المجموع : 192
توهمت من أهواه خارجَ صورتي
توهمت من أهواه خارجَ صورتي / فقدّرته في القربِ بالباعِ والشبر
فيحيي فؤادي بالوصالِ وباللقا / ويقتلني بالصدِّ منه وبالهجرِ
يجرِّد عن غصنٍ قويمٍ وعن نقا / ويبسمُ عن درِّ ويُسفر عن بدرِ
ويُجري لنا نهراً من الضَّرعِ طيباً / ومن عسلٍ أصفى وماءٍ ومن خمرِ
يمدُّ به كوني لأني من أربع / خلقتُ بها النشأتين بلا أمر
مع الأمر بالتكوين في كلِّ حالة / ولا أدر معناه ولا أدر لا أدري
أتيتُ إليه من طريقٍ ذَلولة / مسَّهلة لكن على مَركبٍ وَعر
بنقرٍ بأوتارٍ بأيدي كواعبَ / يملن علينا من هوى لا من السُّكر
فلما تأملنا وجدنا وجودَنا / بأسمائه الحسنى فقمتُ بها أجري
إلى عالم الأكوانِ أخبرهم بها / كما أخبر الرحمن في محكم الذكر
ولما رأيت الكونَ يعلو ويسفلُ
ولما رأيت الكونَ يعلو ويسفلُ / وبينهما الأمر الإلهي ينزلُ
علمتُ بأنَّ الحقَّ سورٌ وإنه / لما ضمن الكونين فيه مفصلُ
يدّبر أمراً من سماءٍ وأرضها / وآياتُها للعالمين يفصلُ
ويعرجُ ذاك الأمر للفصل طالباً / فيعدلُ فيهم ما يشاءُ ويفصل
ولو قامَ فيهم عدلُه عشر ساعة / لأهلكهم سيفٌ من الله فَيصل
ولكنه روحُ التجاوز حاكمٌ / فيحكم فيهم حُكم مَن هو يغفل
فإهماله إمهاله عن مُصابه / ولو حقق التفتيش عنهم لزلزلوا
وعلة هذا الأمرِ أنْ ليس فاعلٌ / سواه وأنَّ الحقَّ بالحقِّ يفعل
فما كان من حمدٍ فحقُّ محقق / وما كان من ذمٍّ فحقٌ معللُ
وما ثَم إلاَّ الحقُّ ما ثَم غيره / ولكنهم قالوا محققٌ ومُبطلُ
يقولُ رسولُ الله يا رب فاحكمن / بذلكم الحق الذي كنتَ ترسل
وعلة هذا أنهم جحدوا الذي / أتتهم به أرساله وتعللوا
فزادهم وهماً وغماً وحسرةً / خلالَ الذي ظنوه ذاك التعلل
فلو أنهم لم يكذبوهم وصدَّقوا / مقالتهم فيهم لكانوا به أوَّلوا
نجاةٍ فإن الاعترافَ مقامه / إلى جانب العفو الكريم يهرولُ
لقد حكمتَ في حالهم غفلاتهم / فلولا وجودُ العفو لم تك تهمل
فيا رب عفواً فالرجاء محققٌ / وهذا الذي ما زلتَ مني تسأل
إذا أخذ الفرقان من كان يتقي
إذا أخذ الفرقان من كان يتقي / جزاءً لتقواه وعفواً وتكفيرا
فما بعدَ ذا من غاية يطلبونها / سوى قربه الأعلى وجوباً وتقريرا
ففي جنةِ المأوى وُجوداً محققاً / وفي جنته المعنى جلالاً وتوقيرا
لأنّ اقترابَ الذاتِ قربَ مسافة / محالٌ عليها فالتزمْ ذاك تعزيزا
تباركتَ أنت الله في كلِّ صورة / كذا جاء في القرآن كبِّره تكبيرا
وأنتَ شَرَعتَ الله أكبر من كذا / فحيّر أهلَ الفكر قولُك تحييرا
لذاك ترى أهل الحقئق شمَّروا / ذيولهم عن أخذهم فيه تشميرا
وأوّله أهلُ العقولِ بفكرهم / ولو سلَّموه مثلنا كان توفيرا
لقد أطلق الله العليمُ مقالةً / بزهواته فيها تدمره تدميرا
تغيرّت لما أنْ تغير لي المجرى
تغيرّت لما أنْ تغير لي المجرى / لذا جئتُ شيئاً خارقاً عندكم أمرا
فيا ليتَ شِعري من يسير سيرنا / إلى حضرةٍ ذوقيةٍ شربها أمرا
إذا رويت أكبادنا من شَرابها / وأحدث في الأكوان من شربها أمرا
وصحتْ لنا في العالمين خلافة / خلعتُ بها عن ذاته النهي والأمرا
أقول وعندي انني لست قائلاً
أقول وعندي انني لست قائلاً / بنفسي ولكني أقول كما قالا
بأني ذو قول لما هو قائل / بنا ولساني عينه فيّ ما زالا
وما أنا ظرفٌ كالمكان ولا أنا / محلٌ له والميل ميلي إذا مالا
فلا تيأسي يا نفس مما نريده / فلا بدّ لي منه وإنْ طالَ ما طالا
تكشف عن عيني غطاء عمايتي / فأدركتُ ما خلفَ الحجابِ وما شالا
وأصبحتُ في يومٍ هداة أيمة / وغادرتُ أقواماً عن الحقِّ ضلالا
إذا جاءهم حق أتوا ينكرونه / فلا تضربوا لله بالفكرِ أمثالا
وإنْ كان حقاً ذلك المثلُ الذي / أتاهم به لم يعرفوا فيه أشكالا
وما كنتُ في رَيبٍ من أمر شهدتُه / وما كنتُ في زهدي وفخري مختالا
أجرِّرُ أذيالي كما قال عقبة / وما كل مختالٍ يجرِّر أذيالا
ألمتدرِ أني في الجهادِ مُقدَّم / أصيِّر وإنْ جدئناه لم ندر إهلالا
وهل تُرفع الأصوات إلا لغائبٍ / بعيدٍ وذو التقريب يهمس إجلالا
إذا أنا بالقرعِ الشديدِ لبابه
إذا أنا بالقرعِ الشديدِ لبابه / وقد راضني إذ كنتُ حشواها به
فلا تك ممن لا يقوم لقرعه / فإن الذي تبغيه من خلفِ بابه
وهذا خلاف العرف في كل قارعٍ / وما كان هذا الأمر إلا لما به
من الشوق للمطلوب إذ جاء خارجاً / وسرَّ وجودُ الابِ عين حجابه
فأرسل إرسالاً إلى كلِّ شارد / يردُّونه عن وجهه وذهابه
إليه على كره وإنْ كان عالماً / بخير يراه منه عند إيابه
ووقع في توقيعهم كلَّ ما لهم / من الخير إن عادَ وابيض كتابه
وهم طالبوا ما قد دعاهم لنيله / وأين اقترابُ العبدِ من اغترابه
لقد أخطأوا نهجَ السلامةِ لو بقوا / على سيرهم لولا رجيمُ شِهابه
فأفزعهم رجمُ النجومِ أمامَهم / فحادوا إلى ما قاله في خطابه
وقد علموا أن السلامةَ في الذي / دعاهم إليه من أليم عُقابه
فيأخذ سَفلاً لا يريد فريةَ / ويذهل عن مطلوبه وصَحابه
ويأخذ الفكرُ الصحيحُ منبها / على منزلٍ لا أمنَ فيمن ثوى به
لا تعجلنّ فإنَّ الأمر حاصله / إليك مرجعه فانهض على قدرِ
واسلك سبيلَ إمامٍ جَلَّ مقصدُه / مصدِّق في الذي قد جاء من خبر
وخذ به خلفه في الحال مقتدياً / واركن إليه ولا تركن إلى النظر
واعلم بأنَّ ذوي الأفكار في عمه / فكن من الفكر يا هذا على حَذر
والعقلُ ليس له تقبيحُ ما قبحتْ / صفاتُه وله التحكيم في العِبَرِ
وما له ذلك التحكيم في عِبَرِ / إلا إذا كان في التحكيم ذا بصر
وليس يعرف سرَّ الله في القدر / إلا الذي علم الأعيانَ بالأثرِ
وما رأى أثر الأسماءِ في أحد / فقال في قبتيها هم على خطر
لا نعتَ اشرفُ من علمٍ يفوزُبه / يقولُ مَن فاته يا خيبةَ العمر
يمشي به آمناً فالعلمُ محفظةٌ / لمن يحصله من وقعةِ الغرر
عجبتُ لإنسانٍ يراحم رحماناً
عجبتُ لإنسانٍ يراحم رحماناً / فأوسعُ أهل الأرضِ رُوحاً وريحانا
فقام له الإيمان بالغيبِ ناصحاً / فأرسلَ دَمعَ العينِ للغيب طوفانا
فعارضه علمُ الحقائقِِ مُفصحاً / بصورةِ من سوَّاه أصبحَ رحمانا
وأنزله في الأرض وَجهاً خليفةً / على الملأ الأعلى وسمَّاه إنسانا
فلم يك هذا منه دعوى أتى بها / ولكنه بالحال كوَّن محانا
وشرفه بالشحِّ إذْ كانَ مانعاً / فكان النقصانُ فضلاً ما وإحسانا
فلو لم يكن في الكونِ نقصٌ محققٌ / لكانَ أخيّ النقصِ يخسر ميزانا
ولم يك مخلوقاً على الصورة التي / أقام بها عند التنازع برهانا
فمن كان بالنقصانِ أصلُ كماله / فلا بد أن يعطيك رِبحاً وخُسرانا
إذا كان بالنقصانِ عينُ كماله / فأصبحَ كالميزان بالحمدِ ملآنا
فإن عموم الحمدِ ليس كبيرة / من أذكاره في كلِّ شيءٍ وإن هانا
فما هان في الأذكار إلا لعزَّة / يميل بها عنهم مكاناً وإمكانا
وآخرُ دعوانا أنِ الحمد فاستمع / وما ثَمَّ قولٌ بعدَ آخرِ دَعوانا
إذا جاءتِ الأذكارُ للعدلِ تبتغي / مفاضلةً يأتين رَجلاً ورُكبانا
فيظهر فضلُ الحمد إذ كنَّ سوقة / وكان وجودُ الحمد فيهنَّ سُلطانا
تأمل فإني أعلمُ الخلقِِ بالذي / أتيت به علماً صحيحاً وإيمانا
رأيتُ الذي لا بدَّ لي منه جَهرة
رأيتُ الذي لا بدَّ لي منه جَهرة / ولم يك إلاّ ما رأيتُ من الكونِ
ولكنه منه على ما رأيته / كإنسانِ عينِ الشخصِ فيه من العينِ
ويأتي على ما يأتي للفصلِ والقضا / وقد كان قبلَ الخلقِِ في ذلك العينِ
وما جاءني في كلِّ معنى وصورةٍ / لأمر سوى ما يتقيه منَ العينِ
إذا المرءُ لم يعرف بسمعٍ ولا بدا / لعينٍ أتاه إلا مَن بالحفظ والصَّون
فرضنا له عينَ الكمالِ لأنه / إذا كان في الأحجارِ فيها من العين
إذا شاء أن يروي من الماء مرتوٍ / فلا يشربُ إلا ما يكون من العين
فذاك له مثلُ الرَّضاعِ لأنه / تولَّد منها عن فصالٍ وعن بين
وما كان قولي إنه عينُ ما يرى / من الكونِ إلا قوله لي بلا مين
ولما سألتُ الله عوناً على الذي / يكلفني من فرضِه كان في عَوني
ويا عجباً إن المعين هو الذي / يكون مُعاناً ردُّه شاهد البَينِ
ولو لم يكن في الغيب عينٌ لصورةٍ / لما كان للعينِ التصوُّر في العين
وما زينةُ الأعيانِ إلاَّ بربِّها / وقد ظهرتْ للعينِ في أحسن الزين
تباعد عنها الشَّينُ والشينُ كونها / فأنت ترى عَيناً وما ثَمَّ من شَيْن
إذا قال لي ما أنت إلا هويتي / فأين الذي قال المنازعُ من بوني
لقد حِرتُ في أمري وإني لصادقٌ / تقابلُ ألفاظٍ تُترجمُ عن عيني
وما عجبي عن واحدٍ عنه واحدٌ / كما قيل لكنْ مِن وحيدٍ عن اثنين
فلولاه لم أوجد ولولاي لم يكن / ولا بدَّ لي في كون ذاتي من اثنين
حقيقةُ ذاتي من حقيقةِ ذاته / ولا بدَّ من ذاتي فلا بدَّ من تَين
وإني من الأضدادِ في كلِّ حالة / كما هو مثل الغرِّ في اللوّنِ والجونِ
إذا كان عيني عينه فمن الذي / تحكم فيه بالنوى حاكم البَينِ
ومَن ذا الذي قد قيلَ فيه مُداين / وهل كان هذا الحكمُ إلاّ من الدّينِ
لقد حُجبتْ منا قلوبٌ صقيلةٌ / عن الكشفِ والتحقيقِِ من حُجُبِ الرِّينِ
لقد خالفوا في اللونِ وهو مشاهدٌ / وأينَ شهيدُ الكونِ من شاهد اللونِ
لقد لنتُ للأقوامِ حتى كأنني / عجزتُ عن التقييد من شِدَّة اللين
وقد جاء حكمُ الفالِ فيما علمتم / وحاشاه مما تعرفون من الغَين
كما قيلَ حَدّادٌ لحاجبِ بابهم / وقد قيلَ هذا اللفظ في العرفِ للقَين
ولوكان في الداعي إلى الله غلطة / لفرُّوا ولكنْ جاء باللين والهينِ
وجودي عن الأمرِ الإلهي لم يكن
وجودي عن الأمرِ الإلهي لم يكن / عن الذاتِ والتكوين لي فأعقل الشانا
وهذا الذي قد قلته لم يقل به / سوانا فحقِّق من يكون إذا كانا
توحدتُ سرّاً وهو أمر يخصُّني / وإني كثيرٌ بالتأمّل إعلانا
فمن يرني مني يرى العين واحداً / ومن يرني منه يرى العين أعياناً
وذلك من صَدعٍ يكون بعينه / يقيم به وزني فيخسر ميزانا
وإن لنا في كلِّ حالٍ ومشهدٍ / دليلاً على علمي بنفسي وبرهانا
وعلمي بنفسي عين علمي بربِّها / يحققه كشفاً جلياً وإيمانا
ألستَ تراني في مجالسِ علمنا / أفتِّقُ أسماعاً أبصِّر عميانا
وأهدي إلى النهجِ القويمِ بوحيه / قليبَ عبيدٍ لم يزل فيه حيرانا
إذا نحن نادينا نفوساً به أتت / من الملأ العلويّ رجلاً وفُرسانا
يلبي منادي الحقِّ من كلِّ جانبٍ / فيكتبن أنصاراً ويثبتن أعوانا
لقد علل الصدِّيقُ إخفاءَ صَوتِه / بما كان يتلوه من الليلِ قرآنا
بأسماعِ من ناجاه منفرداً به / ليظهر ما سماه جبريلُ إحسانا
وعلله الفاروقُ إذ كان معلنا / ليطردَ شيطاناً ويوقظَ وَسنانا
وكلُّ رأي خيراً ولم يك خارجاً / عن الحكمِ بالميزانِ نقصاً ورُجحانا
فجاء إمامُ الخيرِ بالحكمِ فيهما / وقد صاغه الرحمنُ رُوحاً ورَيحانا
فقالَ له ارفع ثم للآخر اتضع / يظهر حكمُ العدلِ عَيناً وسُلطانا
فكم بين من فيه ومنه ومن أتى / بهذا وذا إذ كان بالكلِّ رَحمانا
ألم ترني أدعى على كل حالة / أكون عليها بالتقلبِ إنسانا
وسوّاه شخصاً قابلاً كلَّ صورةٍ / فعدَّلَ أجزاءَ ورتَّبَ أركانا
وأظهره جسماً سوياً معدَّلاً / بتربيع أخلاطِ وسماه جثمانا
وأودع فيه النفخ روحاً مقدَّساً / ليعصم أرواحاً ويقصمَ شيطانا
شؤونك يا مولاي قد حيرت سِرّي
شؤونك يا مولاي قد حيرت سِرّي / وقولك بالتفريعِ أذهلني عني
لأني لا أدري بماذا تجيبني / مع العلم أن الأصل فيما أتى مني
ووالله ما تجني عليَّ وإنما / نفوسُ الورى منها على نفسِها تجني
فلم أو فسلم فالأمور كما ترى / وما هو عن حَدسِ وما هو عن ظنِّ
ولكنه علمٌ صحيحٌ محققٌ / أتين به الأرواح في ظلمةِ الدَّجْن
إذا كنتَ مِحساناً فليتك تسلمُ
إذا كنتَ مِحساناً فليتك تسلمُ / فكيف إذا ما كنت بالضدّ تعلم
لحى الله دهراً كنتَ فيه مقدَّماً / فويلٌ لدهرِ أنت فيه المقدَّم
فأخسر خلق الله مَنْ باعَ دينه / بديناً جَهولٍ غيره وهو يظلم
إلهي إذا ناديتُ فالسمع أنتم
إلهي إذا ناديتُ فالسمع أنتم / ولبَّاكَ من لبَّاك أنتَ المترجم
توحدتِ الأشياء إذ كنتَ عينَها / وما ثَمَّ إلا سامِعٌ ومكلِّمُ
بكن وهو قول الله والأمر أمرُه / وقد جاء في القرآنِ معناه عنكمُ
أجره إذا يبغي سَماعَ كلامِنا / فيتلو عليه التلاوةَ منكم
تقسم في الإحساسِ من هو واحد / عزيزٌ نزيهُ الذاتِ لا يتقسم
بإخباره عن نفسِه لا بعقلنا / فيعلنُ ما عقلي به يتكتَّمُ
نظرتُ إليه من قريبٍ وإنني / بحدِّي بعيدٍ والحدُّ ودُّ توهم
إذا كان من سميتم الغيرَ عينه / ففي نفسِه من نفسِه يتحكم
ألا إنني أرجو عوارفَ فضلِ من
ألا إنني أرجو عوارفَ فضلِ من / يكون له التحميد في اليُسر والعُسرِ
فإذا كان عسر أطلقَ العبد حمده / على كلِّ حالٍ منه في نفعٍ أو ضرّ
وإن كان يسر قيد العبد حمدُه / كما جاء في الانعام والفضل في اليسر
بذا جاءتِ الأخبار في حمدِ سيد / رسولٍ إمامٍ مصطفى صادقٍ بَرّ
معلم أسباب السعادة كلها / لكلِّ لبيبٍ عاقلٍ ماجدٍ حرّ
أنا أسوة فيه كما قال ربنا / تلوناه في الأحزاب في محكم الذكر
وفي غيرها فاعلم بأنك مقتد / به متأسٍّ مؤمنٍ بالذي يجري
نصحتكِ يا نفسي على كلِّ حالة / فقومي له فيها على قدم الشكر
فإنّ الذي يدعى عن الخلق في غنى / ونحن على ما نحن من حالةِ الفقر
ولي منه في الأحوال صحوٌ وسَكرةٌ / إذا ما بدا لي في تجلٍّ وفي ستر
فأصحو إذا عمَّ التجلِّي وجوده / وإن خصه بالذاتِ إني لفي سكر
يخاطبني من كل ذاتِ عناية / بما شاءه في كلِّ نظم وفي نثر
فنثري الذي يدريه ما هو من نثري / وشِعري الذي أبديه ما هو من شعري
هويته من كل شيء وجوده / وصحت به الآثار فانهض على أثري
ترى الحق حقاً فاتبعه ولا تقل / إذا ما رأيت الحق إني في خسر
فما الناس إلا بين هادٍ ومهتدٍ / فمنه إلى شامٍ ومنهم إلى مصرِ
وهذي إشاراتٌ لمن كان عالماً / بما قلته في السرِّ كان أو الجهر
إلهي لا تعدل بقلبي عن الذي / شرَعتَ من الإيمان بالنهي والأمر
فما عندكم إلا وجودٌ محقق / وما عندنا إلا التبرِّي من الكفر
لقد قرّر الإيمان عندي حقائقاً / تنافي براهين النهي من ذوي الفكر
فحزت به كشفاً فعادت معارفاً / مطالعها في القلب كالأنجم الزُّهر
فلا ريب عندي في الذي قد طعمته / من العلم بالله المقرَّر في صدري
حييت به علماً وعقداً وحالة / هنا في حياتي ثم موتي وفي النشر
لقيت به ربّاً كريماً بحضرةٍ / منزهة علياء ماطرة النثر
رأيت ذكوراً في إناث سواحر
رأيت ذكوراً في إناث سواحر / ترآأين لي ما بين سلع وحاجرِ
فخاطبتُ ذكرانا لأني رأيتهم / رجالاً بكشفِ صادقٍ متواترِ
وكنَّ إناثاً قد حملن حقائقاً / من الروح القاءً لسورة غافر
وبعلهمُ الروحُ الذي قد ذكرته / وإنهمُ ما بين ناهٍ وآمر
هم العارفون الصمُّ ردماً ولا تقل / بأنَّ الذي قد جاء ليس بخابر
وما خص نوعاً دون نوع لأنه / رأى الأمر يسري في صغير وكابر
ولا تمترِ فيما أقول فإنني / وقفت على علمٍ من البحرِ زاخر
تحسيته ماءً فُراتاً وإنه / لمِلحٌ أجاجٌ في السنين المواطرِ
فمن كان ذا فكر تراه محيَّراً / ومَن كان ذا شرعٍ فليس بحائر
تمنيت أن أحظى برؤيةِ مؤمنٍ / صَدوقٍ من الفتيانِ ليس بكافرِ
وذاك الذي يأتي بصورة تاجر / ملي ّمن الأرباحِ ليس بخاسر
فلم أر إلا خالعاً ثوبَ ماجنٍ / ولم أر لابساً زيّ شاطر
تنوَّعت الأشياء والأمر واحد / وما غائبٌ في الأخذ عنه كحاضر
إذا صحَّ غيبُ الغيبِ ما لأمر حاضر / يشاهده قلبي وعقلي وناظري
تناولتُه منه على حين غفلةٍ / من الكونِ لم يشعر به غير شاعر
فنظمتُه فيه مديحاً منزهاً / ونَثراً علا قدراً على كلِّ ناثر
ألم تر أن الله أكرمَ أحمداً
ألم تر أن الله أكرمَ أحمداً / ونادى به حتى إذا بلغ المدى
تلقاه بالقرآن وحياً منزلاً / فكان له روحاً كريماً مؤيدا
وأعطاه ما أبقى عليه مهابةً / فاورثه علماً وحِلماً وسؤددا
وأعلى به الدين الحنيفي والهدى / وصيرَّه يومَ القيامةِ سيِّدا
وهيأ يومَ الفصلِ عند وروده / له فوق أدنى في التقرب مقعدا
وعين يوم الزور في كلِّ حضرةٍ / له في كَثيبِ المسكِ نُزُلاً ومشهدا
فيا خير خلقِ الله بل خير مُرسَلٍ / لقد طبتَ في الأعراق نشأ ومحتدا
تحليت للإرسال في كل شُرعةً / يظهرن آياتٍ ويقدحن أزندا
ففي قولكم لما دعيت مّذماً / كعصمتنا من سبِّ من كان ألحدا
علومٌ وأسرار لمن كان ذا حجى / تدل على خُلق كريمٍ من العِدى
فيا خيرَ مَبعوثٍ إلى خيرِ أُمَّة / لو أنك في ضيقٍ لكنت لك الفدا
ولما دعوتُ الله غيرةَ مؤمنٍ / على من تعدَّى في الشريعة واعتدى
أتاك عتابُ الله فيه ولم تكن / أردت به إلا التعصبُ للهدى
بأنك قد أرسلتَ للخلقِ رحمةً / ومن كان هذا أصله طاب مولدا
مدحتك للأسماع مدحَ معرِّف / وقمت به في موقفِ العدلِ مُنشدا
وها أنا أتلو في مديحك السنا / تعز على من كان في العلمِ قد شدا
ولم أغل بل قلت الذي قال ربنا / وجئت به فضلاً مبيناً لأرشدا
مدحتك بالأسماء أسماء ربنا / ولم ألتفت عقلاً ورأياً مسدَّدا
بأنك عبد الله بل أنت كونه / وأنت مضاف الكافِ شَرعاً وما عدا
فعينك عين السِّرِّ والسمعُ سمعُه / وأنت الكبير الكل للعين إنْ بدا
وأنت الذي أكني إذا قلت كنية / وأنت الذي أعني إذا ما تمجدا
لقد خصك الرحمن بالصورةِ التي / روينا ولم ينزل لنا ذكرها سدى
وأنت مقالُ العبد عند قيامه / من الركعة الزلفى ليهوي فيسجدا
وأنت وجود الهاء مهما تعبدت / وأنت وجودُ الواو مهما تعبَّدا
فقل إنه هو أو فقل ليس هو بهو / وإياك أن تبتغي لنفسك موعدا
ولا تأخذ إلا لقاءً زوراً فإنه / حقيقتكم إن راح عنكم وإن غدا
ولما اصطفاك الله عبداً مقرَّباً / أراك الذي أعطى عليك وأشهدا
فمن كان يدريه يكون موحداً / ومن كان لا يدري يكون موحدا
إذا ما مدحت العبد فامدحه هكذا / وكن في الذي تلقيه عبداً موحدا
فإنك لم تمدحه إلا به فكن / لمن جاء يستفتيك ركناً ومقصدا
فوالله لولا الله ما كنت مصلحاً / ووالله لولا الكونُ ما كنتُ مُفسدا
فمن كان مشهوداً به كان مؤمناً / ومن كان معلوماً له كان ملحدا
فكن من علا في الأمر بالأمر نفسه / ولا تك ممن قال قولاً فأخلدا
فهذا مديح الاختصاصِ مبينٌ / جمعتُ لكم بين الندا فيه والندا
وأجريتُ فيه الخمر نهر الشارب / إذا ما تحسَّى جرعة منه عربدا
ألا إنني أرجو من الله أن أرى / بمشهده الأعلى عبيداً مؤيدا
بأسمائه الحسنى وأنفاسِ جودِه / أكون بها بين الأنام مسوَّدا
إذا كانت الأشياء تبدو عن الأمر
إذا كانت الأشياء تبدو عن الأمر / تساوى الدنيّ الأصل والطيِّب النجرِ
لقد ضربوه قاطعين بأنه / إذا ضربوه لا يقوم من القر
فأنطقه للقوم ثم أعاده / إلى الحالة الأولى إلى مطلعِ الفجر
كما سبَّح الحصباءُ في كفِّ سيِّدٍ / وأصحابه الأعلام كالأنجمِ الزهر
فما كانت الآيات إلا سماعهم / وهذا الذي قد جاء ضربٌ من النثر
وكلٌّ له حالٌ ووقتٌ مُعيَّن / فحالٌ إلى كَشفٍ ووقتٌ إلى ستر
فما كان من شام يراه ممثلاً / فيبصره حيّاً إذا كان من مصر
وجاء الذي مثلي غريباً مقرّراً / يقول الذي قالاه ما فيه من نُكرِ
فمن شاء فليكفر ومن شاء فليقل / بأني على حق يقينٍ من الأمر
لقوّةِ إيماني بما قال خالقي / وصدقي الذي قد قرّر الله في صدري
إن صادف الإنسان علماً من الحق
إن صادف الإنسان علماً من الحق / فليس بعلم عنده وهو في الذوق
لمن قاله بالكشف علم محقق / به يقعد الإنسان في مقعد الصدق
وما حازه إلا إمامٌ مجرَّدٌ / نزيه عن الثوبِ المحيّر والريق
به يشربُ الإنسان ماء حياته / به تفتق الأسماع إنْ كُنَّ في رَتقِ
إذا طلعت شمسٌ من الرب صيّرت / بمطلعها الغرب المحقق في شرق
كفار وقنا والمنتقى وخليفته / وقد عاد حكم الله فيه لذي السَّبق
فلو كان عن كشف لما كان باكياً / ولو كان عن ظنٍّ لما قال بالعتق
إلا إنَّ أسماء الإله عظيمة
إلا إنَّ أسماء الإله عظيمة / وأعظمها في العقل ما ليس يعلمُ
هو الأعظم المطلوب في كلِّ حالةٍ / بهذا له قد صحَّ منه التقدُّمُ
وما هو إلا كونه جامعاً لما / تكون عنها فافهم إنْ كنتَ تفهم
بأنك مفطورٌ على الحالةِ التي / تكون بها وقتاً تجورُ وتظلم
فتطلبها فقراً إليها وذلةً / لأنك عبدٌ بالأصالة معدَم
لقد غبتم عن آصف بالذي أتى / به لسليمانَ النبيِّ المحكم
لذا قال في دُستِ الإمامة أيكم / لتعلمَ من هذا العليُّ المعظم
إذا كانت الآياتُ تعتاد لم يكن
إذا كانت الآياتُ تعتاد لم يكن / لها أثر في نفسِ كلِّ جهولِ
وما لم تكن تعتادُ فهي لديهمُ / إذا نظروا فيها أدلُّ دليل
وأما فحول القومِ لا فرق عندهم / لقد خصصوا منها بأقوم قيل
إذا جاءت الآيات تترى تراهمُ / سكارى لها خوفاً بكل سبيل
فسبحان من أحياهمُ واصطفاهمُ / وإنهمُ فينا أقل قليل
إذا كانت الأشياء صنع حكيم
إذا كانت الأشياء صنع حكيم / فحكمته فيها لكل عليمِ
فتعلمها الأرواح في كل حالة / وتجهلها أرواحُ كلِّ جسوم
أرى ظلمةَ الطبعِ المحكم فيهم / لتعمى قلوبٌ قيدتْ بعلوم
وما هم إلاّ أنّ في الطبع نكتة / لها ظلمةٌ في قلبِ كلِّ ظلوم
فأوّلُ مظلومٍ بها عينُ ذاتِه / وليس يرى ما قلتُ غيرُ فهيم
إذا قصَّرتْ أفهام كلِّ محققٍ / فما قصَّرتْ عنها وعنه فهومي