقَتَيكُما / إِذا مابَدا شَيبٌ مِنَ الفَجرِ ناصِلُ
فَمِثلِيَ مَن نالَ المَعالي بِنَفسِهِ / وَرُبَّتَما غالَتهُ عَنها الغَوائِلُ
وَما كُلُّ طُلّابٍ مِنَ الناسِ بالِغٌ / وَلا كُلُّ سَيّارٍ إِلى المَجدِ واصِلُ
وَإِنَّ مُقيماً مَنهَجَ العَجزِ خائِبٌ / وَإِنَّ مُريغاً خائِبَ الجُهدِ نائِلُ
وَما المَرءُ إِلّا حَيثُ يَجعَلُ نَفسَهُ / وَإِنّي لَها فَوقَ السَماكَينِ جاعِلُ
وَلِلوَفرِ مِتلافٌ وَلِلحَمدِ جامِعٌ / وَلِلشَرِّ تَرّاكٌ وَلِلخَيرِ فاعِلُ
وَما لِيَ لا تُمسي وَتُصبِحُ في يَدي / كَرائِمُ أَموالِ الرِجالِ العَقائِلُ
أُحَكِّمُ في الأَعداءِ مِنها صَوارِماً / أُحَكِّمُها فيها إِذا ضاقَ نازِلُ
وَما نالَ مَحمِيُّ الرَغائِبِ عَنوَةً / سِوى ما أَقَلَّت في الجُفونِ الحَمائِلُ
وَما لِيَ لا أُثني عَلَيكَ وَطالَما
وَما لِيَ لا أُثني عَلَيكَ وَطالَما / وَفَيتَ بِعَهدي وَالوَفاءُ قَليلُ
وَأَوعَدتَني حَتّى إِذا ما مَلَكتَني / صَفَحتَ وَصَفحُ المالِكينَ جَميلُ
لِحُبِّكَ مِن قَلبي حِمىً لا يَحُلُّهُ
لِحُبِّكَ مِن قَلبي حِمىً لا يَحُلُّهُ / سِواكَ وَعَقدٌ لَيسَ خَلقٌ يَحُلُّهُ
وَقَد كُنتَ أَطلَقتَ المُنى لي بِمَوعِدٍ / وَقَدَّرتَ لي وَقتاً وَهَذا مَحَلُّهُ
فَفي أَيَّ حُكمٍ أَو عَلى أَيَّ مَذهَبٍ / تُحِلُّ دَمي وَاللَهُ لَيسَ يَحُلُّهُ
مُصابي جَليلٌ وَالعَزاءُ جَميلُ
مُصابي جَليلٌ وَالعَزاءُ جَميلُ / وَظَنّي بِأَنَّ اللَهَ سَوفَ يُديلُ
جِراحٌ تَحاماها الأُساةُ مَخوفَةٌ / وَسُقمانِ بادٍ مِنهُما وَدَخيلُ
وَأَسرٌ أُقاسيهِ وَلَيلٌ نُجومُهُ / أَرى كُلَّ شَيءٍ غَيرَهُنَّ يَزولُ
تَطولُ بِيَ الساعاتُ وَهيَ قَصيرَةٌ / وَفي كُلِّ دَهرٍ لايَسُرُّكَ طولُ
تَناسانِيَ الأَصحابُ إِلّا عُصَيبَةً / سَتَلحَقُ بِالأُخرى غَداً وَتَحولُ
وَمَن ذا الَّذي يَبقى عَلى العَهدِ إِنَّهُم / وَإِن كَثُرَت دَعواهُمُ لَقَليلُ
أُقَلِّبُ طَرفي لا أَرى غَيرَ صاحِبٍ / يَميلُ مَعَ النَعماءِ حَيثُ تَميلُ
وَصِرنا نَرى أَنَّ المُتارِكَ مُحسِنٌ / وَأَنَّ صَديقاً لايُضِرُّ خَليلُ
أَكُلُّ خَليلٍ هَكَذا غَيرُ مُنصِفٍ / وَكُلُّ زَمانٍ بِالكِرامِ بَخيلُ
نَعَم دَعَتِ الدُنيا إِلى الغَدرِ دَعوَةً / أَجابَ إِلَيها عالِمٌ وَجَهولُ
وَفارَقَ عَمروُ بنُ الزُبَيرِ شَقيقُهُ / وَخَلّى أَميرَ المُؤمِنينَ عَقيلُ
فَيا حَسرَتا مَن لي بِخِلٍّ مُوافِقٍ / أَقولُ بِشَجوي مَرَّةً وَيَقولُ
وَإِنَّ وَراءَ السَترِ أُمّاً بُكاؤُها / عَلَيَّ وَإِن طالَ الزَمانُ طَويلُ
فَيا أُمَّتا لاتَعدَمي الصَبرَ إِنَّهُ / إِلى الخَيرِ وَالنُجحِ القَريبِ رَسولُ
وَيا أُمَّتا لاتُخطِئي الأَجرَ إِنَّهُ / عَلى قَدَرِ الصَبرِ الجَميلِ جَزيلُ
أَما لَكِ في ذاتِ النِطاقَينِ أُسوَةٌ / بِمَكَّةَ وَالحَربُ العَوانُ تَجولُ
أَرادَ اِبنُها أَخذَ الأَمانِ فَلَم تُجِب / وَتَعلَمُ عِلماً أَنَّهُ لَقَتيلُ
تَأَسّي كَفاكِ اللَهُ ما تَحذَرينَهُ / فَقَد غالَ هَذا الناسُ قَبلَكِ غولُ
وَكوني كَما كانَت بِأُحدٍ صَفِيَّةٌ / وَلَم يُشفَ مِنها بِالبُكاءِ غَليلُ
وَلَو رَدَّ يَوماً حَمزَةَ الخَيرِ حُزنُها / إِذاً ما عَلَتها رَنَّةٌ وَعَويلُ
لَقيتُ نُجومَ الأُفقِ وَهيَ صَوارِمٌ / وَخُضتُ سَوادَ اللَيلِ وَهوَ خُيولُ
وَلَم أَرعَ لِلنَفسِ الكَريمَةِ خِلَّةً / عَشِيَّةَ لَم يَعطِف عَلَيَّ خَليلُ
وَلَكِن لَقيتُ المَوتَ حَتّى تَرَكتُها / وَفيها وَفي حَدِّ الحُسامِ فُلولُ
وَمَن لَم يُوَقِّ اللَهُ فَهوَ مُمَزَّقٌ / وَمَن لَم يُعِزِّ اللَهُ فَهوَ ذَليلُ
وَما لَم يُرِدهُ اللَهُ في الأَمرِ كُلِّهِ / فَلَيسَ لِمَخلوقٍ إِلَيهِ سَبيلُ
إِذا لَم يُعِنكَ اللَهُ فيما تَرومُهُ
إِذا لَم يُعِنكَ اللَهُ فيما تَرومُهُ / فَلَيسَ لِمَخلوقٍ إِلَيهِ سَبيلُ
وَإِن هُوَ لَم يَنصُركَ لَم تَلقَ ناصِراً / وَإِن عَزَّ أَنصارٌ وَجَلَّ قَبيلُ
وَإِن هُوَ لَم يُرشِدكَ في كُلِّ مَسلَكٍ / ضَلَلتَ وَلَو أَنَّ السِماكَ دَليلُ
وَلِلَّهِ عِندي في الإِسارِ وَغَيرِهِ
وَلِلَّهِ عِندي في الإِسارِ وَغَيرِهِ / مَواهِبُ لَم يُخصَص بِها أَحَدٌ قَبلي
حَلَلتُ عُقوداً أَعجَزَ الناسَ حَلُّها / وَما زالَ عَقدي لايُذَمُّ وَلا حَلّي
إِذا عايَنَتني الرومُ كَفَّرَ صَيدُها / كَأَنَّهُمُ أَسرى لَدَيَّ وَفي كَبلي
وَأَوسَعُ أَيّاً ماحَلَلتُ كَرامَةً / كَأَنِّيَ مِن أَهلي نُقِلتُ إِلى أَهلي
فَقُل لِبَني عَمّي وَأَبلِغ بَني أَبي / بِأَنِّيَ في نَعماءَ يَشكُرُها مِثلي
وَماشاءَ رَبّي غَيرَ نَشرِ مَحاسِني / وَأَن يَعرِفوا ماقَد عَرَفتُ مِنَ الفَضلِ
أَقولُ وَقَد ناحَت بِقُربي حَمامَةٌ
أَقولُ وَقَد ناحَت بِقُربي حَمامَةٌ / أَيا جارَتا هَل تَشعُرينَ بِحالي
مَعاذَ الهَوى ماذُقتِ طارِقَةَ النَوى / وَلا خَطَرَت مِنكِ الهُمومُ بِبالِ
أَتَحمِلُ مَحزونَ الفُؤادِ قَوادِمٌ / عَلى غُصُنٍ نائي المَسافَةِ عالِ
أَيا جارَتا ما أَنصَفَ الدَهرُ بَينَنا / تَعالَي أُقاسِمكِ الهُمومَ تَعالَي
تَعالَي تَرَي روحاً لَدَيَّ ضَعيفَةً / تَرَدَّدُ في جِسمٍ يُعَذِّبُ بالِ
أَيَضحَكُ مَأسورٌ وَتَبكي طَليقَةٌ / وَيَسكُتُ مَحزونٌ وَيَندِبُ سالِ
لَقَد كُنتُ أَولى مِنكِ بِالدَمعِ مُقلَةً / وَلَكِنَّ دَمعي في الحَوادِثِ غالِ
إِذا كانَ فَضلي لا أُسَوَّغُ نَفعُهُ
إِذا كانَ فَضلي لا أُسَوَّغُ نَفعُهُ / فَأَفضَلُ مِنهُ أَن أَرى غَيرَ فاضِلِ
وَمِن أَضيَغَ الأَشياءِ مُهجَةُ عاقِلٍ / يَجوزُ عَلى حَوبائِها حُكمُ جاهِلِ
يَلوحُ بِسيماهُ الفَتى مِن بَني أَبي
يَلوحُ بِسيماهُ الفَتى مِن بَني أَبي / وَتَعرِفُهُ مِن غَيرِهِ بِالشَمائِلِ
مُفَدّى مُرَدّى يَكثُرُ الناسُ حَولَهُ / طَويلُ نِجادِ السَيفِ سَبطُ الأَنامِلِ
عُلوجَ بَني كَعبٍ بِأَيِّ مَشيئَةٍ
عُلوجَ بَني كَعبٍ بِأَيِّ مَشيئَةٍ / تَرومونَ ياحُمرَ الأُنوفِ مَرامي
نَفَيتُكُمُ مِن جانِبِ الشامِ عَنوَةً / بِتَدبيرِ كَهلٍ في طِعانِ غُلامِ
وَفِتيانِ صِدقٍ مِن غَطاريفِ وائِلٍ / خِفافِ اللِحى شُمِّ الأُنوفِ كِرامِ
يَقولونَ لاتَخرُق بِحِلمِكَ هَيبَةً
يَقولونَ لاتَخرُق بِحِلمِكَ هَيبَةً / وَأَحسَنُ شَيءٍ زَيَّنَ الهَيبَةَ الحِلمُ
فَلا تَترُكَنَّ العَفوَ عَن كُلِّ زَلَّةٍ / فَما العَفوُ مَذمومٌ وَإِن عَظُمَ الجُرمُ
نَفى النَومُ عَن عَيني خَيالٌ مُسَلِّمُ
نَفى النَومُ عَن عَيني خَيالٌ مُسَلِّمُ / تَأَوَّبَ مِن أَسماءَ وَالرَكبُ نُوَّمُ
ظَلِلتُ وَأَصحابي عَباديدَ في الدُجى / أَلَذُّ بِجَوّالِ الوِشاحِ وَأَنعَمُ
وَسائِلَةٍ عَنّي فَقُلتُ تَعَجُّباً / كَأَنَّكِ لاتَدرينَ كَيفَ المُتَيَّمُ
أَعِرني أَقيكَ السوءَ نَظرَةَ وامِقٍ / لَعَلَّكَ تَرثي أَو لَعَلَّكَ تَرحَمُ
فَما أَنا إِلّا عَبدُكَ القِنُّ في الهَوى / وَما أَنتَ إِلّا المالِكُ المُتَحَكِّمُ
وَأَرضى بِما تَرضى عَلى السَخطِ وَالرِضا / وَأُغضي عَلى عِلمٍ بِأَنَّكَ تَظلِمُ
يَئِستُ مِنَ الإِنصافِ بَيني وَبَينَهُ / وَمَن لِيَ بِالإِنصافِ وَالخَصمُ يَحكُمُ
وَخَطبٍ مِنَ الأَيّامِ أَنسانِيَ الهَوى / وَأَحلى بِفَيِّ المَوتَ وَالمَوتُ عَلقَمُ
وَوَاللَهِ ما شَبَّبتُ إِلّا عُلالَةً / وَمِن نارِ غَيرِ الحُبِّ قَلبِيَ يُضرَمُ
أَلا مُبلِغٌ عَنّي الحُسَينَ أَلوكَةً / تَضَمَّنَها دُرُّ الكَلامِ المُنَظَّمِ
لَذيذُ الكَرى حَتّى أَراكَ مُحَرَّمُ / وَنارُ الأَسى بَينَ الحَشا تَتَضَرَّمُ
وَأَترُكُ أَن أَبكي عَلَيكَ تَطَيُّراً / وَقَلبِيَ يَبكي وَالجَوانِحُ تَلطِمُ
وَإِنَّ جُفوني إِن وَنَت لِلَئيمَةٍ / وَإِنَّ فُؤادي إِن سَلَوتُ لَأَلأَمُ
وَأُظهِرُ لِلأَعداءِ فيكَ جَلادَةً / وَأَكتُمُ ما أَلقاهُ وَاللَهُ يَعلَمُ
سَأَبكيكَ ما أَبقى لِيَ الدَهرُ مُقلَةً / فَإِن عَزَّني دَمعٌ فَما عَزَّني دَمُ
وَحُكمي بُكاءُ الدَهرِ فيما يَنوبُني / وَحُكمُ لَبيدٍ فيهِ حَولٌ مُجَرَّمُ
وَما نَحنُ إِلّا وائِلٌ وَمُهَلهَلٌ / صَفاءً وَإِلّا مالِكٌ وَمُتَمِّمُ
وَإِنّي وَإِيّاهُ لَعَينٌ وَأُختُها / وَإِنّي وَإِيّاهُ لَكَفٌّ وَمِعصَمُ
تُصاحِبُنا الأَيّامُ في ثَوبِ ناصِحٍ / وَيَختِلُنا مِنها عَلى الأَمنِ أَرقَمُ
وَما أَغرَبَت فيكَ اللَيالي وَإِنَّها / لَتَصدَعُنا مِن كُلِّ شِعبٍ وَتَثلِمُ
طَوارِقُ خَطبٍ ما تُغَبُّ وُفودُها / وَأَحداثُ أَيّامٍ تُغِذِّ وَتُتئِمُ
فَما عَرَّفَتني غَيرَ ما أَنا عارِفٌ / وَلا عَلَّمَتني غَيرَ ما كُنتُ أَعلَمُ
مَتى لَم تُصِب مِنّا اللَيالي اِبنَ هَمَّةٍ / يُجَشِّمُها صَرفُ الرَدى فَتَجَشَّمُ
تُهينُ عَلَينا الحَربُ نَفساً عَزيزَةً / إِذا عاضَنا مِنها الثَناءُ المُنَمنَمُ
وَإِنّي لَغِرٌّ إِن رَضيتُ بِصاحِبٍ / يَبَشُّ وَفيهِ جانِبٌ مُتَجَهِّمُ
وَنَحنُ أُناسٌ لاتَزالُ سَراتُنا / لَها مَشرَبٌ بَينَ المَنايا وَمَطعَمُ
نَظَرنا إِلى هَذا الزَمانِ وَأَهلِهِ / فَهانَ عَلَينا ما يَشِتُّ وَيَنظِمُ
وَنَدعو كَريماً مَن يَجودُ بِمالِهِ / وَمَن يَبذِلُ النَفسَ الكَريمَةَ أَكرَمُ
وَما لِيَ لا أَمضي حَميداً وَمَطلَبي / بَعيدٌ وَما فِعلي بِحالٍ مُذَمَّمُ
إِذا لَم يَكُن يُنجي الفِرارُ مِنَ الرَدى / عَلى حالَةٍ فَالصَبرُ أَرجى وَأَحزَمُ
لَكَ اللَهُ إِنّا بَينَ غادٍ وَرائِحٍ / نُعِدُّ المَغازي في البِلادِ وَنَغنَمُ
وَأَرماحُنا في كُلِّ لَبَّةِ فارِسٍ / تُثَقِّبُ تَثقيبَ الجُمانِ وَتَنظِمُ
سَنَضرِبُهُم مادامَ لِلسَيفِ قائِمٌ / وَنَطعَنُهُم مادامَ لِلرُمحِ لَهذَمُ
وَنَقفوهُمُ خَلفَ الخَليجِ بِضُمَّرٍ / تَخوضُ بِحاراً بَعضُ خُلجانِها دَمُ
بِكُلِّ غُلامٍ مِن نِزارٍ وَغَيرِها / عَلَيهِ مِنَ الماذِيِّ دِرعٌ مُخَتَّمُ
وَنَجنِبُ ما أَلقى الوَجيهُ وَلاحِقٌ / إِلى كُلِّ ما أَبقى الجَديلُ وَشَدقَمُ
وَنَعتَقِلُ الصُمَّ العَوالِيَ إِنَّها / طَريقٌ إِلى نَيلِ المَعالي وَسُلَّمُ
رَأَيتُهُمُ يَرجونَ ثَأراً بِسالِفٍ / وَفي كُلِّ يَومٍ يَأخُذُ السَيفُ مِنهُمُ
فَقُل لِاِبنِ فُقّاسٍ دَعِ الحَربَ جانِباً / فَإِنَّكَ رومِيُّ وَخَصمُكَ مُسلِمُ
فَوَجهُكَ مَضروبٌ وَأُمَّكَ ثاكِلٌ / وَسِبطُكَ مَأسورٌ وَعِرسُكَ أَيِّمُ
وَلَم تَنبُ عَنكَ البيضُ في كُلِّ مَشهَدٍ / وَلَكِنَّ قَتلَ الشَيخِ فينا مُحَرَّمُ
إِذا ضُرِبَت فَوقَ الخَليجِ قِبابُنا / وَأَمسى عَلَيكَ الذِلُّ وَهوَ مُخَيِّمُ
وَأَدّى إِلَينا المَلكُ جِزيَةَ رَأسِهِ / وَفُكَّ عَنِ الأَسرى الوِثاقُ وَسُلِّموا
فَإِن تَرغَبوا في الصُلحِ فَالصُلحُ صالِحٌ / وَإِن تَجنَحوا لِلسِلمِ فَالسُلمُ أَسلَمُ
أَعاداتُ سَيفِ الدَولَةِ القَرمِ إِنَّها / لِإِحدى الَّذي كَشَّفتَ بَل هِيَ أَعظَمُ
وَإِنَّ لِسَيفِ الدَولَةِ القَرمِ عادَةً / تَرومُ عُلوقُ المُعجِزاتِ فَتَرأَمُ
وَقيلَ لَها سَيفُ الهُدى قُلتُ إِنَّهُ / لَيَفعَلُ خَيرُ الفاعِلينَ وَيُكرَمُ
أَما اِنتاشَ مِن مَسِّ الحَديدِ وَثُقلِهِ / أَبا وائِلٍ وَالبيضُ في البيضِ تَحكُمُ
تَجُرُّ عَلَيهِ الحَربُ مِن كُلِّ جانِبٍ / فَلا ضَجِرٌ جافٍ وَلا مُتَبَرِّمُ
أَخو عَزَماتٍ في الحُروبِ إِذا أَتى / أَتى حادِثٌ مِن جانِبِ اللَهِ مُبرَمُ
نَخِفُّ إِذا ضاقَت عَلَينا أُمورُنا / بِأَبيَضِ وَجهِ الرَأيِ وَالخَطبِ مُظلِمُ
وَنَرمي بِأَمرٍ لانُطيقُ اِحتِمالَهُ / إِلى قَرمِنا وَالقَرمُ بِالأَمرِ أَقوَمُ
إِلى رَجُلٍ يَلقاكَ في شَخصِ واحِدٍ / وَلَكِنَّهُ في الحَربِ جَيشٌ عَرَمرَمُ
ثَقيلٌ عَلى الأَعداءِ أَعقابُ وَطئِهِ / صَليبٌ عَلى أَفواهِها حينَ تُعجَمُ
وَنُمسِكُ عَن بَعضِ الأُمورِ مَهابَةً / فَيَعلَمُ مايُخفي الضَميرُ وَيَفهَمُ
وَنَجني جِناياتٍ عَلَيهِ يُقيلُها / وَنُخطِئُ أَحياناً إِلَيهِ فَيَحلَمُ
يَسومونَنا فيكَ الفِداءَ وَإِنَّنا / لَنَرجوكَ قَسراً وَالمَعاطِسُ تُرغَمُ
أَتَرضى بِأَن نُعطى السَواءَ قَسيمَنا / إِذا المَجدُ بَينَ الأَغلَبينَ يُقَسَّمُ
وَما الأَسرُ غُرمٌ وَالبَلاءُ مُحَمَّدٌ / وَلا النَصرُ غُنمٌ وَالهَلاكُ مُذَمَّمُ
لَعَمري لَقَد أَعذَرتُ إِن قَلَّ مُسعِدٌ / وَأَقدَمتَ لَو أَنَّ الكَتائِبَ تُقدِمُ
دَعَوتَ خَلوفاً حينَ تَختَلِفُ القَنا / وَنادَيتَ صُمّاً عَنكَ حينَ تُصَمَّمُ
وَما عابَكَ اِبنَ السابِقينَ إِلى العُلا / تَأَخَّرُ أَقوامٍ وَأَنتَ مُقَدَّمُ
وَمالَكَ لاتَلقى بِمُهجَتِكَ الرَدى / وَأَنتَ مِنَ القَومِ الَّذينَ هُمُ هُمُ
لَعاً يا أَخي لامَسَّكَ السوءُ إِنَّهُ / هُوَ الدَهرُ في حالَيهِ بُؤسٌ وَأَنعُمُ
وَما ساءَني أَنّي مَكانَكَ عانِياً / وَأُسلِمُ نَفسي لِلإِسارِ وَتَسلَمُ
طَلَبتُكَ حَتّى لَم أَجِد لِيَ مَطلَباً / وَأَقدَمتُ حَتّى قَلَّ مَن يَتَقَدَّمُ
وَما قَعَدَت بي عَن لِحاقِكَ عِلَّةٌ / وَلَكِن قَضاءٌ فاتَني فيكَ مُبرَمُ
فَإِن جَلَّ هَذا الأَمرُ فَاللَهُ فَوقَهُ / وَإِن عَظُمَ المَطلوبُ فَاللَهُ أَعظَمُ
وَإِنّي لَأَخفي فيكَ مالَيسَ خافِياً / وَأَكتُمُ وَجداً مِثلُهُ لايُكَتَّمُ
وَلَو أَنَّني وَفَّيتُ رُزءَكَ حَقَّهُ / لَما خَطَّ لي كَفٌّ وَلا فاهَ لي فَمُ
أَما إِنَّهُ رَبعُ الصِبا وَمَعالِمُه
أَما إِنَّهُ رَبعُ الصِبا وَمَعالِمُه / فَلا عُذرَ إِن لَم يُنفِذِ الدَمعَ ساجِمُه
لَئِن بِتَّ تَبكيهِ خَلاءً فَطالَما / نَعِمتَ بِهِ دَهراً وَفيهِ نَواعِمُه
رِياحٌ عَفَتهُ وَهيَ أَنفاسُ عاشِقٍ / وَوَبلٌ سَقاهُ وَالجُفونُ غَمائِمُه
وَظَلّامَةٍ قَلَّدتُها حُكمَ مُهجَتي / وَمَن يُنصِفُ المَظلومَ وَالخَصمُ حاكِمُه
مَهاةٌ لَها مِن كُلِّ وَجدٍ مَصونُهُ / وَخَودٌ لَها مِن كُلِّ دَمعٍ كَرائِمُه
وَلَيلٍ كَفَرعَيها قَطَعتُ وَصاحِبي / رَقيقُ غِرارٍ مِخذَمُ الحَدِّ صارِمُه
تَغُذُّ بِيَ القَفرَ الفَضاءَ شِمِلَّةٌ / سَواءٌ عَلَيها نَجدُهُ وَتَهائِمُه
تُصاحِبُني آرامُهُ وَظِباؤُهُ / وَتُؤنِسُني أَصلالُهُ وَأَراقِمُه
وَأَيُّ بِلادِ اللَهِ لَم أَنتَقِل بِها / وَلا وَطِئَتها مِن بَعيري مَناسِمُه
وَنَحنُ أُناسٌ يَعلَمُ اللَهُ أَنَّنا / إِذا جَمَحَ الدَهرُ الغَشومُ شَكائِمُه
إِذا وُلِدَ المَولودُ مِنّا فَإِنَّما ال / أَسِنَّةُ وَالبيضُ الرِقاقُ تَمائِمُه
أَلا مُبلِغٌ عَنّي اِبنَ عَمّي أَلوكَةً / بَثَثتُ بِها بَعضَ الَّذي أَنا كاتِمُه
أَيا جافِياً ماكُنتُ أَخشى جَفاءَهُ / وَإِن كَثُرَت عُذّالُهُ وَلَوائِمُه
كَذَلِكَ حَظّي مِن زَماني وَأَهلِهِ / يُصارِمُني الخِلُّ الَّذي لا أُصارِمُه
وَإِن كُنتُ مُشتاقاً إِلَيكَ فَإِنَّهُ / لَيَشتاقُ صَبٌّ إِلفَهُ وَهوَ ظالِمُه
أَوَدُّكَ وُدّاً لا الزَمانُ يُبيدُهُ / وَلا النَأيُ يُفنيهِ وَلا الهَجرُ ثالِمُه
وَأَنتَ وَفِيٌّ لايُذَمُّ وَفاؤُهُ / وَأَنتَ كَريمٌ لَيسَ تُحصى مَكارِمُه
أُقيمُ بِهِ أَصلُ الفَخارِ وَفَرعُهُ / وَشُدَّ بِهِ رُكنُ العُلا وَدَعائِمُه
أَخو السَيفِ تُعديهِ نَداوَةُ كَفِّهِ / فَيَحمَرُّ حَدّاهُ وَيَخضَرُّ قائِمُه
أَعِندَكَ لي عُتبى فَأَحمِلَ مامَضى / وَأَبني رُواقَ الوُدِّ إِذ أَنتَ هادِمُه
أَيا راكِباً نَحوَ الجَزيرَةِ جَسرَةً
أَيا راكِباً نَحوَ الجَزيرَةِ جَسرَةً / عُذافِرَةً إِنَّ الحَديثَ شُجونُ
مِنَ الموخِداتِ الضُمَّرِ اللاءِ وَخدُها / كَفيلٌ بِحاجاتِ الرِجالِ ضَمينُ
تَحَمَّل إِلى القاضي سَلامي وَقُل لَهُ / أَلا إِنَّ قَلبي مُذ حَزِنتَ حَزينُ
وَإِنَّ فُؤادي لِاِفتِقادِ أَسيرِهِ / أَسيرٌ بِأَيدي الحادِثاتِ رَهينُ
أُحاوِلُ كِتمانَ الَّذي بي مِنَ الأَسى / وَتَأبى غُروبٌ ثَرَّةٌ وَشُؤونُ
بِمَن أَنا في الدُنيا عَلى السِرِّ واثِقٌ / وَطَرفي نَمومٌ وَالدُموعُ تَخونُ
يَضِنُّ زَماني بِالثِقاتِ وَإِنَّني / بِسِرّي عَلى غَيرِ الثُقاتِ ضَنينُ
لَعَلَّ زَماناً بِالمَسَرَّةِ يَنثَني / وَعَطفَةَ دَهرٍ بِاللِقاءِ تَكونُ
أَلا لايَرى الأَعداءُ فيكَ غَضاضَةً / فَلِلدَهرِ بُؤسٌ قَد عَلِمتَ وَلينُ
وَأَعظَمُ ماكانَت هُمومُكَ تَنجَلي / وَأَصعَبُ ماكانَ الزَمانُ يَهونُ
أَلا لَيتَ شِعري هَل أَنا الدَهرَ واحِدٌ / قَريناً لَهُ حُسنُ الوَفاءِ قَرينُ
فَأَشكو وَيَشكو مابِقَلبي وَقَلبِهِ / كِلانا عَلى نَجوى أَخيهِ أَمينُ
وَفي بَعضِ مَن يُلقي إِلَيكَ مَوَدَّةً / عَدُوٌّ إِذا كَشَّفتَ عَنهُ مُبينُ
إِذا غَيَّرَ البُعدُ الهَوى فَهَوى أَبي / حُصَينٍ مَنيعٌ في الفُؤادِ حَصينُ
فَلا بَرِحَت بِالحاسِدينَ كَآبَةٌ / وَلا هَجَعَت لِلشامِتينَ عُيونُ
بَخِلتُ بِنَفسي أَن يُقالَ مُبَخِّلٌ
بَخِلتُ بِنَفسي أَن يُقالَ مُبَخِّلٌ / وَأَقدَمتُ جُبناً أَن يُقالَ جَبانُ
وَمُلكي بَقايا ما وَهَبتُ مُفاضَةٌ / وَرُمحٌ وَسَيفٌ قاطِعٌ وَحِصانُ