المجموع : 385
عَذيريَ منه معرِضاً متجنِّياً
عَذيريَ منه معرِضاً متجنِّياً / كأنِّي له نحوَ الودادِ أجاذِب
قسا فوقَ ما تقسو الجبالُ فلمْ يجبْ / نِدائِي وأصداءُ الجبالِ تجاوِب
يغيب الذي أهواهُ عنيَ ساعةً
يغيب الذي أهواهُ عنيَ ساعةً / فأسأمُ من ليلٍ طويلٍ أرَاقبه
وكيفَ يطيبُ الليلُ عندي والكرى / وليسَ إلى جنبي خليلٌ ألاعبه
أمولايَ شكراً لليراعِ الذي أرَى
أمولايَ شكراً لليراعِ الذي أرَى / بياضَ العطايا في سوادِ المطالب
لقد قمتَ بالمسنونِ والفرضِ في الندى / تضيّع هذا المال في غيرِ واجب
أهنيكَ بالعيدِ السعيدِ قدومه
أهنيكَ بالعيدِ السعيدِ قدومه / وأشكر برًّا أنتَ من قبلُ واهبه
لعمرِي قد أصبحت عينَ زماننا / فيا حبَّذا عينُ الزمان وحاجبه
ليهنك يا عينَ الزمان وأهله
ليهنك يا عينَ الزمان وأهله / ويهني الورى عامٌ بسعدِك آيب
به للبرايا حاجبٌ من هلاله / ولحتَ فيا لله عينٌ وحاجب
نزحت لبينِ النازحين مدامعِي
نزحت لبينِ النازحين مدامعِي / وعادوا فعادت رُجَّعاً عبرَاتي
وكنتُ من الأفكارِ والدمع بعدهم / كأنِّيَ في بحرٍ من الظلمات
كأنِّيَ معكوسٌ من السهدِ والأسى / فليلِي معاشِي والنهارُ سباتي
بعادٌ وقربٌ فيهما النوحُ والبكا / أعلِّمُ وُرْقَ الطيرِ في الوَكنات
وزيرَ العلى والعلمِ والبرِّ والتقى / على أيمنِ الأوقات والحركات
قدِمتَ بوفد الرأي والعزمِ والندَى / وقدْ كانَ يكفِي وافد البركات
قدومَ الحيا يروِي ظمَا كلّ منبتٍ / ضعيفٍ فيا بشرى لضعفِ نبات
ذخرنا نداه في الورى وَوَلاءهُ / ليومِ حياةٍ أو ليومِ ممات
وليّ غمامٍ أو وليّ عبادةٍ / ترجِّيه للإحسان والحسنات
إذا بسطت كفَّاه باليمنِ للورى / رجوا بسطها للأمنِ بالدعوات
هو المرء خافَ الله في كلّ حالةٍ / فخافتهُ حتَّى الأسدُ في الفلوات
وقوَّى ضعيف الحالِ منا بدهرِهِ / خلا ما بلحظِ الغِيدِ من فترات
فلا كلم الأعداء جانب جاههُ / ودامَ مطاعاً نافذَ الكلمات
أقيما فروضَ الحزن فالوقت وقتها
أقيما فروضَ الحزن فالوقت وقتها / لشمس ضحىً عندَ الزوال ندبتها
ولا تبخلا عني بإنفاق أدمعٍ / ملوّنة أكوى بها إن كنزتها
لغائبةٍ عني وفي القلب شخصها / كأنيَ من عيني لقلبي نقلتها
يقولون كم تجري لجاريةٍ بكىً / وما علموا النعمى التي قد فقدتها
ملكت جهاتي الست فيك محبةً / فأنت وما أخطا الذي قال ستها
إلا في سبيل الله شمس محاسنٍ / وإن لم تكن شمس النهار فأختها
تعرّفتها دهراً يسيراً فأعقبت / دوامَ الأسى يا ليتني لا عرَفتها
وقال أناسٌ إن في الدمع راحةً / وتلك لعمري راحةٌ قد نكرتها
هل الدمع إلا مقلةٌ قد أذبتها / عليكِ وإلا مهجة قد غسلتها
نصبت جفوني بعد بعدك للدجى / وأما أحاديث الكرى فرفعتها
وقال زماني هاكَ بعد تنعمٍ / كؤوس الأسى والحزن ملآى فقلت ها
بكيتك للحسن الذي قد شهدته / وللشيمِ الغرّ التي قد عهدتها
وروضة لحدٍ حلها غصنُ قامةٍ / لعمري لقد طابت وقد طاب نبتها
وحزن فلاةٍ يممته وإنما / ديارُ الظبا حزنُ الفلاة وموتها
كلانا طريحُ الجسم بالٍ فلو دَرَت / إذاً ندَبتني في الثرى من ندبتها
بروحيَ من أخفي إذا زرت قبرها / جوايَ ولو أعلمتها لعققتها
خبية حسنٍ كنت مغتبطاً بها / ولكن برغمي في التراب دفنتها
وآنسة قد كان لي لينُ عطفها / فلم يبق لي إلا نِداها ونعتها
أنادي ثرى الحسناء والترب بيننا / وعزَّ على صمتِ المتيمِ صمتها
كفى حزناً أن لا معين على الأسى / سوى أنني تحت الظلام بعثتها
وتنميق ألفاظٍ عليك رقيقة / كأنيَ من نثر الدموع نظمتها
قضيت فما في العيش بعدك لذّة / ولا في أمانٍ لو بقيتُ بلغتها
سلامٌ على الدنيا فقد رحلَ الذي / تطلبتها من أجله وأردتها
يقول مليحٌ مسلم بعد كافر
يقول مليحٌ مسلم بعد كافر / طعنتَ بايرٍ فائقٍ سيفَ دولة
فعاداتُ سيف الدولة الطعن في العدى / وعادات ذا طعنُ العدا والأحبة
أرى جلستي عند الكمال تميتني
أرى جلستي عند الكمال تميتني / غبوناً ونفعي بالعلومِ يفوت
وما تنفع الآداب والعلم والحجى / وصاحبها عندَ الكمال يموت
مضى الأفضل المرجو للبأسِ والندى
مضى الأفضل المرجو للبأسِ والندى / وصحت على رغم العداة وفاته
وما مات أو ماتت بحزنٍ نساؤه / وماتت بأحزان البلاد حماته
فديتُ بليغاً أهَّلتني سطورهُ
فديتُ بليغاً أهَّلتني سطورهُ / لأجنحة تسمو سموَّ الأهِلَّة
فأقطف من أوراقِه الأدبَ الذي / وأسمع من ألفاظِه اللغة التي
بروحيَ من نصّ الغزال لها الوَلا
بروحيَ من نصّ الغزال لها الوَلا / وأقسم ما لي غير جفنك وارث
وعدّ البرايا حسنها فهو أوَّلٌ / وشمس الضحى والبدر ثانٍ وثالث
وقد سألوا أهل الكؤس كريقها / مدام فقالت للكؤس الخبائث
وهل في الورى سحرٌ وما غير لحظها / ولفظ علاء الدّين للسحر نافث
أرى لعليٍّ رتبةً وفضائلاً / تقرّ لها هذي النجوم المواكث
فأحجم إجلالاً عن القولِ واللقا / ويبعثي من سائق البرّ باعث
وأحلف ما في الدهر مثل عليه / ويحلف أهل العصر ما أنا حانث
عريق التقى وفي السيادةَ حقها / فيا حبَّذا منه قديمٌ وحادث
سما وحمى الدّنيا بإقبالِ شخصه / فدت شخصَه سام وحام ويافث
وطالت معاليه إلى الغاية التي / جرى البرق في آثارها وهو لاهث
قديمة راحٍ في يمين حديثةٍ
قديمة راحٍ في يمين حديثةٍ / من السنّ عن شيخ التصابي محدّثه
تثنت على رغمِ القلى وتربعت / لو صلي بحمى العاذلات مثلثه
فدًا لوزير الملك ملبس صحة / لنار الأعادي والجناة مؤرَّثَه
ويمناً على مصرٍ وشامٍ أفاضهُ / وزير زمانٍ ساعد السعد مبْعَثه
وزيرٌ لديه العقد والحلّ راقنا / فما عقدةٌ في الحاسدين منفّثه
أخو السعد في كل الأمور أرادها / يهذّب ما كان الزمان قد أحدَثه
نهني بلقياه حمى مصر إنها / بغيبتهِ حاشا المزاج مغلّثه
ووارثة الألحاظ من حدَق المها
ووارثة الألحاظ من حدَق المها / غدت نار قلبي من هواها مؤَرّثه
مذكَّرة الأسياف من لحظاتها / وقالت علاماتُ الفتور مؤَنثه
تغزلت فيها وامتدحت أخا العلى / إمام التقى والنفس غير مغلّثه
ولم لا ومن نعماه للفكر باعث / على أدبٍ ما مات إلا ليبعثه
إمامٌ لُهاهُ بالمعالي فقيهةٌ / وأمداحه بالمكرمات محدِّثَه
أمولايَ شهراً جامع الشام أزمعا / على موته من فكرة العبد محدثه
وقد بنيت حمامها في أضالعي / وعزم أناسٍ أن تكون مثلَّثه
بروضة حسنٍ والعذار سياجها
بروضة حسنٍ والعذار سياجها / أغثْ مهجةً أضحى لديكَ احْتياجها
ودارِكْ فتًى أشفت على الموتِ نفسه / ولو شاءَ ذاك الحسنُ هانَ علاجها
فكم ليلةٍ قد صح فيك مزاجها / بكأس ثنايا منكَ كان مزاجها
أحاشيك أن تقضى حشاشة مدنفٍ / ولم تقضَ من عود التواصل حاجِها
وإني إلى حسن التجلد ساكنٌ / فما بال عذَّالي يزيد انْزعاجها
أراقب من همَّ التفرق فرجةً / وما الدَّهر إلاَّ غمَّةٌ وانفراجها
نديميَ هذا الغيثُ فامْزج بقطره / لنا قهوةً قد كادَ يذكو زجاجها
وأنتجْ به درّ الحباب فهكذا / قطار الحيا درَّ البحار نتاجها
وزَاوِجْ ثنايا بالحبابِ فإنَّما / يزينُ اللآلي في النظامِ ازْدِواجها
وأطفئْ بهذا الكاسِ همِّي فإنَّني / أرى السرج تطفا وهي تطفي سراجها
لئن زانَ هذا العقدُ جِيداً للذَّةٍ / لقد زانَ فرقاً للفضائلِ تاجها
رئيسٌ إذا أجريت في المِدَحِ اسمهُ / رأيت المالي كيفَ يجرِي ابْتهاجها
فما رفعت إلاَّ عليهِ بيوتها / ولا نصبتْ إلاَّ إليه فجاجها
بأقلامهِ تُحمى البلادُ وتحتوى / فيا حبَّذا من تاجها ورتاجها
كأنَّا ظُبا أقلامهِ في طروسهِ / أسنةُ جيشٍ والمداد عجاجها
لها من عيونِ اللفظ كلّ بديعةٍ / يبشر أفكار الرُّواة اختلاجها
يروقك في سحرِ البيان وإنَّما / يَرُوعَك من مثلِ الضَّلالِ مجاجها
بهِ انْتظمت خير العقود وثقفت / فهوم البرايا زيغها واعْوجاجها
ثوى بحرها في ساحلِ الشامِ وانْبرت / لآلِ نماها عذبها لا أجاجها
يكفُّ كريم الأصل من طرفِي علًى / يصوب نداها أو يصول هياجها
أخو شيمٍ قد سلمت لفخارِها / مفاخر قومٍ كانَ حمَّا حجاجها
كأنَّ دروجَ الخطّ منه لحسنها / خصورُ ملاحٍ يستبين انْدماجها
كأنَّ صِلات البرِّ عند نوالهِ / صَلاةٌ يوفي نقصها وخدَاجها
فأحسنُ من صوبِ السحاب هباتهِ / وأحسنُ من تلكَ الهبات رواجها
لئن قصَّرت أفكارنا عن مديحهِ / لقد طالَ في ليلِ السطورِ ادِّلاجها
لئن كانَ أخلى فجّ مصرَ لقد سرى / فقالت لمرآه العزيز العجاج ها
أمولايَ لي شوقٌ مورِّق مقلة / ضعيف على بحث السهاد احْتجاجها
فللسهدِ ما طافت عليهِ جفونها / وللدَّمعِ ما دارت عليهِ فجاجها
بعثت مدى الأيَّام تحتِي سيادة / لبيتك قد جلَّت وجلَّ نتاجها
فلا سؤددٌ إلاَّ إليكَ معاده / ولا مدحةٌ إلاَّ إليكَ معاجها
حلفت بليلِ الشعر منه إذا سجى
حلفت بليلِ الشعر منه إذا سجى / وضوء الضحى من وجهه متبلِّجا
ومن أدمعِي بالمرسلاتِ من الأسى / ومن أضلعي بالموريات من الشجى
لقد ألجم العذَّالَ وجه معذِّبي / وقد لاحَ في جنحِ الظلامِ فأسرجا
وفرج غمِّي ذات يوم بِزَوْرةٍ / فقلت لعينيَّ انظرا وتفرَّجا
ظلاماً وبدراً فوق غصنٍ على نقا / دجى وتجلَّى وانْثنى وترَجْرَجا
وخدًّا كفاني صبوَةً شمُّ وردهُ / فكيف وقد زاد العذار بنفسجا
صحيفة حسنٍ قابلتها ملاحة / ألم ترهُ سطراً عليها مخرَّجا
بروحيَ في أفق المحاسنِ كوكبٌ / على مثلهِ قد طابَ لي سهرُ الدُّجى
نهانيَ عنه الهمُّ قبلَ عواذِلي / وأخرجني عنه وما كنتُ مُخرَجا
وأزعجني شيبٌ بفودَيّ طالعٌ / وما كان وقعُ الشيب لي عنهُ مزعجا
فيالك مقطوف العذار هجرته / فما عرَّجت عيني له حينَ عرَّجا
دنت دارُه منِّي وشطَّ مزَارُهُ / فهل أبصرتْ عيناكَ ثغراً مفلَّجا
كأنِّيَ لم أنعمْ بدينارِ خدِّه / مشوقاً على نقدِ العدى أو مبهرجا
ولم أصبُ من لهوٍ بنقطة خاله / إلى كرةٍ من حولها الصدغ صولجا
ولم أحجب العذَّال منه بحاجبٍ / رَأَوا عنده حقّ الملاحة أبلجا
ولم أترشف بعد فيه مدامةً / على يده دفَّاعةً حجّةَ الحجى
ولم أعط كأساً بالنضار وخدّه / لمعطيه بالدرِّ النظيم متوّجا
ولم أتلقَّ النهدَ في الصدر جالساً / وأسرى به حالي الشكيم مهملجا
إلى الرَّوض فيَّاحاً من الزَّهرِ باسماً / على الزُّهر رفاقاً لدى الطلّ سجسجا
أحبر في مدح الإمام محمدٍ / من اللفظ أبهى الروضتين وأبهجا
وما هو ممن لا أنقح مدحه / فآتي إليه بالمديح مرَوَّجا
أخاف له نقداً فأبطئ في الثنا / كجمع أبي جاد الحروف من الهجا
ألم ترَ أني قد لجأت لظلهِ / ودافعت حرا من أذى الدهر موهجا
أخلّدُ تاريخ العلى بصفاته / وأروي حديث الفضل عنه مُخرَّجا
وأصرف آمالي التي قد تقسَّمت / إلى مرتجى ما باب نعماه مرتجا
كريمٌ إذا ما قدَّم الظنّ نحوه / مقدمةً من منطق المدح أنتجا
ولا عيبَ فيه غير إسراع جوده / فليس يُمني بالمواعد محوجا
وأفراط كتم للندى وهو ظاهرٌ / وهل مانعٌ للرَّوض أن يتأرّجا
وقَّى الدِّين والدُّنيا ليهلك ملحدٌ / لديهِ وينجو راشدٌ مع من نجا
فتاوى على سمتِ الهدى وفتوَّة / تَجانسَ معنًى لفظها وتدَبجا
وبرّ رعى قصدَ العفاةِ فغاثها / وبأسٌ كوى قلبَ العدوِّ فأنضجا
وعلمٌ أقامته المباحث ناصِراً / فقل عَلمٌ ردَّ الأسودَ وهجَّجا
هو البحر يروى حولَ شطَّيه واردٌ / ويغرق من قدْ لجَّ فيه ولججا
له قلمٌ يحمِي الحمى برقاعه / ويكتب بالنعمى وبالعلمِ مزوِجا
إذا قالَ لم يترك لذي القول موضعاً / وإن صالَ لم يترك لذي الصوْل موْلجا
فكم من بليغٍ في الورى متفصحٍ / وعَى لفظةً من كتبه فتلجلجا
وكم من كميّ صار كالدّجّ حيرة / فلا غرْوَ إن قالوا لكميّ المدَججا
وكم منهجٍ في القولِ أرشدنِي له / وكم أملٍ أنشاه لي حين أنهجا
وكم كسوةٍ لي في دمشقَ أفادها / وقد كانَ ظهري من أذى البردِ أعوجا
وكم أنطقتْ نعماه منِّي مدائِحاً / سرى ذكرها غرباً وشرقاً فأدلجا
وروّى نباتياً من القولِ طالما / سقاهُ أبوهُ الغيث نوا مثججا
أبا الخير خذها من ثنائِي كرائِماً / أبت عن سوى أكفائها أن تزَوّجا
أوانس أبكارٍ يحقُّ لحسنِها / على ساكنِ الأمصارِ أن يتبرَّجا
تهبُّ للقياها الكرامُ من الحيا / ويجرِي بذكراها المطيّ على الوجا
لها إن تقمْ في دارَةِ الأفقِ منزلٌ / وإن تسرِ حلت من ثرياه هوْدَجا
عجبت لأنكادِ الزمان وإن طمتْ
عجبت لأنكادِ الزمان وإن طمتْ / ولا عجبٌ في فكرة تتولج
أجاوِر من أهوى ولا وصلَ بيننا / كأني ومن أهواهُ ثغرٌ مفلج
بكى الشعر أيام المنى والمنائح
بكى الشعر أيام المنى والمنائح / ففي كل بيت للثنا صوت نائح
وغاضت بحور المكرمات وطوحت / بأهل الرجا والقصد أيدي الطوائح
ولما ادلهمَّت صفحة الأفق بالأسى / علمنا بأنَّ الشهب تحت الصفائح
حيا المزن أسعدني على فقد سادة / بدمع كجدواهم على الناس طافح
أبعد بني شادٍ وقد سكنوا الثرى / قريض لشادٍ أو سرور لفارح
أبعد ملوك العلم والبأس والندى / تشب العلى نار القرى والقرائح
أما والذي أخلى حمى الملك منهمُ / وعمّر بالعليا رسوم الضرائح
لئن أوحشوا منهم بيوت مقامهم / لقد أوحشت منهم بيوت المدائح
يجرّح قلبي بعدهم صوت ساجعٍ / يذكرني عهدَ الأيادي السوافح
فيا فرخ ضعفي حيث صرت فريسة / وصار حمامُ الأيك في الطير جارحي
تلا فقد إسماعيل فقد محمد / فيا للأسى من فادح بعد فادح
وزالا فما إنسان عيني بممسكٍ / بكاءَ ولا إنسان قولٍ بكادح
كأن زناد الفضل لم يورِ منهما / سنا شيمٍ ما فيه قولٌ لقادح
كأن لم يقم بالمكرمات مطوَّق / لدى الباب يشدوا بالثنا شدو صادح
خذ الزاد يا ضيف المكارم وارتحلْ / بنوح فقد أقوت ربوع المنائح
نزحت دموعاً أو نزحت ركائباً / فلله في الحالين حسرة نازح
بروحي ديار الفضل صوَّح روضها / كأن لم يجب فيها المنى صوت صائح
بروحي غريب الدار والنعشُ عائدٌ / إلى أرضه الثكلى غريب النوائح
بروحي نظير الغصن في دوحة العلى / رماه فأوداه الزمان ببارح
رمى فروعه من بعد ما مدَّ ظله / على كل غادٍ م العفاة ورائح
وجمَّل دنيانا ببثّ جميلةٍ / وغطى على مكروهها والقبائح
وساس رعايا أرضه وأطاعه / على جانب العاصي هوى كل جامح
وأعطى عطاء السحب في حال عسرة / تقوم بأعذار النفوس الشحائح
وزاوج بين الحلم والبأس ملكه / فمن أعزل مثل السماك ورامح
ورتل من أسلافه سوَرَ العلى / خواتمها موصولة بالفواتح
وقام إلى جمع المحامد طامحاً / فوالله لم يعدل به عزم طامح
ووالله ما نقضي حقوق محمد / إذا نحن أثنينا عليه بصالح
ولو أمكن الغيث الفدى بوليّه / فدى صالحاً من آل شادٍ بطالح
ورد الرّدى عن فائض البرّ عنده / أعزّ مكان في الدنى سرح سائح
هو الموت لو يثنيه بأسٌ ونائل / ثنتهُ سجايا كفه في الجوانح
هو الموت ما يعييهِ ثاوٍ بمغفل / ولا واصل في النبذ من خطو سابح
ولا أسدٌ يرنو بأحمر أجزرٍ / تكاد به تشوى لحوم الذبائح
ولا أسد الأبراج في الشهب كاسراً / بتكرارها سرت نفوس الصحائح
كفى ببني أيوب للناس واعظاً / وإن صمتت أفواههم في الضرائح
ومرقى المنايا نحو آفاق عرشهم / وما كان يرقى نحوها طرف طامح
سلام على جنات أجداثهم ولا / سلام لنار الحزن بين الجوانح
سرت قمراً من مسبل الشعر في جنح
سرت قمراً من مسبل الشعر في جنح / بسفح النقا آهاً على زمن السفح
محجبة لا طعن فيها لعائب / على أنها تمشي فتهتز كالرمح
سقى الله ليلاً صالحت فيه باللقا / فما كان أشهى من لقاءٍ ومن صلح
أسدّ بطول اللثم فاها مخافةً / على ليلتي أن يهجم الثغر بالصبح
ويخطر في وشي الحرير قوامها / ونجم الدجى بالغيظ يعثر في منح
زمان مضى حلو المراشف والجنى / وعيش تقضى آمن السرب والسرح
ولا عيب في تلك الليالي التي خلت / سوى أنها مرت على الطرف كاللمح
تولى زمان الوصل وانقرض الصبى / فيا عجباً للدهر قرحاً على قرح
سلام على العيش الوريّ زناده / على أنه العيش البرئ من القدح
وغانية مثلَ الحياةِ أحبها / وإن كان في كدِّ بها العمر أو كدح
ومما عناني عاذلٌ متنصحٌ / وما الغش إلا ما سمعت من النصح
يطوف بسمعي لفظه وهو بارد / وفي القلب ما فيه من الوقد واللفح
وفي الخفرات اللاّءِ تغني بلفظها / عن العقد والفرع الأثيث عن الرشح
غزال رعت في الحب أخضر عيشتي / لقد أعرض الظبي الأغن عن الطلح
وقد كان لي والدهر فيه وقائع / فلما اجتمعنا آذن الدهر بالصلح
تعشقتها والخد يشبه خدها / أأعشقها والشيب ملتمع اللمح
كأن جفوني إذ تكاثر دمعها / بنان ابن فضل الله متصل المنح
وقائلة ما بال عزمك صابراً / على الفدحِ في الدنيا على أثر الفدح
فقلت رأيت السمر أقومَ ما ترى / إذا صبرت عند النفاق من اللقح
فقالت دع التقليل عنك وقم إلى / نوافجٍ فضل الله في زمن الفرح
وبادر لمحيي الدين تلق شمائلاً / مدربةً لم تدرِ ما هيئة الشحّ
فقمت ولكن بعد أن وضح الدجى / وعدت بمشهور الثنا طاهر سمح
يوري زناد الفضل بالمجد والعلى / ولكنه الفعل البريءُ من القدح
رئيسٌ رأى آمالنا وهي تشتكي / من الدهر أسقاماً فقال لها صحي
يسابق آمال العفاة بضعف ما / تمنت ويمسي في النوال كما يضحي
مغيث الرجا والخوف والذل والخطا / ببذل الندى بالأَمن بالجاه بالصفح
إذا وصف المداح بعض صفاته / فماذا بأكباد الأعادي من الشرح
وإن فتح الراوي معاني فخاره / فدع ما رواه آل خاقان للفتح
ولما علا نحو السماء ثناؤه / أتى بالنجوم الزهر والسحب السح
سحائب آلاءٍ تجول على الرجا / وأنجم آراءٍ تدل على النجح
وسعد أفاد الملك أخبية الهنا / وأنحى على أهل المكايد بالذبح
كذلك فَليحكِ النظير نظيره / بغرّ المعالي والمراشد والمنح
فيا أيها الساعي لشقة شأوه / تنح قصياً لست من ذلك الطرح
ويا أيها البسام بشرا وفضله / يعين على أعوامها الشهب الكلح
فدياً لك من لو أن ميعاد جوده / كفرعون لم يحتج لهامان في الصرح
وأنت الذي أغنيت بالرفد يمنهم / وبالغت حتى خلت أنك في مزح
تحليت في كتم الذي أتت واهب / وهيهات ما للمسك بُدّ من النفح
وكم جربت منكَ الملوكُ ميامناً / ونصحاً على فقد الميامن والنصح
وغصن يراع يستظل به الورى / ويشهد قتل المارقين بلا جرح
وأنك يا يحيى لَتُحيي ذوي الرجا / وتحمي من اللأوا وتنجي من الفدح
وأنك يا يحيى لفائض جعفر / من الوفر تزداد امتلاء على النزح
فلا زال للراجي جنابك موثلا / وضدك للِهمّ المقيم وللبرح
تسامى على المداح قدرك رتبة / فإقصارهمْ عن مدحه غاية المدح
وكدت لعرفان المكارم لم ترم / بحمد وما حمد السحاب على السفح
نجومٌ تراعيها جفون سوافح
نجومٌ تراعيها جفون سوافح / ولا طيفكم دانٍ ولا الليل نازح
أباخلةً عنِّي بطيف خيالها / عسى ولعلَّ الدهرَ فيك يسامح
وتاركة قلبي كليماً وناظري / ذبيحاً ولا في العيش بعدك صالح
لمحتك للبين المصادف لمحةً / فطاحت بأحشائي إليك الطوائح
وما أنت إلاَّ الظبي جيداً ومقلةً / فلا غرْوَ أن أهوت إليك الجوارح
جوانح ينمو شجوها وسقامها / عليَّ ودوني جندل وصفائح
وقلب عصى نصحي عليكِ وسلوتي / فأبعد شيء صبره والنصائح
وقلتُ جبين المالكية عذره / فقال الورى عذرٌ لعمرك واضحُ
وضاقت علينا عينها فتمنَّعت / وهيهات أن تسخو النفوس الشحائح
ولم أنس يوم البين إيماءَ طرفها / وعيس المطايا للفلاة جوانح
فليت الردى أجرى دم العيس ناحراً / فسالت بأعناق المطيّ الأباطح
وممَّا شجاني في الضحى صوت ساجع / كأني له بعد الحبيب أطارح
يساعدني نوحاً يكاد يجيبنا / بأمثاله بانُ الحمى المتناوح
فليت حمام الأيك يوماً أعارني / جناحاً إلى الركبِ الذي هو نازح
وليت النجوم الزهر تدنو قوافياً / لنا قتنقى في ابن خضر المدائح
رئيسٌ تجلَّى بشره ونواله / فلا الأفق مغبرٌّ ولا العام كالح
على المزْن من تلك البنان تشابه / وفي البدر من ذاك الجبين ملامح
وفي الأرض من أخلاقه وثنائه / سِماتٌ فنعم المزهرات الفوائح
ولله أقلام الحماسة والندى / على يده حيث السطا والمنائح
حمينَ الحمى لمَّا فتحنا بلادَه / وقد أقصرت عنها القنا والصفائح
فهنَّ على اللائي فتحن مغالقٌ / وهنَّ على اللائي غلقن مفاتح
وطوَّقنا أطواق جود فكلنا / على شبهِ الأغصان بالحمد صادح
وروَّضنَ أقطار الشآم بأحرفٍ / سقى أصلها طاف من النيل طافح
وصدر لما يلقى من السرِّ لائق / وكوكب فضلٍ في سما الملك لائح
عليَّ المدى لا بالملمَّة جازعٌ / ولا بالتي يثني لها العطف فارح
وزاكي النهى إمَّا لمعنى سيادة / وإمَّا لأكباد المعادين شارح
بليغٌ إذا نصَّ المقال وبالغ / مدى الرأي حيث النيِّرات الطوامح
وأبيض وجه العرض والوجه والتقى / إذا لفحت سفع الوجوه اللوافح
على دولة الأملاك كلّ فصوله / ربيع وفي الأعدا سعودٌ ذوابح
وللطالبي العمى غمام كأنه / لما جدّ في جودٍ وحاشاه مازح
إلى عدلهِ يشكو الزمان فإنه / خديمٌ يغادِي أمرهُ ويراوح
تعوَّدت أن تسري إليه ركائبي / فترجع وهي المثقلات الروازح
وآخذُ من قبل المديح جوائزاً / تقصر عن أدنى مداها الممادح
فلا غَرْوَ أن آتي بهنَّ مضيئة / كأنَّ المعاني في البيوت مصابح
أمولاي إن يسكت لساني صابراً / فإنَّ لسان الحال منِّي صادح
ألم ترَ أنِّي معمل الفكر في كِرى / حمار أماسي غبنه وأصابح
ركوبي على أمثاله في زمانكم / كما ركّبت في العالمين القبائح
فهل لي ببيت المال حقٌّ فيقتضى / وهل أملِي في أرذل الخيل جامح
ولي في بديع الوصف كالصخر قوة / ولكنه سيل على الأرضِ سائح
أقدم فيه الوصف قبل أوانه / على ثقة منِّي بأنَّك مانح