المجموع : 79
دعوا كل برق شمتم غير بارق
دعوا كل برق شمتم غير بارق / يلوح على الفسطاط صادق بشره
وزورا المقام الصالحي فكل من / على الأرض ينسى ذكره عند ذكره
ولا تجعلوا مقصودكم طلب الغنى / فتجنوا على مجد المقام وفخره
ولكن سلوا منه العلى تظفروا بها / فكل امرئ يرجى على قدر قدره
ولي تحت دار الملك يومان لم تلح
ولي تحت دار الملك يومان لم تلح / لعيني علامات الكرامة والبشر
وقد أخذت أيام قوص نصيبها / فهل نقلت تلك السجايا إلى مصر
فدى لبني رزيك قوم رفعتهم
فدى لبني رزيك قوم رفعتهم / بمدحي ولما يرفعوا للثنا قدرا
لقد زهدتني في رجال صلاتكم / ومن شام نور الشمس لم يحمد الفجرا
بعثت بطرف يسبق الطرف غفوة / وتغدو الرياح الهوج من خلفه حسرا
حكى الورد والياقوت حسناً وحمرة / وتاه فلم يرض العقيق ولا الخمرا
وأرسلته في الحسن وتراً كأنني / أطالب عند النائبات به وترا
نذرت ركوب البرق عند وصوله / فوفيت لما جاءني ذلك النذرا
وقفت القوافي في علاك عرائساً / فساق لها الإحسان في مهرها مهرا
قليل لك المدح الذي بك فخره
قليل لك المدح الذي بك فخره / ولو كان من نظم الكواكب نثره
فسامح فما في مادحيك بأسرهم / فتى لك من ربق انتقادك أسره
وأنت الذي أغنى عن المسك نشره / ثناء وأحيا ميت الجود نشره
فيا بحر جود طبق الأرض مده / ولم يك إلا دون أرضي جزره
ويا وابلاً لم يحظ روضي بطله / وقد عم أقطار البسيطة قطره
فأنعم بما عودتني من كرامة / فوجهك معروف نداه وبشره
وليس بمثلي ثروة يستفيدها / ولكن به بعد الكرامة كقره
ولي سابقات من وداد وخدمة / يسرك سر العبد فيها وجهره
عمارتكم عمار بيتكم الذي / به طال باع للثناء وعمره
تخيركم دون الملوك فقد غدا / إلى جودكم يعزى غناه وفقره
وأنت الذي لا تعتريني نقيصة / إذا مر ذكري في القوافي وذكره
وعندي لك المدح الذي ترتضي به / وما يستوي لب الثناء وقشره
وعقد من الشعر الملوكي ينتقى / من اللؤلؤ المكنون باسمك دره
وما الدهر شيء غير ما أنت فاعل / وإلا فما الليل البهيم وفجره
فأوص بنا صرفيه خيراً فإنه / إليك انتهى نهي الزمان وأمره
فإن يفعل الحسنى فأنت دللته / عليها وإن يذنب فإنك عذره
ولما دنا عالي ركابك هزني
ولما دنا عالي ركابك هزني / إليك اشتياق ضاع في جنبه صبري
وحين رأيت البر وعراً طريقه / ركبت أخاك البحر شوقاً إلى البحر
وما أنا بالمجهول علم مسيره / إليك ولا الخافي حديثي ولا ذكري
ولا أنت بالمرغوب عن فضل بابه / لقد جل عن زيد سؤالي وعن عمر
وما أنت ممن يرتجى لسوى الغنى / ولا أنا من أهل الضرورة والفقر
ستسألني عن ذا القدوم جماعة / من الناس عماذا لقيت من الأمر
ولابد أن يجري الحديث بذكر ما / فعلت معي فاختر بنا أشرف الذكر
ومن ينتجع بأرض العراق وجلق / فمنية غمر مركز الكرم والغمر
عسى منجد الأظعان يوماً يغيرها
عسى منجد الأظعان يوماً يغيرها / وفاتل أسباب النوى لا يغيرها
ومانع أجفاني لذيذ رقادها / يبيع جفوني رقدة أو يعيرها
ولولا العيون النجل ما ذقت لوعة / يثقف محني الضلوع زفيرها
إذا ما أدارت باللحاظ كؤوسها / أدارت عقاراً كل قلب عقيرها
وهل فتن الألباب إلا فتورها / وهل فتر أهل العزم إلا فتورها
وبين قباب الخيف من جبلي منى / أسيرة خدر لا يفك أسيرها
يشق على طيف الخيال لقاؤها / من الخوف إلا أن ينام سميرها
ينم عليها كلما نمت الصبا / على الروض وهناً مسكها وعبيرها
طوتها ببان البين عنا بليله / وأعجل من نفر الحجيج نفورها
وأبقت يسيراً من حشاشة مهجة / أبى المجد إلا أن يسير يسيرها
فيا ساكني أكناف نعمان أنعموا / بزورة جفن يشبه الحق زورها
فلو شئتم بردتم حر حرقة / يهيجها تذكاركم ويثيرها
ألا حبذا فيكم مشقة شقة / يظل سواء هجركم وهجيرها
ولو كان لي نفس أمر ببذلها / لكم وعلا الأخطار فيكم خطيرها
ولكنها ملك لدولة شاور / ولابد لي في ملكها أستشيرها
فإن أذنت في ذا فعلت وإن أبت / سلا وجه نفسي واستمر مريرها
وزير شفى صدر الوزارة بعدما / شكت أمل الداء الدفين صدورها
تتوج منه بالمهابة تاجها / وأشرق ناديها وسر سريرها
وما جهلت قط الوزارة أنه / يكون بلا شك إليك مصيرها
وكنا نرى منها مكانك بيننا / تراه صحيحات العيون وعورها
وقد عرف الإسلام أنك سيفه / كذا الليلة البيضاء يعرف نورها
وأي رحى دارت فلم يك شاور / بقطب العطايا والرزايا يديرها
ولله في راحات أيامك التي / تزيد على فضل الدهور شهورها
أقمت بها تلوي حبال مكيدة / لوى عنق الدنيا إليك مريرها
متى ذكرتها الخيل قل صهيلها / وإن ذكرتها البذل قل هديرها
فما صهوة إلا وقد مل سرجها / ولا ذرة إلا وقد مال كورها
وقد حملت منك الرواسي ظهورها / من الحزم حتى حان منك ظهورها
تروح للنصر العزيز رواحها / وتغدو وللفتح المبين بكورها
يؤم بها الفسطاط منها متوج / له أبداً عير العلى ونفيرها
صدمت بها من آل رزيك هضبة / تصدع رضواها وساخ ثبيرها
تحطم منها ساعد ومساعد / فأمست وما يرجى لجبر كسيرها
ولما خلت أوكارهم من نسورهم / وطارت حذار من سطاك نسورها
منحت الذراري خير بر وربما / يبر بأشبال الليوث مبيرها
عفوت ولو كنت الذي قدرت على / إساءته لم يعف عنك قديرها
ولاغرو أن ماتت حقودكم بحلمكم / فإن صدور القادرين قبورها
رأيت رجالاً زودوهم مذمة / وتلك السجايا فكرتي لا تخيرها
أأجحد إحساناً أبا الفتح أرخيت / علي به أبوابهم وستورها
وحاشاك أن ترضى بذم خوادر / بصارمك الماضي تصان خدورها
وعلمتني صون اللسان بسيرة / رأيتك في حقن الدماء تسيرها
أفضت على غربي حسامك طهرها / ففاض على غربي لساني طورها
وما الوزراء الغر إلا سوابق / مضى أول منها ووافى أخيرها
وإن حقق التشبيه فيكم فإنما / طلعتم شموساً حين غابت بدورها
وإن لم أكن نلت الغنى في زمانهم / فتلك سحاب بل تربي مطيرها
سحائب إن لم أرو منها فإنني / أرى الغدر عندي أن يذم غديرها
ومن كتم الحسنى فإني مذيعها / ومن كفر النعمى فإني شكورها
وعندي لشكر المحسنين محاسن / تقد على قدر الأيادي سيورها
غرائز عندي عفوها ولبابها / عرائس فكر لا تحل مهورها
أبيت بما أسديتموه من الندى / إلي أسديها لكم وأنيرها
أتاكم به من رقة وجزالة / فرزدقها في عصرها وجريرها
من العربي المحض شعراً ومعشراً / إذا شان قوماً شعرها وعشيرها
فلا تسمعوا مدحاً سوى ما أقوله / فما يستوي حول العيون وحورها
أرى سير الأملاك تفنى وإنما / يكون بمثلي بعثها ونشورها
إذا دثرت أجسام قوم فإنما / بصقيل هذا القول يجلى دثورها
وإن القوافي سوف تنسى إناثها / ويختص بالذكر الجميل ذكورها
أبا الفتح والمعروف شيء مداره / على عرض الدنيا وأنت مديرها
إذا ما قضيتم للورى كل حاجة / فلي حاجة سهل عليك عسيرها
أضفت إلى الجاري الذي لي إقامة / أقمت بها حالي وأثرى فقيرها
ووقعت لي فيها بخطك منعماً / وعدلك من جور النصارى نصيرها
خليلي هل تحت السماء بنية
خليلي هل تحت السماء بنية / تماثل في إتقانها هرمي مصر
بناء يخاف الدهر منه وكل ما / على ظاهر الدنيا يخاف من الدهر
تنزه طرفي في بديع بنائها / ولم يتنزه في المراد بها فكري
أباذل صوب الجود غير رشاش
أباذل صوب الجود غير رشاش / وموقد نار المكرمات لعاش
وفارس قلب الجيش في حيث يدعى / بأثبت ذي قلب وأربط جاش
إذا ما تحاشى مادحوك فإنني / أقول على الإطلاق غير محاشي
ألا إن سيف الدين أول سابق / إلى الفضل في يومي ندى وجحاش
أغر نشا في العز والملك مذ مشى / فلله ماش في السعادة ناشي
لئن سدت أهل العصر في زمن الصبا / وقدت أنوفاً صعبة بخشاش
فإنك مبسوط ندى وبشاشة / عليهم ومقبوض سطا وحواشي
وهنيته صوماً ضمنت لأهله / بشبع جياع أو بري عطاش
غريم أحالته عليك قصائدي / بعادته من سكر وكباش
فإن كنت لم تسمع بذكرك في العلى / فذكرك في كل المسامع فاش
وإن كنت لم أعرفك من قبل هذه / فعرفك نمام عليك وواش
أعدُّ جوابي في ظهور رقاعي
أعدُّ جوابي في ظهور رقاعي / ليرجع سري وهو غير مذاع
وإن عقتها عني لتصبح حجة / علي فقد عاملتني بخداع
أيا أذن الأيام إن قلت فاسمعي
أيا أذن الأيام إن قلت فاسمعي / لنفثة مصدور وأنة موجع
وعي كل صوت تسمعين نداءه / فلا خير في أذن تنادى فلا تعي
تقاصر بي خطب الزمان وباعه / فقصر من ذرعي وقصر أذرعي
وأخرجني من موضع كنت أهله / وأنزلني بالجور في غير موضعي
بسيف ابن مهدي وأبناء فاتك / أقض من الأوطان جنبي ومضجعي
تيممت مصراً أطلب الجاه والغنى / فنلتهما في ظل عيش ممنع
وزرت ملوك النيل إذ زاد نيلهم / فأحمد مرتادي وأخصب مرتعي
وفزت بألف من عطية فائز / مواهبه للصنع لا للتصنع
وكم طوقتني من يد عاضدية / سرت بين يقظى في العيون وهجع
وجاد ابن رزيك من الجاه والغنى / بما زاد عن مرمى رجائي ومطمعي
وأوحى إلى سمعي ودائع شعره / فخبرته مني بأكرم مودع
وليست أيادي شاور بذميمة / ولا عهدها عندي بعهد مضيع
ملوك رعوا لي حرمة صار نبتها / هشيماً رعته النائبات وما رعي
ورُدَّتْ بهم شمس العطاء لوفدهم / كما قال قوم في علي ويوشع
مذاهبهم في الجود مذهب سنة / وإن خالفوني في اعتقاد التشيع
فقل لصلاح الدين والعدل شأنه / من الحكم المصغي إلي فأدعي
شكوت فقالت ناطقات ضرورتي / إذا حلقات الباب غلقن فاقرع
فأدللت إدلال المحب وقلت ما / أبالي بعفو الطبع لا بالتطبع
وعندي من الآداب ما لو شرحته / تيقنت أني قدر ابن المقفع
أقمت لكم ضيفاً ثلاثة أشهر / أقول لقلبي كلما ضاق وسع
أعلل غلماني وخيلي ونسوتي / بما صغت من عذر ضعيف مرقع
ثوابكم للوفد في كل بلدة / يفرق شمل النائل المتوزع
وكم من ضيوف الباب ممن لسانه / إذا قطعوه لا يقوم بإصبع
مشارع من نعماكم زرتها وقد / تكدر بالإسكندرية مشرعي
وضايقني أهل الديون فلم يكن / سوى بابكم منهم ملاذي ومفزعي
فيا راعي الإسلام كيف تركتها / فريقي ضياع من عرايا وجوع
دعوناك من قرب وبعد فهب لنا / جوابك فالباري يجيب إذا دعي
إلى الله أشكو من ليالي ضرورة / رجعنا بها نحو الجناب المرجع
قنعنا فلم نسألك صبراً وعفة / إلى أن عدمنا بلغة المتقنع
ولما أغص الريق مجرى حلوقنا / أتيناك نشكو غصة المتوجع
فإن كنت ترعى الناس للفقه وحده / فمنه طرازي بل لثامي وبرقعي
ألم ترعني للشافعي وأنتم / أجل شفيع عند أعلى مشفع
ونصري له في حيث لا أنت ناصر / بضرب صقيلات ولا طعن شرع
ليالي لا فقه العراق بسجسج / بمصر ولا ريح الشآم بزعزع
كأني بها من آل فرعون مؤمن / أصارع عن ديني وإن حان مصرعي
أمن حسنات الدهر أم سيئاته / رضاك عن الدنيا بما فعلت معي
ملكت عنان النصر ثم خذلتني / وحالي بمرأى من علاك ومسمع
فمالك لا توسع علي وتلتفت / إلي التفات المنعم المتبرع
فإما لأني لست دون معاشر / فتحت لهم ردن العطاء الموسع
وإما لما أوضحته من زعازع / عصفن على ديني ولم أتزعزع
وردي ألوف المال لم ألتفت لها / بعيني ولم أحفل ولم أتطلع
وإما لفن واحد من معارفي / هو النظم إلا إنه نظم مبدع
فإن سمتني نظماً ظفرت بمفلق / وأن سمتني نثراً ظفرت بمصقع
طباع وفي المطبوع من خطراته / غنى عن أفانين الكلام المصنع
سألتك في دين لياليك سقنه / وألزمتنيه كارهاً غير طيع
وهاجرت أرجو منك إطلاق راتب / تقرر من أزمان كسرى وتبع
وليتك ممن أطلع الشرق مطلعي / لتعلم نبعي إن عجمت وخروعي
وما أنا إلا قائم السيف لم يصن / بكف ودر لم يجد من مرصع
وياقوتة في سلك عقد مداره / على خرزات من عقيق مجزع
وكم مات نضناض اللسان من الظما / وقد شرقت بالماء أشداق ألكع
فيا واصل الأرزاق كيف تركتني / أمد إلى نيل المنى كف أقطع
أعندك أني كلما عطس امرؤ / بذي شمم أقنى عطست بأجدع
ظلامة مصدوع الفؤاد فهل له / سبيل إلى جبر الفؤاد المصدع
وأقسم لو قالت لياليك للدجى / أعد غارب الجوزاء قال لها اطلعي
غدا الأمر في إيصال رزقي وقطعه / بحكمك فابذل كيفما شئت وامنع
كذلك أقدار الرجال وإن غدت / بحكمك فاحفظ كيف شئت وضيع
فيا زارع الإحسان في كل تربة / ظفرت بأرض تنبت الشكر فازرع
فعندي إذا ما العرف ضاع غريبه / ثناء كعرف المسكة المتضوع
وقد صدرت في طي ذا النظم رقعة / غدا طمعي فيها إلى خير مطمع
أريد بها إطلاق ديني وراتبي / فأطلقهما والأمر منك ووقع
فبيني وبين الجاه والعز والغنى / وقائع أخشاها إذا لم توقع
وما هي إلا مدة نستمدها / وقد جفت الأرزاق من كل منبع
إلى ها هنا أنهي حديثي وأنتهي / وما شئت في حقي من الخير فاصنع
فإنك أهل الجود والبر والتقى / ووضع الأيادي البيض في كل موضع
لحى الله مدحاً لا يرجى ثوابه
لحى الله مدحاً لا يرجى ثوابه / لديكم وهجواً لا يخاف ويتقى
عذرت عدي الملك إذ ليس عنده / من العرض شيء يتقي أن يمزقا
فمالك لا تخشى على عرضك الذي / يفوق الثريا والسماك المحلقا
أرى كل جمع بالردى يتفرق
أرى كل جمع بالردى يتفرق / وكل جديد بالبلى يتمزق
وما هذه الأعمار إلا صحائف / تؤرخ وقتاً ثم تمحى وتمحق
وإنك يا ابن الهالكين وصنوهم / ووالدهم في دوحة الموت معرق
وما العمر إلا رأس مال فلا تكن / مجازفة من رأس مالك تنفق
وهل خاطب الله الخليقة بالتقى / وخص ذوي الألباب إلا ليتقوا
ولم أر شيئاً مثل دائرة المنى / توسعها الآمال والعمر ضيق
ولا مثل خطب الموت شيئاً فإنه / جديد على تكراره ليس يخلق
وما كنت أدري قبل موت طلائع / بأن الليالي يعتريهن أولق
أتيت بها يا دهر وهي مذمة / صحيفتها مابين عينيك تلصق
وعرضت منها للحناجر غصة / أصم بها سمع وأخرس منطق
سعيت إلى ما فيه نقصك جاهداً / وغيرك في السعي المعان الموفق
قطعت بها يمنى يديك فلا تلم / سواك إذا أخنى ذراع ومرفق
سيلقى لفقد الصالح المجد حسرة / تغص بها منه اللها والمخنق
ويبكيه دست للوزارة لم يزل / به عن محل النجم يسمو ويسمق
ويبكي الندى والبأس أفعاله التي / لها لمم الأملاك تخلى وتحلق
ويندبه ماضي الغرارين صارم / تظل به الهامات تعلى وتفلق
وأجرد يحكي الطرف من نسل لاحق / تقر الصبا والبرق أن ليس يلحق
أديب عفت عنه لفقدك صهوة / فأصبح بعد اللين ينزو وينزق
وقافية كالعقد والتاج لم يزل / يحلى بها للدهر جيد ومفرق
فجيد بها قلدته وهو عاطل / ومجد بها قيدته وهو مطلق
وملمومة تحكي غوارب لجة / تظل بها الأبطال تطفو وتغرق
يلوح بها في كل ثغر ومخرم / مع الفلق الوضاح شعواء فيلق
يسح لها وبل من النبل لم تزل / قلوب العدى منه ترش وترشق
ولما تقضى الحول إلا ليالياً / تضاف إلى الماضي قريباً وتلحق
وعجنا بصحراء القرافة والأسى / يغرب في أكبادنا ويشرق
عقرنا على رب القوافي عقائلاً / تعز إذا هانت جياد وأينق
وقلنا له خذ بعض ما كنت منعماً / به وقضاء الحق بالحر أليق
عقود قواف من قوافيك تنتقى / ودر معان من معانيك تسرق
نثرنا على حصباء قبرك درها / صحيحاً ودر الدمع في الخد يفلق
وما الشعر إلا النفس ذابت وهذه / دماء لها في مهرق الطرس مهرق
لئن ذبلت منها رياض أنيقة / ففي قلبه روض من الوجد مونق
وإن قطبت حزناً فمن بعدما سرت / أسرتها حسناً تضيء وتشرق
مضيت بطيب العيش عنها فأصبحت / بأنفاسها شجواً تغص وتشرق
سقى الله والسقيا من رحمة الله / ثرى جاده منك الحيا المتدفق
وخلد ملك الناصر ابنك ما سرت / نجوم الثريا والسماك المحلق
وقد علم الإسلام بعدك أنه / على مهجة الإسلام يحنو ويشفق
وإن مقاليد الكفالة والهدى / بعاتقه أضحت تناط وتعذق
يصرف صرفيها عقاباً ونائلاً / ويفتق خطيبها سداداً ويرتق
سطى وعطا كالماء والنار لم يزل / لها مطفئ في كل قلب ومحرق
فنعمته وبل على الخلق مغدق / ونقمته على الملك محدق
يقلب ظهر الكف أو بطن راحة / تظل بها الأرواح ترزا وترزق
إذا طلعت في الدست غرة وجهه / رأيت وجوه الناس تعنو وتعنق
أقر عيون المكرمات بهمة / أقر بها قلب الهوى وهو يخفق
وأصبح للدنيا وللدين مقلة / بها ناظر الأيام يرنو ويرمق
وعلم أهل الشيب حسن وقاره / فلم زعموا أن الشبيبة أنزق
مناقب مجد لم يعوذ كمالها / بنقص وخلق لم يشنه التخلق
إذا كذب المثني على الليث والحيا / فمادحها بالجود والبأس يصدق
ملكت بها أسر القوافي بأسرها / فأضحت ومنها مسترق ومعتق
ولي كل يوم في علاك يتيمة / من الدر تنفي ما سواها وتنفق
سبائك من صفو الكلام وحره / أجاد التأني سبكها والتأنق
يظل بها شعر البليغ وفكره / على الظلم والإنصاف يسبى ويسبق
تغذى بها الألباب حتى كأنها / رحيق مصفى أو نمير مصفق
تلين متون القول منه بخاطري / فأغرب عند النزع منها وأغرق
فمنها لمن والاك برد مفوف / ومنها لمن عاداك سهم مفوق
إذا هدرت أشداقها كفها الحيا / فمالي وقد أحسنت إلا التشدق
ويسعدني علمي بأنك عالم / لما أدعي من فضلها متحقق
ولو لم تؤيد من لساني ولا يدي / لما كنت بين الناس أعطي وأنطق
وجدناكم يا آل رزيك خير من / تنص إليه اليعملات وتعنق
وفدنا إليكم نطلب الجاه والغنى / فأكرم ذو مثوى وأغني مملق
وعلمتمونا عزة النفس بالندى / وملقى وجوه لم يشنها التملق
وصيرتم الفسطاط بالجود كعبة / يطوف بركنيها العراق وجلق
فلا ستركم عن مرتج قط مرتج / ولا بابكم عن مغلق الحظ مغلق
وليس لقلب في سواكم علاقة / ولا ليد إلا بكم متعلق
فؤاد بجمر الشوق والوجد يحرق
فؤاد بجمر الشوق والوجد يحرق / أراق كرى الأجفان فهو مؤرق
دع العين تغرق بالمدامع خده / فخاطره في لجة الوجد مغرق
وفي خد ذات الخال حمرة جمرة / على نارها ماء الصبا يترقرق
أسيرة حجيلها على أي مذهب / أبيت أسير القلب والجسم مطلق
ولم أدر لما زار طيفك في الكرى / أغار علينا أم أغار التفرق
ذكرت مناط العقد منك بأورق / على ورقات الغصن وهو مطوق
يميل إذا مال النسيم كأنما / أدير عليه البابلي المعتق
بكى وهو ذو إلف قريب وبيننا / وبينك بون لا يرام وسملق
مجاهل ما فيها من الطرق معلم / وعذراء لا يمسي لها الركب يطرق
ركبنا إلى نيل الغنى كاهل العنا / على سعة الأرزاق والرزق ضيق
عجبت من الأرزاق أمتص ثمدها / وتروى بصافيها رجال وتغرق
وما تجهل الأيام أن جمالها / وزينتها في منطقي حين أنطق
ولكن أظن الرزق يهوى تحرقي / عليه وطيب العود حين يحرق
وأحسب أن الجود إما حكاية / مضى أهلها أو صورة ليس تخلق
وإلا فما بالي كسدت وفي فمي / معادن در سوقها الدهر ينفق
لعل بني أيوب إن علموا بما / تظلمت منه أن يرقوا ويشفقوا
وإن ينقذوني من تملك عبدهم / وخادمهم وهو الزمان ويعتقوا
ملوك حموا سرب الهدى بعزائم / بها بفتح الله البلاد ويغلق
غزو عقر دار المشركين بغزوة / جهاراً وطرف الشرك خزيان مطرق
وزاروا مصلى عسقلان بأرعن / يفيض إناء البر منه ويفهق
وكانت على ما شاهد الناس قبلكم / طرائق من شوك القنا ليس تطرق
وما عصمتهم منك إلا معاقل / تأنوا على تحصينها وتأنقوا
جلبت لهم من سورة الحرب ما التقى / بوادره سور عليهم وخندق
وأخربت من أعمالهم كل عامر / يمر به طيف الخيال فيفرق
أضفت إلى أجر الجهاد زيارة ال / خليل فأبشر أنت غاز موفق
وهيجت للبيت المقدس لوعة / يطول بها منه إليك التشوق
تنشق من ملقاك أعطر نفحة / تطيب على قلب الهدى حين تنشق
وغزوك هذا معلم نحو فتحه / قريباً وإلا رائد ومطرق
هو البيت إن تفتحه والله فاعل / فما بعده باب من الشام يغلق
تركت قلوب المشركين خوافقاً / وبات لواء النصر فوقك يخفق
لئن سكن الإسلام جأشاً فإنه / بما قد تركتم خاطر الكفر يقلق
سمت بصلاح الدين سنة أحمد / فطائرها فوق السماك محلق
وطلعت مولود كريم تطلعت / إليه عيون للممالك ترمق
لك الخير قد طال انتظاري وأطلقت / لغيري أرزاق ورزقي معوق
كأنك لم يسمع بجودك مغرب / ولم يتحدث عن عطائك مشرق
وإني من تأريخ أيامك التي / بها سابق التأريخ يمحى ويمحق
صدقتك فيما قلت أو أنا قائل / بأنك خير الناس والصدق أوثق
وحسبي أن أنهي إليك وأنتهي / وأحسن من ظني وأنت تحقق
أفي أهل ذا النادي عليم أسائله
أفي أهل ذا النادي عليم أسائله / فإني لما بي ذاهب اللب ذاهله
سمعت حديثاً أحسد الصم عنده / ويذهل واعيه ويخرس قاتله
فهل من جواب تستغيث به المنى / ويعلو على حق المصيبة باطله
وقد رابني من شاهد الحال أنني / أرى الدست منصوباً وما فيه كافله
فهل غاب عنه واستناب سليله / أم اختار هجراً لا يرجى تواصله
فإني أرى فوق الوجوه كآبة / تدل على أن الوجوه ثواكله
فيا أيها الدست الذي غاب صدره / فماجت بلاياه وهاجت بلابله
عهدت بك الطود الذي ساخ في الثرى / وفي كل أرض خوفه وزلازله
ومن سد باب الملك والأمر خارج / إلى سائر الأقطار منه وداخله
ومن عوق الغازي المجاهد بعدما / أعدت لغزو المشركين جحافله
ومن أكره الرمح الرديني فالتوى / وأرهقه حتى تحطم عامله
ومن كسر العضب المهند فاغتدى / وأجفانه مطروحة وحمائله
ومن سلب الإسلام حلية جيده / إلى أن تشكى وحشة الطوق عاطله
ومن أسكت الفضل الذي كان فضله / خطيباً إذا التفت عليه محافله
وما هذه الضوضاء من بعد هيبة / إذا خامرت جسماً تخلت مفاصله
كأن أبا الغارات لم ينش غارة / تريك سواد الليل فيه قساطله
ولا لمعت بين العجاج نصوله / ولا طرزت ثوب الفجاج مناصله
ولا سار في عالي ركائب موكب / ينافس فيه فارس الخيل راجله
ولا مرحت فوق الطروس يراعه / كما مرحت تحت السروج صواهله
ولا قسمت ألحاظه بين مخلص / جميل السجايا أو عدو يجامله
ولا قام في المحراب والحرب عاملاً / من البأس والإحسان ما الله قابله
تعجبت من فعل الزمان بنفسه / ولا شك إلا أنه جن عاقله
بمن تفخر الأيام بعد طلائع / ولم يك في أبنائها من يماثله
أتنزل بالهادي الكفيل صروفها / وقد خيمت فوق السماك منازله
وتسعى المنايا منه في مهجة امرئ / سعت منهم الأقدار فيما تحاوله
حبائل لم يعلقن إلا بأروع / تمد لصيد النيرات حبائله
يبيت ومن زهر الأسنة في الدجى / مشاعره وقت القرى ومشاعله
أناديَهُ قل كيف شئت فهذه / خصائصه مأثورة وحصائله
وعدد سجايا أبيض الوجه أبلج / تصدق دعوى المادحين فضائله
كذبناه في دعوى الوفاء بعهده / متى جف هامي الدمع أو كف هامله
أيرثي لساني مجده بعد مدحه / وما لي لم تخذل لساني خواذله
ألم يك في قلبي من الهم والجوى / وحر الأسى شغل عن الشعر شاغله
سيذبل روض الشعر من بعد يومه / فلا عاش ذاويه ولا أخضر ذابله
دعوني فما هذا بوقت بكائه / سيأتيكم طل البكاء ووابله
ولا تنكروا حزني عليه فإنني / تقشع عني وابل كنت آمله
ولم لا نبكيه ونندب فقده / وأولاده أيتامه وأرامله
فيا ليت شعري بعد حسن فعاله / وقد غاب عنا ما بنا الدهر فاعله
أيكرم مثوى ضيفكم وغريبكم / فيمكث أم تطوى ببين مراحله
وهل تنعم الدنيا علي بمنعم / أجالسه من بعده وأؤاكله
سآوي إلى ركن شديد وألتجي / إلى ملك عم البرية نائله
إلى العادل بن الصالح الملك الذي / أقابل وجه البشر حين أقابله
أقوال وقول الحق فرض على الفتى / إذا شهدت بالصدق يوماً دلائله
ألا إن سلطان ابن رزيك لم يزل / ورزيك ليث الغاب إن غاب باسله
هو المجد أغنانا عن الليث شبله / وناب لنا عن صالح فيه عادله
تولى وقد خلى علائق ثقله / ولكن تولى ذلك الثقل حامله
فكان كرجع الطرف وحشة آهل / من العز حتى قيل أونس آهله
وما هو إلا بدر مجد وسؤدد / بدا طالعاً في الدست إن غاب آهله
وفرع كريم الأصل سد مسده / فبورك من نجل وقدس ناجله
وما زلت قبل اليوم قرة عينه / وقاصية الذخر الذي كان يأمله
ولو كان حياً سره فعلك الذي / تجلت له من كل فضل مخائله
عذرت به الأيام من بعد عدلها / وقد يعذر الجاني من الناس عاذله
تداركت هذا الخلق عدلاً ورأفة / وقد أجهضت من شدة الخوف حامله
وأطفأت نار الشر بعد التهابها / وسكنتها والشر تغلي مراجله
وأحسنت ذكر الدهر بعد إساءة / تبين فيها ميله وتحامله
وكانت أمور الناس فوضى فساسها / ودبرها مستجمع العزم كامله
أغر له من آل رزيك أسرة / هم ساعد الملك العقيم وكاهله
به وبهم لا فرق الله شملهم / أنافت أعاليه وأرست أسافله
تساند مثل البزل منه عصابة / بهم قام صاغيه وأسند مائله
هو الكف والباع الطويل إذا سطوا / وهم عند بطش الراحتين أنامله
فيا حاسديهم حاذروا أن تصيبكم / به منجنيقات الردى وجنادله
ويغرقكم من بحره فيض زاخر / تزيد على فيض البحار جداوله
ويا أيها الطير البغاث كأنني / بكم وقد انقضت عليكم أجادله
رويدكم يا ملقحيها سفاهة / فهلا لقاح لا تطرق حامله
ويا واردي ماء العقوق تأدبوا / فذا مورد لا بد تصفو منهله
أراكم أمنتم أن تدار عليكم / رحى الموت أو تلقى عليكم كلاكله
ألا إن جمعاً يردع السيف جمعه / سيرجع منقاداً إلى الحلم جاهله
لقد ضربت أنيابكم في صفاتهم / وعاد بلا ناب على الصخر آكله
ولم تتركوا التشعيب بقيا وإنما / يعاف ورود البحر والموت ساحله
لقد صفحوا عن زلة النعل منكم / ودان لهم حافي الزمان وناعله
أفي كل عصر يستطيل مقصر / حقير ويردي نابه الذكر خامله
ويعلو الثرى نحو الثريا سفاهة / ويسطو بأعيان الزمان أراذله
وهذا أمير المؤمنين أجل أن / يقاس بخلق وابن ملجم قاتله
وحمزة أودى يوم أحد وإنما / بحربة وحشي أصيبت مقاتله
فشكراً على الفخر الذي لك عاجله / وحمداً على الأجر الذي لك آجله
وهنيتها من دولة عادلية / يقام بها فرض الندى ونوافله
أراد أناس نقضها فتأكدت / أينقض حبل الله والله فاتله
لكم من ودادي ناصر ليس يخذل
لكم من ودادي ناصر ليس يخذل / ولي خاطر يغرى بكم حين يعذل
أأحبائنا يهنيكم اليوم أنكم / تجورون في ظلم الوداد وأعدل
تبدلتم بعد النوى وسلوتم / وقلبي لا يسلو ولا يتبدل
فإن كان شيبي أصل ذنبي عندكم / فكل شباب نازل سوف يرحل
وما الشعر المسود إلا حديقة / تروق الفتى أوراقها ثم تذبل
ومن نصلت بالشيب صبغة رأسه / فليس له إلا التقى والتنصل
ومن لم ترعه الأربعون فإنه / عليل بأخبار الصبا يتعلل
أيا قلب هل تنهاك واعظة النهى / وتزجرك الأيام لو كنت تقبل
أمالك هم غير نظم قصيدة / تضمنها بالقول ما ليس تفعل
تغزلت حتى صوحت زهرة الصبا / وقالت قوافي الشعر كم يتغزل
كأن أبا الفتح المظفر لم يجب / عليك له الحق الذي ليس يجهل
فتعدل عن نفل الكلام لفرضه / فمن لم يقم بالفرض لا يتنفل
فيا خابط العشواء في طلب الغنى / وعقل الفتى من وصمة الجهل معقل
صن القول لا تبديه إلا لمنعم / تصان القوافي باسمه حين تبذل
أمنت غلو الشعر فيما أقوله / ولي شاهد من فضل بدر معدل
كريم يرينا شيمة البدر والحيا / جبين له يوم السماح وأنمل
له راحة تنهل جوداً بنانها / ووجه إذا قابلته يتهلل
تقيل الأماني تحت ظل اصطناعه / وصرف الليالي تحته يتظلل
ومن عجب أن المنية لم تزل / تفيض بها يمناه وهي تقبل
أتتنا به الأيام آخر منعم / ولكنه في حلبة الجود أول
بقية بيت لم يزل في سراتهم / كفيل بأرزاق الورى يتكفل
يكل شجاع الطرف دون جلاله / إذا ما رآه الناظر المتأمل
حمى الدين من أبناء رزيك عصبة / على عزمهم دين الهدى يتوكل
دعائم هذا الملك بل هضباته / إذا زل رضوى أو تزلزل يذبل
ملوك تري الأيام بأساً ونائلاً / بأمرهم العالي تجود وتعدل
أقام لها بدر بن رزيك دولة / دعائمها بيض رقاق وذبل
وقام بأثقال الرياسة بعدما / مضوا وهي من حمل الشواهق أثقل
وأي خطوب الدهر جلت فلم يكن / على فارس الإسلام فيها المعول
وكم ليلة نحو الأعادي سريتها / ووجهك فيها من سميك أجمل
ومعترك لولا ثباتك أشفقت / رجال فلم تثبت من الرعب أرجل
خليلي لا بالسفح من رملة الحمى / ولكن بحيث الوفد يسعى ويرمل
جزى الله عني آل رزيك فوق ما / يؤمل من حسن الجزاء المؤمل
هم خلصوني بالنفوس التي لها / محل من الجوزاء أعلى وأفضل
وكافا أبا النجم الهمام وخصه / بأفضل ما يجزى امرؤ متفضل
فقد تابع الإحسان حتى خجلت من / نداه وتكرار الصنائع يخجل
يهنك من شهر المحرم زائر / يقابله جد لسعدك مقبل
وعام له في كل يوم وليلة / رحيل إذا هذا الجناب ومنزل
تحمله من در فكري فرائداً / يتوج منها رأسه ويكلل
محاسن لولا بحر جودك لم تكن / جواهرها من بحر غيرك تحصل
تجمل أجياد الملوك وقد غدت / بأوصافكم أجيادها تتجمل
لكل مقام في علاك مقال
لكل مقام في علاك مقال / تصدقه بالجود منك فعال
وعندك إن ضاق المجال لمادح / محاسن فيها للمديح مجال
مناقب يا ذخر الأئمة أصبحت / إليهن أعناق الثناء تمال
سما الناصر المحيي إلى الغاية التي / ينال عنان النجم حين تنال
وألف أضداد المعالي بهمة / لها كل يوم نعمة ونكال
وفي كل قلب من سطاه مهابة / وفي كل كف من نداه سجال
قرى وقراع طالما فاض منهما / على الخلق وبل دائم ووبال
جفان وأجفان تدفق منهما / على قدر سجليه ردى ونوال
رأيتك لم تقنع بمنصبك الذي / علا فنجوم الأفق عنه سفال
فباشرت مكروه الوغى في مواطن / حرام المنايا بينهن حلال
وهل يفخر الصمصام إلا بطعنة / وإن راق منه جوهر وصقال
ولما تشكى الأمن خوفاً من العدى / وكاد الهدى يسطو عليه ضلال
نهدت إلى الأفرنج تزجي كتائباً / تغل بها أعناقهم وتغال
فولوا وقد أبقت عليهم نفوسهم / سباسب حالت دونها ورمال
وأتبعتهم ركضاً على كل سابح / إذا لريح كلت لم يصبه كلال
جياد إذا جردتها يوم غارة / فليس لها غير الوشيج ظلال
طوالع في ليل القتام غوارب / عليهن من نسج القتام جلال
يثير غباراً كلما قذي الهدى / بفتنة طاغ كان منه كحال
رميت بها بهرام عن قوس عزمة / تبيت لها الأقدار وهي نبال
وأدركتهم إدراك من لا يفوته / مرام ولا ينأى عليه منال
سريت بها والليل وحف شبابه / فصبحتهم إذ شاب منه قذال
ولما اشتملت الليل برداً إليهم / جرت بالذي تهوى صبا وشمال
وأوقدت نيران الوغى بذوابل / سرت ولها زرق النصال ذبال
وأتبعتها والكف تقوى بأختها / ببيض تصون المجد وهي مذال
إذا هجرت أغمادها لم يكن لها / سوى قطع أوصال الطغاة وصال
فهن شجا في حلق كل معاند / وهن على قلب الولي زلال
عماد مليك يكثر البأس والندى / إذا قل نزل في الورى ونزال
هو القاسم السجلين عفواً ونقمة / وحاسم داء الدهر وهو عضال
تكفل هم الملك عن قلب كافل / غدا وهو فينا عصمة وثمال
تقيل الأماني عنده تحت رحمة / بها عثرات المسلمين تقال
تروح الأيادي من يديه خفيفة / وتغدو على الأعناق وهي ثقال
أبوك الذي تسطو الليالي بحده / وأنت يمين إن سطا وشمال
أب علم الأيام أحسن سيرة / لعينيك منها قبلة ومثال
لرتبته العظمى وإن طال عمره / إليك مصير واجب ومآل
تخالسك اللحظ المصون ودونها / حجاب شريف لا انقضى وحجال
لقد راقها بل شاقها واستفزها / إليك جلال باهر وخلال
جبينك حسناً بل يمينك منة / يفيض جميل منهما وجمال
خليلي قولا للأجل نيابة / فقد منعتني هيبة وجلال
إخالك لا ترضى الكواكب معشراً / وأنت لأبناء الخلافة خال
ستخفر غسان بكم ويزيدها / على أن آل المصطفى لك آل
فدى لبني رزيك من ليس مثلهم / وهل للنجوم النيرات مثال
ملوك أرتنا كل فضل مغيب / لهم شيم محمودة وخصال
تقول مساعيهم لكل منافس / ترفق فما كل الرجال رجال
غيوث إذا ضن السحاب بوبله / ليوث إذا صل الحديد وصالوا
هم علموني مدحهم بكرامة / وجود أطابوا منهما وأطالوا
وجوه لها بشر إلي تهللت / وأيد أياديها علي تهال
قدمت عليهم وافداً فتفضلوا / وأعلوا محلي منعمين وعالوا
فما عذر شعر لا يجود فيهم / وعذري مزاح بالعطاء مزال
ولا شكر لي فيما أقول لأنني / أعبر عما شرفوا وأنالوا
ومستحسن للقول فيكم أجبته / كذا في صفات المحسنين يقال
قصائد ما باتت بهن خواطري / على سرقات الانتحال تحال
ثقال الخطى إلا إليكم فإنها / خفاف الخطى في الارتجال عجال
غدت منكم في أنفها خنزوانة / فليست بقصد الباخلين تذال
إذا كان رأي الناصر الملك ناصري / فإن صريح القول في حفال
فتى عنده فضل وفصل إذا التقى / جلاد على نصر الهدى وجدال
وبين يراع الخط والخط غيرة / على يده العليا وغى وقتال
يروقك في يمنى يديه يراعة / تراع بها أسد الشرى وتهال
توهمتها مخلوقة في بنانه / لها من عروق الأشجعين حبال
تبيت بها الآجال وهي قصيرة / وتضحي بها الآمال وهي طوال
إذا اعتلقتها خمسة في ملمة / تحلل مكروه وحل عقال
ليهنك صوم ترتجى بركاته / وتوزن أعمال به وتكال
رأت عينه منك الكمال الذي به / تهلل فيه النور وهو هلال
وأمطرت فيه المسلمين وغيرهم / سحاب ندى لا يقتضيه سؤال
كأنك في الدنيا وصي لآدم / وأولاده فيه عليك عيال
أباحك حسن الذكر والأجر منهم / ومن ربهم عدل أتيح ومال
لقد ملت السؤال مما أتيتها / ومالك من بذل النوال ملال
وأنت إذا عد الكرام حقيقة / وكل كريم ما عداك مخال
بقيت وما للملك عنك معرج / وما لنعيم الدهر منك زوال
أبا حسن جاءت إلي مثوبة
أبا حسن جاءت إلي مثوبة / من النمط الأدنى عن النمط العالي
أتتني أثواب غلاظ كأنها / خواطر ينسجن القريض لبخال
وأين الثياب المذهبات قشيبة / ولي مذهبات فيك ليست بأسمال
سيبلى على قرب جديد فعالكم / وتبقى على مر الجديدين أقوالي
ويعطل جيدي من حلي نداكم / وجيد معاليكم بها أبداً حالي
ولولا حيائي من علاك رددتها / ولم آخذ النزر الرخيص من الغالي
ولكن أبى لي ذاك علمي بأنني / قسيمك لو أحوجت في النفس والمال
ألا قل لعز الدين لا زال جده
ألا قل لعز الدين لا زال جده / عزيزاً وأما ضده فذليل
ولا زال منصور اللواء مظفراً / يقيم صغى الأيام حين تميل
أتاني كتاب منه أما سطوره / فروض وأما نشره فقبول
ولم أدر هل بين السطور شمائل / بعثت بها أم بينهن شمول
فقد هزل أشواقي إلى أن تركتني / أقول وكتمان الغليل غلول
ترى تسعد الأيام بالجمع بيننا / وهل لي إلى برد اللقاء سبيل
وإن تبخل الدنيا بتأليف جمعنا / فرأي المقام الناصري جميل
أبا المجد إن تزمع رحيلاً فللندى
أبا المجد إن تزمع رحيلاً فللندى / وللبأس والمجد الرفيع رحيل
أودع من عالي ركابك سيداً / كثير ثنائي في علاه قليل
كريماً غدت أفعاله مثل وجهه / وما منهما إلا أغر جميل
وما فرحت إخميم قبلك بامرئ / له غرر من فضله وحجول
سمت نفسه عن كل مثل ومشبه / فليس له غير النجوم قبيل
على أنه من دوحة يعربية / لها المجد فرع والسماح أصول
إذا هزها ريح المديح ترنحت / ومالت على الآمال حيث تميل
وقتك من الأسواء أنفس معشر / لهم حسب في الباخلين طويل
إذا جال فكري في مذمة عرضهم / نهاني عنهم أنهم لك جيل
لك الله من ريب الحوادث حافظ / وبالنجح فيما تبتغيه كفيل
ولازلت محروس العلاء بهمة / تعلمنا بالعقل كيف نقول
عطية إن صادفت روح محمد
عطية إن صادفت روح محمد / أخيك وصنويك العليين من قبل
فسلم عليهم لا شقيت وقل لهم / سقيت أباكم بعدكم جرعة الثكل
وأقسم لهم أني ورحمة فقدهم / أبرد أحزاني ومرجلها تغلي
وإن انجراح الثكل عند اندمالها / وليس لمقذوف مدى الدهر من دمل
وأني أرى أولاد غيري حسرة / فأبكي على نسلي وفقدان ما يسلي
وما في بني ذا الجيل من هو مثلكم / كما ليس في آبائهم أحد مثلي
سقى الله عهد الشمل منكم ولا سقى / نوائب أيام بكم صدعت شملي
فيا فرقتي منكم ويا حرقتي لكم / لقد أطلقا دمعي وقد أعقلا عقلي
عسى رحمة الرحمن تجمع بيننا / فأما على قرب وأما على مهل