المجموع : 408
وكم عائبٍ قد عابني وهو صادقٌ
وكم عائبٍ قد عابني وهو صادقٌ / وأدبرَ عنّي والذي فيه أَعيَبُ
رماني بسوءٍ لستُ أُعديه صاحبي / ولا هُو ممّا يُستفادُ ويُكسَبُ
وباءَ بسوءٍ فيه يُعديهِ غيرَه / ويجلبُهُ والسوءُ يُعدي ويُجلبُ
وما ذاك إلا ثلبُهُ الناسَ طائعاً / وما بَرِحَ الثُّلَّابُ للناس تُثلَبُ
وكم بين ذي سوءٍ تعدَّاهُ سُوؤُهُ / مُريداً لما يأتيه يبغي ويَشغَبُ
وآخرَ لا يعدوه ما فيه طالبٍ / زوالَ التي تُنعَى عليه وتُندَبُ
أُحذِّرُ أَهلَ الأرضِ حَدَّ ابنِ طالبٍ
أُحذِّرُ أَهلَ الأرضِ حَدَّ ابنِ طالبٍ / فما زال مشحوذاً على من يصاحبُ
وقد جُرِّبتْ منهُ على آلِ مَخْلدٍ / تجاربُ ليستْ مثلهنَّ تجاربُ
أزيرِق مشؤومٌ أحيمرُ قاشِرٌ / لأصحابه نحسٌ على القوم ثاقبُ
وهل أَشْبهَ المرِّيخَ إلا وفعلَهُ / لفعلِ شبيهِ السوءِ شِبهٌ مقاربِ
أعوذ بعزّ اللَّه من أن يضمَّني / وإيّاهُ في الأرض البسيطة جانبُ
شبيهُ قُدارٍ بل قدارٌ شبيهُهُ / وإن قيل كلِّيمٌ وإن قيل كاتبُ
وهل يتمارَى الناسُ في شؤم كاتبٍ / لعينيه لونُ السيفِ والسيفُ قاضبُ
ويُدعَى أَبوه طالباً وكفاكُمُ / به طِيرةً أن المنيّةَ طالبُ
ألا فاهرُبوا من طالبٍ وابنِ طالبٍ / فمِن طالبٍ مثليْهما طارَ هاربُ
أيا شجراً بين الرَّسيس فعاقلٍ
أيا شجراً بين الرَّسيس فعاقلٍ / منحتُك ذمّي صادقاً غيرَ كاذبِ
نَدَيتَ ولم تورق ولستَ بمُثمر / فكن غَرَضاً مستهدَفاً للنوائبِ
فما فيك من ظل لغُلِّ ظهيرةٍ / وما فيك من جدوى لجانٍ وحاطبِ
وفيك على حرمانك الخيرَ كلَّه / من الشوك ما لا وَكْنَ فيه لآئبِ
وأحسب ذاك الشوك لا شك بينه / أَفاعٍ فلا أُسقيتَ صوبَ السحائبِ
على الطائر الميمون والسعدِ فاركبِ
على الطائر الميمون والسعدِ فاركبِ / نجوتَ بإذن اللَّه من كل مَعْطَبِ
وتاب إليك الدهرُ من كل سيِّئٍ / وأعتَبَك المقدارُ ياخيرَ مُعتَبِ
رأى الدهر أنْ لم يهتضم غير نفسهِ / فأقصرَ عمَّا كان غيرَ مؤنَّبِ
بلى قد رماه الناسُ من كلّ جانبٍ / بتأنيبهم إيَّاه رميَ المُحَصَّبِ
ولم ينهَهُ التأنيبُ بل جودُ قادرٍ / رأى أنه منهُ على حدّ مَغضَبِ
وأبصر في إقصارهِ عنك رُشدَهُ / بعاقبةٍ من رأيه المُتعقَّبِ
فكُلْ من ثمارِ العيش أطيبَ مأكلٍ / وَرِدْ من حياض العيش أعذبَ مشربِ
وعش مائةً موفورةً في سعادةٍ / ونعماءَ لا يغتالُها نحسُ كوكبِ
إذا ما رأيتَ الدهرَ بستانَ مشمشٍ
إذا ما رأيتَ الدهرَ بستانَ مشمشٍ / فأيْقِنْ بحقٍّ أنَّهُ لِطَبيبِ
يُغِلُّ له ما لا يُغِلُّ لربهِ / يُغِلّ مريضاً حَمْلُ كلِّ قضيبِ
أما يستديمُ المرءُ نعمةَ ربّهِ
أما يستديمُ المرءُ نعمةَ ربّهِ / بإكرامِ أحرارِ الرجالِ ببابِهِ
ويعلم أنَّ الحمدَ والذمَّ للفتى / حذيَّتُهُ في إذنه وحجابِهِ
عجبتُ لمن لَم يَنوِ خَيراً لزائرٍ / ولا بذلَ ما يبغيه من غَلْقِ بابِهِ
وأعجبُ من هذا إباحَةُ عرضهِ / بصَوْن خَسيسَيْ طُعمهِ وشرابِهِ
على عاقدِ الزُّنارِ تحت قضيبِ
على عاقدِ الزُّنارِ تحت قضيبِ / من البانِ مَيَّادٍ وفوق كثيبِ
سلامُ محبٍّ نازحِ الدارِ شَفَّهُ / وأقرحَ عينيهِ فراقُ حبيبِ
سَمِيٌّ لمن أمسى شبيهاً لوجههِ / قريبٌ هواهُ وهو غيرُ قريبِ
تحكَّمَتِ الأيامُ في ذات بيننا / فقلَّلْنَ منه بالفِراق نصيبي
ولي عَبرةٌ موصولةٌ بنحيبِ / ونفسٌ عليه الدهرَ ذاتُ وجيبِ
وقلبٌ نأى عنهُ السُّلُوُّ فسُقمُهُ / طويلٌ قَدَ اَعْيا طبَّ كلِّ طبيبِ
أحِبَّايَ كم لي نحوكم من تحيّةٍ
أحِبَّايَ كم لي نحوكم من تحيّةٍ / أحَمِّلُها هبَّاتِ كُلِّ جَنوبِ
فلا تتركوا ردَّ السلام إذا جرتْ / شمالٌ على نائي المحلِّ غريبِ
غريبٌ له نفسانِ نفسٌ بواسطٍ / ونفسٌ بسامرَّا بكفِّ حبيبِ
تقسّمتِ الأَسقامُ أعضاءَ جسمِهِ / ففي كلّ عضوٍ مَألفٌ لكئيبِ
وليس بشافيهِ من الجَهْد والضّنى / سوى شَرْبةٍ من ريق غيرِ مُثيبِ
وشَمِّ جنِيِّ الوردِ من وجناتهِ / وأخذٍ لهُ من قُربهِ بنصيبِ
وما قَتلُ بعضِ الحيِّ بعضاً بناهكٍ
وما قَتلُ بعضِ الحيِّ بعضاً بناهكٍ / قُواهُ إذا ما جاء حيٌّ يحاربُهْ
وما لطُم بعضِ الموجِ في البحرِ بعضَه / بمانِعهِ تغريق من هو راكبُهْ
فأما ابنُ بورانَ الذي تذكرونَه
فأما ابنُ بورانَ الذي تذكرونَه / فليس سوى اسمٍ مُفترى مُتكَذَّبِ
ورُبَّ مُسمّىً لا حقيقةَ لاسمهِ / كعِرسٍ وآوى أو كعنقاءِ مُغرِبِ
وقفنا فلولا أننا راضنا الهوى
وقفنا فلولا أننا راضنا الهوى / لهتَّكنا عند الرقيب نحيبُ
وفي دون ما نلقاهُ من ألم الهوى / تُشقُّ جيوبٌ بل تشقُّ قلوبُ
ولما بَصُرنا بالرقيب ولحظهِ / ولحظي على عين الرقيب رقيبُ
صددنا فكلُّ قد طوى تحت صدرِهِ / فؤاداً لهُ بين الضلوع وجيبُ
نبتْ عينها عن عاشقٍ قَبَّحتْ لها
نبتْ عينها عن عاشقٍ قَبَّحتْ لها / محاسنَهُ المسكينَ آثارُ حبِّهِ
فقالت لها أترابها حين أعرضت / بذنبكِ عاقبتِ الفتى لا بذنبِهِ
هواكِ الذي أبلاهُ حتى شنِئْتِهِ / وحتى رأيتِ الموتَ عِدْلاً لقربِهِ
وقد تُسلميهِ للمنيّةِ بعدما / ذهبتِ بحلو العيش منه وعذبِهِ
لعمري لقد عوَّلتَ يوم تحمّلوا
لعمري لقد عوَّلتَ يوم تحمّلوا / على هاطلٍ من دمع عينك ساكبِ
فلم تَبْرُدِ العينانِ بالدَّمع حُرقةً / ولم تُطفئا حرَّ الهوى المتراكبِ
وأبرح شيءٍ فُرقةٌ بعد أُلفةٍ / وفقدُكَ من عُلِّقت بعد التقاربِ
إذا جئتُ أشكو ما بقلبي من الأسى
إذا جئتُ أشكو ما بقلبي من الأسى / إلى مؤنسي أبدى القلى وتغضَّبا
وأظهر لي بعد الوصالِ تجنِّياً / فأصبرُ خوفاً منهُ أن يتجنَّبا
وأكتُمُه وجدي وأُجملُ صبوتي / وأخضع كي يرضى وإن كان مذنبا
وفي القلبِ نارٌ من تخوُّف غدرِهِ / تزيدُ على مرّ الليالي تلهُّبا
وفي أربعٍ منّي خَلَتْ منك أربعٌ
وفي أربعٍ منّي خَلَتْ منك أربعٌ / فلستُ بدارٍ أيَّها هاجَ لي كربي
أوجهُك في عيني أم الريقُ في فمي / أم النطقُ في سَمعي أم الحب في قلبي
وقد كنت ذا حالٍ أطيلُ ادِّكارها
وقد كنت ذا حالٍ أطيلُ ادِّكارها / وإرعاءَها قلبي لأهتزَّ مُعْجبا
فُبدِّلتُ حالاً غير هاتيك غايتي / تناسِيَّ ذكراها لتغرُبَ مغربا
وكنت أُدير الكأس ملأى رَويّةً / لأجذْلَ مسروراً بها ولأَطربا
وكانت مزيداً في سروري ومُتعتي / فأضحتْ مفرّاً من همومي ومَهربا
ولما رأيتُ الدهرَ يؤذنُ صرفُهُ
ولما رأيتُ الدهرَ يؤذنُ صرفُهُ / بتفريق ما بيني وبين الحبائبِ
رجعت إلى نفسي فوطنتُها على / ركوب جميل الصبر عند النوائبِ
ومن صحِبَ الدنيا على جَوْرِ حُكمها / فأيّامُهُ محفوفةٌ بالمصائبِ
فخذ خُلسةً من كلّ يومٍ تعيشُهُ / وكن حذراً من كامناتِ العواقبِ
ودع عنك ذكَر الفألِ والزجر واطَّرح / تَطيُّر جارٍ أو تفاؤلَ صاحبِ
وزهَّدني في الناس معرفتي بهم
وزهَّدني في الناس معرفتي بهم / وطُول اختياري صاحباً بعد صاحبِ
فلم تُرِني الأيامُ خِلّاً يسرُّني / بَواديه إلا ساءني في العواقبِ
ولا صِرتُ أدعوهُ لدفعِ ملمّةٍ / من الدهر إلا كان إحدى النوائبِ
تجنَّتْ فقال الكاشحونَ تجنَّتِ
تجنَّتْ فقال الكاشحونَ تجنَّتِ / وضنَّت فقال الناس ويحك ضَنَّتِ
فقلتُ لهم لا تعجلوا بملامتي / فلم تَأتِ ما قُلْتُمْ ولكن أَدلَّتِ
إذا أنتِ جانبتِ الغداة مسرَّتي / وواليتِ أعدائي فأنتِ عَدُوَّتي
سَتَدْرين كيف الهجرُ لو قد أردتُهُ / وإن كنتِ سؤْلي في الحياة ومُنْيَتي
رأيتُ عبيدَ الله في كلّ ليلةٍ
رأيتُ عبيدَ الله في كلّ ليلةٍ / تبيتُ الأيور العُجْرُ حَشْوَ حقيبتِهْ
هنيئاً له إن البغاءَ بليةٌ / تعجَّلَهَا في عُنفوانِ شَبيبتِهْ
بخيلٌ على إخوانهِ غيرَ أنهُ / يجود على من ناكَهُ بخَريبتِهْ
جبانٌ ولكنَّ استَهُ ذاتُ جرأةٍ / ولو لَقِيتْ عمرو القنا في كتيبتِهْ
هو البحرُ حدِّث عنه كلَّ عجيبةٍ / فليس على المُغتاب وزرٌ بغيبتِهْ
فيا ربنا أكرِمْ أباه بثُكلهِ / ووالله ما يَسْوَى ثوابَ مصيبتِهْ