المجموع : 306
أأهجعُ أم آوي إلى لينِ مَرْقَد
أأهجعُ أم آوي إلى لينِ مَرْقَد / ولم يرو في كفي غرارُ مُهنَّدي
أدنْ فمقامي في تميم بنِ خِندفٍ / مُقام أخي عُرٍّ بقفرٍ مُعقَّد
سل الهول عني هل نبت بي عزيمة / وحمس الجلاد هل جبنتُ بمشهد
نمانيَ صيْفيٌ وسُفيانُ والذي / أباح دماً يوم الكُلابِ ولم يَدِ
مُلوكٌ إذا عُدَّ الفخارُ تَساندوا / إلى حسبٍ بالمكرماتِ مُوَطَّدِ
غنيونَ بالبأس الجريء عن القَنا / وبالحمد عن نُعْمى لُجينٍ وعسجد
إذا أخمدَ النيرانَ قُرٌ مُراوحٌ / بأهداب رجَّاف العشيَّة مُرْعدِ
ولم يُطق العجلان في قبس ضرمةٍ / حفاظاً لما يعروه من رعشةِ اليد
ولاذت بفرث المُوديات مع الدجى / من القُرِّ رُعيْانُ الغريب المُردد
رأيتَ ضيوف الدارميينَ هُجَّعاً / لدى خير مثوىً من رجالٍ وموقد
إذا ناصفات الحي آنَسْنَ طارقاً / مشين سراعاً بالسَّديف المنضَّدِ
وقد عَلمَ الأقوامُ أنِّيَ مُدركٌ / مساعي قومي غير وانٍ مُعَرَّدِ
نعشتُ بزوراء العراق فَضيلةً / سرى ذكرها ما بين غورٍ وأنْجُدِ
سَفيتُ بها في وجه كل مُجوِّدٍ / من الأوَل الماضين هَبْوةَ رِمْدد
وزدتُ على ما أدركوهُ فصاحةً / وإن يزد الرحمانُ في العمر أزدد
أٌقولُ لركبٍ مُدلجينَ تذارعوا / بُرودَ الفيافي بالرَّسيم المُردَّدِ
نشاوى من التَّهويم حتى كأنما / سقاهم سُهادُ الليل خمرةَ صرخدِ
إذا ساور الإِعياءُ منهم عزيمةً / نفاهُ مقالٌ من فصيحٍ مُغرِّد
وقد لفظوا عن عيسهم كل مُثْقلٍ / من الرَّحْل حتى بُلْغةَ المُتزود
خُذوا برقابِ العيس أنْ رمتم الغنى / إلى ذي الأيادي طُغْرلِ بن محمد
فجاؤا على خوص العيونِ كأنَّها / من الشد والارْقال ظِلمانُ فدفدِ
إلى ملكِ ضَخْم الدَّسيعة جُودهُ / لدى المحْلِ والَّلأواء غير مصرَّد
كريمِ المساعي والخلائفِ والثَّنا / شديد مراس البأس طلاع أنُجدِ
مُعيضِ الجياد الجرد في كل مأزق / بماء الطُّلى والهام عن كل مورد
وتُعرض عن رعي الجميم خمائصاً / إلى ناضرٍ من منبت العز أغْيد
يُذمُّ بأفْواهِ العِشار عَشيَّةً / وتحمده العقبان عند ضُحى الغد
إذا ما انتدى يوم السلام وأشرقت / أسرَّتُه فوق الحشي المُعسْجدِ
رأيت مجن الشمس في وضح الضحى / وليث الشَّرى ما بين تختٍ ومسند
سباطُ خِلالٍ كالدمقس للامسٍ / وبأسٌ كحد المَشْرفيِّ المُهنَّد
وأبْلَجُ مِتلافٌ كأنَّ نوالَهُ / تحدر سيل من ذرى الطَّود مزبد
هنيءُ النَّدى لا واهبٌ بوسيلةٍ / ولا شائب المعروف منه بموعد
وأرْعَن خفَّاق البنود مُزمْجرٍ / تضيق به بيداؤه حين يغْتدي
شديد ارتصاف الدارعين كأنه / على جنبات القاع بُنْيَةُ قَرْمدِ
مفارط ملفوظ القنا مشهرِ الظُّبى / فلا حربَ إلا هبَّةٌ من مُجرَّدِ
دلَفْت له تحت العجاجة دَلْفَةً / فغادرته من بين ثاوٍ ومُسندِ
وما حملتْك الخيلُ إلا مُغيرةً / على حيِّ فُتَّاكٍ وغزْوة سيد
ولا ابيضَّ صبحٌ لم تشد في بياضِه / بناءَ المعالي بين مُرْدٍ ومُرْقدِ
إذا غدرتْ دارٌ وهبْت تُرابها / لأيدي المذاكي والعجاجِ المُصعِّد
تسيرُ إليها أيمنَ الحظ والسُّرى / بطيرٍ عليها أشأم الزجر أنْكدِ
وكم جلَّ جرمٌ فاغتفرتَ خطيرهُ / بحلم جميل الصَّفح رحب التَّغمد
فإنكَ من قومٍ علتْ مكرماتُهم / عن الحصر في ألفاظ مُثْن ومنشد
إذا ارتفقوا كان القيامُ تخادماً / أمام سرير المُلْك فخر المُسوَّدِ
بكم تشرق التيجان في كل مجلسٍ / ويبرق بيضُ اللأم في كل مشهد
وأدرك ركنُ الدين مسعاةَ قومهِ / برأي شميطٍ في نضارةِ أمرد
غرست الأيادي عند قومٍ كثيرةً / ولا كاليد البيضاء عند ابن مزْيَدِ
لدى مَلكٍ لا بأسُهُ بمذلَّلِ / ولا أصلهُ يوم الفخار بمُسند
أبا طالبٍ أعطى أخوكَ فلم يكُن / بما جاد منَّاناً ولا باخلَ اليد
وجئتُك أسْري من بلادٍ بعيدةٍ / فجُدْ لي بما أولي من المال أو زِد
أقولُ ودمعي مُستهلٌ وددِتنُي
أقولُ ودمعي مُستهلٌ وددِتنُي / نُعيتُ ولم أسمعْ نعي المُظفَّرِ
كأنَّ شَبا مَطْرورةٍ فارسيَّةٍ / أصاب فؤادي من حديث المُخبِّرِ
فبتُّ قتيلَ الهمِّ والحزنِ بعده / وباتَ قتيلَ الذابلِ المُتأطِّرِ
نَعَوا فارس الخيل المغيرة في الضحى / ومُختلسَ الأرواح تحت السنوَّر
فتىً لم يكن جهماً ولا ذا فظاظة / ولا بالقطوب الباخل المتكبر
ولكن سَموحاً بالودادِ وبالنَّدى / ومُبتسماً في الحادث المُتنمِّرِ
سقى ابن أبي الهيجاء صائب مُزنةٍ / كفيضِ يديه الهاطل المُتَحدرِ
بكيتُ عليه حيث لم يُدرِكِ المُنى / ولم يرْوَ من ماءِ الحياةِ المكدَّر
وهَوَّنَ وجْدي أنه ماتَ ميتةَ ال / صريعاً بين مجدٍ ومَفْخرِ
كأنَّ دمَ النَّجلاء تحت بُرودهِ / لَطيمةُ مسكٍ في إِهابِ غضنْفرِ
ترفَّعتُ عن مدح الرجال وقادني
ترفَّعتُ عن مدح الرجال وقادني / إيابٌ لأسباب الضَّرورة يغلبُ
غداةَ قُفولٍ من خُراسانَ عاطفٍ / يكدُّ ظهور اليعملات ويُتْعبُ
وأجمَمْتُ قولي عن ثناء مُنوِّلٍ / وإنْ طابَ عِرض أو تكرم مكسب
فلا مدحَ إلا مفخرٌ وبَسالةٌ / ولا منشدٌ إلا المليكُ المحجَّبُ
وقالوا بخيلٌ بالمدائح عاتِبٌ / على دهره حتَّامَ يشكو ويعْتبُ
فقلتُ لهم والفضل ينغض عِطفَهُ / وبي ضجْرةٌ سوداؤها تُتهِيَّبُ
علامَ أذيعُ الحمد والذمُّ واجبٌ / وأرضى عن الأيام والمجدُ مُغضب
وعزٌّ أتى من سِنْجرٍ فأحلَّني / محلَّ الثريَّا والمُبادونَ رُسَّبُ
سَريتُ به وجه الفصاحة أن تُرى / تُزفُّ إلى غير المكانِ وتُخطبُ
وأبلجُ جادتْ أصْفهانُ بفضلِه / رحيبُ الفِنا والخُلق أفضى وأرحب
سخوتُ له بالمدح حُباً وقُرْبةً / فلا بالنَّدى يلوي ولا أنا أكذبُ
وهل كيمين الدين طودٌ إذا انتدى / رزينٌ وصرفُ الدهر يغلي ويجلب
وغيثٌ هطولٌ لا يغِبُّ قُطارهُ / يسحُّ على الأزمات رفداً ويُكسب
وليثٌ إذا خامَ الكميُّ جرتْ به / عزائكُ لا نابٌ طريرٌ ومِخلبُ
يُبالغُ في كسب المحامدِ أنَّه / رأى كل كسبٍ ما خلا الحمد يذهب
وكم من يدٍ بيضاء أسْدى تبرُّعاً / إليَّ وقد ضَنَّ البخيلُ المُخيِّبُ
شكرتُ ولَجَّ الجودُ منه فكلَّما / نضمتُ فصيحاً جادني منه صَيِّب
خلائقُ جلَّتْ أن تُقاسَ بخمرةٍ / ولكنها من رائق الخمر أعْذبُ
هَيابا عليٍّ دَعْوةَ من مُغامرٍ / جَريءٍ إذا هابَ الجبانُ المُجنِّب
تَهنَّ بودِّي أنه لكَ عُدَّةٌ / أعزُّ من السيف الحُسام وأرهب
وما طابَ قلبي فيك يا كامل النُّهى / لمكرمةٍ إلا وعرضك أطيبُ
أقولُ لقلب هاجهُ لاعجُ الهوى
أقولُ لقلب هاجهُ لاعجُ الهوى / بصحراء مرْوٍ واستشاطت بَلابلُهْ
لدن غدوةً حالت شطون من النوى / وأقتم نائي الغور تُخشى مراحلهْ
وضاقت خراسانٌ على معرق الهوى / كما أحرزتْ صيد الفلاةِ حبائلهْ
أعِني على فعل التَّصبر أنني / رأيت جميل الصبر يُحمدُ فاعلهْ
فلما أبى إلا غَراماً وصَبْوةً / أطعت هواكم واستمرت شواغلهْ
وأجريت دمعاَ لو أصاب بسحِّه / رُبى المحل يوماً أنبت العشب هاطلهْ
هبوني أمرتُ القلب كتمان حبُكم / فكيف بجسم باح بالوجد ناحله
وكنت أمرت العزم أن يخذل الهوى / وكيف اعتزام المرء والقلب خاذلُه
تعلَّقتكم والعمرُ غَضٌّ نباتُهُ / وشرخ شبابي يغلب الحقَّ باطله
فكيف التِّسلي بعد عشرٍ وأربعٍ / أبى لي وفاءٌ لا تدبُّ مخاتلهْ
أنا ابنُ مُثير العاطشات نهوضةً / بكل كميٍّ يسبقُ الموتَ بازلُهْ
ومُوردها ماءَيْ غديرٍ وأنفُسٍ / مع الصبح حتى أسلمتهُ أصائله
وكاشف ذيل النقع عن بكر وائلٍ / وقد بَشمَ الشِّلو المعفَّرَ آكلُهْ
نمتني ملوكٌ من تميم بن خنْدفٍ / كرامٌ إذا ما الغيث أمسكَ وابله
غطاريف أقيالٌ كأنَّ أكفَّهمْ / سحاب شتاءٍ أغفلته شمائله
إذا ما احتبوا يوم الخصام حسبتهم / هضاب شرورى راسياتٍ كلاكله
وإن سحبوا خرصانهم لكريهةٍ / تباشر طُيَّارُ المَلا وعواسله
لهم كلُّ حمراءٍ على مُشْمَخِرةٍ / يشيمُ سناها ابن السبيل وعادله
لبوسهُم في السَّلم ريْطٌ معسجد / وفي الحرب زغْفٌ سابغات ذلاذله
كانَّ رباطَ الخيل حول بُيوتِهم / مُعرَّسُ حيٍّ قد أماطت عقائلهْ
ترى كل منَّاعِ الحريم ببأسِه / كأنَّ هدير الراغياتِ مراجله
نموني ولي ثارٌ أرومُ دِراكَهُ / بأرْعَن تهمي بالدماء مناصله
سلوت العلى إن لم أرق علق الظبى / على القاع حتى تستحيل مناهله
بكل غلام يُنغِضُ العزُّ عِطفهُ / يموت به قبل الجراجِ مُنازله
وأقتحمُ الحيَّ اللَّقاح بجحفلٍ / تمطَّرُ ما بين البيوتِ صواهله
يلوذُ بعفوي والشَّرى من خلاله / مُرمَّلةٌ تحت الظُّبى وأرامله
دجا عنده ليلٌ من النَّقْع حالكٌ / فسيحُ النواحي والنجوم عوامله
وفرَّ القطا الكُدريُّ بعد جُثومهِ / فلا طيرَ إلا جارحٌ ومآكلُهْ
فتحمرُّ من بيض السيوف غروبها / وتصفرُّ من حامي الذمار أنامله
فأثوي صريعاً أو تجلَّى عجاجتي / بنصرٍ عن الأمر الذي أنا آمله
عصيت الصبا حتى استُردَّ معارهُ / وكيف تصابي المرء والشيب شامله
وأجممت نفسي عن زخارف منظر / يُخاتلني في عفَّتي وأخاتله
فللغيد هجرٌ مُطْمئنٌ وشاتُه / وللمجد وجدٌ لا تُطاعُ عواذله
كأنَّ ندى وجهي وحر عزيمتي / سُطا شرف الدين الجوادِ ونائله
هُمامٌ يخاف الموت شدَّةَ بطشهِ / ويحسده دَرُّ الغَمام وحافلهْ
أشم تُباري الصبحَ غرةُ وجهه / طروبٌ إذا التفَّت عليه وسائلهْ
يُلاقي غروب البيض منه مُقحِّمٌ / عزائمه مطرورةٌ ومقاولُهْ
سريع القِرى لا تحمد الكوم ضيفه / ولكنه قد يحمدُ العيسَ واصِلهْ
إذا ما سرى نشر الخزامى عشيَّة / تهاداه أرواح الصَّبا وتُناقله
على الخرق من فيحاء يجري نسيمها / رقيق الحواشي لطَّفْتهُ أصائله
أُتيحَ له من تَجْرِ صنعاء حيثما / أناخوا فضيضٌ مفْغماتٌ محاملهْ
ترنَّح مُسْتافٌ له وتضوَّعتْ / بناتُ المَلا كُثبانه وجراولُه
فعِرضُ ظهير الملك أطيب نفحةً / وأذكى إذا ما أحسن القول قائلُه
هو الهاطلُ المدرارُ يغينك سيبهُ / إذا الغيث عادي ساحة الحي سائله
يُرادي عداهُ منه قُنَّة مشرفِ / يُطاول رضوى حلمه ويُثاقله
تُمرُّ سجاياه إذا سِيمَ سُبَّةً / وتعذب في بذل الوداد شمائله
فصيحٌ يَطا وعْرَ المقالة مُسهلاً / يُقرُّ له يوم الجدالِ مُجادله
يضيءُ لأمِّ المُشكلاتِ رويُّهُ / فتُرضى فتاويه وتُرضى مسائله
سكينةُ حلمٍ تُفرش الحيَّ بُرده / وسورةُ بأسٍ يختشيه مُصاولهْ
إذا اللفظةُ العوراءُ ندتْ لسمعهِ / طواها كريمٌ ساحب الذيل رافلهْ
تشدُّ حُباهُ في النَّديِّ بماجدٍ / فواضلهُ فيَّاضةٌ وفضائلهْ
وأغيدُ ميَّاسٌ بعطْفِه / تُخاف عواديه وتُرجى فواضله
يَصفُّ سطورَ النِّقس في مطمئنَّة / كما اصطفَّ للملك المهيب قنابله
كشفت به غمّاً بيومٍ عَصبْصبٍ / وقد فلَّلت حدَّ السيوف معابله
أبا حسنٍ هوْلٌ من الفضل باهرٌ / أتاك به مستفحلُ القول بازلُهْ
على حين جورٍ من زمانٍ مُكلِّحِ / كسحبانه يوم التَّفاخر باقلُهْ
فكن حيث ظنَّ المجد فيك فإنما / تُخبِّرُ عن سحِّ الغَمام مخائله
حلفتُ بما شادت تميمٌ من العُلى
حلفتُ بما شادت تميمٌ من العُلى / أولو الفضل في يوم النَّدى والوقائعِ
يمينَ صَدوقِ القول من غير حلفةٍ / كريمِ المساعي والثَّنا والمطامع
لئن لم تلُذْ بالود من بعد نَبْذهِ / ملاذَ الأراوى بالجبالِ الفوارع
ليعتلجنْ بي البيوتِ مع الضُّحى / مقالٌ كأطرافِ الرماح الشَّوارع
سأبعثها بين البيوت شَوازِياً
سأبعثها بين البيوت شَوازِياً / تُقَضُّ لها بالراقدين المراقدُ
تميميَّةٌ صيفيَّةٌ دارميةٌ / لها الحزمُ حادِ والعزيمةُ قائدُ
تمطرُ في غَبراء يَظْما لحرِّها ال / رجالُ وتَروي المرهفات البوارد
تشاكين من جور الملوك فصافحتْ / سنابكها تيجانُهم والمعاقِدُ
معجْنَ بفتيانٍ كأنَّ قُلوبهمْ / إذا عصفوا بالدارعين الجلامدُ
يهونُ عليهم صعبُ كل ملمَّةِ / غِضاباً ويدنو الشاحظ المُتباعدُ
على معشرٍ لا يُقدحُ الزندُ فيهم / إذا ارتفعت فوق الجبال المواقدُ
مقاديمُ في طردِ الضيوفِ أذلَّةٌ / إذا الخيل جالت تبتغي من تُطارد
هم كدَّروا صفو الوداد وزعزعوا / نسيم التَّقالي وهو بالوصل راكدُ
وهم أسخطوا فيَّ المعالي سَفاهةً / على غير جُرمٍ والليالي شواهدُ
ومما شجاني أنَّ نفسي ألُوفَةٌ / وقلبي على جور الحبيب مُراودُ
أبيٌّ عطوفٌ في الدنيَّةِ والهوى / فلا الحبُّ مطرودٌ ولا الجيش طارد
تنفس صبح الشيب في ليلِ مفرقي / ضلالاَ ولم يعقد به التاجَ عاقدُ
وما خلتُ في خمس وعشرين شيبةً / سوى أن همّاً أشعل الرأس زائد
إِلامَ أمنِّي النفس كل عظيمةٍ / ودهريَ عنها دافعْ لي ذائدُ
وأستوكفُ المعروف أيدي معشرٍ / تموتُ الأماني عندهم والمحامد
إذا أنا بالغُرِّ القوافي مدحتُهم / لعُذرٍ هجتني بالمديحِ القصائد
كأنَّ بلادَ اللهِ ممَّا أُجِنُّه
كأنَّ بلادَ اللهِ ممَّا أُجِنُّه / من الهم أحْبولٌ تحاذرهُ العُفْرُ
يضيقُ بيَ الخرقُ الوسيعُ كآبةً / ولولا هموم النفس لم يضق القفرُ
أُبِيَّةُ فضلٍ دونها المُلك والغنى / وهول اضطرارٍ دونه الذل والفقرُ
وأكرمت عن ذُلِّ السؤال مَطالبي / فما اقتادني إلا مع العِزةِ الوفْرُ
سجيَّةُ ممرورِ الخليقةِ كاره ال / دنيَّةِ لا يغتالُ هِمَّته الضُّرُّ
إذا همَّ فالليلُ البَهيمُ ظَهيرةٌ / ولينُ الحشايا عنده المسلك الوعرُ
وزورٍ عن العَلياءِ لا يَطبيَّهُمُ / إلى المجد لا نظم فصيحٌ ولا نثْرُ
إذا شيمَ منهم بارقُ الجود أخلفوا / وإنْ طرقوا في حندس الليل لم يقروا
وإن نُوزعوا في السلم جالوا وقحَّموا / وإن نوزلوا في يوم معركةٍ فرُّوا
ظماءُ القنا والبيضِ لا يشتكيهمُ / بيوم الوغى قرن الكمي ولا النحرُ
يظنون فخري مُعجز الشعر عندهم / ولا عيب لي إلا الفصاحة والشعر
إذا لم يكن لي ناصرٌ من صوارمي / فما لي من قولٍ أنمقُه نصرُ
وكم عارٍ مدْحٍ مُثْقِلٍ لمناقبي / وإنْ كان لي لما نطقتُ به عُذْرُ
تواترت الشهبُ الشداد فأصبحتْ / رياضُ الربيع وهي يابسةٌ غُبْرُ
كأن رياض الحزن هبَّت لها الصبا
كأن رياض الحزن هبَّت لها الصبا / سُحيراً وقد جيدت بوطْف الغمائم
حديث نصير الدين في كل محفلٍ / إذا عُددت حُسنى الرجال الأكارم
مهيبٌ أطاعتهُ الليالي وإنما / أطاعت جَريَّ البأس غَمْرَ المكارم
أشدُّ أناةً من ثبيرٍ ويذبُلِ / وأجْرأ وأمضى من قَناً وصوارمِ
فللحلم ما ضم النَّديُّ وحبةٌ / وللفتكِ ما ضمَّتْ رحابُ الملاحمِ
سرى عدله حتى استمر هزيمةً / عن الشام من خوفٍ جيوش المظالم
وأرهب حتى ما تمر ظُلامةٌ / وإنْ لم تكن فِعلاً بخاطرِ ظالِمِ
وكاد الندى أن يصحب النار عنده / مُصاحبةَ البَرِّ الرؤوفِ المُسالمِ
همامٌ يغيرُ العزم سُبَّق خيلهِ / وأسيافُهُ في المأزقِ المُتلاحمِ
فلا سبق إلا من قصيٍّ ونازحٍ / ولا ضربَ إلا في طُلىً وجماجمِ
يمدُّ به المجد العريق علاؤهُ / إلى حسبٍ في جِذْم يعقوب سالم
نماهُ فجاء المستماحَ وفارس ال / صَّباحِ وحمَّالاً ثِقالَ المغارمِ
أطعت العُلى لما غدوت لِتاجَها / ظهيراً على طرد الخطوب الغواشمِ
وأرضيت في المجد حتى تبلَّجتْ / أسِرَّتُه عن واضح الثَّغر باسِمِ
وحسبك مجداً أن تجير من الأذى / بني الصيد من عُليا قريشٍ وهاشم
وما زال بذَّال الجزيلِ ومانع ال / نَّزيلِ وخَواضاً غِمارَ المآزمِ
فزده من الإكرامِ فالأرض حرَّة / على الخير ساقي تُربها غيرُ نادمِ
فطبعك مُغنٍ أن تُحثَّ لمفخرٍ / وبالطبع يُروي الماءُ نفس الحوائم
وما زلت غنَّاماً لكل جزيلةٍ / من الحمد باقٍ ذكرها في المواسمِ
وقد جاءك الحمد المقيم حديثهُ / وحازَ لكَ الإقبالُ أمَّ الغَنائمِ
إذا المرء لم يستخلص الحزم جُنّةً
إذا المرء لم يستخلص الحزم جُنّةً / ولم تكذب الطَّرف اللموح مخايلهْ
ولم يكُ مشّاءً على الأين راقداً / على البينِ يُخشى فتكُه ومخاتلُهْ
أطاعَ الردى واستوعر السهل وانثنت / مسالمُهُ في الأمرِ وهي مَقاتلهْ
فلا تعجبي إن الحضارة آفةُ ال / صَّريحِ وأنَّ المَجْدَ وعرٌ منازله
وكم خلقٍ شثْنٍ بأول ملمسٍ / ولَيْنٍ إذا يْلوهُ من هو عاقِلهْ
تجنبتُه طوعَ الزمانِ فسرَّني / وللدهر حكمٌ لا تردُّ فواصله
وإني بشكر العُرف مغري كريمة / لديَّ كثيراتُ النَّدى وقلائلهْ
سليم مغيب القول لا تستفزني / لدادةُ لفظٍ أشبه الحق باطلهُ
أكرِّم حتى عرض خصمي وذو النهى / بأفعاله لا بالذي هو قائله
وبالجزع حيٌّ من ذؤابةِ هاشمٍ / سقى دارهم طَلُّ الغمام ووابله
سراعٌ إلى نصر الطريد نوافعُ ال / أكُفِّ إذا ما الجون أخلف حافلهْ
تعلقتهم والخطب مغض عن العُلى / وفارقتهم والدهر جمٌّ غوائلهْ
كأني غداةَ البين ذو خيبريةٍ / تُرنحهُ فوق الفِراشِ أفاكلهْ
وإن لم يكن شعري ظهيري على المنى / إذا كَلَّ عزمٌ فالقوا في صياقله
أطعت ملوك الأرض طاعة جاهلٍ / فأسفرَ حظي واستراحت عواذلُهْ
ولكنني أشدو به فيسرُّني / سرور أخي الصهباء دبَّتْ مفاصله
على أنني بُوِّئتُ منه مواقِفاً / تقاصر عنهن القريضُ وقائله
ولوجي على أسدِ الأسرة مكرماً / يُباذلني مرهوبُهمْ وأباذله
ويومٍ كعمر النَّسرِ نارٌ هجيرهُ / تباعد أدنى صُبحه وأصائله
قطعت به خرقاً كأنَّ سرابهُ / غواربُ يمٍّ ما تُرامُ سواحله
سحيق المدى يستهلك العي خطوه / وتخدع خِرِّيتَ الفَلاة مجاهله
تنكَّر من إيحاشِه كل ساكنٍ / فصوَّانُهُ مرهوبةٌ وجَراولهْ
مياه كأغبار السليط زهيدةٌ / وأثْرُ الورود ينقعُ الصدر سائلهْ
شهيٍّ كأن الوقبَ لجةُ غوره / يسوغُ إذا ما استوخم الماءَ ناهله
كأنَّ هجيري بالفلاةِ وموردي / عِقابُ مطاعٍ ذي كمالٍ ونائله
أودُّ ولي من شيمة المجد عاصمُ
أودُّ ولي من شيمة المجد عاصمُ / وأصْبو ولفظي من نسيبي سالمُ
ويبلُغُ مني الوجد والشعر باسلٌ / ويأخذ مني الحب والحزمُ كاتمُ
عُلاَ جبلت نفس الأبي صرامةً / فلا غَزلٌ إلى وغىً وملاَحمُ
أبت غير زأرٍ أسد خفَّان مرعبٍ / وللنَّوحِ بالدوْح النضير الحمائمُ
حساني اللواتي بات فيها تغزُّلي / تبثُّ سَرياها الملوكُ القماقمُ
وما اكتنفت يوم السلام من العُلى / أسِرَّتها والخاشفاتُ المخاذمُ
ومُعتلج المجد الأثيل بموقفٍ / به القَيْلُ مرهوب الخشاشة نائمُ
وازجاؤها كالمرهفاتِ أوامراً / لها الصعب سهلٌ والمغيَّبُ قادمُ
وتعفيرها تحت العجاجة بالضُّحى / وقد وطئتْ تعجَ المُطاع الصَّلادم
فلا تَسحِلوا إبرام مُستحصَد القوى / فيا طالما لم تُغْنِ فيه المَلاومُ
فإما ترَينْي عن بلوغ مطالبي / أُذادُ كما ذِيدَ الظِّماءُ الحَوائمُ
وقد أضمرت مجدي البلاد وفاتني / من العزِّ ما شادتْ تميمٌ ودارِمُ
إذا شمتُ عزماً يرعوي الملك عندهُ / أُتيحَ له من حادثِ الدهرِ ثالمُ
أداري وعندي نجدةٌ دون بأسها / حِدادُ الظبى والُمرْهفاتُ اللهاذمُ
وأبسم للمبكي نُهىً وحزامةً / وقد يستهلُّ القلب والثغرُ باسِمُ
فكم موقفٍ لي من مهيبٍ مُسودٍ / وقد حجبت عنه السِّراةَ الصوارمُ
لدي حيث يسجو كل طرف محدِّقٍ / وتُرعَد من غير الرَّسِيس القوائمُ
نطقتُ صؤوتاً والكلامُ إشارةٌ / وأسفرتُ والطَّلقُ الأسرَّة واجم
سرى ذكر فضلي حيث لا الريف آهلٌ / ولا الطرس معروف ولا الشيخُ عالمُ
وما زال يقتاد الرجال حديثه / وإنْ عزَّ فَسْرٌ عندهُ وتراجِمُ
إلى أنْ غدا فَدْمُ العشائِر أصمعاً / له وجبانُ الحي وهو مُلاحمُ
رؤوف بأعراض اللئام ينوشُه ال / أذى وهو محبوسُ المقالةِ كاظمُ
إذا وكفةٌ من بغيةٍ نضحَتْ له / غدا حمده في إثرها وهو ساجمُ
ترفَّع عن فضل الزمانِ فكونُه / حديثٌ ولكن مجدهُ متُقادم
وجاشَر عن فيض النَّوال كأنه / بنانُ جمال الدين والغيثُ حارمُ
أغَرُّ كرأد الصبح طلْقٌ جبينهُ / يدلُّ عليه بِشْرهُ والمكارمُ
إذا استن في الجدوى وشد على العدى / تمنَّى مقاميهِ الظُّبى والغمائم
لبيقٌ تودُّ الغيد معسول عطفهِ / وإنْ وهبته في الحفاظِ الضَّراغِمِ
تطيش الحُبى من حوله وهو ثابت / وتنبوا المواضي وهو في الهول صام
فتى الخير أما عهده فهو مبرمٌ / وكيدٌ وأما ودُّهُ فهو دائمُ
إذا ما ابتنيت الودَّ عند وفائِه / فلا الخطب نقَّاضٌ ولا الذنب هادمُ
يجود بأوفى صفحة وهو قادرٌ / ويبذل أقصى جودِهِ وهو عادمُ
قؤُولٌ تهاب اللُّدُّ بأس صوابه / إذا حبستْ نُطق الفصيح الخصائم
فلو فاه في يوم النزال بحجَّةٍ / لعادَ شباها وهو للجيش هازمُ
كريمُ مقام النصر عند عدوِّه / وإنْ عظُمت حرب وجلَّت سخائمُ
إذا هو أزجى للأعادي مقَتلاً / أهاب بها الإمكانُ وهي مراحِمُ
وما مجلبٌ داجي العجاجة بادنٌ / له وجباتٌ بالفَلا وغماغمُ
صخوبٌ ولكن نطقه من حفيظةٍ / صَوارمُ من قبل الوغى ولهاذِمُ
ويحجبُ عنه جوْنة الصبح نقعهُ / فظهرُ الفلا ليلٌ على القاعِ عاتمُ
ويُنفد غُدرانَ الرياض ورودهُ / وأعقابهُ دونَ الشُّروع حَوائمُ
حوى الوحش حتى استسلمت لعمومه / من الذُّعر جِنَّانُ الصَّريم الغواسم
به السابقات الجرد قُبْلٌ كأنها / سراحينُ مُعْطٌ تقتضيها المطاعمُ
توافرُ عن رعي الجَميم أوانسٌ / برعي شكيرٍ أنبتتهُ الجماجمُ
درين بنصرٍ تحت كل عجاجةٍ / فهنَّ لنقعٍ يثستثارُ شَوائمُ
عليها السَّراةُ الدارعون كأنهم / قَساورُ خفَّانِ الشدادُ الضَّياغمُ
نزتْ بهم الأوتارُ حتى رزينهُم / خفيفٌ وأقصاهمْ عن الفحش شاتم
وطال دراكُ الطعن حتى تهالكتْ / جيادٌ وكلَّتْ أنملٌ ومَعاصمُ
وسحُّوا على البيداء ماءً بروقهُ ال / ظُّبى وغَواديه الطُّلى والجماجمُ
بأغلب من بأس الوزير أبي الرضا / إذِ الذِّمْرُ نِكس والمقحِّم خائم
يسرُّك منه في النوازل ماجدٌ / رزين الحصاةِ حازمُ الرأي عازم
خففٌ عليه فادحُ الغرم في العُلى / إذا أثقلت ظهر المُطاع المَغارمُ
وشيك القِرى مستبشرٌ بضيوفهِ / يودُّ نداهُ الغمْر معْنٌ وحاتِمُ
نماه إلى عليائه كل ماجدٍ / فخورٍ إذا ما استنبطتهُ المواسمُ
تبيح النَّدى للمُعْتفين أكفُّهمْ / وهُنَّ حَوامٍ للنَّزِيلِ عواصمُ
فجاؤا بمضواعِ الثناء حديثهُ / إذا فضَّ عند الأندياتِ لَطائمُ
ألا حبَّذا مسعى تميم بن خنْدفٍ
ألا حبَّذا مسعى تميم بن خنْدفٍ / وما شادهُ صيفيُّها ومُجاشعُ
وهُمُ صفوةُ المجد الأثيلِ وفيهُمُ / كرامُ الأيادي والنُّهى والصَّنائعُ
وسورة حربٍ قد أشاطت مُطاعها / ذوابلُنا والمُرهفاتُ القواطعُ
وثغرٍ مخوفٍ قد سددنا بسُبَّقٍ / إليه إذا جَدَّ الصَّريخُ نُسارعُ
ترى الجار فينا مطمئناً فؤادهُ / ولو أسلمتهُ للحِمامِ الربايعُ
إذا قيل حيٌّ من تميمٍ فلا القِرى / بطيءٌ ولا صرفُ الحوادثِ رايعُ
وما زال فينا سيدٌ يُهتدى به / إلى المجد مرفوعُ اللواء ورافعُ
نموني صؤولاً والرماحُ شوارعٌ / قؤولاً إذا التفَّتْ عليَّ المجامعُ
أعُزُّ وآرابُ النفوسِ مُذِلَّةٌ / وأبْسمُ عزماً والعيونُ دوامعُ
وأشهرُ قولي قبل سيفي وأنني / بحدَّيْهما عند الكريهةِ قاطعُ
ولا أطرقُ الحي اللئام بمدْحةٍ / ولو عرَّقتني في الشداد المجاوعُ
ورُبَّ مُطاعٍ يملأُ هيبةً / تخافُ سُطاه المُشرعاتُ اللَّوامع
تناهبُ أفواهُ المُلوكِ صعيدةُ / وتُلوى إليه بالسلام الأخادعُ
أراد انتقاصي فانبعثتُ برافعٍ / من القول تخشاهُ النُّهى والمسامع
وشاوسته طرْفاً فلا القول خاشعٌ / لفرط تلافيه ولا الخدُّ ضارعُ
سرى ذكر فضلي حيث لا الريح تهتدي / طريقاً ولا الطيرُ المُحلقُ واقعُ
وإني وإنْ أمسيت سيد دارمٍ / أناضِلُ عن أحسابهم وأقارعُ
لمثنٍ على الجاوانِ من أهل عنترٍ / ثناءً إذا كتمتهُ فهو ذائع
فتى الحي أما عُذرهُ فهو ضيقٌ / لِعافٍ وأما جُوده فهو واسعُ
مريرُ القوى نيطتْ حمائل سيفه / إلى باسلٍ تُثْني عليه الوقائعُ
تغطرف حتى حاذر الجيش حربهُ / ولانَ ندىً حتى حوتْهُ الخدائعُ
حسام إذا جردته فهو قاصلٌ / وغيثٌ إذا استهميتهُ فهو هامعُِ
وأغْبر معروقِ المطيَّةِ مُسْنِتٍ / عوى لسُراه الأغْبرُ المتتايعُ
خبوطٍ بأخفافِ الركاب تشابهتْ / مخارمهُ من جوره والمهايعُ
تدافعَ غرْثانَ المطيَّةِ والحَشا / فروق الأعادي فهو خشيانُ جائعُ
تُرنِّحَ عِطْفيه زعازعُ قَرَّةٌ / وما بين جنبيه هُمومٌ زعازعُ
كأنَّ دُجاهُ خِضْرِمٌ وكأنه / من العزم نونٌ نازعتها الشَّرايعُ
إذا آنس البرق العراقيَّ خالَهُ / سَنا لهبٍ فاستنهضتهُ المطامعُ
هدتهُ لفخر الدين نارُ مكارمٍ / لها لهبٌ فوق المجرَّةِ ساطعُ
يؤججها نشوان من طربِ العُلى / طليقُ المُحيَّا والعيونُ دوامعُ
وشيكُ قِرى الضِّيفان جمٌّ رماده / وَهوبٌ إذا ما ساورته الموانعُ
فأخصب بعد الجدب عيشاً وأومِنَتْ / مخافتهُ حيثُ النفوس جوازعُ
لدى حرمٍ صفو النَّعيمِ يحُلُّهُ / على حادث الأيام جانٍ وقانع
لسامي العُلى من آل ورّام الأُلى / هُمُ في سماء المجد زُهْرٌ طوالعُ
من القوم يكسون الضحى غيهبيةً / من النَّقْعِ حتى تدلَهِمُّ المطالعُ
إذا ما اسمهرَّ البأس جادوا بأنفسٍ / لها الصَّبْرُ حامٍ والثَّناءُ مُشايع
لهم حَسَبٌ ضخم ومجد محلِّقٌ / وأيدٍ طِوالٌ بالأيادي نَوافعُ
كأنَّ رياض الحزن ذكرُ ثنائهمْ / تشابهَ مُستافٌ هناكَ وسامعُ
وأنك سيف المُلْك أعلى مَحَلَّةً / إذا اقْتُسمت يوم الفخار المواضع
وما كان قولي فيك عن غير خِبْرة / ولكن برهاني على القول صادعُ
وفيك وفاءٌ لو يُقسَّمُ بعضهُ / على الدهر لم تجر الخطوب الصوادعُ
فضلتْ التهاني بالمراتب والعُلى
فضلتْ التهاني بالمراتب والعُلى / فكان فصيح الحي بالصمت أجدرا
وجاوزتَ مقدارَ المديحِ فكلَّما / أراد لساني ذكر وصفك قصَّرا
وطبْت ثناءً في المجامع ذائعاً / كما طبت أصلاً في النِّجار وعنصرا
تعيد الفجاج الغُبْر خضراً من الندى / وترجع ضوء الصُّبح بالبأس أغبرا
وتسفر حيث الخطب ليل معسعس / فتثنيه رأداً من صباحٍ مُشَهَّرا
تودُّ الرزان الشم حلم ابن خالدٍ / إذا القرم من حمل العظيمة جرجرا
إذا أجلبت ضوضاء خطبٍ بسمعه / رأيت شروْري والنسيم إذا جرى
سليم دواعي الصدر سهل رجوعه / أشدُّ هوىً بالعفو إذ كان أقْدرا
فتىً لا يُريد العزَّ إلا لنجدةٍ / ولا المالَ إلا للرَّغائب والقِرى
ومُعتكر النَّقعين جَمٍّ رماحُه / إذا حلَّ ظُهراً بالعراءِ تديْجَرا
شديدِ ازدحام الدَّارعينَ كأنهُ / غواربُ تيَّارٍ طَما فتحدَّرا
غدا مالئْ الألباب ذُعراً وهيبةً / وقلبَ الموامي ذُبَّلاً وسَنَوَّرا
وخاض نهاءَ القاع حتى حسبْتها / خَباراً قُطارياً ووعْثاً مُدَعْثَرا
وفرَّ له الوحش القصيُّ مخافةً / من الطَّرد حتى أخل الجنُّ عبقرا
كأنَّ ظُباهُ في متونِ عجاجةٍ / بوارق يقتدن السَّحاب الكَنَهْورا
فغادرتهُ أمَّا هزيماً مُنَفَّراً / قتيلَ الموامي أو عبيطاً مُسنَّرا
بقيت ولا زلَّتْ بك النَّعلُ أنني
بقيت ولا زلَّتْ بك النَّعلُ أنني / فقد اصطباري عند فقد ابن خالد
فتىً عاش محمود المساعي مُمدحاً / ومات نقيَّ العرضِ جمَّ المحامدِ
إذا شائبات الدهر كدْرنَ صفوتي
إذا شائبات الدهر كدْرنَ صفوتي / جلوْت قذاها عن فؤادي بخالصِ
بخرقٍ إذا عزَّ الحيا غيرِ باخلٍ / وماضٍ إذا جدَّ الوغى غير ناكصِ
ليهن التُّقى والدين كونك سالماً
ليهن التُّقى والدين كونك سالماً / فلا دينَ إلا حيث أنت مجاهد
تساوى فصاحُ الحي فيك ولُكْنُه / مديحاً فكل القول فيك قصائدُ
كما أنَّ ضوء الشمس شاع فما له / ولا الرجل الأعمى من الناس جاحدُ
وإنْ استطع من فرض حبي لانقضى / زماني في شكريك واللهُ شاهدُ
فلا خَلتِ الأيام منك ولا خَلا / من القول في أوصاف مجدك حامدُ
حدوتُ رجالاً نازحين نأتْ بهم
حدوتُ رجالاً نازحين نأتْ بهم / صروف الليالي والهضيمةُ والقُلُّ
إلى وارفٍ من ظل بِهروز ذي العلى / تجمَّع في أرجائه الجودُ والعدلُ
وقد علم الأقوام صدقي وكل منْ / غدا وهو سفرٌ فهو عن كثبٍ قفل
ولو لم أنادِ القوم نادى بعيدهُمْ / وفاءُ الأمير والتَّعطُّف والفضلُ
ومن كان هذا شأنهُ فهو للعُلى / وطول البقاء نافداً أمْرهُ أهْلُ
أُحبُّ مطال الوصل لا عن رضىً به
أُحبُّ مطال الوصل لا عن رضىً به / وهل ترتضي نفس الفتى ما يؤودها
ولكن حياة الحبِّ فيه وطولُه / ولليأس حالٌ لا ينادي وليدُها
فلا تنكروا فرط اغتراري بقولها / وإنْ أخلفتني في اللقاء وعُودها
فما حالةٌ إلا وتُبْقي بقيَّةً / وما الموت كل الموت إلا صدودها
وإني لأطوي مدةَ الوعد بيننا / وأذهلها عن ذكرها لا أعيدها
تكذبُ دعوى الحب ظُلماً وبيننا / شهودُ هوىً لا يستطاعُ جحودها
لظى زفراتٍ ليس يبردُ حَرُّها / ونظم دموعٍ لا تُحلُّ عُقودها
رعى الله ما تحت القميصِ فإنه / ذما مُهْجةٍ لم يبق إلا وجُودها
رعى الله نجراً زينبياً تألَّقتْ
رعى الله نجراً زينبياً تألَّقتْ / معاليه حتى خابط الليل موضِحُ
تفارطَ فامْتاح الجمامَ من العُلى / وغادر للورَّاد ما ليس ينْضحُ
أقرَّ فخاراً في عَليَّينِ لم أزلْ / بمجدهما أُثْني ملياً وأمْدَحُ
فخُضَّ طِرادٌ والحسين برحمةٍ / مذاهبها من واسع الخرق أفْسحُ
وللهِ فخرُ الدين أنَّ مَقامهُ / شهير إذا عُدَّ المقامُ المُمدحُ
أغَرُّ غَماميُّ البَنانِ وأنهُ / لأغدق من ماء الغمام وأسمحُ
يخفُّ إلى نصرِ الطَّريد بسالَةً / ويُربي على الأطواد حلماً ويرجح
ويحبسهُ فرطُ الحِرانِ عن الدُّنا / فإنْ عَنَّ مجد ظل يجري ويجمحُ
تبارى شَبا أقواله واعتزامهِ / وكلٌّ قطوعٌ في الصناديد يجرح
فماضي السطا أمضى من السيف سورةً / وبادي النهى من أوضح الصبح أوضح
فتىً مِلءُ بُرْديه إذا ما بلوتَهُ / نهوضٌ بأعباء المغارم أسجحُ
وما كنتُ بالمُثْنى عليه تملُّقاً / ألا أنَّ علْياهُ من الشعر أفْيحُ
خليليَّ أما الحِلْمُ عني فعازبٌ
خليليَّ أما الحِلْمُ عني فعازبٌ / إذا ذكرت والقلب من واجفُ
وما كنت ممنْ تُستَفزُّ أناتُهُ / ولكن هوىً بين الجوانح شاغِفُ
صحبتُ أناتي مُطْمئناً إلى القِلى / ووافقت من أمسي عليها يُخالفُ
فلما جرتْ كأسُ الشَّمول تراجعت / رزايا الهوى تطوى بهنَّ التَّنائفُ
وذكَّرتِ الصهباءُ إلا عُذوبةً / لمَاها وما تُثْني عليه المراشِفُ
فأُضْعِف جلدٌ واستخف موقَّرُ / وخولِطَ ذو حزمٍ وهُيِّج آلف
فإنْ تَصِلي أو تهجري عن ملالةٍ / فإني على الحالين صَبٌّ مُساعِفُ
ولستُ بتَرّاكِ الزيارة بالضُّحى / ولو حجبتك الذابلاتُ الرَّواعفُ
إذا عَلَمٌ في الوصل لاحَ لعاشقٍ / فآمنُ ما تُطوى إليه المَخاوفُ
إذا ما شكت بيض السيوف ظماءةً
إذا ما شكت بيض السيوف ظماءةً / سقاها فروَّاها من الهامِ عنترُ
ولم أُرِدِ العَبْسيَّ لكن سميَّهُ / ومَن هو أوْلى بالثَّناء وأجْدرُ
فإنْ فخرت عبسٌ بفارس روْعها / فإنَّ بني الجاوانِ أعْلى وأفْخرُ
بزولٍ لبيقٍ في مُتونِ جيادهِ / بغُرَّتهِ جُنْح العجاجةِ يُقْمِرُ
فتىً هو للْعافي من الجودِ مُورِدٌ / و للخائف الجاني عن الخوف مصدر
إذا ملك الدَّثْرَ الجزيل فواهبٌ / وإنْ غنم النَّزر الزهيد فمؤثِرُ
أفرُّ أباة الضيم عن ذُلِّ موقفٍ / وأثبتهم حيث القَنا يتكسَّرُ
وأرأفهم والقطر في المحْل ممسكٌ / وأقساهُمُ والمشْرفيةُ تقْطُرُ
كأنَّ بعودَيْ سرجه ليث غابةٍ / على أنه يخشى سُطاهُ الغضنْفرُ
يسدُّ فروجَ اليوم والليلِ عندهُ / بجدب ٍ وفي حرب دخانٌ وعِثْيرُ
فيوسعُ طُعم الذئبِ واليوم قاتمٌ / وعقر كرام النِّيب والعامُ أغْبَرُ
جريءٌ وأطرافُ الرماحِ ذليلةٌ / وفيٌّ ووافي الحيِّ بالعهد يغْدرُ
شكرتُ صنيعاً جاءني مُتبرعاً / وما زلتُ قبل اليوم أُثني واشكرُ
وكمْ عندي من ثناءٍ يودُّهُ / نسيم الخزامى حين يُتْلى وينشرُ