المجموع : 84
ذريني على أخلاقِي الشُّوْسِ إنني
ذريني على أخلاقِي الشُّوْسِ إنني / عليمٌ بإمرارِ العزائمِ والنَّقْضِ
أزيدُ إِذا أيسرتُ فضلَ تواضُعٍ / ويُزهى إِذا أعسرتُ بعضي على بعضي
فذلك عندَ اليُسْرِ أكسبُ للثَّنَا / وهذاكَ عند العُسْرِ أصونُ للعِرْضِ
أرى الغُصْنَ يَعرى وهو يسمو بنفسهِ / ويوقَرُ حملاً حين يدنو من الأرضِ
لكَ اللّه هل عهدُ الشبيبة يرجِعُ
لكَ اللّه هل عهدُ الشبيبة يرجِعُ / وهل بعدَهُ في خُلَّةِ البيضِ مطمعُ
فقد راعني أنَّ المشيبَ مُسَلِّمٌ / كما رابني أنَّ الشبابَ مُودِّعُ
فجلَّى شباباً كنتُ أخبِطُ ليلَهُ / سنا قمرٍ من جانب الغَوْرِ يطلُعُ
وأفنَى جميمَ الشَّعْرِ بعد التفافهِ / قطيعانِ عاثا فيه جُونٌ ونُصَّعُ
أقولُ لمرهومِ الإزار بدِيمةٍ / من الدمع يحدوها الحنينُ المرجَّعُ
تطلّعُ أسراري إِليهِ بأنَّةٍ / ولا يفضحُ الأسرارَ إِلّا التطلُّعُ
إِذا ما تمطَّتْ زفرةٌ بضلوعهِ / تصدَّعَ قلبٌ أو تحطَّمَ أضْلُعُ
لعلَّ انصداعَ القلب يُعْقِبُ سَلْوةً / من الوجد إذ لم يبقَ للوجد موضِعُ
لِيَهْنِكَ أنْ أعديتَنِي الشوقَ بعدَما / تماثَلَ من داءِ الصَّبَابَةِ مُوجَعُ
فدرستَ شوقاً كاد لولاك يمَّحِي / ونبَّهتَ شوقاً كان لولاك يهجعُ
وقد كنتُ مأهولَ الجوانحِ بالأسى / فعدتُ ولي صدرٌ من الصبرِ بَلْقَعُ
فللوجدِ في أكنافِ صدريَ مرتَعٌ / وللصبرِ في أكنافِ وجديَ مصرعُ
هوىً مثلُ سِرِّ الزَّندِ أفشاه قدحُهُ / وما كان لولا قَدْحةُ الزندِ يلمعُ
أقولُ وعيني للدموع وقيعةٌ / وظهري بأعباء الخُطوبِ موقَّعُ
تُطاردُنِي الأيامُ عمَّا أُريدُهُ / وتَلْوي بموعودِ الضَّمانِ فأقنعُ
أما درتِ الأيامُ أنّيَ في حِمَى / وليِّ أميرِ المؤمنين مُمَنَّعُ
حمىً لو عصى حكمَ المقابرِ جارُه / لكان له مما يقدّرُ مفزَعُ
حمىً فيه للأدنَيْنَ مرعىً ومشرعٌ / كما فيهِ للأَقْصَيْنَ مَرْوىً ومشبعُ
وأروعَ وقّادِ الجبينِ كأنّما / جَرى فوق خدَّيْهِ النُضَارُ المشعشَعُ
حياةٌ لمن ينتابُه وهو قانعٌ / وموتٌ لمن يغشاهُ وهو مقنَّعُ
يهونُ عليه المالُ وهو مكرَّمٌ / ويعلو لديهِ الحمدُ وهو مُضَيَّعُ
سجيةُ مطبوعٍ على الحمدِ خِيمُهُ / إِذا شانَ أخلاقَ الرجالِ التطبّعُ
له نفحةٌ إن جادَ سَجواءُ سَجْسَجٌ / وأخرى إِذا ما اغتاظ نكباءُ زعزعُ
أخو الحربِ مشبوبُ العزيمةِ رأيُهُ / إِذا كَلّتِ الآراءُ لا يَتَتَعْتَعُ
تدلَّى على هامِ الغُيوبِ كأنَّما / له من وراءِ الغَيْبِ مرأىً ومسمَعُ
خفِيُّ مدَبِّ الكيدِ مدْرَجُ خطوِهِ / إِلى المجدِ عُريان الطريقةِ مهيعُ
مَهِيبُ الندى والبأس يرهبُ سَطْوَهُ / رقابُ الأعادي والتِلادُ الموزَّعُ
فللشمس إن حاذَتْهُ شرقاً ومغرِباً / لهيبتِهِ خَدٌّ على الأرضِ أضرعُ
يدَلُّ عليه الطارقين سَنا العُلَى / وطِيبُ خِلالٍ عَرْفُه يتضَوَّعُ
وترمي به أقصَى المكارمِ هِمَّةٌ / لها فوقَ مُسْتنِّ المجرَّةِ مربَعُ
إِذا ما مشَى في سمعِه العذلُ مجَّهُ / كما طردَ النومَ الجبانُ المفزَّعُ
تساهمَ فيه الجُودُ والبأسُ والحِجَى / وزُهْرُ المعالِي والبيانُ المصرَّعُ
إِذا ناشَ أطرافَ الكلامِ تحاسدتْ / قلوبٌ وأسماعٌ إليهن نُزَّعُ
وإنْ مسَّ عِرنينَ اليَراعةِ كَفُّهُ / تناهتْ وعرنينُ الذوابلِ أجدَعُ
من القوم طاروا في المعالي فحلَّقُوا / وراموا هِضابَ العِزِّ حتى تفرَّعُوا
أولئك مطَّارونَ والعامُ أغْبَرٌ / من الجدبِ بسَّامونَ واليومُ أسفَعُ
فأكنافُهم للمستميحينَ مرتَعٌ / وأسيافُهمْ في المستبيحينَ رُتَّعُ
لهم شجرُ المُرَّانِ تُغْرسُ في الطُلَى / فتحملُ أثمارَ المعالي وتونِعُ
أسِنَّتُها نُوَّارُها وثمارُها / جماجمُ والأغصانُ بوعٌ وأذرُعُ
ومصقولةٌ تُغْشِي العيونَ كأنها / من الشمسِ تُمْهَى أو من الشُهبِ تُطْبَعُ
ظِماءٌ إِلى ماءِ الوريدِ وإنَّها / ليطغَى بها حَدٌّ من الماء مُتْرَعُ
ترى كلَّ دُرِّيِّ الفِرَنْدِ كأنما / تناثرَ في متنيهِ عِقْدٌ مُقَطَّعُ
وزُرْقٌ كأحداقِ الوُشاةِ خبيرةٌ / بحيثُ الهَوى والوجدُ والسِرُّ أجمعُ
قواصِدُ إلا أنَّهنَّ جوائِرٌ / تَئِنُّ على عِلّاتِها وهي تُوجعُ
خَمائصُ طيرٍ تغتدي من وكُورِها / فتلقُطُ حبّاتِ القلوب وتكْرَعُ
تُنَفِّرُها قعساءُ تدنو وتنتئِي / وتؤنِسُها حدباءُ تُعْطِي وتمنَعُ
ومبذولةٌ يومَ الطِّرادِ يصونُها / من النَّقْعِ جُلٌّ أو من الدمِ بُرْقُعُ
نزائعُ مما ينهبُ الجريُ لم تكدْ / يُحَسُّ لها إلا هَمائمُ تُسمعُ
دُجونٌ يُسَمَّينَ الخُيولَ وتحتَها / رِياحٌ يُلقَّبنَ القوائمَ أربعُ
فإنْ تتصاهَلْ فالرعودُ صوامِتٌ / وإنْ تتسابقْ فالبَوارِقُ ظُلَّعُ
يُغَبِّرنَ حتى الماء في المُزْنِ أكدرٌ / وحتى عوافي الطيرِ في الجَوِّ وُقَّعُ
عَتادُ نظام المُلكِ للخطب يُتَّقَى / وللمُلكِ يُسْتبقَى وللحقِّ يُتْبَعُ
ويُغنيهِ عنها الرأيُ ما ظنَّ صائبٌ / وما همَّ محتومٌ وما حَزَّ مقطعُ
إليك شهابَ الدين بُرداً أنارَهُ / لسانٌ وسَدَّاهُ لمجدِكَ إصْبَعُ
يَزيدُ على مرِّ الزمانِ طراءَةً / إِذا ما تداعَى الأَتْحَمِيُّ الموشَّعُ
بقيتَ لتبقى جِدَّةُ الدهر مدركاً / من العمرِ والعلياءِ ما تتوقعُ
هو الشوقُ حتى ما تَقَرُّ المضاجِعُ
هو الشوقُ حتى ما تَقَرُّ المضاجِعُ / وبَرْحُ الهَوى حتى تَضيق الأضالعُ
خليليَّ ما خَطْبُ الفِراقِ بهَيِّنٍ / عليَّ ولا عَهْدُ الأحِبَّةِ ضائِعُ
ولا الوجد إنْ بانَ الأحبَّةُ مقلِعٌ / ولا الصبر إنْ دامَ التفرُّقُ نافعُ
وإن شِفاءَ الحُبِّ أنْ يُقْلِعَ الهَوى / فَأَسلُو وهل عهدٌ بيبرِينَ راجِعُ
ولي مقلةٌ لا يَملِكُ النومَ جَفْنُها / غِراراً إِذا انصبَّ النجومُ الضَّواجِعُ
معوَّدةٌ ألّا تُذَمَّ دموعُها / على السرِّ حتى السرُّ عُرْيانُ ذائِعُ
عذيري من الأيامِ لا العُتْبُ زاجِرٌ / لهنَّ ولا التقريعُ فيهنّ ناجِعُ
فلا هُنَّ بالعُتْبَى عليَّ عواطِفٌ / ولا هنَّ بالحُسْنَى إليَّ رواجعُ
يُرنِّقْنَ شُربي وهو صافٍ جمامُهُ / ويُحْرِجْنَ صدري وهو أفيحُ واسعُ
تَجَهَّمَني وجهُ المطالبِ والتوتْ / أُموريَ وانسدتْ عليَّ المطالعُ
ولولا مُعينُ الملكِ أخفقَ طالبٌ / ورُدَّتْ على أعقابهنَّ المطامعُ
بعيدُ مناطِ الهمِّ أروعُ لم يكنْ / لتملأَ جنبيهِ الخُطوبُ الروائعُ
خفيُّ مدَبِّ الكيدِ لا يستشفُّهُ / لبيبٌ ولا يُفْضِي اليه مخادِعُ
ولو شَذَّ عن حكمِ المقاديرِ كائنٌ / لما دَرَتِ الأقدارُ ما هو صانِعُ
طَلوبٌ لغاياتِ المكارمِ مجمِعٌ / على الهمِّ ثَبْتُ الرأي يقظانُ هاجعُ
صَؤولٌ إِذا ما الخوفُ أوعَدَ أهلَهُ / قؤولٌ إِذا التفّتْ عليه المجامِعُ
إِذا لاحَ فالأبصارُ حَيْرَى شواخِصٌ / وإن صالَ فالأعناقُ مِيلٌ خواضعُ
فما يَشْغَلُ الأبصارَ إلّا بهاؤُهُ / ولا ترعوي إلّا إليه المسامعُ
يلاحظُ أعقابَ الأمور كأنَّما / بدائِهُهُ دونَ الغيوبِ طلائعُ
فلا صدرهُ في أزمةِ الخَطْبِ ضَيِّقٌ / ولا عُرْفُهُ من طالبِ الفضل شاسعُ
جرى فثَنى عنه الأعنَّةَ حُسَّراً / فجارَوْهُ واجتازَ المدَى وهو وادعُ
ألا يا أمينَ المُلْكِ دعوةَ عاتبٍ / على الدهرِ أوهَى مَرْوَتيهِ القوارعُ
أَأُقصَى ويُدعَى مَنْ سوايَ فينثني / بربحٍ وفي حظِّي لديك وضائِعُ
أما أنا أهلٌ للجميلِ لديكمُ / حقيقٌ بأنْ تُسدَى إليهِ الصّنائعُ
أما فيَّ أن أُسْتَوْدَعَ اليدَ منكمُ / فأحفظَها إنّ الأيادي ودائِعُ
أما أنا موزونٌ بكلِّ مُواربٍ / يُكاتِمُ ما في قلبِه ويُخَادِعُ
فظاهِرُه سَلمٌ لديك موادعٌ / وباطِنُه حربٌ عليك منازعُ
وما أنا من حِرمانِ مثلِك جازعاً / ولكنَّني من حِرْفَةِ الجَدِّ جازعُ
وأعظمُ ما بِي أنّني بفضائلي / حُرِمْتُ وما لي غيرَهُنَّ ذَرائِعُ
إِذا لم يَزِدني موردي غيرَ غُلَّةٍ / فلا صدرتْ بالواردينَ المشارِعُ
وإن لم تَجِدْ في السُّحْبِ إلّا صواعقاً / فلا جادتِ الدنيا الغُيوثُ الهوامعُ
أترضَى العُلَى أنّي عَلِقْتُ حبالَكُمْ / فخانتْ قُواهَا في يديَّ القواطِعُ
فحاشا مرجِّي نَيْلِك الغَمْرِ أنْ يُرَى / كقابضِ ماءٍ لم تَسَعْهُ الأصابعُ
فما لكَ تَعصي المجدَ فِيَّ وإنَّما / تُطاوعُه فيما يَرى وتتابعُ
ومالك تزوي الوجهَ عنّي وتنزوي / ووجهُكَ وضَّاحٌ وبِشْرُكَ ناصعُ
وكنتُ أُرَجِّي أنْ أنالَ بكَ السُّهَى / فها أنا نجمي هابِطٌ فيك راجِعُ
أذِلُّ لِمَنْ دوني وأُعِطي مقادَتِي / وأُرجِعُ طرفِي وهو خَزيانُ خاشعُ
ويقدُمُنِي من دون شِسْعِي نِجادُه / فأُغِضي وَخدُّ الفضلِ أغبرُ ضارعُ
وهل نافعي أنّي أمُتُّ بحُرْمةٍ / إِذا لم يكنْ من حُسْنِ رأيكَ شافعُ
وإني لأستحِيي لمجدِكَ أنْ يُرَى / ومثليَ منه ناقصُ الحَظِّ ضائعُ
وما ذاك تقصيرٌ لشأويَ في العُلَى / ولكنْ قضاءٌ بالذي حُمَّ واقعُ
أمستهدمٌ ركنَ الجميلِ مُشَيِّدٌ / ومستَحْصِدٌ غَرْسَ الصنيعةِ زارعُ
وراضٍ بأن يختصَّني البؤسَ منعمٌ / نَداهُ ولا قَرْنُ الغزالةِ شائعُ
ولي أملٌ أن ساعدتْ منك عطفةٌ / فما دونَ نَيْلِ المشتَهى منه مانعُ
وإلّا فلي عن ساحةِ الهُونِ مذهبٌ / وإن كان تُثْنِيني إليك النوازعُ
وما ترتمي بي الأرضُ إلّا وخاطري / بذكراك مشغوفٌ ونحوَكَ نازعُ
فإن يَعْدُنِي منكَ الجميلُ فما عَدَا / جنابَكَ منِّي للثناءِ وشائعُ
أتانِيَ والأخبارُ سُقْمٌ وصِحَّةٌ
أتانِيَ والأخبارُ سُقْمٌ وصِحَّةٌ / نبا خَبَرٍ مُرٍّ أصمَّ وأسمعَا
فإن كان حقّاً ما يُقالُ فقد هَوَتْ / نُجومُ المعالي وانقضَى العِزُّ أجمعَا
تهاوتْ عُروشُ المجدِ فيه وثُلِّمَتْ / وأضحتْ رِكابُ الجُودِ حسرَى وظُلَّعا
فيا آلَ فضلِ اللّه هَلّا وقَتْكُمُ / أياديكُمُ صَرْفَ الزمانِ المُفَجِّعا
أما لكُمُ في آلِ برمَكَ أُسوةٌ / أناخَ بهم رَيْبُ الزمان فجعجَعَا
على أنّكم لم تُنكبوا في نفوسكُمْ / وجنبكُمُ ما مسَّ لامسَّ مصرعا
أرى بعدَكم طرفَ المكارم خاشعاً / وخَدَّ المعالي أربدَ اللونِ أضرعَا
وقد قصُرْت أيدي المكارمِ بعدَكُمْ / وكنتمْ لها بُوعاً طِوالاً وأذرُعَا
تجمَّلتِ الدُنيا بكم وتعطَّلتْ / وصوَّح منكم روضُها حين أُمْرِعَا
ولو أنصفتْ حامتْ عليكم ودافعتْ / قِراعَ الليالي عنكُمُ ما تدفَّعَا
ولكنهُ دهرٌ يُضَيِّعُ ما وعَى / وينقضُ ما أوعَى ويهمِلُ ما رَعَى
وما هو إِلّا مثلُ قاطعِ كِفِّهِ / بكفٍّ لهُ أخرَى فأصبحَ أقطعَا
لأترعتُمُ الدنيا ندَىً فأفضتُمُ / صنائعَ غُرَّاً لم يصادِفْنَ مصنعَا
وخلَّفْتُمُ في الناسِ آثارَ عُرْفِكُمْ / فصارتْ كمجرَى السيلِ أصبحَ مَرْتَعَا
وغادرتُمُ في جانبِ المجدِ ثلمةً / وخَرْقاً يدومُ لا يصادفُ مَرْقَعَا
وقد زادَ طِيباً ذِكركُم مُذْ مُحِنْتُمُ / كذا العودُ إِن مَسَّتْهُ نارٌ تضَوَّعَا
ولمَّا تراءَى السِّربُ قلت لصاحبي
ولمَّا تراءَى السِّربُ قلت لصاحبي / لِيَهْنِكَ فيما لا يُنَالُ طموعُ
أتطمعُ أن تحظَى بهنّ وإِنني / بواحدةٍ إِن ساعفتْ لقَنُوعُ
وفي أُخرياتِ السِّربِ حيث تعرَّضتْ / مَطُولٌ على فَضْلِ اليَسارِ منوعُ
خليليَّ هل بالأجرع الفردِ وقفةٌ / عسى يلتقي مستودِعٌ ومضيعُ
فإِنَّ بهِ فيما عَهِدْنَاهُ سرحةً / يفيءُ إِليها بالعشيِّ قطيعُ
من الباسطاتِ الظِلَّ أَمّا قوامُها / فشطبٌ وأمّا تُربُها فمريعُ
أيا ليتَ لي تعريجةً تحتَ ظلِّها / ولو أنني أعرى بها وأجوعُ
أضعتُ بها قلباً صحيحاً فليتَهُ / يُرَدُّ عليَّ اليوم وهو صديعُ
وإِني لأستحيي من الشوق أنْ يُرَى / فؤادي سليماً ليس فيه صُدوعُ
وأمقتُ عيني أن تضنَّ بمائِها / وقد لاحَ برقٌ بالحِجاز لَمُوعُ
وأغبنُ في بيعي رشادي بضَلَّتِي / وأعلمُ أني خاسِرٌ وأبيعُ
فؤادٌ بما شاءَ الغَرامُ صديعُ
فؤادٌ بما شاءَ الغَرامُ صديعُ / وأجفانُ عينٍ حشوُهنَّ نَجِيعُ
ويومٌ كما راعَ الطريدةَ نافرٌ / وهمٌّ كما لذَّ الغرامُ ضجيعُ
ومن لي بكتمانِ الهوى ومدامعي / تَنُمُّ وأنفاسي الحرارُ تشيعُ
أبِيتُ وبي من لاعجِ الشوق في الحشَا / مصيفٌ ومن ماءِ الشؤونِ ربيعُ
ومن عَجَبٍ أنّي رجوتُ سلامتي / على من لهُ أينَ الْتَفَتُّ صريعُ
أجِمَّا البُكا يا مقلتَيَّ فإننَّا
أجِمَّا البُكا يا مقلتَيَّ فإننَّا / على موعدٍ للبينِ لا شكَّ واقعِ
إِذا جمعَ العشاقَ موقفُهمْ غداً / فواخجلتَا إنْ لم تُعِنِّي مدامعي
إِذا استيقظتْ عيني رأتْ ما يسُوؤُهَا
إِذا استيقظتْ عيني رأتْ ما يسُوؤُهَا / وإن هجعتْ لاقت أمرَّ وأوجعَا
روائعُ أحلامٍ تمرُّ بمضجعي / وتطردُ عن عيني الغشاشَ المروَّعَا
بقايا همومِ النفسِ تَبْقَى رسُومُها / كوامنَ فيها ثم يطلَعْنَ نُزَّعَا
بِنَفسِيَ مَن يَنتابُني وَيَعودُني
بِنَفسِيَ مَن يَنتابُني وَيَعودُني / وَيَسأَلُ ما بي وَهوَ بِالداءِ عارِفُ
يَعودُ وِسادي وَهوَ جَذلانُ ناعِمٌ / وَيَرجِعُ عَنّي وَهوَ أَسوانُ لاهِفُ
وَمُعتَذِرٍ عَمّا جَنى بِصُدودِهِ / أَتى وَهوَ بَينَ الذَنبِ وَالعُذرِ واقِفُ
يُريدُ اِعتِذاراً وَالحَياءُ يَصُدُّهُ / وَهَل يَنفَعُ العُذرُ الفَتى وَهوَ تَالِفُ
وَهَبتُ عِتابي كُلَّهُ لِجَفائِهِ / وَقَد كانَ عِندي لِلعِتابِ صَحائِفُ
صَحائِفُ عَتبٍ طَيُّها كامِنُ الأَسى / وَعُنوانُها فَيضٌ مِنَ الدَمعِ ذارِفُ
جَوى مِثلُ أَطرافِ الأَسِنَّةِ كُلَّما / تَصَرَّمَ مِنهُ تالِدٌ عادَ طارِفُ
إِذا قُلتُ هَذا حينَ يُؤسى جِراحُهُ / أُعيدَ لَهُ مِن لاعِجِ الحُبِّ قارِفُ
هُوَ الكَلمُ قَد أَعيى الأُساةَ عِلاجُهُ / فَلَيسَ لَهُ إِلّا الحَبيبُ المُساعِفُ
ولم أنسَها والموتُ يقبِضُ كفَّها
ولم أنسَها والموتُ يقبِضُ كفَّها / ويبسُطُها والعينُ ترنُو وتُطْرِقُ
وقد دمِعَتْ أجفانُها وكأنها / جَنَى نرجسٍ فيه النَّدى يترقْرَقُ
وحلَّ من المحذورِ ما كنتُ أتَّقِي / وحُمَّ من المقدورِ ما كنتُ أفْرَقُ
وقيل فِراقٌ لا تلاقِيَ بعدَهُ / ولا زادَ إلّا حسرةٌ وتَحرُّقُ
ولو أنَّ نفساً قبلَ محتومِ يومِها / قضَتْ حسراتٍ كادتِ النفسُ تزهَقُ
هلالٌ ثوى من قبلِ أن تَمَّ نورُه / وغصنٌ ذوى فينانُه وهو مورِقُ
فواعجَباً أنّى أُتيحَ اجتماعُنَا / ويا حسرَةً من أينَ حُمَّ التفرُّقُ
ولم يبقَ فيما بينَنا غيرُ حثْوةٍ / على العين تُحْثَى أو على القلب تُطبِقُ
أحِنُّ إليها إنْ تراخَى مزارُهَا / وأبكي عليها إنْ تدانَى وأشهَقُ
وأُبلِسُ حتى ما أبينُ كأنَّما / تدورُ بيَ الأرضُ الفضاءُ وأُصْعَقُ
وأُلصِقُها طَوراً بصدري وأشتِفي / وأمسحُهَا حِيناً بكفي فتعبَقُ
وما زُرْتُها إلّا توهمتُ أنَّها / بثوبيَ من وجدي بها تتعلَّقُ
وأحسَبُهَا والحُجْبُ بيني وبينَها / تعي من وراء التُّرْبِ قولي فتنطِقُ
وأُشعِرُ قلبي اليأسَ عنها تصبُّراً / فيرجِعُ مرتاباً به لا يُصَدِّقُ
همُ الحيُّ ما بين العُذَيبِ إِلى الرمْلِ
همُ الحيُّ ما بين العُذَيبِ إِلى الرمْلِ / حُلولاً على البطحاءِ من مُلتقَى السُّبْلِ
دعاهُمْ إِلى الجَرْعاءِ من أيمنِ الحِمَى / تخلُّجُ برقٍ مُخفِرٍ ذمّةَ المَحْلِ
غَدوا يبتغونَ القطرَ حتَّى تباشَرُوا / بمرتفعٍ بالخِصْبِ مغتبق النفلِ
ألثَّ عليه كلُّ جَوْنٍ ربَابَهُ / يُسِفُّ إِلى أن يَمْسَحَ الأرضَ بالخَمْلِ
فما انجابَ حتى استأصلَ العِرْقَ في الثَّرَى / وصار رضيعُ النبتِ يحبُو إِلى الكهلِ
وحتى تناصَى العُشْبُ فيه وأُرسختْ / عُروقُ الندى واستمجدتْ عَذَب الأثلِ
كأنكَ قد شاطرتَها الخِلَعَ التي / حَباكَ بها السُلطانُ عن قِسمةٍ عدلِ
غداةَ كساكَ الروضُ وهو منمنمٌ / وليس لهُ إلا سَماحُك من وَبْلِ
حباكَ بما تحبُو به كلَّ زائرٍ / غدا يمترِي أخلافَ نائِلِكَ الجَزْلِ
وما ذاكَ كي تزدادَ عِزَّاً وإنَّما / أبانَ به عن رأيكِ المُحكَمِ الجدلِ
بمرقومةٍ تُصْبِي العقولَ كأنَّما / تخايلتَ منها بين قولِكَ والفِعْلِ
رفَلْتَ بها في مثلِ أخلاقكَ التي / بها عادَ شِعْبُ المجدِ ملتئمَ الشَّمْلِ
ومستطعمٍ فضلَ العِنَانِ كأنما / يلاعبُ عِطْفيه سَحوقٌ من النخلِ
إِذا هزَّهُ حنُّ المراح توقرتْ / بِأطرافِه أعباءُ حلمِكَ والفضلِ
محلَّى بأوفاضِ النجوم معلَّقٌ / عليه هلالُ الأُفقِ في موطئِ النعلِ
أطافَ به صِيدُ الملوكِ نواكِسَاً / عيونُهُمُ يمشونَ هَوناً على رِسْلِ
يرومونَ تقبيلَ الركابِ ودُونَهُ / إباءُ مروحٍ يطرُدُ اليدَ بالرِّجلِ
تجودُ سماءُ النقعِ فوقَ رُؤوسِهمْ / بديمةِ تِبْرٍ غيرِ مقلعةِ الهَطْلِ
وأبيضَ طاغي الحدِّ يُرعِدُ متنُه / مخافةَ عزمٍ منك أمضَى من النصلِ
عليمٌ بأسرارِ المَنونِ كأنَّما / على مضربيه أُنزلتْ آيةُ القَتْلِ
تفيضُ نفوسُ الصِيدِ دونَ غِرارهِ / وتطفَحُ عن متنيهِ في مَدْرجِ النملِ
تراهُ إِذا ما امتاحَ كفُّكَ غِمدَهُ / تخايلَ ما بين القبيعةِ والغلِ
خلعتَ عليه نورَ وجهِكَ فارتدَى / بنورٍ كفاهُ أن يُحادثَ بالصقلِ
وضرةِ شمسٍ يجتليها إِذا بدَتْ / شُعاعاً رُكاماً وهي راجِحَةُ الثقلِ
هي التِبرُ إلّا أنَّها قد تفرَّدَتْ / ببدعةِ ضَنٍّ من يديكَ بلا مِثْلِ
تُصبِّحُها كَفٌّ إِذا مسَّها افتدتْ / بأضعافِها خوفاً عليها من البَذْلِ
تذمُّ عليها من يديكَ رعايةٌ / لأحكامِ مجدٍ لا تُعَدُّ من النجلِ
لها جَمَّةٌ يستغزرُ النزحُ فيضَها / وليس لها إلّا اليراعةَ من حَبْلِ
إِذا انتابها الوُرَّادُ هِيْماً تَزاوروا / على نَفَحاتٍ تُشْرِقُ الماءَ بالسَّجْلِ
ضمانٌ من الإقبال عندك لم تَزَلْ / عواقبُهُ عما تُسَرُّ به تُجْلي
بعزمٍ إِذا ما انسابَ في مدلَهِمَّةٍ / من الخطب لم يرتدَّ إلّا على فصلِ
خفيُّ مَدَبِّ الكَيْدِ يكتُمُ سُخْطَهُ / رضَاهُ ويُسقي السمَّ في مَجَّةِ النَّحْلِ
ضمومٌ على الهَمِّ البعيد جَنَانَهُ / وقورٌ إِذا القومُ استطيروا من الجهلِ
يقاربُ خطوَ النائباتِ بعقلهِ / وأنعمُه في الناس مستورةُ العقلِ
به اعتدلَ المُلكُ الذي مالَ ركنُه / ومادتْ غصونُ العيشِ موقَرةَ الحملِ
فقلْ للأعادي بعد ما قد تبيَّنُوا / رويدَكُمُ لا تُشمتوا الجهلَ بالعقلِ
خذوا بنصيبِ العفوِ منه وحاذِرُوا / عجارفَ مدلولٍ على طلبِ الذَّحْلِ
هَجوم على الأعداءِ من صوب أمنِهْم / متى ما يَشَأْ يُعْمِ النواظرَ بالكُحْلِ
لك الخيرُ فضلي سار شرقاً ومغرباً / وجَدّي ضعيفُ الخطو يَرْسُفُ في كبلِ
ولي قِبَلَ الأيامِ منذ صِحِبْتُها / مواعيدُ قد أعلقنَها شرَكَ المطلِ
لوينَ طويلاً ثم لما اقتضيتُها / أحلْنَ على من يخدعُ الجِدَّ بالهزلِ
وقد لفظتني الأرضُ حتى تراجعتْ / برحلي إِلى أكنافِ جانبكَ السَهْلِ
فلا تتركنِّي للنوائب مُضْغَةً / وقد كشَّرتْ عن حَدِّ أنيابِها العُصْلِ
بَقِيتَ ليبقى الدينُ والمُلْكُ إنَّما / يتمُّ بقاءُ النَّصْلِ والفُوق بالنَّبْلِ
وطاوعكَ المقدارُ فيما تُريدُه / يجدِّدُ ما تُبْلِي ويكتبُ ما تُمْلِي
إِذا لم يُعِنْ قولَ النصيحِ قَبولُ
إِذا لم يُعِنْ قولَ النصيحِ قَبولُ / فإنَّ معاريضَ الكلامِ فُضُولُ
أقِلَّا خِلافِي وهو مما يسوؤُني / وليس لمن يهوَى الخلافَ خليلُ
ومن شِيَمي رَدُّ النصيحِ بغيظِهِ / وتركي وعورَ القولِ وهي سُهولُ
خُذا في حديثٍ غيرِ لومي فإنَّهُ / وربِّ الهدايا المُشعَراتِ ثقيلُ
إِذا كان رأيي غيرَ ما تريانِهِ / فأضْيَعُ شيءٍ ما يقولُ عَذولُ
أيا أثلاتِ القاعِ أمّا عروقُها / فَريَّا وأمَّا ظِلُّها فبليلُ
لكِ اللّهُ هل مرَّتْ بقُربكِ رُفقةٌ / وأنضاءُ عِيسٍ سيرُهنَّ ذميلُ
إِذا هبَّ عُلويُّ الصَّبَا فرقابُهمْ / إليه وأعناقُ النواعجِ مِيْلُ
فمن كل نضوٍ حنَّةٌ وتشوّقٌ / ومن كلِ صَبٍّ رنَّةٌ وعويلُ
ويا نُغْبةً بالأجرع الفردِ عَذْبَةً / أراكِ ولكنْ ما إليكِ سبيلُ
ويا ليلُ حتى الشُّهبُ فيكَ مريضةٌ / وحتَّى نسيمُ الفجر فيكَ عليلُ
ويا جِيرتي بالجِزْعِ جسميَ بعدكُمْ / نحيلٌ وطرفي بالسُّهاد كحيلُ
عهِدتُ به غصنَ الشبيبةِ مورِقاً / فخانَ وخنتمْ والوفاءُ قليلُ
وأودعتُكم قلبي فلما طلبتُهُ / مَطلتمْ وشرُّ الغارمينَ مَطُولُ
فإنْ عُدْتمُ يوماً تُريدونَ مُهْجَتِي / تمنَّعتُ إلا أنْ يُقامَ كفيلُ
ويا أيُّها الغادي تحمَّلْ رسالةً / على ما بِها إنَّ الحديثَ طويلُ
وقلْ لِلأُلى حلُّوا الحِمى سقى الحِمَى / عزاكمْ فإنَّ العامريَّ قتيلُ
به غُلَّةٌ لا يملِكُ الماءُ بردَها / وشجوٌ سِوى ما تعلمونَ دخيلُ
ألا حبّذا شَدُّ الركائبِ ضَحْوةً / وللظِلِّ في أخفافهِنَّ مَقِيلُ
ومُذْقَةُ ظِلٍّ بين غُصْنَي أراكةٍ / وقد كادَ مِيزانُ النهارِ يميلُ
ومن شِيحِ نجدٍ نفحةٌ سَحَريةٌ / تساهَمَ فيها شَمْأَلٌ وقَبُولُ
ومرتجزٌ بالرعدِ يرضِعُ دَرُّهُ / نباتَ رياضٍ مسَّهُنَّ ذُبولُ
وعاجمةٍ عودي ولم تدرِ أنَّهُ / صليبٌ يرُدُّ النابَ وهو كليلُ
تُخوِّفُني ريبَ الزمانِ وأنَّهُ / شروبٌ لأشلاءِ الكِرامِ أكُولُ
وتأمرني بالمال أوكي عِيابَهُ / وهيهاتَ مني أن يقالَ بخيلُ
وكيف أخافُ الدهرَ يَحْرُقُ نابَهُ / ورأيُ عماد الدين فِيَّ جميلُ
إِذا امتَحْتُ يوماً جَمَّةً من نوالِه / سقانيَ سَجْلٌ من نَداهُ سجيلُ
رواءٌ كإيماضِ الغَمامةِ مونقٌ / وبِشرٌ كصدرِ المشرفيِّ صقيلُ
وعزمةُ مطرود الرُّقادِ يدُلُّهُ / على الغيب رأيٌ ما يكادُ يَفيلُ
إلى أن ينالَ المجدَ إلّا تغلُّباً / وبعضُهمُ عند الطِلابِ ذليلُ
وشاغبَ ريبَ الدهرِ وهو يَضيمُهُ / وكلُّ كريمٍ يُستَضامُ صَؤولُ
وغارَ على مُلكٍ مُضاعٍ وكاشحٍ / مطاعٍ يردُّ الأمرَ وهو سحيلُ
ورشَّحَ مشبوحَ الذارعينِ ضَيْغَماً / له في ظِلال السَّمْهريّةِ غِيْلُ
غلائِلُه أدراعُه وكؤوسُهُ / مخوف عِداهُ والنجيعُ شَمولُ
له هَيبةٌ تسري أمامَ جُنودِه / ورأيٌ بمُستنِّ الغُيوبِ يجولُ
وجُرْدٌ على أكتافِها المُرْدُ جُثَّمٌ / فُحولٌ على أكبادِهنَّ كُهولُ
وعوجٌ لها بين الضُّلوعِ أزاملٌ / وبيضٌ لها فوقَ الرُؤوسِ صَلِيلُ
ونقعٌ صفيقُ الطُّرَّتينِ كأنَّما / على صفحاتِ الشمس منه سُدُولُ
يَرُدُّ على وَجْهِ الصَّبَاحِ لِثَامَهُ / إِذا حانَ من صبغِ الظلام نُصُولُ
فقلْ للذين استعذبوا الغَدْرَ مشرَبَاً / رويداً فَرعْيُ الغادرينَ وبيلُ
أديروا كُؤوسَ الرَّاحِ إنَّ وراءَها / كُؤوساً من السمّ الذُعافِ يغُولُ
وجُرُّوا ذيولَ الخفضِ حتى تزورَكُمْ / مُشَمِّرةٌ ليست لهنَّ ذُيولُ
جنودٌ طلاع الأرضِ يحمي لواءَها / قَؤولٌ لما قال الكِرامُ فعولُ
فلا أرضَ إلا طبَّقَتْهَا حوافرٌ / ولا جوَّ إلا جَلَّلَتْهُ نُصولُ
ستغرى بأطرافِ البنان نواجِذُ / إِذا التفَّ يوماً بالرعيلِ رعيلُ
وتطفحُ أحناءُ الشِعابِ عليكمُ / بسَيْلٍ له هامُ الكُماةِ حميلُ
وكلُّ قَرارٍ بالجَماجمِ تلعةٌ / وكلُّ مَغيضٍ بالدِّماءِ مَسِيلُ
فإنْ سئِمتْ حملَ الرؤوسِ رقابُها / فبالبيضِ شوقٌ نحوَها وغليلُ
فلوذوا بحَقو العفوِ منه فإنَّه / جوادٌ به حتى يُقالَ غَفُولُ
وإنْ غلبتكم شِقْوةُ الجَدِّ فاعلموا / بأن ديارَ الناكثينَ طُلولُ
أحقّاً هممتمْ باللِّقاءِ لعلَّكُمْ / بدا لكُمُ أنَّ الطِباعَ تحولُ
فتُمسي البُغاثُ الكُدْرُ وهي جوارحٌ / وتُضحي اللّقاحُ الخُورُ وهي فحولُ
فعزماً غياثَ الدولةِ اليومَ إنَّهم / فرائسُ منهم مُقْعَصٌ وأكِيلُ
همُ جَلبُوا الخيلَ العِتاقَ وأجلبُوا / عليك فحَشْوُ الخافِقَيْنِ صَهِيلُ
ولاذُوا بأكراد البوادي وعُرْبهم / ومن كلِّ جيلٍ أمةٌ وقبيلُ
هُمُ ذخَرُوا الأعمارَ والمالُ عندَهمْ / لكفِّك تُفنِي ذخرَهمْ وتُنيلُ
هدايا لحدِّ المرهفاتِ مسوقةٌ / فهل عندَ حدِّ المرهفاتِ قَبولُ
عدوُّكَ بين العار والسيفِ واقفٌ / يميلُ مع الإِدبارِ حيثُ يميلُ
فإنْ فرَّ لم يَعْدَمْ شِفاءً وإن ثَوى / فأمُّ الذي يبغي الثَّواءَ ثكُولُ
كأنَّهمُ لم يشهدوا أمسِ مشهداً / تشابَه فيه مُقْصِرٌ ومُطِيلُ
يقاتلُ عنك الرأيُ لا الرمحُ بلَّهُ / نجيعٌ ولا بالباتراتِ فُلولُ
ولا بُرقِعَتْ بالقَسْطلِ الجَون غُرَّةٌ / ولا غُيِّبتْ بين الدِماء حُجولُ
سرى كيدُكَ اليقظانُ والنجمُ راقِدٌ / تُجابُ سهولٌ نحوَهمْ وهجولُ
وأدركتَ ثأرَ الدينِ من متمرِّدٍ / طغَى وهو شَخْتُ المنصبينِ ضئيلُ
تُقِرُّ وتمحو المُلْكَ حيث تُريدُهُ / وأنتَ مُديلٌ مرةً ومُذيلُ
تميلُ إِلى ذِي دولةٍ فتُعِزُّها / وتعدِلُ عن ذِي دولةٍ فتُزيلُ
أعِزَّة أملاكِ البلادِ أذِلَّةٌ / لديكَ وصعبُ الحادثات ذَلولُ
فما غرّهمْ واللّهُ ناصرُ حزبِهِ / بأبيضَ طاغي الحدِّ حينَ يصولُ
فإنْ أعجبتهمْ نوبة سلفتْ لهم / فأنتَ لأُخرى ضامنٌ ووكيلُ
إليكَ عِمادَ الدين غرّاءَ طلقةً / تنافَسُ فيها أعينٌ وعقولُ
إِذا أُنشدتْ حُلّ الحُبَى طَرباً لها / وأصغَى إليها عالمٌ وجَهُولُ
وما أبتغِي إلا رِضَاكَ ثوابَها / وذاك ثوابٌ لو علمتَ جَزيلُ
فأنتَ الذي جلَّلتني منكَ أنْعُماً / لها موقعٌ بين الأنامِ جَليلُ
منيلٌ إِذا ما كان منِّيَ خدمةٌ / وإن سبقتْ لي عثرةٌ فمُقِيلُ
وخبَّرني تقليبيَ الناسَ بُرهةً / بأنك فردٌ والأنامُ شُكُولُ
وما يستوي وُدُّ المقلّدِ والذي / له حُجَّةٌ في ودِّهِ ودليلُ
فعُدْ بي إِلى اللُّطفِ الذي كنتَ واصِلاً / جَناحي به إن الكريمَ وَصُولُ
وعِشْ سالماً في باعِ ملككَ بسطةٌ / تدومُ وفي أيامِ عمرِك طُولُ
لك الخيرُ قد عوَّدتَنِي منكَ عادةً
لك الخيرُ قد عوَّدتَنِي منكَ عادةً / نشأتُ عليها منذُ أوَّلِ حالي
سكوناً إِلى قُربي وأُنساً بخدمتي / وحُسنَ اعتقادٍ في تنعُّمِ بالي
وكنتُ أرَجِّي أنّ حالكَ ترتقي / فينمو له حالي نموَّ هِلالِ
وأسمو إِلى نيلِ الأماني واقتضِي / مواعيدَ دَهْرٍ مولَعٍ بمطالِ
وقد رابني منكَ الصدود وليتَهُ / صدودُ اشتغالٍ لا صدودُ كلالِ
فإن كان هذا منكَ دأباً تُديمُهُ / فإذنَكَ لي حتَّى أزمَّ جِمالي
وإلّا فعدْ لي بالجميل فقد عفَتْ / معالمُ آمالي وضاقَ مجالي
فمثليَ لا يرضَى مُقَاماً بذلةٍ / وصبراً على جاهٍ لديكَ مُدَالِ
ومثلُكَ لا يرضَى بتضييعِ خدمتي / وتخييب آمالٍ لديهِ طِوالِ
أقولُ لأحداثِ النوائب إذ عدتْ
أقولُ لأحداثِ النوائب إذ عدتْ / عليَّ وأبدتْ حدَّ أنيابِها العُصْلِ
إليك فإني لا أُبالي بضيقةٍ / يفرِّجُها رأيُ الأجلِّ أبي الفضلِ
تعودتُ منهُ أنْ أُلِمَّ ببابِه / شريداً وأغدو منه مجتمعَ الشملِ
تصدَّى وللحي الجميل رحيلُ
تصدَّى وللحي الجميل رحيلُ / غزالٌ أحمُّ المقلتينِ كحيلُ
تصدَّى وأمرُ البينِ قد جَدَّ جِدُّهُ / وزُمّتْ جِمالٌ واستقَلَّ حُمولُ
وفي الصدرِ من نار الصَّبَابةِ جاحِمٌ / وفي الخدِّ من ماءِ الجُفونِ مسيلُ
غزالٌ له مرعىً من القلب مخصبٌ / وظِلٌّ صفيقُ الجانبين ظليلُ
تناصفَ فيه الحُسْنُ أما قَوامُهُ / فشطبٌ وأما خَصْرُه ففتيلُ
قريبٌ من الرائينَ يُطْمِعُ قُربُه / وليس إليه للمحبِّ سبيلُ
إِذا سافرَ الألحاظُ في وجَناتِه / تضاءلَ عنه الطرفُ وهو كليلُ
وكالشمسِ تغشى الناظرينَ بنورِها / وليس إليها للأكُفِّ سَبيلُ
ولما استقلَّ الحيُّ وانصدعت بهم / نوىً عن وَداع الظاعنينَ عَجُولُ
تراءتْ لنا لمعَ الغمامةِ أوجهٌ / وِضَاءٌ علَتْها نَضْرةٌ وقَبُولُ
فصبراً معينَ المُلك إن عنَّ حادثٌ / فعاقبةُ الصبرِ الجميلِ جميلُ
ولا تيأسَنْ من صنْعِ ربِّكَ إنَّني / ضمينٌ بأنَّ اللّهَ سوف يُدِيلُ
فإن الليالي إذ يزولُ نعيمُها / تبشِّرُ أنَّ النائباتِ تزولُ
ألم ترَ أنَّ الليلَ بعدَ ظلامِه / عليه لإِسفارِ الصَّبَاحِ دليلُ
ألم ترَ أن الشمسَ بعد كُسوفِها / لها صفحةٌ تغشِي العُيونَ صقيلُ
وأنَّ الهلالَ النِضْوَ يقمرُ بعدَما / بَدا وهو شَخْتُ الجانبينِ ضَئِيلُ
ولا تحسبنَّ الدوح يُقلَعُ كلما / يَمُرُّ به نفحُ الصَّبَا فيميلُ
ولا تحسبنَّ السيفَ يُقْضَبُ كلَّما / تعاوَرهُ بعد المَضَاءِ كُلولُ
فقد يعطفُ الدهرُ الأبيُّ عِنانَهُ / فيُشفَى عليلٌ أو يُبَلُّ غليلُ
ويرتاشُ مقصوصُ الجَناحين بعدَما / تساقطَ رِيشٌ واستطارَ نَسِيلُ
ويستأنفُ الغصنُ الصليبُ نَضَارةً / فيورقُ ما لم يعتوِرْهُ ذُبُولُ
وللنجمِ من بعدِ الرجوعِ استقامةٌ / وللحظِّ من بعد الذِّهابِ قفُولُ
وبعضُ الرزايا يوجِبُ الشكرَ وقعُها / عليكَ وأحداثُ الزمانِ شُكولُ
ولا غروَ أن أخنتْ عليك فإنَّما / يُصادَمُ بالخطبِ الجليل جليلُ
وأيُّ قَناةٍ لم تُرنَّحْ كُعُوبُها / وأيُّ حُسامٍ لم يُصِبْهُ فُلولُ
وأيُّ هِلال لم يَشِنْهُ مَحَاقُهُ / وأيُ شهابٍ لم يَخُنْه أُفولُ
أساءتْ ليَ الأيامُ حتى وترتَها / فعندَك أضغانٌ لها وتُبولُ
وعارضتها فيما أرادتْ صروفُها / ولولاكَ كانت تنتَحِي وتصولُ
وحرّمتَ أشلاءَ الكِرامِ وإنَّها / شروبٌ لأشلاءِ الكرامِ أكولُ
وما أنتَ إلا السيفُ أُسكِنَ غِمْدَهُ / لتشقَى به يومَ النزالِ قَبيلُ
أما لكَ بالصِدِّيق يوسفَ أُسْوَةٌ / فتحملَ وطءَ الدهرِ وهو ثقيلُ
وما غضَّ منك الحبسُ والذِكرُ سائرٌ / طليقٌ له في الخافقينَ ذَمِيلُ
فلا تُذْعِنَنْ للخطبِ آدكَ ثِقلُهُ / فمِثلُكَ للأمرِ العظيم حَمُولُ
ولا تجزعَنْ للكَبْلِ مسَّكَ وقْعُهُ / فإنَّ خلاخيلَ الرِجالِ كُبُولُ
وصنعُ الليالي ما عدتكَ سِهامُها / وإنْ أجحفتْ بالعالمين جزيلُ
وإنَّ امرأً تعدو الحوادثُ عِرضَهُ / ويأسى لما يأخُذْنَهُ لبخيلُ
لك اللّهُ راعٍ حيثُ كنتَ ولا تزلْ / أياديهِ منها زائرٌ ونزيلُ
ولا شِينتِ الدّنيا بيومكَ إنَّما / بقاؤك فيها غُرَّةٌ وحُجُولُ
ولا متُّ أو ألقاكَ حظُّكُ دولةٌ / وحظُّ الأعادي رنَّةٌ وعويلُ
نعيمُ هجيرِ العمرِ فيه أصائِلٌ / وعزُّ حُزونِ العيشِ فيه سُهولُ
وحدَّثتُ نفسي بالأمانِيّ ضَلَّةً
وحدَّثتُ نفسي بالأمانِيّ ضَلَّةً / وليس حديثُ النفسِ غيرَ ضَلالِ
أواعِدُهَا قربَ اللقاءِ ودونَها / مواعيدُ دهرٍ مولعٍ بمَطالِ
يقَرُّ بعيني الركبُ من نحو أرضِكم / يَزِجُّونَ عِيساً قُيِّدَتْ بكلالِ
أطارحهُمْ جِدَّ الحديثِ وهزلَهُ / لأحبِسَهمْ عن سيرِهم بمقالي
أسائلُ عمَّنْ لا أُحبُّ وإنَّما / أريدُكمُ من بينهمْ بسؤالي
فيعثُرُ ما بينَ السؤالِ ورجعهِ / لساني بكم حتَّى ينُمَّ بحالي
وأطوي على ما تعلمونَ جوانحي / وأُظهرُ للعُذَّالِ أنيَ سَالي
ولا والذي عافاكمُ وابتلى بكمْ / فؤاديَ ما اجتازَ السُّلوُّ بِبالي
وواعدتُ بالسُّلوانِ قلبي وقد دَرى
وواعدتُ بالسُّلوانِ قلبي وقد دَرى / بأنيَ لا أسلُو وأنك لا تُسلى
فما هوَ حتى قادني نحوَك الهوى / على الرغم ما أحسنتُ هَجرا ولا وصلا
إِذا لم يكن لي منك بُدٌّ ولم يكنْ / سواك لدائي كان معتبتي فضلا
فللهِ ذاك الخِشفُ خلَّى كناسَهُ
فللهِ ذاك الخِشفُ خلَّى كناسَهُ / وحلَّ بوسْطِ الغاب يطرُقُ ضيغما
تخطَّى كعوبَ السمهريّ مقوَّماً / وخاضَ صفوفَ الأعوجيّ مسوَّما
سرى عاطلاً حتى اعتنقنا فلم تزلْ / دموعيَ تكسوهُ الجُمانَ المنظَّما
فبِتنا على رَغْمِ الحسودِ بغبطةٍ / خليطين ما ننمازُ إلّا توهُّما
وقد كان رجمُ الظنِ بالغيبِ لم يدَعْ / لنا غيرَ مسرى الطيف سِرَّاً مكتَّما
فقد أشعرُ الواشينَ بالسِرِّ أنني / محوتُ بلثمي عن مُقَبَّلِهِ اللُّمَى
وما أنسَ لا أنسى الوداعَ وقد جلا / لإيماضَة التسليم كفَّاً ومعصما
وخلسةُ طرفٍ بين واشٍ وحاسدٍ / ألذُّ من الماء الزُلالِ على الظما
وموقفُنا في حومةِ البينِ حُسَّراً / من الصبرِ نرضَى بالمنيّةِ مغنما
نلوِّحُ وجداً في الضميرِ مجمجماً / ونمسحُ خدَّاً بالدموع منمنما
عشيّةَ ملءَ الواديين لبينِهمْ / بواعثُ شوقٍ من فصيحٍ وأعجما
يرى نضوَ حُبٍّ يكتمُ الشوقَ مغرماً / على نِضو سير يُعْلنُ الشجوَ مُرْزِما
وأسحمَ غربيبَ المُلاءةِ ناعباً / وأورقَ غرّيدَ الضحى مترنِّما
وغيدٍ كخيطانِ الأراك ترنَّحُوا / على العيس أيقاظاً عليها ونوَّما
لوى دَينهم أيدي النوائب فاقتضوا / بأيدي المهارَى تنفخُ النجحَ والدَّمَا
حنايا إِذا قرطسن أغراضَ مهمهٍ / مرقنَ به من جلدة الليل أسهُما
تخالسن وطءَ البِيدِ حتى كأنَّما / تضمّنَ منها البيد ظنَّاً مرجَّما
ترى كلَّ مَوَّارِ الزمامِ كأنَّهُ / يطاولُ غصناً أو يطاردُ أرقما
يفضّضُ منه باللغامِ مخطَّماً / ويُذهبُ منه بالنجيعِ مخدَّما
سرَوا يطردون الليلَ عن متبلِّجٍ / من الصبحِ يهدي الناظرَ المتوسّما
تجهَّمَهُمْ وجهُ الزمانِ فألمعُوا / له بشهابِ الدين حتى تبسَّمَا
بذي صولةٍ نكراءَ لم تُبْقِ مجرماً / وذي راحةٍ وطفاء لم تُبقِ مُعْدِما
طَموحٌ إِلى العلياء يقدمُ همُّهُ / على المجدِ حتى لا يَرى متقدِّما
تساهم فيه الجودُ والبأس فاقتدَى / به الدهرُ بؤسى في الرجالِ وأنْعُمَا
أخو فتَكاتٍ يشغلُ القِرنَ خطفُها / عن الحسِّ حتى لا يرى الضربَ مؤلِما
من القومِ حنَّ المُلكُ مذ عهدِ آدمٍ / إليهمْ فوافاهم مُقيماً مخيِّما
وما فاتهمْ في أولِ الدهرِ عن قِلىً / ولكن رأى الشيءَ المبيَّتَ أدوَما
إِذا لمحوا بالمُلكِ ثلماً تبادروا / إليه يزجّونَ الصفيحَ المثلَّما
لهم دارتِ الأفلاكُ طوعاً وأظهرتْ / لخدمتهمْ في صفحةِ البدرِ ميسمَا
هُمُ أضرعُوا خَدَّ الزمانِ لعزِّهم / وحاموا على العَلياءِ أن تتهَضَّمَا
فأقْسمُ لولا البِشرُ في صَفَحاتِه / لأضحَى أديمُ اليومِ أربدَ أقتما
ولولا حنانٌ فيه عند انتقامِه / لصار جَنَى النحلِ الذعافَ المسمَّما
ولولا ندَى كفَّيهِ أشعلَ بأسُهُ / إِذا طاردَ القِرنَ الوشيجَ المقوَّما
رمى نظرةً نحوَ العِدَى فتخاذلتْ / مفاصِلُهمْ منها لحوماً وأعظُمَا
وكرَّ بها نحوَ التِلادِ فأصبحتْ / بمدرجةِ العافينَ نهباً مقسَّمَا
شمائلُ مدلولٍ على طُرُقِ العُلَى / طلعْنَ على أفقِ المكارمِ أنجُمَا
إِذا نُسختْ من سُورةِ المجدِ آيةٌ / أتينَ بها وحْيَاً إليهنَّ مُحْكَما
يوالينَ جدّاً في السعودِ مخيَّرا / ويصحبنَ رأياً في الغُيوبِ مُحَكَّما
رأتْ جودَهُ شُهْبُ النجوم فحلَّقَتْ / مخافةَ أن تُعطَى فُرادَى وتوأمَا
فأولَى لها لو فازَ بالبدرِ كفُّهُ / إِذا لاستقلَّتْهُ لعافيهِ دِرهَما
ولا غرو إلّا بذله من كلامه / لأعناقنا الدُّرَّ الثمينَ المكرَّما
إِذا ما استقلتْ باليراع بنانُه / تأملتَ بحراً يُمطرُ الدُرَّ خِضْرَما
إليك شهابَ الدين وابنَ قِوامه / صليتُ مراحَ الأعوجيّ مطهَّما
أجلِّي بأغفالِ المجاهيل مُعْلَماً / وأهتم من رُدق الشيات مُحَزَّما
أطاوع فيك الشوقَ والنِّعَمَ التي / تراغِمُ حسَّاداً وتُسكتُ لُوَّما
فدونكَها غَّراءَ تُعجبُ مُعْرِقَاً / وتفتُنُ نجديَّاً وتونقُ مشئِمَا
خلعتُ عليها نورَ وجهِك فارتدتْ / رداءً من الإحسانِ بالكبر مُعْلَما
وإني لأرجو أن أقيمَ مملَّكا / لديكَ وأن تبقَى معافَىً مسلَّما
تذكّرتُ أيامي بها وأحبَّتِي
تذكّرتُ أيامي بها وأحبَّتِي / إِذِ العيشُ غَضٌّ والزمانُ غُلامُ
وإِلمامتي بالحيِّ حيثُ تواجهتْ / قصورٌ بأكنافِ الحِمَى وخيامُ
ألامُ على هِجرانهمْ وهمُ المُنَى / وكيف يُقيمُ الحرُّ وهو يُضَامُ
هُمُ شَرعوا أنَّ الجَفاءَ محلَّلٌ / وهمْ حكموا أن الوفاءَ حَرامُ
بقلبي رَوْحٌ منهمُ وضمانةٌ / وعنديَ بُرءٌ منهمُ وسَقامُ
وأبلجُ أمّا وجهه حين يجتلى / فشمسٌ وأمّا كفُّه فغَمامُ
جرى طائري منه سنيحاً وعلَّنِي / بدَرِّ أيادٍ ما لهنَّ فِطامُ
وأنزلني منه بألطفِ منزلٍ / كما مُزِجتْ بابنِ الغمامِ مُدامُ
شردتُ عليه غيرَ جاحِد نعمةٍ / أكَلَّفُ خسفاً بعدَهُ وأُسَامُ
وقد يُسلبُ الرأيَ الفتَى وهو حازمٌ / وينبُو غِرارُ السيف وهو حُسامُ
فقد وجدَ الواشونَ سُوقاً ونفَّقُوا / بضائعَ زُورٍ مالهنَّ دَوامُ
وبعضُ كلامِ القائلينَ تزَيُّدٌ / وبعضُ قَبولِ السامعين أثامُ
فأصبحَ شملُ الأُنسِ وهو مُبَدَّدٌ / لديهِ وحبلُ القُربِ وهو رِمامُ
يُقَرَّبُ دوني من شَهِدتُ وغُيِّبُوا / ويوصَلُ قبلي من سَهِرتُ ونامُوا
تَزاورَ حتى ما يُرجَّى التفاتُهُ / وأَعرضَ حتى ما يُرَدُّ سَلامُ
فلا عطفَ إِلّا سخطةٌ وتنكّرٌ / ولا ردَّ إِلّا ضَجرةٌ وسَآمُ
فإنِ يَكُ رأيٌ زَلَّ أو قَدَرٌ جَرى / بنازلةٍ فيها عليَّ مَلامُ
فواللّهِ ما قارفتُ فيك خيانةً / أُعابُ بها في مَحْفِلٍ وأُذامُ
ولا قرَّ لي بعدَ التفرُّق مضجعٌ / ولا طابَ لي بعد الرحيل مقامُ
ولا ليَ إِلّا في ولائِكَ مَسرْحٌ / ولا ليَ إِلّا في هواك مَسَامُ
وإِن أكُ قد فارقتُ بابكَ طائعاً / فللدهرِ في الشملِ الجميع عَرَامُ
فقبلِيَ ما خلَّى عليّاً شقيقُهُ / وقرَّ بهِ بعدَ العراقِ شآمُ
حياءً فإِنّ الصفْحَ خيرُ مغبَّةٍ / ومعذرةً إِنّ الكرامَ كرامُ
ألمنا وأعذرتُمْ فإِن تبلُغوا المَدى / من العتبِ نُعْذَرْ دونكمْ وتُلامُوا
وأحسنتمُ بَدءاً فهلّا أعدْتُمُ / ففي العَودِ للفعلِ الجميل تَمامُ
أُجلُّكَ أنْ ألقاك بالعُذرِ صادقاً / وبعضُ اعتذارِ المذنبينَ خِصامُ
أتبعدُ حتى ليس في العَتْبِ مطمعٌ / وتُعرِضُ حتى ما تكادُ تُرامُ
وتنسَى حقوقي عندَ أولِ زَلَّةٍ / وأنتَ لأهلِ المكرماتِ إِمامُ
ألمْ ألقَ فيك الأسرَ وهو مبرّحٌ / وألتذُّ طعمَ الموتِ وهو زُؤامُ
وأخطُ سوادَ الليل وهو جَحافلٌ / وأرعَ نجومَ الأفقِ وهي سِهامُ
هو الذنبُ بين العفو والسيفِ فاحتكمْ / بما شئتَ لا يَعْلَقْ بفعلِك ذَامُ
ولا تُبْلِني بالبعدِ عنك فإِنَّما / حياتيَ إِلّا في ذُراكَ حِمامُ
إِذا ما جزيتَ السوءَ بالسوءِ لم يكنْ / لفضلكَ بين الأكرمينَ مَقامُ
أعِدْ نظراً في حالتي تلقَ باطناً / سليماً وسرِّي ما عليه قَتَامُ
فمثُلكَ لم تغلِبْ عوائدُ سخطهِ / رضاهُ ولم يبعُدْ لديه مَرامُ
ولا تنكرنْ فيما تسخّطتَ ساعةً / فقد مرَّ عامٌ في رِضاكَ وعامُ
وإِنْ عزَّ ما أرجوهُ منك فإِنَّنِي / لَتُقنعني تسليمةٌ ولِمَامُ
فلا تُشعرنّي عزةَ اليأسِ إِنَّما / أمامي وراءٌ والوراءُ أمامُ
أترضَى لفضلي أن يضيعَ ذمِامُه / ومثلُكَ لم يُخْفَرْ لديهِ ذِمامُ
وتحجبُني حتى تهدَّ مناكبي / بابك ما بينَ الوفودِ زِحامُ
فإنْ نِمتَ عنّي واطَّرحْتَ وسائلي / فللهِ عينٌ ما تكادُ تنامُ
تذكرتُ أيامي وشملَ أحبِتَّيِ
تذكرتُ أيامي وشملَ أحبِتَّيِ / إِذِ العيشُ غضٌّ والزمانُ غُلامُ
وإِلمامتي بالحيِّ حيث تواجهتْ / قصورٌ بأكنافِ الحِمَى وخيامُ
ألامُ ولي شُغْلٌ عن اللوم شاغِلٌ / وأهونُ ما يلقَى المحبُّ كلامُ
وأبلجُ أمّا وجهُه حين يُجْتَلى / فشمسٌ وأمّا كفُّه فغَمامُ
طويتُ إِليه الناسَ حين قصدتُهُ / وللقصدِ عند الأكرمين ذِمَامُ
أعرِّضُ فيه حُرَّ وجهيَ للفَلا / وليس له إلّا الهجيرَ لِثَامُ
وأدأبُ فيما همّهُ وهو وادعٌ / وأسهرُ فيه والعيونُ نيامُ
أومِّلُ منه دولةً تكبتُ العِدى / ونصراً يَرُدُّ الجيشَ وهو كَهامُ
ويُقنعُني منه على العِزّ أنّهُ / يروقُ لِقاءٌ أو يرِقُّ كلامُ
فلمّا غدا والدهرُ طوعُ مرادهِ / وفي يدِه للحادثاتِ زِمامُ
ثَنى عِطْفَهُ واحتجَّ بالشُّغْلِ مُعرِضاً / ألا إِنما بعضُ الصدودِ سَآم
وأصبح شملُ الأُنسِ وهو مُبَدَّدٌ / لديه وحبلُ القُرْب وهو رِمامٌ
يُقرَّبُ دوني من شَهِدتُ وغُيِّبوا / ويوصَل قبلي من سَهِرتُ ونامُوا
وأهجَرُ إِلّا أن تنوبَ مُلِمَّةٌ / وأُحجَبُ إلّا أن يكونَ زِحامُ
وما طردَ الأحرارَ مثلُ مهانةٍ / تُذالُ بها أعراضُهم وتُضَامُ
وعرَّضْتُ حيناً بالعتاب فلم يُفِدْ / وبعضُ معاريضِ الكلامِ خصَامُ
فداويتُ سقمَ الحالِ بيني وبينَهُ / بصَدٍّ وبرءُ النفسِ منه سَقامُ
فقد وجدَ الواشون سوقاً ونفَّقُوا / بضائعَ زورٍ ما لهنَّ دوامُ
رأوا عندَهُ حُسْنَ القَبولِ فأقدَموا / ولو لم يرَوْا حسنَ القبولِ لخاموا
وقد علِموا أن السعايةَ حَلْبَةٌ / بها القولُ تالٍ والقبولُ أمامُ
وبعضُ كلامِ القائلين تزيُّدٌ / وبعض قبول السامعين أَثام
وما هو إِلّا هفوة إِثر نبوة / ألومُ عليها تارةً وأُلامُ
وزلَّةُ رأيٍ لم تؤيّدْهُ حُنكةٌ / ونقصانُ حزمٍ لم يُعِنْهُ تَمامُ
وباللّهِ ما حدَّثْتُ نفسي بغدرةٍ / أعابُ بها في محفِلٍ وأُذامُ
ولا قرَّ لي بعدَ التفرُّقِ مضجعٌ / ولا طابَ لي بعدَ الرحيلِ مقامُ
ولا طِبْتُ نفساً بالفراق وإِنَّما / أضيفَ إِلى ذاك الغَرامِ غَرامُ
وميضُ جفاءٍ لو أمتُّ شرارَهُ / لما شبَّ لي بين الضُّلوعِ ضِرامُ
وجرعةُ ضيم من حبيب لفظتها / وفي فيَّ ممن لا أحبُّ سِمامُ
فمن مبلغٌ عني مقاليَ جِيرةً / على الرَّغمِ سِرنا عنهمُ وأقاموا
أخِلّاءَ صدقٍ مازجَ القلبَ وُدُّهمْ / كما مُزِجتْ بابن الغَمامِ مُدامُ
ألفتهمُ إِلفَ النواظرِ نورَها / وغيرُهمُ في الناظرينَ قتامُ
وذكرُ سواهمْ في الجوانحِ جمرةٌ / وذكرُهمُ بَردٌ لها وسلامُ
همُ نبذوني منبذَ السلكِ قُطِّعتْ / قُواهُ وخان العِقدَ منه نظامُ
أكلّكمُ إِن زلَّتِ النعلُ زلّةً / له مسرحٌ في عرضنا ومسامُ
أما من رفيقٍ يُشتفَى بكلامِه / ألا ربَّما سلَّ الحقودَ كلامُ
أفي كلِّ قلبٍ جفوةٌ وقساوةٌ / وفي كلِّ طبعٍ نبوةٌ وعُرامُ
لعلَّ وليَّ الأمر يُكرم عفوَهُ / إِذا ما رجالٌ ألأموا وألامُوا
فيبدأُ عفواً لم تُعِنْهُ شفاعةٌ / ويُبدي رضا لم يعترِضْهُ ملامُ
وإِنَّ شفيعي توبتي وندامتي / ومعرفتي أنّ الكرامَ كرامُ
ولا عذرَ إِلّا أنّ بدءَ إِساءةٍ / له من زياداتِ الوُشاةِ تمامُ