القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ المُقَرَّب العُيُونِي الكل
المجموع : 46
تَسَلطَنَ بِالحَدباءِ عَبدٌ بِلُؤمِهِ
تَسَلطَنَ بِالحَدباءِ عَبدٌ بِلُؤمِهِ / بَصِيرٌ بَلى عَن نَيلِ مَكرُمَةٍ عَمِ
إِذا أَيقَظَتهُ لَفظَةٌ عَرَبِيَّةٌ / إِلى المَجدِ قالَت أَرمَنِيَّتُهُ نَمِ
بِسُمرِ القَنا وَالمُرهَفاتِ الصَوارِمِ
بِسُمرِ القَنا وَالمُرهَفاتِ الصَوارِمِ / بِناءُ المَعالي وَاِقتِناءُ المَكارِمِ
وَفي صَهَواتِ الخَيلِ تَدمى نُحُورها / شِفاءٌ لِأَدواءِ القُلوبِ الحَوائِمِ
وَلَيسَ بِبِسمِ اللَهِ قُدّامَ بلغَةٍ / فَخارٌ لِجَعدِ الكَفِّ جَعدِ المَلاغِمِ
وَما الفَخرُ إلّا الطَعنُ وَالضَربُ وَالنَدى / وَرَفضُ الدَنايا وَاِغتِفارُ الجَرائِمِ
وَلَفُّ السَرايا بِالسَرايا تَخالُها / حِرارَ الحِجازِ أَو بِحارَ اللَواطِمِ
تَقَحَّمَها قُدماً إِلى المَوتِ فِتيَةٌ / تَرى عِيشَةً في الذُلِّ حَزَّ الغَلاصِمِ
خَلِيلَيَّ مِن عَمرِو بنِ غَنمِ بنِ تَغلِبٍ / ذَراني فَإِنّي لِلعُلا جِدُّ هائِمِ
وَما السُمرُ عِندي غَيرُ خَطِّيَّةِ القَنا / وَما البيضُ عِندي غَيرُ بِيضِ اللَهازِمِ
وَلا تَذكُرَا الصَهباءَ ما لَم تَكُن دَماً / وَلا مُسمِعاً ما لَم يَكُن صَوتَ صارِمِ
فَإِنّي أُحِبُّ الشُربَ في ظِلِّ قَسطَلٍ / مَجالِسُهُم فيهِ ظُهورُ الصُلادِمِ
وَأَهوى اِعتِناقَ الدارِعينَ وَأَجتَوي / عِناقَ بُنَيّاتِ الخُدورِ النَواعِمِ
وَمَن طَلَبَ العَلياءَ جَرَّدَ سَيفَهُ / وَخاضَ بِهِ بَحرَ الرَدى غَيرَ وَاجِمِ
فَما عُظِّمَت قِدماً قُرَيشٌ وَوائِلٌ / عَلى الناسِ إِلّا بِاِرتِكابِ العَظائِمِ
وَمَن لَم يَلِج بِالنَفسِ في كُلِّ مُبهَمٍ / يَعِش عَرَضاً لِلذُلِّ عَيشَ البَهائِمِ
وَمَن لَم يَقُدها ضامِراتٍ إِلى العِدى / تُقَد نَحوَهُ عُوجُ البُرى وَالشكائِمِ
فَما اِنقادَتِ الأَشرارُ إِلّا لِغاشِمٍ / لَهُ فيهِمُ فَتكُ الأُسُودِ الضَراغِمِ
فَمَن رامَ أَن يَستَعبِدَ الناسَ فَليَمِل / عَلَيهِم بِأَطرافِ القَنا غَيرَ راحِمِ
فَأَكثَرُ مَن تَلقى لِسانُ مُسالِمٍ / وَتَحتَ جَآجي الصَدرِ قَلبُ مُصادِمِ
كَلامٌ كَأَريِ النَحلِ حُلوٌ وَإِنَّهُ / لَأَخبَثُ غِبّاً مِن لُعابِ الأَراقِمِ
فَيا خاطِبَ العَلياءِ لَيسَ مَنالُها / بِرَفعِ الغَواشي وَاِتِّخاذِ التَراجِمِ
فَدَع عَنكَ ذِكراها فَبَعضُ صَداقِها / وَرُودُ المَنايا وَاِحتِمالُ المَغارِمِ
وَلا تَبسُطَن كَفّاً إِلَيها وَخَلِّها / لِأَروَعَ يُغلي مَهرَها غَيرَ نادِمِ
وَخَف سَيفَ بَدرِ الدِينِ وَاِحذَر فَإِنَّهُ / لَأَغيَرُ مِن لَيثٍ جَرِيِّ المَقادِمِ
فَلَيسَ لَها كُفؤٌ سِواهُ فَإِن تَكُن / يَسارَ الغَواني تُخصَ ضَربَةَ لازِمِ
أَلا إِنَّ بَدرَ الدّينِ تَأبى طِباعُهُ / نَظيراً وَفي هِندِيِّهِ فَضلُ قائِمِ
هُوَ المَلِكُ السَامي إِلى كُلِّ غايَةٍ / مَراهِصُها لا تُرتَقى بِالسَلالِمِ
إِذا هَمَّ أَمضى عَزمَهُ بِكَتائِبٍ / حِمى المَلِكِ المُردى بِها غَيرُ سالِمِ
جَرى وَجَرَت كُلُّ المُلوكِ إِلى العُلى / فَجَلّى جَلاءَ الأَعوَجِيِّ المُتائِمِ
جَوادٌ إِذا ما الخُورُ عامَت فِصالُها / وَلَم يَبقَ في أَخلافِها فُطرُ صائِمِ
يُسَرُّ بِمَرأى النازِلينَ بِبابِهِ / سُرورَ أَبٍ بِاِبنٍ مِن الغَزوِ قادِمِ
هُوَ البَحرُ إِذ لَو زاحَمَ البَحرُ مَدَّهُ / لَأَربى عَلَى تَيّارِهِ المُتَلاطِمِ
هُوَ السَيفُ بَل لَو أَنَّ لِلسَيفِ عَزمَهُ / لَشَقَّ الطُلا وَالهامَ قَبلَ التَصادُمِ
هُوَ الشَمسُ بَل لَو قابَلَ الشَمسَ بشرُهُ / لَما اِستوضحَت إِلّا كَحَلقَةِ خاتِمِ
عَلا في النَدى أَوساً وَفي الزُهدِ وَالتُقى / أُوَيساً وَفي الإِغضاءِ قَيسَ بنَ عاصِمِ
وَأَولى الرَعايا عَدلَ كِسرى وَساسَها / سِياسَةَ مَيمُونِ النَقيبَةِ حازِمِ
تَهادى رَعاياهُ اللَطيمَةَ بَينَها / وَكَم مِثلها في مِثلِ حَرِّ الأَطايِمِ
وَيُمسي قَريرَ العَينِ مَن في جَنابِهِ / وَإِن كانَ نَائي الدارِ جَمَّ الدَراهِمِ
إِذا جادَ لَم يُذكَر لِفَضلٍ وَجَعفَرٍ / سَماحٌ وَلَم يُحفَل بِكَعبٍ وَحاتِمِ
وَإِن قالَ أَلغى الناسُ سَحبانَ وائِلٍ / وُقسّاً وَما فاها بِهِ في المَواسِمِ
وَإِن صالَ أَنسى حارِساً وَمُهَلهِلاً / وَعَمراً وَبسطاماً وَحار بنَ ظالِمِ
سَلِ الخَيلَ عَنهُ وَالكُماةُ كَأَنَّها / قِيامٌ عَلى مَوجٍ مِنَ النارِ جاحِمِ
أَلَم يَكُ أَمضاها جَناناً وَصارِماً / وَلِلبيضِ وَقعٌ في الطُلا وَالجَماجِمِ
وَكَم هامَةٍ حَسناءَ راحَت جِباهُها / نِعالاً لِأَيدي خَيلِهِ في المَلاحِمِ
لَقَد أَصبَحَ الإِسلامُ في كُلِّ مَوطِنٍ / يَنُوءُ بِرُكنٍ مِنهُ عَبلِ الدَعائِمِ
أَقامَ لَهُ في كُلِّ ثَغرٍ كَتائِباً / يُقيمُ اِصعِرارَ الأَبلَجِ المُتَضاخِمِ
دَعاهُ لِنَصرِ الدِّينِ خَيرُ خَليفَةٍ / وَما زالَ يُدعى لِلأُمورِ العَظائِمِ
فَلَبّى مُطيعاً لِلإِمامِ وَحَسبُهُ / بِذا مَفخَراً في عُربِها وَالأَعاجِمِ
فَقادَ إِلى الإِفرَنجِ جَيشاً زُهاؤُهُ / عَديدُ الحَصا ذا أَزمَلٍ وَزَمازِمِ
وَجَيشاً يُواري الشَمسَ رَيعانُ نَقعِهِ / إِلى التُركِ إِذ جاؤُوا لِهَتكِ المَحارِمِ
إِذا التَترُ الباغُونَ ذاقُوا لِقاءَهُ / تَمَنّوا بِأَن كانُوا دَماً في المَشائِمِ
جُيوشٌ هِيَ الطُوفانُ لا رَملُ عالِجٍ / وَلا جَبَلُ الأَمرارِ مِنها بِعاصِمِ
مُعَوَّدَةٌ نَصرَ الإِلَهِ فَما غَزَت / مَنيعَ حِمىً إِلّا اِنثَنَت بِالغَنائِمِ
إِذا ما دَعَت يابا الفَضائِلِ أَرعَدَت / فَرِيصَ الأَعادي فَاِتَّقَت بِالهَزائِمِ
سَتَبقى بِهِ الإِفرِنجُ وَالتُركُ ما بَقَت / كَأَنَّ حَشاياها ظُهُورَ الشَياهِمِ
تُقَلِّبُها جَنباً فَجَنباً مَخافَةٌ / ثَوَت فَاِستَقَرَّت بَينَ تِلكَ الحَيازِمِ
فَإِن هَوَّمَت أَهدَت لَها سِنَةُ الكَرى / سَراياهُ تُردي بِالقَنا وَالصَوارِمِ
فَتُزعِجُها حَتّى كَأن قَد أَصابَها / مِنَ المَسِّ ما لا يُتَّقى بِالتَمائِمِ
فَلَيسَ لَها في نَومِها مِنهُ راحَةٌ / إِذا النَومُ أَسرى الهَمَّ عَن كُلِّ نائِمِ
إِلَيكَ طَوَت يابا الفَضائِلِ وَاِمتَطَت / بِيَ البُعدَ هِمّاتُ النُفوسِ الكَرائِمِ
فَكَم مَتن ساجٍ تَحتَ ساجٍ قَطَعتهُ / عَلى ظَهرِ ساجٍ غَيرَ وَاهي العَزائِمِ
وَكَم جُبتُ مِن خَرقا تَمُوتُ بِها الظِبا / بِعَزمَةٍ مَضّاءٍ عَلى الهَولِ حازِمِ
وَقَد كُنتُ ذا مالٍ حَلالٍ وَثَروَةٍ / يُضاعَفُ إِكرامي وَتُرجى مَكارِمي
فَمالَ عَلَى مالي وَحالي وَثَروَتي / وَجاهي وَأَصغى لِاِختِلاقِ النَمائِمِ
وَظَلتُ أُعاني السِجنَ في قَعرِ هُوَّةٍ / سَماعي وَأَلحاني غِناءُ الأَداهِمِ
وَها أَنا قَد أَلقَيتُ رَحليَ عائِذاً / بِنعماكَ مِن أَيدي الخُطوبِ الغَواشِمِ
وَخَلَّفتُ بِالبَحرَينِ أَهلي وَمَنزِلي / رَجاءَ الغِنى مِن سَيبِكَ المُتراكِمِ
وَطُولُ مُقامي مُتعِبٌ لِي وَجالِبٌ / عَلَيَّ مِنَ الأَدنى أَحَرَّ المَلاوِمِ
فَبُورِكتَ مِن مَلكٍ أَقَلُّ هِباتِهِ / تُبِرُّ عَلى فَيضِ البِحارِ الخَضارِمِ
وَعِشتَ عَلى مَرِّ اللَيالي مُخَلَّداً / لِنُصرَةِ مَظلُومٍ وَإِرغامِ ظالِمِ
أَلا رَحَلَت نُعمٌ وَأَقفَرَ نعمانُ
أَلا رَحَلَت نُعمٌ وَأَقفَرَ نعمانُ / فَبُح بِاِسمِها إِن عَزَّ صَبرٌ وَسُلوانُ
شُرَيكِيَّةٌ مُرِّيَّةٌ حَلَّ أَهلُها / بِحَيثُ تَلاقى بَطنُ مرٍّ وَمرّانُ
وَعَهدي بِها إِذ ذاكَ وَالشَملُ جامِعٌ / وَصَفوُ التَداني لَم يُدارِكهُ هِجرانُ
وَنَحنُ جَميعاً صالِحُونَ وَحالُنا / تَسُوءُ العِدى وَالكُلُّ في اللَهوِ جَذلانُ
فَكَم يَومِ لَهوٍ قَد شَهِدتُ وَلَيلَةٍ / وَلَيسَ عَلَينا لِلعَواذِلِ سُلطانُ
نَروحُ وَنَغدُو لا نَرى الغَدرَ شِيمَةً / وَلا بَينَنا في الوَصلِ مَطلٌ وَلَيّانُ
وَمُبدِيَةٍ تِيهاً عَلَيَّ وَقَد رَأَت / بَياضاً بِرأسي قَد بَدا مِنهُ رَيعانُ
فَقُلتُ لَها لا يا اِبنَةَ القَومِ إِنَّني / أَعِزُّ إِذا ذَلَّت كُهُولٌ وَشُبّانُ
وَإِنّي لَمِن قَومٍ أُباةٍ أَعِزَّةٍ / مَصالِيت ما خامُوا قَديماً وَلا خانُوا
لِيَ النَسَبُ الوَضّاحُ قَد عَلِمَت بِهِ / مَعَدٌّ إِذا عُدَّ الفَخارُ وَعَدنانُ
إِذا اِفتَخَرَت بِالضَجعَمِيِّينَ قَومها / قُضاعَةُ وَاِنتاشَت عُرى العِزِّ قَحطانُ
وَجاءَت بِأَولادِ التَبابِعِ حِميَرٌ / وَمَدَّت بَضَبعَيها إِلى الفَخرِ كَهلانُ
وَقالُوا لَنا الأَنصارُ أَوسٌ وَخَزرَجٌ / وَحَسبُكَ مِن فَخرٍ لَهُ الذِكرُ وَالشانُ
وَجاءَت بَنُو كَعبٍ بِعَبدِ مَدانِها / وَطالَت بِزَيدِ الخَيلِ طَيٌّ وَنَبهانُ
وَعَدُّوا عَلى العِلّاتِ أَوساً وَحاتِماً / عَلى ثِقَةٍ أَن لا يُسامِيهِ إِنسانُ
وَقامَت تَرُومُ المَجدَ لَخمٌ بِمُنذِرٍ / وَعَمرٍو وَنُعمانٍ وَحَسبُكَ نُعمانُ
وَعَدَّت بَنُو ساسانَ كِسرى وَهُرمُزاً / وَسابُورَ وَالأَملاكَ أَعقَبَ ساسانُ
فَقَومي الأُلى أَجلُوا قُضاعَةَ عَنوَةً / وَدانَت لَهُم كَلبٌ وَنَهدٌ وَخَولانُ
وَهُم فَلَّقُوا هامَ التَبابِعِ إِذ طَغَت / يُقِرُّ بِهِ وادي خَزازى وَسُلّانُ
غَداةَ تَوَلَّت حِميرٌ في جُمُوعِها / وَذاقَ الرَدى في مُلتَقى الخَيلِ صُهبانُ
وَهُم ضَرَبُوا عَبدا المدانِ بِمَنعَةٍ / وَقَد شُرِعَت فِيهِم سُيوفٌ وَخِرصانُ
وَهُم نَصَرُوا بَعدَ النَبِيِّ وَصِيَّهُ / ولا يَستَوي نَصرٌ لَدَيهِ وَخِذلانُ
وَجاءَت بِزَيدِ الخَيلِ قَسراً خُيُولُهُم / أَسيراً لَها وَالجَوُّ بِالنَقعِ مَلآنُ
فَلَولا جِوارٌ مِن يَزيدِ بنِ مُسهِرٍ / لَراحَ وَضَيفاهُ عُقابٌ وَسِرحانُ
وَبَذّوا بِمَعنٍ جُودَ أَوسٍ وَحاتمٍ / وَلا يَستَوي بَحرٌ خِضَمٌّ وَخلجانُ
وَعاذَت بِهِم مِن دَهرِهِم آلُ مُنذِرٍ / فَصانَهُمُ حامي الحَقيقَةِ صَوّانُ
وَلَم يَحمِ كِسرى مِن حُدودِ سُيُوفِهِم / لُيُوثٌ لَها بِالجَوِّ زَأرٌ وَزُورانُ
وَهُم مَلَكُوا أَكنافَ نَجدٍ وَطَأطَأَت / لِعِزّتِهِم بِالشامِ عَمرٌو وَغَسّانُ
وَسارَت إِلى البَحرَينِ مِنهُم عِصابَةٌ / مَصاليتُ غاراتٍ مَغاويرُ غرّانُ
فَعَن هَجَرٍ ذادُوا القَرامِطَ عَنوَةً / وَقَد شَرِكَت فيها عَتيكٌ وَحُدّانُ
وَسارُوا إِلى أَرضِ القَطيفِ فَلَم يَكُن / لِيمنَعَها مِنهُم حُصُونٌ وَحِيطانُ
وَلَم تَمتَنِع مِنهُم أَوالُ بَمُزبِدٍ / مِنَ اليَمِّ تُزجيهِ شَمالٌ وَمَرخانُ
لَياليَ يَحمي الجابِرِيَّة مِنهُمُ / إِلى الرَملِ مِطعامُ العَشِيّاتِ مِطعانَ
وَإِن سَلِمَت نَفسُ الأَميرِ مُحَمَّدٍ / شَكَت مِن سَراياهُ عُمانٌ وَعَمّانُ
وَسارَت إِلى أَرضِ الشآمِ جُيُوشُهُ / وَلَم يَمتَنِع مِنها زَبيدٌ وَنَجرانُ
فَتىً لَم يَزَل يَسمُو إِلى كُلِّ غايَةٍ / إِذا راحَ حَظُّ القَومِ نَحسٌ وَنُقصانُ
لَقَد ضَلَّ قَومٌ مِن عُقَيلٍ وَما اِهتَدُوا / بَلى إِنَّهُم فِيما تَمَنَّوهُ عُميانُ
لَئِن طَلَبَت أَهلُ المَمالِكِ حَقَّها / وَسارَ بِهِم قَلبٌ إِلى المَجدِ حَرّانُ
فَلا عَجَبٌ أَن يَطلبَ الحَقَّ أَهلُهُ / فَلِلدَوحِ أَوراقٌ نَشَأنَ وَأَغصانُ
فَلَيسَ لِقَومٍ غَيرِهِم أَن يُعَرِّضُوا / نُفوسَهُمُ لِلّيثِ وَاللَّيثُ غَضبانُ
فَيُوشِكُ إِن جاشَت غَوارِبُ بَحرِهِ / يُغَرِّقُهُم مِنهُنَّ مَوجٌ وَطُوفانُ
فَيا آلَ كَعبٍ لا تَخُونُوا عُهُودَهُ / فَلَيسَ بِراقٍ ذِروَةَ المَجدِ خَوّانُ
فَكائِن لَهُ مِن نِعمَةٍ بَعدَ نِعمَةٍ / عَلَيكُم وَإِحسانٍ يُوالِيهِ إِحسانُ
تُقِرُّ بِهِ أَحياءُ قَيسٍ وَخِندِفٍ / وَبِئسَ جَزاءُ القَومِ غَدرٌ وَكُفرانُ
كَفاكُم مُقاساةَ الأَعادي فَأَصبَحَت / تُجَرُّ لَكُم في باحَةِ العِزِّ أَرسانُ
وَقادَ جِيادَ الخَيلِ قُبّاً عَوابِساً / عَلَيهِنَّ فِتيانٌ مَصاليت شُجعانُ
فَرَدَّ سَعيداً عَن هَواهُ وَقادَهُ / تَحُفُّ بِهِ خَيلٌ عِرابٌ وَرُكبانُ
وَأَقسَمَ أَن لا بُدَّ مِن دارِ عامِرٍ / وَلَو حالَ مِن دُوني ثَبيرٌ وَثَهلانُ
وَأَغنى ذَوي الحاجاتِ مِنكُم بِمالِهِ / فَأَضحى لِكُلٍّ مِن عطاياهُ دِيوانُ
وَكَم راجِلٍ أَمسى بِنُعماهُ فارِساً / وَكانَت صَفايا مالِهِ المَعزُ وَالضانُ
وَكَم مِن حَريبٍ راحَ نَهباً سَوامُهُ / فَراحَ عَلَيهِ لِلكآبَةِ عُنوانُ
فَأَما أَتاهُ شاكِياً مِن زَمانِهِ / غَدا مِن عطايا كَفِّهِ وَهوَ جَذلانُ
وَكَم مُذنِبٍ قَد خافَ مِنهُ عُقُوبَةً / تَلَقّاهُ مِنهُ حُسنُ صَفحٍ وَغُفرانُ
وَكَم مِن قَبيلٍ راحَ يَزحَفُ بَعضُهُ / لِبَعضٍ وَقَد شُبَّت بِوَادِيهِ نِيرانُ
تَلافاهُ مِنهُ حُسنُ رَأيٍ وَسَطوَةٍ / فَراحَ وَقد ماتَت حُقُودٌ وَأَضغانُ
وَأُقسِمُ أَن لَو كانَ في عَصرِ وائِلٍ / لَما اِقتَتَلَت عَمرُو بنُ غَنمٍ وَشَيبانُ
فَعِش وَاِبقَ يا تاجَ المُلوكِ مُؤَيَّداً / لَكَ النَصرُ جُندٌ وَالمقادِيرُ أَعوانُ
مُعاديكَ مَغنُومٌ وَراجيكَ غانِمٌ / وَمَجدُكَ مَحرُوسٌ وَرَبعُكَ فَينانُ
أَظُنُّكَ خِلتَ الشَوقَ وَالنَأيَ أَبكاني
أَظُنُّكَ خِلتَ الشَوقَ وَالنَأيَ أَبكاني / فَأقبَلتَ نَحوي يابِسَ الدَمعِ تَلحاني
فَقُم فَاِلتَمِس خِلّاً سِوايَ فَما أَرى / صَحابَةَ مَن لَم يتَّبِع شَأنُهُ شاني
كَأَنَّكَ ما شاهَدتَ ما قَد أَصابَني / بِهِ الدَهرُ مِن صُيّابِ قَومي وَإِخواني
رُزِئتُ مُلوكاً لَو بَكَيتُ لِفَقدِهِم / دَماً ما كَفاني عُمرُ نُوحٍ وَلُقمانِ
بِهِم كُنتُ أَرمي مَن رَماني وَأَتَّقي / بِهِم نائِباتِ الدَهرِ مِن حَيثُ تَلقاني
بِأَسيافِهِم ذاقُوا الرَدى وَتَجَرَّعُوا / حَسا المَوتِ لا أَسيافِ قَيسٍ وَغَيلانِ
وَلَيسَ عُقوقاً مِنهُمُ بَل تَعالِياً / إِلى خَيرِ غاياتٍ وَأَشرَفِ بُنيانِ
لَعَمري لَقَد سُرَّ العَدُوُّ وَأظهِرَت / دَفاناتُ أَحقادٍ سُتِرنَ وَأَضغانِ
وَمَدَّت عَضاريطُ الرِجالِ أَكُفَّها / لِتَلمَسَ عِزّاً بَعدَ ذُلٍّ وَإِذعانِ
وَأَطمَعَ فِينا فَقدُهُم كُلَّ مُسبَعٍ / وَشاوِيِّ أَغنامٍ وَعامِلِ فَدّانِ
فَيا بارِدَ الأَنفاسِ دَعني فَإِنَّهُ / قَليلٌ لَهُم مِن مَعشَرٍ فَيضُ أَجفانِ
فَلَو جاءَكَ الناعِي بِما جاءَني بِهِ / لَما عِشتَ إِلّا لابِساً ثَوبَ أَسفانِ
لَطابَ لَدَيكَ النَوحُ وَاستُسمِجَ العَزا / وَأَصبَحتَ في شَأنِ البُكا بَعضَ أَعواني
أَتَلحى عَلى فَيضِ الدُموعِ وَقَد ثَوى / أَخي وَشَقيقي وَاِبنُ عَمّي وَخُلصاني
أَمِن بَعدِ مَذكُورٍ أَصُونُ مُدامعاً / تَقِلُّ لَهُ لَو أَنَّها مِن دَمٍ قانِ
أَلا عَمِيَت عَينُ اِمرِئٍ لَم تَجُد لَهُ / بِدَمعٍ وَأَضحى رَبُّها رَبَّ عميانِ
وَأَيُّ اِبنِ عَمٍّ إِن دَعَوتُ لِنازِلٍ / أَجابَ بِعَزمٍ صادِقٍ غَيرِ خَوّانِ
أَقُولُ لِناعيهِ وَقَد كَظَّنِي البُكا / وَقَد أَضَّ مِن صَدري تَأَجُّجُ نِيرانِ
وَقَد أَشرَفَ الرَكبُ العِراقيُّ قَاصِداً / إِلى الخَطِّ أَعلا ذِي الشَقِيقَةِ فُرقانِ
أَحَقّاً ثَوى في اللَحدِ وَاِستَوطَنَ الثَرى / وَجاوَرَ فِيهِ كُلَّ ذِي نازِحٍ دانِ
فَقالَ نَعَم لَم آتِ حَتّى تَناوَحَت / عَلى يَومِهِ بِيضُ الخُدورِ بِأَلحانِ
وَحَتّى رَأَيتُ القَومَ حَولَ سَريرِهِ / حُفاةً يَنادونَ العَويلَ بِإِعلانِ
فَقُلتُ وَلَم أَملِك عَزائِي وَعَبرَتي / أُرَدِّدُها في صَحنِ خَدّي بِأَرداني
أَلا شَقِيَت قَومي لَقَد غالَها الرَدى / بِمقدامِ غاراتٍ وَفَلّالِ أَقرانِ
بِماذَا أُصِيبَت وَيلَها يَومَ سَدَّدَت / إِلَيهِ المَنايا سَهمَ صَفراءَ مِرنانِ
لَقَد كانَ غَيظاً لِلأَعادي وَباذِخاً / يَلُوذُ بِهِ جانٍ وَيَأمَلُهُ عانِ
فَمن بَعده مَن لِلرِماحِ يُعِلُّها / وَيُنهِلُها مِن كُلِّ أَشوَسَ مِطعانِ
وَمَن لِتَوالي المُرهَقِينَ إِذا غَدَت / تَعاطى وَأَبدى الشَرُّ صَفحَة عُريانِ
وَمَن لِجَلِيلِ الخَطبِ يَوماً إِذا أَتَت / هَوازِنُ تُردي بَينَ بَيضٍ وَأَبدانِ
وَمَن لِمضيمٍ مَضَّهُ الضَيمُ وَاِلتَوى / بِهِ ذُو ظُلاماتٍ تُعَدُّ وَعُدوانِ
وَمَن لِأَسيرٍ غارِمٍ قَلَّ مالُهُ / وَآبَ مِنَ المَولى الشَقيقِ بِحِرمانِ
فَيا آلَ إِبراهِيمَ بَكّوا لِيَومِهِ / دَماً وَأَقيمُوا سُوقَ نَوحٍ وَإِرنانِ
وَقُومُوا لِأَخذِ الثَأرِ جِدّاً وَلا تَنوا / قِيامَ أَبيٍّ لا حَرونٍ وَلا وانِ
فَعِندَكُمُ للطَّعنِ سُمرٌ عَواسِلٌ / وَلِلضَربِ بِيضٌ لا تَقِرُّ بِأَجفانِ
يُخَبِّرنَ عَن أَيّامِ مُرَّةً واِبنهِ / أَبيكُم وَعَن أَيّامِ ذُهلِ بنِ شَيبانِ
بِها ضَرَبَت آباؤُكُم وَجُدُودُكُم / جَماجِمَ أَهلِ البَغيِ مِن قَبلِ ساسانِ
فَلَو أَنَّ في الحَيِّ الشِبانِيّ ثارَهُ / لَكُنتُ أُمنّي النَفسَ عَنهُ بِسُلوانِ
وَإِن كانَ لا يُوفى بِهِ مِن دِمائِهِم / قَتيلٌ وَلَو أَوفى عَلى رَبِّ عَلهانِ
ولَكِنَّهُ أَمسى قَتيلاً لِمَعشَرٍ / إِذا قِيلَ مَن هُم قِيل هَيُّ بنُ بيّانِ
وَلَو جاءَهُ مُغتالُهُ مِن أَمامِهِ / لَراحَ أَكيلاً بَينَ نَسرٍ وَسِرحانِ
أَوِ اِنصاعَ عَدواً يَقتَفي إِثرَ غَيرِهِ / مَخافَةَ مَشبُوحِ الذِراعَينِ غَضبانِ
فَمَن مُبلِغٍ عَنّي أَباهُ رِسالَةً / مُغَلغَلَةً عَن مُوجَعِ القَلبِ حَرّانِ
أَيا عَمُّ لا تَجزَع فَكُلٌّ إِلى البِلى / يَصيرُ وَلا خُلدٌ لِإِنسٍ وَلا جانِ
فَلَو لَم يَمُت قَتلاً لَماتَ بِعِلَّةٍ / وَلَيسَ بِمنجٍ مِن رَدىً رَأسُ غُمدانِ
وَما قَتلُهُ مِمّا يُعابُ بِهِ الفَتى / إِذا عُدَّ يوماً بَينَ شِيبٍ وَشُبّانِ
فَقَد ماتَ بِسطامٌ بِطَعنَةِ عاصِمٍ / وَكانَ المُرَجّى في مَعَدّ بنِ عَدنانِ
وَحَمزَةُ عَمُّ المصطَفى ذاقَ حَتفَهُ / بِطَعنَةِ عَبدٍ مِن سُلالَةِ عبدانِ
كَذا اِبنُ حوارِيِّ الأَميرِ مُحَمَّدٍ / أَتاهُ الرَدى مِن كَفِّ راعٍ لِرِعيانِ
وَقَد كانَ يَلقى الأَلفَ فَرداً فَيَنثَني / كَطَيرٍ رَمَت فِيها السَماءُ بِحُسبانِ
وَما آفَةُ الشُجعانِ إِلّا اِحتِقارُها / رِجالاً وَكَم صِيدَت صُقُورٌ بِخربانِ
وَأَنتَ لَعَمرِي ما خُصِصتَ بِفَقدِهِ / وَإِنَّكَ فيهِ وَالبَعيدَ لَسِيّانِ
سَقى الجَدَثَ الثاوِي بِهِ كُلُّ رائِحٍ / مِنَ المُزنِ أَو غادٍ مُسِحٍّ بِتَهتانِ
وَحَيَّتهُ أَملاكُ السَماءِ بِجَنَّةٍ / وَظِلٍّ بَينَ رَوحٍ وَرَيحانِ
تَرى حَيثُ أَعلامُ العُيونِ تَراها
تَرى حَيثُ أَعلامُ العُيونِ تَراها / فَخَلّوا لِأَعناقِ المَطِيِّ بُراها
وَلا تُعجِلُوها عَن إِناخَةِ ساعَةٍ / فَقَد شَفَّها تَهجِيرُها وَسُراها
وَيا حادِيَيها مِن زَوِيِّ بنِ مالِكٍ / ذَراها تَرِد ماءَ الوَقيبِ ذَراها
وَلا تَجذِباها بِالبُرى وَاِرخِيا لَها / فَجَذبُ البُرى وَالإِنجِذابُ بَراها
فَما خُلِقَت مِن طَبعِ حَيني خِفافُها / وَلا مِن ذُرى هُضبِ السَراةِ ذُراها
وَلا تُنكِرا إِرزامَها وَحَنِينَها / فَكُلُّ هَوىً تَحنُو عَلَيهِ وَراها
بِعَيني أَرى ماوَيكُما غافَةَ النَقا / نَقا العَينِ ذاتِ الرَملِ فَاِبتَدِراها
لَعَلَّ مَقِيلاً تَحتَها وَاِضطِجاعَةً / تَرُدُّ عَلى عَينِ المَشُوقِ كَراها
وَبِيتا وَظلّا بِالدِيارِ وَذَكِّرا / لَيالِيَنا بِالقَصرِ وَاِذَّكِراها
فَكَم لَيلَةٍ بِتنا بِها لَو يُباعُها / أَريبٌ بِشطرَي عُمرِهِ لَشَراها
يَلُومُ قَلُوصِي صاحِبايَ عَلى الوَنى / وَلَو عَرَفا ما فَوقَها عَذَراها
لَقَد حَمَلَت بَحراً وَبَدراً وَهَضبَةً / وَما كُلُّ ذا يَقوى عَلَيهِ قَراها
وَلا تَلحَياها إِنَّها خَيرُ عُدَّةٍ / لِنَفسٍ إِذا بَعضُ الهُمومِ عَراها
بِها يَتَلَهّى ذُو الشُجُونِ إِذا لَهَت / تِجارُ القُرى في بَيعِها وَشِراها
وَلا تَنظُراها وَاِنظُرَا طَودَ سُؤددٍ / عَلَيها وَبَعدَ العامِ فَاِنتَظِراها
سَتَأتي بِما يُشجي الحَسُودَ سَماعُهُ / وَيُنسي خصالاتِ الرِجالِ مِراها
فَإِن مَنَعَت سَعدانُ رَوضَ بِلادِها / وَقِيلَ اِكتَفى مِن عَذبِها بِصَراها
وَهَرَّت كِلابٌ دُونَها وَهَريرُها / أَثارَ عَلَيها بِالنِباحِ ضِراها
فَبِالبَصرَةِ الفَيحاءِ ماءٌ وَرَوضَةٌ / حَبيبٌ إِلَيها نَبتُها وَثَراها
وَلَيثٌ مِنَ العِيصِ بنِ إِسحاقَ عِيصُهُ / يَراها بِعَينِ الوُدِّ حينَ يَراها
يُسَرُّ بِمَلقى رَحلِها عِندَ بابِهِ / فَلَو شَرِبَت ذَوبَ اللُجَينِ قَراها
هُمامٌ تَرى في كُلِّ حَيٍّ لَهُ يَداً / بِبُؤسَى وَنُعمى بَيِّناً أَثَراها
جَوادٌ يَرى الدُنيا مَتاعاً وَبُلغَةً / فَأَهوَنُ شَيءٍ عِندَهُ حَجَراها
تُقِرُّ العِراقُ أَنَّهُ خَيرُ أَهلِها / وَبَحرُ عَطاياها وَلَيثُ شَراها
وَعِصمَةُ جانِيها وَمَأوى طَريدِها / وَمُطلِقُ أَسراها وَكَهفُ ذُراها
وَبَدرُ مَعاليها وَشَمسُ فَخارِها / وَمِصباحُ ناديها وَنَجمُ سُراها
وَمارِن عِرنينِ العُلا مِن مُلوكها / وَدُرَّةُ تاجِ العِزِّ مِن أُمَراها
إِذا خَدَمُ الأَموالِ باعَت حُظُوظَها / مِنَ الباقياتِ الصالِحاتِ شَراها
وَإِن هِبتَ مَسرى لَيلَةٍ في صَباحِها / طِعانٌ كَتغطاطِ المَزادِ سُراها
سَلوا عَن مَواضِيهِ مَنيعاً وَعَمَّهُ / فَقَد خَبَراها بَعدَما اِختَبَرَاها
أَلَم يُخلِ أَرضَ السَيبِ بِالسَيفِ مِنهُما / وَكانا بِغَيرِ الحَقِّ قَد عَمَراها
أَرادا يَكِيدانِ الخِلافَةَ ضلَّةً / فَيا لَكِ رُؤيا ضِدَّ ما عَبَراها
وَهَل ضَرَّ قَرنَ الشَمسِ عِندَ ذُرُورِها / عُواءُ كِلابٍ أَو نُباحُ جِراها
أَحَلَّهُما بِالسَيفِ في أَرضِ عامِرٍ / وَلَولا سِطامُ السَيفِ ما اِعتَمَراها
إِلى هَجَرٍ ساقا المَطايا بِهجرَةٍ / وَغَير اِختيارٍ مِنهُمُ اِهتَجَراها
وَأُقسِمُ لَولا حَملُهُ وَاِحتِقارُهُ / لِشَأنِهما جِدّاً لَما حَضَراها
وَمِن قَبلُ كَم أَولاهُما مِن صَنيعَةٍ / وَنُعمى تَفُوتُ الشُكرَ لَو شَكَراها
لَعَمري لَقَد نالَ المعادي إِذا اِعتَدَت / بِساعَةِ سُوءٍ أَخرَسَت شُعَراها
أَسالَ مَجاري سَيلِها مِن دِمائِها / وَأَوهى إِلى يَومِ المَعادِ عُراها
لَقَد جَرَّدَت مِنهُ الخِلافَةُ صارِماً / لَوَ اِنَّ الرَواسي أَرؤُسٌ لَفَراها
أَنام بَني الأَسفارِ أَمناً فَأَصبَحَت / سَواءً عَلَيها قَفرُها وَقُراها
تَسيرُ إِلى الأَهوازِ مِن أَرضِ بابِلٍ / وَلَيسَ سِوى أَسيافِهِ خُفَراها
تَبِيتُ عَلى ظَهرِ الطَريقِ عِيابُها / وَعَينُ اِبنِ غَبراءِ السُحُوقِ تَراها
وَيا طالما قَد نزّعَت مِن رِقابِها / مَدارِعُها شَدَّ الضُحى وَفِراها
لَعَمري لَقَد أَحيا لِأُمَّةِ أَحمَدٍ / مِنَ العَدلِ ما أَوصى بِهِ عُمَراها
فَلا عَدِمَتهُ ما أَنارَت نُجُومُها / وَما سارَ في أَبراجِها قَمَراها
وَلا بَرِحَت أَعداؤُهُ وَزَمانُها / بِعَينِ القِلى وَالإِمتِهانِ يَراها
أَبَت نُوَبُ الأَيّامِ إِلّا تَمادِيا
أَبَت نُوَبُ الأَيّامِ إِلّا تَمادِيا / فَوَا شِقوَتا ما لِلّيالي وَما لِيا
إِذا قُلتُ يَوماً حانَ مِنها تَعَطُّفٌ / رَأَيتُ رزاياها تَسامى كَما هِيا
فَلَيتَ أَخِلّائِي الَّذينَ اِدَّخَرتُهُم / جَلاءً لِهَمّي لا عَليَّ وَلا لِيا
وَأَعجَبُ ما يَأتي بِهِ الدَهرُ أَنَّني / أَرى القَومَ تَرميني بِأَيدي رِجاليا
عَلى أَنَّني النَدبُ الَّذي يُكتَفى بِهِ / وَبَيتُ عُلاها بَيتُ عَمّي وَخاليا
أَلا لَيتَ شِعري مَن يَقُومُ لِمَجدِها / مَقامي وَيَرعى ما لَها كُنتُ راعيا
لَعَمري لَقَد أَرذَت جَواداً وَضَعضَعَت / عِماداً إِذا ما الهَولُ أَلقى المَراسيا
أَما جَرَّبَتني في الأُمُورِ فَصادَفَت / هُماماً لِأَحداثِ المُهِمّاتِ كافيا
حَمُولاً لِأَثقالِ العَشِيرَةِ رائِحاً / مَدى الدَهرِ في ما قَد عَناها وَغاديا
أَقُولُ وَقَد طالَ اِهتِمامي لِفِتيَةٍ / تَسامى إِلى غُرِّ المَعالي تَساميا
إِلى مَ بَني الأَعمامِ نُسقى نِطافَها / أُجاجاً وَيُسقى الغَيرُ عَذباً وَصافيا
فَوَاللَهِ ما أَدري وَإِنّي لَصادِقٌ / عَمىً ما أَرى مِن قَومِنا أَم تَعاميا
هَرَاقُوا ذَوِي السُمِّ الزُعافِ وَأَولَجوا / بِأَيدِيهِمُ تَحتَ الثِيابِ الأَفاعيا
لَقَد قَدَّمُوا هَيَّ بنَ بَيٍّ وَأَخَّرُوا / بَني المَجدِ مِن أَيّامِ عادٍ وَعاديا
لَقَد ضَلَّ مَن يَبغي مِنَ العُميِ هادِياً / وَقَد ذَلَّ مَن يَرجُو مِنَ المَعزِ راعيا
وَمَن يَتَّخِذ سَيفاً يَكُونُ غِرارُهُ / رَصاصاً يَجِد سَيفَ العَراجينِ ماضيا
وَمَن يَجعَلِ السِنَّورَ كَلباً لِصَيدِهِ / يَرى عاوياتِ اللَيلِ أُسداً عَواديا
خَلِيلَيَّ نالَ الضَيمُ مِنّي وَلا أَرى / لَهُ كاشِفاً إِلّا العِتاقَ النَواجيا
تَلَوَّمتُ قَومي كَي يُرِيعُوا فَلم أَجِد / عَلى الدَهرِ مِن قَومي هُماماً مُواتيا
وَطالَت مُداراتي اللِّئامَ وَإِنَّما / سِفاهٌ لِمثلي أَن يَكُونَ المدارِيا
وَكَيفَ وَعِندي عَزمةٌ عَبدَلِيَّةٌ / أَفُلُّ بِأَدناها الحُسامَ اليَمانيا
وَفِيَّ عَلى حَزِّ المدى خُنزُوَانَةٌ / وَلَو أَفنَتِ الأَحداثُ حالِي وَماليا
فَلا تَحسبِ اللُكعُ الضَغابيسُ أَنَّني / خَضَعتُ وَلا أَنّي أَطعتُ المُناويا
فَإِن تَكُ قَومي الغُرُّ تاهَت حُلُومُها / بِها وَأَطاعَت في الصَديقِ الأَعاديا
وَأَدنَت ذَوي الأَغراضِ فيها وَباعَدَت / لِأَمرٍ ذَوي أَرحامِها وَالمَواليا
وَأَعطَت زِمامَ الأَمرِ كُلَّ مُدفَّعٍ / مِنَ العُثرِ لا تَرضى بِهِ الزِنجُ وَاليا
وَمَلَّ قِلاها مَن لها كانَ آمِلاً / وَرَجّى أَذاها مَن لَها كانَ راجيا
فَلِي سَعَةٌ عَن دارِها حَيثُ لا أَرى / بَناتِ الكُدادي يَحتقرنَ المَذاكيا
فَلَستُ اِبنَ أُمِّ المَجدِ إِن لَم أَقُم بِها / مَقاومَ تُبدي لِلرَدايا مَكانيا
سَأَركَبها إِمّا لِعِزٍّ وَراحَةٍ / أُفِيدُهُما أَو يَختَلبني حِماميا
يُخَوِّفُني ذُو النُصحِ عَجزاً وَذِلَّةً / رُكُوبَ الفَيافي وَالبِحارَ الطَواميا
فَقُلتُ أَلَيسَ المَوتُ إِن لَم أُلاقِهِ / أَمامي أَتَتني خَيلُهُ مِن وَرائِيا
وَما عُذرُ أَهلِ العَجزِ وَالكُلُّ تابِعٌ / جَدِيساً وَطَسماً وَالقُرونَ الخَواليا
وَهَل مُنكِرٌ لِلضَيمِ ماتَ وَلَم يَمُت / رُوَيبِضَةٌ ما زالَ بِالدارِ ثاويا
وَمَن لَم يُفارِق مَنزِلَ الضَيمِ لَم يَزَل / يَرُوحُ وَيَغدُو مُوجَعَ القَلبِ باكيا
وَمَن يَثوِ في دارِ الهَوانِ يَعِش بِها / أَخا مَضَضٍ لا يَبرَحُ الدَهرَ شاكيا
وَمَن لَم يُوفِّ النِصفَ في دارِ قَومِهِ / وَيُولي الأَذى فَالرَأيُ أَن لا تَلاقيا
وَمَن يَبغِ عِزّاً بِالبَلايا وَدَولَةً / يَكُن مِثلَ مَن أَمسى عَلى الماءِ بانيا
عَدِمتُ يَمِيني إِن أَقَمتُ عَلى القِلى / نَعَم وَيليها عَن قَريبٍ شِماليا
وَفُضَّ فَمي إِن لَم أُسَيِّر غَرائِباً / تُمَزِّقُ أَحساباً وَتُبدي مَساويا
يَشُقُّ عَلى القَومِ اللِئامِ سَماعُها / وَيَظهَرُ مِنها بَعضُ ما كانَ خافيا
فَإِن عَقَلَت قَومي لِساني بِأَرضِها / فَلَيسَ بِمَعقُولٍ إِذا كُنتُ نائِيا
سَأرسِلُ مِنها بِالدَواهي شَوارِداً / تُنَبِّهُ ذا عَقلٍ وَتُفهِمُ واعيا
وَلَو أَنَّ قَومي أَنصَفُوني لَأَطلَقُوا / يَدي وَلِساني فيهِمُ وَالقَوافيا
فَلَولاهُمُ وَاللَهِ حِلفَةَ صادِقٍ / لَما كُنتُ مَقلِيّاً لَدَيهِم وَقاليا
وَلَكِنَّما الأَوباشُ تَعلَمُ أَنَّني / أَغارُ إِذا تَعلُو التُحُوتُ الأَعاليا
وَإِنّي عَلى أَهلِ العُلا ذُو حَمِيَّةٍ / أُجَرِّدُ سَيفي دُونَهُم وَلِسانِيا
وَآنَفُ مِن دَعوى الدَناني ضَلالَةً / بِناءَ المَعالي يا شَقاها مَعاليا
فَما كَرِهَت لَمّا اِستَقامَت أُمُورُها / لِشِقوَةِ أَهلِ المَجدِ إِبعادَ دارِيا
لَقَد وَهِمَت إِنّي عَلَيها لَغُصَّةٌ / أَكُنتُ عِراقِيَّ الهَوى أَم شَآمِيا
فَإِن ضَيَّعَت حَقّي لُكَيزٌ وَأَنكَرَت / بَنُو عامِرٍ سَعيي لَها وَاِجتِهادِيا
فَقَد ضَيَّعَت قَبلي رِبابٌ بَنِيَّها / وَما كُنتُ أَدري لِاِبنِ أَفصى مُساويا
وَما هِيَ إِلّا عادَةٌ جاهِلِيَّةٌ / يُوَرِّثُها كَهلٌ مِنَ القَومِ ناشِيا
فَهَلّا اِقتَدوا بِالحَيِّ بَكرِ بنِ وائِلٍ / فَكانَت تُفادي القَومَ مِنهُم تَفاديا
فَهُم ثَأَرُوا نابَ البَسُوسِ وَجَدَّلُوا / كُلَيباً وَلَمّا يَسلَمِ المَرءُ هانيا
أَلا يا لَقَومي مِن عَلِيِّ بنِ عَبدَلٍ / أَلَم يَأنِ أَن تعصُوا النَصيحَ المُداجيا
أَما حانَ مِنكُم يَقظَةٌ وَاِنتِباهَةٌ / فَتُرضِي أَخا سُخطٍ وَتُسخِطُ راضيا
يُقامُ بِها كُلُّ اِمرِئٍ في مَقامِهِ / وَفي السَهوِ شَرعاً قَد أَجازُوا التَلافيا
فَإِن أَنتُمُ لَم تَقبَلُوها نَصِيحَةً / فَلَستُ لَكُم فيما تُحِبُّونَ لاحيا
فَكَم ناصِحٍ قَد عُدَّ في الناسِ خائِناً / وَكَم غادِرٍ قَد عُدَّ في الناسِ وافيا

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025