المجموع : 28
لَكِ الخَيرُ هَل أَنساك شَحطُ النَوى عَهدا
لَكِ الخَيرُ هَل أَنساك شَحطُ النَوى عَهدا / فَيُولِيكِ هَجراً مِثلَ هَجرِكِ أَو بُعدا
أَمِ الوُدُّ باقٍ لَم يَحُل فَنَزِيدَكُم / عَلى ما عَهِدتُم مِن مَوَدَّتِنا وُدّا
رَمى اللَهُ تَفرِيقَ الأَحِبَّةِ باسمِهِ / وَعَذَّبَ بِالبُعدِ القَطِيعَةَ وَالبُعدا
أُحِبُّ اللَواتي حُبُّهُنَّ بَلِيَّتي / فَما أَصدَقَ الحُبَّ الشَهِيَّ وَما أَعدا
يَمُرُّ تَجَنِّيهِ وَيَحلُو عَذابُهُ / فَيا لَيتَنِي ما ذُقتُ صاباً وَلا شَهدا
وَيا لَيتَنِي خِلوٌ مِنَ الوَجدِ لَم أَهِم / بِجُملٍ وَلَم أَعرِفِ سُعاداً وَلا هِندا
عَفائِفُ أَوصَلنَ الشَبِيبَةَ بِالمُنى / إلى الشِيبِ لا دَيناً قَضَينَ وَلا وَعدا
يُمَلُّ الهَوى ما جادَ بِالوَصلِ أَهلُهُ / وَيَحلُو إِذا ما كانَ مُمتَنِعاً جِدّا
أَحِنُّ إِلى دَعدٍ وَقَد شَطَّتِ النَوى / بِدَعدٍ فَمَالِي لَستُ مُطَّرِحاً دَعدا
عَلاقَةُ نَفسٍ مَكَّنَتها يَدُ الهَوى / وَوَجداً دَخيلا لا أَرى مِثلَهُ وَجدا
أُحِبُّ الفَتى السَمحَ الَّذي طَلَبَ الغِنى / فلَّما رَأى وَجهَ الغِنى طَلَبَ الحَمدا
وَأَمقُتُ مَن لا تَطلُبُ الحَمدَ نَفسُهُ / وَلا يُضمِرُ الوُدَّ الصَحِيحَ وَلا وَدّا
صَدِيقُكَ ما دامَ الرَخاءُ وَناهِشٌ / بِنابَيهِ في الخَطبِ المُلِمِّ إِذا اِشتَدّا
لَحى اللَه مَن يَبدِي لِخِلِّ مَوَدَّةً / وَيُضمِرُ في حَيزَومِهِ ضِدَّ ما أَبدَا
دَعِ الرَجُلَ المُغتابَ يَشفى بِغِيبَتي / فَما غِيبَةُ المُغتابِ إِلّا ثَناً يُهدى
أَبا اللَهُ لِي إِلّا الكَرامَةَ كُلَّما / رَجا حاسِدِي أَن أَنزِلَ المَنزَلَ الوَهدا
وَما عاشَ لي هَذا الَّذي أَنا ناظِرٌ / إِلى وَجهِهِ المَسعُودِ لَم أَعدَمِ السَعدا
وَيا رُبَّ يَومٍ لِلحُمَيديِّ صالِحٍ / رَأَيتُ بِهِ نُعمى أَبى صالِحٍ تُسدى
غَداةَ رَأَيتَ العِزّ تُبنى قِبابُهُ / لَهُ وَالعُلى تَمتَدُّ أَعناقُها مَدّا
وَأَطلَسَ مِدلاجٍ إلى الرِزقِ ساغِبٍ / يُراحُ إِلى ضَنكِ المَعِيشَةِ أَو يُغدى
أَسَنَّ وَما يَزدادُ إِلّا جَهالَةً / وَخُرقاً وَلا يَنفَكُّ مُستَرِقاً وَغدا
غَدا مُعرِضاً لِلجَيشٍ يَقصُدُ جَنبَهُ / وَما كانَ أَمّاً لِلرِجالِ وَلا قَصدا
فَلَمّا رَأى خَيلَ المَنايا مُغِذَّةً / إِلَيهِ تَمَطّى كَالشَراكَينِ وَامتَدّا
فَحِينَ تَحَرّى لِلنَجاةِ وَأَيقَنَت / لَهُ نَفسُهُ بِالخَيرِ وَاستَأنَسَت رُشدا
سَما نَحوَهُ طَرفُ امرِئٍ لَو سَما بِهِ / إِلى جَبَلٍ لَانهَدَّ مِن خَوفِهِ هَدّا
عَلى ظَهرِ مَدمُوجِ المَرافِقِ سابِحٍ / عَلى أَربَعِ مُلدٍ تَطُولُ القَنا المُلدا
تَعَوَّدَ أَن يُرمى بِهِ كُلَّ مَطلَبٍ / قَصِيٍّ وَيَكتَدُّ النَجاحُ بِهِ كَدّا
فَأَوجَرَهُ سَمراءَ لَو مَدَّ باعَهُ / بِها طاعِناً لِلسُدِّ أَنفَذَتِ السُدّا
فَخَرَّ مُكِبّاً لِلجِرانِ وَنَفسُهُ / تُسِرُّ لِمُردِيهِ الضَغِينَةَ وَالحِقدا
فَقُلتُ لَهُ يا ذِئبُ لا تَخشَ سُبَة / فَمُردِيكَ أَردى قَبلَكَ الأَسَدَ الوَردا
وَما هِيَ إِلّا مِيتَةٌ قَلَّ عارُها / إِذا أَرغَمَ السِيدانَ مَن أَرغَمَ الأُسدا
وَأَحسَنُ ما عايَنتَ بَحراً مُجاوِراً / لِبَحرٍ حَمَدنا وَردَ هَذا وَذا وِردا
أَلا نَبِّنِي ناشَدتُكَ اللَهَ صادِقاً / أذا البَحرُ أَم كَفّا أَبِي صالحٍ أَندى
لَقَد أُسدَتِ السُحبُ الغِزارُ إِلى الثَرى / جَمِيلاً وَما أَسدَت إِلَيها كَما أَسدى
مَشى فَوقَها خَيرُ البَرِيَّةِ كُلِّها / فَطَيَّبَها حَتّى غَدا تُربُها نَدّا
وَخَيَّمَ بِالحاوِي فَتىً باتَ حاوِياً / مَناقِب غُرّا مَن حَواها حَوى المَجدا
إِذا النَورُ أَهدى نَفحَةً مِن نَسِيمِهِ / فَمِن عِرضِهِ أَهدى النَسِيمُ الَّذي أَهدى
تَأَمَّل بِعَينَيكَ الفِجاجَ كَأَنَّها / مُكَلَّلَةٌ وَشياً مُجَلَّلَةٌ بُردا
غِنِينا بِرَيّاها عَنِ المِسكِ كُلَّما / تَهادى وَأَنسَتنا شَقائِقُها الوَردا
رِياضٌ كَأَخلاقِ الأَمِيرِ أَنِيقَةٌ / تَمُجُّ شِفاهُ الأَرضِ مِن رِيقِها بَردا
كَأَنَّ الحِسانَ الغِيدَ جُزنَ بِأَرضِها / فَأَلقَت عَلَيها كُلُّ غانِيَةٍ عِقدا
أَبا صالِحٍ رُوحي فِداكَ مِن الرَدى / وَإِن قَلَّ ما يُفدِي وَجَلَّ الَّذي يُفدى
تَمَتَّع بِدُنياكَ الَّتي قَد مَلأتَها / مِنَ الأَمنِ حَتّى أَصبَحَت حَرَماً مَهدا
وَدُونَكَ هَذا المَدحَ فَرداً نَظَمتُهُ / لِأَبلَجَ أَمسى واحِداً في النَدى فَردا
زَها زَهو هَذا السَفحِ بِالنَورِ فَاِكتَسى / بِوَجهِكَ حُسناً لا قَليلاً وَلا ثَمدا
أَجِدَّكُما لَو أَنصَفَ الصَبَّ عاذِلُهُ
أَجِدَّكُما لَو أَنصَفَ الصَبَّ عاذِلُهُ / لَأَقصَرَ لَكِن عادِمُ الشَيءِ جاهِلهُ
يَلُومُ وَما أَجرى الفِراقُ دُمُوعَهُ / وَلا هيَّجَتهُ بِالعَشِيِّ بَلابِلُه
وَهَل يَرعَوِي أَو يَسمَع العَذلَ في الهَوى / كَئِيبٌ لَهُ شغلٌ مِنَ البَينِ شاغِلُه
أَحَبُّ حَبيبٍ عِندَهُ رَسمُ مَنزِلِ / يُناجِيهِ أَو رَبعٌ مُحِيلٌ يُسائِلُه
إِذا هَتَفَت قَمرِيَّةٌ هَيَّجَت لَنا / جَوىً وَرَسيساً مِن هَوى هُوَ قاتِلُه
كَأَنَّ الحَمامَ الوُرقَ حادٍ يَشُوقُهُ / تَرَنُّمُهُ وَالدارُ حِبُّ يُواصِلُه
خَلِيلَيَّ ما لِي أَصطفي بَينَ أَضلُعي / أَخاً لَيسَ يَخلو أَن تَغُولَ غَوائِلُه
أَعِفُّ وَلا أَجزِيهِ جَهلاً بِجَهلِهِ / وَلا آكُلُ اللَحمَ الَّذي هُوَ آكِلُه
وَيُصبِحُ مَطوِيّاً عَلى الغِلِّ قَلبُهُ / فَلا الوَعظُ يَثنِيهِ وَلا الزَجرُ عاذِلُه
لَعَمرُكَ ما لِلمَرءِ في المَرءِ حِيلَةٌ / إِذا باتَ صَدرُ المَرءِ تَغلِي مَراجِلُه
سَيَزدادُ غَيظَاً كُلَّما مَدَّ باعَهُ / فَقَصَّرَ عَن إِدراكِ ما أَنا نائِلُه
وَقَد باتَ ضَوءُ الصُبحِ مِن ظُلمَةِ الدُجى / فَما اِشتَكَلَت أَنوارُهُ وَأَصائِلُه
فَيا مَنطِقِي أَطلِق عِنانَكَ إِنَّما / يُعِدُّ الحُسامَ العَضبَ لِلضَربِ حامِلُه
وَيا خاطِري لَجِّج إِلى الدُرِ إِنَّني / أَرى البَحرَ لا يُستَودَعُ الدُرَّ ساحِلُه
وَجازِ ابنَ فَخرِ المُلكِ بِالشُكرِ إِنَّنِي / أَرى الشُكر لا يَجزِي الَّذي هُوَ فاعِلُه
فَتىً عِندَهُ عَفوٌ وَنَفلٌ لِسائِلٍ / وَجانٍ فَإِمّا عَفوُهُ أَو نَوافِلُه
فَلا مُذنِبٌ إِلّا وَأَعطاهُ صَفحَهُ / وَلا سائِلٌ إِلّا وَأَغناهُ نائِلُه
هُوَ البَدرُ لا يَخفى عَلَيكَ ضِياؤُهُ / هُوَ الغَيثُ لا تَخفى عَلَيكَ مَخايِلُه
تَرَكنا الغَوادِي وَاِنتَجَعنا بَنانَهُ / فَأَغنَت عَنِ السُحُبِ الغِزارِ أَنامِلُه
تُغَلُّ بِنُعماهُ الرِقابُ كَأَنَّما / صَنائِعُهُ أَغلالُهُ وَسَلاسِلُه
وَما تَصِلَ الأَيدي وَلَو نالَتِ السُها / إِلى الشَرَفِ الأَدنى الَّذي هُوَ واصِله
وَقَد طاوَلَتهُ النَيِّراتُ فَطالَها / وَأَيُّ امرِئٍ بَعدَ النُجومِ يُطاوِلُه
فَلا تَحسَبُوا أَنَّ الغَمامَ يَفُوتُهُ / بِشَيءٍ وَلا أَنَّ الجِبالَ تُعادِلُه
فَما وَلَدَت حَوّاءُ مِن صُلبِ آدَمٍ / وَلا قَبِلَت مِن كُلِّ حَيٍّ قَوابِلُه
فَتىً كَأَبِي العُلوانِ تَندى يَمِينُهُ / وَيَندى مُحَيّاهُ وَتَندى ذَوابِلُه
وَلا مِثلُهُ في العُسرِ وَاليُسرِ باذِلاً / يَزيدُ لَجاجاً كُلَّما لَجَّ عاذِلُه
إِذا سِيلَ أَغنى السائِلِينَ بِمالِهِ / فَلَيسَ يَرى أَن يَسألَ الناسَ سائِله
أَنارَت مَغانِيهِ وَصِينَت بِلادُهُ / وَهِينَت أَعادِيهِ وَعَزَّت مَعاقِلُه
فَما ضاقَ نادِيهِ وَلا ذَلَّ جارُهُ / وَلا ضاعَ راجِيهِ وَلا خابَ آمِلُه
جَلا كَربَةَ الإِسلامِ وَالشِركُ دالِفٌ / بِمَجرٍ تَسُدُّ الخافِقَينِ جَحافِلُه
لُهامٌ يَسُدُّ الجَوَّ بِالنَقعِ زَحفُهُ / وَتَدفَعُ أَوتادَ الجِبالِ زَلازِلُه
إِذا سارَ أَذكى النارَ في حِندِسِ الدُجى / مِنَ الصَخرِ حَتّى لا تَبِينُ مَشاعِلُه
يَسيلُ بَرَجراجِ الحَديدِ كَأَنَّهُ / فُراتٌ جَرَت خُلجانُهُ وَجَداوِلُه
فَأَصبَحَ دِينُ اللَهِ قَد قامَ رُكنُهُ / وَأَنجَحَ مَسعاهُ وَثُقِّفَ مائِلُه
وَأَيُّ فُخُورٍ ما بَنَتها رِماحُهُ / وَأَيُّ ثُغُورٍ ما حَمَتها مَناصِلُه
وَلا عَجَباً أَن يُصبِحَ الماءُ جارِياً / مِنَ الصَخرِ في القَصرِ الَّذي هُوَ نازِلُه
وَأَن يَغتَدِي مِسكاً ثَراهُ وَلُؤلؤاً / حَصاهُ وَياقُوتاً ثَمِيناً جَنادِلُه
زَها بِكَ زَهوَ الرَوضِ دَرَّت غُيُوثُهُ / فَحَيَّت بِوَسمِيِّ النَباتِ خَمائِلُه
كَأَنَّكَ رِضوانٌ وَقَصرُكَ جَنَّةٌ / يَفُوزُ بِرِضوانٍ مِنَ اللَهِ داخِلُه
فَبُورِكَ بانِيهِ وَبُورِكَ عَصرُهُ / وَبُورِكَ مِن قَصرٍ وَبُورِكَ آهِلُه
فَما رُفِعَت إِلّا لِسَعدٍ قِبابُهُ / وَلا اِجتَمَعَت إِلّا لِخَيرِ مَحافِلُه
لَقَد أَنطَقَ اللَهُ الزَمانَ وَأهلَهُ / بِفَضلِكَ حَتّى ما تُعَدُّ أَفاضِلُه
فَأجرى بِكَ الأَرزاق حَتّى كَأَنَّما / جَميعُ البَرايا واحِدٌ أَنتَ عائِلُه
وَما الجَدُّ إِلّا مَورِدٌ لَكَ صَفوُهُ / وَمَشرَبُهُ الأَهنى وَلِلنّاسِ فاضِلُه
يَرى الدَهرُ قَولِي فِيكَ مِمّا يَسُرُّهُ / فَيَكتُبُ فيكَ الدَهرُ ما أَنا قائِلُه
ثَناءً كَنَشرِ المندَلِ الرَطبِ نَشرُهُ / وَحَمداً كَأَبهى حافِلِ الرَوضِ حافِلُه
تَفُوحُ عِيابُ الرَكبِ مِنهُ كَأَنَّما / تُضَمَّخُ بِالمِسكِ الذَكِيِّ رَواحِلُه
وَما الشِعرُ إِلّا مَركَبٌ لِي ظَهرُهُ / وَغارِبُهُ وَمَنكِباهُ وَكاهِلُه
سَبُوقٌ إِلى الغاياتِ مَرّاً أَحُثهُ / وَمَرّاً أُعَفِّيهِ وَمَرّاً أُناقِلُه
بَلَغتُ بِهِ أَقصى مُرادِي مِنَ الغِنى / لَدَيكَ فَأَدرَكتُ الَّذي أَنا آمِلُه
فَمَالي وَلِلحُسّادِ تَغلِي صُدُورُهُم / عَلَيَّ وَهَذا البَحرُ زُرقٌ مَناهِلُه
فَإِن يَصدُقُوا فَليَلحَقُوا شَأَوَ مارِدٍ / مِنَ الجِنِّ لا يَدرُونَ أَينَ مَخاتِلُه
خَلِيلَيَّ أَيُّ الطَيرِ يَحلُو قَنِيصُهُ / أَغِربانُهُ أَم بُومُهُ أَم أَجادِلُه
إِذا قامَ سَحبانٌ خَطِيباً بِمَوقِفٍ / تَبَلَّدَ مَعذوراً عَلى الصَمتِ باقِلُه
سَأَلتُكَ شَرِّفنِي بِسَمعِكَ مُقبِلاً / عَلَيَّ لَيَبدُو حَقُّ أَمرٍ وَباطِلُه
وَحَكِّم عَلى النُطقِ الَّذي أَنتَ سامِعٌ / جَميلَكَ وَالبَذلَ الَّذي أَنتَ باذِلُه
فَما تَخذِلُ الأَيّامُ ما أَنتَ ناصِرٌ / وَلا تَنصُرُ الأَيّامُ ما أَنتَ خاذِلُه
وَهُنِّيتَ بِالعِيدِ الَّذي أَنتَ حُسنُهُ / كَما أَنَّ حُسنَ الذابِلِ اللَدنِ عامِلُه
إِذا ما مَضى عامٌ تَسَربَلتَ سَعدَهُ / وَوافاكَ بِالإِقبالِ وَالسَعدِ قابِلُه
وَلا عَدِمَت خَفقَ البُنُودِ جُيوشُهُ / وَلا فارَقَت عَركَ الوُفودِ مَنازِلُه
أَما إِنَّهُ لَولا الحِسانُ الرَعابِيبُ
أَما إِنَّهُ لَولا الحِسانُ الرَعابِيبُ / لَما كانَ لِلأَرواحِ هَمٌّ وَتَعذيبُ
تَمَنَّعنّ بُخلاً فاستَزَدنَ مَحَبَّةً / أَلا كُلُّ مَمنوعٍ إِلى النَفسِ مَحبُوبُ
وَكَم جَلَبَت مَجلوبَةٌ سُقمَ مُهجَةٍ / فَهَل كُلَّ مَجلوبٍ بِهِ السُقمُ مَجلُوبُ
خَلِيلَيَّ لا عَصرٌ بِيَبرِينَ عائِدٌ / فَأَبرا وَلا وَصلٌ بِوَهبينَ مَوهُوبُ
فَما لَكُما لا تَعذُرا بِي عَلى الجَوى / وَحَبلِيَ مِن حَبلِ الأَحِبَّةِ مَقنُوب
حَلَمتُ بِهَجرٍ مِن سُعادَ فَلَيتَهُ / كَما قِيلَ إِنَّ الحُلمَ بِالشَرِّ مَقلُوبُ
يَمانِيَةُ مَحجُوبَةُ الشَخصِ مِثلُها / رَسِيسٌ بِها ما بَينَ جَنبَيَّ مَحجُوبُ
إِذا قُمُتُ يَومَ البَعثِ أَخفَيتُ حُبَّها / فَلَم يُرَ في اللَوحِ الَّذي هُوَ مَكتُوبُ
سَقَت دارَها الأَنواءُ أَو صَوبُ أَدمُعِي / فَكُلٌّ سَواءٌ مُستَهِلٌّ وَمَسكُوبُ
إِلى أَن يَبِيتَ الرَوضُ فِيها كَأَنَّهُ / إِذا ما زَها نَوّارَهُ لِمَمٌ شِيبُ
وَقَفنا بِها نَشكُو الجَوى فَيُجِيبُنا / صَداها وُورُقُ الأَيكِ وَالجُردُ وَالنِيبُ
بُكاءٌ وَإِرزامٌ وَسَجعٌ مُبَرِّحٌ / بِنا وَصَهيلٌ لِلجِيادِ وَتَهوِيبُ
أَخِلّايَ مالِي لا يُغَرِّدُ طائِرٌ / عَلى فَنَنٍ إِلّا وَقَلبِيَ مَرغُوبُ
حِذاراً وَإِشفاقاً مِنَ البَينِ أَن تُرى / مُخَبِّرَةً عَنهُ النِجاحُ الغَرابِيبُ
فَلا لَومَ لِي إِن طارَ قَلبِي صَبابَةً / لِأَنّي مِن شَحطِ الأَحِبَّةِ مَنحُوبُ
إِذا فارَقُوا فارَقتُ قَلبِي كَأَنَّما / فُؤادِي إِلى تِلكَ الهَوادِجِ مَجنُوبُ
أَصاحِ تَرى بَرقاً يَلُوحُ كَأَنَّهُ / سُلافٌ بِرَقراقٍ مِنَ المُزنِ مَقطُوبُ
بَدا يَمَنِيّاً في الظَلامِ كَأَنَّما / ظَلامُ الدُجى عَبدٌ مِنَ الزِنجِ مَخضُوبُ
وَلَو لاحَ شامِيّاً لَخِلناهُ أَنَّهُ / سَنا قَبَسٍ فَوقَ الثَنِيَّةِ مَشبُوبُ
لِأروَع يَهدِي الطارِقِينَ بِوَجهِهِ / وَلَو لَم يَلُح ضَوءٌ مِنَ النارِ مَثقُوبُ
إِذا زارَهُ الزُوّارُ فَرَّت قِلاصُهُ / لِتَنجُو فَخانَتها الشَوى وَالعَراقِيبُ
تَراهُنَّ يَكرَهنَ الوُفُودَ وَواجِبٌ / كَراهَةُ حَيٍّ لِلرَدى وَهوَ مَغصُوبُ
خُلِقنَ قِرىً لِلطارِقِينَ بِصارِمٍ / تَعَوَّدَ أَن يُقرى بِهِ النَسرُ وَالذِيبُ
لَقَد مُتنَ مَوتاً أَكسَبَ الحَمدَ أَهلَهُ / أَلا كُلُّ حَمدٍ بِالمَشَقَّةِ مَكسُوبُ
إِذا زادَ بِالزّادِ الثَناءُ فَبُورِكَت / عِشارٌ عَلى لَبّاتِها الدَمُ مَسرُوبُ
أَتاجَ مَعَدٍّ صُغ لَكَ التاجَ مُرغِماً / عِداك بِأَنَّ التاجَ بِالتاجِ مَعصُوبُ
وَبُردُكَ لا تَسحَبُهُ في الأَرضِ إِنَّهُ / لَبُردٌ عَلى وَجهِ السِماكَينِ مَسحُوبُ
وَقُل لِشَآبِيبِ السَماءِ تَهَمَّرِي / أَو اِنقَطِعي إِنّي وَأَنتِ شَآبِيبُ
قَضى اللَهُ لِي مِنكَ الغِنى وَتَسَبَّبَت / سَعادَةُ جَدِّي وَالسُعُودُ تَسابِيبُ
وَهَل أَنا إِلّا مِن جَماعَةِ أُمَّةٍ / لَها مَشرَبٌ مِن حَوضِكَ الجَمِّ مَشرُوبُ
لَكَ الخَيرُ إِن يُجرِم رَعاياكَ فاغتَفر / جَرائِمَهُم إِنَّ المُدَبَّرَ مَربُوبُ
هَفَوا هَفوَةً مِن غَيرِ بُغضِ فَأُدِّبُوا / بِعَفوِكَ إِنَّ العَفوَ لِلحُرِّ تَأَديبُ
وَلَو شِئتَ حاشا طِيبَ أَصلِكَ أَن تُرى / مُسِيئاً لَخاضَت في الدِماءِ اليَعابِيبُ
وَعادَت سُيوفُ الهِندِ ما لِنُصُولِها / شِفارٌ وَما لِلمارِناتِ أَنابِيبُ
خُلِقتَ كَرِيماً لَم يَفتُكَ تَفَضُّلٌ / وَطَولٌ وَلا أَخطاكَ حَزمٌ وَتَهذِيبُ
بَرَزتَ إِلَيهِم مُغضَباً فَتَضَرَّعُوا / إِلَيكَ وَما بَعدَ التَضَرُّعِ تَثرِيبُ
لَئِن رَهِبُوا لَمّا رَأَوكَ لَقَد رَأَوا / بِكَ الهَولَ إِنَّ المَنظَرَ الهَولَ مَرهُوبُ
فَعَفواً عَفا عَنكَ الإِله وَرَأفَةً / فَعَفوُكَ مِن عَفوِ المُهَيمِنِ مَحسُوبُ
فَإِنَّهُمُ لَم يَعهَدُوا مِنكَ جَفوَةً / وَلا ذُبَّ مِنهُم في جَنابِكَ مَذبُوبُ
تَرَبّى عَلى إِنعامِكَ الطِفلُ مِنهُمُ / وَشَبَّ عَلى إِحسانِكَ المُردُ وَالشَيبُ
وَأَنسى وَلا أَنسى نَصِيحاً وَخادِماً / مُسِنّاً لَهُ حَقُّ عَلى المَلكِ مَوجُوبُ
فَجُد بِالرِضا عَنهُم فَإِنَّك يُوسُفٌ / وَعَبدُكَ شَيخُ الدَولَةِ الشَيخُ يَعقُوبُ
فَأَقسِمُ لَو حَوَّلتَ وَجهَكَ مُعرِضاً / عَنِ الأَرضِ ما دَرَّت عَلَيها الأَهاضِيبُ
وَلَو قِيلَ لِلأَطوادِ إِنَّكَ واجِدٌ / تَدَكدَكَتِ الأَطوادُ وَهيَ شَناخِيبُ
وَلَو بِتَّ لِلشُهبِ المُنِيرَةِ طالِباً / بِسُوءٍ لَما أَعياكَ ما هُوَ مَطلُوبُ
كَذاكَ وَلَو أَضمَرت لِلصُبحِ إِحنَةً / لَحالَ وَأَضحى وَهوَ أَسوَدُ غِربِيبُ
وَما أَنتَ إِلّا الدَهرُ مُذ كُنتَ غالِباً / وَكُلُّ عَدُوٍّ مِن أَعادِيكَ مَغلُوبُ
وَأَنتَ رَبيعُ الناسِ بِرُّكَ واصِلٌ / وَعِرضُكَ مَوفُورٌ وَمالُكَ مَوهُوبُ
تَيَمَّمَكَ القُصّادُ مِن كُلِّ وَجهَةٍ / كَما أَمَّتِ البَيتَ الحَرامَ المَحارِيبُ
كَأَنَّكَ شَمسٌ مِن جَميعِ جِهاتِها / تَمُدُّ شُعاعاً وَالشُعاعُ أَسالِيبُ
فَلا الرَفدُ مَمنُوعٌ وَلا العَهدُ حائِلٌ / وَلا الفِعلُ مَذمُومٌ وَلا المَدحُ مَكذُوبُ
وَطالَت فَنالَت جَبهَةَ النَجمِ أُسرَةٌ / لَها نَسَبٌ في الصالِحيِّينَ مَنسُوبُ
فَتىً فَخُرَت قَيسٌ بِهِ كَيفَ عامِرٌ / وَطالَت بِهِ الأَحباشُ كَيفَ الأَعارِيبُ
فَلَستَ تَرى فِيهِ وَلا في عَشِيرِهِ / مَعاباً إِذا ما مَعشَرٌ غَيرُهُم عِيبُوا
جَزى اللَهُ فَخرَ المُلكِ عَمَّن أَعادَهُ / إِلى العِزِّ خَيراً وَهوَ لِلعِزِّ مَسلُوبُ
فَما كانَ إِلّا يُونُسَ الحُوتِ إِذ دَعا / إِلى رَبِّهِ في سِرِّها وَهوَ مَكرُوبُ
وَأَيُّوب إِذ نادى وَقَد طالَ ضُرُّهُ / فَفُرّجَ ما يَشكُو مِنَ الضُرِّ أَيُّوبُ
يُعَقِّبُهُ الجَدُّ السَعِيدُ وَرُبَّما / يَكُونُ لِجَدِّ المَرءِ بِالسَعدِ تَعقِيبُ
فَلا تَعجَبِي مِمّا رَأَيتُ فَإِنَّها / قُلُوبٌ لَها بِالخَيرِ وَالشَرِّ تَقلِيبُ
وَلِلناسِ في الدُنيا نَزُولٌ وَرِفعَةٌ / وَلِلمُلكِ إِبعادٌ وَلِلمُلكِ تَقرِيبُ
وَرُبَّ قَصِيٍّ جُرِّبَ الوُدُّ عِندَهُ / وَلِلناسِ في الدُنيا اِمتِحانٌ وَتَجرِيبُ
وَمَن عاشَ في الدُنيا فَلا بُدَّ أَن يَرى / عَجائِبَ شَتّى وَالزَمانُ أَعاجِيبُ
أَبا صالِحٍ لا يُعدَمِ اسمٌ وَكُنيَةٌ / فَقَد شَرُف اسمٌ وَاكتِناءٌ وَتَلقِيبُ
بَقِيتَ عَلى ما أَنتَ بانٍ مِنَ العُلى / وَباني المَعالي المُشمَخِرّاتِ مَتعُوبُ
فَإِن كُنتَ لا تَشكُو عَياءً فَقَد شَكا / حُسامٌ وَعَسّالٌ وَسَهمٌ وَيَعبُوبُ
وَهامٌ عَلى البَيداءِ مُلقىً كَأَنَّهُ / صِحافُ قِرىً مِنها سَوِيٌّ وَمَكبُوبُ
وَلَولا اجتِنابُ الإِثمِ قُلتُ صَحائِفٌ / تُفَضُّ وَآثارُ الجِيادِ مَحارِيبُ
لِيَسمُ بِكَ البَيتُ الكِلابِيُّ إِنَّهُ / لَبَيتٌ بِكُم فَوقَ المَجَرَّةِ مَنصُوبُ
رَفِيعُ الذُرى لَم يَضرِبِ العَبدُ وَدَّهُ / وَلَكِنَّهُ وَدٌّ مِنَ اللَهِ مَضرُوبُ
رَسا تَحتَ أَطباقِ الثَرى وَلِحَبلِهِ / إِلى مُنتَهى السَبعِ الطَوالِعِ تَطنِيبُ
وَجَدتُ مَقالاً في مَعالِيكَ مُمكِناً / فَقُلتُ وَواتانِي مَدِيحٌ وَتَشبيبُ
فَدُونَكَ جِلباباً مِن الحَمدِ قَلَّما / يَرِثُّ وَيَبلىحِينَ تَبلى الجَلابِيبُ
يُغاظُ بِهِ شانِيكَ حَتّى كَأَنَّما / عَدُوُّكَ بِالمَدحِ الَّذي فِيكَ مَنسُوبُ
قَدِمتَ سَعِيداً فائِزاً خَيرَ مَقدَمِ
قَدِمتَ سَعِيداً فائِزاً خَيرَ مَقدَمِ / وَأُبتَ حَمِيداً غانِماً كُلَّ مَغنَمِ
تُظِلُّكَ راياتُ السُعُودِ كَأَنَّها / مِنَ الطَيرِ إِلّا أَنَّها غَيرُ حُوُّمِ
إِذا سِرتَ أَخفَيتَ النَهارَ بِقَسطَلٍ / يَلُفُّكَ في جُنحٍ مِنَ اللَيلِ مُعتمِ
كَأَنَّكَ فِيهِ وَالقَنا تَزحَمُ القَنا / هِلالُ سَماءٍ طالِعٌ بَينَ أَنجُمِ
وَهَل أَنتَ إِلّا رَونَقُ الصُبحِ مُذ بَدا / غَدا كُلُّ فَجٍّ مُظلمٍ غَيرَ مُظلِمِ
وَمُذ غِبتَ غابَ الخَيرُ عَن كُلِّ مَوطِنٍ / وَغابَ الكَرى عَن كُلِّ جَفنٍ مُهَوِّمِ
وَما التَذَّ حَتّى عُدتَ خَلقٌ بِمَشرَبٍ / ولا التَذَّ حَتّى عُدتَ خَلقٌ بِمَطعَمِ
إِذا مَرَّ يَومٌ لا أَراكَ مُمَثّلاً / بِهِ كانَ مَحسُوباً بِحَولٍ مُحَرَّمِ
تَضِيقُ عَلَيَّ الأَرضُ حَتّى كَأَنَّها / إِذا غِبتَ عَن عَينَيَّ في دَورِ دِرهَمِ
فِدىً لِمَطاياكَ العُيونُ وَقَد سَرَت / ثِقالاً تُباري مَعلَماً بَعدَ مَعلَمِ
بِأَسَعدِ رَكبٍ رائِحٍ وَمُهَجِّرٍ / وَأَكرَمِ سَفرٍ ظاعِنٍ وَمُخَيِّمِ
تَمَنَّيتُ لَو أَنّي نَزَلتُ كَرامَةً / فَقَبَّلتُ مِنها كُلَّ خُفٍّ وَمَنسِمِ
وَصَيَّرتُ خَدِّي في التَنُوفَةِ مَبرَكاً / وَطِيئاً لِأَعضادِ المَطِيِّ المُحَرَّمِ
لَقَد كَرُمَت تِلكَ الرِكابُ وَرَكبُها / وَحازَت جَميلَ الذِكرِ مِن كُلِّ مُسلِمِ
تَوَلَّت وَخَلَّت قَلبَ رَحبَة مالِكٍ / لِفُرقَتِها قَلبَ الشَجِيِّ المُتَيَّمِ
وَأَضحَت مِنَ الضاحِي تَبِضُّ كَأَنَّما / قِسِيٌّ رَمَت أَكبادُها حُرَّ أَسهُمِ
مُيَمِّمَةً في كُلِّ مُمسىً وَمُصبَحٍ / مِنَ الوَطَنِ التاجِيِّ خَيرَ مُيَمَّمِ
وَلَمّا عَلَت نَشرَ الرُصافَةِ بُشِّرَت / بِعارِضِ مُزنِ باكِرِ الوَبلِ مُثجِمِ
تَباشَرَ أَهلُ الشامِ حَتّى كَأَنَّهُم / سَوامٌ أَحَسَّت بِالرَبِيعِ المُوَسَّمِ
أَغاث بِكَ اللَهُ البِلادَ وَأَهلَها / وَرَدَّكَ رَدَّ المُفضِلِ المُتَكَرِّمِ
رَأَوكَ فَضَجُّوا بِالدُعاءِ كَما دَعا / إِلى اللَهِ حُجاجُ الحَطِيمِ وَزَمزَمِ
فَبُورِكَ شَهرٌ أَنتَ فِيهِ مُسَلَّماً / وَلَكِنَّ بَيتَ المالِ غَيرُ مُسَلَّمِ
تَضاعَفَتِ الأَعيادُ فِيهِ فَقَد غَدا / لَنا عَيدُ فِطرٍ تابِعاً عِيدَ مَقدَمِ
جَزى اللَهُ خَيراً هِمَّةً لَكَ لَم تَزَل / تَضُرُّ بِأَطرافِ الوَشِيجِ المُقَوَّمِ
حَمَلت بِها الأَثقالَ في كُلِّ حادِثٍ / وَخُضتَ بِها الأَهوالَ في كُلِّ صَيلَمِ
وَما زِلتَ كَسّاباً بِها العِزَّ مُتعِباً / بِها كُلَّ يَعبُوبٍ مِنَ الخَيلِ شَيظَمِ
إِذا اشتَدَّتِ اللأواءُ نَفَّست كَربَها / بِهِمَّةِ لاوانٍ وَلا مُتَلَوِّمِ
يَزِيدُكَ مَرُّ الدَهرِ أَيداً وَقُوَّةً / كَأَنَّكَ لَم تُخلَق مِنَ اللَحمِ وَالدَمِ
أَرى الناسَ لا يَسعَونَ مَسعاكَ لِلعُلى / وَلا يَفعَلُونَ الخَيرَ فِعلَ التَكَرُّمِ
وَما يَركَبُ الأَخطارَ في كُلِّ حادِثٍ / وَيَكشِفُها غَيرُ الخَطِيرِ الغَشَمشَمِ
كَأَنتَ وَمَن يَفعَل فَعالَكَ يَتَّخِذ / جَميلاً وَمَن يَحفَظ حِفاظَكَ يَغنَمِ
خُلِقتَ كَرِيماً لا نَداكَ مُقَصِّرٌ / وَلا غَيثُكَ الهامِي عَلَينا بِمُنجِمِ
وَهَيهاتَ أَن يَعلو عُلُوَّكَ مَن سَعى / لِيَعلُو وَلَو نالَ السَماءَ بِسُلَّمِ
مَكارِمُ لا ذُو التاجِ كِسرى بنُ هُرمُزٍ / حَواها وَلا أَقيالُ عادٍ وَجُرهُمِ
وَما حاتِمٌ عِندِي بِنِدٍّ أَقِيسُهُ / إِلَيكَ وَلا كَعبٌ وَلا ابنُ مُكَدَّمِ
لِأَنَّ أَبا العُلوانِ إِن كانَ آخِراً / فَقَد حازَ شأوَ الفارِطِ المُتَقَدِّمِ
كَذا النارُ أُولاها شَرارَةُ قابِسٍ / وَآخِرُها وَهجُ السَعِيرِ المُضَرَّمِ
أُعِيذُكَ بِاللَهِ السَميعِ وِبالقَنا / تَشَعشَعَ في أَطرافِها كُلُّ لَهذَمِ
فَأَنتَ جَمالٌ كُنتَ في صَدرِ مَجلِسٍ / لَدى السَلمِ أَو في صَدرِ جَيشٍ عَرَمرَمِ
إِذا نَظَرَت عَينايَ وَجهَكَ مُقبِلاً / تَأَمَّلتُ وَجهَ الرِزقِ في وَجهِ ضَيغَمِ
أَهابُكَ حَتّى لَيسَ يَمتَدُّ ناظرِي / إِلَيكَ وَلا يَستَأنِسُ النُطقُ في فَمِي
فَوا عَجَباً أَنّي إِذا قُمتُ مُنشِداً / أَمامَكَ لَم أَحصَر وَلم أَتَلَعثَمِ
وَلَكِنَّ قَلبِي واثِقٌ بِكَ عالِمٌ / بِكُلِّ جَمِيلٍ مِنكَ غَيرِ مُعَتِّمِ
خَدَمتُكَ وَالفَودانِ سُحمٌ كَأَنَّها / حَياةُ مُعادِيكَ الشَقِيِّ المُذَمَّمِ
وَها هِيَ بِيضٌ ناصِعاتٌ كَأَنَّها / بَياضُ ثَنايا دَهرِكَ المُتَبَسِّمِ
فَلَم أَرَ أَندى مِنكَ كَفّاً بِنائِلٍ / جَسِيمٍ وَلا أَقوى عَلى حَملِ مَغرَمِ
فَتَحتَ عَلَيَّ الرِزقَ مِن كُلِّ وِجهَةٍ / وَأَنقَذتَنِي مِن كُلِّ فَجٍّ وَمَخرِمِ
وَأَغنَيتَنِي عَمَّن سِواكَ فَلَم أَبِت / بِنُعماكَ مُحتاجاً إِلى فَضلِ مَنعِمِ
وَإِن نالَنِي خَيرٌ فَمِنكَ أَساسُهُ / وَما النَبتُ إِلّا بِالغَمامِ المُدَيِّمِ
وَواأَسَفا أَنّي تَخَلَّفتُ لَم أَقُم / بِحَقٍّ وَلَم أَنشُر ثَناءً بِمَوسِم
وَلَكِن عَدانِي سُوءُ حَظّي وَعاقَنِي / عَنِ الواجِبِ المَفروضِ فَرطُ التَأَلُّمِ
وَهَل أَنتَ إِلّا الشَمسُ ما انضَرَّ نُورُها / بِصَمتِي وَلا زادَت عُلىً بِتَكَلُّمي
لَقَد عَزَّ قَومٌ وَاصَلُوكَ وَحاوَلُوا / دنُوَّكَ حَتّى مازَجُوا الدمَ بِالدَمِ
نَصَرتَهُمُ حَتّى بِرَأيِكَ فاتِحاً / لَهُم كُلَّ مُستَدٍّ مِنَ الأَمرِ مُبهَمِ
وَما خِندِفٌ إِلّا نُجُومٌ زَواهِر / تَخَيَّرتَ مِنها بَيتَ غَفرٍ وَمِرزَمِ
وَكانُوا يَرَونَ الفَخرَ قَبلَكَ غائِراً / فَفُزتَ وَفازُوا بِالفَخارِ المُتَمَّمِ
إِذا مُضَرٌ طالَت بِذِكراك أَشرَفَت / عَلى الناسِ إشرافَ الذُرى مِن يَلَملَمِ
هَنيئاً لَكَ التَوفِيقُ فابقَ مُوَفَّقاً / طَوالَ اللَيال وَاعلُ في المُلكِ واسلَمِ
فَإِن بَنِي الدُنيا وَإِنَّكَ فِيهِمُ / لَكا لغُرَّةِ البَيضاءِ في وَجهِ أَدهَمِ
أَهاجَ لَكَ التَبرِيحَ إِيماضُ بارِقِ
أَهاجَ لَكَ التَبرِيحَ إِيماضُ بارِقِ / عَلى الجَوِّ مِنهُ ساطِعٌ يَتَوَهَّجُ
يَلُوحُ يَمانِيّاً كَأَنَّ صَرِيمَهُ / سَنا النارِ أَذكاها سَيالٌ وَعَرفَجُ
بَدا مَوهِناً وَاللَيلُ بِالنُورِ أَسفَعٌ / فَضَوّاهُ حَتّى اللَيلُ أَنبَطُ أَخرُجُ
خَبا تارَةً ثُمَّ استَطارَ كَأَنَّهُ / شَواظٌ مِنَ النارِ الَّتي تَتَأَجَّجُ
فَأَلمَحتُهُ صَحبِي وَقَد مَدَّ ضَوءَهُ / كَما امتَدَّ مِن تِبرٍ شَرِيطٌ مُدرَّجُ
أَرِقتُ لَهُ حَتّى بَدا الصُبحُ طالِعاً / عَلَيهِ مِنَ الظَلماءِ ثَوبٌ مُفَرَّجُ
فَيا بَرقُ مالِي مُغرَماً بِكَ كُلَّما / رَأَيتُكَ مِن نَحوِ الحِمى تَتَبَوَّجُ
وَذاكِرَ خَودٍ فِيكَ مِنها مَشابِهٌ / سِوارٌ وَخَلخالٌ وَطَوقٌ وَدُملُجُ
فَإِنَّكَ يا بَرقَ السَماوَةِ مُونِقٌ / بَهِيٌّ وَدَعدٌ مِنكَ أَبهى وَأَبهَجُ
تَبَرَّجتَ تَيّاهاً بِحُسنِكَ في الدُجى / وَتِلكَ حَصانُ الجَيبِ لا تَتَبَرَّجُ
وَثَغركَ بَسامٌ وَلَكِنَّ ثَغرَها / خِلافَكَ مَعسُولُ الثَنايا مُفَلَّجُ
وَأَنتَ نَحيفُ الجِسمِ مالَكَ تابِعٌ / بَطِيٌّ وَلا خَصرٌ إِذا قُمتَ مُدمَجُ
لَها الفَضلُ إِلّا أَنَّني مِنكَ سالِمٌ / وَمِن أُمِّ عَمرٍو طائِشُ اللُبِّ مُزعَجُ
فَلا تَحسَبَنِّي هائِماً بِكَ إِنَّما / يَهِيمُ بِها يا بَرقُ قَلبِي وَيَلهَجُ
وَمِن أَجلِها أَحبَبتُ لَيلى لِأَنَّهُ / كَما فَرعُها وَحفُ الأَنابِيبِ أَدعَجُ
وَمِمّا شَجاني يَومَ بانَت لُبَينَةٌ / غُرابٌ بِبَينِ المالِكِيَّةِ يَشَحَجُ
وَبَطرَبُ في إِثرِ الحُمُولِ كَأَنَّهُ / عَدُوٌّ بِتَفرِيقِ الأَحِبَّةِ مُلهَجُ
رَمَتكَ عُقابُ الجَوِّ بِالحَينِ إِنَّما / نَعِيبُكَ داءٌ في الحَيازِيمِ مُولَجُ
أَمُنتَفِعٌ بِالبَينِ أَم أَنتَ شامِتٌ / إِذا زُمَّتِ الأَجمالُ أَو شُدَّ هَودَجٍ
فَما أَنتَ إِلّا بِئسَ ما اعتِيضَ مِنهُمُ / غَداةَ اِستَقَلُّوا وَالوَخِيدُ المُسَجَّجُ
وَبِالغَورِ نارٌ تَستَبِينُ كَأَنَّما / سَنا ضَوئِها مِن بَينِ جَنبَيَّ يَخلَجُ
نَظَرتُ إِلَيها نَظرَةً لَم يَكُن لَها / عَلى الحِلمِ بَعدَ الأَربَعينَ مُعَرَّجُ
وَقَد لامَني صَحبِي عَلى ما أَصابَني / مِنَ الوَجدِ إِلّا أَنَّ ذا الحُبِّ مُحرَجُ
خَلِيلَيَّ لا تَستَعتِباني فَإِنَّنِي / إِلى الحِلمِ لَو واتانِي الحِلمُ أَحوَجُ
وَيا رُبَّ غَبراءِ المَخارِمِ يَرتَعِي / بِها فَرقَدٌ وَالمَسُّ لِلمَتنِ عَوهَجُ
تَرى ثَمَرَ الخُطبانِ فِيها كَأَنَّهُ / عَلى صَفحَةِ البَيداءِ هامٌ مُدَحرَجُ
تُعادِيهِ خِيطانُ النَعامِ كَأَنَّها / إِلى مِيرَةٍ بُزلٌ تُشَدُّ وَتُحدَجُ
وَتَلقى بِها قُمصَ الأَفاعِي كَأَنَّها / حُبابُ الحُمَيّا أَزبَدَت حِينَ تُمزَجُ
يُخَلِّفُها الصِلُّ الَّذي مَلَّ لُبسَها / كَما خَلَّفَ الدِرعُ الكَمِيُّ المُدَجَّجُ
أَقُولُ لِصَحبِي وَالرِكابُ شَواحِبٌ / كَأَن رذاياها المَزادُ المُشَنَّجُ
وَقَد لاحَ لِلسّارِي هِلالٌ كَأَنَّهُ / مِنَ الفِضَّةِ البَيضاءَ مِيلٌ مُعَوَّجُ
أَلا عَرِّجُوا بالعِيسِ نَحوَ ابنِ صالِحٍ / وَمِيلُوا عَلى حُرٍّ فَمالُوا وَعَرَّجُوا
إِلى مَلِكٍ سَمحِ اليَمِينَينِ لِلنَدى / إِلَيهِ وَلِلمَعرُوفِ قَصدٌ وَمَنهَجُ
صَفا صَفوَ ماءِ المُزنِ لَم يَختَلِط بِهِ / قَذى الأَرضِ وَالتُربُ الخَبِيثُ المُمَزَّجُ
أَكُونُ مِراراً ذا هُمُومٍ كَثِيرَةٍ / وَأَنظُرُ في وَجهِ المُعِزِّ فَتُفرَجُ
فَتىً ناجِزُ المِيعادِ لا خُلفَ عِندَهُ / وَلا دُونَهُ بابٌ مِنَ الرِزقِ مُرتَجُ
إِذا زارَهُ الزُوّارُ وافَت فُرُوشُهُ / تُجَرُّ وَباراها قِراهُ المُرَوَّجُ
تَعادى بِها غُرُّ الوَلائِدِ في الدُجى / حِجالاً عَلَيهِنَّ اللِباسُ المُدَبَّجُ
تَراهُنَّ قُعساً تَحتَ سُودٍ مَواثِلٍ / يَبُوخُ عَلَيهِنَّ السَدِيفُ المُلَهوَجُ
تَعَجَّلَ لِلطُراقِ ما كانَ حاضِراً / نَضِيجاً وَلِلغُيّابِ آخَرُ يُنضَجُ
وَلَيلٍ خَبَطناهُ بِعِيسٍ تَطَوَّحَت / إِلَيهِ كَما طاحَ النَعامُ المُهَجَّجُ
إِلى أَن رَأَينا الشُهبَ في الغَربِ جُنَّحاً / وَلِلصُبحِ وَجهٌ مِثلُ وَجهِكَ أَبلَجُ
فَلَمّا أَنَخنا في ذَراكَ رِكابَنا / كَفَيتَ الفَتى المُحتاجَ ما يَتَحَوَّجُ
فَبُوُرِكتَ مِن غَيثٍ يَسِحُّ إِذا غَدا / يَشِحُّ بِنُعماهُ الجَهامُ المُزَبرَجُ
وَما وَلَدَت مِن عامِرٍ عامِرِيَّةٌ / أَشَدَّ جَناناً مِنكَ وَالخَيلُ تُسرَجُ
خِفافاً إِلى حَملِ العَوالي كَأَنَّها / إِذا ما ثَنَيناها النَخِيلُ المُهَيَّجُ
وَلا في بَني حَوّاءَ مِثلُكَ مُقدِماً / عَلى الهَولِ لا يَنبُو وَلا يَتَلجلَجُ
وَمَن مِثلُ فَخرِ المُلكِ يَملِكُ حِلمَهُ / وَيَزدادُ رَحباً صَدرُهُ حِينَ يُحرَجُ
وَلَم أَرَ مِثلَ الحَمدِ يُنشَرُ لِلفَتى / وَلا مِثلَهُ عَن فاعِلِ السُوءِ يَدرُجُ
وَفِي الفازَةِ البَيضاءِ مِن آلِ صالِحٍ / فَتىً مُولَعٌ بِالخَيرِ مُذ كانَ مُلهَجُ
مِنَ الصالِحيِّينَ الَّذينَ تَطَوَّلُوا / فَطالُوا وَجَلَّوا كُلَّ بُؤسٍ وَفَرَّجُوا
أَحاسِدَهُم نَهنَهتَ عَن طَلَبِ العُلى / وَجَدُّوا فَنالُوها وَنِمتُ وَأَدلَجُوا
إِلَيكَ فَقَد رامَ الَّذي رُمتَ مَعشَرٌ / تَرَقَّوا عَلى آثارِهِم فَتَزَلَّجُوا
أَبا صالِحٍ أَنتَ الَّذي سَيبُ كَفِّهِ / يَسِحُّ كَما سَحَّ الغَمامُ المُثَجَّجُ
لِيثبِتَ أَركانَ العَشِيرَةِ بَعدَما / تَهَدَّمَ مِنها المُشَمخِرُ المُبَرَّجُ
وَنُبتَ مَناباً عَن أَخِيكَ تَهُزُّهُ / كَشُكرِكَ في أَكفانِهِ وَهوَ مُدرَجُ
وَإِنَّكَ لِلأَقصَينَ ذُخرٌ وَعُدَّةٌ / فَكَيفَ لِذِي لَحمٍ بلَحمِكَ يُمزَجُ
عَلِيٌّ وَمَحمُودٌ سَواءٌ وَصالِحٌ / كَطِرفٍ لَهُ هادٍ وَعُرفٌ وَمَنسِجُ
فَزِدهُم جَميلاً مِن جَميلَكَ إِنَّهُم / إِذا ما عَرا خَطبٌ وَلَجَّجتَ لَجَّجُوا
وَقَد شاعَ في الآفاقِ ما أَنتَ فاعِلٌ / وَأَثنَت عَلى نُعماكَ قَيسٌ وَمَذحِجُ
فَلا ذاقَتِ الدُنيا فِراقَكَ إِنَّنِي / أَرى ساحَةَ الدُنيا بِوَجهِكَ تبهِجُ
سَرى طَيفُ هِندٍ وَالمَطِيُّ بِنا تَسري
سَرى طَيفُ هِندٍ وَالمَطِيُّ بِنا تَسري / فَأَخفى دُجى لَيلٍ وَأَبدى سَنا فَجرِ
خَلِيلَيَّ فُكّاني مِنَ الهَمِّ وَأَركَبا / فِجاجَ المَوامِي الغُبرِ في النُوَبِ الغُبرِ
إِلى مَلِكٍ مِن عامِرٍ لَو تَمَثَّلَت / مَناقِبُهُ أَغنَت عَنِ الأَنجُمِ الزُهرِ
إِذا نَحنُ أَثنَينا عَلَيهِ تَلَفَّتَت / إِلَيهِ المَطايا مُصغِياتٍ إِلى جَبرِ
وَفَوقَ سَريرِ المُلكِ مِن آلِ صالِحٍ / فَتىً وَلَدَتهُ أُمُّهُ لَيلَةَ القَدرِ
فَتىً وَجهُهُ أَبهى مِنَ البَدرِ مَنظَراً / وَأَخلاقُهُ أَشهى مِنَ الماءِ وَالخَمرِ
أَبا صالِحٍ أَشكُو إِلَيكَ نوائِباً / عَرَتنِي كَما يَشكُو النَباتُ إِلى القَطرِ
لِتَنظُرَ نَحوِي نَظرَةً إِن نَظَرتَها / إِلى الصَخرِ فَجَّرتَ العُيونَ مِنَ الصَخرِ
وَفِي الدارِ خَلفِي صِبيَةٌ قَد تَرَكتهُمُ / يُطِلُّونَ إِطلالَ الفِراخِ مِنَ الوَكرِ
جَنَيتُ عَلى رُوحِي بِرُوحي جِنايَةً / فَأَثقَلتُ ظَهرِي بِالَّذي خَفَّ مِن ظَهرِي
فَهَب هِبَةً يَبقى عَلَيكَ ثَناؤُها / بَقاءَ النُجومِ الطالِعاتِ الَّتي تَسرِي
عِدادُ الثُرَيّا مِثلُ نِصفِ عِدادِهم / وَمَن نَسلُهُ ضِعفُ الثُرَيّا مَتى يُثرِي
وَأَخشى اللَيالِي الغادِراتِ عَلَيهِمُ / لِأَنَّ اللَيالي غَيرُ مَأمُونَةِ الغَدرِ
وَلِي مِنكَ إِقطاعٌ قَدِيمٌ وَحادِثٌ / تَقَلَّبتُ فِيهِ تَحتَ ظِلِّكَ مِن عُمرِي
وَما أَنا بِالمَمنُوعِ مِنهُ وَلا الَّذي / أَخافُ عَلَيهِ مِنكَ حادِثَةً تَجرِي
وَلَكِنَّني أَبغِيهِ مُلكاً مُخَلَّداً / خُلُودَ القَوافِي الباقِياتِ عَلى الدَهرِ
صَبَرتَ عَلى الأَهوالِ صَبرَ ابنِ حُرَّةٍ
صَبَرتَ عَلى الأَهوالِ صَبرَ ابنِ حُرَّةٍ / فَأَعطاكَ حُسنُ الصَبرِ حُسنَ العَواقِبِ
وَأَتعَبتَ نَفساً يابنَ نَصرٍ نَفِيسَةً / إِلى أَن أَتاكَ النَصرُ مِن كُلِّ جانِبِ
وَأَنتَ امرُؤُ تَبغِي العُلى غَيرَ عاجِزٍ / وَتَسعى إِلى طُرق الرَدى غَيرَ هائِبِ
يُطَوِّلُ مَحمُودُ بنُ نَصرِ وَفِعلُهُ / كِلاباً كَما طالَت تَمِيمٌ بِحاجِبِ
هَوى الشَرَفُ العالِي بِمَوتِ أَبِي يَعلى
هَوى الشَرَفُ العالِي بِمَوتِ أَبِي يَعلى / وَلا غَروَ أَن جَلَّت رَزِيَّةُ مَن جَلّا
سَيَصلى بِنارِ الحُزنِ مَن كانَ آمِناً / بِهِ أَنَّهُ في الحَشرِ بِالنارِ لا يَصلى
تَحَلَّت بِهِ الدُنيا فَحَلَّ بِهِ الرَدى / فَعَطَلَّها مِن ذَلِكَ الحَليِ مَن حَلّى
فَقَدناهُ فَقدَ الغَيثِ أَقلَعَ وَبلُهُ / عَنِ الأَرضِ لَمّا أَمَّلت ذَلِكَ الوَبلا
لَقَد فَلَّ مِنهُ الدَهرُ حَدَّ مُهَنَّدٍ / تَركنا بِهِ في كُلِّ حَدٍّ لَهُ فَلّا
فَلَستُ أُبالِي بَعدَهُ أَيَّ غابِرٍ / مِنَ الناسِ أَملى اللَهُ مُدَّتَهُ أَم لا
تَقِلُّ دُمُوعِي وَالهُمُومُ كَثِيرَةٌ / كَذاكَ دُخانُ النارِ إِن كَثُرَت قَلّا
وَآنَفُ أَن أَبكِي عَلَيهِ بِعَبرَةٍ / إِذا لَم تَكُن غَرباً مِنَ الدَمعِ أَو سَجلا