المجموع : 40
فقالَ له قد كان عيسى بنُ مريمٍ
فقالَ له قد كان عيسى بنُ مريمٍ / بزعمك يُحيي كلَّ مَيْتٍ ومُقْبَرِ
فماذا الذي أُعطيتَ قال محمدٍ / لمثلِ الذي أُعطيه إنْ شئتَ فانظِرِ
إلى مثلِ ما أعطي فقالوا لكفرِهم / إلا أرِنا ما قلتَ غيرَ مُعذَّرِ
فقال رسولُ الله قمْ لوصيِّه / فقامَ وقِدماً كانَ غيرَ مُقَصِّرِ
وردّاه بالمِنجابِ والله خَصّه / وقال اتبعوهُ بالدعاء المبرَّرِ
فلمّا أتى ظَهرَ البقيعِ دعا بهِ / فَرَجَّت قُبورٌ بالوَرى لم تُغَيَّرِ
فقالوا له يا وارثَ العلم أعفِنا / ومُنَّ علينا بالرّضى منك واغفِرِ
وفاطمُ قد أوصَتْ بأنْ لا يُصلِّيا
وفاطمُ قد أوصَتْ بأنْ لا يُصلِّيا / عليها وأن لا يَدنوا من رَجا القبرِ
عليّاً ومِقداداً وأن يخرجوا بِها / رويداً بِلَيْلٍ في سكوتٍ وفي سَترِ
وليلةَ كادَ المشركون محمداً
وليلةَ كادَ المشركون محمداً / شَرى نفسَه للهِ إذ بِتَّ لا تَشري
فباتَ مَبيتاً لم يكن لِيبيتَه / ضعيفُ عمودِ القلبِ منتفخُ السِّحرِ
وصيُّ رسول الله والأوّلُ الذي
وصيُّ رسول الله والأوّلُ الذي / أنابَ إلى دارِ الهُدى حين أيفَعا
غلاماً فصلَّى مُسْتَسِرّاً بدينِه / مخافةَ أن يُبغى عليه فيُمنعا
بمكّةَ إذ كانت قريشٌ وغيرُها / تظلُّ لأوثانٍ سجوداً وركعَّا
شريكُ رسولِ الله في البُدُن التي / حَداها هدايا عامَ حجٍّ فودَّعا
فلم يعُد أن وافى الهَديُّ محلّه / دَعا بالهدايا مُشْعَرات فصرَّعا
بكفّيهِ ستّاً بعد ستّين بَكرةً / هدايا له قد ساقها مائةً معا
وفازَ عليُّ الخيرِ منه بأينُقٍ / ثلاثينَ بل زادت على ذاك أربعا
فنحَّرها ثم اجتذى من جَميعها / جُذى ثم ألقى ما اجتذى منه أجمعا
بِقِدرٍ فأغلاها فلمّا أتت أتى / بها قد تهرّى لحمُها وتميَّعا
فقال له كلّ واحسُ منها ومثلما / تَراني بإذنِ الله صنعُ فاصنَعا
ولم يُطْعِما خَلقاً من الناسِ بِضعةً / ولا حسوةً من ذاك حتى تَضلَّعا
وفي يوم بدرٍ حينَ بارزَ شيبة
وفي يوم بدرٍ حينَ بارزَ شيبة / بِعَضبِ حُسامٍ والأسنَّةُ تَلمَعُ
فبادره بالسيف حتى أذاقه / حِمام المنايا والمنيّاتُ تَرْكَعُ
وصيّره نهباً لذئبٍ وقَشْعَمٍ / عليه من الغِربان سودٌ وأبقَعُ
وفي يوم جاءَ المشركونَ بجمعِهم / وعمرو بن عبدٍ في الحديدِ مقنَّعُ
فجدَّله شِلواً صريعاً لوجهِهِ / رَهيناً بقاعٍ حولَه الضَّبْعُ تَخْمَعُ
وأهلكهم ربّي ورُدُّوا بِغيظهم / كما أُهلِكَتْ عادُ الطغاةِ وتُبَّعُ
وفي خاصفِ النّعلِ البيانُ وعبرةٌ / لِمعتَبِرٍ إذ قال والنّعلُ تُرقَعُ
لأصحابه في مجمعٍ إن منكم / وأنفسُكم شوقاً إليه تَطلَّعُ
إماماً على تأويلِه غيرُ جائِرٍ / يُقاتل بَعدي لا يَصِلّ ويَهْلَعُ
فقال أبو بكرٍ أنا هو قالَ لا / فقال أبو حفصٍ أنا هو فاسْفَعُ
فقال لهم لا لا ولكنّه أخي / وخاصفُ نَعلي فاعرِفوهُ المُرَقِّعُ
وفي طائرٍ جاءت به أم أيمنٍ / بيانٌ لمن بالحقِّ يَرضى ويَقْنَعُ
فقال إلهي آتِ عبدَك بالذي / تُحبّ وحبُّ اللهِ أعلى وأَرفَعُ
ليأكلَ من هذا معي وينالَه / فجاءَ عليٌّ من يَصُدُّ ويَمنَعُ
فقال له إنّ النبيَّ ورده / على حاجةٍ فارجع وكلٌّ ليَرجعُ
فعادَ ثلاثاً كلّ ذاكَ يَرُّده / فأهوى بتأييدِ إلى الباب يَقْرَعُ
فاسمَعهُ القرعَ الوصيُّ لِبابِهِ / فقال له ادخل بعدَما كادَ يرجعُ
وقال له يَشكو وقد جئتُ مرّةً / وأخرى وأخرى كلَّ ذلك أَدفعُ
فَسَرَّ رسولَ الله أكلُ وصيِّهِ / وأنفُ الذي لا يَشتهي ذاك يُجدعُ
وقال له ما إن يُحبّك صادِق / من الناس إلاّ مؤمنٌ متورِّعُ
ويَقلاك إلاّ كافرٌ ومنافقٌ / يفارقُ في الحقّ الأنامَ ويَخَلَعُ
فلمّا قضى وحي النبيّ دعا له / ولم يكُ صلّى العصرَ والشمسُ تَنْزِعُ
فرُدّت عليهِ الشمسُ بعد غُروبِها / فصار لها في أوّلِ الليلِ مَطلَعُ
وأسكنه في مَسجد الطُّهر وحدَه / وزوَّجه واللهُ من شاءَ يَرفَعُ
مجاوِرُهُ فيه الوصيُّ غيرُه / وأبوابهم في مسجدِ الطُّهرِ شُرَّعُ
فقال لهم سُدّوا عن اللهِ صادقاً / فضَنُّوا بها عن سَدِّها وتمنَّعوا
فقامَ رجالٌ يذكرونَ قرابةً / وما ثمّ فيما يبتغي القومُ مَطمَعُ
فعاتبه في ذاك منهم معاتِبٌ / وكان له عمّاً وللعمّ مَوْضِعُ
فقالَ له أخرجتَ عمَّكَ كارهاً / وأسكنتَ هذا إن عمّك يَجْزَعُ
فقال له يا عمّ ما أنا بالذي / فعلتُ بكم هذا بل الله فاقنعوا
وقد كان في يوم الحدائقِ عبرةٌ / وقولِ رسولِ الله والعينُ تَدمِعُ
فقال عليّ ممّ تَبكي فقال مِن / ضغائنَ قومٍ شَرُّهم أتوقّعُ
علكَ وقد يُبدونها بعد مِيتتي / فماذا هُديتَ اللهُ في ذاك يُصنَعُ
وفي يومِ ناجاه النبيُّ محمدٌ / يُسِّر إليه ما يُريد ويُطْلِعُ
فقال أطال اليوم نَجوى ابن عمّه / مناجاتُه بغيٌّ وللبغيِ مَصرع
فقال لهم لست الغداة انتجيته / بل الله ناجاه فلم يتورعوا
فأبصر ديناراً طَريحاً فلم يزل / مُشيراً به كَفاً يُنادي ويُسمِعُ
فمال به والليلُ يَغشى سوادُه / وقد همَّ أَهل السُّوقِ أن يتصدَّعوا
إلى بيِّعٍ سَمحِ اليدينِ مباركٍ / توسّم فيه الخيرَ والخيرُ يُتْبَعُ
فقال له بِعني طعاماً فباعَهُ / فقال لك الدينارُ والحَبُّ أجمَعُ
فلا ذلك الدينارُ أُحميَ تِبره / ولا الحَب ممّا كان في الأرضِ يُزرَعُ
فبايعه جبريلُ والضيفُ أحمدٌ / فثمَّ تناهى الخير والبرّ أجمع
وفي أهلِ نجرانٍ عشيَة أقبلوا / إليه وحَجُّوا بالمسيحِ فأبدَعوا
وردُّوا عليه القولَ كُفراً / وقد سمِعوا ما قال فيه وأروعوا
فقال تعالوا نَدعُ أبناءَنا معاً / وابناءَكم ثُمّ النساءَ فأجمَعوا
وأنفسَنا ندعو وأنفسَكم معاً / ليجمعَنا فيه من الأصلَ مَجْمَعُ
فقالوا نعم فاجمع نُباهِلْكَ بُكرةً / وللقومِ فيه شِرّة وتسرُّعُ
فجاؤوا وجاء المصطفى وابنُ عمّه / وفاطمُ والسِبطانِ كي يَتضرّعوا
إلى اللهِ في الوقتِ الذي كان بينهم / فلمّا رَأَوْهم أحجموا وتَضعضعوا
فقال له مه يا بُريدةُ لا تَقل / فإن برغمي في عليِّ تَتَبُّعُ
فمنِّي عليَّ يا بُريدةُ لم يَزل / وإنّي كذا منه على الحقِّ نُطْبَعُ
وليُّكُم بَعدي علي فايقنوا / وقائِعَهُ بعد الوقيعةِ تُسرِعُ
بتوبته مستعجلاً خابَ إنّه / بِسبِّ علي في لَظىً يَتَدرَّعُ
ألا طرقتنا هندُ والرَّكبُ هُجَّعُ
ألا طرقتنا هندُ والرَّكبُ هُجَّعُ / وطافَ لها منّي خيالٌ مروِّعُ
عجبتُ لها أنّى سَرت فَتَعسَّفَتْ / ظلامَ الدجى والليل أعبسُ أسفَعُ
فأنَّى اهتدت للركبِ والركبُ مُعْرِسٌ / بحيث يَظلّ الطيرُ والوحشُ تَرْتَعُ
وعَهدي بها ترتاعُ من صوتِ وَطئِها / ومَن فَيَّها بين المقاصيرِ تَجزعُ
فقلتُ لها يا هندُ أهلاً ومرحباً / وبتُّ بِها من لَيلتي أتمتَّعُ
بِضَمٍّ وتقبيلٍ على غير رِقبةٍ / وطيبِ عناق ليس فيه تمنُّعُ
ألا حظُ منها الوجهَ كالشمسِ تطلعُ / وألثُمُ منها الثغرَ كالمِسك يَسطعُ
وأرشُف من فيها رُضاباً كأنّه / مُعتّقه راحٌ بماءٍ تُشَعْشَعُ
فيا طيبَ ليلٍ بتّ فيه مُمَتَّعاً / إلى أن بدا وجهٌ من الصّبحِ يَشنُعُ
فقمتُ حزيناً آكلُ الكفَّ حسرةً / وأعلم أن قد كنتُ في النوم أُخدَعُ
أما تَرحمي يا هندُ صبّا متيَّماً / وكادَ اشتياقاً قلبُه يَتقطَّعُ
يبيتُ وقد قرَّتْ بوصِلكِ عينُه / ويُضحي وما في نظرةِ منك يَطمَعُ
فيا ليتَ شعري هل لديكِ لِوامقٍ / سبيلٌ وإلاّ هل عن الحبِّ مَرجعُ
بلى في هوى آل النبيِّ محمدٍ / لمثلي تَعلٍّ عن هَواك ومَقنَعُ
ألا أنّما العبدُ الذي هو مؤمنٌ / يقيناً هو المرءُ الذي يَتَشَّيعُ
إذا أنا لم أهوَ النبيًّ وآلهَ / فمن غيرُهم لي في القيامةِ يَشفعْ
ومن يسقني رِيّاُ من الحوضِ شربةً / هنالك إلاّ أصلعُ الرأسِ أنزَعُ
ومَن قائلٌ للنار إذْ ما وَرَدْتُها / ذَرى ذا وجُلُّ الناسِ في النّارِ وقَّعُ
ومن بِلواءِ الحمدِ ثَمَّ يُظلّني / سواهُ وشمسُ الحشرِ في الوجهِ تَلذَعُ
عليٌّ وصيُّ المصطفى ووزيرُه / وناصرُه والبيضُ بالبيضِ تُقرَعُ
وأكرمُ خلق الله صنو محمد / ومن ليس عن فضلٍ إذا عُدّ يُدفعُ
ومن معه صلّى وصامَ لربِّهِ / وللاّت قومٌ ساجدونَ وركَّعُ
فذاك أمير المؤمنينَ ومن له / فضائلُ ما كادتْ لخِلقٍ تَجَمَّعُ
هو الخاطرُ المختالُ يَمشي بِسيفِهِ / إلى أهلِ بدرٍ والأَسَّنةُ تُنْزَعُ
وقد زُفّت الحربُ العوانُ إليهمُ / عليها حِليٌّ من قواضبَ تَلمَعُ
فجاشت لها نفسُ الشجاعِ مخافةً / وقصّر عنها الفارسُ المتسرِّعُ
واحجم عنها المسلمونَ ولم يكن / ليثبتَ إلاّ رابطُ الجأشِ أروعُ
مشى باذِلاً للموتِ في الله نفسَهُ / وأيّده واللهُ ما شاء يَصنعُ
هناك بَرى هامَ الكُماةِ بصارمٍ / له من سيوفِ الهند ما مَسّ يَقْطَعُ
وفي خيبرٍ فاسأل به آل خيبرٍ / أَمِن ضربِهم بالسيفِ هل كان يَشبَعُ
ألم يُردِ فيها مَرحباً فارسَ الوغى / صَريعاً لجنبيهِ ذئابٌ وأَضبُعُ
أما فتحَ الحصنَ المَشيدَ بناؤُّهُ / وقد كاعَ عنه قبل ذلك تُبَّعُ
ومن قَلعتَ يُمنى يديه رِتاجه / وقد قصَّرت عنه أكفٌّ وأذرعُ
ومن ذا سَبى منه حصاناً كريمَةَ / يَذُبّ هُمامُ القومِ عنها ويَدفعُ
فقرَّ رسولُ الله عيناً بقربِها / وقد طَمِعَتْ منها نفوسٌ تَطلَّعُ
ومن ذا له قال النبيُّ محمدٌ / غداةَ تَبوكٍ حين قالوا وشنّعوا
فغَمّ أميرَ المؤمنين مقالُهم / وكادت أماقيه من الحُزنِ تَدمَعُ
فقام رسول الله فيهم مبلِّغاُ / لهم فضلّه لو كان ذلك يَنجَعُ
فقالَ عليٌّ فاعلموا من نبيّكمْ / كهارونَ من موسى فكفُّوا وأَقلِعوا
ومن ذا لهم في يوم خُمٍّ أقامَه / وقال لهم فيه مَقالاً فأجمعوا
فقال فمن قد كنتُ مولاه منكمُ / فهذا له مَولىً يُطاعُ ويُسمَعُ
ومن حملته الريحُ فوق سحابةٍ / بقدرةِ ربٍّ قدرَ من شاء يَرفعُ
ومرّ بأصحابِ الرقيمِ مسلِّماً / فردّوا من الكهفِ السلامَ فأسمعوا
ومن فجَّر الصخرَ الأصمَّ لجندِه / ففاضَ معيناً منه للقوم يَنُبعُ
ومن لصلاةِ العَصر عند غُروبها / تُرَدُّ له والشمسُ بيضاُ تَلمَعُ
فصلّى صلاةَ العصرِ ثم انثنتْ له / تَسير كَسَيرِ البرقِ والبرقُ مُسرعُ
فيا لائمي في حُبّهم كُفَّ إنّني / بحبِّ أميرِ المؤمنينَ لَمولَعُ
ولا دِنْتُ إلاّ حبَّ آل محمدٍ / ولا شيءً منه في القيامة أنفَعُ
إذا العدلُ والتوحيدُ كانا وحبُّه / بقلبي فإنّي العابدُ المُتطَوِّعُ
أنا السيّد القوَال فيهم مدائحاً / تمرُّ بقلبِ الناصِبينَ فتَصدَعُ
وأدَّيتَ عنهُ كلَّ عَهدٍ وذمَّةٍ
وأدَّيتَ عنهُ كلَّ عَهدٍ وذمَّةٍ / وقد كان فيها واثِقاً بوفائِكا
فقلتُ له أقضي ديونَكَ كُلَّها / وأَقضي بإنجازٍ جميعَ عِداتِكا
ثمانين ألفاً أو تزيدُ قضيتَها / فأبرأتُه منها بحسن قضائِكا
وإن مسيَري من ذُراكَ ضرورةٌ
وإن مسيَري من ذُراكَ ضرورةٌ / ولولا اضطراري ما رضيتُ بذلِكا
وما رِحلتي إلاّ تُبَشِّرُ عاجِلاً / بأنّي أُقيمُ الدهرَ تحتَ ظِلالِكا
أُحبّ الذي قد ماتَ من أهل وُدِّهِ
أُحبّ الذي قد ماتَ من أهل وُدِّهِ / تلقّاه بالبُشرى لدى الموتِ يَضحَكُ
ومن مات يَهوى غيرَه من عدوِّهِ / فليس له إلاّ إلى النّارِ مَسلَكُ
أبا حسن أَفديكَ نَفسي وأُُسرتي / وما لي وما أصبحت في الأرضِ أمْلِكُ
أبا حسن إنّي بفضلِكَ عارِفٌ / وإِنّي بحبلٍ من هواكَ لَمُمْسِكُ
وأنت وصيّ المُصطفى وابنُ عمِّهِ / فإنّا نُعادي مُبغضيكَ ونَتركُ
ولاحٍ لحاني في عليٍّ وحِزبِهِ / فقلتُ لحاك اللهُ إنّك أعْفَكُ
مُواليكَ ناجٍ مؤُمنٌ بيّنُ الهُدى / وقاليكَ معروفُ الضَّلالةِ مُشرِكُ
وصيُّ النبيِّ المصطفى وابنُ عمِّه
وصيُّ النبيِّ المصطفى وابنُ عمِّه / وأوَّلُ من صلَّى لذي العزّةِ العالي
وناصِرُهُ في كلِّ يومِ كَريهةٍ / إذا كان يومٌ ذو هَرير وزلزالِ
وعمرو بن عبدٍ قَدَّ مِنْهُ شَواته / بأبيضَ مصقولٍ الغِرارين فَصَّالِ
كأنّ على أثوابه من نَجيعه / عصيرُ البرايا أو نضيحةُ جِريالِ
غداةَ مشى الأكفاءُ من آل هاشمٍ / إلى عبدِ شمسٍ في سرابيلِ أهوالِ
كأنّهم والسابغاتُ عليهمُ / مصاعبُ أجمالٍ مَشَتْ تحتَ أحمالِ
وصلّى ولم يُشرِك سنينَ وأشهراً
وصلّى ولم يُشرِك سنينَ وأشهراً / ثمانيةً من بعد سبعٍ كواملِ
فَمَن لم يكنْ يعرفَ إمامَ زَمانِهِ
فَمَن لم يكنْ يعرفَ إمامَ زَمانِهِ / وماتَ فقد لاقى المنّيَةَ بالجَهلِ
ونِعمتي الكُبرى على الخلقِ من غَدا
ونِعمتي الكُبرى على الخلقِ من غَدا / لها شاكراً دامت وأُعطي تَمامَها
وسل فتيةَ الكهفِ الذين أتاهم / فأيقظَ في ردِّ السلامِ منامَها
فماَ إلى أدناهمُ منهُ بيِّعاً
فماَ إلى أدناهمُ منهُ بيِّعاً / توسّم فيه خيرَ ما يُتَوسُّمُ
فقال له بِعني طعاماً فباعَه / جميلَ المحيّا ليسَ منه التَجَهُّمُ
فكال له حبّاً به ثمّ ردَّه / إليه وأرزاق العباد تقسَّمُ
فآب برزقٍ ساقَه اللهُ نحوَه / إلى أهله والقومُ للجوعِ رُزَّمُ
فلا ذلك الدينارُ أُحْمِيَ تِبره / يَقيناً وأما الحَبُّ فاللهُ أعلمُ
أمِنْ زرعِ أرضٍ كان أم حبُّ جَنَّةٍ / حَباه به من نالَه منه أنعُمُ
وبيَّعهُ جبريلُ أطهرُ بيِّعٍ / فأيُّ أيادي الخيرِ من تلكَ أعظمُ
يكلِّمُ جبريلُ الأمينُ فإنّه / لأفضلُ من يَمشي ومَن يَتَكلَّمُ
وكان له من أحمدٍ كل شارق / قُبَيْلَ طلوعِ الشمس أو حين تَنْجُمُ
إذا ما بدَت مثل الطَلايةِ دخلةٌ / يَقومُ فيأتي بابَه فيسلَّمُ
يقول إذا جاء السلامُ عليكم / ورحمةُ ربّي إنّه مُتَرحِّمُ
فيُلْقى بترحيبٍ ويجلسُ ساعةً / ويُؤْتى بفضلٍ من طعامٍ فيُطْعَمُ
ويدعو بِسِبْطَيهِ حناناً ورقةً / فيُدنيهما منهُ قريباً ويُكرمُ
يَضمُّهما ضمَّ الحبيبِ حَبيبَه / إلى صدرِه ضَمّاً وشمّاً فَيَلْثُمُ
ومارقةٍ من دينهِم فارقوا الهُدى / ولم يأتلوا بغياً عليهِ وحَكَّمُوا
سَطَوا بابنِ خبّابٍ وألقى بنفسِهِ / وقتلُ ابن خبابٍّ عليهم محرََّمُ
فلما أبوا في الغَيِّ إلاّ تمادياً / سَما لهمُ عَبلُ الذّراعين ضَيْغَمُ
فأضحَوْا كعادِ أو ثمودٍ كأنّما / تَساقوا عُقاراً أسكرتهم فنَوّموا
لِمَنْ طَللٌ كالوشمِ لم يَتَكلّمِ
لِمَنْ طَللٌ كالوشمِ لم يَتَكلّمِ / ونُؤيٌ وآثارٌ كَتَرقيشِ مُعْجَمِ
ألا أيّها العاني الذي ليس في الأذى / ولا اللومِ عندي في عليٍّ بمُحْجِمِ
ستأتيك منّي في عليٍّ مقالةٌ / تَسؤُوك فاستأخِر لها أو تَقَدَّمِ
عليٌّ له عندي على من يَعيبُه / من الناسِ نصرٌ باليدينِ وبالفمِ
متى ما يُرد عندي مُعادية عَيبَه / يجدْ ناصِراً من دونِه غيرَ مُفْحَمِ
عليٌّ أحبُّ الناسِ إلاّ محمداً / إليّ فدعني من مَلامِكَ أوْ لُمِ
عليٌّ وصيُّ المصطفى وابنُ عمِّهِ / وأوّلُ من صلّى ووحّد فاعلمِ
عليٌّ هو الهادي الإمامُ الذي به / أنار لنا من ديننا كلَّ مُظِلمِ
عليٌّ وليّ الحوضِ والذائدُ الذي / يُذَبِّبُ عن أرجائه كلَّ مُجرِمِ
عليٌّ قيمُ النارِ من قَولهِ لها / ذَري ذا وهذا فاشربي منه واطعمِ
خذي بالشَّوى مّمن يُصيبك منهمُ / ولا تَقربي من كل حزِبي فَتَظلِمي
عليٌّ غداً يُدعى فيكسوهُ ربُّهُ / ويُدنيه حَقّاً من رفيقٍ مُكَرَّمِ
فإن كنت منه يومَ يُدينه راغماً / وتُبدي الرضا عنهُ من الآن فارغمِ
فإنّك تلقاه لدَى الحوضِ قائماً / مع المصطفى الهادي النبيِّ المعظَّمِ
يُجيزان من والاهما في حياتِه / إلى الرُّوحِ والظِّل الظليلِ المُكمَّمِ
عليّ أميرُ المؤمنينَ وحقُّهُ / من اللهِ مفروضٌ على كلِّ مُسلمِ
لأن رسول الله أوصى بحقِّهِ / وأشركه في كلّ فيءِ ومَغنَمِ
وزوجتُهُ صِدِّيقة لم يكن لها / مقارِنةٌ غيرُ البَتولةِ مريمِ
وكان كهارونَ بن عمرانَ عندَهُ / من المصطفى موسى النجيبِ المكلُّمِ
وأوجَب يوماً بالغديرِ ولاءَه / على كلِّ بَرٍّ من فصيحٍ وأَعْجَمِ
لدى دوحِ خُمٍّ آخذاً بيمينهِ / يُنادي مُبيناً باسمه لم يُجَمْجِمِ
أما والذي يَهوي إلى ركنِ بيتهِ / بِشُعثُ النواصي كلُّ وجناءَ عَيْهَمِ
يُوافين بالرُّكبانِ من كلِّ بلدةٍ / لقد ضلَّ يومَ الدَّوْحِ من لم يُسلِّمِ
وأَوصى إليه يومَ ولَّى بأمرِهِ / وميراثِ علمٍ من عُرى الدينِ مُحْكَمِ
فما زالَ يَقضي دَيْنَه وعِداتِه / ويدعو إليها مُسمِعاً كلَّ مَوْسِمِ
يقول لأهلِ الدِّيْن أهلاً ومرحباً / مقالةَ لا مَنٍّ ولا مُتَجهِّمِ
ويَنشُرها حتى يخلِّصَ ذِمّةً / ببذلِ عطايا ذي ندىً مُتَقَسِّمِ
فَمَهْ لا تَلمني في عليٍّ فإنّه / جَرى حبُّه ما بين جِلدي وأعظمي
ولو لم تكن أعمى به وبفضلِهِ / عذرتُ ولكن أنت عن فَضْلِهِ عَمي
أليسَ بِسُلْعٍ قَنَّع المسرفَ الذي / طَغى وبغى بالسيفِ فوق المُعَمَّمِ
وبدرٌ وأُحدٌ فيهما من بلائِه / بلاءٌ بحمدِ اللهِ غيرُ مُذَمَّمِ
وللهِ جلَّ اللهُ في فتحِ خيبرٍ / عليه ومنه نعمةٌ بعدَ أنعُمِ
مشى بين جبريلٍ وميكالَ حولَه / ملائكةٌ شبهَ الهِزَبرِ المُصَمَّمِ
فصمَّم آطامَ الذين تهوّدوا / بأرعنَ مّمن يَعبد اللهَ مْوحَمِ
لِيُشهدَهم ربُّ السماءِ جِهادَهُ / ويُعلِمَهم إقدامُه غيرَ مُحْجِمِ
فأَعطَوْا بأيديهمْ صَغاراً وذِلّةً / وقالوا له نًَرضى بحكمِك فاحْكُمِ
فيا ربِّ إنّي لم أرد بالذي به / مدحتُ عليّاً غيرَ وجهكَ فارْحَمِ
إذا خرجت دبّابةُ الأرضِ لم تَدعْ / عدوّاً له إلاّ خَطيماً بِمِعْصَمِ
متى يَرها من ليسَ من أهل وُدِّهِ / من الإنسِ والجِن العفاريتِ يُخْطَمِ
سأحكمُ إذ حكّمتني غيرَ مسرفٍ
سأحكمُ إذ حكّمتني غيرَ مسرفٍ / ولا مُقتر يا بنِ الكرام القماقمِ
ثلاثةَ آلافٍ وطِرْفاً وبغلةً / وجاريةً حسناءَ ذات مآكمِ
وسَرجاً وبِرذوناً دريراً وكسوةَ / وما ذلك بالإكثارِ من حكمِ حاكمِ
أرحني بهذا في مُقامي فإنّني / لَعمرُك ما لم أعطّها غيرُ نائمِ
فلو كنتُ بالأهواز لم أرضَ منكمُ / بِوَسقِ أُلوفِ من خِيارِ الدراهمِ
أتى جِبْرَئيلٌ والنبيُّ بِضَحوةِ
أتى جِبْرَئيلٌ والنبيُّ بِضَحوةِ / فقال أقِمْ والناسُ في الوَخْدِ تُمحَنُ
وبلِّغْ وإلاّ لم تبلِّغْ رسالةً / فحطَّ وحطَّ الناسُ ثمَّ وطَّنوا
على شجراتٍ في الغديرِ تقادَمَتْ / فقامَ على رحلٍ يُنادي ويُعلِنُ
وقال ألا مَنْ كنتُ مولاه منكمُ / فمولاه من بَعدي عليٍّ فأذعِنوا
فقال شقيُّ منهم لِقرينهِ / وكم من شقيٍّ يَستذلُ ويَفتنُ
يَمدُّ بضبعيهِ علِيّاً وإنّه / لما بالذي لم يؤتَه لَمُزيَّنُ
كأن لم يكنْ في قلبِه ثقةٌ بهِ / فيا عجباً أتّى ومن أينَ يؤْمَنُ
وإنّ لساني مِقْوَلٌ لا يَخونُني
وإنّ لساني مِقْوَلٌ لا يَخونُني / وإنّي لما آتي من الأَمرِ مُتْقِنُ
أَحوكُ ولا أُقوي ولستُ بلاحنٍ / وكم قائلٍ للشعر يُقوي ويَلْحَنُ
وحُدِّثَنا عن حارثِ الأَعورِ الذي
وحُدِّثَنا عن حارثِ الأَعورِ الذي / نُصدّقه في القولِ منه وما يَروي
بأنّ رسولَ الله نفسي فِداؤه / وأهلي ومالي باتَ طوى الحشا يَطوي
لِجوعٍ أَصابَ المصطفى فاغتدى إلى / كَريمتهِ والناسُ لاهونَ في سهوِ
فصادَفَها وابني عليٍّ وبعلَها / وقد أطرقوا من شدّة الجوعِ كالنضوِ
فقال لها يا فَطمُ قومي تناولي / ولم يك فيما قالَ يَنطِقُ بالهزوِ
هديَّةَ ربّي إنّه مُترحِّمٌ / فقامت إلى ما قال تُسرعُ في الخَطوِ
فجاءت عليها اللهُ صلّى بجفنةٍ / مكوّمةٍ باللحمِ جُزواً على جُزوِ
فَسمّوا وظلّوا يَطعَمون جَميعُهم / فَبخبِخْ لهم نفسي الفداءُ وما أحوي
فقال لها ذاك الطعامُ هديّةٌ / من اللهِ جبريلٌ أتاني به يَهوي
ولم يكَ منه طاعِماً غيرُ مرسلٍ / وغيرُ وصيٍّ خصّه اللهُ بالصَّفوِ
عليٌّ أميرُ المؤمنينَ أخو الهدى
عليٌّ أميرُ المؤمنينَ أخو الهدى / وأفضلُ ذي نعلٍ ومن كان حافيا
أَسَرَّ إليه أحمدُ العلمَ جملةُ / وكان له دونَ البريّةِ واعِيا
ودوّنه في مجلس منه واحدٍ / بألفِ حديثٍ كلُّها كان هاديا
وكلُّ حديثٍ من أولئك فاتحٌ / له ألفَ بابٍ فاحتواها كما هيا
فبينا رسولُ الله يُملي أصابه / نعاسٌ فأَغفى ساعةً مُتجافِيا
فأملى عليهِ جبرئيلُ مكانَه / من الوحيِ آياتٍ بها كان آتيا
فلمّا انجلى عنه النعاسُ كأنّه / هلالٌ سرت عنه الغيومُ سَواريا
تلا بعض ما خَطَت من الخبرِ كفُّه / وكان لما أُوعي من العلمِ تاليا
فقال عليٌّ قال أنت محمد / بل الروحُ أملاه عليكَ مُباديا
أتاني به جبريلُ يُمليه معرِباً / عليكَ فلم يَغفلُ ولم يكُ ناسيا