المجموع : 135
ألا مَن لِصَادٍ وَالمواردُ جَمّةٌ
ألا مَن لِصَادٍ وَالمواردُ جَمّةٌ / له عَلَلٌ من بَردِها لم يُرَوِّهِ
يُغَانُ عَليهِ حِين يسمعُ نَبْأةً / بِذكْرِهمُ أو دعوةً من مُنَوِّهِ
إذَا ما دَعاهُ الشوقُ خَرَّ كأنّما / به الموتُ لولاَ أنّهُ المتَأوّهِ
لئن غَرّبَتْ شمسِي المنيرةُ في النّوى
لئن غَرّبَتْ شمسِي المنيرةُ في النّوى / فَلَيْلِي وصُبحِي في الظّلامِ سَواءُ
فَفي أسوَدَيْ قَلبي وطَرْفِي محلَّهُ / وإن بَعُدتْ أرضٌ بِنا وسَماءُ
تَرحَّلَ غَرباً وارتحلْتُ مُشَرِّقاً / وخُلفُ ارتحالِ الظّاعِنينَ عَنَاءُ
إذا زَادَنا التَّرحالُ بُعداً فما الّذِي / يُقَرِّبُنَا إن كان ثَمَّ لِقَاءُ
بَلَى إنَّ لُطفَ اللهِ يجمعُ شملَنا الشْ / شَتِيتَ ويُدني الدّارَ كَيف يَشَاءُ
وقد كنتُ أرجُو أن أَرَاكَ وبَيْنَنَا
وقد كنتُ أرجُو أن أَرَاكَ وبَيْنَنَا / مفَاوِزُ أدْنَاهَا الشّنَاخِيبُ والسَّهبُ
فلمّا تَدانَينا يَئِستُ وزَادَنِي / تبَاريحَ شَوقٍ ضِقتُ ذَرعاً بها القُربُ
تَبذّلَ حَتّى قَد مَلِلتُ عِتَابَه
تَبذّلَ حَتّى قَد مَلِلتُ عِتَابَه / وأعرضْتُ عَنه لا أريدُ اقْتِرَابَهُ
إذَا سَقَطتْ من مَفْرِق المرء شعرةُ / تأفّفَ منها أن تَمَسّ ثِيَابَهُ
أيَا نَازِحاً لم أحتَسِبْ بُعدَ دَارِهِ
أيَا نَازِحاً لم أحتَسِبْ بُعدَ دَارِهِ / وقَد كان لو نِلتُ المُنَى قُرْبُه حَسبْي
تَعَرّضَتِ الأخطارُ دُون لِقَائِنَا / وصَدَّ التّنَائي عن مُواصَلِة الكُتْبِ
وقد صَارَ يأْتِي بعد حَوْلٍ مُجرَّمٍ / كتابُكَ مَقصوراً على اللّوم والعَتْبِ
فيا أُنْسَ قَلبي لا تَزِدنيَ وَحْشَةً / ويا رَوْحَ كَربي لا تكُن سَبَبَ الكَرْبِ
أيا غائباً يدنيهِ شَوقي على النّوى
أيا غائباً يدنيهِ شَوقي على النّوى / لأَنْتَ إلى قَلبي من الفِكْرِ أقربُ
وما غابَ مَن أُفْقَاهُ عَيني وخَاطِرِي / لهُ مَطلعُ مِن ذَا وفي تِلك مَغرِبُ
غَبْطتُك نُعْمَى فُزتَ دُونِي بنَيْلِها / وفخراً له ذيلُ على السّحبِ يُسْحَبُ
جِوارَك مَن يَحمِي على الدّهرِ جَارَه / ويَطلبُ منهُ جودُهُ كيف يطلبُ
هو البحرُ تَروَى الأرضُ عند سُكُونِهِ / وتَغرَقُ في تيّارِه حين يَغْضَبُ
فمَن ليَ لو كنتُ الرّسولَ بِبَابِه / لتُبرِدَ رؤْياهُ حشاً تَتلهّبُ
وأبلُغَ ما أنفَقْتُ في أمَلِي لَه / من العُمر عَشراً كلُّها لَي متُعِبُ
فما رَقَّ لي فيها نسيمُ أصائِلي / ولا رَاقَ لي فيها من الهمّ مَشرَبُ
ولولاَ رجاءُ الصَّالِحِ المَلكِ الّذي / به طالَ واسْتَعْلَى على الشَّرقِ مَغربُ
وأنّي سِآوِى من حِماهُ إلى حِمىً / يُرَى كلّ خَطبٍ دونَه يَتَذَبْذَبُ
لَمُتُّ ومَا موتِي عَجيبُ وقد نأَت / بيَ الدّارُ عنه بل بَقَائِيَ أعْجَبُ
وما سَكنتْ نَفْسِي إلى الصّبرِ عنكُم
وما سَكنتْ نَفْسِي إلى الصّبرِ عنكُم / ولا رَضِيَتْ بُعدَ الدِّيارِ من القُرْبِ
ولكنَّ أيّامِي قضَتْ بِشَتَاتِنَا / ففارَقكُم جِسمِي وجَاوَرَكُم قَلبي
ولو جَمَعَتْنَا الدّارُ بعد تَفَرّقٍ / لكُنْتُم من الدّنيا ونِعمتِها حَسْبِي
لَئِنْ فرّق الدّهرُ المشتِّتُ شملَنا
لَئِنْ فرّق الدّهرُ المشتِّتُ شملَنا / فأصبحتُ في شَرقٍ وأمسيتَ في غَربِ
لقد عزّهُ تَفريقُ صَادِقِ وُدِّنا / وأعجزَه إبعادُ قَلبِكَ من قَلبي
أيا مُنقذِي والحادثاتُ تَنوشُنِي
أيا مُنقذِي والحادثاتُ تَنوشُنِي / ودافِعَ همي إذ ترادَف بعَثُهُ
لسانِيَ عَن شكرِي أياديكَ مُفحَمٌ / وأنتَ فأَعلى من ثناءٍ أبُثُّهُ
تحمّلتَ عني كلَّ خطبٍ يَؤودُنِي / ونَاهَلْتَنِي عَيشي وقد بَان خُبثُهُ
فِدىً لك يَا طوعَ الإخاءِ أمينَهُ / على غَيبِهِ مُستكْرَهُ الوُدِّ رَثُّهُ
نَسِيٌّ لما يُولَى ومَا طالَ عهدُه / ملُولٌ لَمن يَهوَى وما دام لَبثُهُ
وما أشتكِي شوقي إليكَ تجلُّداً / على أَنَّه بَلْبَالُ قَلبِي وَبثُّهُ
وقاسَمَنِي قلبِي على الصّبرِ عنكُمُ / ولا عجبٌ إن بانَ بعدَكَ حنثُهُ
وما زال يَثنِيه إليكَ حِفَاظُهُ / وغَدْرُ صُروفِ الدّهرِ عنك تَحثُّهُ
وشَاركَني فيهِ هَواكَ فهمُّهُ / وأفكارُه عِندي وعندَك مُكثُهُ
وما ضَعضَعَتْنِي الحادثاتُ وإنّني / كَعهدِكَ وعْرُ الخُلقِ في الخطبِ وَعْثُهُ
جَريءٌ على الأهوالِ والموتُ مُحجِمٌ / مَرِيرُ القُوَى والدّهرُ قد بان نَكْثُهُ
كَظُومٌ على غيظٍ يضيقُ بِهِ الحَشَا / فلستُ وإن آدَ اصطبارِي أَبثُّهُ
ولم أَرِثِ اُلصَّبرَ الجميلَ كَلالَةً / ولكِنَّهُ عَن مُرشدٍ ليَ إرثُهُ
عن المُمترِي أخْلافَ دهرٍ تَشابَهتْ / أطَايبُهُ إلاّ عَليه وغَثُّهُ
نَداهُ ربيعٌ يُنعشُ الناسَ سَيبُهُ / إذا اخْلَفَ الوسميُّ جَادَ مُلِثُّهُ
يُضاعِفُ داءَ الحاسدينَ كَمالُهُ / على أَنّه يَشفي من الدَّاءِ نَفْثُهُ
أسَاكِنَ قلبِي والمَهامِهُ بَيننَا
أسَاكِنَ قلبِي والمَهامِهُ بَيننَا / وإنسانَ عَينِي والمَزارُ بعيدُ
تُمثّلُكَ الأشواقُ لي كُلَّ ليلةٍ / فَهمّي جديدٌ والفِراقُ جَديدُ
ومُعظمُ هَمّي أنّ عُمر فِرَاقِنا / مَديدٌ وعُمرِي للشقاءِ مَديدُ
فيا صخرُ ما الخنساءُ مثلي ولا نَهَى / بَوادِرَ دَمعِي ما قَضاهُ لَبيدُ
أبَا حَسنٍ وافى كتابُكَ شَاهِراً
أبَا حَسنٍ وافى كتابُكَ شَاهِراً / صَوارِمَ عَتْبٍ كُلُّ صَفحٍ لها حَدُّ
فقابلتُ بالعُتَبى مَضِيضَ عِتَابهِ / ولم يَتَجَهَّمْهُ الحِجاجُ ولا الجَحْدُ
وأعجَبني عيٌّ لديهِ ولَم أزَلْ / إذا لم تكُن خَصمِي لِيَ الحججُ اللدّ
فيا حَبّذَا ذَنبٌ إليَّ نَسَبتَهُ / وما خطأٌ منّي أتَاه ولا عَمدُ
ولو كانَ ما بُلِّغْتَهُ فظنَنْتَهُ / لكفَّرَهُ حقُّ الأخُوَّةِ والوُدُّ
فأهلاً بعتْبٍ تَستريحُ بِبَثّهِ / ويُؤْمِنُني أن يستَمرَّ بك الحِقدُ
لقَد رَاقَ في قلبي وَلَذّ سماعُهُ / بِسمْعِي فزِدنِيْ من حديثِك يا سَعْدُ
ألا أبلِغَا عنّي أٌناساً صحبتُهمْ
ألا أبلِغَا عنّي أٌناساً صحبتُهمْ / فما حَفِظوا عهداً ولا رَاعَوُا الوُدّا
بأنّي وإن حَالت بيَ الحالُ لم أقُلْ / لهمْ واصِفاً شَوقاً ولا شَاكياً وَجْدَا
خذُوا بِزمَامِي قد رجَعْتُ إليكُمُ / رجوعَ مُريدٍ لا يَرى منكُمُ بُدّا
ولكِنْ ليَ الأَعواضُ في النّاسِ منكُمُ / وكلُّ سَماءٍ من سمائِكُمُ أندَى
أَأحبابَنا خطبُ التّفرقِ شاغلٌ
أَأحبابَنا خطبُ التّفرقِ شاغلٌ / عَن العَتب لكنْ جَاشَ بالكَمَدِ الصّدرُ
لأَسرَعَ ما حُلُتم عن العَهدِ بَعدَما / تَصرّمَ في حِفزي وِدادِكُمُ العُمرُ
ولا عجَبٌ أنتُم بنُو الدّهرِ مثلُهُ / عُهودُكُم غّدْرٌ ووُدّكمُ خَتْرُ
كأنّكُمُ الدنيا تمدُّ رجاءَنَا / بزُخْرُفها والموتُ فيها لَنا قَصرُ
مَلِلتُم فَمِلُتم نحوَ داعِيةِ القِلَى / وخُنتُم فَدنتُم بالّذي شَرَعَ الغَدرُ
وأنساكُمُ حفظَ العهودِ مَلالُكُمْ / كما قد تُنَسّي لبّ شَاربِها الخمرُ
وإنّى لَتَثْينيني إليكم حَفِيظَتي / إذا ما ثَناكُم عن مُحافَظتِي الغُمْرُ
وأُكذِبُ رأيَ العَينِ فيكُم وإنّكُمْ / لَتقضُون في هَجرِي بما خَيّل الفِكْرُ
أُسَاهِلُ فيما رَابَ منكم ودُونَ ما / أُؤَمّل من إنصافِكُم مسلكٌ وَعرُ
لهِجتُم بهجرِي والدّيارُ قريبةٌ / وما قربُ دارٍ حالَ من دونِها الهَجرُ
وأَغْضَى تَجنّيكُم جُفونِي على القَذَى / إلى أن تقضّى ذلك الزّمنُ النّضْرُ
فلمَّا تَفرّقْنَا أتتني قَوارضٌ / بها ينفُضُ الأحْلاَسَ في السّفَرِ السَّفْرُ
أَسَرّكُمُ أَن خِلتُمُ الدّهْرَ ساءَنا / وقَرّتْ بِنا لا قَرَّتِ الأعينُ الخُزرُ
وجاهَر بالشّحناءِ قومٌ عهدتُهُم / يَسوءُهم لَو لَم أغِبْ عنهُمُ الجَهرُ
وأَصغيتُمُ إذْ لم تقولُوا وطَالَما / تعرّضَ في الأسماعِ من ذكريَ الوَقْرُ
يُكاثِرُ مَاءُ الرّزمِ عند ادّكَارِكُم
يُكاثِرُ مَاءُ الرّزمِ عند ادّكَارِكُم / دُمُوعي ولكنْ ذَا بَرودٌ وذي قِطْرُ
ولَو لَم أُعِرْها بَعدَكم كلّ من بَكَى / لأعظَمها عَن أن يُكاثِرَهَا القَطرُ
تُذكِّرُهُ أحبَابَه الأنجُم الزّهرُ
تُذكِّرُهُ أحبَابَه الأنجُم الزّهرُ / فيَا وَيحَه ماذَا به صنعَ الذِكرُ
همُ مثلُها بُعداً ونوراً ورفعةً / ولكنْ لَها إذْ شُبّهت بهِمُ الفَخْرُ
وقد كنتُ أشكُو هجرَهُم في دُنوّهم / فمن ليَ لَو دام التّدانِي والهجرُ
سَقَى مصرَ جودُ الصّالِح الملْكِ إنّه / هُو الوابلُ المُحيِي البريّةِ لا القَطرُ
ففيها كرامٌ أسْعَرُوا بِجَوانِحي / ببعْدِهُمُ جمراً به يُحرَق الجَمرُ
ومِن عادتِي اُلصَّبرُ الجميلُ ولَيس لِي / عَلَى بُعدِهِم لا درَّ درُّ النّوى صَبرُ
إذا ما أمينُ الدّينِ عنَّ ادِّكارُهُ / ذُهِلتُ كأنّي خَامَرَتْ لُبِّيَ الخمرُ
يذكّرُنِيهِ الفاضلُون وإن غَدَوْا / جَداوِلَ إن قِيسُوا به وهو البحرُ
إذا حضَر النّادِي فَرضْوَى رجاحَةً / وإن قَال فالدّرّ المنظّمُ والسّحرُ
ويعجِبُنِي منه تدفّقُ عِلمِه / وأعجبُ منه كيف يجمعهُ صَدرُ
تناءت بنا الدّارَانِ والوُدُّ مُصْقِبٌ / فللقُربِ شطرٌ والبِعادُ له شطرُ
كأنّ الليالِي إذْ قضَت بِفِراقِنا / قَضى جَورُها أن ليس تَجمعنا مِصرُ
أُحِلُّ بها إن غابَ عنها وإن أَغِبْ / يحِلُّ بها فاعجبْ لما صنعَ الدّهرُ
فليت تلاقِينا ولو بعضَ سَاعةٍ / يُحَمُّ وشِيكاً قبل أن ينفَدَ العمرُ
لأحظَى بِرؤياهُ وأشكرَ مَنَّهُ / وإن لم يقُم عَنّي بواجِبِه الشُّكرُ
كفَى حزَناً أنّي مقيمٌ ببلدةٍ
كفَى حزَناً أنّي مقيمٌ ببلدةٍ / يُعلّلُني بعدَ الأحبّةِ دَاهِرُ
يحدّثُني ممّا يُجمّعُ عقلُه / أحاديثَ منها مستقيمٌ وجَائِرُ
لقد ولّى زمانٌ نحنُ فيه / فُسقياً للحِمَام به ورُعيَا
إسارٌ بين أتراكٍ ورُومٍ / وفقدُ أحبّةٍ ورِفاقُ شَعَيا
كتابِي ولولاَ أنّ يأسَي قد نَهى اش
كتابِي ولولاَ أنّ يأسَي قد نَهى اش / تِياقي لذَابَ الطِّرسُ من حَرِّ أنْفَاسِي
وبعدُ فعندِي وحشةٌ لو تَقسّمتْ / على الخلقِ لم يستأنِس النّاسُ بالنّاسِ
مُواصَلَتِي كُتِبي إليكَ تَزيدُني
مُواصَلَتِي كُتِبي إليكَ تَزيدُني / إليكَ اشتياقاً بل عليكَ تأسُّفَا
ولي أُسوةٌ في النّاسِ لو نَفَعَ الأُسى / فَمِن قَبلِنَا يَعقوبُ فَارقَ يُوسُفَا
ولَكنّ نفسِي قد تملّكَها الأسَى / وقَلبي إذا سَكَّنتُهُ بالأسَى هَفَا
ومَا أحسَبُ الأيّامَ تَقنُع بالنّوَى / ولا أنَّ صَرفَ الدّهرِ بالفُرقةِ اُشْتَفَى
أأحبابَنَا هلاّ سبقتُم بوصلِنَا
أأحبابَنَا هلاّ سبقتُم بوصلِنَا / صُروفَ اللّيالِي قبلَ أن نَتَفَرّقَا
تشاغلتُمُ بالهجرِ والوصلُ مُمكنٌ / وليس إلينا في الحوادِث مُرتقَى
كأنّا أخذْنا من صُروف زَمانِنَا / أماناً ومِن جَورِ الحوادِث مَوثِقَا