القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : أبو حَيّان الأندَلـُسي الكل
المجموع : 149
وَلَمّا طَغى الإِنسانُ سَلَّطَ رَبُّهُ
وَلَمّا طَغى الإِنسانُ سَلَّطَ رَبُّهُ / عَلى نَفسِهِ مِن نَفسِهِ عُضوَهُ الفَردا
فَأَعقَبَهُ ذُلاً وَفَقراً وَأَفرُخاً / صِغاراً ذَوي جُوعٍ يكدُّونَهُ كَدّا
فَأَقبِح بِها مِن شَهوَةٍ كانَ أَصلُها / مُقَدِّمَة الإِستَينِ أَنتَجَتا وُلدا
تَفانَيتُ قِدماً في هَوى كُلِّ أَغيَد
تَفانَيتُ قِدماً في هَوى كُلِّ أَغيَد / لَطيفِ التَثَنّي نادِرَ الحُسنِ مُفرَدِ
وَما عَلِقَت روحي دَنِياً وَإِن يَكُن / جَميلاً وَلَكن ذا جَلالٍ وَسُؤدَدِ
وَكانَ اِبتِدائي أَن هَويتُ محمداً / فَصارَ اِختِتامي في الهَوى بمحمدِ
وَبِالأَعيُنِ السُودِ أُفتُتِنت فيا لَها / سواجي قَد حَرّكنَ شَوقاً لمكمدِ
وَعلّقتُهُ صَعبَ المقادَةِ آبياً / كَثيرَ التَوقي صَيِّنا ذا تَشَدُّدِ
كَريمٌ بِتَأنيسٍ وَتَحديثِ ساعَةٍ / بخيلٌ بِتَقبيلٍ وبِاللَمسِ بِاليَدِ
وَجاذبتُهُ يَوماً فَفَرَّ كَأَنَّهُ / غَزالٌ رَأى منّي اِحتيالَ التَصَيُّدِ
فَلاطَفتُهُ حَتّى اِستَكانَ وَما دَرى / بِأَنَّ الدَنايا لا تَحُلُّ بِمعقَدِ
مُرادِيَ مِنهُ ما يُريدُ وَقَد كَفى / تعهدُّهُ قَلبي بأُنسٍ مُجَدَّدِ
وَرُؤيةُ عَيني البَدرَ عِنديَ طالِعا / وَتَشنيفُهُ سَمعي بدُرٍّ مُنَضَّدِ
وَعلمُ حَبيبي أَنَّني لَستُ تارِكاً / هَواهُ وَلَو أَنّي أَحُلُّ بِملحدي
أُنادِمُ مِنهُ مِلءَ عَيني مَلاحَةً / وَأَلحَظ مِنهُ الشَمسَ حَلَّت بِأَسعَدِ
وَأَقطُفُ مِن آدابِهِ الزَهرَ يانِعاً / وَأشتمُّ رَيحاناً بِخَدٍّ مُوَرَّدِ
وَها أَنا ذا قَد رُحتُ عَنهُ مُوَدِّعا / فَيا لَيتَ شِعري هَل لَهُ بَعدُ أَغتَدي
شَغِفتُ زَمانِي بِالعُلومِ وَلَم يَكُن
شَغِفتُ زَمانِي بِالعُلومِ وَلَم يَكُن / لِروحِيَ مَيلٌ لِلكَواعِبِ عَن قَصدِ
وَجَمَّعتُ مالاً راحَ في غَير لَذةٍ / فَأعقَبَني فَقديهِ وَجداً عَلى وَجدِ
وَأَنتَجت أَفراخاً مَضوا لِسَبيلهم / عَلى حينِ نَقلٍ مِن سَريرٍ وَمِن مَهدِ
وَبُلِّغتُ مِن عُمري ثَمانينَ حِجَّةً / وَثنتينِ أُمسِي دائِماً نائِماً وَحدِي
فَقَلبيَ مُسوَدٌ وَليلي مِثلُهُ / سواداً فَجاءوني بِمسوَدَّةِ الجلدِ
فَصِرنا ثَلاثاً ظُلمَة مَع ظُلمَةٍ / عَلى ظُلمَةٍ تَتلُو لَنا ظُلمةُ اللَحدِ
وَدُنياهُمُ ما نِلتُ مِنها نَعيمَها / وَأَرجُو نَعيماً دامَ في جَنَّةِ الخُلدِ
وَكَلَّفتَني أَمراً لَو انَّ أَقلَّهُ
وَكَلَّفتَني أَمراً لَو انَّ أَقلَّهُ / يكلَّفُهُ ثَهلانُ كادَ يَميدُ
إِعادة ماضٍ وَاستدامَةَ حالَةٍ / وَتحصيلَ آتٍ إِنَّ ذا لَشَديدُ
تَصَرَّفتُ في ماضٍ وَآتٍ وَحاضِرٍ / كَأَني فِعلٌ بانَ عَنهُ جُمُودُ
وَما زالَ بي التَشبيهُ حَتّى تَظافَرَت / مَوانِعُ صَرفٍ ما لَهنَّ مَحيدُ
فَلَيتَ اِنصِرافي في مِكانِ تَصَرُّفي / فَيَنقصُ ذا عَنّي وَذاكَ يَزيدُ
وَقالوا أَبو حَيانَ قَد نالَ رُتبَةً
وَقالوا أَبو حَيانَ قَد نالَ رُتبَةً / سَيركبُ فيها بَغلَةً وَيَزيدُ
وَما كُنتُ أَزهى بِالَّذي صِرت نائِلاً / وَلا أَنا مِمَّن بالبغالِ يَسودُ
أَأَرجو حَياةً بَعدَ فَقدِ زُمُرُّدِ
أَأَرجو حَياةً بَعدَ فَقدِ زُمُرُّدِ / وَكانَت بِها روحي تَلَذُّ وَتَغتَذِي
زُمُرُّدُ قَد خَلَّفتِ للصَّبِّ لَوعَةً / وَحُزناً بِقَلبي آخِذاً كُلَّ مَأخَذِ
رَمَيتِ بِسَهمٍ وَسطَ قَلبٍ مُجَرَّحٍ / كَأَنَّ بِهِ وَقعَ الحُسامِ المُشَحَّذِ
فَحَصَّنتُهُ بِالصَبرِ فيكِ وَعِندَما / نَبَضت أَتاه السَهمُ مِن كُلِّ منفَذِ
فَمِن مُقلَتي تَسهادُ جَفنٍ كَأَنَّما / يَمُرُّ عَلَيهِ اللَيلُ جلدةَ قُنفُذِ
وَمِن مَسمَعي صَغوٌ لِصَوتك دائِماً / وَمِن معطَسي تَوقٌ إِلى عَرفِكِ الشَذِي
وَمِن مَبسَمي أَنفاسُ نارٍ تَردَّدَت / عَلى كَبِدٍ حَرّى وَعَقلٍ مُؤَخَّذِ
بِهِ لَمَمٌ قَد مَسَّهُ وَتَخَبُّطٌ / فَلا بالرُقى يُهدى وَلا بِالتَعوُّذِ
تقدّمها بنتي نَضيرةُ بِنتها / وَقَد جُمِعا في مُلحدٍ لَم يُسرَّذِ
وَكُنّا الَّذي مَع وَصلَةٍ لي وَعائِدٍ / وَقَد حُذفا لَم يَبقَ مِنها سِوى الَّذي
وَزينةِ حِلم عَقلُها ثابِتٌ فَلا / تَأثرُ مِن إِيهامِ كُلِّ مُشَعوذِ
وَحازَت لِحُسنِ الخَلقِ خُلقاً مُدَمَّثاً / وَلينَ كَلامٍ طاهِرٍ لَيسَ بِالبَذي
فَما دَنَّسَت فاها بِغيبَةِ غائِبٍ / وَلا مَنَعَت رفداً لِمَن جاءَ يَحتَذي
وَتعرف أَجناسَ المَبيعِ جَميعه / وَأَثمانه مِن فَحمَةٍ للزُمُرُّذِ
وَإِن جاءَ كَحّالٌ وَذو الطب نَحوَها / تُباريهما فَأَذعنا للتَّتلمُذِ
تَغيَّر ذِهني بَعدَ جِسمي / فَعَقليَ لَم يَقبل عَزائمَ عوَّذِ
وَجسمي إِذا رُمتُ اِضطِجاعاً لِراحَةٍ / يَقلَّب عَلى جَمرِ الغَضا ثُم يَحتَذي
وَإِن رُمتُ نَهضاً لِلقيام فَأَخمَصِي / أَراهُ كَأَن شَوكُ القَتادِ بِهِ حُذي
وَإِن أَنا حاوَلتُ القُعودَ تَواتَرَت / هُمومٌ مَتى تَعلَق بِروحِيَ تَجبذِ
فَقَلبيَ في حُزنٍ وَعَينيَ في بُكا / فَيا لَكَ شَجواً بينَ ذا قَد ثَوى وَذِي
جَميلةُ خَلقٍ سَهلةُ الخُلقِ لينةٌ / رَقيقَةُ قَلبٍ ثاقِبِ الذهنِ أَحوَذي
أَجدك لَن تُصغِي لِشاكٍ مُوَلَّهٍ / جَريحِ فُؤادٍ فيكَ ذي مَدمَعٍ قَذي
تَباخَلتِ حَتّى الطيفُ لَيسَ بِزائِرٍ / لَدى هَجعَةٍ ساهِي الفُؤادِ مُجَذَّذِ
يَقي صالِحٌ وَأَحمَدُ وُمُحَمَّدٌ / وَبلقيسُ كَالأَيتامِ بَعدَ زُمُرُّذِ
وَكانَت لَهُم أُمّاً حَنوناً وَجَدَّةً / شَفوقاً تُشَهِّيهِم بِكُلِّ تَلَذُّذِ
وَتَختارُ أَنواعَ المَطاعِمِ سُكّرٍ / وَحَلوى وَبانيذٍ لَهُم وَطَبَرزَذِ
رَوَت مِن أَحاديثِ الرَسولِ مَسانِداً / وَكانَ لَها روحٌ بِتَسماعِها غُذي
صَحيحَ بُخارِيٍّ وَمسندَ دارمٍ / بِسَمعِ إِمامٍ ثابتِ النَقلِ جَهبَذِ
وَرَوَّت بِبَيتِ اللَهِ وَالقُدسِ ما رَوَت / لِمصريٍّ أَو شاميٍّ أَو مُتَبَغدِذِ
وَحجَّت وَزَارَت مَرَّتَينِ وَقَدَّست / وَما يَكُ مِن بِرٍّ تُعجِّل وَتنفِذِ
قَضى اللَهُ أَن عاشَت وَماتَت سَعيدَةً / وَلَيسَ امرؤٌ مِما قَضاهُ بِمنفَذِ
مَضَت وَلَها ذكرٌ جَميلٌ مُخَلّدٌ / ثَناء كَعَرف المسكِ وَالعَنبَرِ الشَذِي
إِلى العالَمِ العُلويِّ راحُوا بِروحِها / لِروح وَرَيحانٍ وَجَنَّةِ مغتَذِ
وَلَم تَكتَرِث يَوماً بِلِبسٍ وَزينَةٍ / وَحَليٍ فَتَبدو في النَعيمِ المُلَذّذِ
وَلَكن بِجودٍ وَاحتِمالٍ يَزينُها / بِنَفحٍ لِذي فَقرٍ وَصَفحٍ عَن البَذي
مُطَهرةٌ لَفظاً وَقَلباً وَبَرَّةٌ / مُبَرَّأةٌ عَن كُلِّ ما قادحٍ رَذي
فُتِنتُ بِمَن لَو نورُها لاحَ لِلوَرى
فُتِنتُ بِمَن لَو نورُها لاحَ لِلوَرى / لأَغناهُم عَن بَهجَة الشَمسِ وَالقَمَر
فَتاة مِن الفردوسِ فَرَّت إِلى الدُنى / لِيُعلَمَ ما فيها مِن الحُسنِ في الصُوَر
كَأَنَّ النَقا وَالغُصنَ وَالبَدرَ وَالدُجى / مَعاً رِدفُها وَالقدُّ وَالوَجهُ وَالشَعَر
أَجَنَةُ عَدنٍ قَد بَدا لي حورها
أَجَنَةُ عَدنٍ قَد بَدا لي حورها / أَم الخَيمَةُ الزَرقاءُ لاحَت بدُورُها
أَم المُقلَةُ الوَسنى تَزورُ حَبيبَها / فَلَمّا اِنثَنَت يَقظَى تَبيَّنَ زُورُها
فُتِنّا بِآرامٍ دَواعي صَبابَةٍ / سَواجِي لِحاظٍ قَد سَبانا فُتورُها
أَوانسَ فارَقنَ الكِناسَ فَأَصبَحَت / نَوافِرَ قَد عَزَّت عَلى مَن يَزُورُها
يُدِرنَ مِن الأَحداقِ أَقداحَ قَهوَةٍ / ثَمِلنا بِها لَكن عَدانا سُرورُها
وَيَنصُبنَ بِالأَهدابِ إِشراكَ فِتنةٍ / تَصيدُ بِها الآسادَ بادٍ زَئيرُها
وَأَسفَرنَ عَن مِثلِ الشُموسِ طَوالِعاً / بِأَعيُنِ عِينٍ عَزَّ مِنها نُفورُها
وَهَب أَنَّ أَغصانَ النَقا شِبهُ قَدِّها / فَأَنّى لَها مُرخىً عَلَيها شُعورُها
تَلَفَّعنَ في داجٍ مِن الوَحفِ سائِلٍ / إِلى كَعبِها يَنجرُّ مِنها صَغيرها
فَمَن يَسرِ خَلفاً ضَلَّ في ظُلمَةٍ وَمَن / يَسيرُ أَماماً فَهوَ يَهديهِ نورُها
وَيَبهرنَ كُلَّ النَيِّراتِ بِغُرَّةٍ / تَلألأ مِنها ضوؤُها وَسُفورُها
وَيُقعِدنَها الأَردافُ رَيّا ثَقيلَةً / فَتنهِضُها ظَمأى خِفافاً خُصورُها
وَتَجلو لآلي ثَغرِها وَتمجّها / جَنى شَهدَةٍ أَضحى الأَراك يَشورُها
أَظَبيَ الفَلا قُل لِي بِأَيَّةِ حيلَةٍ / تَحيَّلتَ حَتّى عَينها تَستَعيرها
وَيا دُرَّةَ الغَوّاصِ زِدتَ مَلاحَةً / إِلى العَين لَمّا أَشبَهتك ثُغُورُها
وَيا حقّي العاجِ الَّذي اِزدانَ حِلةً / مَتى أَمكَنَت مِن خَرطِ نهدٍ نُحُورُها
أَبى نَهدُها مِن مَسِّ وَشيٍ لِجسمِها / كَذا الرِدفُ يَأَبى مَسَّ وَشيٍ ظُهورُها
أَثَرنَ بِقَلبي لَوعَةً إِثرَ لَوعَةٍ / كَذَلِكَ حُبُّ الغانياتِ يُثِيرُها
وَمَلّكتُ روحي لِلحَبيبِ تَطَوُّعاً
وَمَلّكتُ روحي لِلحَبيبِ تَطَوُّعاً / فَها أَنا ذا ساخٍ بِهِ وَهوَ ساخِرُ
وَيا عَجَباً أَنّي أُسَرُّ بِحُبِّه / وَروحيَ عَن جُثمانِيَ اليَومَ سائِرُ
تَقَسَّمت الأَزمانَ فيهِ مَحَبَّتي / فَوَجدِي بِهِ ماضٍ وَآتٍ وَحاضِرُ
وَقابَلَني بِالحُسنِ أَبيَضُ ناعِمٌ
وَقابَلَني بِالحُسنِ أَبيَضُ ناعِمٌ / وَأَسمَرُ حُلوٌ أَصبَحا فِتنَةَ الوَرى
فَذا سَلَّ مِن جَفنَيهِ للضَربِ أَبيَضاً / وَذا هَزَّ مِن عِطفَيهِ لِلطَعنِ أَسمَرا
وَقَد صارَ لي شُغلٌ بِحبيهِما مَعاً / فَأَيُّهما يَنأى فَصفوي تَكَدَّرا
وَإِن يَقرُبا كانَت حَياتي لَذيذَةً / وَإِن يبعُدا عَنّي أَرى المَوتَ أَحمَرا
فَيا لَيتَ قَلبي قَد تَعَنّى بِواحِدٍ / فَيَغنى بِه لَكن فُؤادِي تَشَطَّرا
فَشَطرٌ لَدى مَن لا شُعورَ لَهُ بِهِ / وَشَطرٌ لَدى ريمٍ دَرى مِنهُ وَما دَرى
فَيا عَجَباً للصَّبِّ قَسَّمَ قَلبَه / هَوى اِثنينِ هَذا القَلبُ أَعجَبُ ما يُرى
تَذكَّرَ بُعداً مِن نُضار فَما صَبر
تَذكَّرَ بُعداً مِن نُضار فَما صَبر / حَليفُ أَسىً رامَ السُلُوَّ فَما قَدَر
فَأَضرَمَ ناراً في الحَشا قَد تَسعَّرَت / وَأَمطَرَ شُؤبوبُ المَدامعِ كَالمَطَر
نضارُ لَقَد أَسقَيتِني كأسَ لَوعَةٍ / هِيَ الصبرُ المَكروه أَو طَعمُها أَمَر
نضارُ لَقَد خَلَّفتني ذا مَصائِبٍ / إِذا شَرَعَت تَنأى تَداعَت لَها أُخَر
نضارُ اِعلَمِي أَنّي بِقَلبي وَقالِبي / لَدَيكِ مُقيماً لا يَقُرُّ لِيَ السَفَر
وَأَتلُو كِتابَ اللَهِ سِرّاً وَجَهرَةً / عَلَيكِ وَأَدعُو بِالأَصائِلِ وَالبُكَر
وَأَبكيكِ ما إِن دامَ بِالجِسمِ روحُهُ / وَما لاحِقِي يَوماً مَلالٌ وَلا ضَجَر
وَلَستُ كَمَن بَكّى حَبيبَيهِ حِقبَةً / فَقالَ وَقَد مَلَّ البُكا مِنهُ وَالسَهَر
إِلى الحَولِ ثُمَ اسمُ السَلامِ عَلَيكُما / وَمَن يَبكِ حَولاً كامِلاً فَقَد اِعتَذَر
وَلَكِنَّني أَبكيكِ إِذ نَلتَقي مَعاً / فَتُبصِر عَيني وَجهَكِ الزاهرَ القَمَر
وَأَحظى بِحُسنٍ مِن حَديثكِ إِنَّما / حَديثُكِ أُنسُ القَلبِ وَالسَمعِ وَالبَصَر
وَما كَنُضارٍ في البَناتِ وَما لَها / شَبيهٌ يُرى لا في البَداوَةِ وَالحَضَر
رَزينَةُ عَقلٍ لَو يُقاسُ بِمثلِها / حِجىً كانَت الياقوت قَد قِيس بِالحَجَر
وَتَلاءةٌ آيَ القُرآنِ يَزينُها / فَإِعرابُهُ زَين القِراءةِ بِالدُّرَر
وَرِاويةٌ عَن سَيِّدِ الرُسلِ ما رَوَت / ثِقاتٌ بِما قَد صح مِن مُسنَدِ الخَبَر
وَكاتِبَةٌ خَطّاً يَزينُ يَراعَها / بَراعَتُهُ فيهِ اِبتِهاجٌ لِمَن نَظَر
وَلَيسَت مِن اللآئي شُغلنَ بِزينَةٍ / فَتكحَلَ مِنها العَينُ أَو تَلبَسَ الحَبَر
وَلَكن لَها شُغلٌ بِأَجرٍ تُعِدُّهُ / لِيَوم معادٍ حينَ ينفَخُ في الصُوَر
إِغاثةُ مَلهوفٍ وَإِطعامُ جائِعٍ / وَكُسوَةُ عارٍ وَانتِفاعٌ بِلا ضَرَر
أَلا رَحِمَ الرَحمَنُ نَفساً زَكِيَّةً / لَدى العالمِ العُلويِّ كانَ لَها مَقَر
نَداكَ هُوَ البَحرُ الخِضَمُّ لآمِلٍ
نَداكَ هُوَ البَحرُ الخِضَمُّ لآمِلٍ / أَلَستَ تَراهُ الدَّهر يَلفِظُ بِالدُّرِّ
وَقالوا نَدى كَفَّيكَ سُحبٌ هَواطِلٌ / أَما علِموا أَنَّ السَحابَ مِن البَحرِ
أَنارَت مُحَيّاً إِذ دَجا مِنهُ فرعه
أَنارَت مُحَيّاً إِذ دَجا مِنهُ فرعه / وَأَخصَبَ مِنها الرِدفُ إِذ أَجرد الخَصرُ
إِذا ما مَشَت تَختالُ بَينَ لِداتِها / رَأَيتَ مَلاكَ الدَّجنِ تَكنَفُهُ الزَّهرُ
وَأَعجَبُ مِن ضِدَّينِ فيَّ تَجمَّعا / فَمِن مُقلَتي قَطرٌ وَمِن مُهجَتِي جَمرُ
هَنيئاً لِزَينِ الدينِ بِالفَرَحِ الَّذي
هَنيئاً لِزَينِ الدينِ بِالفَرَحِ الَّذي / بِهِ جُلِيَت شَمسُ الضّحاءِ عَلى البَدرِ
أَنارَت بِهِ الأَفلاكُ حَتّى أَثيرُها / بِغُرَّةِ بَدرٍ لاحَ في لَيلَةِ القَدرِ
وَسُرَّ بِهِ الأَحبابُ إِذ سارَ نَحوَهُم / طَعامٌ مِن المَشويِّ أَو مُنضَجِ القِدرِ
وَمِن صادقِ الحَلواءِ زانَت صُدورُها / صدورَ أُناسٍ في الأَنامِ سِوى صَدري
وَخُصُّوا بِها دُوني وَأُهمِلتُ مِنهُم / وَذا شيمَةٌ مِنكُم عَرَفتُ بِها قَدري
حُروفُهُم أَصلٌ وَحَرفي زائِدٌ / كَأَنّي وَاوٌ أَلحِقَت مُنتَهى عَمرُو
عَلى أَنَّني ذاكَ الخَليلُ الَّذي غَدا / مُفيداً لآدابٍ بَريئاً مِن الغَدرِ
هَنيئاً لَكَ النَجلُ السَعيدُ الَّذي بِهِ
هَنيئاً لَكَ النَجلُ السَعيدُ الَّذي بِهِ / سَعدِنا لَقَد وافاكَ بِالبِشرِ وَالبُشرى
لَئِن كُنتَ قَد جَفَّت بِرَوضِكَ زَهرَةٌ / فَقَد أَطلَعَ الرَحمَنُ في أُفقِكُم بَدرا
وَبِالقَلبِ ريمٌ لا يَريمُ وِدادُهُ
وَبِالقَلبِ ريمٌ لا يَريمُ وِدادُهُ / وَلَو أَنَّهُ ما عِشتُ يَجفو وَيَهجُرُ
مِن التُركِ إِن قابَلتَ فَالبَدرُ طالِعٌ / لِنِصفٍ وَإِن قاتَلتَ فَاللَيثُ مخدَرُ
تناسَبَ مِنهُ الخَلقُ أَمّا قِوامُهُ / فَغُصنٌ وَلَكن بِالأَهِلَّةِ يُثمِرُ
وَيُشرِعُ لي مِن قَدِّهِ سَمهَرِيَّةً / وَلَكن سِنانُ السَمهَرِيَّةِ أَحوَرُ
تَعِبتُ وَقَد حصَّلتُ أَشياءَ جَمَّةً
تَعِبتُ وَقَد حصَّلتُ أَشياءَ جَمَّةً / مِن العلمِ قَد أَعيَت عَلى الجَهبَذِ الحبرِ
حَديثٌ وَقُرآنٌ وَنحوٌ منقّحٌ / وَفقهٌ وَآداب مِن النَظمِ وَالنَثرِ
وَقَد جُلتُ ما بَينَ الحِجاز وَمَغرِبٍ / وَأَندَلُسٍ مَع مِصرَ في البَرِّ وَالبَحرِ
فَلَم أَرَ في الدُنيا اِمرءاً هُوَ يُرتَجى / لِنَفعٍ وَلا يُدعى ليَكشِفَ من ضرِّ
أَبا الفَضل كَم هَذا التَجنّي وَإِنَّما
أَبا الفَضل كَم هَذا التَجنّي وَإِنَّما / يَليقُ بِغِرٍّ خائِفِ القَنصِ نافِرِ
وَأَنتَ بِقَلبي لا تَزولُ وَإِنَّما / يَفوتُ لِعَينِي مِنكَ لَذَّةُ ناظِرِ
وَكُنتُ وَمِن حالي تَأَنُّسُ واصِلٍ / وَصِرتُ وَمِن حالي توحُّشُ هاجِرِ
تَدارَك حَبيبي خَلَّةً قَد أَضَعتُها / وَزُرني وَلَو بِالطَيفِ خَطفَةَ زائِرِ
وَإِن لَم تَزُر شَخصاً فَأُنسٌ بِأَحرُفٍ / عَلى وَرَقٍ يَقنَع بِذلِكَ خاطِري
إِذا صِلَةٌ وافَتكَ مِن صاحِبٍ فَكُن
إِذا صِلَةٌ وافَتكَ مِن صاحِبٍ فَكُن / لَهُ شاكِراً إِذ كُنتَ مِنهُ عَلى ذِكرِ
وَإِنّي لأَعتَدُّ اليَسيرَ مِن النَدى / وَأُتبِعُهُ بِالحَمدِ مِنّي وَبِالشُكرِ
فُتِنتُ بِنَشّابِيٍّ اختارَ شُغلَهُ
فُتِنتُ بِنَشّابِيٍّ اختارَ شُغلَهُ / بِصَنعَتِهِ خَوفَ العُيونِ النَواظِرِ
أَعَدَّ لِرائيهِ نَشاشيبَ مَن يُصَب / بِواحِدَةٍ مِنها يَرح لِلمَقابِرِ
وَقَد نَشِبَت في حُبِّهِ أَنفُسُ الوَرى / فَمِن مالِكٍ وَجداً وَآخر صابِرِ
نَظَرتُ إِلَيهِ وَهوَ يَنحَتُ أَسهُماً / فَخِفتُ كَأَن قَلبِي لَهُ قَلبُ طائِرِ
وَقَد كُنتُ لا أَقوى لِسَهمِ لِحاظِهِ / فَكَيفَ لِنُشّابٍ وَسَهمِ المَحاجِرِ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025