المجموع : 46
يَقولونَ سيفُ الدِّينِ من أجلِ عقلهِ
يَقولونَ سيفُ الدِّينِ من أجلِ عقلهِ / جَفاكَ فلا تأَمَنْ غوائلَ حقده
فقلت لهم يا قومُ ما أنا جاهلٌ / فأدخلَ بينَ السيفِ عمداً وغمدهِ
أقولُ وقد لاحَ الهلالُ مُغَرِّباً
أقولُ وقد لاحَ الهلالُ مُغَرِّباً / وَيا ليتهُ في الأفق غيرُ مُغَرِّبِ
ثَقيلٌ هلالُ الصّوم أنتَ على أمرئ / وليسَ عَجيباً هكذا كل مُغرِبي
ألا إنَّ أرضَ الغرب أفضل موطن
ألا إنَّ أرضَ الغرب أفضل موطن / تساق إليه الواخدات النجائب
ولو لم يكن في الغرب كل فضيلة / لما حُركتْ شَوقاً إليهِ الكواكبُ
على مثلهِ ثَوراً بُكايَ يَزيدُ
على مثلهِ ثَوراً بُكايَ يَزيدُ / فَلا بَرَدا جفنايَ وهو يجودُ
رزِئنا بذي القَرنَيْنِ بأساً وَنَجْدَةً / لهُ عَدَدٌ من بأسهِ وعديدُ
بدا وَهلالُ الأُفقِ تاجٌ لرأسهِ / وَمْن شَفَق دِرْعٌ لهُ وَبُرودُ
فَلَو أنّه في ليلة العيد لاحَ لي / لَقُلْتُ هلالٌ قد أطلَّ وعيدُ
وذي أربَعٍ قد قُمِّعَتْ بزَبَرْ جَدٍ / وَهيهاتَ يحكي ما أقلَّ عمودُ
وفي الجزعِ من رَوْقيه شبْهٌ ولَوْنُه / عقيقٌ وَنَظْمُ الوَدْعِ منه عقودُ
خَلا منهُ برجُ الثّورِ والشّرَفُ الذي / سعودٌ لهُ نحو العُلا وصعودُ
فَكمْ لرِهانٍ منهُ فَرَّ محاربٌ / هزيماً وأدنى ما وراهُ بَريدُ
وَقالوا نَراهُ يَبحثُ الأرضَ ناطحاً / فَيَصْعَدُ نحوَ الجوِّ منه صعيدُ
فقلتُ لَهم يبغي الذي يحملُ الثرى / بقَرنيه فالأرضونَ منه تَميدُ
وما زالَ يسقي الحرثَ رَيّاً فأخصَبَت / مرابعُ فيها قائمٌ وَحَصيد
فآهاً لهُ رودَ الشّبابِ أخا لمى / شهيُّ رضابِ المرشِفَينِ بَرودُ
إذا اجتازَ في ساجِ الزرائبِ خلتهُ / مُسبِّحَ صبْحٍ قَدْ عراهُ سجودُ
رَمَتهُ عُيونُ الحاسدينَ بنظرَةٍ / فَلَيتْتَ بَقَى دهراً وَماتَ حسودُ
وَمنْ أجلهِ قد حَرّمتْ لحمَ مثلهِ / بَراهِمةٌ في شَرْعِها وَهنودُ
بكتهُ قَواديسُ السّواقي بأدمُعٍ / غِزارٍ لَها بَيْنَ الحياضِ مُدودُ
وأنّت لهُ الأتراسُ حُزناً وحرقةً / وَذابَ لهُ قلبٌ عليهِ جَريدُ
وَمن بَعدِهِ ما عانَقَ البابُ سيِّداً / تلهُ كلّ أبقارِ البلادِ عَبيدُ
ولا جازَ من تحتِ الجوائزِ مثلُهُ / وسرقينُه مِسْكٌ يفوحُ وعودُ
فلو كانَ في أيامِ موسى صبَا إلى / عبادَتهِ في المشركين يهودُ
كَنَبْتُ وَلَحظي قد تَبدَّلَ نَرجساً
كَنَبْتُ وَلَحظي قد تَبدَّلَ نَرجساً / بورْد وَدَمعي قَدْ تَساقطَ مَنْثورا
وَلي زمناً يا نور لم أركم به / وَغَايةُ بُرء العين أَنْ تُبصِرَ النّورا
بِروحي يَهودياً سَبَاني تَعَمُّداً
بِروحي يَهودياً سَبَاني تَعَمُّداً / بلفْظِ برئ أو بِلَحظِ مريبِ
يميسُ وَقَد أبدى العلامة للورى / كنوارةٍ مْصَفرةٍ بقَضيب
وأهديتَ لي منكَ الغَداةَ مُرَكبّاً
وأهديتَ لي منكَ الغَداةَ مُرَكبّاً / غَدَوْتُ لَهُ إذْ جاءَني مُتَعَجِّبا
بَسيطٌ مِنَ الماءِ القراحِ بَعَثتَهُ / فَوا عجباً منه بسيطاً مُرَكبا
تَمَنَيْتُ لَمّا عَزَّني الوفرُ والمُنى
تَمَنَيْتُ لَمّا عَزَّني الوفرُ والمُنى / ضَلالاً بأنَ الوفرَ خُصَّ به أَيري
ولو كان أيري مثلما قلتُ وافراً / لأتعبني حملاً ولذَّ به غَيري
بَكَتْ فَقَدْ أكديشي خيولُ المرابطِ
بَكَتْ فَقَدْ أكديشي خيولُ المرابطِ / وناحَ عَلَيهِ كلُّ غازٍ مُرابطِ
لقد كانَ شيخاً ما يزالُ محنّكاً / بِتَجربةٍ ذا فِطْنة بشَرائطِ
وكانَ إذا ما راثَ أجمعُ رَوْثَهُ / بكفِّي وأحويهِ لهُ في الخرائطِ
وما كانَ من فرطِ الشّجا قطُّ وارداً / سوى ما أسقيهِ لهُ بالمَساعِطِ
وَكُنْتُ عليهِ راكباً مثل راجلٍ / لِحُقْرَتِهِ أو صاعداً مثلَ هابطِ
تمرُّ بِنا الأَبطالُ وَهْوَ مكانَهُ / كأنِّي منهُ راكِبٌ فوقَ حائطِ
وما سُقتُه في السُّوقِ إلاَّ تغامزَتْ / على أخذهِ منِّي كلابُ المَسافِطِ
قَضى فربوعُ الزِّبلِ منهُ دَوارسٌ / وقد نَسَفتها ريحُ تلكَ المضارطِ
وما ساءني إلاّ بنو الضّوءِ عندما / بَدَوا بينَّ سلاّخٍ لجلدٍ وكاشطِ
وكم قالَ لي إذْ كانَ يأكلُ زِبلَهُ / أتمنَعُني لِلْجوعِ مِنْ أكلِ غائِطي
فَقُلتُ لهُ يكفيكَ زِبلُكَ بُلغَةً / إذا عزَّ ما تقتاتُهُ كالمغالِطِ
فَهَمْلَجَ من غَيظٍ عَلَى بَرِفَسة / وقد كانَ لولا غَيظهُ غَيرَ ناشطِ
وَضَرَّطَ في وجهي ثمانينَ ضَرْطةً / فَتَبّاً لأَشياخ الخُيولِ الضّوارطِ
وقالَ لحاكَ الله منْ مُتَصنعٍ / يُصَوَقُني بالمَسحِ مثلَ المواِشط
وَبَطْنيَ خالٍ مثلَ راسك فارغٌ / على أَنّهُ من حُرقةٍ مثل شائطِ
فأغلقتُ للأصطَبلِ باباً مُوَثّقاً / وغادرتُه في زبْلهِ أيَّ خابط
فأصبَح مرفوعَ القوائمِ داعِياً / عَلَيَّ ولم أَقْدَرْ على رد فاقطِ
وعاينتُه كالطّبلِ مُنْتَفخاً وَقَدْ / أُضيفَ إلى موتي الخيولِ السّواقطِ
وجاءَتْ كلابُ السُّوقِ ما بينَ لاهثٍ / طماعِيَةً فيه وما بينَ لاعطِ
فأعلَيتُ صوتي بالبكاءِ لفَقْدِهِ / فآهاً عليه من أنيس مُخالط
إذا نابَ في التّقبيل عن شَفَتي طِرسي
إذا نابَ في التّقبيل عن شَفَتي طِرسي / وَعَنْ بَصَري في رؤيتي لَكُمُ نَفْسي
وواصَلَني مِنكُمْ خَيالٌ مُخَصّصٌ / بِروحيَ في حلمٍ فَما لي وَلِلْحسْ
وَمَنْ لي بمرآكَ الجميلِ الذي بهِ / لِعَيْني غنِىً عنْ طَلْعَةِ البدرِ والشَمس
على أنّني مستأنِسٌ بعدَ وَحْشتي / بأنسِ وَليِّ الدَّولةِ الأَزخرِ القَسِّ
وأنَّ أبنَهُ الشَيخَ الخطيرَ لَمُسعِفي / بِما شِئتُ منْ رفدٍ جزيلٍ ومن أنُس
وأُقسِمُ ما للإبن والأبِ عندَهُمْ / حياةٌ بلا روحٍ تَجيئ مِنَ القُمسِ
أقولُ وَقَد لاحَتْ رياضُ شقائقٍ
أقولُ وَقَد لاحَتْ رياضُ شقائقٍ / مُنَمّقةٍ ما مِثلُها في الشّقائقِ
لَقَد سَلَبَ الرَّوضُ الخدودَ احمرارَها / وحازَ سويدا القلبِ مِن كُلِّ وامقِ
فيا كُل معشوقٍ صُنِ الخد سائراً / وَعَظَّ سُويدا القلبِ يا كُلَّ عاشقِ
أُسائِلُ عَن ذاكَ المحيّا تَشَوُّقاً
أُسائِلُ عَن ذاكَ المحيّا تَشَوُّقاً / إليه جميعَ العاملينَ منَ الورى
وغيرُ عجيبٍ للطبيبِ إذا اغتدى / لِمنْ يلتقيهِ بالسؤالِ عنِ الخَرا
لِيَ اللهُ مِن شَيخٍ جَفاني أحبّتي
لِيَ اللهُ مِن شَيخٍ جَفاني أحبّتي / وَقَدْ بَهرَجَ النّقد المماحِك ضيعَني
أُحَمُل شّيبي صِبغةً بعدَ صبُغَةٍ / وَصُبغَة ربُ العَرْش أَحسن صُبغَةِ
وإذْ شَابَ رأسي شاب عَيشي شآيبٌ / رَمى بفُؤادي مُنيَتي بِمنيّتي
وحاوَلت أنْ يَخفَى مَشيبي فَما اختَفَى / ويكفيكَ أنّي كاذِبٌ وَسطَ لِحيتيْ
وَسُمِّتُ طاووسَ الملائِكِ إذْ بَدَتْ / مطوَّسَةً كالرّيش ريشي بِكَونتي
وَما شِبتُ حتّى شابَ قلبي منَ الهوى / وَقَد نَفّرَتْ عنِّي الخرائدَ شَيبتي
بَيَاضٌ بهِ تجري دموعي كأنَه / لِذاكَ دموعُ العَين صاحبُ دَمعَةِ
وَتشمِلُه بالنّيلِ منّي أصابِعٌ / مُخَلّفَةٌ عنَدَ الوفاءِ بِزُرقَةِ
فواعَجباً منهُ بَياضاً تَوَسّخَتْ / بهِ عندَ مَنْ أهوى مطارفْ صَبوتي
وَهَبني لها بالغشِّ والنّيل سائراً / فأينَ نُهوضي للنّكاح وَهِمّتي
ولي صاحِبٌ طلقُ المحيّا بِصُبغَةٍ / بَهِيُّ المحيّا نَحوهُ النّفسُ حنّت
تَقَمّصَ منْ قُمصِ الخلاعة حلّةً / عَليها طرازٌ مِن وقارٍ وَحِشمَةٍ
وإنْ كانَ موسوماً بِشَيبٍ فإنّهُ / عَليها طرازٌ مِن وقارٍ وَحِشمَةٍ
وإنْ كانَ موسوماً بِشَيبٍ فإنّهُ / تَعَرّى شباباً كانَ أحسنَ حلّة
أراني غراباً في الكهولةِ أبقعاً / على رأسهِ ينعاهُ في كُلِّ صَيْحَة
وقالَ لَئنْ أصبحتُ من آلِ شيبةٍ / فَلا أنا من طَيءْ ولا القومُ عِترتَي
وما تابَ لمّا شابَ من كُلِّ رِيبةٍ / وأقلَعَ إلاَ باللّتيا وبالّتي
إذا قام في الحمام مثلي محرّساً / مُسَخمّ وجه ثمَّ نامَ كَمَيِّتِ
فيا قُبحَهُ إذ سالَ منهُ صَديدُه / وَقَد مُدَّ مثلَ المركَب المَتَزفِّتِ
وَقَد ضاقَ بالحمّامِ ذَرْعاً وَضيقتْ / مَنافِسُه منْ كَربة بعدَ كَربةِ
وَكَم مَصَّ منْ صفّارةٍ حالةَ الظّما / منَ الماءِ ما روَّى به بعضَ غُلّةِ
وساخٌ كأمواهِ المبلاّةِ ماؤهاه / فَصادَتْ أنوفَ الحاضرينَ بِعَطسةِ
فأصبَحَ للمِقراضِ في جَنَباتِها / فِعالَ المدى في صوف فرو مُسَلّت
على قَلَحِ في فيهِ منْ بَخَرٍ به / إذا فاحَ أردى المسكَ في أرضِ تبّتِ
فَتَبّتْ يدا مِنْ يَصْبغُ الذَّقنَ حائلاً / صِباغَ خَرىً لا يَرْتَضيه وَتَبّتِ
وليلةَ زارَتني على غيرِ مَوعدٍ / سُعادٌ لِوَصلٍ كانَ غيرَ مُؤقَتِ
فَقُمْتُ إليها ناشطاً وكأنّني / فتى حَدُثٌ لولا دَيالي ورعشتي
فقالَتْ هَهَا أَمّا التصابي فظاهرٌ / وأَحسَبُه لولا أرتعاشٌ به فَتي
فَقُلتُ لها بي هِزَّهُ الوجد والهوى / ولم أرتَعشْ إلاَّ لِفَرطِ مَحبّتي
ولمّا أعتَنَقْنا لم تَجدْ أيَ نَهْضَةً / وأينَ على هجر الثمانينَ نَهْضتي
وَمَدَّتْ إلى تريد / فما وَجَدَتْ شيئاً سوى صُفرِ خِصيَتي
بَلَى ناحِلاً قد غيّرتهُ يدُ البِلى / يُعانِدني في صورة المُتَعَنِّتِ
تقلّصَ لمّا رمتُ منهُ قِيامَه / كَقُنفُذِ شَوكٍ في مَغابن
فقامَتْ إلى عُنقي بأدهمَ أعوج / صقيلٍ فقلتُ النّصرُ لِلْمُتَثبِّتِ
وَقُدِّمتُ نحوَ النّطعِ فارتعتُ قائلاً / ملكتِ قيادِي فاحسني اليومَ قِتلتي
تُرى ما الذي أَذنبتُ قالَتْ غرورُنا / بِصُبغَةِ ذَقنٍ كالهشيم المفتّتِ
حلى عنكِ باديِّ النّصولِ كَقلّةٍ / مِنَ الماءِ حُفّت بالشّعير المُنَبْتِ
إذا هي حلّتْ في يَدَي مُتَعَتّبٍ / أسُائِلُها أيَّ المواطنِ حَلّتِ
فآهاً لأَيّامِ الشّبابِ وطيبِها / وواهاً على أَيّام لهوي وَلَذَّتي
وَحُسنِ ليالٍ كنتُ فيها مُقَلِّداً / لِكُلِّ فتاةٍ كاعب الحسن غضّةِ
خَلَعْتُ عَذاري بعدَ لَبْسهِ في الصّبا / جَديداً ولا لِبسي لأَجملِ حُلُّهِ
إذا عَذَلتني فيهِ عاذِلةُ الصِّبا / يقل عندَها وقد أنعظَ اسكتي
وإذْ كنت دَبَاباً على كُلِّ أمردٍ / ثقيلٍ خفيف النّومِ بادي التّعفرُتِ
فكم بعد إيلاجٍ تشاهد نائماً / على ظهرِهِ كمَلتُهْ بِعُمْيرتي
ويا طيبَ أيامي بِجلد عميرةٍ / فكم حَفِظَتْ عِرضي لَدَيها وفِضّتي
وأيّامِ لهوٍ كنتُ من بها / أُعوِّجُ في الفراشِ
وما شاقني إلاَّ البدالُ وطيبُه / وحسنُ وفائي في صِحابي وَرِفقَتي
فهل بعدَ شيبِ العارِضَيْنِ لِذاذَةٌ / وقد أخلقَتْ تلكَ الثمانينُ جدَّتي
فإنْ أَلبسَ الشّيبُ السوادَ فإنّني / حزينٌ على أيامِ شرخ شبيبتي
ولستُ أُبالي باللواتي قَلينني / إذا رَضِيَتْ عنّي كرامُ عشيرتي
يشيرُ بِأُذْنيهِ إليَّ مُخاطِباً
يشيرُ بِأُذْنيهِ إليَّ مُخاطِباً / فأفَهمُ فَهْمَ الخُرس فَحواهُ والطُّرشِ
وأقسِمُ إنّي ما تَوَخّيْتُ لَزِّهُ / بِمِقْرَعةٍ تنكيهِ بالضّربِ والخَدْشِ
سَلوا عنهُ أَصحابَ المراغةِ إنّهُمْ / رأوه معي ما زالَ يُحْبَبُ كالكبشِ
إذا نامَ فوقَ الرَّمِاْلِ واختَبَط الثرى / لهُ الذَّنَبُ الذَّيالُ أَبدى سَطا قَرْشِ
وَكَمْ مَوْقفٍ نَقّيتُ فيهِ ذُبابَهُ / مُفَرِّقُه منْ ذلكَ الدَّنِّ والنّشِّ
وَكُنتُ كَجَنيْ الياسمينِ نَثَرتَهُ / على المخزنِ المعمورِ بالكنس والرَّشِّ
وما زالَ يُلهيني بترجيعِ صّوْتهِ / نَهيقاً عنِ الورقاءِ تهتفُ في العُشِّ
كما كانَ يُلهيني بِسَيْرِ عِذارهِ / الصَقيلِ إذا ما لاحَ عن لَعَطِ الحُبْشِ
عِذارٌ به قد قامَ عُذري بِحُبِّهِ / فيا حُسْنَهُ في عُصْبَةِ القُشُب الرُّقْشِ
فيا لَيْتَهُمْ إذْ حمّلوهُ متاعَهُمْ / حُمِلتُ ولا عاينتُ ذاك على النّعشِ
وما ساءَني لمّا نطقتُ بِبَيْعهِ / سِوَى وَحْشَتَي من ذلكَ المنظَرِ الهَشِّ
وقد سالَ من همي الغداةَِ وَعَينه / منَ الدِّمْعِ ما يُعمي المتّيمَ أو يَعسي
ولم أنسَهُ إذْ حَنَّ نَحوي وَكُلّما / تَجافاهُ مولاهُ تشاغَلَ بالقُشِّ
لَقَد كانَ ذُخري في الدَّواب وَعُمدَتي / وَمَوْثل آمالي وَعَوْني على بَطْشي
إخالُ بهِ الأَرضينَ يُطوى بَعيدُها / فَوا أَسفي إذْ صرْتُ منْ بَعْدِهِ أمشي
وما بالَ تحتي قَطُّ مذْ كُنْتُ أَغتَدى / عليهِ ولم يَبْحَثْ عن الأَكلِ بالنَبشِ
وما كانَ ذا جُبْنٍ على أنَّ بولَهُ / تراهُ إذا ما بالَ أبيضَ كالمشِّ
وما كانَ ممّنْ يَنْشُقُ البولَ كالذي / يتوقُ إذا لاحَتْ أتانٌ إلى الفُحش
وما كانَ يُدلي قَطُّ يوماً بحُجَة / إلى القَفْزِ إلاَّ خَلتُهُ نابلاً أَقْشِ
وما كانَ ممَنْ يُسرعُ الخطوَ نَهمةً / ولا يَتَمَطّى إلاَ كلَ للْحَبِّ إذْ عُشتي
ولا كانَ رفَاساً ولا كانَ شامساً / ولا كانَ كَدَّاماً يُكَلِّمُ بالنّهْشِ
ولا كنَ همّازاً ولا كانَ غامزاً / ولا بأحصَّ أزعَنَ واسعِ الكَرِشِ
وقد كانَ مَهما حُشَّ فَرْطاً أو دلُّو / أُشارِكُهُ في ذلكَ الأًَكلِ للْحش
وَهَلْ من ندِيمٍ مثلهِ وَهْوَ إن جَفَا / تغاضى ولا يومي بسرِّيْ ولا يُفْشي
وأصعَبُ ما لاقيتُ بعدَ فِراقه / مقالَ الذي إن قلتُ آه يَقُلْ مَشِّي
تَراني أكَلْتُ البنجَ يوم ابتياعه / وأصبحتُ يَكَاً إذْ غُلِبتُ بِشاسِشِّي
ضَرَبْتُ عليهِ بالشَعيرِ فقيلَ لي / يُردُّ ودُوِّي لو يَرُدُّوهُ بالأرش
سأشكو وقد صَرَّمْتُ أيّامَ هجرِهِ / بموقفِ أحزاني إلى ساكن العرش
بُليتُ بخَطّافِ العمائمِ بُرهَةً
بُليتُ بخَطّافِ العمائمِ بُرهَةً / يُحَرِّقُ بالمهماز منهُ ضُلوعي
وأمسَيْتُ في حَبْسِ الولايةِ مودَعاً / تَسيلُ على قضمِ الشَعيرِ دُموعي
وَقُلتُ لَعَلِّي بالحكيمِ إذا رأى / سَقامي يداوي علَتي وخضوعي
فأمسى عليقي نهبَ غلمانِ دارِه / فَضوعفَ همِّي عندَهُ وقطوعي
وَورَّطَ شَعري قلَةُ المسح عنْدَهُ / إلى أنْ دَعا بالحلِّ منهُ جميعي
وَقَدْ جئتُ قَصْداً للأميرِ فإنّهُ / سَيَرْسُمُ لي من فَضلهِ برَبيعي
وقالوا سَعى يا شمسُ فيك أخرى هوى
وقالوا سَعى يا شمسُ فيك أخرى هوى / وَسَفّهَ منك القَولَ والنّقَلَ بالأَمسِ
فَقُلتُ دعوهُ سوفَ ترمدُ عَيْنُهُ / وكم رَمَدَتْ عينٌ منَ السّعْي في الشّمسِ
عَزاؤكَ طولَ الدَّهرِ يا ابنَ أبي الفَخْرِ
عَزاؤكَ طولَ الدَّهرِ يا ابنَ أبي الفَخْرِ / عزيزُ أسى إذْ لستَ تجنَحُ للصَبْرِ
فلا تبدين حزنا فيشمت حاسد / وكَفْكفْ دموعَ العينِ في السّرِّ والجَهرِ
وَعج سالياً عن بنتِ عاج عَدمتَها / فصوصُ قمار كُنَّ أغلى منَ البدرِ
منعّمةٌ بَيضاءُ خُضْرٌ نُقوشُها / كَنَقْش كُفوفِ الغيدِ أضحينَ في الخدرِ
تلوح على الأرساغ شبهُ دجنّةِ / فَمِن مَنَ سام في المسيرِ وَمُنْحَرِّ
تُطاوِعُها في الأمرِ وَهي أبيّةٌ / مرادُكَ بينَ الشُّربِ في النّهْي والأمر
ورُبّتَما أصبحتُ في القَمْر عنَدها / بقَهْرٍ وما تُبدي لها ألمَ القَهْر
كأنَّ سطورَ السّرِّ أسطُرُ مهَرقٍ / غنيتُ بها عن كُلِّ نَظْمٍ وَعَن نَثْر
ويذكُرُكَ الجارُ المربّعُ شَكْلُه / صَليبكَ فوقَ الزّنْد في غُرةِ العُمْر
وتَصبوا إلى الثالوثِ بالسّا إذا بَدَت / ثلاثاً فَتَرعاها لذلكَ في البَرِّ
وللبنج فعلُ البَنْج في اللبِ ما بَدا / وألهاكَ عن صوم الفريضة والفطرِ
إذا ما بَدا للدُّوِّ شَكلان أمَسيا / أليفَيْنِ وصلا لا يُراعانِ بالهجرِ
وكالخالِ نَقْشُ أليَكَّ يَسْبيكَ لونُه / فأنتَ بهِ صَبُّوا الفؤادِ مدى الدَّهرِ
تَروقُك منْ شَفعٍ وَوَترٍ نُقوشُها / وَتُلهيكَ ما لاحَتْ عنِ الشّفعِ والوترِ
إذا لَثَمَتْ ثغراً هناك بَدا لهَا / طنين كَصَوتِ العودِ والدفِّ والزَّمرِ
فَعُوِّضْتَ عنها فوق عينيكَ مِثلها / فصوص عمى يا قرمَةَ النار يا جمرى
فواللهِ لولا أن يُقالَ تَحامُلٌ
فواللهِ لولا أن يُقالَ تَحامُلٌ / لَصَمّمْتُ تصميمَ اللعين ابن مُلجمِ
وغايةُ ما في الأمرِ أنّا جَميعُنا / إذا ما التقينا نلتقي في جَهَنّمَ
ألا بَلِّغِ المُصْفَرَّ عَنِّيِ وإنْ يَكُنْ
ألا بَلِّغِ المُصْفَرَّ عَنِّيِ وإنْ يَكُنْ / أخَسَّ الورى قَدْراً لَدَيَّ وأَحقَرا
تباخَلْتَ حتّى صِرْتَ أصفَرَ مُنْتَناً / فكنتَ جديراً أنْ تُلَقّبَ
كتبتُ بها في يومِ سلحٍِ ومعْدتي
كتبتُ بها في يومِ سلحٍِ ومعْدتي / تمارسُ من أهوالهِ ما تمارس
مسا حبُ من جَرِّ الذيول على / وأضغاثُ إسهالٍ جنيٌ ويابسُ
دواءٌ يري الصدرَ الوجيهَ منازلاً / وفيها بهِ بعدَ مجالسُ