هلموا بنا نحو الأمير نسلم
هلموا بنا نحو الأمير نسلم / سلام على عباس مصر المعظم
ألا إن في الاكباد شوقاً مبرحاً / إليه فقد كادت من الشوق تدَّمي
سئمنا النوى لم يبق للصبر موضع / ومن يتجرع لوعة النأي يسأم
ومن كان ذا ود على السخط والرضى / إذا صرمته فرقة لم يصرم
أمولاي إن المادحين ترنموا / بمدحك فاسمعني فهذا ترنمي
سأجزيك عن عهد الصبا شكر مخلص / فقد جزتني فيه بآلاء منعم
وما زلت من دهري بركنك أحتمي / وما زلت في فخري لمجدك أنتمي
وإني لتسمو بي إليك سجية / من الشعر تجري في عروقي مع الدم
فيأتيك منه كل زهر منثر / ويأتيك منه كل در منظم
ويخلد للأيام فيك مكرراً / يخف على أذن ويعذب في فم
تسام بمصر رب مصر إلى العلى / وإن وقفت في سيرها فتقدم
فكم لك فيها من جديد مشيد / وكم كان فيها من قديم مهدم
لك العزمات الصادقات إذا انبرت / ترد فضاضاً لك عزم مصمم
أحاطت بآمال لديك فتية / فإن تنتهزها مصر بالرأي تغنم
وما مصر إلا دولة في شبابها / فإن تبتذله في الغواية تهرم
وإن لم تفق من نومها يبق نومها / وإن لم تكرم نفسها لم تكرم
وإن لم يقومها إذا اعوج عودها / فتى صادق في نصحه لم تقوم
وأن لم ينرها بالمعارف أهلها / إذا حلكت فيها الجهالة تظلم
وإن لم يفيدوها الثراء بجدهم / وإن كثرت فيها النفائس تعدم
فكم ترغب العلياء عن وصل معرض / وكم ترغب العلياء في وصل مغرم
وعصبة شر قد أتت بعد مثلها / كذلك يأتي أشأم بعد أشأم
تشاهد أفراح البلاد عميمة / فتغدو لأفراح البلاد بمأتم
وإن تبتسم مصر تبكي من الأسى / وإن تبك مصر من أسى تتبسم
وترفل من ثوب الشبابا بصحة / ولكنها في لوعة المتألم
وتبغض طبعاً كل أمر ممدح / وتعشق طبعاً كل أمر مذمم
فويل لززور عندها متكشف / وويل لحق عندها متلئم
لحا الله هاتيك النفوس فإنها / وإن تتجبر عرضة المتهضم
فما بينها من ناظر متأمل / ولا بينها من سامع متفهم
بسطت عليها الحلم لا متحلماً / فما شكرت والحلم غير التحلم
ولو كنت ترضى رميها لرميتها / بضربة عدل أو بضربة مخذم
ليبق لك القلب الذي صيغ رحمة / فمن يؤت منا مثل قلبك يرحم
وإن يخدم الأوطان صاحب أمرها / كما تخدم الأوطان بالعين يخدم