القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابن الخَيّاط الكل
المجموع : 36
خُذا مِنْ صَبا نَجْدٍ أَماناً لِقَلْبِهِ
خُذا مِنْ صَبا نَجْدٍ أَماناً لِقَلْبِهِ / فَقَدْ كادَ رَيّاها يَطِيرُ بِلُبِّهِ
وَإِيَاكُما ذاكَ النَّسِيمَ فَإِنَّهُ / إِذا هَبَّ كانَ الْوَجْدُ أَيْسَرُ خَطْبِهِ
خَلِيلَيَّ لَوْ أَحْبَبْتُما لَعلِمْتُما / مَحَلَّ الْهَوى مِنْ مُغْرَمِ الْقَلْبِ صَبِّهِ
تَذَكَّرَ وَالذِّكْرى تُشُوقُ وَذُو الْهَوى / يَتُوقُ وَمَنْ يَعْلَقْ بِهِ الْحُبُّ يُصْبِهِ
غَرامٌ عَلَى يَأْسِ الْهَوى وَرَجائِهِ / وَشَوْقٌ عَلى بُعْدِ الْمَزارِ وَقُرْبِهِ
وَفِي الرَّكْبِ مَطْوِيُّ الضُّلُوعِ عَلَى جَوىً / مَتى يَدْعُهُ داعِي الْغَرامِ يُلَبِّهِ
إِذا خطَرْتَ مِنْ جانِبِ الرَّمْلِ نَفْحَةٌ / تَضَمَّنَ مِنْها داءَهُ دُونَ صَحْبِهِ
وَمُحْتَجِبٍ بَيْنَ الأَسِنَّةِ مُعْرِضٍ / وَفِي الْقَلْبِ مِنْ إِعْراضِهِ مِثْلُ حُجْبِهِ
أَغارُ إِذا آنَسْتُ فِي الْحَيِّ أَنَّةً / حِذاراً وَخَوْفاً أَنْ تَكُونَ لِحُبِّهِ
وَيَوْمَ الرِّضى وَالصَّبُّ يَحْمِلُ سُخْطَهُ / بِقَلْبٍ ضَعِيفٍ عَنْ تَحَمُّلِ عَتْبِهِ
جَلالِيَ بَرّاقَ الثَّنايا شَتِيتَها / وَحلأنِي عَنْ بارِدِ الْوِرْدِ عَذْبِهِ
كَأَنِّيَ لَمْ أَقْصُرْ بِهِ اللَّيْلَ زائِراً / تَحُولُ يَدِي بَيْنَ الْمِهادِ وَجَنْبِهِ
وَلا ذُقْتُ أمْناً مِنْ سَرارِ حُجُولِهِ / وَلا ارْتَعْتُ خَوْفاً مِنْ نَمِيمَةِ حَقْبِهِ
فَيا لَسَقامِي مِنْ هَوى مُتَجَنِّبٍ / بَكى عاذِلاهُ رَحْمَةً لِمُحِبِّهِ
وَمِنْ ساعَةٍ لِلْبَيْنِ غَيْرِ حَمِيدَةٍ / سَمَحْتُ بِطَلِّ الدَّمْعِ فِيها وَسَكْبِهِ
أَلا لَيْتَ أَنِّي لَمْ تَحُلْ بَيْنَ حاجِرٍ / وَبَيْنِي ذُرى أَعْلامِ رَضْوى وَهَضْبِهِ
وَلَيْتَ الرِّياحَ الرّائِحاتِ خَوالِصٌ / إِلَيَّ وَلَوْ لاقَيْنَ قَلْبِي بِكَرْبِهِ
أَهِيمُ إِلى ماءٍ بِبُرْقَةِ عاقِلٍ / ظَمِئْتُ عَلَى طُولِ الْوُرُودِ بِشُرْبِهِ
وَأسْتافُ حُرَّ الرَّمْلِ شَوْقاً إِلى اللِّوى / وَقَدْ أَوْدَعَتْنِي السُّقْمَ قُضْبانُ كثْبِهِ
وَلَسْتُ عَلَى وَجْدِي بِأَوَّلِ عاشِقٍ / أَصابَتْ سِهامُ الْحُبِّ حَبَّةَ قَلْبِهِ
صَبَرْتُ عَلَى وَعْكِ الزَّمانِ وَقَدْ أُرى / خَبِيراً بِداءِ الحادِثاتِ وَطِبِّهِ
وَأَعْرَضْتُ عَنْ غُرِّ الْقَوافِي وَمَنْطِقِي / مَلِيءٌ لِمُرْتادِ الْكَلامِ بِخِصْبِهِ
وَما عَزَّ نِي لَوْ شِئْتُ مَلْكٌ مُهَذَبُ / يَرى أَنَّ صَوْنَ الْحَمْدِ عَنْهُ كَسَبِّهِ
لَقَدْ طالَما هَوَّمْتُ فِي سِنَةِ الْكَرى / وَلا بُدَّ لِي مِنْ يَقْظَةِ الْمُتَنَبِّهِ
سأَلْقى بِعَضْبِ الدَّوْلَةِ الدَّهْرَ واثِقاً / بِأَمْضى شَباً مِنْ باتِرِ الْحَدِّ عَضْبِهِ
وَأَسْمُو عَنِ الآمالِ هَمَّاً وَهِمَّةً / سُمُوَّ جَمالِ الْمُلْكِ عَنْ كُلِّ مُشْبِهِ
هُوَ الْملْكُ يَدْعُو الْمُرْمِلِينَ سَماحُهُ / إِلى واسِعٍ باعَ الْمَكارِمِ رَحْبِهِ
يُعَنَّفُ مَنْ لَمْ يَأْتِهِ يَوْمَ جُودِهِ / وَيُعْذَرُ مَنْ لَمْ يَلْقَهُ يَوْمَ حَرْبِهِ
كَأَنِّي إِذا حَيَّيْتَهُ بِصِفاتِهِ / أَمُتُّ إِلى بَدْرِ السَّماءِ بِشُهْبِهِ
هُوَ السَّيْفُ يُغْشِي ناظِراً عِنْدَ سَلِّهِ / بِهاءً وَيُرْضِي فاتِكاً يَوْمَ ضَرْبِهِ
يَرُوقُ جَمالاً أَوْ يَرُوعُ مَهابَةً / كَصَفْحِ الْحُسامِ الْمَشْرَفِيِّ وَغَرْبِهِ
هُمامٌ إِذا أَجْرى لِغايَةِ سُؤْدُدٍ / أَضَلَّكَ عَنْ شَدِّ الْجَوادِ وَخَبِّهِ
تَخَطّى إِلَيْها وادِعاً وَكَأَنَّهُ / تَمَطّى عَلَى جُرْدِ الرِّهانِ وَقُبِّهِ
وَما أَبَقٌ إِلا حَياً مُتَهَلِّلٌ / إِذا جادَ لَمْ تُقْلِعْ مَواطِرُ سُحْبِهِ
أَغَرُّ غِياثٌ لِلأَنامِ وَعِصْمَةٌ / يُعاشُ بِنُعْماهُ ويُحْمى بِذَبِّهِ
يَقُولُونَ تِرْبٌ لِلْغَمامِ وإِنَّما / رَجاءُ الْغَمامِ أَنْ يُعَدَّ كَتِرْبِهِ
فَتىً لَمْ يَبِتْ وَالْمَجْدُ مِنْ غَيْرِ هَمِّهِ / وَلَمْ يَحْتَرِفْ وَالْحَمْدُ مِنْ غِيْرِ كَسْبِهِ
وَلَمْ يُرَ يَوْماً راجِياً غَيْرَ سَيْفِهِ / وَلَمْ يُرَ يَوْماً خائِفاً غَيْرَ رَبِّهِ
تَنَزَّهَ عَنْ نَيْلِ الْغِنى بِضَراعَةٍ / وَلَيْسَ طَعامُ اللَّيْثِ إِلاّ بِغَصْبِهِ
أَلا رُبَّ باغٍ كانَ حاسِمَ فَقْرِهِ / وَباغٍ عَلَيْهِ كانَ قاصِمَ صُلْبِهِ
وَيَومِ فَخارٍ قَدْ حَوى خَصْلَ مَجْدِهِ / وَأَعْداؤُهُ فِيما ادَّعاهُ كَحِزْبِهِ
هُوَ السَّيْفُ لا تَلْقاهُ إِلاّ مُؤَهَّلاً / لإيجابِ عِزٍّ قاهِرٍ أَوْ لِسَلْبِهِ
مِنَ الْقَوْمِ راضَوا الدَّهْرَ وَالدَّهْرُ جامِحٌ / فَراضُوهُ حَتى سَكَّنُوا حَدَّ شَغْبِهِ
بِحارٌ إِذا أَنْحَتْ لَوازِبُ مَحْلِهِ / جِبالٌ إِذا هَبَّتْ زَعازِعُ نُكْبِهِ
إِذا وَهَبُوا جادَ الْغَمامُ بِصَوْبِهِ / وَإِن غَضِبُوا جاءَ الْعَرِينُ بِغُلْبِهِ
إِذا ما وَرَدْتَ اْعِزَّ يَوْماً بِنَصْرِهِمْ / أَمَلَّكَ مِنْ رَشْفِ النَّمِيرِ وَعَبِّهِ
أَجابَكَ خَطِّيُّ الْوَشِيجِ بِلُدْنِهِ / وَلَبّاكَ هِنْدِيُّ الْحَدِيدِ بِقُضْبِهِ
أُعِيدَ لَهُمْ مَجْدٌ عَلَى الدَّهْرِ بَعْدَما / مَضى بِقَبِيلِ الْمَجْدِ مِنْهُمْ وَشَعْبِهِ
بِأرْوَعَ لا تَعْيا لَدَيْهِ بِمَطْلَبٍ / سِوى شَكْلِهِ فِي الْعالَمِينَ وَضَرْبِهِ
تُرَوِّضُ قَبْلَ الرَّوْضِ أَخْلاقُهُ الثَّرى / وَتَبْعَثُ قَبْلَ السُّكْرِ سُكْراً لِشَرْبِهِ
وَتَفْخُرُ دارٌ حَلَّها بِمٌقامِهِ / وَتَشْرُفُ أَرْضٌ مَرَّ فِيها بِرَكْبِهِ
وَلَمّا دَعَتْهُ عَنْ دِمَشْقَ عَزِيمَةٌ / أَبى أَنْ يُخِلَّ الْبَدْرُ فِيها بِقُطْبِهِ
تَرَحَّلَ عَنْها فَهْيَ كاسِفَةٌ لَهُ / وَعادَ إِلَيْها فَهْيَ مُشْرِقَةٌ بِهِ
وَإِنَّ مَحَلاً أُوطِئَتْهُ جِيادُهُ / لَحَقَ عَلَى الأَفْواهِ تَقْبِيلُ تُرْبِهِ
رَأَيْتُكَ بَيْنَ الْحَزْمِ وَالْجُودِ قائِماً / مَقامَ فَتى الْمَجْدِ الصَّمِيمِ وَنَدْبِهِ
فَمِنْ غِبِّ رَأْيٍ لا تُساءُ بِوِرْدِهِ / وَمِنْ وِرْدِ جُودٍ لا تُسَرُّ بِغِبِّهِ
وَلَمّا اسْتَطالَ الخَطْبُِ قَصَّرْتَ باعَهُ / فَعادَ وَجِدُّ الدَّهْرِ فِيهِ كَلَعِبِه
وَما كانَ إِلاّ الْعَرَّ دَبَّ دَبِيبُهُ / فَأَمَّنْتَ أَنْ تُعْدى الصِّحاحُ بِجُرْبِهِ
وَصَدْعاً مِنَ الْمُلْكِ اسْتَغاثَ بِكَ الْوَرى / إِلَيْهِ فَما أَرْجَأْتَ فِي لَمِّ شِعْبِهِ
فَغاضَ أَتِيٌّ كُنْتَ خائِضَ غَمْرِهِ / وَأَصْحَبَ خَطْبٌ كُنْتَ رائِضَ صَعْبِهِ
حُبِيتَ حَياءً فِي سَماحٍ كَأَنَّهُ / رَبِيعٌ يَزِينُ النَّوْرُ ناضِرَ عُشْبِهِ
وَأَكْثَرْتَ حُسّادَ الْعُفاةِ بِنائِلٍ / مَتى ما يُغِرْ يَوْماً عَلى الْحَمْدِ يَسْبِهِ
مَناقِبُ يُنْسِيكَ الْقَدِيمَ حَدِيثُها / وَيَخْجَلُ صَدْرُ الدَّهْرِ فِيها بِعُقْبِهِ
لَئِنْ خَصَّ مِنْكَ الْفَخْرُ ساداتِ فُرْسِهِ / لَقَدْ عَمَّ مِنْكَ الْجُودُ سائِرَ عُرْبِهِ
إِذا ما هَزَزْتُ الدَّهْرَ بِاسْمِكَ مادَحاً / تَتَثّنّى تَثَنِّي ناضِرِ الْعُودِ رَطْبِهِ
وَإِنَّ زَماناً أَنْتَ مِنْ حَسَناتِهِ / حَقِيقٌ بِأَنْ يَخْتالَ مِنْ فَرطِ عُجْبِهِ
مَضى زَمَنٌ قَدْ كانَ بالْبٌعْدِ مُذْنِباً / وَحَسْبِي بِهذا الْقُرْبِ عُذْراً لِذَنْبِهِ
وَما كُنْتُ بَعْدَ الْبَيْنِ إِلاّ كَمُصْرِمٍ / تَذَكَّرَ عَهْدَ الرَّوْضِ أَيامَ جَدْبِهِ
وَعِنْدِي عَلَى الْعِلاّتِ دَرُّ قَرائِحٍ / حَوى زُبَدَ الأَشْعارِ ما خِضُ وَطْبِهِ
وَمَيْدانُ فِكْرٍ لا يُحازُ لَهُ مَدىً / وَلا يَبْلُغُ الإِسْهابُ غايَةَ سَهْبِهِ
يُصَرِّفُ فِيهِ الْقَوْلَ فارِسُ مَنْطِقٍ / بَصِيرٌ بِإِرْخاءِ الْعِنانِ وَجَذْبِهِ
وَغَرّاءُ مَيَّزْتُ الطَّوِيلَ بِخَفْضِها / فَطالَ عَلَى رَفْعِ الْكَلامِ وَنَصْبِهِ
مِنَ الزُّهْرِ لا يُلْفَيْنَ إِلاّ كَواكباً / طَوالِعَ فِي شَرْقِ الزَّمانِ وَغَرْبِهِ
حَوالِيَ مِنْ حُرِّ الثَّناءِ وَدُرِّهِ / كَواسِيَ مِنْ وَشْيِ الْقَرِيضِ وَعصْبِهِ
خَطَبْتَ فَلَمْ يَحجُبْكَ عَنْها وَلِيُّها / إِذا رُدَّ عَنْها خاطِبٌ غَيْرَ خِطْبِهِ
ذَخَرْتُ لَكَ الْمَدْحُ الشَّرِيفَ وَإِنَّما / عَلَى قَدْرِ فَضْلِ الزَّنْدِ قِيمَةُ قُلْبِهِ
فَجُدْهُ بِصَوْنٍ عَنْ سِواكَ وَحَسْبُهُ / مِنَ الصَّوْنِ أَنْ تُغْرِي السَّماحَ بِنَهْبِهِ
لَقَدْ أَصْبَحَتْ نُعْماكَ عِنْدِي مُشِيدَةً
لَقَدْ أَصْبَحَتْ نُعْماكَ عِنْدِي مُشِيدَةً / بِذِكْرِكَ في سُوقٍ مِنَ الْحَمْدِ قائِمِ
وَقَدْ يُعْجِبُ الرَّوْضَ الأَنِيقُ وَإِنّما / يَدُلُّ عَلَى فَضْلِ الْحَيا الْمُتَراكِمِ
غَمَرْتَ نَوالاً واصْطِفاءً وَإِنَّما / يُحَلَّى وَيُقْنى كُلَّ أَبْيَضَ صارِمِ
وَلَسْتُ عَلَى عَلْياكَ أَوَّلَ وافِدٍ / ولا أَنا مِنْ جَدْواكَ أَوَّلُ غانِمِ
وَما شِئْتُ إِلاّ أَنْ أُشَرِّفَ مَنْطِقِي / بِمَدْحِكَ أَوْ أَقْضِي ذِمامَ الْمَكارِمِ
جَرى لَكَ بِالتَّوْفِيقِ أَيْمَنُ طائِرِ
جَرى لَكَ بِالتَّوْفِيقِ أَيْمَنُ طائِرِ / وَمُلِّيتَ مَأْثُورَ الْعُلى وَالْمآثِرِ
وَأَيَّدَكَ اللهُ الْعِليُّ ثَناؤُهُ / بَعاجِلِ نَصْرٍ خالِدِ الْعِزِّ قاهِرِ
وَلا زِلْتَ وَرّاداً إِلى كُلِّ مَفْخَرٍ / مَوارِدَ مَحْمُودٍ سَعِيدِ الْمَصادِرِ
لَقَدْ دَلَّ تَشْرِيفُ الْخَلِيفَةِ أَنَّهُ / بِخَيْرِ بَنِي أَيّامِهِ خَيْرُ خابِرِ
وَأَنَّ لَهُ فِي حَوْطَةِ الدِّينِ هِمَّةً / بِها يَسْتَحِقُّ النَّصْرَ مِنْ كُلِّ ناصِرِ
تَسَرْبَلْتَ عَضْبَ الدَّوْلَةِ الْمُلْكَ فَخْرَهُ / وَما الْفَخْرُ إِلاّ لِلسُّيُوفِ الْبَواتِرِ
وما جَهِلَتْ نُعْماهُ عِنْدَكَ قَدْرَها / وَقَدْ كَشَفَتْ عَمّا طَوى فِي الْضّمائِرِ
وَما نَبَّهَتْ إِلاّ عَلَى ذِي نَباهَةٍ / كَما سُقِي الرَّوْضُ الْخَطِيبُ بِماطِرِ
وَما كانَ إِلاّ الْعَنْبَرَ الْوَرْدَ فِعْلُهُ / أُضِيفَ إِلى نَشْرٍ مِنَ الْمِسْكِ عاطِرِ
وَما شاءَ إلاّ أَنْ تُحَقِّقَ عِنْدَهُ / مَحَلَّكَ مِنْ طاوٍ هَواهُ وَناشِرِ
وَأَنَّكَ مَعْقُودٌ بِأَكْبرِ هِمَّةٍ / وَأَنَّكَ مَعْدُودٌ لَهُ فِي الذَّخائِرِ
وَلَيْسَ يَبِينُ الدَّهْرَ إِخْلاصُ باطِنٍ / إذا أَنْتَ لَمْ تُدْلَلْ عَلَيْهِ بِظاهِرِ
رَآكَ بِعَيْنِ اللُّبِّ أَبْعَدَ فِي الْعُلى / وَأَسْعَدَ مِنْ زُهْرِ النُّجُومِ الْبَواهِرِ
وَأَبْهى مَحَلاً فِي الْقُلُوبِ وَمَوْقِعاً / وَأَشْهى إِلى لَحْظِ الْعُيُونِ النَّواظِرِ
وَأَطْعَمَ فِي الَّلأْواءِ والدَّهْرُ ساغِبٌ / وَأَطْعَنَ فِي صَدْرِ الْكَمِيِّ الْمَغامِرِ
فَناهَزَ فَخْراً باصْطِفائِكَ عاجِلاً / عَلَى كُلِّ باقٍ فِي الزّمانِ وَغابِرِ
وَما ذاكَ مِنْ فِعْلِ الْخَلِيفَةِ مُنْكَرٌ / وَلا عَجَبٌ فيض البحور الزواخر
وما عد إلا من مناقبه التي / مثلن بِهِ فِي الفِعْلِ طِيبَ الْعَناصِرِ
وَما كانَ تَأْثِيلٌ شَرِيفٌ وَسُؤْدُدٌ / لِيُنْكَرَ مِنْ أَهْلِ النُّهَى وَالْبَصائِرِ
وأَنْتَ الَّذِي مِنْ بَأْسِهِ فِي جَحافِلٍ / وَمِنْ مَجْدِهِ فِي أُسْرَةٍ وَعَشائِرِ
بِعَزْماتِ مَجْدٍ ثاقِباتٌ هُمُومُها / وَآراءِ مَلْكٍ مُحْصَداتِ الْمَرائِرِ
يَراها ذَوُو الأَضْغانِ بَثَّ حَبائِلٍ / وَما هِيَ إلاّ أَسْهُمٌ فِي الْمَناحِرِ
وَآياتُ مَجْدٍ باهِراتٌ كَأَنَّها / بَدائِعُ تَأْتِي بِالْمَعانِي النَّوادِر
وَأَخْلاقُ مَعْشُوقِ السَّجايا كَأَنَّما / سَقاكَ بِها كَأْسَ النَّدِيمِ الْمُعاقِرِ
يَبيتُ بَعِيداً أَنْ تُوَجَّهَ وَصْمَةٌ / عَلَى عِرْضِهِ والدَّهْرُ باقِي الْمَعايرِ
إِذا دَفَعَ الطُّلابَ إِلْحاحُ لَزْبَةٍ / فأَنْتَ الَّذِي لا يَتَّقِي بِالْمُعاذِرِ
وَما لِلْبُدُورِ أَنْ تَكُفَّ ضِياءَها / وَلا الْبُخْلُ فِي طَبْعِ الْغَمامِ البَواكِرِ
لَعَمْرِي لَقَدْ أَتْعَبْتَ بِالْحَمْدِ مَنْطِقِي / وَأَكْثَرتَ مِنْ شُغْلِ الْقَوافِي السَّوائِرِ
وَما نَوَّهَتْ مِنْكَ الْقَوافِي بِخامِلٍ / وَلكِنْ رَأْيْتُ الشِّعْرَ قَيْدَ الْمَفاخِرِ
إِذا أَنْتَ لَمْ تَجْعَلْ لَهُ مِنْكَ جانِباً / فَمَنْ يَقْتَنِي الْحَمْدَ اقْتِناءَ الْجَواهِرِ
وَما زِلْتَ مَشْغُوفاً لَدَيَّ مُتَيَّماً / بِكُلِّ رَداحٍ مِنْ بَناتِ الْخَواطِرِ
لَهُنَّ إِذا وافَيْنَ مَجْدَكَ قُرْبَةُ الْ / حِسانِ وَدَلُّ الآنِساتِ الْغَرائِرِ
يَرِدْنَ رَبِيعاً مِنْ جَنابِكَ مُمْرِعاً / وَيَرْتَعْنَ فِي إِثْرِ الْغُيُومِ الْمَواطِرِ
وَإِنِّي لَقَوّالٌ لِكُلِّ قَصِيدَةٍ / إِذا قِيلَ شِعْرٌ أَقْحَمَتْ كُلَّ شاعِرِ
فَمِنْ كَلِمٍ يَكْلُمِنْ أَكْبادَ جُسَّدِي / وَمِنْ فِقَرٍ تَرْمِيهِمْ بِالفَواقِرِ
ألا لَيْتَ شِعَرِي هَلْ أَفُوزُ بِدَوْلَةٍ / تُصَرِّفُ كَفِّي فِي عِنانِ الْمَقادِرِ
وَهَلْ تَنَهْضُ الأَيّامُ بِي فِي مَقاوِمٍ / تَطُولُ بِناهٍ لِلزَّمانِ وَآمِرِ
فإِنَّ مِنَ الْعَجْزِ الْمُبِينِ وَأَنْتَ لي / نُزُولِي عَلَى حُكْمِ اللَّيالِي الْجَوائِرِ
لَنا مَجْلِسٌ ما فِيهِ لِلْهَمِّ مَدْخَلٌ
لَنا مَجْلِسٌ ما فِيهِ لِلْهَمِّ مَدْخَلٌ / وَلا مِنْهُ يَوْماً لِلْمَسَرَّةِ مَخْرَجُ
تَضَمَّنَ أَصْنافَ المَحاسِنِ كُلَّها / فَلَيْسَ لِباغِي الْعَيْشِ عَنْهُ مُعَرَّجُ
غِناءً إِلى الفِتْيانِ أَشْهى مِنَ الْغِنى / بِهِ الْعَيْشُ يَصْفُو وَالْهُمُومُ تُفَرَّجُ
يَخِفُّ لَهُ حِلْمُ الْحَليمِ صَبابَةً / وَيَصْبُو إِلَيْهِ النّاسِكُ الْمُتَحَرِّجُ
وَرَوْضاً كَأَنَّ الْقَطْرَ غاداهُ فَاغْتدى / يَضُوعُ بِمِسْكِيِّ النَّسيمِ وَيَأْرَجُ
تَرى نُكَتَ الأَزْهارِ فِيه كأَنَّها / كَواكِبُ فِي أُفْقٍ تُنِيرُ وتُسْرَجُ
وَيذْكِرُكمَ الأَحْبابَ فِيهِ بَدائِعٌ / مِنَ النَّوْرِ مِنْها نَرْجِسٌ وَبَنَفْسَجُ
فَهذا كَما يَرْنُو إِلَيْكَ بِطَرْفِهِ / أَغَنُّ غَرِيرٌ فَاتِنُ الطَّرْفِ أَدْعَجُ
وَهذا كَما حَيّا بِخَطِّ عِذارِهِ / مِنَ الهيِفِ مَمْشُوقُ العِذارِ مُعَرَّجُ
غَرِيبُ افْتِتانِ الدَّلِّ فِي الْحُسْنِ لَمْ يَزَلْ / تُعَقْربُ أَصْداغٌ لَهُ وَتُصَوْلَجُ
وَمَعْشُوقُ نارَنْجٍ يُرِيكَ احْمِرارُهُ / خُدُودَ عَذارى بِالْعِتابِ تُضَرَّجُ
وَنارٌ تُضاهِيها الْمُدامُ بِنُورِها / فَتَخْمُدُ لكِنَّ الْمُدامَ تَأَجَّجُ
كُؤوسٌ كَما تَهْوى النُّفُوسُ كَأَنَّها / بِنَيْلِ الأَمانِي وَالْمَآرِبِ تُمْزَجُ
كَأَنَّ الْقَنانِي والصّوانِي لِناظِرٍ / نُجُومُ سَماءٍ سائِراتٌ وَأَبْرُجُ
مَعانٍ كَأَخْلاقِ الأَمِيرِ مَحاسِناً / وَلكِنَّهُ مِنْهُنَّ أَبْهى وَأَبْهَجُ
كَأَنّا جَمِيعاً دُونَهُ وَهْوَ واحِدٌ / بِساحِلِ بَحْرٍ رِيعَ مِنْهُ الْمُلَجِّجُ
أَغَرُّ غَرِيبُ المَكْرُماتِ بِمِثْلِهِ / تَقَرُّ عُيُونُ الْمَكْرُماتِ وَتَثْلَجُ
هُوَ الْبَحْرُ لكِنْ عِنْدَهُ الْبَحْرُ باخِلٌ / هُوَ الْبَدْرُ لكِنْ عِندَهُ الْبَدْرُ يَسْمُجُ
أَلا أَيُّها الْعَضْبُ الَّذِِي لَيْسَ نابِياً
أَلا أَيُّها الْعَضْبُ الَّذِِي لَيْسَ نابِياً / وَلا مُغْمَداً بَلْ مُصْلَتاً فِي الْحَوادِثِ
رَأَيْتُكَ تَدْعُونِي إِلى مَدْحِ مَعْشَرٍ / تَفُوقُهُمُ عِنْدَ الخُطُوبِ الْكَوارِثِ
وَإِنِّي وَمَدْحِيهِمْ وَتَرْكَكَ كَالَّذِي / رَأَى الْجدَّ أَوْلى أَنْ يُناطَ بِعابِثِ
وَكُنْتُ عَلَى عَهْدِ اصْطِناعِكَ ثابِتاً / فَلَسْتُ لَهُ ما عِشْتُ يَوْماً بِناكِثِ
هُوَ الرَّسْمُ لَوْ أَغْنى الْوُقُوفُ عَلَى الرَّسْمِ
هُوَ الرَّسْمُ لَوْ أَغْنى الْوُقُوفُ عَلَى الرَّسْمِ / هُوَ الْحَزْمُ لَوْلا بُعْدُ عَهْدِكَ بِالْحَزْمِ
تَجاهَلْتُ عِرْفانِي بِهِ غَيْرَ جاهِلٍ / وَلِلشَّوْقِ آياتٌ تَدُلُّ عَلى عِلْمِي
وَوَاللهِ ما أَدْرِي أَبَوْحِيَ نافِعِي / عَشِيَّةَ هاجَتْنِي الْمَنازِلُ أَمْ كَتْمِي
عَشِيَّةَ جُنَّ الْقَلْبُ فِيها جُنُونُهُ / وَنازَعَنِي شَوْقِي مُنازَعَةَ الْخَصْمِ
وَقَفْتُ أُدارِي الْوَجْدَ خَوْفَ مَدامِعٍ / تُبِيحُ مِنَ السِّرِّ الْمُمَنَّعِ ما أَحْمِي
أُغالِبُ بِالشَّكِّ الْيَقِينَ صَبابَةً / وَأَدْفَعُ فِي صَدْرِ الْحَقِيقَةِ بِالْوَهْمِ
فَلَمّا أَبى إِلاّ البُكاءَ لِيَ الأَسى / بَكَيْتُ فَما أَبْقَيْتُ لِلرَّسْمِ مِنْ رَسْمِ
وَما مُسْتَفِيضٌ مِنْ غُرُوبٍ تَنازَعَتْ / عُراها السَّوانِي فَهْيَ سُجْمٌ عَلَى سُجْمِ
بِأَغْزَرَ مِنْ عَيْنَيَّ يَوْمَ تَمَثّلَتْ / عَلَى الظَّنِّ أَعْلامَ الْحِمى وَعَلى الرَّجْمِ
كَأَنِّي بِأَجْزاعِ النَّقِيبَةِ مُسْلَمٌ / إِلى ثائِرٍ لا يَعْرِفُ الصَّفْحَ عَنْ جُرْمي
لَقَدْ وَجَدَتْ وَجْدِي الدِّيارُ بِأَهْلِها / وَلَو لَمْ تَجِدْ وَجْدِي لَما سَقِمتْ سُقْمِي
عَلَيْهِنَّ وَسْمٌ لِلْفِراقِ وَإِنَّما / عَلَيَّ لَهُ ما لَيْسَ لِلنّارِ مِنْ وَسْمِ
وَكَمْ قَسَمَ الْبَنِيْنُ الضَّنى بَيْنَ مَنْزِلٍ / وَجِسْمٍ وَلكِنَّ الْهَوى جائِرُ الْقَسْمِ
مَنازِلُ أَدْراسٌ شَجانِي نُحُولُها / فَهَلاّ شَجاها ناحِلُ الْقَلْبِ وَالْجِسْمِ
سَقاها الْحَيا قَبْلِي فَلَمّا سَقَيْتُها / بِدَمْعِي رَأَتْ فَضْلَ الْوَلِيِّ عَلَى الْوَسْمِي
وَلَوْ أَنَّنِي أَنْصَفْتُها ما عَدَلْتُها / عَنِ الكَرَمِ الْفَيَّاضِ والنّائِلِ الْجَمِّ
إِذا ما نَدى تاجِ الْمُلُوكِ انْبَرى لَها / فَما عارِضٌ يَنْهَلُّ أَوْ دِيمَةٌ تَهْمِي
هُوَ الْمَلْكُ أَمّا حاتِمُ الْجُودِ عِنْدَهُ / فَيُلْغى وَيُنْسى عِنْدَهُ أَحْنَفُ الْحِلْمِ
يَجِلُّ عَنِ التَّمْثِيلِ بِالْماطِرِ الرِّوى / وَيَعْلُو عَنِ التَّشْبِيهِ بِالْقَمَرِ النِّمِّ
ويكرم أن نرجوه للأمر هيناً / ويشرف أن ندعوه بالماجد القرم
إِذا نَحْنُ قُلْنا الْبَدْرُ وَالْبَحْرُ وَالْحَيا / فَقَدْ ظُلِمَتْ أَوْصافُهُ غايَةَ الظُّلْمِ
وَأَيْسَرُ حَقٍّ لِلْمكارِمِ عِنْدَهُ / إِذا هُوَ عَدَّ الْغُرْمَ فِيها مِنَ الْغُنْمِ
يَرُوحُ سَلُوباً لِلنُّفُوسِ مَعَ الْوَغى / وَيَغْدُو سَلِيباً لِلثَّناءِ مَعَ السِّلْمِ
وَلا يَعْرِفُ الإِحْجامَ إِلا عَنِ الْخَنا / وَلا يُنْكِرُ الإِقْدامَ إِلاّ عَلَى الذَّمَّ
خَفِيفٌ إِلى الْعَلْياءِ وَالْحَمْدِ وَالنَّدى / ثَقِيلٌ عَنِ الْفَحْشاءِ وَالبَغْيِ وَالإثْمِ
سَرِيعٌ إِلى الدّاعِي بَطِيءٌ عَنِ الأَذى / قَرِيبٌ مِنَ الْعافِي بَعِيدٌ مِنَ الوَصْمِ
هُمامٌ إِذا ما ضافَهُ الْهَمُّ لَمْ يَجِدْ / سِوى الْمَجْدَ شَيْئاً باتَ مِنْهُ عَلَى هَمِّ
إِذا ذُكِرَ الأَحْبابُ كانَ ادِّكارُهُ / شِفارَ الْمَواضِي أَوْ صُدُورَ الْقَنا الصُّمِّ
يَرى الْمالَ بَسلاماً ما عَداها وَلَمْ يَكُنْ / لِيَطْعَمَ لَيْثٌ دُونَ فَرْسٍ وَلا ضَغْمِ
وَكَمْ فِي ظُباها مِنْ ظِباءٍ غَرِيرَةٍ / وَفِي قَصَبِ الْمُرّانِ مِنْ قَصَبٍ فَعْمِ
إِذا قارَعَ الأَعْداءَ وَالْخَصْمَ لَمْ يَقِفْ / عَلَى غايَةٍ بَيْنَ الشَّجاعَةِ وَالْحَزْمِ
يُعَوِّلُ مِنْهُ الْعَسْكَرُ الدَّهْمُ فِي الْوَغى / عَلَى واحِدٍ كَمْ فيهِ مِنْ عَسْكَرٍ دَهْمِ
إِذا حَلَّ فَالأَمْوالُ لِلْبَذْلِ وَالنَّدى / وَإِنْ سارَ فَالأَعْداءُ لِلذُّلِّ وَالْوَقَمِ
حُسامُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ ابْنُ سَيْفِهِ / فَيا لَكَ مِنْ فَرْعٍ وَيا لَكَ مِنْ جِذْمِ
مُكابِدُ أَيّامِ الْجِهادِ وَمَوْئِلُ الْ / عِبادِ وَحامِيهِمْ وَقْدْ قَلَّ مَنْ يَحْمِي
وَمُقْتَحِمُ الأَجْبالِ يَوْمَ تَمَنَّعَتْ / ذِئابُ الأَعادِي فِي ذَوائِبِها الشُّمِّ
غَداةَ يَغُورُ السَّهْمُ فِي السُّهْمِ وَالقَنا / بِحَيْثُ الْقَنا وَالْكَلْمُ فِي مَوْضِعِ الْكَلْمِ
وَلا فَرْقَ فِيها بَيْنَ عَزْمٍ وَصارِمٍ / كَأَنَّ الظُّبى فِيها طُبِعْنَ مِنَ الْعَزْمِ
وَما يَوْمُهُ فِي الْمُشْرِكِينَ بِواحِدٍ / فَنَجْهَلَهُ وَالْعالَمُونَ ذَوُو عِلْمِ
وَقَدْ عَجَمَ الأَعْداءُ مِنْ قَبْلُ عُودَهُ / فَأَدْرَدْهُم وَالنَّبْعُ مُمْتَنِعُ الْعَجْمِ
سَمَوْتُ إِلى الْفَخْرِ الشَّرِيفِ مَقامُهُ / وَمِثْلِيَ مَنْ يَسْمُو إِلَيْهِ وَمَنْ يُسْمِي
وَكُنْتُ عَلَى حُكْمِ النَّوائِبِ نازِلاً / فَأَنْزَلَها تاجُ الْمُلُوك عَلَى حُكْمِي
وَما الْعُذْرُ عِنْدِي بَعْدَ أَخْذِي بِحَبْلِهِ / إِذا قَدَمي لَمْ أُوْطِها هامَةَ النَّجْمِ
إِذا ما نَظَمْتُ الْحَمْدَ عِقْداً لِمَجْدِهِ / تَمَنَّتْ نُجُومُ اللَّيْلِ لَوْ كُنَّ مِنْ نَظْمِي
وَكَمْ لِلْمَعالِي مِنْ مَعالٍ بِمَدْحِهِ / وَلِلشَّرَفِ الْمَذْكُورِ مِنْ شَرَفٍ فَخْمِ
أَلا لَيْتَ لِي ما حاكَهُ كُلُّ قائِلٍ / وَما سارَ فِي عُرْبٍ مِنَ الْمَدْحِ أَوْ عُجْمِ
فَأُثْنِي عَلى الْعِيسِ الْعِتاقِ لِقَصْدِهِ / بِما جَلَّ مِنْ فِكْرِي وَما دَقَّ مِنْ فَهْمِي
فَلَمْ أَقْضِ إِبْلاً أَوْصَلَتْنِيهِ حَقَّها / وَلوْ عُفِّيَتْ مِنْها الْمَناسِمُ بِاللَّثْمِ
إِلَيْكَ ابْنَ النّاسِ ظَلَّتْ رِكابُنا / كَأَنَّ عَلَيْها السَّيْرَ حَتْمٌ مِنَ الْحَتْمِ
إِلى مَلِكٍ ما حَلَّ مِثْلُ وَقارِهِ / عَلَى مَلِكٍ صَتْمٍ وَلا سَيِّدٍ ضَخْمِ
جَوادٌ وَما جادَتْ سَماءٌ بِقَطْرِها / كَرِيمٌ وَما دارَتْ عَلَيْهِ ابْنَةَ الْكَرْمِ
تَخَوَّنَتِ الأَيّامُ حالِي وَأَقْسَمَتْ / عَلَيَّ اللَّيالِي أَنْ أَعِيشَ بِلا قِسْمِ
وَلَمْ يُبْقِ مِنِّي الدَّهْرُ إِلاّ حُشاشَةً / وَإِلاّ كَما أَبْقى نَداكَ مِنَ الْعُدْمِ
رَمى غَرَضَ الدُّنْيا هَوايَ فَلَمْ يُصِبْ / وَكَمْ غَرَضْ مِنْها أُصِيبَ وَلَمْ أَرْمِ
وَما بَعْدَ إِفْضائِي إِلَيْكَ وَمَوْقِفِي / بِرَبْعِك مِنْ شَكْوىً لِدَهْرٍ وَلا ذَمِّ
وَها أَنا ذا قَدْ قُدْتُ وُدِّي وَمُهْجَتِي / إِلى ذا النَّدى قَوْدَ الذَلُول بِلا خَزْمِ
لِتَبْسُطَ بالْمَعْرُوفِ ما كَفَّ مِنْ يَدِي / وَتَجْبُرَ بِالإِحْسانِ ما هاضَ مِنْ عَظْمِي
أَمّا الْعُفاةُ فَأَنْتَ خَيْرُ رَجائِها / وَالْمَكْرُماتُ فَأَنْتَ بَدْرُ سَمائِها
ما أَحْسَنَتْ بِكَ ظَنَّها فِي رَغْبَةٍ / أَوْ رَهْبَةٍ فَعَداكَ حُسْنُ ثَنائِها
لَوْلاكَ يا تاجَ الْمُلُوكِ لَعَزَّها / مَلِكٌ يُجِيبُ نَداهُ قَبْلَ نِدائِها
أَحْيَيْتَها قَبْلَ السُّؤالِ بِأَنْعُمٍ / رَدَّتْ وُجُهَ السّائِلِينَ بِمائِها
حَمْداً لأَيامٍ سَما بِكَ فَخْرُها / أَنى تُذَمُّ وَأَنْتَ مِنْ أَبْنائِها
مَنْ ذا يقُومُ بِشُكْرِها وَعُلاكَ مِنْ / حَسَناتِها وَنَداكَ مِنْ آلائِها
مَعَ أَنَّنِي أَبْغي دُيُوناً عِنْدَها / مَمْطُولَةً هذا أَوانُ قَضائِها
وَكَفى بِزَفِّي كُلَّ بِكرٍ حُرَّةٍ / لَوْلاكمَ ما زُفَّتْ إِلى أَكْفائِها
أَلا هكَذا فَلْيُحْرِزِ الْحَمْدَ وَالأَجْرا
أَلا هكَذا فَلْيُحْرِزِ الْحَمْدَ وَالأَجْرا / وَيَحْوِ جَميلَ الذِّكْرِ مَنْ طَلَبَ الذِّكْرا
لَقَدْ كَرَّمَ اللهُ ابْنَ دَهْرٍ تَسُودُهُ / وَشَرَّفَ يا تاجَ الْمُلُوكِ بِكَ الدَّهْرا
وَمَنَّ عَلَى هذا الزَّمانِ وَأَهْلِهِ / بِأَرْوَعَ لا يَعْصِي الزَّمانُ لَهُ أَمْرا
حُسامُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ تَكنْ / حُساماً لَهُ فَلْيَقْتُلِ الْخَوْفَ وَالْفَقْرا
هَزَزْناكَ لَدْناً وانْتَضَيْناكَ صارِماً / فَطُلْتَ الْقَنا صُمَّاً وَغُلْتَ الظُّبى بُتْرا
حُساماً نَرى ِي صَفْحِهِ الصَّفْحَ وَالنَّدى / وَفِي حَدِّهِ الْجَدَّ الْمُظَفَّرَ والنَّصْرا
وَفِي قُرْبِهِ الزُّلْفى وَفِي نَيْلِهِ الْعُلى / وَفِي حُكْمِهِ الْبُقْيا وَفِي ظِلِّهِ الْيُسْرا
فَتىً لا يَرى إِلاّ الْمَحامِدَ مَغْنَماً / وَلا يَقْتَنِي إِلاّ الثَّناءَ لَهُ ذُخْرا
وَمُقْرَبَةً جُرْداً وَزُغْفاً سَوابِغاً / وَهِنْدِيَّةً بِيضاً وَخَطِّيَّةً سُمْرا
إِذا صالَ بَأْساً قَطَّعَ الْبِيضَ وَالْقَنا / وَإِنْ فاضَ جُوداً بخَّلَ الدَّيَمَ الْغُزْرا
لَعَمْرِ لَئِنْ أَعْدَتْ أَنامِلُكَ الْحَيا / سَماحاً لَقَدْ أَعْدَتْ شَمائِلُكَ الْخَمْرا
وَكائِنْ مَنَحْتَ الرّاحَ مِنْ خُلْقِكَ الصَّفا / وَأَكْسَبْتَها مِنْ نَشْرِكَ الطَّيِّبِ النَّشْرا
وَأَوْدَعْتَها مِنْ حَدِّ بَأْسِكَ سَورَةً / وَعَلَّمْتَها مِنْ أَرْيَحِيَّتِكَ السُّكْرا
كَأَنَّ الثُّرَيّا تَلْثِمُ الْبَدْرَ كُلَّما / تَمَطَّقْتَها فِي الْكَأْسِ عانِسَةً بِكْرا
أَبا الأَْنجُمِ الزُّهْر الأُولى لَوْ تَحَلَّتِ السَّ / ماءُ بِهِمْ لَمْ تَحْفِلِ الأَنْجُمَ الزُّهْرا
إِذا واحدٌ مِنْهُمْ جَلَتْهُ مَخِيلَةٌ / تَبَيَّنْتَ فِي أَعْطافِهِ الْعَسْكَرَ الْمَجْرا
وَكَمْ لَيْثِ غابٍ كانَ شِبلاً مُرَيَّناً / وَعادِيِّ نَبْعِ قَدْ غَدا غُصُناً نَضْرا
رَجَوْتُكَ بَحْراً يُخْجِلُ الْبَحْرَ نائِلاً / وَزُرْتُكَ بَدْراً جَلَّ أَنْ يُشْبِهَ الْبَدْرا
وَقَدْ خَطَبَ الأَمْلاكُ مَدْحِي فَصُنْتُهُ / لأكْرَمِهِمْ نَجْراً وَأَشْرَفهِمْ قَدْرا
وَما كانَ لِي أَنْ لا أَزُفَّ عَرائِسِي / إِلَيْكَ وَقَدْ أَغْلَيْتَها دُونَهُمْ مَهْرا
جَعَلْتُ لَها مِنْ مَدْحِكَ الْفاخِرِ الْحُلى / وَمِنْ جُودِكَ النُّعْمى وَمِنْ ظِلِّكَ الْخِدْرا
وَإِنْ طالَ عُمْرٌ لَمْ تُقَصِّرْ غَرائِبٌ / يَعُزُّ اللَّيالِي أَنْ تُطاوِلَها عُمْرا
بَدائِعُ إِنْ بَغْدادُ هامَتْ بِحُبِّها / فَفَدْ تَيَّمَتْ مِنْ قَبْلِها وَشَجَتْ مِصْرا
وَوَاللهِ لا أَغْبَبْتُ شُكْراً وَسَمْتُهُ / بِمَدْحِكَ ذا ما اسْتَوجَبَ الْمُحْسِنُ الشُّكْرا
لِيَلْبَسَ جِيدُ الْمَجْدَ مِنْ حَلْيِ مَنْطِقِي / قَلائِدَ دُرٍّ تَزْدَرِي عِنْدَهُ الدُّرّا
إِذا قُلْتُ فِي تاجِ الْمُلُكِ قَصِيدَةً / مِنَ الشِّعْرِ قالُوا قَدْ مَدَحْتَ بِهِ الشِّعْرا
أفَيْضُ دُمُوعٍ أَمْ سُيُولٌ تَمَوَّجُ
أفَيْضُ دُمُوعٍ أَمْ سُيُولٌ تَمَوَّجُ / وَحَرُّ ضُلُوعٍ أَمْ لَظىً تَتَأَجَّجُ
كَفى مِنْ شَجايَ عَبْرَةٌ بَعْدَ زَفْرَةٍ / وَلُبٌّ مُطارٌ أَمْ سَقامٌ مُهَيَّجُ
شَرِبْتُ مِنَ الأَيّامِ كَأْساً رَوِيَّةً / وَلَمْ أَدْرِ أَنَّ الصَّقْوَ بِالرَّنْقِ يُمْزَجُ
وَلَمْ يُبْكِنِ رَسْمٌ بِنَعْمانَ دارِسٌ / وَلا شَفَّنِي ظَبْيٌ بِرامَةَ أَدْعَجُ
وَلكِنْ جُنُونٌ مِنْ زَمانٍ مُسَفَّهٍ / وَدَهْرٌ جَهُولٌ أَوْلَقُ الرَّأْيِ أَهْوَجُ
سَلَوْتُ وَما كادَ السُّلُوُّ يُطِيعُنِي / لَوَانَّ زَماناً جائِراً يَتَحَرَّجُ
إِذا دَخَلَ الْهَمَّ الْغَرِيبُ عَلَى فَتىً / رَأَيْتَ الْهَوى مِنْ قَلْبِهِ كَيْفَ يَخْرُجُ
تَعَفَّتْ رُسُومُ الْمَكْرُماتِ كَما عَفا / عَلَى الدَّهْرِ مَلْحُوبٌ وَأَفْقَرَ مَنْعِجُ
فَلَوْلا بَنُو الصُّوفِيِّ أَعْوَزَ مُفْضِلٌ / إِلى بابِهِ لِلْوَفْدِ مَسْرىً وَمَدْلَجُ
وَلِلسَّيِّدِ الْمَأْمُولِ فِيهِمْ مَكارِمٌ / تُساحُ بِأرْزاقِ الْعُفاةِ وَتُمْزَجُ
لَعَمْرِي لَقَدْ سادَ الْكِرامَ وَبَذَّهُمْ / أَغَرُّ صَقِيلُ الْعِرْضِ أَزْهَرُ أَبْلَجُ
حَطَطْنا رِحالَ الْعِيسِ فِي ظِلِّ جُودِهِ / إِلى خَيْرِ مَنْ تُحْدى إِلَيْهِ وَتُحْدَجُ
خَصيبُ مَرادِ الْخَيْرِ وَالْخَيْرُ مُجْدِبٌ / جَدِيدُ رِداءِ الفَضْلِ وَالْفَضْلُ مُنْهَجُ
أَبَرُّ وَأَنْدَى مِنْ نَدى الْمُزْنِ راحَةً / وَأَبْهى مِنَ الْبَدْرِ الْمُنِيرِ وَأَبْهَجُ
قَضى حاجَتِي بِالْجُودِ حَتّى كَأَنَّهُ / إِلى بَذْلِ ما يُسْدِي مِنَ الْجُودِ أَحْوَجُ
وَكُنّا إِذا ما رابَنا الدَّهْرُ مَرَّةً / وَلِلدَّهْرِ أَحْوالٌ تَسُوءُ وَتُبْهِجُ
دَعَوْنا لَهُ جُودَ الْوَجِيهِ وَإِنَّما / دَعَونا حَياً أَوْ وابِلاً يَتَثَجَّجُ
وَكَمْ قَطَعَتْ فِينا اللَّيالِي وَغالَنا / لَها مُقْلِقٌ مِنْ فادِحِ الْخَطْبِ مُزْعِجُ
فَذادَ أَبُو الذَوّادِ عَنّا صُرُوفَها / وَفَرَّجَ غَمّاءَ الْخُطُوبِ الْمُفَرِّجُ
فَتىً يَسَعُ الآمالَ أَدْنى ارْتِياحِهِ / وَيَغْرَقُ فِي نُعْماهُ مَنْ لا يُلَجِّجُ
فَتىً لَمْ يَزَلْ لِلْمَجْدِ تاجاً وَمَفْخَراً / إِذا ماجِدٌ بِالْفَخْرِ أَمْسى يُتَوَّجُ
كَفانِي نَدى كَفَّيْهِ خُلْفَ مَواعِدٍ / بِها يَسْتَقِيمُ الْقَوْلُ وَالْفِعْلُ أَعْوَجُ
وَأَغْنى عَنِ الْبُخّالِ راجَعْتُ جُودَهُمْ / فَلَمْ أَرَ جُلْمُوداً عَلَى الطَّبْخِ يَنْضَجُ
حَلَفْتُ لَقَدْ أَوْلَيْتَنِي مِنْكَ نِعْمَةً / بِها الشُّكْرُ يُغْرى وَالْمَحامِدُ تَلْهَجُ
وَأَحْسَنَ بِي مِنْ قَبْلِكَ الْحَسَنُ الَّذِي / تَوَلى وَما لِلْمَجْدِ عَنْهُ مُعَرَّجُ
أَبُوكَ الَّذِي ما زالَ يَرْحَبُ هِمَّةً / يَضِيقُ بِها صَدْرُ الزَّمانِ وَيَحْرَجُ
بَنى لَكُمُ بَيْتاً رَفِيعاً عِمادُهُ / تَرَقَّى إِلَيْهِ النَّيِّراتُ وَتَعْرُجُ
فَلا ظِلُّهُ عَنْ مُسْتَظِلٍّ بِقاصِرٍ / وَلا بابُهُ عَنْ مُرْتجِي الْخَيْرِ مُرْتَجُ
بِرُغْمِ الْعِدى أَنْ بِتَّ وارِثَ مَجْدِهِ / وَذلِكَ حَقٌّ لَمْ تَكُنْ عَنْهُ تُفْرجُ
وَما هِيَ إِلاّ صَعْبَةٌ عَزَّ ظَهْرُها / وَأَنْتَ عَلَى أَمْثالِها تَتَفَحَّجُ
وَما زِلْتَ تَعْلُو مَنْكِبَ الْعَزْمِ ظافِراً / وَتُلْجِمُ بِالْحَزْمِ الْحَمِيدِ وَتُسْرِجُ
تَزِيدُ عَلَى وَعْكِ الزَّمانِ نَباهَةً / كَأَنَّكَ صُبْحٌ فِي دُجىً يَتَبَلَّجُ
تُشَرَّفُ وَالأَيّامُ فِيها دَناءَةٌ / وَتَخْلَصُ وَالأَقْوامُ زَيْفٌ وَبَهْرَجُ
عَزائِمُ مَحْسُودِ الْمَعالِي كَأَنَّها / سَوابِقُ تَرْدِي بِالْكُماةِ وَتَمْعَجُ
خَلائِقُ تَجْتاحُ الْخَطُوبَ كَأَنَّها / ظُبىً بِدَمِ الْفَقْرِ الْمُضِرِّ تُضَرَّجُ
أَتَتْكَ بِمِسْكِيِّ الثَّناءِ كَأَنَّما / أَطابَ شَذاها عِرْضُكَ الْمُتَأَرِّجُ
لَها مِنْ نِظامِ الدُّرِّ ما جَلَّ قَدْرُهُ / وَقِيمَتُهُ لا ما يُحاكُ وَيُنْسَجُ
مُحَجَّبَةٌ لَوْلاكَ لَمْ يَحْوِ ناظِرٌ / بِها الْفَوْزَ وَالْحَسْناءُ لا تَتَبَرَّجُ
وَكُلُّ ثَناءٍ دُونَ قَدْرِكَ قَدْرُهُ / وَإِنْ زانَ قَوْماً وَشْيُهُ والْمُدَبَّجُ
أَرى فِيكَ لِلآمالِ وَعْدَ مَخِيلَةٍ / وَما هِيَ إِلاّ مُقْبِبٌ سَوْفَ تُنْتَجُ
سَقى اللهُ حُسْنَ الظَّنِّ فِيكَ فَإِنَّهُ / طَرِيقٌ إِلى الْغُنْمِ الْكَرِيمِ وَمَنْهَجُ
فَأَسْمَحُ خَلْقٍ عِنْدَ جُودِكَ باخِلٌ / وَأَحْسَنُ فِعْلٍ عِنْدَ فِعْلِكَ يَسْمُجُ
أَما وَعِتاقِ الْعِيسِ لَوْ وَجَدَتْ وَجْدِي
أَما وَعِتاقِ الْعِيسِ لَوْ وَجَدَتْ وَجْدِي / لَقَيَّدَ أَيْدِي الْواخِداتِ عَنِ الْوَخْدِ
إِذاً عَلِمَتْ أَنَّ الْوَجى لَيْسَ كَالْجَوى / وَحَبَّبَ ما يُنْضِي إِلَيْها الَّذِي يُرْدِي
دَعاها نَسِيمُ الْبانِ وَالرَّنْدِ بِالْحِمى / وَهَيْهاتَ مِنْها مَنْبِتُ الْبانِ وَالرَّنْدِ
يَطِيرُ بِها لُبّاً عَلَى الْقُرْبِ وَالنَّوى / وَيَحْمِلُها شَوْقاً عَلَى الْجَوْرِ وَالْقَصْدِ
وَلَوْلا الْهَوى لَمْ تَرْضَ بِالْجِزْعِ حاجِراً / وَلَمْ تَهْجُرِ الْغَمْرَ النَّمِيرَ إِلى الثَّمْدِ
أَجِدَّكَ ما تَنْفَكُّ بِالْغَوْرِ ناشِداً / فُؤادَاً بِنَجْدٍ يا لِقَلْبِكَ مِنْ نَجْدِ
وَإِنِّي لَتُصْمِينِي سِهامُ ادِّكارِكُمْ / وَإِنْ كانَ رامِي الشَّوْقِ مِنِّي عَلَى بُعْدِ
تَمادِي غَرامٍ لَيْسَ يَجْرِي إِلى مَدىً / وَفَرْطُ سَقامٍ لا يُقِيمُ عَلَى حَدِّ
وَما أَنْسَ لا أَنْسَ الْحِمى وَأَهِلَّةً / تُضِلُّ وَمِنْ حَقِّ الأَهِلَّةِ أَنْ تَهْدِي
زَمانٌ إِخالُ الْجَهْلَ فِيهِ مِنَ النُّهى / وَحَبٌّ أَعُدُّ الْغَيَّ فِيهِ مِنَ الرُّشْدِ
غَنِينَ وَما نَوَّلْنَ نَيْلاً سِوى الْجَوَى / وَبِنَّ وَما زَوَّدْنَ زاداً سِوى الْوَجْدِ
عَواطِفُي يُعْيِي عَطْفُها كُلَّ رائِضٍ / ضَعائِفُ يُوهِي ضَعْفُها قُوَّةَ الْجَلْدِ
إِذا نَظَرَتْ بَزَّتْ قُلُوباً أَعِزَّةً / وَإِنْ خَطَرَتْ هَزَّتْ قُدُودَ قَناً مُلْدِ
غَوالِبُ فَتْكٍ لَمْ يَصُلْنَ بِقُوَّةٍ / طَوالِبُ ثَأْرٍ لَمْ يَبِتْنَ عَلَى حِقْدِ
مِنَ الْمُصِبِياتِ الْمُحْيِياتِ بِدَلِّها / عَلَى خَطَإٍ وَالْقاتِلاتِ عَلَى عَمْدِ
فَوَدَّعْنَّ بَلْ أَوْدَعْنَ قَلْبِي حَزازَةً / وَخَلَّفْنَ فَرْدَ الشَّوْقِ بِالْعَلَمِ الْفَرْدِ
خَلِيلَيَّ ما أَحْلى الْحَياةَ لَوَانَّها / لِطاعِمِها لَمْ تَخْلِطِ الصّابِ بِالشُّهْدِ
لَقَدْ حالَتِ الأَيّامُ عَنْ حالِ عَهْدِها / وَمَنْ لِي بأَيامٍ تَدُومُ عَلَى الْعَهْدِ
سَلَبْنَ جَمالِي مِنْ شَبابٍ وَثَرْوَةٍ / وَوَفَّرْنَ حَظِّي مِنْ فِراقٍ وَمِنْ صَدِّ
وَأَنْحَيْنَ حَتّى ما تَرَكْنَ بَوارِياً / عَلَى الْعَظْمِ منْ نَحْضٍ لِبارٍ وَلا جلْدِ
وَما شاقَنِي أَنْ لَسْتُ مُسْتَعْدِياً عَلَى / نَوائِبِها إِلاّ لِقِلَّةِ مَنْ يُعْدِي
وَلا بُدَّ أَنْ أَدْعُو لِدَفْعِ خُطُوبِها / كَرِيماً فَإِنْ كانَ ابْنَ سَعْدٍ فَيا سَعْدِي
فَما عَنْ كَمالِ الدِّينِ فِي الأَرْضِ مَذْهَبٌ / لِحُرٍّ أَحاجَتْهُ الْخُطُوبُ وَلا عَبْدِ
وَإِنَّ اعْتِصامِي بِالْوَزِيرِ وَظِلِّهِ / يَدٌ لِلنَّدى ما مِثْلُها مِنْ يَدٍ عِنْدِي
وَأَيُّ مَرامٍ أَبْتَغِي بَعْدَ جُودِهِ / كَفى الْغَيْثُ مَنْ يُجْدى عَلَيْهِ وَمَنْ يُجْدِي
وَها أَنا قَدْ أَلْقَيْتُ رَحْلِي بِرَبْعِهِ / إِلى السُّؤدُدُِ الْعادِيِّ والكَرَمِ الْعِدِّ
إِلى هَضْبَةٍ شَمّاءَ عَزَّتْ عَلَى الذُّرى / وَفِي جُنَّةٍ حَصْداءَ جَلَّتْ عَنِ السَّرْدِ
إِلى أَوْحَدٍ أُهْدِي لَهُ الْحَمْدَ وَحْدَهُ / بَحَقٍّ وَ لا يُهْدِي إِلَيَّ الْغِنى وَحْدِي
أَقَلُّ عَطاياهُ التَّوَقُّلُ فِي الْعُلى / وَأَدْنى سَجاياهُ التَّفَرُّدُ بِالْمَجْدِ
مُبِيدُ الْعِدى قَهْراً وَلَيْسَ بِمُعْتَدٍ / وَمُحْيِي الْوَرى بَذْلاً وَلَيْسَ بِمُعْتَدِّ
أَغَزُّ حِمىً مَنْ فازَ مِنْهُ بِذِمَّةٍ / وَأوْفَى غِنىً مَنْ باتَ مِنْهُ عَلَى وَعْدِ
فَتىً هَمُّهُ ما كانَ لِلْبِرِّ وَالتُّقى / وَمَغْنَمُهُ ما كانَ لِلأجْرِ وَالْحَمْدِ
مِنَ النّاقِدِينَ الْعاقِدِينَ عَنِ الْخَنا / مَآزِرَهُمْ وَالسّالِمِينَ عَلَى النَّقْدِ
مُجاوِرُهُمْ فِي الْخَوْفِ لِلْجارِ مَعْقِلٌ / وَوَفْدُهُمُ تفِي الْمَحْلِ مُنْتَجَعُ الْوَفْدِ
إِذا الْغَيثُ أَكْدى أَنْشَأَتْ مَكْرُماتُهُمْ / مَواطِرَ غَيْثٍ لا يُغِبُّ وَلا يُكْدِي
وإِنْ زَمَنُ الْوَرْدِ انْقَضى كانَ عِنْدَهُمْ / مَواهِبُ يُلْغى عِنْدَها زَمَنُ الْوَرْدِ
لَهُمْ مِنْ ذَوِي التِّيجانِ كُلُّ مُخَلَّدٍ / عَلَى فَقْدِهِ إِنَّ الثَّناءَ مِنَ الْخُلْدِ
وَمَجْدٌ حَماهُمْ طاهِرٌ أَنْ يُقَصِّرُوا / بِهِ عَنْ أَبٍ حازَ الْمَكارِمَ أَوْ جَدِّ
أَغَرُّ إِذا أَعْطى أَفادَ وَإِنْ سَطا / أَبادَ وَإِنْ أَبْدى أَعادَ الَّذِي يُبْدِي
مُنِيفٌ عَلَى هامِ الْمُسامِي كَأَنَّما / أطَلَّ مِنَ النَّشْزِ الْعَلِيِّ عَلَى وَهْدِ
يُرِيكَ اهْتِزازاً فِي الأَسِرَّةِ فَخْرُها / بِهِ واخْتِيالاً فِي الْمُطَهَّمَةِ الْجُرْدِ
وَتُعْزى إِلَيْهِ الْمَكْرُماتُ وَلَيْسَ لِلْ / كَواكِبِ أَنْ تُنْفى عَنِ الْقَمَرِ السَّعْدِ
جَدِيرٌ بِأَنْ يُبْدِي لَهُ عَفْوُ رَأْيِهِ / خَفِيَّةَ ما يُعْيِي الرِّجالَ مَعَ الْجَهْدِ
وَأَنْ يَسَعَ الأَمْرَ الَّذِي حَرِجَتْ بِهِ / مَذاهِبُ خَطِيِّ الْقَنا وَظُبى الْهِنْدِ
جَلَوْتَ الْقَذى عَنْ ناظِرِ الدِّينِ بَعْدَ ما / أَتاكَ بِعَيْنِ الشَّمْسِ في الأَعْيُنِ الرُّمْدِ
وَكُنْتَ ثِقافاً لِلْزَّمانِ فَلَمْ تَزَلْ / تُقَوِّمُ مِنْهُ كُلَّ أَعْوَجَ مُنْأَدِّ
فَلَمْ تُخْلِ سَرْحاً ذَلَّ راعِيهِ مِنْ حِمىً / وَلَمْ تُخْلِ ثَغْراً قَلَّ حامِيهِ مِنْ سَدِّ
أَخائِذُ دَيْنٍ باتَ يُمْنُكَ كافِلاً / لَهُ يَوْمَ أَمْضِيْتَ اعْتزامَكَ بالرَّدِّ
وَلَيْسَ بِبِدْعٍ مِنْكَ حَدُّ صَرِيمَةٍ / ثَنَتْ نُوَبَ الأَيّامِ مَفْلُولَةَ الْحَدِّ
وَفِي أَيِّ خَطْبٍ لَمْ تَكُنْ قاضِبَ الشَّبا / وَفِي أَيِّ فَضْلٍ لَمْ تَكُنْ ثاقِبَ الزَّنْدِ
كَأَنَّكَ مَجْبُورٌ عَلَى الْفَضْلِ وَحْدَهُ / فَمالَكَ مِنْ أَنْ تُدْرِكَ الْفَضْلَ مِنْ بُدِّ
إِلَيْكَ زَفَفْنا كُلَّ حَسْناءَ لَوْ عَدَتْ / عُلاكَ لَعادَتْ غَيْرَ مَلْثُومَةِ الْخَدِّ
مِنَ الْحالِياتِ الْعالِياتِ مَناصِباً / تُماثِلُ مِنْ قَبْلِي وَتَفْضُلُ مَنْ بَعْدِي
تُظَنُّ مُقِيماتٍ وَهُنَّ سَوائِرٌ / مُخَيِّمَةً تَسْرِي مُعَقَّلَةً تَخْدِي
رِواءٌ وَسَجدْفُ الْغَيْمِ لَيْسَ بِمُسْبَلٍ / ضَواحٍ وَجَيْبُ اللَّيْلِ لَيْسَ بمُنْقَدِّ
تَمُتُّ بِآمالٍ إِلَيْكَ كَأَنَّها / رِقابُ صَوادٍ يَعْتَرِكْنَ عَلَى وِرْدِ
وَما زِلْتَ لَبّاساً مِنَ الْحَمْدِ فَخْرَهُ / وَلكِنَّ غَيْرَ السَّيْفِ يَفْخَرُ بِالغِمْدِ
إِذا زَيَّنَ الْحَسْناءَ عِقْدٌ بِجِيدِها / فَأَحْسَنُ مِنُْ زِينَةً موْضِعُ الْعِقْدِ
أَتَيْتُكَ لِلْعَلْيا فَإِنْ كُنْتَ مُنْعِماً / فَبِالْعِزَّةِ الْقَعْساءِ لا الْعِيشَةِ الرَّغْدِ
إِذا نائِلٌ لَمْ يَحْبُنِي الْفَخْرَ نَيْلُهُ / فَإِنَّ انْقِطاعَ الرَّفْدِ فِيهِ مِنَ الرِّفْدِ
جَرى النَّهْرُ مِنْ شَوْقٍ إِلى ما حِلِ الثَّرى
جَرى النَّهْرُ مِنْ شَوْقٍ إِلى ما حِلِ الثَّرى / وَأَجْرَيْتُ دَمْعاً شاقَهُ الْمَنْزِلُ الْقَفْرُ
فَلَوْ كُنْتَ يَوْمَ الْبَيْنِ شاهِدَ عَبْرَتِي / وَعَبْرَتِهِ لَمْ تَدْرِ أَيُّهُما النَّهْرُ
فَيا نَهْرَ ثَوْرا قَدْ أَثَرْتَ مِنَ الْهَوى / دَفِيناً أَجَنَّتْهُ الْجَوانِحُ وَالصَّدْرُ
فَلَو كانَ لِي صَبْرٌ كَفَفْتُ مَدامِعِي / وَلكِنَّ مَنْ يَشْتاقُ لَيْسَ لَهُ صَبْرُ
أُرانِيَ مِنْ رَوْعاتِ بَيْنِكَ نازِلاً
أُرانِيَ مِنْ رَوْعاتِ بَيْنِكَ نازِلاً / عَلَى حَرَكاتٍ ما لَهُنَّ سُكُونُ
وَمِنْ عَجَبٍ أَنَّ الأَسى غَيْرُ قاتِلِي / عَلَيْكَ وَأَنَّ الصَّبْرَ عَنْكَ يَهُونُ
أَصُونُ لِسانِي وَالْجَنانُ يُذالُ
أَصُونُ لِسانِي وَالْجَنانُ يُذالُ / وَأَقْصِرُ بَثِّي وَالشُّجُونُ طِوالُ
وَأَحْبِسُ عَنْ قَوْمٍ عِنانَ قَصائِدِي / وَقَدْ أَمْكَنَ الطَّرْفَ الْجَوادَ مَجالُ
تُذَمُّ اللَّيالِي إِنْ تَعَذَرَ مَطْلَبٌ / وَأَوْلى لَعَمْرِي أَنْ تُذَمَّ رِجالُ
وَما أُلْزِمُ الأَيّامَ ذَنْبَ مَعاشِرٍ / لِدَرِّهِمُ قَبْلَ الرَّضاعِ فِصالُ
وَآلِ غِنىً جَمٍّ هُمُ الْبَحْرُ ثَرْوَةً / وَلكِنَّهُمْ عِنْدَ النَّوائِبِ آلُ
لَوَ أنَّ بِلالاً جاءهُمْ بِمُحَمَّدٍ / لَعادَ وَما فِي فِيهِ مِنْهُ بِلالُ
خَلِيلَيَّ ما كُلُّ الْعَسِيرِ بِمُعْجِزٍ / مَرامِي وَلا كُلُّ الْيَسِيرِ يُنالُ
وَلَيْسَ أَخُو الْحاجاتِ مَنْ باتَ راضِياً / بِعَجْزٍ عَلَى الأَقْدارِ فِيهِ يُحالُ
تَقَلَّبْتُ فِي ثَوْبِي رَخاءٍ وَشِدَّةٍ / كَذلِكَ أَحْوالُ الزَّمانِ سِجالُ
وَقَدْ وَسَمَتْنِي الأَرْبَعُونَ بِمَرِّها / وَحالَتْ بِشَيْبِي لِلْشَّبِيبَةِ حالُ
فَلَيْتَ الَّذِي أَرْجُو مِنَ الْعُمْرِ بَعْدَها / يَطِيبُ بِهِ عَيْشٌ وَيَنْعَمُ بالُ
يَقُولُ أناسٌ كَيْفَ يُعْجزُكَ الْغِنى / وَمِثْلُكَ يَكْفِيهِ الْفِعالَ مَقالُ
وَما عِنْدَهُمْ أَنَّ السُّؤالَ مَذَلَّةٌ / وَنَقْصٌ وَما قَدْرُ الْحَياةِ سُؤالُ
تَرَفَّعَتُ إِلاّ عَنْ نَدى ابْنِ مُحَسِّنٍ / وَخَيْرُ النَّدى ما كانَ فِيهِ جَمالُ
وَعِنْدَ وَجِيهِ الدَّوْلَةِ ابْنِ رَشِيدِها / سَماحٌ وَبَذْلٌ غامِرٌ وَنَوالُ
وَأَخْلاقُ غَيْثٍ كُلما جِئْتُ صادِياً / وَرَدْتُ بِهِنَّ الْعَيْشَ وَهْوَ زُلالُ
وَبِشْرٌ إِلى الزُّوّارِ فِي كُلِّ لَزْبَةٍ / بِهِ تُلْقَحُ الآمالُ وَهْيَ حِيالُ
تَدانَتْ بِهِ الْغاياتُ وَهْيَ بَعِيدَةٌ / وَخَفَّتْ بِهِ الْحاجاتُ وَهْيَ ثِقالُ
وما البِشْرُ إِلاّ رائِدٌ بَعْدَهُ الْحَيا / أَلا إِنَّما وَعْدُ السَّحابَةِ خالُ
مَتى أَرجُ إِسمعيلَ لِلْعِزِّ وَالْغِنى / فَما هُوَ إِلاّ عِصْمَةٌ وَثِمالُ
فَتىً ظافَرَتْ هِمّاتُهُ عَزَماتِهِ / كَما ظافَرَتْ سُمْرَ الصِّعادِ نِصالُ
هُوَ الْبَدْرُ إِلا أَنَّهُ لا يُغِبُّهُ / عَلَى طُولِ أَوْقاتِ الزَّمانِ كَمالُ
مِنَ الْقَوْمِ ذادَ النّاسَ عَنْ نَيْلِ مَجْدِهِمْ / قِراعٌ لَهُمْ دُونَ الْعُلى وَنِضالُ
نِبالُ الْمَساعِي ما تَزالُ ثَوابِتاً / لَهُمْ فِي قُلُوبِ الحاسِدِينَ نِبالُ
إِذا قاوَلُوا بِالأَحْوَذِيَّةِ أَفْحَمُوا / وَإِنْ طاوَلُوا بِالْمَشْرَفِيَّةِ طالُوا
أُولئِكَ أَنْصارُ النَّبِيِّ وَرَهْطُهُ / إِذا عُدَّ فَخْرٌ باهِرٌ وَجَلالُ
أَأَزْعُمُ أَنْ لا مالَ لِي بَعْدَ هذِهِ / وَجُودُكَ ذُخْرٌ لِلْمُقِلّ وَمالُ
وَمَنْ سارَ يَسْتَقْرِي نَداكَ إِلى الْغِنى / فَلَيْسَ بِمَخْشِيٍّ عَلَيْهِ ضَلالُ
وَما جَوْهَرُ الأَشْياءِ وَالْخَلْقِ خافِياً / إِذا ما طِباعٌ مُيِّزَتْ وَخِلالُ
لَفَضَّلَ ما بَيْنَ السُّيُوفِ مَضاؤُها / وَفَضَّلَ ما بَيْنَ الرِّجالِ فِعالُ
تَأَخَّرَ عَنْكَ الْمَدْحُ لا عَنْ تَجَنُّبٍ / وَلكِنَّهُ الْمَعْشُوقُ فِيهِ دَلالُ
وَعِنْدِي ثَناءٌ لا يُمَلُّ كَما انْثَنى / إِلى عاشِقٍ بَعْدَ الصُّدُودِ وِصالُ
يُزانُ بِهِ عِرْضُ الْفَتى وَهْوَ ماجِدٌ / كَما زانَ مَتْنَ الْمَشْرَفِيِّ صِقالُ
وَلا بُدَّ لِي مِنْ دَوْلَةٍ بِكَ فَخْمَةٍ / بِها مِنْ صُرُوفِ النّائِباتِ أُدالُ
وَمِنْ نِعْمَةٍ خَضْراءَ عِنْدَكَ غَضَّةٍ / يُمَدُّ عَلَيْها لِلنَّعيمِ ظِلالُ
فَلا يَسْتَرِثْ مِيعادَ مَجْدِكَ جاهِلٌ / فَما عِنْدَ مَجْدِ الأَسْعَدينَ مِطالُ
فَإِنَّ نُجُومَ اللَّيْلِ فِي حِنْدِسِ الدُّجى / يُرَيْنَ بَطِيئاتٍ وَهُنَّ عِجالُ
وَهَلْ لِلْوَرى إِلاّ عَلَيْكَ مُعَوَّلٌ / وَهَلْ لِلعُلى إِلاّ إِلَيْكَ مَآلُ
فَما الْمَجْدُ إِلاّ لِلْكِرامِ مَمالِكٌ / وَلا النّاسُ إِلاّ لِلْكُفاةِ عِيالُ
إِذا ما الْقَوافِي بَشَّرَتْكَ بِمَطْلَبٍ / وَفى لَكَ مِنْها بِالْحقائِقِ فالُ
أَرُوحُ وَقَلْبِي عَنْكَ لَيْسَ بِرائِحِ
أَرُوحُ وَقَلْبِي عَنْكَ لَيْسَ بِرائِحِ / وَذِكْرُكَ باقِي الشَّوْقِ بَيْنَ الْجَوانِحِ
وَحَسْبِي شَمْسَ الدَّوْلَةِ الْمَلْكُ غايَةً / مِنَ الْفَخْرِ أَنْ تُهْدِى إِلَيْكَ مَدائِحِي
وَقَدْ كانَ شِعْرِي يَفْضَحُ الشِّعْرَ كُلَّهُ / فَأَمْسى بِما تُولِي سَماحُكَ فاضِحِي
وكُنْتُ إِذا ما رابَنِي الدَّهْرُ مَرَّةً
وكُنْتُ إِذا ما رابَنِي الدَّهْرُ مَرَّةً / وَقَدْ وَلَدَ الدَّهْرُ الْكِرامَ فَأَنْجَبا
دَعَوْتُ كَرِيماً فَاسْتَجابَ لِدَعْوَتِي / أَغَرَّ إِذا ما رادَهُ الظَّنُّ أَخْصَبا
إِذا كُنْتَ راجِي نِعْمَةٍ مِنْ مُؤَمَّلٍ / فَحَسْبِيَ أَنْ أَرْجُو الْعَمِيدَ الْمُهَذَّبا
عَسى جُودُهُ الْمأْمُولُ يَنْتاشُ هالِكاً / أَسِيرَ زَمانٍ بِالْخُطُوبِ مُعَذَّبا
أَرى الدَّهْرَ لا يَزْدادُ إِلاّ فَظاظَةً / عَلَيَّ وَلا أَزْدادُ إِلاّ تَعَتُّبا
فَكُنْ لِبَنِي الأَحْرارِ حِصْناً وَمَعْقِلاً / إِذا خانَهُمْ صَرْفُ الزَّمانِ وَخَيَّبا
سِواكَ يُعابُ الْمادِحُونَ بِنَيْلِهِ / وَغَيْرُكَ مَنْ آبى لِجَدْواهُ مَطْلَبا
سِوايَ لِمَنْ لَمْ يَعْشَقِ الْمَجْدَ عاشِقُ
سِوايَ لِمَنْ لَمْ يَعْشَقِ الْمَجْدَ عاشِقُ / وَغَيْرِي لِمَنْ لَمْ يَصْطَفِ الْحَمْدَ وامِقُ
عَزَفْتُ عَنِ الأَحْبابِ غَيْرَ ذَوِي النُّهى / فَلَسْتُ بِمُشْتاقٍ وَغَيْرُكَ شائِقُ
أُحِبُّكَ ما حَنَّتْ سَلُوبٌ وما شَدا / طَرُوبٌ وَما تاقَ الْعَشِيّاتِ تائِقُ
وَمالِيَ لا يَقْتادُنِي نَحْوَكَ الْهَوى / وَعِنْدِيَ حادٍ مِنْ هَواكَ وَسائِقُ
أَأَثْنِي عِنانِي عَنْكَ أَطْلُبُ مَطْلَباً / وَأَتْرُكُ خَيْراً مِنْهُ إِنِّي لَمائِقُ
يُطِيعُ النَّوى مَنْ خافَ فِي أَرْضِهِ الطَّوى / وَلَوْلا احْتِباسُ الْغَيْثِ ما شِيمَ بارِقُ
أَيا بْنَ عَلِيٍّ إِنْ تَرَدَّيْتَ فاشْتَمِلْ / رِداءَ الْمَعالِي إِنَّهُ بِكَ لا ئِقُ
فَأَنْتَ الْحَقِيقُ بِالْعَلاءِ وَبِالثَّنا / إِذا الْحَقُّ يَوْماً أَوْجَبْتْهُ الْحَقائِقُ
لَعَمْرِي لَئِنْ كُنْتُ امْرَأً فاتَهُ الْغِنى / فَحَسْبِي غِنىً أَنِّي بِجُودِكَ واثِقُ
وَقَدْ عَلِقَتْنِي النّائِباتُ فَوَيْحَها / أَما عَلِمَتْ أَنِّي بِحَبْلِكَ عالِقُ
أَلَمْ تَدْرِ أَنِّي مِنْ أَبِي الْيُمْنِ نازِلٌ / بِحَيْث ُتَحامانِي الخُطُوبُ الطَّوارِقُ
أَلَمْ يغْنِنِي بَحْرٌ جُودِكَ زاخِرٌ / أَلَمْ يَحْمِنِي طَوْدٌ بِعِزِّكَ شاهِقُ
أَلَمْ يَكُ لِي مِنْ حُسْنِ رَأْيِكَ صارِمٌ / لِهامِ الْعِدى والْفَقْرِ وَالدَّهْرُ فالِقُ
لَقَدْ بَرَّحَتْ كَفّاكَ فِي الْجُودِ بِالْحَيا / فَلا عاقَها إِلاّ عَنِ الْبُخْلِ عائِقُ
سَماؤُكَ مِدْرارٌ وَرِيحُكَ غَضَّةٌ / وَعِزُّكَ قَهّارٌ وَمَجْدُكَ باسِقُ
وَما بَرِحَتْ مِنْكَ الْخَلائِقُ تَعْتَلِي / إِلى سُؤْدَدٍ لا تَدَّعِيهِ الْخَلائِقُ
إِذا ما تَنُوخِيٌّ سَما لِفَضِيلَةٍ / تَخَلَّى مُجارِيِهِ وَقَلَّ الْمُرافِقُ
تَوَسَّطْتَ مِنْهُمْ بَيْتَ فَخْرٍ عِمادُهُ / صُدُورُ الْقَنا وَالْمُرْهَفاتُ الذَوالِقُ
بَنى أَوَّلٌ مِنْهُمْ وَشَيَّدَ آخِرٌ / إِلى مِثْلِهِ تَسْمُو الْعُيُونُ الرَّوامِقُ
سَمَتْ بِسَعِيدٍ فِي تَنُوخَ وَغَيْرِها / ذَوائِبُ مَجْدٍ بِالنُّجُومِ لَواصِقُ
بِأَزْهَرَ لَوْ أَلْقَى عَلى الْبَدْرِ مَسْحَةً / بِبَهْجَتِهِ لَمْ يَمْحَقِ الْبَدْرَ ماحِقُ
أَغَرُّ إِذا أَجْرى الْكِرامُ إِلى مَدىً / شَآهُمْ جَوادٌ لِلسَّوابِقِ سابِقُ
فَتىً عَطَّرى الأَيامَ مِنْ طِيبِ ذِكْرِهِ / شَذىً تَتَهاداهُ الأُنُوفُ النَّواشِقُ
وَزِينَتْ بِهِ الدُّنْيا فَباهَتْ وَطاوَلَتْ / مَغارِبُها تِيهاً بِهِ وَالْمَشارِقُ
أَنامِلُهُ لِلْمَكْرُماتِ مَفاتِحٌ / عَلَى أَنَّها لِلْحادِثاتِ مَغالِقُ
غَمائِمُ غُرٌّ لَيْسَ تُدْرى هِباتُها / أَهُنَّ سُيُوبٌ أَمْ سُيُولٌ دَوافِقُ
تَأَلى عَلَى الإِسْرافِ فِي بَذْلِ مالِهِ / فَلَمْ يَقْتَصِرْ وَالصّادقُ الْعَزْمِ صادقُ
فَوَاللهِ ما أَدْرِي أَتِلْكَ مَواعِدٌ / تَقَدَّمْنَ مِنْ إِحْسانِهِ أَمْ مَواثِقُ
بَقِيتَ لِعَبْدٍ عائِدٍ بِكَ سَعْدُهُ / وَعِشْتَ لِعَيْشٍ خالِدٍ لا يُفارِقُ
وَلا زِلْتَ مَأْمُولاً لأَيّامِ عِزِّكَ الْ / بَواقِي وَمَأْمُوناً عَلَيْكَ الْبَوائِقُ
نَطَقْتُ بِمَدْحٍ أَنْتَ أَهْلٌ لِخَيْرِهِ / وَمِنْ شَرَفِي أَنِّي بِمَدْحِكَ ناطِقُ
شَرُفْتُ بِهِ وَالْفَخْرُ فَخْرُكَ مِثْلَ ما / تَعَطَّرَ مِنْ فَضِّ اللَّطِيمَةِ فاتِقُ
وَلَسْتُ أُبالِي عِنْدَ مَنْ باتَ كاسِداً / إِذا هُوَ أَضْحى وَهْوَ عِنْدَكَ نافِقُ
غَرائِبُ مِنْ أَبْكارِ مَدْحٍ كَأَنَّها / كَرائِمُ مِنْ أَزْهارِ نَوْرٍ فَتائِقُ
تَشُوقُ وَتُصْبِي السّامِعِينَ كَأَنَّما / بِها يَتَغَنّى مَعْبَدٌ أَوْ مُخارِقُ
تَمُرُّ بِأَفْواهُ الرَّواةِ كَأَنَّها / مُصَفَّقَةٌ مِنْ خَمْرِ عانَةَ عاتِقُ
لَقَدْ حَدَقَتْ بِي مِنْ أَيادِيكَ أَنْعُمٌ / فَعِنْدِي مِنْ شُكْرِي لَهُنَّ حَدائِقُ
فَإِنْ أَنا لَمْ أُطْلِقُ لِسانِي بِحَمْدِها / فَأُمُّ الْعُلى وَالْمَجْدِ مِنِّيَ طالِقُ
أَقُولُ لِدَهْرٍ ضامَنِي بَعْدَ عِزَّةٍ
أَقُولُ لِدَهْرٍ ضامَنِي بَعْدَ عِزَّةٍ / بِما فلََّ مِنْ حَدِّي وَما هَدَّ مِنْ رُكْنِي
أَيا دَهْرُ إِنْ حَمَّلتَنِي وَيْكَ مِنَّةً / لِمُولِي جِمِيلٍ فَلْتَكُنْ لأَبِي الْيُمْنِ
فَلَسْتُ بِداعِ غَيْرَهُ عِنْدَ كُرْبَةٍ / إِذا لَمْ يُفَرِّجْها فَلا فُرِّجَتْ عَنِّي
كَفى بِسَعِيدٍ فِي النَّوائِبِ مُسْعِداً / سَيَبْلُغُ مِنْها فَوْقَ ما بَلَغَتْ مِنِّي
فَتىً لَيْسَ كَالْمُزْنِ الْهَطُولِ بَنانُهُ / وَلكِنَّهُ أَنْدى بَناناً مِنَ الْمُزْنِ

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025