القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : الطُّغْرائي الكل
المجموع : 84
تمنَّى رجالٌ ما أرادُوا وإنَّما
تمنَّى رجالٌ ما أرادُوا وإنَّما / تمنَّيْتُ أنْ ألقاكَ حيثُ أُرِيدُ
وقد غَفلتْ عينُ الرقيبِ ومُقلتِي / بلا حَذَرٍ في عارضيكَ تَرودُ
وأشكُو الذي لاقيتُ بعدَك إنَّهُ / عجائبُ يُجْرِي الدمعَ وهي جَمودُ
وما بينَ أثناءِ الكلامِ تَغَازُلٌ / عِتَابٌ وعَتْبٌ كاذِبٌ ووعُودُ
حديثٌ يُزِلُّ العُصْمَ وهيَ منيعَةٌ / وتُنْظَمُ منه في النُّحورِ عُقودُ
وضمٌّ كَلَفِّ الريحِ غُصْنَي أراكةٍ / تَميدُ على عِطْفيَّ حيثُ أمِيدُ
وبين مجاري اللحظتينِ من الهَوى / عقودٌ عليهنَّ القلوبُ شهودُ
أناولكَ الصَّهباءَ طَوراً وتارةً / تناولني والحادِثَاتُ رقودُ
فيا قَمَراً قد بانَ عَنِّيَ ضَوؤهُ / لياليَّ والأيامُ بعدَك سُودُ
ويا مورِداً قد سَدَّ عنِي طريقَهُ / رماحُ العِدَى هل لي عيك وُرودُ
ويا بَرَدَاً ما ذُقْتُه غيرَ أنَّهُ / على ما أرى عَذْبُ المذَاقِ بَرودُ
أما نغبةٌ من فضلِ كاسِكَ يشتفي / بها من لهُ بين الضُلوعِ وقودُ
نَعِمنا زماناً ثم فرَّقَ بينَنا / يَدُ الدَّهْرِ تُبْدي كيدهُ وتُعيدُ
أُعَلِّلُ نفسي باللِّقاءِ فإن أعِشْ / إِلى أنْ أراكُمْ إنَّني لجليدُ
وإنْ لم يكنْ بيني وبينَ لِقائِكمْ / سِوى عُمْرِ يومٍ إنَّه لَبعيدُ
رأى اللّهُ لي فيما يراهُ لِيَ العِدَى
رأى اللّهُ لي فيما يراهُ لِيَ العِدَى / وكان بهِم لا بي وقد جَهِدُوا الرَّدَى
بلغتُ المَدى لما صبرتُ وأخطأتْ / مساعي رجالٍ أخطَأوا سُبُلَ الهُدَى
ومن رامَ ما لا بُدَّ منهُ فما لَهُ / من الصْبرِ بُدٌّ طالَ أم قَصُرَ المَدى
وإنَّ الذي أعطَى وأجزلَ أوَّلاً / ومنَّ أخيراً ليس يترُكُنِي سُدى
أُهنِّئُ مولانا بأيمنِ قادمٍ
أُهنِّئُ مولانا بأيمنِ قادمٍ / تَقَيَّلَ في الإحسانِ أفعالَهُ الزُّهْرا
بيومٍ أجَدَّ الدهرُ فيه لِباسَهُ / وأبرزَ من مكنونِ زينتِه الذُّخْرا
وقد حلَّ فيه الشمسُ بيتَ سنَائِها / كطلعةِ مولانا وقد مَلأَ الصَّدْرَا
وعُدِّلَ ميزانُ الزمانِ كأنَّما / تعلَّمَ عدلاً منه قد ثَقِفَ الدَّهْرا
ولانَ بهِ قلبُ الغَمامِ على الثَّرَى / كرأفتِه إذْ يَطْرد البُؤْسَ والفَقْرَا
وألبسَهُ وشيَ الثيابِ مُحَبَّراً / كما هو يكسونِي أيادِيَه تَتْرَى
وأُهدي إليهِ رسمَ خدمتيَ التي / تقيمُ علاهُ في خَفَارتِه العُذْرَا
فلا غَرو أن أهديتُ من فيضِ بِرِّهِ / إليهِ قليلاً ليس يعتَدُّهُ نَزْرَا
فإني رأيتُ الغَيْمَ يحملُ ماءَهُ / من البحرِ غَمْراً ثم يُهْدِي له قَطْرَا
فدُمْتَ كذا للمُلكِ منبسطاً يَداً / ومبتسماً ثغراً ومنشَرِحاً صَدْرَا
ولا زلتَ تنضُو من ثيابِكَ بالياً / وتَلبسُ غَضَّاً من أوانِقِه نَضْرَا
أيا سابقاً طلّابُ غايتِه حَسْرَى
أيا سابقاً طلّابُ غايتِه حَسْرَى / ويا واحِداً أمدادُ نعمتِه تَتْرَى
ومَنْ أذنب الأيامَ حتّى إِذا انتهتْ / إِلى يومهِ الميمونِ كان لها عُذْرَا
ومن يُوسِعُ الأيّامَ بأسَاً ونائلاً / ويملأ في ديوانِه العَيْنَ والصَّدْرَا
أترضَى لمثلي أن يعيشَ مطَرَّحاً / لدى معشرٍ لا يَعرِفونَ له قَدْرَا
قلوبُهمُ من جهلِهمْ في أَكِنَّةٍ / وآذانُهم من غَيّهمْ مُلِئَتْ وَقْرَا
إِذا سَمعِوا بالفضلِ يوماً تربَّدَتْ / وجوهُهمُ سُوداً قسائِمُها غُبْرَا
يُغالونَ بي عن غيرِ علمٍ وإنَّما / يرَون مُقامي بين أظهُرِهم فَخْرَا
ولو عَرَفُوا مقدارَ فضلي ألِفْتُهمْ / ولم ألتمسْ منهم ثَواباً ولا أجْرَا
وما أنا إلا كالكريمةِ كُلَّما / رأتْ كُفْأَها في المجدِ أرخصتِ المَهْرا
فهل فيكَ أن تفتَكَّني من إِسارِهم / فإنّيَ بينَ القومِ من جُمْلةِ الأسرى
تمُرُّ الليالي لستُ أسمعُ عندَهمْ / من الفضلِ نظماً يونقُ السمعَ أو نثرا
وما ساقَني فقرٌ إليكَ وإنَّما / أبَى لي عزوفُ النفسِ أن أعرِفَ الفقرا
وما أبتغي إلا الكرامةَ إنها / سجيَّةُ نفسٍ مِرَّةٍ مُلِئَتْ كِبْرا
أقولُ وقد غالَ الرَّدَى من أُحِبُّهُ
أقولُ وقد غالَ الرَّدَى من أُحِبُّهُ / ومن ذا الذي يُعْدِي على نُوَبِ الدَّهْرِ
أأبقَى حُطاماً بالياً فوقَ ظهرِها / ومن تحتِها خُرعوبةُ الغُصُنِ النَّضْرِ
أعينيَّ جُوداً بالدماءِ وأسْعِدا / فقد جلَّ قدْرُ الرُّزِء عن عَبْرةٍ تجري
أذُمُّ جفوني أن تضِنَّ بذُخْرِها / وأمقتُ قلبي وهو يهدأُ في صدري
بنفسيَ من غاليتُ فيها بمهجتي / وجاهي وما حازتْ يدايَ من الوَفْرِ
وغايظتُ فيها أهلَ بيتي فكلُّهمْ / بعيدُ الرِّضَا يطوي الضُّلوعَ على غَمْرِ
وفُزْتُ بها من بعدِ يأسٍ وخَيْبَةٍ / كما استخرجَ الغَوَّاصُ لُؤلؤةَ البحرِ
فجاءتْ كما شاء المُنْى واشتَهى الهَوى / كمالاً ونُبلاً في عَفافٍ وفي سِتْرِ
فصارتْ يدي ملأى وعيني قريرةً / بها كيفما أصبحتُ في العُسْرِ واليسرِ
فنافسني المِقدارُ فيها ولم يَدَعْ / سوى مقلةٍ مطروفةٍ ويَدٍ صِفرِ
وما كنت أخشى أن يكونَ اجتماعُنَا / قصيرَ المدى ثم البِعادُ مدَى العُمْرِ
لقد أسلمتني صحبةٌ سلفتْ لنا / يُرَدُّ بها بعضُ الغليلِ إِلى الجَمْرِ
ألا ليتنا لم نصطحبْ عُمْرَ ليلةٍ / ولم نجتمعْ من قبلِ هذا على قَدْرِ
فيا نومُ لا تعمُرْ وِسادي ولا تَطُر / بمقلةِ مرهوم الإزارين بالقَطْرِ
وما لكما يا مقلتيَّ وللكَرى / ونورُكما قد غاب في ظُلمةِ القبرِ
فما عثرة الساقي بكأس رويَّةٍ / بأغزرَ فيضاً من دمائِكما الغُزْرِ
ويا موتُ ألحقِني بها غيرَ غادرٍ / فإن بقائي بعدَها غايةُ الغَدْرِ
ويا صبرُ زُلْ عنِّي ذميماً وخَلِّني / ولوعةَ وجدي والدموعَ التي تَمْرِي
ولا تَعِدَنِّي الأجرَ عنها فإنَّها / ألذُّ وأحلى في فؤادي من الأجرِ
أَتُبذَلُ لي حُورُ الجِنانِ نَسِيئَةً / وتُؤخذُ نَقْداً من ورائي وفي خِدْري
وأقنعُ بالموعودِ وهو كما تَرى / وأصبرُ للمقدورِ وهو كما تَدرِي
ومن ذا الذي يرضَى إن اعتاضَ كفُّهُ / يواقيتَ حُمْراً من أنامِلهَا العشْرِ
بلَى إنْ يكنْ حظِّي من الخُلْدِ وحدَها / صبرتُ فكانت نِعْمَ عاقبةُ الصَّبرِ
بنا أنتِ من مهجورةٍ لم أُرِدْ لَها / فِراقاً ولم تَطْوِ الضلوعَ على هَجْرِي
طلعتِ طلوعَ البدرِ ليلةَ تَمِّهِ / وفُقْتِ كما أربَى على الأنجُم الزُّهْرِ
وآنستِنَا حتى إِذا ما بَهَرْتِنَا / سناً وسناءً غِبْتِ غَيبوبةَ البَدْرِ
فقد كان رَبْعِي آهِلاً بكِ مدَّة / أحِنُّ إليه حَنَّةَ الطيرِ للوَكْرِ
وآوي إليهِ وهو رَوْضَةُ جَنَّةٍ / بدائِعُها يَخْتَلْنَ في حُلَلٍ خُضْرِ
فمُذْ بِنْتِ عنهُ صارَ أوحشَ من لظَىً / وأضيقَ من قبرٍ وأجدبَ من قَفْرٍ
وما كنتِ إلا نعمةَ اللّهِ لم تدُمْ / عليَّ لعجزِي عن قيامِيَ بالشُّكْرِ
وما كنتِ إلا شطرَ قلبيَ حافظاً / ذمامي وهل يبقى الفؤادُ بلا شَطْرِ
فانْ سكنتْ نفسي إِلى سكَنٍ لها / سواكِ مدى عُمْري فقد بُؤْتُ بالكُفْرِ
وإنْ أسْلُ يوماً عنكِ أسْلُ ضرورةً / وإلّا فإنّي عن قريبٍ على الأِثْرِ
عسى اللّهُ في دارِ القَرارِ يضُمُّنَا / ويجمعُ شملاً إنَّه مالكُ الأَمْرِ
فيا أسفا أنْ لا تزاورَ بينَنا / ويا حسرتا أنْ لا لقاءَ إِلى الحَشْرِ
برغمي خلا رَبْعِي وأُسْكِنتِ خاطري / وغُيِّبْتِ عن عيني وأُحضِرْتِ في فكري
ذرِيني وما أختارُهُ من تَصَوُّنِي
ذرِيني وما أختارُهُ من تَصَوُّنِي / ومَصِّي ثِمَادَ الرِزْقِ غيرَ مُكَدَّرِ
فقد خِيرَ لي ملكُ القَناعةِ واستوتْ / لديَّ به حالا مُقِلٍّ ومُكْثرِ
وزهَّدنِي بالكَدِّ علمي بأنني / خُلقتُ على ما فِيَّ غيرَ مُخَيَّرِ
فلستُ مفيتا بالهُوينا مقدَّراً / ولا بالغاً بالكدِّ ما لم يُقَدَّرِ
أَلمْ تَرَ أنَّ الصبرَ للشكرِ توأَمٌ
أَلمْ تَرَ أنَّ الصبرَ للشكرِ توأَمٌ / وأنهما ذُخْرانِ للعُسْرِ واليُسْرِ
فشُكراً إِذا أُوتيتَ فاضلَ نِعْمَةٍ / وصبراً إِذا نابَتْكَ نائبةُ الدهرِ
فلم أرَ مثلَ الشُّكْرِ حارسَ نعمةٍ / ولا ناصراً عند الكريهةِ كالصَّبْرِ
وما طابَ نشرُ الروض إلّا لأنّهُ / شكورٌ لما أسدَتْ إليه يَدُ القَطْرِ
وما فُضِّلَ الإبريزُ إلّا لأَنّهُ / صبورٌ إِذا ما مَسَّهُ وهجُ الجمرِ
رأيتُ رِجالاً يطلُبونَ مساءَتِي
رأيتُ رِجالاً يطلُبونَ مساءَتِي / بجهدِهمُ من غيرِ ذَحْلٍ ولا وِتْرِ
وما سبقتْ منِّي إليهم اساءَةٌ / ولكنّهمْ مالُوا عليَّ مع الدهرِ
فهلّا اكتفَوْا بالدهرِ فيما يسوؤُني / أما فيهِ ما يَشفي الصدورَ من الغمرِ
فانْ أَصطلِحْ والدهرَ أَجعَلْ مودَّتِي / ويُسري لمن واسَى وساعدَ في العُسْرِ
ونَيلوفَرٍ أعناقُه أبداً صُفْرُ
ونَيلوفَرٍ أعناقُه أبداً صُفْرُ / كأنَّ بهِ سُكراً وليس به سُكْرُ
إِذا انفتحتْ أوراقُه فكأنَّها / وقد ظَهرتْ ألوانُها البيضُ والصُّفْرُ
أناملُ صَبَّاغٍ صُبِغْنَ بنيلةٍ / وراحتُهُ بيضاءُ في وسطِها تبرُ
وحولَ ميادينِ الرياضِ تراصفَتْ
وحولَ ميادينِ الرياضِ تراصفَتْ / نظائرُ أشباهٍ ملابسُها خُضْرُ
تلاقتْ أعاليها وأشَّتْ أصولُها / فقد عجزتْ عن خَرْقِها الريحُ والقَطْرُ
وقد قُرِضَتْ منها جِعادُ لِمَامها / وقامتْ صفوفاً مثلما قُوِّمَ السَّطْرُ
يقولون تاجُ المُلْكِ بعد خمولِه
يقولون تاجُ المُلْكِ بعد خمولِه / تَفَرْعَنَ واستولَى على النهي والأمرِ
فقلتُ لهم لا تحسُدوهُ وأبْصِرُوا / عواقبَ ما يأتي به نُوَبُ الدَّهرِ
كأني بهِ والنصلُ يأخذُ رأسَهُ / وأطرافُهُ يُسلكْنَ في الحَلَقِ السُّمْرِ
سَلوا اللّهَ إبقاءَ الوزيرِ فإنَّهُ / سيحمِلُهُ يوماً على مركَبٍ وَعْرِ
على مركبٍ لا يلقحُ الفحلُ أمَّهُ / يعافى على متنيهِ من ضَغْطةِ القبرِ
فإنْ فاتَهُ واللّهُ بالغُ أمرِه / فأعمَى يُكَدِّي في المساجدِ أو يُقْرِي
أقولُ وصرفُ الدهرِ يَحْرُقُ نابَهُ
أقولُ وصرفُ الدهرِ يَحْرُقُ نابَهُ / عليَّ ويستولي عليَّ فواقِرُهْ
وقد صَرَدتْ في جانبيَّ نِبالُهُ / وأولعَ بي أنيابُهُ وأظافِرُهْ
خُذيني وجُرِّيني جَعارِ وأبْشِري / بلحمِ امريءٍ لم يُشهدِ اليومَ ناصِرُهْ
فبعدَ ابنِ فضلِ اللّه طأطأ منكبي / يدُ الدهرِ مدلولاً عليَّ فواقِرُهْ
وأَثَّرَ في عُودي النُيوبَ وطالَما / تمنَّعَ واستعصَى عليها مكاسِرُهْ
وأسلمني للنائباتِ بِعَادُهُ / كما أَسلمَ العظمَ المَهيضَ جبائِرُهْ
وراعَ جَنانِي نبأةُ الخطبِ بعدَهْ / ويا رُبَّما هانتْ عليَّ زماجِرُهْ
لقد حازَ نُعماهُ رجالٌ صفَتْ لهمْ / أصائلُ عيشٍ أرمضتهُ هواجرُهْ
أظلَّهمُ منه سَحابٌ تَفَرَّقَتْ / صواعقُه فيه وفيهم مواطِرُهْ
جزتهُمْ جوازي الشَرِّ عن حَسَناتِهِ / ودارتْ عليه بالمَنونِ دوائِرُهْ
ومن يجحدِ النُّعْمى التي هو ربُّها / فإني على العِلّاتِ ما عِشْتُ شاكِرُهْ
لقد كنتُ في غيطاءَ ممطولةِ الذُّرَى / يَبيتُ عليها النجمُ وهي تُسامرُهْ
فلمّا رماهُ الدهرُ أصبحتُ بعدَهُ / بمُستنّ سيلِ الذُّلّ تطغَى زواجِرُهْ
توعَّدَنِي في حُبِّ آلِ محمَّدٍ
توعَّدَنِي في حُبِّ آلِ محمَّدٍ / وحبِّ ابنِ فضلِ اللّه قومٌ فأكثروا
فقلتُ لهم لا تُكْثِروا ودعُوا دَمِي / يُراقُ على حُبِّي لهم ثم يُهدَرُ
فهذا نجاحٌ حاضِرٌ لمعيشتِي / وذاكَ نجاةٌ أرتجي يوم أُحْشَرُ
جَنابُ نظامِ المُلك بحرٌ وردتُهٌ
جَنابُ نظامِ المُلك بحرٌ وردتُهٌ / على ظَمأٍ منِّي وأنتَ له جسرُ
وأنت الذي أوردتَنِي بعد ما انطوى / على غُلَّةٍ صدري وطالَ بيَ العَسْرُ
وما يهتدِي صرفُ النوائبِ لامرئٍ / وأنت لهُ من دونِ ما نابَهُ سِتْرُ
سأصبرُ حتَّى تنجلي كلُّ غُمَّةٍ
سأصبرُ حتَّى تنجلي كلُّ غُمَّةٍ / وتأتي بما تهواهُ نفسي المقادرُ
وإِنّي لبئسَ العبدُ إِنْ كنتُ آيِسَاً / من اللّهِ أنْ دارتْ عليَّ الدوائِرُ
فلا أنا للنعماءِ تشملُ شاكِرٌ / ولا أنا للبأساءِ تنزِلُ صابرُ
كأن لم يكنْ بالمرء من قبلُ عَثْرةٌ / إِذا انتعشتْ تلك الجدودُ العواثرُ
وذي وَطنٍ بالغَوْرِ يصبُو إِلى الحِمَى
وذي وَطنٍ بالغَوْرِ يصبُو إِلى الحِمَى / قضَى وطَراً منه السُّرَى والمفاوِزُ
بهِ غُبَّرٌ من داءِ حُبٍّ مُمَاطلٍ / يجدِّدُهُ وَعْدٌ من البَيْنِ ناجِزُ
قسمتُ صفايَا الوَجْدِ بيني وبينَهُ / فلا أنا مشكورٌ ولا هو فائِزُ
وأروعُ قُرْحَانٌ من الحُبِّ أمرُهُ / عليَّ إِذا لم يُومِ بالصبرِ جائزُ
يقولُ ووجِدي عن ضميريَ طالعٌ / إِليهِ وسرِّي عن جُفونِيَ بارزُ
تَسلَّ فما الأهواءُ إِلّا لجاجةٌ / تمادتْ ولا السُّلوانُ إِلّا غرائزُ
ألم تَرَ أنَّ الحبَّ بيني وبينَهُ / من العقلِ نَاهٍ أو من الدينِ حاجزُ
فقلتُ له هذا الذي أنت قادِرٌ / على كلِّهِ عن بعضِه أنا عاجزُ
خليليَّ هل من مُسْعِدٍ أو معالِجٍ
خليليَّ هل من مُسْعِدٍ أو معالِجٍ / فؤاداً به داءٌ من الحُبِّ ناكسُ
وهل ترجُوانِ البُرْءَ مما يجنُّهُ / فإني وبيتِ اللّهِ منه لآيسُ
هوىً لا يُديلُ القربُ منه ولا النَّوى / ولا هوَ عن طولِ التقادُمِ دارسُ
سرى حيثُ لا يدري الضميرُ مكانَهُ / ولا تهتدي يوماً إليه الهواجسُ
إِذا قلتُ هذا حينَ أسلو تراجعتْ / عقابيلُ من أسقامهِ ورسائِسُ
فيا سَرحتَيْ وداي العقيقِ سقاكما / وإن لم تُظِلَّانِي الغَمامُ الرواجِسُ
وحانٍ على الشحناءِ عوجَ ضُلوعهِ
وحانٍ على الشحناءِ عوجَ ضُلوعهِ / يسدِّدُ نحوي صادراتِ المشاقصِ
يُكاثِرُ فضلي بالثراء نواقحاً / وفي المالِ للجُهَّالِ جبرُ النقائصِ
أقولُ له لما اشرأَبَّ لغايتي / ومدَّ إليها نظرةَ المتخاوصِ
وأيقظَ منِّي ساهراً غيرَ راقدٍ / وحرَّضَ منّي هاجماً غير حائصِ
لقد فاتَ قَرْنُ الشمسِ راحةَ لامسٍ / وأعيا مناطُ النَّسْرِ كفّةَ قانصِ
وإن حدثتكَ النفسُ أنّك مدركٌ / لشأوي فطالِبْهَا بمثلِ خصائصي
نزاهةَ نفسي طالباً وسماحتي / مُنِيلاً وصبري لاحتمال القوارصِ
وعلمي بما لم يَحْوِ خاطرُ عالمٍ / وغوصي على ما لم يَنَلْ فَهْمُ غائصِ
وتركيَ أخلاقَ اللِئامِ وغِشَّها / إِلى كل خُلْقٍ كالوذيلةِ خالصِ
فما عهدُ أحبابي على البُعْدِ ضائعٌ / لديَّ ولا ظِلُّ الوفاءِ بقالصِ
وما أنا عمَّا استودعوني بذاهلٍ / ولا أنا عمَّا كاتَموني بفاحصِ
وإن الأُلَى راموا اللِّحاقَ بغايتي / سَعَوا بينَ مبهورٍ حثيثٍ وشاخصِ
فلم يَكُ فيهمْ غيرُ وقفةِ ظالعٍ / ولم يُرَ منهم غيرُ أعقابِ ناكصِ
وراموا بأطرافِ الأنامل غايةً / وطِئتُ وقد أعيتهُمُ بالأخامصِ
إِذا حُمِدَتْ بين الأفاضلِ سيرتي / فأهوِنْ بنقصٍ جاءَ من عندِ ناقصِ
صحَا عن فؤادي ظِلُّ كُلِّ عَلاقَةٍ
صحَا عن فؤادي ظِلُّ كُلِّ عَلاقَةٍ / وظِلُّ الهَوى النجديِّ لا يتقلَّصُ
هوىً ليس يُسْلِي القربُ عنه ولا النَّوَى / ولا هو في الحالينِ يصفُو ويَخْلُصُ
ففي البعدِ قلبٌ بالفِراقِ مُعَذَّبٌ / وفي القُربِ عيشٌ بالوُشاةِ مُنَغّصُ
وإنَّ خَلاصاً كنت أرجوهُ بُرْهَةً / وكان يزيدُ الأمر فيه وينقُصُ
قطعتُ رجائِي عنه إذْ قال صاحبِي / رَمِيُّ العيونِ النُّجْلِ لا يتخلّصُ
وزائرةٍ وافتْ فأجللتُ خَّدها
وزائرةٍ وافتْ فأجللتُ خَّدها / وقبَّلتُ إِكراماً لموردِها الأرضَا
فيا زورةً جاءت على غير موعدٍ / فقرَّتْ عيونٌ واشتفتْ أنفسٌ مرضى
أتت وجنودُ الحُسْنِ دونَ لثامها / فنحَّتْهُ بالكفينِ تعرِضُهمْ عَرْضَا
فلم أرَ إِلّا ما ألَذُّ وأشتهِي / ولم يكُ إلا ما أوَدُّ وما أرضَى
على أنها ولَّتْ ولم أقضِ سُنَّةً / من الوطرِ الممطولِ نَفْلاً ولا فَرْضا
وما سوَّغَتْنَا ليلةَ الوَصْلِ قرضَها / إِلى أنْ بدَا الإِصباحُ يرتجِعُ القرضَا

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025