القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ظافِر الحَدّاد الكل
المجموع : 72
سلِ الخيلَ والسُّمْرَ الذَّوابِل والوَغَى
سلِ الخيلَ والسُّمْرَ الذَّوابِل والوَغَى / فرسانها والبِيض والبَيْضَ والزَّغْفا
وجَزْلَ العَطايا والصَّنائعَ والعُلى / وطِيبَ الثَّنا والنظمَ والنثر والصُّحفا
عن الأفضلِ المُسْتَكمِل الفضلَ هل حَوى / فضائَله مِنْ قبلهِ ملكٌ وَصْفا
أَجلِّ الوَرَى قَدْرا وأَحْسَن سيرةً / وأشجعِهم نفساً وأكرمهم كَفّا
وأعظمِهم ملكا وأكبر همةً / وأصْلبهم عودا وأَلْيَنهم عِطْفا
فإنْ ظَهرتْ بالفِعْل منه فإنها / وإن عُدِمتْ في غيرِه بعضُ ما أَخْفَى
مَناقبُ جَلَّتْ أنْ تكون لواحدٍ / وما اسملحتْ منها الورى قبلَه صِنْفا
هواىَ وعقلي فيك ضِدَّانِ لم يَزَلْ
هواىَ وعقلي فيك ضِدَّانِ لم يَزَلْ / عليكَ طوالَ الدهرِ بينَهما خُلْفُ
إذا ما نَهاني العقلُ فيك أعادَني / إليك هَوىً تَغْفو العيونُ ولا يَغْفو
كأنك مني قَوْسُ رامٍ مُصَمِّمٍ / تُقَرِّبها كَفٌّ وتُبْعِدها كف
يجِلُّ اشتياقِي أنْ أقولَ له وَصْفا
يجِلُّ اشتياقِي أنْ أقولَ له وَصْفا / فحَسْبِيَ ما مَضَّ الفؤادَ وما شَفَّا
أُكرِّر وَالَهْفا لبُعْدِك دائبا / وهل نافِعي قولي لبعدك والهفا
عشيةَ ما لي غيرَ دمعي وسيلةٌ / تُفيد ودمعُ العين أَشْفَى لمن أَشْفَى
وما طائرٌ قَصَّ الزمانُ جناحَه / وأَعْدَمَه وَكْرا وأَفْقَده إِلْفا
تذكر زُغْبا بين افنانِ بانةٍ / خَوافِى الخَوافِى ما يَطرْنَ بها ضَعْفا
بأَشْوَقَ مني يوم شَطّتْ بك النَّوى / هوائيةً مائية تَسْبِق الطَّرْفا
تولتْ وفيها منك ما لو أَقيسُه / بما هي فيه كان نائِلُه أَوْفَى
تَوالَى عَذابي من عِذابِ المَراشفِ
تَوالَى عَذابي من عِذابِ المَراشفِ / وطُلَّ دمي بين الطُّلى والسَّوالِفِ
يَهيج البكا من عَبْرَتي كلَّ زاخرٍ / ويُبْدي الأسى من زَفرَتي كلَّ عاصف
هَوىً زاد حتى جَلَّ عن كلِّ واصفٍ / وفَرْطُ سَقامٍ دونَه نعتُ واصِف
فلو رام قلبي سَلْوةً حالَ دونَه / رَسيسُ غَرامٍ من تَليدٍ وطارِف
وما جُبتُ في نارِ الأسى غيرَ عالم / ولا خُضْتُ في بحرِ الهوى غير عارف
وما زُخْرفتْ لي عَبْرةٌ غير أنني / بُليت مع البلوى بقلبٍ مخالِف
وأَحورَ يُغْنِى البابليين لحظُه / ويُهدى إلى الأغصانِ لينَ المَعاطف
حَمتْ عقربٌ من صدغه وردَ خَده / فيلدغُ من أبْدَى له لحظَ قاطِف
يساعدُ صَرْفَ الدهرِ في وجنةٌ / وها أَنا وَقْفٌ بين رامٍ وخاذِف
سأَتبَع عزمي حيث أمً وأنْتَحِى / وجوهَ المنايا في ظهور الَمخاوف
عسى عِزةٌ تُنْجِي من الذل أو غِنَى / من الفقر أو أَلقَى الردَى غير آسف
فقدذاق صَرْفُ الدهر عودى وهَزه / فأَلفاهُ مُرا لا يَلينُ لعاطِف
ويوم تَبَدَّى من سَحائِبه الوَدْقُ
ويوم تَبَدَّى من سَحائِبه الوَدْقُ / كما اسْتَعْبَر المعشوقُ أَقْلَقَه العِشْقُ
يُقَهْقه فيه الرعدُ من أَدْمُع الحَيا / ويبسم من أنفاس أَرياحِه البرق
حكي جودَ شاهِنْشاه أفعالُ نَوْئه / وكلا ولكنْ نَوْءُه منه مُشْتَقّ
هو الملك المخصوص بالفضل دائماً / فكلُّ تَغالٍ في مَدائحه صدق
إذا كَرَّر الحادون في البيدِ مِدْحةً / تغنتْ به ما بين أوراقِها الوُرْق
أَلاَ هلْ لدائي من فراقِك إفراقُ
أَلاَ هلْ لدائي من فراقِك إفراقُ / هو السُّمُّ لكنْ في لقائِك دِرْياق
فيا شمسَ فضلٍ غَرَّبتْ ولضوئِها / على كلِّ قُطرٍ بالمَشارق إشراق
سَقى العهدُ عهداً منك عَمَّرَ عهدُه / بقلبي عهدٌ لا يَضيع ومثياق
يُجَدِّدُه ذِكْرٌ يَطيب كما شَدَتْ / وُرَيقاءُ كَنَّتْها من الأَيْكِ أَوراق
لك الخُلق الجَزْل الرَّفيع طِرازُه / وأكثرُ أخلاقِ الخَليقة أَخْلاق
لقد صاولتْنِي يا أبا الصَّلْتِ مذ نأتْ / ديارُك عن داري همومٌ وأشواق
إذا عَزَّني إطفاؤُها بمَدامِعي / جَرتْ ولها ما بينَ جفنَىَّ إحراق
سحائبُ يَحْدوها زَفيرٌ يَجُرُّه / خلالَ التَّراقِي والتَّرائبِ تَشْهاق
وقد كان لي كنزٌ من الصبر واسع / فلى منه في صَعْب النَّوائب إِنفاق
وسيفٌ إذا جردتُ بعضَ غِراره / لجيش خطوبٍ صَدَّها منه إِرهاق
إلى أن أبان البينُ أن غِراره / غرور وأن الكنز فقر وإملاق
أخي سيدي مولاي دعوة من صَفا / وليس له من رِقِّ وُدّك إعتاق
لئن بَعَّدتْ ما بيننا شُقَّة النَّوى / ومُطَّرِدٌ طامي الغَوارِب خَفّاق
وبِيدٌ إذا كَلَّفتها العِيسَ قَصَّرتْ / طَلائحَ أَنْضاها ذَميلٌ وإعناق
فعندي لك الود المُلازمُ مثلَما / تُلازم أعناقَ الحمائمِ أطواق
أَلاَ هلْ لأيامي بك الغُرِّ عودةٌ / كعهدِي وَثَغْرُ الثغرِ أَشْنَبُ بَرّاق
لياليَ يُدْنينا جِوارٌ أَعادَنا / من القُرب كالصِّنْوَيْن ضمهما ساق
وما بيننا من حُسْنِ لفظِك روضةٌ / بها حَسَدتْ منا المسامعَ أحْداق
حديثٌ حديثٌ كلما طال موجز / مفيد إلى قلب المحدَّث سَبّاق
يُزَجِّيه بحرٌ من علومِك زاخرٌ / له كلُّ بحرٍ فائضُ اللُّجِّ رَقْراق
مَعانٍ كَأَطوادِ الشَّامخِ جَزْلةٌ / تضمَّنها عذبٌ من اللفظِ غَيْداق
به حِكَمٌ مستنبطاتٌ غَرائبٌ / لأَبْكارِها الغُرِّ الفَلاسفُ عُشّاق
فلو عاش رَسْطالِيسُ كان له بها / غرامٌ وقلبٌ دائم الفكرِ تَوّاق
فيا واحدَ الفضلِ الذي العلمُ قُوتُه / وأهلوه مشتاقون شُمٌّ وذُوّاق
لئن قَصَّرت كُتْبي فلا غروَ أنه / لعائقِ عذرٍ والمقاديرُ أُوْهاق
كتبتُ وآفاتُ البحارِ تَردُّها / فإنْ لم يكنْ رَدٌّ إلىَّ فإغراق
بحارٌ بأَحكامِ الرِّياحِ فإنها / مفاتيحُ في أَبوابِهنَّ وأَغْلاق
ومَنْ لي بأنْ أَحظَى إليك بنظرةٍ / فيسكنَ مِقْلاقٌ ويَرْقأَ مُهْراق
أَلا لا أَعاد اللهُ ليلِى بحجرةٍ
أَلا لا أَعاد اللهُ ليلِى بحجرةٍ / وقفتُ بها حتى الصباحِ على ساقِ
وللبَقِّ فيها والبَراغيثِ خُلْطَةٌ / كبَزْر قَطُوْنا ذُرَّ في حَبِّ سُمّاقِ
إذا ما أَرانينُ البعوضِ تَجاوبتْ / لنا وَقَّعوا بالرقص إيقاعَ حُذّاقِ
وقد أنضجتْ جسمي لهم نارُ حَرِّها / ولكنّه نضج تَنَاهى لإحراق
فبتُّ كأنى من حرارة نهْشها / سليمُ الأفاعي دونَ راق وترياق
وما عَجَبي أن كدتُ أَفنَى بأكِلها / بَلى عَجَبي أنْ كيف قد سَلم الباقي
إلى أن تَبدَّى الصبحُ بعد تباعدٍ / فداركتُ من نفسي بقيةَ أرماقي
فبادرتُ نحو الباب أطلب ملجأ / فسبحانَ من أحيا ومَنَّ بإطلاق
لقد جَمع الكانونُ نورا وظلمة
لقد جَمع الكانونُ نورا وظلمة / وجالَسنا في هيئة الرجلِ الحُكْل
ودَبَّت سُلافُ النارِ في قارِ فحمِه / كمادَبَّ نورُ الشمسِ في طَرف الظِّلِّ
وكنا نُفَدِّيه وفيه شبيبةٌ / ونَخْتصُّه بالقُربِ منا وبالوصل
إلى أنْ عَلا شيبُ الرمادِ قَذاله / وأصبح شيخا في المزاج وفي الفُكْلِ
هَجَرْناه هجرَ الغانياتِ ضرورةً / فصار لدينا لا يُمِرُّ ولا يُحْلى
وبادرةٍ للشيبِ بادرتُ قَصَّها
وبادرةٍ للشيبِ بادرتُ قَصَّها / لآرفعَ بادِى خَيْطِها وهْو ينزلُ
فقالت لئن قَصَّرتَ مني تَخوُّفا / فأَيدِي الليالي من ورائىَ تَغْزِل
وهل أنا إلا سَقْطةُ الزَّنْدِ صادفتْ / مواضع طُعْمٍ فهْي تُذْكَى وتُشْعَل
فسالمتُها لما تيقنتُ أنها / وما خَلْفَها جيشٌ من الله مُرْسَل
شبابٌ تَولَّى ما إليه سبيلٌ
شبابٌ تَولَّى ما إليه سبيلٌ / وشيبٌ تَبدَّى ليس منه مقيلُ
فهذا كليلِ الوصلِ لونا ومُدَّةً / وذا كنهارِ الهجر فهْو طويل
فأطيبُ عيشِ المرءِ عصرُ شبابِه / ومِنْ سَعْدِه لو مات حين يزول
فلا تحسبنَّ العمرَ بعد شَبيبةٍ / فكلُّ حياةٍ بعد ذاك فُضول
إذا الشيخُ أَثْرَى فهْو أفقرُ مُعْدِمٍ / وإنْ صَحَّ بعد الشيبِ فهْو عَليل
بكى الناسُ أيامَ الشَّبيبة قبلنَا / بكاءً أطالوا فيه وهْو قليل
إذا شَرُفتْ نفسُ الفتى عافتِ الذُّلاّ
إذا شَرُفتْ نفسُ الفتى عافتِ الذُّلاّ / ولو كابدتْ من فَرْطِ ضِيقتِها غُلاّ
ولو حاز مُلكَ الأرضِ والعيشَ خالدا / بذلَّةِ يومٍ واحد ترك الكُلاّ
له سيفُ صبر مُغَمدٌ في قَناعةٍ / إذا ثار جيشٌ من مَطامعِه سَلا
أكثبانَ رملِ الظاهرية هل إلى
أكثبانَ رملِ الظاهرية هل إلى / عَشِيّاتِك المستحسَناتِ سَبيلُ
وهل يَتلقّاني نسيمُك سُحْرةً / وقد صافح الأزهار وهْو عليل
الطَّلِّ يسحب ذيله / على قُلَل الأهداف وهْو بليل
ويُطرِبني في جانبيك حَمائم / لها بين أوراق الغصون عَوِيل
وتبهجني تلك القصور التي بها / بياض يرد الطرف وهْو كليل
إذا قلتُ قد رَقَّ الزمانُ وَصَرَّفَتْ
إذا قلتُ قد رَقَّ الزمانُ وَصَرَّفَتْ / صُروفُ الليالي ضَيقَتي وخُمولي
أَحال علىَّ النائباتِ كأنما / يُطالبني عن سالفٍ بذُحُول
عجبتُ لشُكرِي كيف يرجو بجهدِه
عجبتُ لشُكرِي كيف يرجو بجهدِه / مُكافاةَ ما يُولى الحسينُ من الفَضْلِ
وإني وإياه لَكالأرضِ حاولتْ / مجازاةَ ما تُولى السماءُ من الوَبْل
تُرى ثغرُ ذاك الثغرِ بالقربِ يَبْسِمُ
تُرى ثغرُ ذاك الثغرِ بالقربِ يَبْسِمُ / فأغدو وعيشِى مثل ما كان مَعْكُمُ
لياليَ لا طَرْفِي من الدمع مُكْثِر / عليكم ولا قلبي من الصبر مُعْدِم
ولا زَفَراتُ الشوقِ تحدو تأسُّفِى / فتُنجِد ما بين الضولع وَتُتْهِم
ليالٍ كأوساطِ الآلى فسِلْكُها / يُفصَّلُ باللذات فينا ويُنْظَم
كأني وذاك العيشُ طيفٌ تَبرَّعتْ / به سِنَةٌ لم يَرْوَ منها مُهَوِّم
على الجانبِ الإسكندريِّ سلامُ
على الجانبِ الإسكندريِّ سلامُ / يُكرِّره مني عليه دوامُ
سلامٌ يُناجِى ذلك الثغر مُضحِكا / رُباهُ بنَوْرٍ قد بَكاهُ غَمام
ذكرتُ زماني فيه والعيشُ أخضر / وإذ أنا طفلٌ والزّمان غلام
وأيامُنا كالدرِّ فُصِّل عِقْدُه / وتم ولم ينفكَّ منه نظام
محلٌّ به مَوْتَى حياةٍ شَهيةٍ / تَلذُّ وعيِشي في سِواه حِمام
ففي الجانبِ الغربيِّ منه مَدافنٌ / وفيهنَّ أَجْداث عليَّ كِرام
سَقتْها دموعُ الغيثِ بَدْءاً وَعَوْدَة / ففيها عِظامٌ قد بَلِينَ عِظام
عِظامٌ لها أصلانِ فرعُهما أنا / وحَسْبُك فَهْمٌ منهما وجُذام
مُنيفان فوق الراسياتِ تَطاوُلا / تُقصِّرُ رَضْوَى عنهما وشَمام
ولو لم يكونا لي لَكانتْ فضائلي / تُحقِّق ما قد قال قبلي عِصام
قبور على الدِّيماسِ أضحتْ وفضلُها / له في ظهورِ النّيِّراتِ زحام
بها طاب ذاك التُّرْبُ حين بطيبِها / تَأَرَّج فيه عَبْهَرٌ وخُزام
فرَياّ رياضِ الخِصبِ بعضُ ثَنائِهم / لها في مناجاةِ الأنوف كلام
فكم همةٌ فيها وكم أريحيةٌ / وفضلٌ ومجدٌ شامخ وذِمام
وجوهٌ نأتْ عني وبيني وبينها / ذراعٌ يُواريه ثَرىً ورِجام
فكنتُ إذا ما اشتقْتُها خفض الأسى / دُنُوٌّ إلى أَجْداثها ولِمام
فكيف وقد صار البعادُ ثلاثةً / مماتٌ وبَينٌ نازحٌ وسَقام
فلا قربَ في الدنيا سوى أن يزورني / خيالٌ وهيهاتَ النَّوى ومَنام
فيا طالَما شِيمَ الحَيا من أَكُفِّها / وفي غُرَرٍ منها الحياءُ يُشام
سأبِكي مدى الدنيا عليها فريضةً / مؤكدةً فالصبر بعدُ حرام
أَلاَ يا نسيمَ الريحِ إنْ كنتَ عابِرا
أَلاَ يا نسيمَ الريحِ إنْ كنتَ عابِرا / على الثغرِ فاقْرِى الساحَليْن سلامي
فبالرملِ من شرقيِّه مَنْ بحُبِّه / سَرائرُ تَسْرى في أدق عظامي
عزيزٌ على قلبي ولا سيَّما إذا / أطالتْ عليه العاذلات مَلامي
مريض جُفونِ الطَّرْفِ من غيرِ علةٍ / فهنّ سقيماتٌ بغير سَقام
بفيهِ لآلٍ في عقيقٍ كأنها / أَقاحىُّ رملٍ في سُلاف مُدام
وفي خَدِّه نارٌ وماء تَألَّفا / ومن عَجبٍ ماءٌ خِلال ضِرام
كأن غصون البانِ في كُثُب النّقا / جُذِبْنَ على رِدْفٍ له وقَوام
وكم ليلةٍ بِتْنا وبيني وبينه / عَفافٌ يُناجِى في العناق غرامي
وقد ضَمَّنا شوقٌ كما ضم ساهِرا / ثَوَى لكَرَى جَفْنيْه عند مَنام
وقائمُ سيِفي في يَميني وجِيدُه / بيُسراى في عِقْدٍ بغير نظام
حِذارا علينا من غيور مُبادِرٍ / يُسابِقني بالضرب قبل قيامي
فواهاً على الإسكندرية كلما / تَنكَّد عيشي دونَها بدَوام
ديارٌ بها أحبابُ قلبي ومَنْشَئِي / وقوميَ من فتيانِ آل جُذام
فلى من جُذام عصبةٌ جَرَوِيةٌ / صَفَتْ كزُلالٍ من مُتونِ غَمام
هي الذهبُ الإبريزُ صَفَّتْ نضارةً / يدُ السَّبْكِ من عيبٍ يَشوب وذام
إذا اليمنُ اعتدّتْ بأوفَى فضيلةٍ / وَجدْتُهم فيها أَمامَ أَمام
أسودُ وَغًى ولا ترتِضى نيلَ مكسب / وإنْ جَلَّ إلا مِن قناً وحُسام
يَبيتون خُمْصا والمَطاعمُ جَمةٌ / إذا شِيبَ أدنى ذلةٍ بطعام
ومالموت إلا الذلُّ في العيشِ عندهم / وما العيشُ إلا عزةٌ بحمِام
طِوالٌ حَكَوا خَطِّيةً بأَكُفِّهم / ثِقاتٌ لدى الهَيْجا بفَرْطِ ذِمام
إذا شئتَ أصلَ المجدِ والفخرِ فابْغِه / وحَسْبُك من شيخٍ لهم وغُلام
أخَفُّ إلى الهيْجاءِ من وَفْدِ عاصفٍ / وأَثَبتُ حِلْما من هِضاب شَمام
حَيُّيون أَنْدَى أوجُها وأَناملا / من الغيثِ وإلىَ وَدْقَة بسِجام
يَصونون ما تحوِى المآزرُ من تُقىً / وفضلٍ وما في بُرْقعٍ ولثام
إذا قيلتِ العَوْراء غَضَّوا وغودِرت / بأسماعِهم منها أَحرُّ كِلام
أَلاَ هلْ إلى الإسكندريةِ أَوْبَةٌ / تُبرِّد أشواقي وحَرَّ أُوامى
كأنّى على إفراطِ شيبٍ أصابني / عليها رضيعٌ في حَديث فِطام
وإني وإنْ باشرتُ أرفعَ رتبةٍ / بمدحِ ملوكٍ أُعجبتْ بكلامي
لَكالطيرِ تُدْنَى في القصورِ لصوتِها / فتبكي على أَوكارِها بمَوام
وما الشوقُ للأوطانِ من أجلِ طِيبِها / ولا شرفٍ فيها وفضلِ مُقام
ولكنه في النفسِ طبعٌ لأجله / تُجادل في تفضيلها وتُحامي
كذا الطفل يبغي الأُمَّ معْ سوء شخصِها / ويَشْنَا سِواها وهْي ذاتُ وَسام
ومن غربةٍ يبكي الجنينُ إذا بدا / وقد كان في ضيقٍ وفرطِ ظلام
ويُعذَر من يشتاق أسوأَ موطنٍ / فكيف مُقاما طيبا كمقامي
يُحب الفتى أوطانه وبها العِدا / فكيف بأحبابٍ علىَّ كِرام
سكنتُ بها الدنيا فلما تركتُها / سكنتُ دَفينا في بُطونِ رِجام
عَلَى أنني فيما كَرِهتُ مُحَسَّد / وأَحْسَدُ من يبِغيه كلُّ هُمام
يرى الأَرْىَ ما أعتدُّ شُرْبا ويستقِى / بما أَتوقَّى من وشيكِ سِمام
وبعدُ فما أوطانُنا إنْ تَحققتْ / سوى حُفَرٍ في جَنْدَلٍ ورَغام
فما منزل الإنسانِ فيها مَقرُّه / وإن كان ذا خَيْمٍ بها وخِيام
ولكنه رَهْنُ المنايا لمدةٍ / محرَّرةٍ معلومةٍ بإمام
غريبٌ وإنْ لم يَنْتزِح عن بلادِه / فقيدٌ على عز وبُعْد مَرام
تغرَّب في الأحشاء عن ظهر والدٍ / وغَرَّبه الميلاد بعد زحام
وفي غربةِ الدنيا له أيُّ حسرةٍ / ومن بعدِها لا شكَّ غربةُ سام
وغُربته عند الحساب أشدُّها / فأيُّ أمورٍ لا تُطاق جِسام
وما قَصْدُه من بعدِ هذا وهَمُّه / سِوى مكسبٍ يَحْظَى به ويُسامى
وما حَظُّه من كسْبه غيرُ قُوتِه / ويَجمع للوُرّاثِ كلَّ حَرام
ومن سَعْدِه ألا يكونَ فإنْ يكن / يَمُت وهْو في الأحشاء ليس بِنامي
فما هو للآفات إلا دَريئةٌ / لوَخزِ رماحٍ أو لرَشْقِ سِهام
وغايتُه حالان إِما لجنةٍ / لها من جوارِ اللهِ خيرُ مُقام
وإِما إلى نارٍ فيا لك غربةٌ / وطولُ عذاب دائمٍ ولِزام
ألا ليتَ شِعْرِى والأَماني تَعلُّلٌ
ألا ليتَ شِعْرِى والأَماني تَعلُّلٌ / وللقلبِ فيها راحةٌ وسُكونُ
أَيُقْضَي لنفسٍ غالَها الشوقُ حاجةٌ / ويسمحُ دهرٌ بالوصال ضَنين
فتَرجِعَ أيام مَضَيْن كأنما / يُعاودني من ذكرِهنَّ جنون
وهل تجمعُ الأَيامُ شملى بشادنٍ / رَحلتُ وقلبي في يديه رَهين
مريضُ جُفونِ الطَّرْفِ لولا جفونُه / لما كنتُ أدري السُّقْم كيف يكون
أَلاَ ليتَ صبرِي لم يَبِنْ مثلَما بانُوا
أَلاَ ليتَ صبرِي لم يَبِنْ مثلَما بانُوا / لقد كان نِعْمَ المُسْتَعانُ إذا خانُوا
ولكنْ أطاع البينَ مني أربعٌ / فؤادٌ ونوم واصطبار وسُلوان
ولازَمني وَجْدٌ إذا حلّ بعضُه / بساحةِ سِرٍّ لم يُجاوِرْه كتمان
ودمعٌ إذا كَفْكَفْتُه فهْو وابِلٌ / وشوقٌ إذا أخفيتُه فهْو إعلان
وسُقْمٌ إذا أخفيتُ ما بي تأكدتْ / به حُجَجٌ للعاشقين وبرهان
فكم ليلةٍ ظلَّ اصْطبارِي كصُبْحِها / يُسامِرني فيها على الأَيْكِ حَنّان
غريبٌ نأَى عنه حبيبٌ ومنزل / كما قد نأى عني حبيب وأوطان
دعتْنِي وإياه فَريدةُمَهمهِ / أَنافتْ بها في ساحةِ الرمل أغصان
ينوح وأبكي غيرَ أنّ مدَامِعي / تَجود وما تَنْدَى لعينيه أجفان
إذا خفَّ عني الشوقُ هزَّ جوانحي / بنوحٍ كما هزَّتْه في تِيكَ أَفْنان
ولو ساعدتْني عزمةٌ من جناحِه / ليَمَّمتُ أحبابي بها حيثُ ما كانوا
رَعَى اللهُ عيشاً ناعماً سَمَحتْ به / لنا في ظهورِ الظاهرية أَزْمان
فكان كما زار الخيالُ مسلِّما / وودَّع إلا أنني فيه يقظان
فكم لي تلك الرُّبا من عشيةٍ / تُغازِلني فيها لدى البان غزلان
قُدودٌ حَكَتْهنَّ الغصون تهزُّها / روادفُ تَحكِيها من الرمل كثبان
دُمىً عَبَدتْهُنَّ القلوبُ صَبابةً / كما عُبِدت في الجاهلية أَوْثان
توَالَى عليّ الغدرُ منكم وأخْلقتْ
توَالَى عليّ الغدرُ منكم وأخْلقتْ / حَبائلُ ودي وانقضى منكم وَجْدِي
وقد كنتُ أُغِضي جفنَ عِيني على القَذَى / حِفاظا وأُخفِي منكمُ بعضَ ما أُبدي
إلى أنْ أفادتْني التجاربُ والنُّهى / سبيلَ التسلِّى فاستمرّ بها قَصْدي
ليَهْنِ فؤادي أنه قد سَلاكمُ / وآمَن من خوف القَطيعةِ والصَّدَّ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025