المجموع : 61
أقام فلا عَتْباً رعاهُ ولا عُتْبى
أقام فلا عَتْباً رعاهُ ولا عُتْبى / وهبّ لريحٍ من صبابَته هبّا
نعمْ شابَ عمرو الشوقِ عن طوقِ كَتمِه / ولم يقتنعْ دون المشيبِ بأن شبّا
وفاضتْ فروّتْ خدّهُ دون قلبِه / كمثلِ دموعٍ أخطأتْ سُحْبُها الجَدْبا
وأهدى نسيمُ الروض مسكاً وعنبراً
وأهدى نسيمُ الروض مسكاً وعنبراً / وواصلَ للأنفاسِ ما كان كتّما
ورجّعَتِ الأطيارُ ألحانَ شجوِها / وجاوبَها الدولابُ لما ترنّما
فلا تُهمِلا هذا الزمانَ فإنّه / يجدِّدُ للمشتاقِ عُمراً مُنعّما
وحُثّا به كأسَ المُدامِ فإنها / تزيدُ الفتى ظرفاً وخُلقاً مكرَّما
ولا سيما من كفّ أحورَ ساحرٍ / بألحاظِه ردّ الخميسَ العرمرما
ألم بنا في مجلسِ اللهوِ وانثَنى / وقد أودَع الأحزانَ قلباً متيّما
فوالله ما أدري إذا ما لقيتُه / أشمسَ الضُحى ألقى أمِ البدرَ في السّما
أسرّ زماني لو تأتي يسيره / بتحليلِ ما قد كان في العيشِ حرّما
وأطفأ نارَ الهجرِ من ماءِ وصلِه / وإسفارِه من بعدِ ما قد تلثّما
ولا برحَتْ تولي جميلاً وتقتفي
ولا برحَتْ تولي جميلاً وتقتفي / لأسلافِها في المكرماتِ سبيلا
وتخفِضُ بالسيفِ الصقيلِ معانِداً / وترفعُ بالفعلِ الجميلِ خَليلا
كتبتُ ومَنْ لي أن تكونَ أناملي
كتبتُ ومَنْ لي أن تكونَ أناملي / تصوّرُني حَرفاً يُوافيكَ في كُتْبي
فأهدى ببدرٍ من جَبينكَ في الدُجى / وأنْدى بقَطْرٍ من يَمينك في الجدْبِ
وأنظُر من أخلاقكَ الغُرِّ منزَهاً / تقسّم بين الروض والسلْسلِ العَذْبِ
سقى الله أكنافَ القصورِ بما سقى / وحسبيَ سُقيا أن يكونَ بها حَسْبي
منازلَ أمثالُ المنازل رفعةً / فيا بدرَها ماذا لقيتَ من السُحْبِ
وخفّفَ ما ألقى من البعدِ أنني / أراك بطرْفِ الودّ ما زلتَ في قربي
وإنْ كنتُ في عيشٍ رطيبٍ فإنما / يفرِّجُ عن عينيّ ويفرِج عن قلبي
ولولا عليّ يا عليّ فإنه / حياتي لكان الشوقُ قد ساقَ لي نَحبي
هنياً فزاد اللهُ ضبّةَ سُؤدُداً / وضيّةُ من لا يرضي شيمةَ الضّبِ
وأعني أبا عبد الإله فإنه / أبرُّ وأوفى في الأصادِق والصّحْبِ
أخٌ راح في الآدابِ ربّ فضيلةٍ / تعالَتْ على القولِ المُعارضِ والحَجْبِ
ولو لمْ أشاهدْ منهُ جودَ يمينِه
ولو لمْ أشاهدْ منهُ جودَ يمينِه / وحُدِّثْتُ عن إفراطِها خِلتُه كِذْبا
خِصالاً رأيناها نجوماً مُنيرةً / عُلاهُ لها شرقٌ فلا عدِمَتْ غربا
وقد نطقَتْ بالفعلِ لي عرَصاتُه / لأني وجدتُ الأهل فيهنّ والرّحْبا
وما كنتُ أخشى من زمانيَ نبْوةً
وما كنتُ أخشى من زمانيَ نبْوةً / ولي منك عزمٌ لا يُفلُّ له غرْبُ
كهامٌ إذا كان الموالي ضريبةً / لديه ولكن في نُحورِ العِدى عضْب
وهل أنت إلا مُزنةً سحّ وبْلُها / بحزْنٍ وسهلٍ فالجميعُ به خصْبُ
وما زِلتَ تعفو عن إساءةِ مُذنبٍ / وإن عظُمَتْ حتى لقد حسُن الذّنْبُ
فيا حافظ الدّين الذي عزّ شبهُه / فغُرتُه شمسٌ وألفاظُه شُهْبُ
سحبْتَ ثِيابَ الفضلِ مفتخِراً بها / ومثلكَ شَغافٌ أنت داخِلهُ قلب
أبثّكَ يا بَحر النّدى أنّ مورِدي / ومَرعايَ ذا غيضٌ لديّ وذا جَدْبُ
ومثلُك لا يرضى بكوني ظامئاً / ومنهلُ جدواهُ هو الباردُ العذبُ
أتمنحُنا أوطانهُنّ الكواكبُ
أتمنحُنا أوطانهُنّ الكواكبُ / وتصدُقُنا الأيامُ وهْيَ كواذِبُ
إذا أنتَ سلّمتَ الزمانَ ضراعةً / وأهليه حيناً فاختلِقْ من يُحاربُ
فإنْ أنت أغضيتَ الجفونَ على القذى / وقادَتْكَ أطماعُ المُنى والمطالبُ
ففي أيّ بُرْدى فخرِها أنت رافِلٌ / وفي أي عيشٍ بعدَها أنت راغبُ
يذودُ حمى الأعراضِ عن كلِّ موقفِ / سَواءٌ به أُسْدُ الشّرى والثّعالبُ
أكوكبُ بِشرٍ من جَبينكَ لائحُ
أكوكبُ بِشرٍ من جَبينكَ لائحُ / وصيّبُ يُسْرٍ من يمينكَ سائحُ
وإلا فما ذا البرقُ والغيمُ مقشِعٌ / وهذا النّوالُ السّكْبُ والجوّ واضحُ
لقد علمَ الأقوامُ شرقاً ومغرِباً / سواءٌ قريبُ الدارِ منهم ونازح
بأنك أهلٌ للسؤالِ مهذّبُ ال / فِعالِ مُبيدٌ للنوال مُسامِحُ
فما انتسبتْ إلا إليك مفاخرٌ / ولا حسُنَتْ إلا عليك مدائحُ
لك الله ما أنداكَ والغيثُ باخِلٌ / وأبهاكَ مرأىً والوجوهُ كوالِحُ
وأوفاك عهداً والحُقوق مُضاعةٌ / وأمضاكَ عزماً والخُطوبُ فوادِحُ
رعاك الذي أرعاكَ كلَّ فضيلةٍ / تغنّتْ بها وُرْقُ القريضِ الصّوادِحُ
شددْتَ يدي بالجاهِ فهي قويّةٌ / وشدْتَ مَناري بالعطا فهو طامِحُ
وأنقذَتَني من حبسِ فقرٍ تجرّدَتْ / على عاتِقي منه رِقاقٌ صفائحُ
ولي حاجةٌ حلّتْ وضامنُ نُجْحِها / لقلبي برقٌ من مُحيّاكَ لامِحُ
دعاني إليها أني أكتسي بها / سناً عمِيَتْ منه الغوادي الرّوائحُ
وما أنا ممّنْ يرتضي الشِّعرَ مكسباً / فخاسِرُه لا شك من هو رابِحُ
ولي ماءُ وجهٍ صُنْتُه بقناعةٍ / تُجاهِدُ عنه جُهدَها وتُكافحُ
ولكن رأيتُ النّظْمَ منك فريضةً / فقامتْ به خوفَ العِتابِ القرائحُ
إذا لم يصُغْ في مُرتقى المُلكِ خاطري / مديحاً فلا ضُمّتْ عليه الجوارحُ
فعِشْ يا جمالَ المُلكِ في ظلِّ نعمةٍ / به غُصَّ ما دامت عدوٌ وكاشحُ
سرتْ وجَبينُ الجوّ بالطلّ يرشَحُ
سرتْ وجَبينُ الجوّ بالطلّ يرشَحُ / وثوبُ الغوادي بالبروق موشّحُ
فقابلتُ من أسماطِها الزّهْر يُجتَلى / وقبّلتُ من أمراطِها الزّهر ينفَحُ
بحيث الرُبى تخضلُّ والدّوحُ ينثني / ودمعُ الحَيا ينهلُّ والطيرُ يصدحُ
وفي طيّ أبرادِ النّسيم خميلةٌ / بأعطافِها نَوْرُ المُنى يتفتّحُ
تضاحَك في مَسْرى العواطِف عارِضاً / مدامعهُ في وجْنَةِ الروضِ تسفَح
وتوري به كفَّ الصَّبا زَند بارِقِ / شرارَتُه في فحْمةِ الليلِ تقدَحُ
تفرّسَ منه البدرُ في متنٍ أشقر / يُلاعبُ عِطفَيْهِ النّسيمُ فيرْمَح
على حين أوراقُ الصِّبا الغضِّ نضرةٌ / ووُرْقُ التصابي بالصّبابةِ تُفصِحُ
أشاقَك برقٌ بالدُجنّة لائحُ
أشاقَك برقٌ بالدُجنّة لائحُ / فقلبُك متبولٌ ودمعُك سافِحُ
ألاحَ فجِلبابُ الظّلامِ ممزّقٌ / كما مزّق النّقْعَ المُثارَ الصّفائح
أما وامتطاء العيسِ تُعنِقُ في البُرى / غوادٍ كما شاء السُرى وروائحُ
لقد ذكرَتْنا عهد ظَمياءَ باللِّوى / حمائمُ أيك في ذراهُ صوادِحُ
ودون ظِباء الحيّ بيضٌ صوارمٌ / وعسّالةٌ سُمْرٌ وجُرْدٌ سوابِح
وبيداء لا بيضُ النّسورِ بجوّها / بَوادٍ ولا حُمْرُ الذئابِ سوانِح
وقد كان ينأى بالبخيلةِ بُخلُها / فكيف وهذا بينَنا والكواشِحُ
ذكرْتُكُم والجوّ قد شبّ ناره / علينا ووجهُ الأرضِ أسود كالح
على أولَق يَطوي المراحلَ طاوياً / ويسري وأفواجُ الرّياح طلائح
فأنّ لتذكار الأحبّة مغرمٌ / وحنّ الى قُربِ المواطِن نازِح
ولم يستَطع كتْم الجوى ذو صبابة / له فيضُ دمعٍ بالتباريحِ بائحُ
هل الحبُّ إلا عبرَةٌ مستهلةٌ / ونار جوًى يُطوى عليها الجوانح
وأهيفَ أما من سويداء خاطري / فدانٍ وأما عن جنابي فجامح
إذا عنّ يرنو كالغزالِ فنابِلٌ / وإن ماسَ يزهو كالقضيبِ فرامِحُ
لئن كان ما يحويه منه وشاحُه / خفيفاً فما تحوي المآزر راجح
يَتيهُ بذِكراه النّسيب وتزدهي / بسَيدنا الحبر الإمام المدائحُ
إذا مدّ ممتنّاً عليك جناحَهُ / فنادِ صُروفَ الدّهرِ هل من يكافح
له هشّةٌ كالروضِ والروضُ مونِقٌ / الى حنكة كالطّودِ والطّودُ طامحُ
هو البدرُ إلا أنه زاد ضوؤه / فلم تنتقص منه الغوادي الروائح
هو البحرُ إلا أن جودَ يمينِه / لوارِده عذْبٌ وذلك مالح
هو الغيثُ إلا أنه كلما هَمى / تفيضُ بجَدواهُ الرُبى والأباطحُ
لك الله ما أنداك والغيثُ باخلٌ / وأمضاكَ عزْماً والخطوبُ فوادح
وأوفاك عهداً والحُقوقُ مُضاعةٌ / وأبهاكَ مرأى والوجوهُ كوالِح
أكوكبُ بِشرٍ من جَبينك لائحُ / وصبّ يُسرٍ من يمينك سافح
وإلا فما ذا البرقُ والغيم مقشعٌ / وما ذا النوال السكب والجو واضح
لقد علم الأعداءُ شرقاً ومغرباً / سواء قريبُ الدار منهم ونازح
لأنك أهلٌ للسؤال مهذب ال / فعال مبيدٌ للنوال مسامح
وللجود معنًى عند غيرك مبهم / وليس له إلا يمينك شارح
أحافظ أخبار النبي ومن له / بحار من العلم المصون طوافح
تهنّ بعيد النحر وابق مسَلما / وعرضِك موفور وسعيك رابح
وإني لأهواها وأهوى لقاءَها
وإني لأهواها وأهوى لقاءَها / كما يشتهي الصادي الشرابَ المبرَّدا
علاقةُ حبٍّ لجّ في زمنِ الصِبا / وأبلى وما يزدادُ إلا تجدُّدا
متى يملكُ الحِلْمُ الدنوّ على البُعْدِ
متى يملكُ الحِلْمُ الدنوّ على البُعْدِ / ويمضي حسامُ المُلكِ في غاربِ الصّدِّ
فأرعى رياضَ الفضلِ مطلولة الندى / وأُسْقى رياضَ العِلمِ واضحةَ المدِ
وألحظُ خلاً لا يُخِلُّ بودِّه / ولا يرتضي إلا الثبوتَ على العَهْدِ
وأشهدُ من أفكاره نارَ فِطْنةٍ / تصَعَّدُ من أنفاسِه عبقَ النَّدِ
فيا عَرْفَ ريحٍ عاجَ من جانب اللِّوى / يجرُّ على الأزهارِ ضافيةَ البُرْدِ
غدا راشفاً ريقَ الأقاحي معانقاً / مَدودَ غصونٍ لاثماً وجنةَ الورْدِ
تلذّذْ بمصر فهيَ ربعُ أحبّتي / وخبِّرْ فتاها عن غرامي وعن وجدي
وقلْ عاد ذاك الجوّ بعدَك مُظْلما / فلُحْ طالعاً تجلوهُ يا قمرَ السّعْدِ
إذا لم تكن هندٌ بنجدٍ مقيمةً / فلا هطلَتْ عينُ الغوادي على نجْدِ
أما وحديثٌ كالمُدامِ رشفْتُه / فغادرَ قلبي لا يُعيدُ ولا يُبدي
ودُرُّ قريضٍ رُمْتُ إذ ذاكَ شأوَهُ / فقصَّرَ عنهُ ساعدي ونَبا كدّي
وما لك في سمعي وطرفي وخاطري / من الصيتِ والمرأى المعظَّم والودِّ
وما انهلّ من مجرى دموعيَ من دمٍ / وأُضْرمَ في مَحْنى ضلوعي من وَقْدِ
وقوّضَ عن قلبي من الصبرِ بعدَكم / وخيّم في طرْفي عليكُمْ من السُهْدِ
فحبُكَ أوفى في فؤادي من المُنى / وذكرُك أحلى في لساني من الشّهْدِ
ترى النجمَ مكحولاً بمَيلِ سُهادِه
ترى النجمَ مكحولاً بمَيلِ سُهادِه / نعم وأُعيرَ البرقُ خفْقَ فؤادِهِ
كذاك على عينيهِ عهدَهُ مدمعٍ / يعلِّمُ دمعَ الغيثِ سحّ عِهادِه
أما إنه لولا الخيالُ المعاوِدُ
أما إنه لولا الخيالُ المعاوِدُ / لأقْلعَ مشتاقٌ وأقصرَ واجدُ
ألمْ وقلبُ البرقِ في الجوّ خافقٌ / حَذاراً وطرفُ النجمِ في الأفْقِ شاهدُ
وفي جيدِ زنجيِّ الدجى من خلاله / وأنجمُهُ طوقٌ له وقلائدُ
فلا وجدَ إلا وهو عندي مخيّمٌ / ولا صبْرَ إلا وهْو عنيَ شاردُ
ولو علمتُ أنّ الخيالَ يزورُني / لجادتْ به عن ناظريّ الولائدُ
فليتَ الغواني منْ قتلْنَ يعُدْنَهُ / وليس لمقتولِ الصبابةِ عائدُ
عسى جُمَلُ المشتاقِ تجمُلُ في الهوى / فيقرُبُ منه أو سعادُ تُساعد
ويومَ شربنا فيه كاساتِ فرقةٍ / يغصُّ بها صبُّ وينعُمُ حاسدُ
عشيةَ صادَتْنا ظباءٌ نوافرٌ / وأعجبُ شيءٍ نافراتٌ صوائد
وفي كنَسِ الأحداج جؤذَرُ كلَّةٍ / تقاربُه عشّاقُهُ وتُباعِدُ
لئن عمّرت منه القلوبُ علاقةً / لقد أقفرتْ بالرُغْمِ منه المعاهدُ
ومن لأسير الحب منهُ بعطفَةٍ / تخفّفُ عنه في الهوى ما يكابدُ
شكا ظمأ ترويهِ والموتُ دونَه / لمى عذُبَتْ منه المراشفُ باردُ
وهل يُبرد الصادي حرارةَ جوفِه / إذا كان ما بين الشفاهِ المواردُ
فطوراً نرى منه الجفونَ وتارةً / تُطاعنُه تلك الثُّديُّ النواهدُ
فكم من قتيلٍ قُدْنَه لمَنُونِه / وليس له من مذهبِ الحبِّ قائدُ
سقَتْهم وإن ضنّوا عليّ بوقْفةٍ / سقاني فيها البارقاتُ الرواعِدُ
ولا نزلوا إلا حدائقَ تلتقي / توائمٌ من النوّارِ فيها وفاردُ
كأنّ الأثيرَ المُستَماحَ أعارَها / شمائلَهُ فالطيْبُ منها يُعاود
هُمامٌ يردُّ الجيشَ وهوَ عرَمْرَمٌ / بنجدته يوم الوغى وهو واحد
إذا ما تشكّى السيفُ في كفِّه الظَما / أتاحَ له ماءَ الطِلى فهوَ وارِدُ
من القومِ ما غيرُ السيوفِ مخاصِرٌ / لديهمْ وما غيرُ الدورعِ مُجاسِدُ
إذا عقَلوا الخطيّةُ السُمرَ خلتَهم / أُسوداً بأيديهمْ هناك أساوِدُ
وإن ركعتْ بيضُ الظُبى في أكفّهمْ / بحَرْب فهاماتُ الأعادي سواجِدُ
غُيوثٌ لُيوثٌ نائلاً وشجاعةً / إذا أجدبَ المَرعى وصالَ المُعاند
تميمٌ به حازتْ تماماً فذكرُها / وإن درجتْ في جبهةِ الدهرِ خالدُ
يريكَ بهاءً في ذكاءٍ كأنّما / تجمعُ فيه المشتري وعُطاردُ
فتى للكبير ابنٌ مُبرُّ وللفَتى / أخٌ لا يُداجيه وللطفْل والدُ
لقد علّم الأقوامَ شرقاً ومغرباً / قريبُهُمُ والنازحُ المتباعدُ
بأنك بذّالُ العوارفِ حافظُ ال / معارفِ دفّاعُ المخاوفِ ماجدُ
وأنك أهدى والبصائرُ ضلّةٌ / وأندى وأخلافُ السَحابِ جَوامد
وأوفى ذماماً والحقوقُ مُضاعةٌ / وأعْفى وأحناءُ الضُلوعِ حَواقِدُ
هنيئاً مريئاً بالصيامِ وفضلِه / فكلّكما وقْفٌ عليه المحامدُ
بوجهكَ آفاقُ الكمالِ منيرةٌ / لنا وبه فينا تضيءُ المساجد
وأيامُه في لُبِّه العامِ سَمْطُها / وفعلُك في جيد الزمانِ فرائد
بقيتَ وكفّيْتَ المُنى في محمدٍ / ففي وجهِه للسؤدِد الفردِ شاهد
وهل نال أسباب العُلا مثلُ راحةٍ / لها عضُدٌ في المكرُمات وساعدُ
وهيفاءَ فيها إن تأمّلت أمرَها
وهيفاءَ فيها إن تأمّلت أمرَها / عجائبُ لا يُبْدي سوى الفكر سرَّها
تقومُ ولكنْ ليس تنقُلُ رجلَها / وترنو ولكن ليس تُطْبق شفرَها
إذا نظرتْ منها النواظرُ دوحةً / رأت بأعاليها من النارِ نَوْرَها
وأبيضَ لونَ الآبنوسِ إذا سَرى
وأبيضَ لونَ الآبنوسِ إذا سَرى / تمزّقَ عن صبحٍ من العاجِ باهرِ
وإن خاضَ في بحرِ الثغورِ رأيتَهُ / يُنشِّرُنا أطرافُهُ بالجواهِرِ
وما أنا إلا واحدٌ من جماعةٍ
وما أنا إلا واحدٌ من جماعةٍ / وقد خُصِّصوا بالقبضِ إذ مُرْنَ بالقَبصِ
فما بالُ حظّي قد غدا كابنِ أربعٍ / وعشرٍ ترامى للأفولِ وللنقصِ
فحظُكُمُ كالشمسِ لم يخْبُ ضوؤها / وإن حُجِبَتْ من ظلمةِ الليلِ في قَمْصِ
فهل ترتضي العلياءُ أنى أنثَني / ولي عَقِبٌ عن بحر جودِكَ ذو لَصِّ
فكن حافظاً رسْمي عليكَ تكرُّماً / كما أنت فينا حافظُ العِلْمِ والنصِّ
طلَعْتِ ربيعاً من ربيع وأربُعِ
طلَعْتِ ربيعاً من ربيع وأربُعِ / وطالعتِ أهلاً من مَصيفٍ ومَرْبَعِ
منازلُ أستسقي السماءَ لأهلِها / وإن كنّ يستسقينَ للأرضِ أدمُعي
على أنّ ما ضمتْ هوادجُهُم سوى / فؤادي لا ضمّتْ سوى عوْجِ أضلُعي
وما خدَعوني باللِوى غيرَ أنهُم / لوَوْا نحو المطامعِ أخدَعي
وقاسَمني في أن يقاسِمَني النّوى / رشا معهُ قلبي وأشواقُه مَعي
دعاهُ غَرامي للوصالِ فلم يُجِبْ / نداءَ مَشوقٍ قد أجابَ وما دُعي
وفي كبدي أستغفرُ الله لوعةٌ / الى مولعٍ عنّي بما هو مولَعُ
يناصبُني في الحبِّ والحبُّ حاكمٌ / يجوّزُ لي في الناصِبيّ تشيُّعي
ومنتصر في منع مقلوبِ عقرب / بما تحتَه من لَسْعِ مقلوبِ بُرْقُعِ
أبت شمسُه إلا الغروبَ وقد سَما / لها مُكلِفي من كلّ عضو بيُوشَعِ
ولي من نَدى من لا يَدي أمرَ مُهجٍ / من لم يوقع بها قلت أوقعِ
وليل نزعْنا منهُ عن متجهّمٍ / أغمِّ القَفا والوجهُ ليس بأنزَعِ
تأبّى ذراعُ الليثِ أن يعتَلي به / لنا ذنَبُ السرْحانِ مقدارَ إصبَعِ
فلما ارتمَتْ كفُّ الصَديعِ بأنجمٍ / قواريرُها قد أوذِنَتْ بالتصدّع
دعاني السَرى أتعبتَ طِرْفَكَ فاسترحْ / وقال الكَرى أسهرتَ طَرْفَكَ فاهْجَعِ
وإني وإيضاعي وإشرافَ همّتي / لأعلمُ عند الأشرفِ النَدْبِ موضِعي
أنالُ به ما شئتُ غيرَ مُمانعٍ / على أنني ما شئتُ غيرُ ممنّعِ
ويطمعُ في شأوي أناسٌ تنافَسوا / على مَطعِمٍ في راحتيْهِ ومُطْمِعِ
سكنتُ فقد ظنوا احتقاريَ شأنَهُمُ / سكونُ تخشٍّ منهمُ أو تخشّعِ
أيُلْحِدُ في فضلي امرؤ لو أمتُّهُ / لأويسَ بالإلحادِ مرجوّ مَرْجِعِ
إليكَ قطعتُ البحرَ أطوي سجلَّهُ / فيا بحرُ أسْجِلْ لي بحظي وأقْطِعِ
وما بي الى الأوطانِ هجرة مِقْلَعِ / ولا لي عن الأوطارِ هجرةُ مُقلِعِ
ولولاك لم أبرح قصيّاً ولم أجد / قصيّاً فأدعو فضلَهُ بمُجمّعِ
نطقت بإعرابِ المقاديرِ مُفصِحاً / فيا سيبويهِ اخْفِضْ بلفظِكَ وارفعِ
نصبت لما شادتْ تميمٌ بناءَهُ / من المجدِ ركنَ السؤدد المترفِّعِ
فضائلُ دعْ حصناً فما زالَ حابسٌ / يفوقُ بها مِرْداسَ في كل مَجْمَعِ
وأنتَ تتبعتَ الألى بمآثرٍ / تُثيرُ عجاجَ السّبْقِ في وجهِ تُبّعِ
فإحكامُ أحْكامٍ تقولُ مُبادراً / لها مشرعُ الخطّيّ ما شئتَ فاشْرِعِ
وعدلُ قضاءِ لا يميلُ به الهوى / لإرضاءِ سنيٍّ ولا مُتشيِّعِ
وفضلُ خطابٍ مُعجزٍ وخطابُه / روى كلُّ صِقْعٍ عنهما فضلَ مصْقع
وظنّ كأنّ السّمعَ والعينَ شاهَدا / ومن أجلِ هذا قيلَ ذا ظنُّ ألْمَعي
فيا حَسَناً قد أصبحَ الإسمُ وصْفَهُ / فأصبحَ من وجهينِ أحسنَ من دُعي
تنزهتُ في دينه عن دنيّةٍ / وشمّرتُ في دُرّاعهِ عن مدرّعِ
فلحظُك للديوانِ أيقِظْهُ يحترسْ / ولفظك للإيوان جرِّدهُ يقطعِ
وطالعْ محيّا النحْر منك بمنظرٍ / أدامَ إليهِ طرفَهُ بالتطلّع
كذا البيتُ قد لبّيتُ والهَدْيُ واجبٌ / عليّ لأني قائلٌ بالتمتّعِ
ولم أقتنعْ بالفرْضِ فالفضلُ إنّما / يكونُ إذا حققتَهُ للتّطوّعِ
لسانيَ لا يعْيا وغيرُك سمعُهُ / لغفلتِه يُعْيي اللسانَ ولا يَعي
تدانيتَ داراً والوصولُ شُسوعُ
تدانيتَ داراً والوصولُ شُسوعُ / فخِلُّك ذو الود الوَصولُ قَطوعُ
وإنكَ والقلبُ الذي قد ملأتَهُ / لكالقلبِ قد ضمّتْ عليهِ ضلوعُ
حُجِبْتُ ولم تُحْجَبْ محاسنُك التي / تأنّقَ منها يا إمامُ رَبيعُ
وضيعت في صونٍ فضعت وهكذا / يُضاعُ فتيتُ المِسْكِ وهو يَضوعُ
وما أنتَ إلا العضْبُ لازم جَفْنَهُ / ليُنْضي بكفٍ إذا يروقُ يروعُ
وحتْمٌ على البدر السرارُ وبُعدُه / بُزوغٌ على عاداتِه ونُزوعُ
وما الدُرُّ في أصدافِه بغريبةٍ / إذا انحطّ عنه التاجُ وهو رَفيعُ
يُقيمُ سُلافَ الكرْمِ بالدنّ حقبةً / ويخلَعُ عن فيها الختامَ خليعُ
ستُفْتَقُ عن زهرٍ بديعٍ كمامُهُ / فما ذاك من صُنعِ الإلهِ بديعُ
وتُسْفِرُ عن صبحٍ شريقٍ دجُنّةُ / ولا سيّما قد حانَ منهُ طُلوعُ
كأنّي بها يا بنَ الكرامِ مُغيرةٌ / لها فوقَ هاتيكَ الربوعِ رُتوعُ
بحيثُ يريكَ البرّ كالبحرِ ذُبَّلٌ / وبيضٌ وبيضٌ أشرقتْ ودُروعُ
وفرسانُ حرب لا البعيدُ عليهمُ / بعيدٌ ولا العالي الرفيعُ رَفيعُ
بذلكَ لا تعجَبْ فإني قائلٌ / وإنكَ في الشهرِ الأصمّ سميعُ
جَفى مقلةَ الصبِّ الكئيبِ هجوعُها
جَفى مقلةَ الصبِّ الكئيبِ هجوعُها / وكلّفها أشياءَ لا تستطيعُها
غَداةَ رأى ركبَ الخليطِ وقد نأى / بهيفاءَ إن ولّتْ بطيءٌ رُجوعُها
أعاذلهُ رفقاً فبينَ ضلوعِه / صبابةُ قلب لا يُطاقُ نُزوعُها
رأى دَمَنا يشكو معالِمَها / شكَتْ كبِدٌ قد أوهنَتْها صُدوعُها
ولما التقينا يومَ منعرجٍ اللِوى / وفاضَتْ دموعي حيرة ودموعُها
عقدنا مواثيقَ المودّةِ بيننا / سواءٌ وظني أنها لا تُضيعُها
وما راعني إلا فراقُ مشبَّبٍ / فيا ليتَ شعري هل تراهُ يَروعُها
عجبتُ وفي الأيامِ كلُّ عجيبةٍ / لأسماءَ يَعصيني الهوى وأُطيعُها
وما ذاكَ إلا أنني ذو صبابةٍ / تحكّمَ في قلبي فجارَ وُلوعُها
علائقُ تُخْفيها الأضالعُ جُهدَها / مخافةَ واشٍ والدموعُ تُذيعُها
وأطمعَني في وصلها أن طيفها / يُوافي إذا الظلماءُ وافى هزيعُها
تخيّل لي أني إذا زار مضجعي / وإن نزّحَتْ منا الديارَ ضجيعُها
إذا بوّأتنا العيسُ من أحمدَ الرضى / فِناهُ فلا شُدَّت عليها نُسوعُها
وكيف وقد حلّتْ بنا في جِنابِ من / له غرةٌ يَنفي الظلامَ صديعُها
يُعيدُ ويُبْدي شيمةً بعد شيمةٍ / كمثل رياضِ الحُزْنِ جادَ ربيعُها
سما للعُلى فرداً فجمّع شملَها / لديهِ ولولاهُ لشتَّ جميعُها
إذا عذلْتُه في المكارمِ عصبةٌ / عصتْها أياديهِ فليستْ تُطيعُها
لقد حسُنَتْ منه الصنائع شيمةً / وطبعاً إذا الأعداءُ سيءَ صنيعُها
حليفُ النّدى شهّادُ أنديةِ العُلى / به عمِرَتْ بعدَ العَفاءِ ربوعُها
حميتَ بفضلِ الجودِ أعراضَك العدى / فقد علموا أن لن يُنالَ منيعُها
رأى العيدَ لما أن رآه عجائباً / يحدِّث عنها دائماً ويُشيعُها
غماماً وأصباحاً وطَوْداً ومُرْهَفاً / وبحراً وشمساً ما يغِبُّ طلوعُها