المجموع : 67
يَقَرُّ بِعَيْني أنَّ قَلْبِيَ ما قَرّا
يَقَرُّ بِعَيْني أنَّ قَلْبِيَ ما قَرّا / نِزاعاً إلى مَنْ لوْ سَرى طيْفُها سِرّا
قُصارَايَ قَصْرُ النفسِ فيها عَلى الهَوى / هَواناً وقَتلُ الصّبرِ في إثرِها صَبرا
وَقَوْلي عَلى قُرْبِ المَزارِ وبُعْدِه / سَلامٌ وإن حيّيْتُ منْ ربعِها قَفرا
عَفَاهُ وَما أَعْفاهُ إزْماعُها النّوى / فأصبَحَ إِلا من طَوافي بِها صِفْرا
وَعَهدِي به يَنْدى نَعيماً ونضْرَةً / فَيُولي الصَّبا نشراً ويُوفي الضُّحى بِشرا
ألَمْ يَكُ لِلآمالِ كَعْبَةَ حِجِّها / وكان لذي الأوْجالِ في حِجرِهِ حِجرا
جَديرٌ بِلَثْمي واسْتِلامي جِدارُهُ / وَركناه عُرْفا عدّه الحبُّ أَوْ نُكْرا
فَلا عيدَ مَا لم تُسعِدُني بعَوْدَةٍ / وأنّى يَؤُمُّ القَصْرَ من يَمم القَبْرا
فَتَاةٌ أفَاتَتْهَا الليالِي غَوادِراً / وَغادَرْنَني مِنْ بعْدِها مُغْرماً مُغْرَى
أُسِرُّ هَواها ثُمَّ أَجْهَرُ مُفْصِحاً / بِهِ والهَوى ما خامَرَ السرّ والجَهْرا
مِنَ العُفرِ إلا أنَّ في العفر خدْرَها / فَيا للردَى كَمْ أندُبُ العُفر وَالعفرا
إِذا أتْبعتْ ألحاظها الكسْرُ فِتْنَةً / تَضلُّ بِها الأَلبابُ فاحتَسِبِ الجَبْرا
سَلاهَا وقَلبي ما سَلاهَا بِحالَةٍ / وَفاءً تَحلاه لِمَ اخْتارَت الخَتْرا
جَرَتْ بارِحاتُ الطَّيْر لا سانِحاتُها / بِما جَرّ فيها للتّباريحِ ما جَرَّا
تَعَهّدَها كَرُّ الجَدِيدَيْنِ بالبِلَى / فَيَا كَرْبَ نَفسي المُسْتَهامَة ما كَرَّا
نَعِمنا فُواقاً رَيثَما فَوّقَا لَنا / سِهَاماً أصابَتْنا بِما قَصَمَ الظَّهْرا
وَما كانَ إِلا للرّحيلِ إيابُها / كَذا القر يَا للناسِ لا يُنْسِئُ القَفْرا
كَفيلٌ بِشُكري ذِكرُها فَكأنَّما / تُدارُ عَلى المُشتاقِ أنباؤُها خَمْرا
ومِن سَدَرٍ أضْلَلْتُ فِيها مَرَاشِدي / أبَاحِثُ عَن أتْرابِها الضَّالَ والسِّدْرا
وأَذكُرُ بالرَّوْضِ الأرِيضِ وَما حَوَى / تَنَفّسها والقَدَّ والخَدَّ والثَّغرا
دَعاني وأَعْلاقَ العلاقَة إنَّما / دَعاني لَها أنّي تَخَيَّرْتُها ذُخْرا
فُطورٌ بِقَلْبي مِن هَواها مَنَعْنَنِي / وأُنْسِيتُ عِيدَ النّحر أن أَذْكُر الفِطْرا
وَعِنْدِي الْتَقى الضِّدَّانِ ماءٌ ومارِجٌ / وَسَلْ كَبِدي الحَرَّى تُجِبْ مُقْلتِي العبرَى
بَرَمْتُ بِهَجْرِ دَاوَل الوَصْل بُرْهةً / وقَد أبْرَمَتْ لِلْبَيْنِ مَا حَبّبَ الهَجْرا
هَلِ العَيْشُ إِلا أن أغازلَ غَادَةً / يُحَاسِن مَرْآها الغَزالَةَ والبَدرا
وَأسكُنُ مِنها قاطِفاً ثَمَر المُنى / إلى سَكنٍ كالرّيمِ لم يَرمِ الفِكرا
غلبتُ عليها منْ رَداها بِأغلَب / فَما بِيَدي مِنها الغداةَ سِوى الذكرى
ولَوْ أنَّ ما لا يُستَطاعُ أعادَهَا / تَجشّمتُ أمراً في إعادَتِها إمْرَا
ولُذْتُ بِيَحْيى المُرْتَضَى أسْتَعينُهُ / فأحْدقُ بي أنجادُه جَحْفلا مُجرى
أحَقُّ مُلوكِ الأرْضِ رَأياً وَرايَةً / بِفَوْز ونَصر لاعَدا الفوْزَ والنّصْرا
إلَيْهِ انتَمَى فَضْلُ الأئِمَّة وانتَهى / مَساعِيَ لِلدُّنْيا تُقَدَّمُ لِلأخْرى
فَمنْ يكُ زانَ الأمرُ والنّهيُ حالَه / فتِلكَ حُلاه زَانَتْ النّهْيَ والأمْرا
جَريئاً حريا بِالْخِلافَة مُجْمعاً / عليْهِ فبُشرى الدّين بالأجرأ الأحرَى
حَبَا وحمَى طوْلاً وَصَوْلاً تَكَافَآ / فَما أسأرتْ عَلْياه عُسراً ولا ذُعرا
إذا دَعَت الحَرْبُ العَوانُ بِعَزْمهِ / ولبَّى صَداها فارْقُب الفتكَةَ البِكْرا
تَسَنّى لَه في البَرِّ والبَحْرِ ما نَوى / سَعَادَةُ جدٍّ أخْدمَ البَرَّ والبَحْرا
فمَا ينْهرُ الليْلُ النّهار إذا مضَى / لِبُغْيَتِه قُدْماً ولا السَّنةُ الشّهرا
تُفاتِحُه الأعْوامُ بالفَتحِ خِدْمَةً / وَيَسبقُ في مَرْضاتِهِ العَجُزُ الصّدْرا
وللّهِ حَوْلُ الأرْبَعِينَ فلَمْ يَزَلْ / بِه حالِياً بُشْرى تظاهره بُشرى
تَرَى أوَّلاً مِنْهُ يُنافِسُ آخِراً / وحسْبُ الليالي ما يُطوِّقُها فَخْرا
فإن دَوَّخَتْ فيهِ العِنَادَ جيادُهُ / فقَد نَسَفَتْ فيهِ سَفائِنُه الكُفرا
سَوابِحُهُ عَمَّ الأعادِيَ عَدْوُها / بَوَاراً وأسمَى السَّعْي ما انتَظَم البَرَّا
فَمِنْ مُقْربَاتٍ جَاستِ السَّفْعَةَ الغَبرا / ومِن مُنْشآتٍ جَابَت الأبْحُرَ الخَضْرا
سَمتْ لأسَاطِيلِ النّصارَى فقُهْقِروا / لِتَصْويبِها مسْتيقِنين بِها القَهْرا
وَرَامَتْ ليوثَ الروم فُتخاً كَواسِراً / فَما وَجَدُوا نَصراً وَلا عَدِمُوا هَصرا
أَراقَتْ عَلَى الدأماءِ حُمْرَ دمائِهم / فَراقَت شَقيقا في البنَفسج مُحْمرّا
عَلى القِدِّ والقَيد التَقَت ثَمَّ هَامهُم / وَأَيديهمُ لا تُنكِر القَتل والأَسرا
ولَيْسَ لِداء الشرْك أسْوٌ سِواهُما / لدَى المِحرَب الماضِي إذا شَرُّه اسْتَشرى
نَتائِجُ مَولىً قَدّم البرّ والتقى / وَأجْرى إلى ما سَوْفَ يُجزى بِه الأجْرا
بِغُرّته انْجَابَتْ غَياهِبُ دَهْرِهِ / وأطْلعَتِ الأيّام أوْجُههَا غُرّا
دَنا قارِياً لمّا تَباعَدا راقِياً / فيا رفْعة المَرْقى ويا سَعَة المَقرى
إيالَتُه فَضْلٌ عَلَينا ونِعْمَةً / وعيشته فيناهي النعْمَة الكُبرى
رُوَيْدَ الليالِي كَم تُصِرُّ عَلَى الغَدْر
رُوَيْدَ الليالِي كَم تُصِرُّ عَلَى الغَدْر / أتَجْهلُ إتْلافَ النّفائِس أمْ تَدرِي
تَدبُّ بِفَجْعِ الخِلِّ بالخِلِّ دَائِباً / وتَسرِي لشتِّ الشَملِ في السِرِّ والجَهرِ
وَما أَنْشَبَتْ في ضَيْغَم الغَاب نَابَها / فأفْلَتَها يَوْماً ولا ظَبْيَة الخِدْرِ
فَيا لَيتَها والهَجْرُ مُودٍ بِوصْلِها / كَفَتْنا سُرُورَ الوَصْل أوْ حَزنَ الهجرِ
وَيا لَيتَها كانَت كأَشْعَبَ في الذي / تَعَلَّمَ دون الطَّيِّ مِن صَنعَةِ النَّشْرِ
فَلَم يَسْتَفِد لُطف التهدِّي إلى الأذى / ولم يعْتَمد عُنْف التَصدِّي إلى الضُّرِّ
لَقد أَثْكلَتْني خُلّةً طَعَنَتْ بِها / ولَكِن أَقامَتْ بعدَها لَوْعَة الصّدْرِ
ذَوَتْ غُصناً مَاءُ النّعيم يُميلُه / بِملْء الحَشايا والحَشا وَقدة الجَمرِ
وأَسْلمَها الجيشُ العَرَمرَمُ للرَّدى / كأن لَم تكُن أحْمَى مِن النجمِ الزُّهرِ
يُذَكِّرُ فيها الشَّمْس والبَدْر كُلّما / رَميْتُ بلَحْظي طلْعة الشَّمس والبَدْرِ
هَوَتْ في الثَّرى وَهْي الثرَيا مكانةً / فَلَهفي لمَا ساء الهَوى آخر الدَّهْرِ
حَنينِي لأحْداثٍ أَطافَتْ بِرَسْمِها / كأَصْدافِ دُرّ لَم تَرِمْ ساحِلَ البَحْرِ
وحَجِّي إلَيْها واعْتِمارِي جَعَلته / وَذاك لَعَمري مُنتَهى شَرَف العُمْرِ
أعِدْ نَظَراً فيما دَعانِي إِلى الأسى / وَما عادَنِي في عِيدي الفِطر والنَّحْرِ
تَجِدْنِيَ من مِيقاتِها يَا لِيَوْمِها / مهلاً ولكِنْ بالمَراثِي مِن الشِّعرِ
وَقاذِفَ دَمْعٍ كالجِمارِ مُورَّداً / إذا ما أفاضَ الناسُ فاضَ عَلى النَّحْرِ
وَلا تَلُمَنِّي أن حَلَلْتُ مُقَضِّياً / مَناسِكَ أشْجانِي وضَحَّيتُ بالصَّبرِ
فَقَلْبِيَ لَو رَامَ السلُوَّ ثَنيَتُه / عَن القَرِّ ما بينَ الضُّلوعِ إلى النَّفْرِ
وفاءً بِعَهْدٍ لا أُخِلُّ بِحِفْظِه / إلى عرْضَة الأمواتِ في عرْصة الحَشرِ
أَوائِل فَتْحٍ ما لَهُنَّ أَوَاخِرُ
أَوائِل فَتْحٍ ما لَهُنَّ أَوَاخِرُ / تَرَامَتْ بِها جُرْدٌ وَفُلْك مَواخِرُ
فَتِلكَ تُؤَدّيها قِفارٌ بَسابِس / وَهَذِي تُزَجِّيها بِحارٌ زَواخِرُ
سَوابِحُ إلا أنَّ بَعْضاً حَوامِلٌ / وبَعْضاً مِن الرَّكْضِ الحَثيثِ ضَوامِرُ
يَعُمُّ الذي خُصتْ به منْ تهانِئ / فَلا بَشرٌ إلا ازْدَهَتْهُ البَشائِرُ
وَأسْنَى الفُتُوحِ الطَّالِعاتُ سَوَافِراً / ولم تَتَلَثَّم بالقَتَامِ العَساكِرُ
ولا دَلَفَتْ للحرْبِ أُسدٌ خَوادرٌ / تَطيرُ بِها في النقعِ فُتخٌ كَواسِرُ
يَجودُ بِها المِقْدار دونَ رَويَّةٍ / وَيَفْتَنُّ سَبْقاً في البَديهَة شاعِرُ
وَما الماءُ فَوّاراً بغيْرِ احْتِفارهِ / كآخرَ تَفْرِي الأرْضَ عنْهُ المَحافرُ
تَعَوَّدَ يَحْيَى المُرْتَضى دَرَك المُنى / ولا هُزّ خَطِّيٌّ ولا سُلَّ بَاتِرُ
فَلَوْ شاءَ ما التَفَّتْ عَلَيهِ مَيامِنٌ / ولَوْ شاءَ ما التَفَّت عَلَيهِ مَياسِرُ
وَمن حارَبَتْ عنه السُعودُ فَمَا لَهُ / يُشاوِر آسادَ الوَغَى ويُسَاوِرُ
تَظَاهَرَ شَرْعاً بالحُماةِ وإنَّما / تُظَافِرُه أيّامُه وتُظَاهِرُ
كآرائِهِ رَايَاتُهُ في عُلوُهِّا / لَها خالِدُ الإقْبالِ إلفٌ مؤَازِرُ
تُحاذِرُ أَمْلاكُ البَسيطَة صَوْلَهُ / ويَأمَنُ مِنْ صَوْلاتِها ما تُحاذِرُ
كَفاهُ اتِّصافاً بالْكِفَايَةِ أنّهُ / مِن اللَّهِ مَنْصورٌ وللَّهِ ناصِرُ
هُوَ القائِمُ الهادِي بأيْمَنِ طائِر / فَمَا بِحِمَى الإِسْلام للشرْكِ طائِرُ
أطَلّ على الآفاقِ وهيَ بَلاِقعٌ / فعادَتْ مِنَ التّعميرِ وهيَ عَمائِرُ
وسَاسَ الرّعايا والنفوسُ شَوارِدٌ / تناكَرُ ضِغْناً والقُلُوبُ نَوافِرُ
فَيَا حُسْنَ ما صاروا إلَيْه بِسعْيِه / وتَحْسُنُ بالسّعْي الكريمِ المَصائِرُ
تَصافَى بِما أوْلاه دَانٍ ونازِحٌ / وأَثَّ على مَسْعاهُ بادٍ وحاضِرُ
وحَفَّ بِهِ للسَّعْدِ جُنْدٌ مُجَنَّدٌ / فَذَلَّتْ أعاريبٌ لَهُ وبَرابِرُ
بِحَسْبِكَ في هوَّارَةٍ وزَنَاتَةٍ / وقائِعُ هابَتْها سُلَيْم وعامِرُ
تُعادُ إلى النَّحْر الوَحِيَّ قُدومُها / بِما عَظُمَتْ آثارُها والجَرائِرُ
سَيَحْمَدُ ما أبْلَى نَداهُ وبَأسُهُ / صُفوفُ البَرايا يَوْمَ تُبلَى السَّرائِرُ
رَبِيعاً ثَنَى الأزْمانَ فالظلُّ سَجْسَجٌ / يَفيءُ على الضّاحين والرَّوْضِ ناضِرُ
لَقَدْ شادَ رُكنَ الحقِّ منه حُلاحِلٌ / وشَدَّ عُرَى الإيمانِ منْهُ عُراعِرُ
تَكفُّ سطاهُ الليثَ والليثُ هاصِرٌ / وتَكفِي لهاهُ الغَيثَ والغَيثُ هاجِرُ
أمدُّ الوَرَى في كلِّ صالِحَةٍ يَداً / وحَسْبكَ خافٍ مِنْ ثناهُ وظَاهِرُ
تَبَحْبَحَ في العَليا فَطَابَتْ شَمائِلٌ / مُقَدَّسةٌ مِنْهُ وطَابَتْ عَناصِرُ
مُكِبٌّ على خوْضِ الخِطارِ وإنَّما / يَنالُ خَطِيراتِ الأُمورِ المُخاطِرُ
يَمِيدُ ارْتِياحاً كلَّما غنّتِ الظُّبى / ومُدَّتْ مِنَ النّقْع المُثارِ سَتائِرُ
كعادَتِه إن قَام يَشْعُرُ نَاظِمٌ / بِأمْداحِهِ أو قامَ يَخْطُبُ ناثِرُ
تَقَاصَرَ عَنْهُ مَنْ تَطاوَلَ قَبْلَهُ / وأينَ مِن الشمسِ النجومُ الزَّواهِرُ
خِلافَتُهُ أوْدَت بِكُلِّ مُخالِفٍ / فَلا ثائِرٌ إِلا غَدا وهو بائِرُ
كأَنَّ عَلَيْهِ لِلْمقادِر رَغْبَةً / فَما قامَ إلا أقْعَدَتْهُ المَقَادرُ
بِها نَسَخَ الرُّشْدُ الضَّلالَةَ ماحِياً / وَهلْ تَثْبُتُ الظَّلماءُ والصُّبحُ باهرُ
تَحَرَّى وَلِيُّ العَهْد فِيه سَبيلَهُ / يُقَاسِمُه أعبَاءَها ويُشَاطِرُ
لئِن ظلَّ يوْمَ الحرْبِ للسيْفِ شَاهِراً / لَقَدْ بَاتَ لَيْل السلم والطّرْفُ سَاهِرُ
أبَى سُؤْدَداً إلا الحَزَامةَ سِيرَةً / يُرَاوِحُها ثَبْتَ الحِجى وَيُباكِرُ
سَجَايَا كِرامٍ أوْرَثوه كِرامَها / فبَعْضُ مَساعيهِ العُلى والمَآثِرُ
لَكَ الخَيْرُ أنْ شَرَّفتَهُ بولادَةٍ / فَما تَلِدُ الأخيارَ إلا الأخايِرُ
وإنْ تَتَعَهَّدْ بالخِلافَة ناظِراً / إليهِ فقَدْ قرّتْ بذاكَ النَّواظِرُ
هُوَ النُّور حَقاً والهُدى شدّ ما اقْتدَى / بِها حَائِدٌ ضَلَّ السبيلَ وحَائِرُ
حَبَتْ وَسْمَها دُونَ الأئِمة واسمَها / إمَاماً إذا سَمّتْهُ تُزْهَى المَنابِرُ
تَحَلَّى منَ الإخْباتِ أزْينَ حِلْيَةٍ / لِتَنْعَم أبْصارٌ لها وبَصائِرُ
فلا جامحٌ إلا لِعَلْياه جَانِحٌ / ولا صَائِلٌ إلا لِمَثْواه صَائِرُ
هَنيئاً مَريئاً لِلْمرِيَّة أنْ أَوَتْ / إلَى مَظْهَر تَنْحَطُّ عنْهُ المَظاهِرُ
تَبَرَّأَ مِنِّي وَيَحِيَ النَّظمُ والنّثْرُ
تَبَرَّأَ مِنِّي وَيَحِيَ النَّظمُ والنّثْرُ / فَلا خُطْبةٌ مِما أُجيدُ ولا الشعْرُ
وأَيْأَسَني مِنْ ذا وذاكَ تَبَلُّدي / وَما لامرِئ ذنْبٌ إذا وَضَح العُذْرُ
تُهابُ السُّيوف البيضُ والأُسُل السمْرُ
تُهابُ السُّيوف البيضُ والأُسُل السمْرُ / وأقْتلُ مِنْهُن الغَلائِلُ والخُمْرُ
أما تِلْك صَرْعاها تَعِزُّ نَجَاتُها / وَكَمْ قد نَجا مَنْ يصْرَع الدّعْس والهَبْرُ
بِها فَتَنَ الأَلْبابَ حُسْنُ مَنَاظِرٍ / لَهَا طُرَرٌ سُحْمٌ لها غرَرٌ زُهْرُ
ولينُ قُدُودٍ يُوجَدُ النَّوْر والجَنَى / لَدَيْها ولكِن يُعدَمُ العطفُ والهَصْرُ
بكَتْ لِبُكائِي المَالِكِيّةُ فَالتَقَى / بِحُكمِ النَّوى الياقوتُ أحمَرَ والدُّرُّ
وَمَا زَوَّدَتْنِي غيْرَ إيماءةٍ كَفَتْ / وَحَسْبِيَ عُرْفٌ لا يُقَابِلُهُ نُكْرُ
عَجبْتُ لها رَاضَ الوَداعُ جِماحَهَا / وَعَهْدِي بِها غَضْبَى تُزارُ فَتَزْوَرُّ
وَقدْ سرّها في صدقِيَ السرَّ أنَّ لي / بِقَلْبِي لَهَا ما لا يُحِسُّ به الصّبْرُ
لَهَانَ عَلَيَّ الصَّعْبُ في حُبِّ عمرَةٍ / وإنْ غاب في أعقابِ رِحْلتها العُمرُ
يَقُولونَ أتبعْت الصّبا آهَةَ الهَوَى / فقُلْتُ ارْتِشافُ الرّاح يتْبعُهُ السُّكْرُ
صَبَرْتُ إِلى أن أَوْمأَتْ بِسَلامِها / فلمَّا استَقَلَّ الرّكبُ أسلَمَني الصَّبرُ
ومِنْ أيْنَ أو كَيْفَ التَّجَلُّدُ للنَّوَى / ومَدُّ الأسى في القَلْبِ لَيْس له جَزْرُ
حَيَاتِيَ هَجْرٌ كُلُّها وقَطيعَةٌ / أما آن أنْ تَفْنَى القَطيعَةُ والهَجْرُ
إِذا لَم يَكُن في صَبْوتي الهَوْنُ نافِعي / فَتَاللَّهِ ما في سَلْوَتِي ضَائِري الكِبْرُ
فَخَرْتُ بقرْبِ العِزِّ مِنْ حَضْرَة العُلى / وَلَولا مكانُ القرْبِ عَزَّنِيَ الفَخْرُ
فَإنْ عُدَّ بَيْتِي في قُضَاعة أوَّلاً / فَمَنْ عُدَّ مَوْلاها هُوَ الماجِدُ الحُرُّ
عَلَى أنَّها جُرْثُومَةُ اليَمَنِ التي / لها في بَنِي عَدْنَانَ الحلفُ والصِّهرُ
لَقَدْ كرمتْ في حالَتَيْها مَغَارِساً / فطال وطابَ النجْلُ ما شاءَ والنجْرُ
صَفَتْ جَوْهَراً مِنها تَميمٌ وصوفةٌ / وَزادتْ عُلىً عنْها كِنانَة والنّضْرُ
وَأَجْمَعُ بَأوٍ في إخاء مُجَمَّعٍ / كَفَانَا انتِخاءً أنَّ إِخْوَتنَا فِهْرُ
كَألْسُنِنا أسْيافُنا فِي مَضَائِها / فلا خُطْبَةٌ حَتَّى نَقُومَ ولا شِعْرُ
وكَمْ سُؤدَدٍ فينا تَرَدَّدَ مَحضُه / ومَجْدٍ أَبَى إبلاءَ جِدّتِهِ الدَّهْرُ
لَنَا آخِذُ المِرْباع قَبْلَ رَبيعَةٍ / فأَنَّى لبَكرٍ أنْ تُفاخرَنا بَكْرُ
ومنّا الذي أرْضى النبوَّة مَنْطِقاً / وأطْلَعَهُ بَدْراً بأفْقِ الوَغى بَدْرُ
جَحَاجِحَةٌ غُرُّ الوجوهِ صِبَاحُهَا / ألا بِأبِي تِلْك الجَحَاجِحَةُ الغُرُّ
يَمانُونَ في أيْمانِهِم مُلْتَقى العُلَى / سَماحٌ إذا قَرَّوا وَبَأسٌ إذا كَرُّوا
سِرَاعٌ بِطاءٌ لِلْحَبَاء وفي الحُبَى / فقُل أجْبلٌ شُمٌّ وقُلْ أبحرٌ خُضْرُ
مِنَ العَرَب العَرْباءِ في سِرّ يَعْربٍ / صَفَا للمَعالي مِنْهُمُ السِّرُّ والجَهرُ
أقَامُوا مُلوكَ الجاهِلِيّة عَصْرَها / وَما ازْدانَ في الإسلام إلا بهِمْ عَصْرُ
بِهِم شُدَّ لِلإيمانِ أَزْرٌ وسَاعِدٌ / وهُدَّ بناءُ الكُفرِ حتَّى هَوَى الكُفرُ
وَهُم فَتَحُوا الآفاق طراً فأصْبَحَتْ / تُؤَدِّي جِزاها القِبْطُ والفُرْسُ والصُّفرُ
ولَوْلاهُمُ بَاد الشآمُ وأهْلُهُ / ولَم يَتَبوّأْهُ ابنُ صَخْرٍ ولا صَخْرُ
قَضَوْا نَحْبَهم بين الأسِنَّة والظُّبى / وقَد خامَ عَنها عامِر ونَبا عَمرو
وَطالَ عَلَى حُمر المَنايا ازْدِحامُهُمْ / أَمَا نَبَّأْتَهُم أنَّ مَوْردها مُرُّ
يَعُدُّونَ غيرَ الموْتِ غَمْصاً علَيهمُ / فلَيسَ لَهُم إِلا بمَعرَكةٍ قَبْرُ
وَلوْ أن يَحْيَى المُرْتضَى أُنِسئوا مَعاً / لِخِدْمَتِهِ لَمْ يُنْسَ يَوْماً لَهُمْ ذِكْرُ
أولَئِكَ قَوْمي جاد تُرْبَهُمُ الحَيا / وَهَذا إِمامِي لا عَدا نَصله النّصْرُ
بِسُدَّتِهِ العَلْيَاءِ سُدْتُ فَمَنْزلي / بحيثُ استطارَ القلبُ أوْ رَفْرَفَ النسرُ
وعَن غُرةِ الإصباحِ غمَّضْتُ إِذ غَدَا / لغُرتِّه الإصباحُ مُذ بَدا والفَجرُ
وأَنمُله استَسقَيتُ لا البَحرَ زاخِراً / ولا المُزنَ أين المُزْنُ منهُنَّ والبَحرُ
سُمُوّاً إلى العليا لنفسٍ مَتَى وَنَت / عنِ الغايَةِ القُصوَى فَلَيْسَ لَها عُذرُ
تُحاوِلُ ما فوقَ الثرَيا براحَةٍ / تُطاوِل سُمر الخِطِّ أقلامُها الصُّفْرُ
سَواءٌ لدَيها الوَصْم وَالمَوت لا تَرى / سِوى الصَّومِ والإمساكِ ما يَوَّمَ الفِطرُ
وما أنا مِمن يرتَضِي القُلَّ مُقتَنىً / وَمَوْلايَ لا يُرضِيهِ أَفضالُهُ الكُثرُ
تَقَبَّلْتُ مِنهُ الوِترَ في كلِّ سُؤدَدٍ / مَواهِبُهُ شَفعٌ ونُجعَتُهُ وِتْرُ
فَمَنْ ضَامَهُ دَهرٌ وأَلوَى بِوَفْرِهِ / فَمِنِّي له نَصرٌ وعِندِي له وَفْرُ
وأُبرِئُ مَن يَشكُو وإن شَفَّنِي الضّنَى / وأنفَع مَنْ يَرجو وإنْ مَسَّنِي الضرُّ
تَحَلَّتْ بِعَلْياكَ الليالِي العَواطِلُ
تَحَلَّتْ بِعَلْياكَ الليالِي العَواطِلُ / وَدانَتْ لِسُقياكَ السّحابُ الهَواطِلُ
وَما زِينَةُ الأزْمانِ إلا مَنَاقِبٌ / يُفَرِّعُها أَصْلانِ بَأسٌ وَنائِلُ
إِذا الصَّوْلُ وَالطَّوْلُ اسْتَقَرّا بِرَاحَةٍ / تَرَقَّتْ لَها نَحْوَ النُّجُومِ أنامِلُ
وَمَنْ دَانَ هَذا الدّينَ حَقّاً بِنَصْرِه / فَلَيْسَ له مِنْ أهْلِ دُنْيَاهُ خاذِلُ
لَكَ الخَيْرُ هَذِي العُجْمُ وَالعُرْبُ تَغْتَدِي / بِهَا مُنْشَآتٌ أو تَرُوحُ رَوَاحِلُ
تَمَلَّكَها رغْبٌ وَرعْبٌ مُخَامِرٌ / فَرُسْلٌ عَلى حُكْمِ المُنى وَرَسائِلُ
وَرَدَّ عَلَى رَغْمِ الأنُوفِ وُجوهَهَا / إِلَيكَ أَساطيلٌ سَطَتْ وَجَحافِلُ
أمَا ومَغازيك التِي دُونَ مَحْوِها / وقَائِعُ خَطَّتْها القنَا والقَنَابِلُ
لقَد زُرْتَ أرض الشّركِ وهيَ مَعالِم / فَقَوَّض عَنْها الجَيْشُ وهيَ مَحَامِلُ
كَفَيْتَ الهُدى مَحْذُورَهُ وَكَفلْتَه / فَلا ريع كافٍ منْكَ يَرعَاهُ كافِلُ
وَمهَّدتَ أكْنَافَ البَسيطَةِ باسِطاً / ظِلالَ أمَانٍ لَيسَ مِنْهُنَّ زَائِلُ
فَلا خَائِفٌ إِلا بِمَثْوَاك آمِنٌ / وَلا آيِس إلا لجَدْواكَ آمِلُ
هَنِيئاً لكَ التَّمْكينُ دَهْرك حَافِدٌ / يُجيبُ إذا تَدْعُو ودرّك حافِلُ
فَعِلمٌ كَمَا عبَّتْ بِحَارٌ زَواخِرٌ / وحِلمٌ كَما قَرَّت جبَالٌ مَوَاثِلُ
إلَى غَضِّ آدابٍ لَو الرَّوضُ نالَها / لَكانَ مُحالاً أنْ يُرَى وهْوَ ماحِلُ
إِذا عَرَضَتْ قُلتُ السّطُور أزاهِرٌ / تَرِفُّ نَعِيماً وَالطروسُ خَمَائِلُ
أبَى بِلُبَابِ السّحرِ إِلا تَلَفُّظَاً / كَمالُك يُنَبِي أنَّ تُونسَ بَابِلُ
وللَّهِ تِبيانٌ سَحَبْتَ ذُيولَه / فأَوَّلُ مَنْ أزْرَى بِسُحْبَانَ وائِلُ
كَما بَادَرتْ وَأداً بنِيَّاتِ قُسِّهَا / إيَادٌ وَهُنَّ الآنِسَاتُ العَقَائِلُ
يَراعٌ وَأَسْيَافٌ تصرفُ طاعَةً / لأمرك كُلٌّ قاصِدُ الحُكْمِ فَاصِلُ
وَما النَّيِّرُ الوَهَّاجُ غيْرُكَ غُرةً / بآيَة ما تَنجَابُ عَنْهَا الظَّلائِلُ
لأوَارِهَا تُبدِي ذُكاءُ تَضاؤُلا / وَلا نُورَ إلا دُونَها مُتَضَائِلُ
كَمالاتُ يَحيى المرتضَى نقْصُ من مضَى / فكَيفَ ادَّعَت فَضلَ الذَّواتِ الأوائِلُ
تَحَصَّل هَذا إذْ تَأصَّلَ لِلنُهَى / وَهَلْ يُبتَغَى بالبَحثِ ما هُوَ حاصِلُ
إمَامُ هُدىً أعداؤُهُ لِسُمُوِّه / عَلَيهَا أمَانٌ والحُتُوفُ غَوَائِلُ
فرفْعٌ ونصْبٌ في الجُذوعِ بما جنَتْ / وجرّ تُوالِيه إليْهَا السَّلاسلُ
وتَقَنَأ طَعْناً في نُحُورهمُ القَنَا / وفي هَامِهم ضرْباً تَصِلُّ المنَاصِل
وَليداً وكَهْلاً أحْرَزَ المَجْدَ وَالْعُلى / لَهُ مِنْهُما إِرْثاً سَنَامٌ وكَاهِلُ
وَما فَارَقَتْ في السِّلم والحَرْب ما انْتَحَى / مَقَاصِدُ فاروقِيَّةٌ وشَمَائِلُ
حَمَى وحَبَا فالسيِّدُ الجَعْدُ بَاخِعٌ / لِسُلطانِهِ والصّيِّبُ والجُودُ بَاخِلُ
ومَنْ لِنُفَيلٍ مِنْ عَدِيٍّ نِجَارُهُ / فَمِنْ رَاحَتَيْه تَسْتَهِلُّ النَّوَافِلُ
عَلَيهِ صَلاةُ اللّهِ مَا مَتَعَ الضُّحَى / وَما جَنَحَتْ تُصْبِي صَبَاهَا الأصائِلُ
أمَا نَجلَ الخَطَّابُ مِنْه مُظَاهِراً / أبَا حَفْصِهِ للّهِ نَجْلٌ ونَاجِلُ
قَرِيعُ بَنِي فَهْرٍ يُقَارِعُ دُونَها / أعَادِيها والباسِلُ الذِّمْرُ نَاكِلُ
لُؤَيُّ قُرَيْشٍ عَاقِدٌ لِلِوائِهَا / ويَحْيَى لَهُ دُونَ الأَئِمَّةِ حَامِلُ
لَقَدْ مَنَحَ اللّهُ القَبُولَ بِنَيْلِهِ / لذلِكَ مَا التَفَّتْ عَلَيْهِ القَبَائِلُ
تَهَادَتْ بِهَاديها الخِلافَةُ نَخْوَةً / لأن حَل منْهُ ذَرَاها حُلاحِلُ
هُو البَحْر مَعْروفاً وَمَعْرِفَةً فَهَلْ / يَخيبُ عَلى العِرْفانِ والعُرْفُ سابِلُ
تَصونُ بُيوتُ المالِ عندَ سِواه ما / حَوَتْ وبجَدواه تُذالُ الوَذائِلُ
علَى وَسْمِهِ أمْضَيْتُ فَأْلِيَ وَاسمُه / فَلا ونَدَاه الغَمْر ما الفَأْلُ فائِلُ
جَزَى اللّهُ ذَاكَ الفَضْلَ أفْضَلَ مَا جَزى / فَعَنْ طوْلِهِ المَذْكُورِ تُنْسَى الطَّوَائِلُ
ولا زالَ في الأعْلَى سَلامَةَ مَنْطِقٍ / يَرى مَا رأَى في نُطْقِهِ الراءَ واصِلُ
تَغَمَّدْتَ صَفْحاً عَثْرَتِي وإقَالَةً / فَمَا أنَا في تِلْكَ الإقَالَةِ قَائِلُ
وَأَوْرَثَتْنِي إثْرَ الخُمُولِ نَبَاهَةً / وَمَا يَسْتَوِي قَدْرَاً نَبِيهٌ وخَامِلُ
حُلَى ذِي اتِّئَادٍ وازْدِيادٍ مِن العُلَى / تُفَضِّلُهُ في العَالمِينَ الفَوَاضِلُ
مَتَى آدَ ثِقْلُ الدَّيْنِ عاتِقَ مَعْشَرٍ / فَغَيْرُك عَنْ إِعْتَاقِهِ مُتَثَاقِلُ
وَأَيّ امْرِئ شَفّ الصّدى وَوَبَالُه / فَلَمْ يَشْفِهِ مِنْ جَودِ جُودِك وَابِلُ
أَلا لِيَمُتْ غَيْظاً بِما شِمتَ شامِتٌ / فَنَوْلُكَ نَامٍ وَاشْتِمَالُكَ شَامِلُ
تَنَاوَلَتِ المَرْأَةَ وَهيَ صَقِيلَةٌ
تَنَاوَلَتِ المَرْأَةَ وَهيَ صَقِيلَةٌ / تَأَمَّلُ وَجْهاً دُونَه ذلِكَ الصَّقْلُ
فَلَمَّا تَنَاهَتْ أوْدَعَتْها غِشَاءَها / وَقَدْ حَدَّثَ القُرْطانِ واسْتَمَعَ الحِجْلُ
فَشَبَّهْتُهَا بَدْراً عَلاهُ خُسُوفُهُ / فَأَظْلَمَ منْهُ ما أنارَ لَهُ قَبْلُ
أُسَلِّمُ لِلْمَقدورِ ثُمَّ أسَلِّمُ
أُسَلِّمُ لِلْمَقدورِ ثُمَّ أسَلِّمُ / ويَظْعَنُ جُثْمانِي وقَلْبي مُخَيِّمُ
تَجَاذَبَهُ أمْرَانِ مُرَّانِ فاعْجَبَا / غَرَامٌ صُراحٌ واعْتِزامٌ مُصَمِّمُ
بِعَيْشِكُما لا تُثْقِلاهُ مَلامَةً / فَمَا خَفَّ حَتَّى طالَ منْهُ تَلَوَّمُ
وَلا تُوئِسَاهُ مِنْ نَجَاحِ رَجائِهِ / فَلِلدَّهْرِ فِي عُقْبَى العُبوسِ تَبَسُّمُ
وَإنَّ لَهُ بالنَّاصِرِيَّةِ نَاصِراً / يَفُلُّ خَميسَ البُؤْسِ وَهوَ عَرَمْرَمُ
وَتَمضِي كَما تَمْضِي السُّيوفُ سُيوبُهُ / فَتَنْكُلُ عَنْهُ النَّائِباتُ وتُحْجِمُ
بِرَغْمِيَ أزْمَعْتُ المَسِيرَ عَنِ العُلَى / وَصَرْفُ الليالي لِلْمُحِبيِّنَ مُرْغِمُ
فَما حَسَدَ التَّبْريحَ إلا تَلَهُّفٌ / وَلا غَبَطَ التَّوْديعَ إِلا تَنَدُّمُ
دَعانِي لِتَرْحالي اضْطِرارٌ وَلَمْ يَزَلْ / يُحَلِّلُ مَا أضْحَى عَلَى المَرْءِ يَحْرُمُ
ولَوْلا أُطَيْفَالٌ طَواهُم طَواهُمُ / فَأعْظَمُ مَا يَبْقَى جُلودٌ وَأَعْظُمُ
أَسَا في الأَسَى عادَتهم والدَتُهم / فَمَا مِنْهُمْ إلا يَتِيمٌ وَأَيِّمُ
هُمُ أبَداً هَمِّي فَلَيْلِي ألْيلٌ / بِمعْجزَتِي عَنْهُمْ ويَوْمِيَ أيْوَمُ
جَوَانِحُهُم تَذْكُو لَهيباً وتَلْتَظِي / وأعْيُنُهُم تَهْمِي نَجيعاً وتَسْجُمُ
تَخَالُهُمُ في شَجْوِهِم وانْتِحَابِهِمْ / حَمَاماً عَلى أفْنَانِهَا تَتَرَنَّمُ
وَزَجَّيْتُ أيَّامي وَرَجَّيتُ فُرْجَةً / ولَمَّا يَسِرْ مُسْرىً بِرَحْلِي ومُلْجَمُ
كَفانِي الرّضى والإذْنُ زاداً لِطيَّتِي / هُما لِيَ مَغْنىً حَيْثُ كُنْتُ وَمَغْنَمُ
وَكَمْ رُمْتُ في دارِ الخِلافَةِ أُيِّدَتْ / قَرَاراً فَأعْيَا والْمَوَاهِبُ أسْهُمُ
وكَمْ لُحْتُ مَصْدُوداً يُلَوِّحُنِي الصَّدى / وبَحْرُ نَداها مُزْبِدُ المَوْجِ خِضْرِمُ
فَإِنْ آنَ لي مِنْ بَعْد فيها تَأَخُّرٌ / فَقَدْ كَانَ لِي مِنْ قَبْل فيها تَقَدُّمُ
عَلى أَنَّنِي مِنْهَا إليَهْا تَنَقُّلي / ليُفْرَجَ بَابٌ في التَّكَسُّبِ مُبْهَمُ
ألَيْسَ وَلِيُّ العَهْدِ قِبْلَتِيَ التي / أوَجِّهُ وَجْهِي نَحْوَها وأُيَمِّمُ
عَسَى لانْتِقَالِ الحالِ نَادَتْنِيَ المُنَى / فَلا مِرْيَةٌ أَنِّي مُنادىً مُرَخَّمُ
وحَسْبِي بِهِ أَنْ يَنْعَمَ المَلِكُ الرّضى / ومازِلْتُ في شَتَّى أَيادِيهِ أنْعَمُ
خِطابٌ مِنَ الخَطْبِ الجَليلِ مُؤَمِّن / وطِرْسٌ عَلى الرّأْيِ الجَميلِ مُتَرْجِمُ
إِمَامَ الهُدْى عَطْفاً ورُحْمَى ورِقَّةً / فَشَأنُ المَوَالِي أنْ يَرِقُّوا ويَرْحَموا
وفِي مَوْرِدِي كَانَ التِفَاتُكَ وَاصِلِي / أَفِي مَصْدَرِي حاشاهُ حاشاهُ يَصْرِم
وقَدْ حَكَمَ المَجْدُ المُؤَثَّلُ والعُلى / بأَنَّ الذِي يَرْجُو نَدَاكَ مُحَكَّمُ
يَقيني هُوَ الَمَأمُولُ فِيكَ مُحَقَّقٌ / وفِي سَائِرِ الأَمْلاكِ ظَنٌّ مُرَجَّمُ
ويَا أَيُّها المَوْلَى عَلَيْكَ تَحِيَّةٌ / مُؤَبَّدَةٌ عن طِيبِها الرَّوْضُ يَنْسَمُ
بَقِيتَ تَرَى البُقْيا وكُلٌّ مِنَ الوَرَى / بِشُكْرِكَ مُغْرىً أو بِحُبِّكَ مُغْرَمُ
هَنِيئاً لَهُ عَادَى أَعَادِي إِمَامِهِ
هَنِيئاً لَهُ عَادَى أَعَادِي إِمَامِهِ / مُكَاثَرَةً وَقْعَ الحَيَا مِنْ غَمَامِهِ
قَصِيّ دَنا مِن مَشْرَعِ الجُودِ والنَّدى / فَحَيَّاهُ شامي الرّيِّ قَبلَ حِيَامِهِ
وَيَمَّمَ دَارَ المُلْكِ مُعْتَصِماً بِها / عَلَى ثِقَةٍ مِن فَوْزِهِ بِاعْتِصَامِهِ
فَلا عَجَبٌ أنْ رَاحَ يَومَ سَلامِهِ / إلَى سِلْمِ دَهْر شَجَّه بسلامِهِ
حَدَتْهُ إِلى البَابِ الكَريمِ كَرَامةٌ / تَعَرّفَهَا في سَيْرِهِ بِسَلامِهِ
أحَلَّتْهُ أعلَى تُرْعَةٍ بِاضْطِرابِهِ / وَعَلَّتْهُ أحْلَى شِرْعَةٍ في اضْطِرَامِهِ
صَنَائِعُ مَوْلىً أَصْبَحَ الدَّهْرُ عَبْدَهُ / وأَصْحَبَ حَتَّى قَادَه بِزِمَامِهِ
إِذا الشِّعْرُ لاقَى جَيْشَهَا وهو جائِشٌ / كَفَاهُ اعتِذاراً أَنَّهُ في انْهِزامِهِ
تكُفُّ القَوافي عَن تَعَرُّضِها لَه / وَهَيْهَاتَ يُحْصَى القَطْرُ عِنْدَ انْسِجامِهِ
سَحابُ نَدىً تُزْجِيهِ رِيحُ ارْتِياحِهِ / وَيُغْرِيهِ بالإلْثاثِ بَرْقُ ابْتِسامِهِ
هُوَ المَلِكُ المَيْمونُ وَجْهاً وَدَوْلَةً / يدينُ لَه بالقُرْبِ أقْصَى مَرَامِهِ
تَلَقَّتْ لِوَاءَ المَجْدِ راحتُهُ التِي / تَوَلَّتْ بِناءَ الجُودِ عِنْدَ انْهِدامِهِ
مُطَهَّرَةٌ أعْراقُهُ عُمَرِيَّةٌ / لَهَا مِنْ سِنَانِ الفَخْرِ أعْلَى سَنَامِهِ
عَلى المَجْدِ والعَليْا بَهَاءُ اعتِزازِهِ / وَللدّينِ والدّنْيَا مَضاءُ اعْتِزامِهِ
يَسُوءُ طُغاةَ الكُفْرِ كافِي فِعالِهِ / ويَأْسُو كُلومَ الدَّهرِ شافِي كَلامِهِ
عَوَاقِبَ ما يَأتِي وَما هُوَ تَارِكٌ / يَذُمُّ الذِي لَم يَعْتَلِق بِذِمَامِهِ
كَفَانِي افْتِخاراً أَنَّني مِن جَنابِهِ / بِحَيثُ تَنالُ النجم كَفُّ عُلامِهِ
أَرَى مِنْهُ بَدْرَ المُلْكِ دُونَ سِرارِهِ / وأبْصر بَحْرَ الجُودِ غَيْرَ غَرَامِهِ
حَبَا وحَمَى في عُسْرَةٍ ومَخافَةٍ / فَها أنا ذا في كَلِّهِ واحْتِرامِهِ
أَسيرُ إلَى إقْطاعِهِ في ثِيابهِ / علَى طرْفِهِ مِنْ دارِهِ بِحُسامِهِ
أَرِقْتُ أُرِيقُ الدّمْعَ يَسْتَتْبعُ الدّما
أَرِقْتُ أُرِيقُ الدّمْعَ يَسْتَتْبعُ الدّما / فَما لَبِثَ الكافورُ أن عَادَ عِنْدَما
وأنْثُرُهُ وَرْدَا علَى الخَدِّ نَرْجساً / فَتَرْنُو إِلَى نَوْرَيهِ للرّوْضِ مِنْهُما
حَنيناً لِعَهْدِ المُنْحَنَى أنْبَأَ الضّنَى / بِما قَرَّ في الأَحْنَاءِ مِنْهُ وَتَرْجَما
وَذِكْرى كَسَقْطِ الزَّنْدِ رُدّدَ قَدْحُهُ / بِسَقْطِ اللِّوَى تَثْنِي الخَلي مُتَيَّما
تَهافَتُّ فِي أعْقابِها أَريحِيَّةً / فَقالوا فَتىً فَضَّ الرّحيقَ مُخَتَّما
ألَمْ يَقْتُلُوا عِلْماً يَقيناً تَحَرُّجِي / فَكيفَ أَجَالُوا فيهِ ظَنَّاً مُرَجَّمَا
كأنِّي ولا راحٌ سِواها مُدارَةٌ / سُقِيتُ بِها الأَكْوَاب فَذّاً وتَوْأَما
أَميدُ وَيَنْهانِي الحِجَى فأطيعُهُ / كَما كَبَّتِ النَّكْبَاءُ غُصْناً مُنَعَّما
وَقيذاً رَمانِي مِن جَآذِرِ رَامَةٍ / مُصَادِفُ حَبَّاتِ القُلوبِ إِذا رَمى
كأَنَّ له ثَأراً لَدى كُلِّ رامِقٍ / فَيَنْضو لَه عَضْباً منَ اللَّحْظِ مِخْذَما
من الهِيفِ بالصَّبِّ الشّجِيِّ مُهانِفٌ / إِذا ما بَكَى وَجْداً لَدَيْهِ تَبَسَّما
يَصولُ بِسُلْطَانٍ منَ الحُسْنِ قاهِرٍ / ويَزْحَفُ في جَيْشِ الجُفونِ عَرَمْرَما
أتَى شارِعاً في الحُبِّ ما شاءَ ناسِخاً / عَلَى رَغْمِ أبناءِ الغَرَامِ ومُحْكِما
فَحَرَّمَ مِنْ بذل الشِّفاءِ مُحَلِّلاً / وحَلَّلَ مِنْ سَفْكِ الدِّمَاءِ مُحَرَّما
كَلِفْتُ بِهِ مَلآنَ مِنْ صَلَفِ الصِّبا / أُغازِلهُ ظَبْياً وأَخْشَاه ضَيْغَما
وَمَا الحُبُّ إِلا ما طَوَيْتُ جَوانِحي / عَلَيْهِ فَأبْدَتْهُ المَدَامِعُ سُجَّما
أُلامُ عَلى لَيِّ العِنانِ إِلى اللِّوَى / وأُعْذَلُ في حَوْمِ الجَنانِ علَى الحِمَى
وحَيْثُ الِقبابُ الحُمْرُ بَيْضاءُ غادَةٌ / عَقَدْتُ بِها حَبْلَ الهَوى فَتَصَرّما
أُحَلأُ عَن سَلْسَالِهَا مُتَعَطِّشاً / وأُحرَمُ مِنْ أَظْلالِها مُتَضَرِّما
ولا ذَنْبَ إلا أنْ كَتَمْتُ عَلاقَتِي / فَبَاحَتْ بِهِ نُجْلُ الكُلومِ تَكَلُّما
كَشَمْسِ الضُّحَى أرْعَى بِها أنْجُمَ الدُّجَى / وأهْجُرُ مِنْ جَرَّائِها البيضَ كالدُّمَى
تَعَلَّقْتُ مِنْها للْمَحاسِنِ رَوْضَةً / تَكَمَّنَ فيها مُرْسَلُ الشّعْرِ أَرْقَما
خَلِيلَيَّ لا أهْوَى الخَلِيَّ مِنَ الهَوَى / يُفَنِّدُ عُشَّاقاً ويُسْعِدُ لُوَّما
حُرِمْتُ وِصالَ الغِيدِ إنْ كُنْتُ لَم أَبِتْ / بِرَمْلَةَ مُغْرىً أوْ بِخَوْلَةَ مُغْرَمَا
وخِلْتُ عُهودَ الحُبِّ إنْ رُمْتُ سَلْوَةً / لِساناً مُبيناً أو ضَمِيراً تَجَمْجَما
رَعَى اللَّهُ دَهْراً خَوَّلَ الأمْنَ والمُنى / أيَادِيَ أَوْحَتْ في دُجَى العُسْرِ أنْجُما
حَدانِي إلَى نَيْلِ السَّعَادَةِ مُقتَنىً / وبَوّأنِي دَارَ الإمارَةِ مَعْلَمَا
فَلِلْغَايَةِ القُصْوَى سَمَوتُ تَشَرُّفاً / وبِالعُرْوَةِ الوُثْقَى اعْتَصَمْتُ تَحَرُّما
وشِمْتُ بِساطَ العِزِّ إذ قُمْت ماثِلاً / بِه وتَسَلَّمْتُ الفَخَارَ مُسَلِّما
أَما وإِمامٍ ما رَمَيْتُ بِنَظْرَةٍ / لِحَبْوَتِهِ إِلا رَأيْتُ يَلَمْلَما
تَجَلَّى لنا مِن حُجْبِهِ البَدْر نَيِّراً / وحَفَّ بِنَا منْ نَيْلِهِ البَحْرُ خِضْرِما
مُباركَةٌ أزْمَانُهُ وَبَنَانُهُ / تَسُحُّ نَعِيماً لا يَشُحُّ وأنْعُما
فَقُلْ في الرّبيعِ النَّضْر بِشْراً ومَبْسَماً / وقُلْ في الصَّباحِ الطَّلْقِ نَشْراً ومَيْسَما
تَعَجَّبُ مِنْهُ الطَّامِياتُ إذا حَبا / وتَنْكُل عَنْهُ الضَّارِياتُ إذا حَمَى
إلَى المُرْتَضَى يَحْيى ونَاهيكَ مَنْتَهىً / لِحَضْرَتِهِ العَلْيا وناهيكَ مُنْتَمَى
سَمَا بالمُلوكِ الصِّيد هَمٌّ أَحَلَّها / سَمَاءَ التَّرَقِّي مِنْ لَدُنْه تَهَمُّما
تُنَبِّهُ مِنْهُ في مُسهدِ خَطْبِها / سَليلَ أبي حَفْصٍ وَتَهْدَأُ نُوَّما
مُجيلُ قِداح الفَوْزِ في السِّلْمِ والْوَغَى / لِيُبْرِمَ مَنْقوضاً ويَنْقُضَ مُبْرَما
مُطِلاً عَلى الدّنيا بأوضَح غُرّة / هِي الصّبح في لَيْلِ الحَوَادِثِ مُظْلِما
تَأَلَّمَ للدّينِ الشَّعاعِ فَلَمَّهُ / أرَقَّ عَلَيْه مِنْ ظُباهُ وَأَرْحَما
فَإنْ نَظَمَ التَّوْحِيدَ عقْداً مُنَثَّراً / فَقَدْ نَثَرَ التَّجسيمَ عَقْداً مُنَظَّما
كَأنَّ سِرَاجاً ساطِعاً في جَبِينِه / إِذا مُسْرَجٌ في الحَرْبِ سَاعَدَ مُلْجَما
يُديرُ رَحاها بَاسِماً متهَلِّلاً / بِرَأْدِ ضُحاها عَابِساً مُتَجَهِّما
وأكْثَرَ ما نَلْقاهُ جَذْلانَ ضاحِكاً / إِذا ما بَكَى الخَطِيُّ في كَفِّه دَما
نَطوفُ بِمَثواه المُقَدَّسِ كَعْبَةً / فَيَمْحو خَطايانا مجلاً مُعَظَّما
ونَرْوِي أَحاديثَ الفُتوحِ مَدارُها / عَلَيْهِ صِحاحاً عَنْ قَناهُ مُحَطَّما
أَحالَ عَلى أعْدَائِهِ حَالَ دَهْرِهِم / عَجَاجاً وَراياتٍ وَنَصْلاً ولَهْذَما
فَراحَ عَلَيْهِمْ أدْهَم الليل أشْهباً / وأَضْحَى إلَيْهِم أشْهَبُ الصّبْحِ أدْهَما
لَه راحَةٌ يُعْدي مُقَبِّلَ ظَهْرِها / نَدَى بَطْنِهَا حَتَّى يَفيضَ تَكَرُّما
وإلا فَما لي باتَ مالِي مُجَمَّعاً / وَأَصْبَحَ في أيْدِي العُفاةِ مُقَسَّما
يُفيدُ فُنونَ العِلْمِ والْحِلمِ والنَّدَى / وأَحْظَى المَوَالي عِنْدَهُ مَن تَعَلَّما
إمامَ الهُدى نَاضَلْتَ عَنْ دَعوةِ الهُدَى / وقُمْتَ بِما آدَ الوَشيحَ المُقَوَّما
لَكَ الدّيْن والدّنْيا لَكَ المَجْدُ والعُلَى / تُعافِي مُنِيباً أو تُعَاقِبُ مُجْرِما
تَطَلَّعْتَ في عيدِ الأَضاحِي مُيَمِّماً / ومازِلْتَ في كُلِّ النَّواحِي مُيَمَّما
وَسَمْتَ مُحَيَّاهُ الجَميلَ بِسِيمَةٍ / صَنائِعِ إِجْمالٍ فَلِلَّهِ مَوْسِما
وأَسْرَفْتَ ما أسْرَفْتَ فيهِ تَطَوّلاً / فَأعْلَنَهُ ثَغْرُ الثَّناءِ تَرَنُّما
تَمُدُّ مُلوك الأرْضِ أعْيُنُها إلى / يَدَيْكَ تُرَجِّي ما سَحَابُكَ مُثجِما
وَتَرْكَبُ ظَهْر البَرِّ والْبَحْرِ جُنَّحاً / مَرَاكِبُها طَوْراً إلَيْك وعُوَّما
فَمِنْ مُعْرقٍ لاقَى بِبَابِكَ مشْئماً / وَمِنْ مُنْجِدٍ لاقَى بِبابِكَ مُتْهِما
وَهذِي مُلوكُ الرّومِ تُشْخِصُ رسْلَها / بِسِلْمِكَ تَبْغِي للسَّلامَةِ سُلَّما
بِطاغِيَةِ الكُفَّارِ أبْرَح ذِلَّةٍ / تُجَشِّمُهُ مِنْ حَمْلِهَا مَا تَجَشَّما
تَوَهَّمَ أنّ البَدْرَ يَحْميهِ ظِلُّهُ / وهَيْهَاتَ مَا للْكُفْرِ دُونَكَ مُحْتَمَى
وأيْقَنَ أنَّ الأمْرَ مُؤْتَمَنٌ بهِ / فَحادَ إِلى الإيقانِ عَمَّا تَوَهَّما
تَصَوّرَ تَجْهِيزَ الأَساطيلِ نَحْوَهُ / فَحَيْعَلَ بِالْمَنْجَاةِ مِنْهَا وهَلْمَمَا
وأفْصَحَ يَثْنِي خاطِباً في خِطَابِهِ / وما انْفَكَّ لَوْلا السَّيْفُ أعْجَمَ طِمْطِما
فَها هُوَ إنْ لَمْ يَحْظَ مِنْكَ بِذِمَّة / تَعَلَّقَهُ ظُفْرُ المَنَايَا مُذَمَّما
وأَخْلِقْ بِهِ ألا يَعِزَّ مُتَوَّجاً / إِذا لَمْ يَنَلْ مِنْكَ الأَمانَ مُعَمَّما
سَيَأتِي برَأسِ الكافرِ الكافِرُ الذي / يَطُمُّ عَلَيْهِ المُنْشَآتُ إذا طَما
وَيُغْزَى جَنابٌ طَالَ بِالْغَزْوِ عَهْدُهُ / ويُفْتَحُ باب كانَ للْكُفْرِ مُبْهَما
فَدُمْ أيُّها المَولى مُعاناً مُؤَيَّداً / مَتَى رُمْتَ مَغْنىً حازَهُ السَّيْفُ مَغْنَما
وسُلَّ عَلى العَادِينَ سَيْفَكَ مُنْدِماً / وَسُحّ عَلى العافِينَ سَيْبَكَ مُنْعِما
ألِمَّا بأَشْلاء العُلى والمَكَارِمِ
ألِمَّا بأَشْلاء العُلى والمَكَارِمِ / تُقَدُّ بأَطْرَافِ القَنَا والصَّوَارِمِ
وعُوجا عَلَيها مأْرَباً وَحفَاوَةً / مَصَارِعَ غَصَّتْ بالطُّلى والجَماجِمِ
نُحَيِّي وُجُوهاً في الجِنَانِ وَجيهَةً / بمَا لَقِيَتْ حُمْراً وُجُوهَ المَلاحِمِ
وَأجْسَادَ إيمانٍ كَساها نَجيعُهَا / مَجاسِدَ منْ نَسْجِ الظُّبَى واللهاذِمِ
مُكَرَّمَةٌ حَتَّى عَنِ الدّفْنِ في الثَّرَى / وَما يُكْرِمُ الرَّحْمَنُ غَيْرَ الأَكَارِمِ
هُمُ القَوْمُ رَاحُوا للشَّهادَةِ فاغْتَدَوا / وَما لَهُم في فَوْزِهِم مِنْ مُقَاوِمِ
تَسَاقَوْا كُؤُوسَ الْمَوْتِ في حَوْمَةِ الوَغَى / فَمَالَتْ بِهمْ مَيْلَ الغُصونِ النَّواعِمِ
مَضَوْا في سَبيلِ اللَّهِ قُدْماً كَأنَّما / يَطِيرُونَ في إقْدَامِهِمْ بقَوادِمِ
يَرَوْنَ جِوَارَ اللَّهِ أكْرَمَ مَغْنَمٍ / كَذَاكَ جِوارُ اللَّهِ أسْنَى المَغانِمِ
عَظَائِمُ رامُوها فَخَاضُوا لِنَيْلها / ولا رَوْعَ يَثْنيهِم صُدُورَ العَظَائِمِ
وهَانَ عَلَيْهِم أنْ تَكُونَ لُحُودُهُم / مُتُونَ الرَّوابِي أو بُطُونَ التَّهائِمِ
أَلا بِأبِي تِلكَ الوُجُوه سَوَاهِماً / وَإنْ كُنَّ عِنْدَ اللَّهِ غَيْرَ سوَاهِمِ
عَفا حُسْنُها إلا بَقايَا مَبَاسِمٍ / يَعِزُّ عَليْنا وَطْؤُها بالمَنَاسِمِ
وسُؤْرُ أسَاريرٍ تُنيرُ طَلاقَةً / فَتَكْسِفُ أنوارَ النُّجومِ العَواتِمِ
لَئِنْ وَكَفَتْ فيها العُيونُ سَحَائِباً / فَعَنْ بَارِقَاتٍ لُحْنَ مِنْها لِشَائِمِ
ويَا بِأبِي تلْكَ الجُسوم نَواحِلاً / بإِجْرائِها نَحْوَ الأجُورِ الجَسائِمِ
تَغَلْغَلَ فيها كُلُّ أسْمَرَ ذَابلٍ / وجَدَّلَ منْها كُلَّ أبْيَضَ نَاعِمِ
فَلا يُبْعِدِ اللَّهُ الذينَ تَقَرَّبُوا / إلَيهِ بإِهْدَاءِ النُّفوسِ الكَرائِمِ
مَواقِفُ أبْرارٍ قَضَوْا مِنْ جِهَادِهِمْ / حُقُوقاً عَلَيْهِمْ كَالفُرُوضِ اللوازِمِ
أصيبُوا وكانُوا في العِبَادَةِ أُسْوَةً / شَبَاباً وشيباً بالغَوَاشِي الغَوَاشِمِ
فَعَامِلُ رُمْحٍ دُقَّ في صَدْرِ عامِلٍ / وقَائِمُ سَيْفٍ قَرَّ في رَأسِ قَائِمِ
وَيا رُبَّ صَوَّامِ الهَواجِرِ وَاصِلٍ / هُنَالِكَ مَصْرومُ الحَياةِ بصَارِمِ
ومُنْقِذ عَانٍ في الأَداهِمِ راسِفٍ / يَنُوءُ بِرِجْلَيْ راسِفٍ في الأداهِمِ
أَضَاعَهُم يَوْمَ الخَميسِ حِفاظُهُم / وكَرهُمُ في المَأزَقِ المُتَلاحِمِ
سَقَى اللَّهُ أَشْلاءً بِسَفْحِ أَنِيشَةٍ / سَوَافِحَ تُزْجِيها ثِقَالُ الغَمائِمِ
وصَلَّى عَلَيها أنْفُساً طَابَ ذِكْرُها / فَطَيَّبَ أنْفَاسَ الرِّيَاحِ النَّواسِمِ
لقَد صَبروا فيها كِراما وصَابَرُوا / فَلا غَرْو أن فَازُوا بِصَفْو المكَارِمِ
وما بَذَلُوا إلا نُفُوساً نَفِيسَةً / تَحِنُّ إلى الأُخْرَى حَنِينَ الرَّوائِمِ
ولا فارَقوا والمَوْتُ يُتْلِعُ جِيدَهُ / بِحَيْثُ التَقَى الجَمْعَانِ صِدْقَ العَزائِمِ
بِعَيْشِكَ طَارِحْنِي الحَدِيثَ عن التي / أُراجَعُ فيها بالدُّمُوعِ السَّوَاجِمِ
وَما هِيَ إِلا غادِياتُ فَجائِعٍ / تُعَبِّرُ عَنْها رَائِحاتُ مآثِمِ
جَلائِلُ دَقَّ الصّبْرُ فيها فَلَمْ نُطِقْ / سِوَى غَضِّ أجْفانٍ وعَضِّ أبَاهِمِ
أَبِيتُ لَها تَحْتَ الظَّلامِ كَأَنَّنِي / رَمِيُّ نِصَالٍ أو لَديغُ أراقِمِ
أُغازِلُ مِنْ بَرْحِ الأَسى غَيْرَ بَارِحٍ / وأَصْحَبُ مِنْ سامِي البُكَا غَيْرَ سائِمِ
وأَعْقدُ بالنَّجْمِ المُشَرِّق نَاظِري / فَيَغْرُب عَنِّي سَاهِراً غَيْرَ نَائِمِ
وأَشْكُو إِلى الأيامِ سُوءَ صَنِيعِها / ولَكِنَّها شَكْوى إِلى غَيْرِ رَاحِمِ
وَهَيْهاتَ هَيْهاتَ العَزَاءُ ودُونَهُ / قَواصِمُ شَتَّى أرْدِفَتْ بِقَواصِمِ
ولَوْ بَرَّدَ السُّلْوانُ حَرَّ جَوانِحِي / لآثَرْتُ عَنْ طَوْعٍ سُلُوَّ البَهائِمِ
وَمَنْ لِي بسُلْوان يَحُلُّ مُنَفِّراً / بِجاثٍ مِن الأَرْزاءِ حَوْليَ جاثِمِ
وبَيْنَ الثَّنايَا والْمَخَارِمِ رِمَّةٌ / سَرَى في الثَّنايا طِيبُها والمَخَارِمِ
بَكَتْها المَعَالي والْمَعَالِمُ جهدَها / فَلَهْفَ المَعَالِي بَعْدَها والمَعَالِمِ
سَعيدٌ صَعيدٌ لَمْ تَرُمْهُ قَرَارَة / وأعْظمْ بِها وَسْطَ العِظامِ الرّمائِمِ
كَأَنَّ دَماً أذْكَى أَديم تُرَابِها / وقَدْ مَازَجَتْهُ الرّيحُ مِسْكُ اللطائِمِ
يَشُقُّ علَى الإسْلامِ إسْلامُ مِثْلِها / إلَى خَامِعَاتٍ بِالفلا وقَشَاعِمِ
كَأَنْ لَمْ تَبِتْ يَغْشَى السُّراةُ قِبَابَها / ويَرْعَى حِماها الصِّيدُ رَعْيَ السَّوائِمِ
سَفَحْتُ عَلَيْهَا الدّمْعَ أحْمَرَ وارِساً / كَمَا نَثَرَ الياقُوتَ أيْدِي النَّواظِمِ
وَسامَرْتُ فيها الباكِياتِ نَوادِباً / يُؤَرِّقْنَ تَحْتَ الليْلِ وُرْقَ الحَمَائِمِ
وَقاسَمْتُ فِي حَمْلِ الرّزِيَّة قَوْمَها / ولَيْسَ قَسيمُ البرِّ غَيْرَ المُقاسِمِ
فَوا أسَفَا للدِّينِ أعْضَلَ دَاؤُهُ / وأَيْأَسَ مِنْ آسٍ لِمَسْرَاهُ حَاسِمِ
وَيا أَسَفا لِلْعِلْمِ أقْوَت رُبوعُهُ / وأصْبَحَ مَهْدُودَ الذُّرَى والدَّعائِمِ
قَضَى حَامِلُ الآثارِ مِنْ آلِ يَعْربٍ / وَحامِي هُدى المُخْتارِ مِن آلِ هاشِمِ
خَبا الكَوْكَبُ الوَقَّادُ إذْ مَتَعَ الضُّحَى / لِنَخْبطَ في لَيْلٍ مِنَ الجَهْلِ فاحِمِ
وَخابَتْ مَساعِي السامِعينَ حَديثَه / كَما شاءَ يَوْم الحادِثِ المُتَفَاقِمِ
فَأَيُّ بَهاءٍ غارَ لَيْسَ بِطالِعٍ / وأَيُّ سَناءٍ غابَ ليسَ بِقادِمِ
سَلامٌ علَى الدُّنْيا إِذا لَم يَلُح بِها / مُحَيَّا سُلَيْمَانَ بْنِ موسى بن سالِمِ
وهَلْ في حَياتي مُتْعَةٌ بعدَ مَوْتِهِ / وَقَد أسْلَمَتْنِي للدَّواهِي الدَّواهِمِ
فَهَا أَنا ذَا في خَوْفِ دَهْرٍ مُحَارِبٍ / وكُنْتُ بِهِ في أمْنِ دَهرٍ مُسَالِمِ
أَخو العِزَّةِ القَعْساء كَهْلاً وَيافِعاً / وأكْفاؤُهُ مَا بَيْنَ راضٍ وَراغِمِ
تَفَرَّدَ بِالعَلْياءِ عِلْماً وسُؤْدَدا / وحَسْبُكَ مِنْ عالٍ عَلى الشُّهْبِ عالِمِ
مُعَرَّسُه فَوْقَ السُّهى ومَقِيلُهُ / ومَوْرِدُهُ قَبْلَ النُّسورِ الحَوائِمِ
بَعيدٌ مَداهُ لا يُشَقُّ غُبارُهُ / إِذا فَاهَ فاضَ السِّحْرُ ضَرْبةَ لازِمِ
يُقَوِّضُ مِنه كُلَّ نادٍ ومنْبَرٍ / إلَى ناجِحٍ مَسْعاهُ في كُلِّ ناجِمِ
مَتَى صادَمَ الخَطْبَ المُلِمَّ بِخُطْبَةٍ / كَفَى صادِماً مِنْهُ بأكْبَر صادِمِ
لَهُ مَنْطِقٌ سَهْلُ النَّواحي قَريبُها / فَإْن رُمْتَه ألْفَيْتَ صَعْبَ الشَكَائِمِ
وسِحْرَ بَيَانٍ فاتَ كُلَّ مُفَوَّهٍ / فباتَ عَلَيه قارِعاً سِنَّ نادِمِ
وَمَا الرّوْضُ حَلاهُ بِجَوْهَرِهِ النَّدَى / ولا البُرْدُ وَشَّتْهُ أكُفُّ الرّوَاقِمِ
بِأبْدَع حُسْناً من صَحائِفِهِ التِي / تُسَيِّرُها أقْلامُهُ في الأَقالِمِ
يَمَانٍ كلاعِيٌّ نَماهُ إلى العُلَى / تَمامٌ حَواهُ قَبْلَ عَقْدِ التَّمائِمِ
يَرُوقُ رُواقَ المُلْكِ في كُلِّ مَشْهَدٍ / ويَحْسُنُ وَسْماً في وُجوهِ المَواسِمِ
وَيَكْثُرُ أعْلامَ البَسيطَةِ وَحْدَهُ / كَمَالَ مَعَالٍ أو جَمالَ مقَاوِمِ
لَعاً لِزَمانٍ عاثِرٍ من جَلالِهِ / بِواقٍ منَ الجُلَّى أُصيبَ بوَاقِمِ
مُنادىً إلى دارِ السَّلام مُنادِمٍ / بِها الحُورُ واهاً لِلْمُنادِي المُنادِمِ
أَتاهُ رَداهُ مُقْبِلاً غَيْرَ مُدْبِرٍ / لِيَحْظَى بِإقْبالٍ مِنَ اللَّهِ دائِمِ
إِماماً لِدين أو قِواماً لِدَوْلَةٍ / تَقَضَّى ولَم تَلْحَقْهُ لَوْمَةُ لائِمِ
وإنْ عابَهُ حُسَّادُهُ شَرقاً بهِ / فلَم تَعْدَمِ الحَسنَاءُ ذاماً لِذائِمِ
فَيَا أيُّها المَخدومُ عالٍ مَحَلُّهُ / فِدىً لكَ من سَاداتِنا كُلُّ خادِمِ
ويا أيُّها المَخْتُومُ بالفَوْزِ سَعْيُهُ / ألا إنَّما الأعْمَالُ حُسْنُ الخَواتِمِ
هَنِيئاً لَكَ الحُسْنَى منَ اللَّهِ إنَّها / لِكُلِّ تَقِيٍّ خيمُهُ غَيْرُ خَائِمِ
تَبَوَّأْتَ جَنَّاتِ النَّعيمِ وَلَمْ تَزَلْ / نَزيلَ الثُّرَيَّا قَبْلَهَا والنَّعَائِمِ
وَلَمْ تَألُ عَيْشاً رَاضِياً أَو شَهادَةً / تَرَى مَا عَدَاها مِنْ عِدَادِ المَآثِمِ
لَعَمْرُكَ ما يُبْلَى بَلاؤُكَ في العِدَى / وَقَدْ جَرَّتِ الأَبْطَالُ ذَيْلَ الهَزَائِمِ
وَتاللَّهِ لا يَنْسَ مَقَامَكَ في الوَغَى / سِوَى جاحِدٍ نُورَ الغَزالَةِ كاتِمِ
لَقِيتُ الرَّدَى في الرَّوْعِ جَذْلانَ بَاسِماً / فبُورِكْتَ من جَذْلانَ في الرَّوْعِ بَاسِمِ
وحُمْتَ عَلى الفِرْدَوسِ حَتَّى وَرَدْتَهُ / فَفُزْتَ بأَشتَاتِ المُنَى فَوْزَ غَانِمِ
أجِدّكَ لا تَثْنِي عَنَاناً لأَوْبَةٍ / أُداوِي بِها بَرْحَ الغَليلِ المُدَاوِمِ
وَلا أَنْتَ بَعْدَ اليَوْمِ واعِدَ هَبَّةٍ / مِنَ النَّوم تَحْذُوني إلى حالِ حالِمِ
لَسُرْعانَ مَا قَوَّضْتَ رَحْلَكَ ظاعِناً / وَسِرْتَ عَلى غَيْرِ النَّواجِي الرَّواسِمِ
وخَلَّفْتَ مَنْ يَرْجُو دِفَاعَكَ يَائِساً / مِنَ النَّصْرِ أَثْنَاءَ الخُطُوبِ الضَّوَائِمِ
كأنِّيَ لِلأَشْجَانِ فَوْقَ هَوَاجِرٍ / بِما عاَدَنِي مِنْ عادِياتٍ هَوَاجِمِ
عَدِمْتُكَ مَوْجوداً يَعِزُّ نَظِيرُهُ / فيا عِزَّ مَعْدُومٍ ويا هُونَ عَادِمِ
ورُمْتُكَ مَطْلُوباً فَأَعْيا مَنَالهُ / وكيفَ بِما أَعْيا مَنالاً لِرائِمِ
وإنِّي لَمَحْزُونُ الفُؤَادِ صَديعُهُ / خِلافاً لِسَالٍ قَلْبُهُ عَنْك سالِمِ
وَعِنْدِي إلى لُقْيَاكَ شَوْقٌ مُبَرِّحٌ / طَوَانِيَ مِنْ حَامي الجَوى فَوْقَ جَاحِمِ
وَفي خَلَدِي واللَّهِ ثكلك خالِدٌ / أَلِيَّةَ بَرٍّ لا ألِيَّةَ آثِمِ
ولَوْ أنَّ في قلْبِي مَكاناً لِسَلْوَةٍ / سَلَوْتُ ولَكِنْ لا سُلُوَّ لِهَائِمِ
ظَلَمْتُكَ إنْ لَمْ أقْضِ نُعْمَاكَ حَقَّهَا / ومِثْلِيَ في أمْثَالِهَا غَيْرُ ظَالِمِ
يُطَالِبُنِي فيكَ الوَفَاءُ بِغَايَةٍ / سَمَوْتُ لَها حِفْظاً لِتِلْكَ المَوَاسِمِ
وأَبكِي لِشِلْوٍ بالعَرَاءِ كَمَا بَكَى / زِيادٌ لِقَبْرٍ بَيْنَ بُصْرَى وجاسِمِ
وأعْبَدُ أن يَمْتَازَ دُونِيَ عَبْدَةٌ / بِعَلْيَاءَ في تأْبِينِ قَيْسِ بْنِ عَاصِمِ
وَهَذِي المَراثِي قَد وَفَيْتُ بِرَسْمِهَا / مُسهمَةً جُهْدَ الوَفِيِّ المُسَاهِمِ
فَمُدَّ إلَيْهَا رافِعاً يَد قابِلٍ / أكَبَّ عَلَيها خَافِضاً فَمَ لاثِمِ
لَعَلَّ قَسيمَ الفَضْلِ مِنْ آلِ قاسِمٍ
لَعَلَّ قَسيمَ الفَضْلِ مِنْ آلِ قاسِمٍ / يُصِيخُ إلَيْهَا نُدْبَةً مِنْ مُقاسِمِ
تَقَيَّلَ فِيهَا رَأْيُهُ غَيْرَ آثِمٍ / وكَمْ نادِبٍ مُسْتَصْحِبٌ حَالَ نادِمِ
وأَحْسَنُ مَا أُعْطِيتَهُ عِلْمُ زاهدٍ / وأزْيَنُ ما رُدِّيتَه زُهْدُ عالِمِ
وَطُولُ اعْتِبارٍ في الليالي وحُكْمِهَا / عَلى كُلِّ مَحْكُومٍ عَلَيْهِ وحَاكِمِ
خليلَيَّ ما هَذِي الأَسَاةُ التِي أَرى / وتِلْكَ عُرَى الأَعْمارِ في يَدِ قاصِمِ
ألَمْ تَعْلَما أنَّ النّفوسَ فَرَائِسٌ / تُزَجَّى لآسادِ المَنايا الهَوَاجِمِ
فَأَيْنَ التَّوَخِّي لِلسَّعادَةِ في غَدٍ / وَأَيْنَ التَّوَقّي للدَّواهِي الدَّواهِمِ
كَفَى حَزَناً أنَّ الحِمَامَ مُسَلَّط / وأنَّا عَلى اسْتِبْصَارِنا فِي الجَرَائِمِ
نَسيرُ إِلى الأجْداثِ رَكْضاً وما لَنا / من الزَّادِ إلا موبِقاتُ المَآثِمِ
وَما الكَهْلُ بِالنَّاجِي وَلا الطِّفْلُ مِنْ يَدَي / زَمَانٍ لأهْليهِ مُصَادٍ مُصادِمِ
سَلامٌ عَلى الدَّارِ التي ليسَ رَبُّهَا / وإنْ سالَمَتْهُ الحادِثَاتُ بِسَالِمِ
فَأَطْوَلُ عُمْرِ المَرْءِ خَطْفَةُ بارِقٍ / وأَحْلَى مُنَى الإنسانِ أَحْلامُ نائِمِ
سَقَى اللَّه قَبْراً أودِعَ البِرّ والتُّقَى / كَما تُودَعُ الأَزْهارُ طَيَّ الكَمَائِمِ
ويَمَّمَهَا الرِّضْوَانُ أُماً كَرِيمَةً / لأَوْحَدَ مَخصوصٍ بِغُرِّ الْمَكَارِمِ
تَخَلَّتْ عَنِ الدُّنْيَا وخَلَّتْ مُسَامِياً / لَها طِيب أنْفاسِ الرِّياحِ النَّواسِمِ
فَإِنْ وَكَفَتْ سُحْم الغَمائِمِ بَعْدَها / فَقَدْ هَتَفَتْ بالنَّوْحِ وُرْقُ الحَمَائِمِ
مُبَارَكَة جاءَتْ بِنَجْلٍ مُبَارَكٍ / لَهُ في المَعَالي سامِيَاتُ المَعَالِمِ
نَهوضٌ بِأَعْباءِ الدِّيانةِ مُقْدِمٌ / عَلى الحَقِّ إِقدامَ الليوثِ الضَراغِمِ
تَنَسَّكَ لا يَرْجُو زَمَاناً مُلائِماً / ولا يَتَّقِي في اللَّهِ لَوْمَةَ لائِمِ
وأَسْلَمَ دُنْيَا النَّاسِ للنَّاسِ غانِما / مِن الدِّينِ في الدّارَيْنِ أُنْسَ المَغَارِمِ
فَلَيْسَ إِذا صَامَ النَّهَارَ بِمُفْطِرٍ / ولَيْسَ إذا قامَ الظَّلامَ بِنَائِمِ
لَهُ بَسْطَةٌ في العِلمِ والحلْمِ زَانَها / بِقَبْضِ الخُطَى إلا لِكَفِّ المَظَالِمِ
وحُسْنِ عَزَاءٍ في الأَسى وتَمَاسُكٍ / سِوَى عَبْرَةٍ لم تَعْدُ عادَةَ راحِمِ
وَمَنْ كَأبِي عَبدِ الإلَهِ بْنِ قاسِمٍ / لِصَبْرٍ وَتَفْوِيضٍ لَدَى كُلِّ قاصِمِ
وحَسْبُكَ مِنْ هادٍ إلَى الخَيْرِهَدْيُه / ومِنْ ناجِحٍ مَسْعاهُ في كُلِّ نَاجِمِ
لَكَ الخَيْرُ خُذْها مُغْضِياً عَنْ قُصورِها / قَوَافِيَ أعْيَا وَصْفُهَا كُلَّ نَاظِمِ
بَعَثْتُ بِهَا أبْقِي رِضاكَ مُسَاهِماً / ومِثْلُكَ مَنْ أرْضَاهُ سَعْيُ المُسَاهِمِ
تَقَدَّمَ يَحْيَى المُرْتَضَى كُلَّ مَنْ مَضَى
تَقَدَّمَ يَحْيَى المُرْتَضَى كُلَّ مَنْ مَضَى / كَمَالاً فَصارَ النَّقْصُ لِلْمُتَقَدِّمِ
وأحْرَزَ مِنْ إِرْثِ الهِدَايَةِ حَقَّهُ / فَمَا مِنْ مُلوكِ الأَرْضِ غَيْرُ مُسَلِّمِ
وَرَدْتُ نَدَاهُ الغَمْرَ غَيْرَ مُصَرَّدٍ / ونِلْتُ رِضَاهُ الجَمَّ غَيْرَ مُصَرّمِ
فَهَا أَنَا مِنْهُ في حِبَاءٍ مُنَثَّرٍ / وها هُوَ مِنِّي في ثَنَاءٍ مُنَظَّمِ
لَهَا مُلْكُ نُعْمَانٍ وعِزَّةُ تُبَّعٍ / وَصَوْلَةُ بِسْطَامٍ وحِكْمَةُ أكْثَمِ
ولِي وَجْدُ خَنْسَاء وَرِقَّةُ عُرْوَةٍ / وتَهْيَامُ غِيلانٍ وحُزْنُ مُتَمِّمِ
يُفَنِّدُنِي في العَامِرِيَّةِ لُوَّمِي
يُفَنِّدُنِي في العَامِرِيَّةِ لُوَّمِي / وَلَيْسَ هَوَاها بالحَديثِ المُرَجَّمِ
يُرِيدُونَ بِي عَن شِرْعَةِ الحُبِّ رِدّةً / ومِنْ دُونِهَا إخْلاصُ قلْبٍ مُصَمِّمِ
ولِي عِنْدَ لُبْنَى لَوْ تَسَنَّى لُبَانَةٌ / أزَجِّي إلَى مَاذِيِّهَا كُلَّ عَلْقَمِ
إِذا رُمْتُ لُقْياها عَدَانِي مُرَاقِبٌ / فَأَقْنَعُ مِنْهَا بالخَيَالِ المُسَلِّمِ
أَطُوفُ بِهَا شَوْقاً وأُمْسِكُ عِفَّةً / فَأَحْسَبُنِي بَيْنَ المَقامِ وَزمْزِمِ
قَضَى رَبُّهَا رَعْيَ الكَواكِبِ إنَّنِي / مَتَى سِمْتُ كانَت لِي قَضايَا مُنَجِّمِ
مِنَ العَرَبِيَّاتِ الرَّعابِيبِ تَنْتَمِي / لأشْرَفِ بَيْتٍ في هِلالٍ وَأكْرَمِ
مُحَجَّبَةٌ مِن دونِهَا ذُبُلُ القَنَا / تَأَطَّر مِنْهَا فَوْقَ غُصْنٍ مُنَعَّمِ
لَئِنْ ضُمِّخَتْ دِيباجَتَاها بِمِسْكَةٍ / لقَد ضُرِّجَت كافورَتاها بِعَنْدَمِ
كَتَمْتُ الهَوَى عَنْها فَمِنْ مُتَشَابِهٍ / تَفَهَّمْتُهُ عِنْدَ الوَدَاعِ ومُحْكَمِ
أَقَمْتُ وسَارَتْ غَيْرَ قَلْبٍ مُشَيِّعٍ / رَكائِبهَا بَيْنَ الخِيامِ مخَيِّمِ
تُنَازِعُهَا فيها الجَوَانِح ضِلَّةً / ومَنْ يَخْصِمِ البِيضَ الكَواعِب يُخْصَمِ
وَعَيْنُ الحِجَى ألا يُقامَ بِحُجَّةٍ / لَدَى حَكَمٍ مِنْ حُسْنِهَا مُتَحَكِّمِ
تُحَلِّلُ للأَحْدَاقِ قَتْلَ بَنِي الهَوَى / كَأنَّ دَمَ العُشَّاقِ غَيْرُ مُحَرَّمِ
ومَاذَا عَلَيْهَا لَوْ تَلافَتْ حُشَاشَتِي / وعَاجَتْ على هَيْمَانَ غَيْرِ مُهَوِّمِ
وفي لَثْمِ مَا لاثَتْ عَلَيْهِ لِثَامَهَا / شِفَاءٌ لِتَبْريجِ الفُؤَادِ المُتَيَّمِ
ولَكِنَّهُ يُحْمَى بِسَاجٍ ونَاهِدٍ / كَأمْضَى غِرارٍ أوْ كأَنْفَذ لَهْذَمِ
ونَهْرٍ كَما ذابَتْ سَبَائِكُ فِضَّةٍ
ونَهْرٍ كَما ذابَتْ سَبَائِكُ فِضَّةٍ / حَكَتْ بِمَحانيهِ انْعِطافَ الأراقِمِ
إذَا الشَّفَقُ اسْتَوْلى عَلَيْهِ احْمِرَاره / تبدَّى خَضيباً مِثْلَ دَامِي الصَّوارِمِ
وتَحْسِبُهُ سُنَّتْ عَلَيْهِ مُفَاضَةٌ / لإِرْهابِ هَبَّاتِ الرِّياحِ النَّواسِمِ
وتَطْلَعُهُ في دُكْنَةٍ بعدَ زُرْقَةٍ / ظِلالٌ لأَدْواحٍ عَلَيْهِ نَوَاعِمِ
كَما انْفَجَرَ الفَجْرُ المُطِلُّ عَلى الدُّجى / ومِنْ دُونِهِ في الأُفْقِ سُحْمُ الغَمَائِمِ
رَأى اللَّه مَا أرْضاهُ من سَعْيهِ الأَسْنَى
رَأى اللَّه مَا أرْضاهُ من سَعْيهِ الأَسْنَى / فَجَدَّدَ بالعَامِ الجَدِيدِ لهُ الحُسْنَى
وشَيَّد بالتأييدِ أرْكانَ أمْرِهِ / فلَم تُبْقِ لِلأَعداءِ صَوْلَتُهُ رُكْنا
غَزَتْهُمْ جُيوشُ الرُّعْبِ قَبْلَ جُيُوشِهِ / فإِن أُخِذُوا هَوْناً فقَد وُقِذُوا وَهْنا
وعَيَّدَتِ الأَضْحَى خِلالَ دِيارِهِمْ / فَلا غَرْوَ أنْ قِيدُوا لِنَحْرِهم بُدْنا
ألا تِلْكَ أعْنَاقُ البِلادِ بِأسْرِها / خَواضِع لَمَّا دَوَّخَ السَّهْلَ والحَزْنا
أَبَى النَّصْرُ أَنْ يَلْوِي بِدَيْنٍ لِواؤُه / فَمَنْشُورُهُ يَطْوِي المَعَاقِلَ والمُدْنا
إذَا المَغْرِبُ الأَقْصَى رَمَى بِقِيَادِه / إلَيْهِ فَماذا يَصْنَعُ المَشْرِقُ الأَدْنَى
كأَنِّيَ بالزَّوْراءِ تَخْطُبُ أمْنَهُ / وقَد بَثَّ فِي مَرَّاكشَ العَدْلَ والأمْنا
وَزَحْزَحَ بالتَّوْحيدِ عَنْ جَنَبَاتِها / عَصائِبَ للتَّثْليثِ جَارُوا بِها سُكْنَى
كَأَنْ لم تكُنْ للمُؤْمِنينَ مَغانِياً / فَها هِيَ للكُفَّارِ وَا أَسَفَا مَغْنَى
يَعِزُّ علَى اللُّسْنِ المَصاقِع أنَّها / تُراطِنُ في أفْدانِها عُجُماً لُكْنا
هُمُ اتَّخَذُوا فيها الكَنَائِس ضِلَّةً / وَهُمْ جَعَلوا للَّهِ فيما افْتَرَوْهُ ابْنا
وكَمْ سَيِّدٍ منْهُم يُطاعُ احْتكامُه / عَهدناهُ عَبْداً لِلْعَبِيدِ بِها قِنَّا
ضَمانٌ عَلى سَيْفِ الإمارَةِ بَرْيُهُمْ / وإبْراءُ قَوْمٍ بَيْنَ أظْهُرِهِمْ ضمْنا
وأَمَّا تِلمسانٌ وفاسٌ وَسَبْتَةٌ / فَتِلْكَ لِيُمناه أَعِنَّتُها تُثْنَى
حُقوقٌ لَهُ لَمْ يَرْتَضِ العَضْبُ عَضْبَها / فَهَبَّ لَها مُسْتَرْجِعاً شَدَّ ما أَغْنَى
ألانَتْ لَهُ الصَّعْبَ الأَبِيَّ كَتَائِبٌ / مِنَ العَزْمِ تَسْتَشْلِي كَتائِبَه الخُشْنا
وأسْعَدَتِ البِيضُ الصَّوارِمُ بَأسَهُ / فمِنْ فالِقٍ رَأساً ومِنْ قَاصِمٍ مَتْنا
ويَا لِرضَى أرْضِ الجَزِيرَةِ بالذِي / تَيَمّمها يُنْهِي لَها الفَوْزَ بالأَهْنا
فأَنْدَلُسٌ قَدْ بُشِّرَتْ بِلِقائِهِ / تَرَقّبُ منْ تلْقائِه الفُلْكَ والسُّفْنا
لِنُصْرَتِهِ ما أشْرَفَتْ راسِياتُها / وَما صَيَّرَتْ عِلْماً يَقيناً بِها الظَّنّا
لَعَلَّ بِلاداً حَالَ بالرّومِ حُسْنُها / يُعيدُ عَلَيهَا غَزوُهُ الظَّافِرُ الحُسْنا
فَيَرْتَشِفُ الصَّادِي بِها الماءَ سَلْسَلاً / ويَغْتَبِقُ الضَّاحِي النَّسيمَ بِهَا لَدْنا
وعَانٍ عَلى الحَرْبِ العَوَانِ دِيارُها / بِما مُنِيَتْ مِنْهُمْ قَديماً وَما تُمْنى
تُؤَمِّلُ يَحْيَى المُرْتَضَى لِحَياتِها / وَتَرْجو بِلُقْياه الإقالَةَ والمَنَّا
إِمامُ هُدىً أعْيا الأَئِمَّةَ هَدْيُه / فَأَرْبى عَلَيْهِم زينَةً ونَمَا وَزْنا
فَيَفْضُلُ جهْدَ المُحْسِنينَ بِعَفْوِهِ / ويَغْلُبُ شَدَّ السَّابِقينَ إِذا اسْتَأنى
تَبَحْبَحَ في السُّلْطانِ والمَجْدِ والعُلَى / فَمَظْهَرُهُ الأَسْمَى وعُنْصُره الأَسْنَى
جَبابِرَة الأمْلاكِ خاضِعَةٌ له / فَمِن لاثِمٍ ذَيْلاً وَمن لاثِمٍ رُدْنا
لئِن عُنِيَ الدّينُ الحَنيف بِحُبِّهِ / فَما زالَ بالنَّصْرِ العَزيزِ لَهُ يُعْنى
مُجيبٌ إِذا يُدعَى مُجابٌ إِذا دَعَا / كَريمٌ إِذا يُسمَى عَظيمٌ إِذا يُكنَى
لهُ العِلْمُ سِيما والسّمُوُّ عَلامةً / فيُوْتِيكَ مُفْتَراً ويُفْتيكَ مُفْتَنَّا
وَما هوَ إِلا الطَّوْدُ فَضْلَ رَجَاحَةٍ / وَإنْ هَزَّهُ إنْشادُ مادِحِهِ غُصنا
وَمِنْ عَجَبٍ أَنَّ الجَوَادَ يُقلّه / وفِي بُرْدِهِ رَضْوَى وفِي صَدْرِهِ الدّهْنا
عَلى ثِقَةٍ مِن فَيْضِ راحَتِهِ الوَرى / إِذا صَدَقَ الإمْحَالُ فاتَّهَموا المُزْنا
يَبيعُ بأَعْلاقِ المَحَامِدِ وَفْرَهُ / ولا غَبَناً يَخْشى هُناكَ وَلا غَبْنا
حَبانا بِتَأمِيرِ الأَميرِ مُحَمَّد / فَيَا لكَ مِنْ حَابٍ ومَوْقِعه مِنَّا
وأتْبَعَ حُسْناه بِإحْسَانِهِ لَنَا / وأنْعُمُه تَنْثال مَثْنَى عَلى مَثْنى
وخَلفَهُ فِينا يَقُومُ بِمُلْكِهِ / ويَدْرَأُ عَنَّا فادِحَ الخَطْبِ إِنْ عَنَّا
نَراهُ بِهِ خَلْقاً وخُلْقاً وسِيرَةً / تَقَيّله فيها كَأنْ لم يَسِرْ عَنَّا
مشَابِهُ فيهِ مِنْ أبيهِ كَرِيمَةٌ / ومِنْ كَرَمِ الآبَاءِ أنْ يَنْجُبَ الأَبْنَا
لَئِنْ غَرُبَتْ شَمْسُ العُلى فَهِلالُنَا / يُنيرُ لَنَا اللَّيْلَ البَهِيمَ إِذَا جَنَّا
بإِمْرَتِهِ تَخْتالُ عِزّةُ أنْفُسٍ / وَلَولا أواقِيها العِظَامُ هُنَا هُنَّا
جَبُنْتُ لِيومِ البَيْنِ فانْهَلَّ مَدْمَعِي / وكُنْتُ قُبَيْلَ البَيْنِ لا أعرِفُ الجُبنَا
وجُنَّ جنَانِي لَوْعَةً وصَبَابَةً / إلَى الحَضْرَةِ العَلْياءِ والعَقْلِ إذْ جُنَّا
عَسَى رُؤْيَةُ المَوْلَى تَؤُولُ بِضِلَّتِي / إلَى الرّأيِ في تَقْبيلِ راحَتِهِ اليُمْنَى
فَلَهْفِي لِعَبْدٍ في الأَصِحَّاءِ قاعِدٍ / أعَادَتْهُ أحْكَامُ الزَّمَانِ مِن الزَّمنَى
يَقولونَ مَا أضناهُ قلتُ أحُجّهُم / هَوَى الغُرّةِ الغَرَّاء صيَّرَني مُضْنَى
وَما ضَرَّني أَنِّي مَرِيضٌ وَمُدْنَفٌ / إِذا أَنا لَمْ أمْرَضْ فُؤاداً وَلا ذِهْنا
ولَمْ يُبْلِني إلا تَوَقّدَ خَاطِري / ولا عَجَبٌ أن يأكُل الصَّارِمُ الجَفْنا
بِحَسْبي رِضَى المَوْلَى وحُسْنُ اصْطِنَاعِهِ / عِلاجاً بِهِ أبْقَى إِذا خِفْتُ أَنْ أَفْنَى
سَأُرْضِي نَدَاه مُثْنِياً وَمُثَنِّياً / وَمِثْلي إِذا أثنَى عَلى جُودِه ثَنَّى
وَأَسْتَنُّ في شَأْوِ المدائِحِ سابِقاً / وَهَيهات لا تُحصِي المَدائِحُ ما سَنَّا
أَمَا إنَّه الأقْصَى ومَنْزِلُهُ الأَدْنى
أَمَا إنَّه الأقْصَى ومَنْزِلُهُ الأَدْنى / فَأَنَّى وقَدْ وَلَّى بأوْبَتِهِ أَنَّى
نَطوفُ بِمَثْواهُ المُقَدَّس كَعْبَةً / وَنَنْدُبُ في أفْيائِهِ عَيْشَنَا اللدْنا
ونَرْقُبُ رُجْعاهُ وكَيْفَ بِها لَنَا / ورَدُّ شَبابِ الكَهْلِ مِنْ رَدِّهِ أدْنَى
هُوَ الدَّهْرُ خِفْنا مَوْتَهُ قَبْلَ مَوْتِهِ / مُنَافَسَةً فِيهِ فَقَدْ كانَ مَا خِفْنا
وَهِيلَ عَلى بَدْرِ المَعَالِي تُرَابُهُ / وغُيِّبَ في أثْناءِ هالَتِهِ عَنَّا
وَمِنْ عَجَبٍ أنْ حَلَّ أضْيَق ساحَةٍ / وكانَ جَلالاً يَمْلأُ السَّهْلَ والحَزْنا
فَكَيْفَ أقَلّ الحامِلُونَ أنَاتَهُ / وكَيفَ أطَاقَ الدّافِنونَ لَهُ دَفْنا
سَرَى هاذِمُ اللذَّاتِ يُفْسِدُ كَوْنَهُ / فَسَيَّرَهُ طَوْداً وهَدَّمَهُ رُكْنا
رُزِئْناهُ بَدْراً للْغَزَالَةِ باهِراً / يَقول لَنَا حُسْنَى ويَفْضُلُها حُسْنا
وَغَيْثَ سَماحٍ لا يُغادِرُ خِلَّةً / مَتَى ضَنَّتِ الجَوْزاءُ نَوْءاً فَما ضَنَّا
ولَيْثَ كِفاح كُلَّما اسْتَشْرَفَ الوَغَى / وَما أغْنَتِ الأَبْطَالُ عَنْهُ ولا عَنَّا
جَرَى القَدَرُ المَحْتُومُ فيهِ بِما جَرى / وَعَنَّ لَنا الدَّهْرُ الظَّلومُ بِما عَنَّا
وَكُنَّا نُرَجِّيهِ كَبيراً لِكِبْرَةٍ / فَأخْنَى عَلَيهِ في الشَّبيبَةِ ما أخْنَى
وفِيهِ وفي عَلْياه ظَلَّ مُضايقاً / لَقَدْ ضَلَّ مَنْ يُعْنَى بإتْلافِ ما يُقْنَى
تَخَرَّمَهُ مَوْلىً يُجيرُ وَمَوْئِلاً / فَمَنْ نَرْتَجِي كَهْفاً ومَنْ نَرتَجي حِصْنا
وَلَسْنا علَى أمْنٍ مِنَ الرَّوْعِ بَعْدَهُ / وَكانَ لَنَا مِنْ كُلِّ رَائِعَةٍ أَمْنا
حَوَى مِنْهُ سِرَّ المَجْدِ صَدْرُ ضَريحِهِ / فأَمْسَى إِلى يَوْمِ الجَزاءِ بِهِ رَهْنا
ضَلالاً لأَيَّامٍ تَهَدَّتْ لِهَدِّهِ / وَرامَتْ لَهُ مِنْ فَقْدِهِ غَيْرَ ما رُمْنا
هُوَ الرُّزْءُ ما أَبْكَى العُيونَ لِيَوْمِهِ / وَما أدْنَفَ الأجْسامَ فِيهِ وَمَا أَضْنَى
تَحَيَّفَنا لمَّا تَحَيَّفَهُ الرَّدَى / وَنالَ الضَّنَى مِنْهُ كَنَيْلِ الأَسَى مِنَّا
وَما راعَنِي إِلا سِرارُ نُعاتِهِ / بِأفْجَع ما لاقى بِهِ مِقْوَلٌ أُذْنا
فَلَمْ أمْلِكِ الدَّمْعَ المُوَرَّد أنْ جَرَى / ولَمْ أمَلِكِ القَلْبَ المُعَذَّبَ أنْ حَنَّا
خَلِيلَيَّ أمَّا العامِرِيُّ فَقَدْ مَضَى / علَى واضِحِ المِنْهَاجِ مُسْتَقْبِلاً عَدْنا
وقَدْ قَدَّرَ الدُّنْيا الدَّنِيَّةَ قَدْرَها / فَوَاصَلَ ما يَبْقَى وقَاطَعَ ما يَفْنَى
فَذَمّاً لِدُنْيا سارَ عَنْهَا مُحَمَّدٌ / ولَمْ يَعْتَلِقْ مِنْهَا بِيُسْرَى وَلا يُمْنَى
خَلِيلَيَّ هَيَّا نَبْكِ آثارَ هاجعٍ / تَبَوَّأَ مِنْ بَعْدِ الثُّرَيَّا الثَرَى مَغْنى
وصُبَّا دَماً للْمُعْصِراتِ مُكاثِراً / فَلَيْسَ لَه مَعْنىً إذا لَمْ يَصِبْ مَعْنا
أَلَمْ يَأن أَنْ تَبْكِي أَناةَ ابْن عامِرٍ / وَتَذْكُرَ ما سَرى وتَشْكُرَ مَا سَنَّا
وَمَا لِيَ لا أُثْني عَلَيْهِ بِصُنْعِهِ / وَكانَ إِذا ما بَثَّ عارِفَةً ثَنَّى
أحِنُّ اشْتِياقاً للْمُحَبَّبِ في الثَّرى / ولَيْسَ علَى المُشتاقِ لَوْمٌ إِذا جُنَّا
وَلا أهْجُر التَّبْريحَ خِدْناً مُلاطِفاً / عَلَى سيِّدٍ أَضْحَى الكَمالُ لَهُ خِدْنا
ولَيْسَ الكَرَى مِمَّا يُلِمُّ بِمُقْلَتِي / وَقَدْ غمضُوا في التُّربِ مُقْلَتَهُ الوَسْنى
وَلا أرْتَضِي صُنْعَ الجَوَى بِجَوانِحِي / علَى أنَّ لي حالَ الجَريحِ إذا أنَّا
وَيَعْجَبُ مِنْ سِنِّي أُناسٌ وَقَرْعِهَا / وَمِنْ نَدَمٍ أَنْ لَمْ أَمُتْ أَقْرَعُ السّنَّا
أما وَالذِي نَلْقَى مِنَ الوَجْدِ إنَّنا / نَدِمنا عَلى أَنْ بانَ عَنَّا وَما بنَّا
سَنُرْضِي العُلَى في نَدْبِ نَدْبٍ حُلاحِلٍ / أَتاه الرَّدى وَهْنا فَأَوْسَعَهُ وَهْنَا
نُسَمِّي وَنَكْنِيهِ وَفَاءً لِذِكْرِهِ / فَنَبْكِي إِذَا يُسْمَى ونَبْكِي إِذا يُكْنَى
ألا نَحْنُ أبْناءُ الوَفاءِ فَمَنْ يَخُنْ / عُهودَ قَرِيعِ المَعْلُواتِ فَمَا خُنَّا
وَفَدْنا عَلى البابِ الكَريمِ وَسَلَّمْنا / فلَم تَمْلِكِ الحُجَّابُ رَدّاً ولا إِذْنا
وَقُلْنَا مَتَى عَهْدُ الرِّياسَة بِالنَّوى / فَقالُوا استَقَلَّتْ مُنْذُ سَبْعٍ إِلى الجَنَّا
فَعُجْنَا فَصَافَحْنا صَفَائِحَ رَسْمِهَا / وَجُدْنا عَلَيها بالنُّفوسِ وَما جُرْنا
وَقَفْنا إلَيْهَا حَائِزين بِهِ الأسَى / فلا حُزْنَ إلا وهْوَ دُونَ الذِي حُزْنا
وَلا طَرْفَ إِلا مُسْتَهِلٌّ غَمَامَةً / إِذا هُوَ بَلَّ الذَّيْلَ أتْبَعَهُ الرُّدْنا
أَمَعْنى العُلَى خَلَّفْتَ مِنْ بَعْدِكَ العُلى / عَلَى الرَّغمِ مِنَّا وهيَ لَفْظٌ بِلا مَعْنَى
نُهَنِّئُ عَدْناً أنْ حَلَلْتَ مُؤَمَّنا / سَرَارَتَها يَهْنِيكَ رَبّكَ بِالأَهْنا
نَمُوتُ عَلى الدّنْيا فَنَحْيا بِلا دِينِ
نَمُوتُ عَلى الدّنْيا فَنَحْيا بِلا دِينِ / هَوىً لِهَوَانٍ قَادَنَا وَلِتَوْهِينِ
وَهَلْ هِيَ إِلا لِلْمَساكِينِ وَيْحَنا / مَسَاكِينَ فيهَا يَرْتَعُونَ إلَى حينِ
فَما بَالُنا لا نَتَّقِي اللَّهَ رَبَّنا / وَنَدْعُوهُ في تَحْسينِ عُقْبى وَتَحْصينِ
أَتَجْحَدُ قَتْلِي رَبَّةُ الشَّنْفِ والخرْصِ
أَتَجْحَدُ قَتْلِي رَبَّةُ الشَّنْفِ والخرْصِ / وذَاكَ نَجِيعِي فِي مُخَضَّبِهَا الرّخْصِ
تَوَرّسَ مَا تَعْطُو بِهِ مِنْ عَبِيطِهِ / كَمَا طَلَعَ السّوسَانُ فِي صِبْغَةِ الحُصِّ
وَتَسْفِكُهُ وَهوَ المُحَرَّمُ سَفْكُهُ / حَلالاً كَأَنَّ الظُّلْمَ لَيْسَ لَهُ مُحْصِ
أمَا عَلِمَتْ أَنَّ القِصَاصَ أَمَامَهَا / فَكَيْفَ أَرَاقَتْهُ عَلَى النَّحْرِ والقَصِّ
فَيَا لدَمٍ قَدْ أَهْدَرَتْهُ ثديُّهَا / وأَلحَاظُهَا بالهَبْرِ عَمْداً وبالْقَعْصِ
وَلَسْنَ صِفَاحاً أَوْ رِمَاحاً وَإِنَّما / غَنِينَ عَن الحَدِّ المُذَلَّقِ والخِرْصِ
عَلَى غَيْرِ ثَارٍ آثَرَتْ فَوْتَ مُهْجَتِي / قَنِيصاً وَمَازَالَتْ تُراعُ مِنَ القَنْصِ
عَرِينٌ وَلَيْثٌ لا كِنَاسٌ وَظَبْيَةٌ / لإتْلافِهَا العُشَّاقَ بالفَرْسنِ والْفَرْصِ
لَقَدْ قَلَبَتْ لِلْقَلْبِ ظَهْرَ مِجَنِّهَا / وَلا ذَنْبَ إلا أنْ أطَاعَ فَمَا يَعْصِي
وَفَيْتُ لِحِرْصٍ في هَوَاها فَخَانَنِي / وَقِدْماً أُصِيبَ النَّاسُ مِنْ قِبَلِ الحِرْصِ
عُمُومٌ مِنَ البَلْوَى بِهَا عَامِرِيَّةً / أَبَى الْحُسْنُ أَنْ أُلْفَى بِها غَيْر مُخْتَصِّ
لَهَا اللَّهُ مَاذا فِي القَلائِدِ مِنْ حُلىً / تَشِفُّ وَماذا في الشُّفُوفِ وفِي القُمْصِ
نَهَار مُحَيّاً تَحْتَ لَيْلِ ذَوَائِبٍ / تُرِيهِ وَتُخَفِيهِ مَعَ النَّقْضِ وَالعَقْصِ
وَذاتُ ابْتِسَامٍ عَنْ بُرُوقِ لآلِئ / مُؤَشَّرةٍ لَيْسَتْ برُوقٍ ولا عُقْصِ
تَلوثُ عَلى بَدْرِ التَّمامِ لِثامَها / إِذا الوَشْيَ زَرّتْهُ على الغُصْنِ والدَّعُصِ
مِنَ اللائِي يَهْوَى القَصْرُ لَوْ قُصِرَتْ بِهِ / فَتَأْبَاهُ لِلْبَيْتِ المُطَنَّبِ والخُصِّ
ويَدْعو بِها اليَنْبوعُ لِلعَبِّ وَسْطَهُ / فَتَهْجُرُهُ لِلْحَسْوِ مُؤْثِرَةَ الْمَصِّ
شَمائِلُ أعْرَابِيَّةٌ في اعْتِياصِهَا / أمَطْنَ عَن الحُبِّ المبرِّحِ والمَحْصِ
سَقَى اللَّهُ دَارَ المُزْنِ داراً قَصِيةً / عَلى الشَّدِّ والتَّقْرِيبِ والوَخْد والنَّصِّ
يُسائِلُ عَنْ نَجْدٍ صَباها مَعَاشِرٌ / وأَسْأَلُ عَنْ حِمص النُّعامَى وأَسْتَقْصِي
ولَوْ كُنْتُ مَوْفُور الجَناحِ لَطَارَ بي / إِلَيْهَا ولَكِنْ حَصَّه البَيْن بِالْقَصِّ
فَشَتَّانَ ما أيَّامِيَ السُّودُ أوْجُهاً / بِحسْمَى ومَا لَيْلاتِيَ البِيضُ في حِمْصِ
بِحَيثُ ألِفْتُ الوُرْقَ لِلشَّدْوِ تَنْبَرِي / عَلَى نَهْرِهَا والقُضْبُ تَهْتَاجُ لِلرَّقْصِ
وَفي يَدِ تَشْبِيبي قِيَادُ شَبِيبَتِي / وَخِلِّي وَحِلْمي مُسْتَقِيد ومُسْتَعْصِي
كِلاَنَا عَلَى أقْصَى الهَوَادَةِ والهَوَى / فَلا عَذَلٌ يُقْصِي ولا غَزَلٌ يُفْصِي
كَأَنَّ جَنَاهَا مِنْ جَنَي العَيْشِ بَعْدَهَا / لِيَحْيَى بْنِ عَبْدِ الوَاحِدِ بنِ أبِي حَفْصِ
إمَامٌ أجَارَ الْحَقَّ لَمَّا اسْتَجَارَهُ / وقَدْ رَسَخَ الإذْعَانُ لِلْغَمْطِ والغَمْصِ
وهَبَّ هُبُوبَ المَشْرَفِيِّ مُصَمِّماً / لِتَأمِينِ ما يَخْشَى مِنَ الوَقْمِ والوَقْصِ
رَجَاهُ وكَمْ يُرْجَى نُهُوداً لِنَصْرِهِ / ومَا شاءَ مِن قَصْلٍ شَفَاهُ ومِنْ قَلْصِ
وطائِفَةٌ في الحَرْبِ طائِفَةٌ بِهِ / عَلَى واضِحِ المِنْهَاجِ في الخَوْصِ وَالخَرْصِ
عَدَاها عَنِ الإتْرافِ خَوْفُ مَعَادِهَا / فَلا البُرْدُ مِن قَسٍّ وَلا البَيْتُ مِنْ قَصِّ
نَصِيَّةُ أنْصارِ الهِدايَةِ تَنْتَقِي / صَوارِمُهَا هَامَ المُلوكِ وَتَسْتَنْصِي
لِرَايَتِهِ الحَمْرَاء حَيْثُ أَدَارَهَا / عَلَى المِلَّةِ البَيْضَاءِ مِنَّةُ مُقتَصِّ
ألَم يُورِدِ الأَعداء مُستَفظَع الرَّدى / لِعِيشَةِ مُغتَمٍّ بِمِيتَةِ مُغتَصِّ
ويَصْمُدُهُمْ بالعَقْرِ في عَقْرِ دارِهِمْ / لِيُحْيِيَ فيهِمْ سُنَّة الحسِّ والْحَصِّ
تَشَكَّى الهُدَى هَدَّ الضَّلالِ بِناءه / فَأَعْقَبَهُ مِن ذَلِكَ الهَدِّ بِالرَّصِّ
ودَوَّخَ أَصْقاعَ الشِّقاقِ وَسَكْنَهَا / بِصُيَّابَةٍ قُعْسٍ وعَسَّالَةٍ قُعْصِ
إِلى الفَصِّ والتَّكْسِيرِ ما جَمَعُوا لَهُ / ومَنْ لِمُصَابِ الْفَتِّ والفَصِّ بالرَّمْصِ
ولِلهَضِّ والتَّتْبيرِ مَا اعْتَصَمُوا بِهِ / وَماذَا الذِي يَبْقَى علَى الْهَضِّ والعَصِّ
تَمُرُّ بِهِمْ صَرْعَى لِعَطْفِ انْتِقَامِهِ / وكَمْ صَابَروا عَيْشاً أمَرَّ مِنَ العَفْصِ
وتَنْبُو لَها الأَبْصارُ حتَّى كأَنَّها / بِها وَهْي لَم تَرْمَصْ قَذَى الأَعْيُنِ الرَّمْصِ
طُلولاً تَرى الأَطْلاءَ تَمْحَصُ وَسْطَهَا / لأنْ مَصَحَتْ يا لَلْمصُوحِ وَلِلْمَحْصِ
أَلَطَّ بِها ما بِالْعُصاةِ مِنَ البِلَى / فَلَيْسَ بِمُنْفَضٍّ وَلَيْسَ بِمُنْفَصِّ
وَما السَّنةُ الشَّهْبَاءُ حَصّتْ نَبَاتَهَا / ولَكِنْ جِيادٌ غَيْرُ عُزْلٍ وَلا حُصِّ
تَخَايَلُ فِي قُمْصِ الدِّمَاء مَوَاضِياً / وَلَيْسَتْ بشمْسٍ عِنْدَ كَرٍّ ولا قُمْصِ
لَوَاحِقُ مِن آلِ الوَصِيِّ ولاحِقٍ / تَمَطَّرُ خُمْصاً تَحْتَ فُرْسانِها الخُمْصِ
لَهَا فِي سُلَيْمٍ مَا لَهَا في زَنَاتَةٍ / وَهُوّارَة مِنْ عُدّةِ الهَصِّ والرّهْصِ
سَلُوا عَن أَعَادِيهِ ذِئاباً وأَنْسُراً / تُخَبِّرْ بِما لاقَتْ مِنَ الوَحْشِ والوَحْصِ
بِلُصِّ نُيُوبٍ أوْ بِحُجْنِ مَخَالِبٍ / فَيَا لَك مِنْ حُجْنٍ رِوَاءٍ وَمِنْ لُصِّ
قَراها بِأَعْقَابِ القِرَاعِ كُبُودهُم / وأَعْيُنهُمْ بِالبَقْرِ يُشْفَعُ بالبَخْصِ
إذَا الإِضْحِيانُ الطَّلْقُ حَجَّبَ نُورَهُ / سَحَابُ مُثَارِ النَّقْعِ بالدَّحْضِ والدّحْصِ
وأَضْمَرَتِ الأذْمَارُ فِيهِ تَمَلُّصاً / عَلَى حينِ مُرّ الحَيْنِ أحْلَى مِنَ اللمْصِ
ولاحَ الصَّدَى البِيضَ الرِّقاق فَرَنَّقَتْ / لِتَكْرَعَ في مِثْلِ الأَضَاةِ مِنَ الدُّلْصِ
هَدَى وَجْهُهُ الوَضَّاحُ مَنْ حاصَ فَاهْتَدى / بِأَنْوارِهِ والشَّمْسُ خَافِيَةُ العَرْصِ
هُوَ القائِمُ المَنْصُورُ بِالدِّينِ والدُّنَى / وَصافِيهِما في قَوْمِهِ الصَّفْوَةِ الخُلْصِ
بَنُو الكَرِّ والإِقْدَامِ شَبُّوا عَلَيْهِمَا / وَشَابُوا فَمِنْ لَيْثٍ هَصُورٍ ومِنْ حَفْصِ
مَطاعِيمُ أَجْوَادٌ مَطاعينُ بُسَّلٌ / يَرَوْنَ عَظيمَ النَّقْصِ في هَيِّنِ النَّكْصِ
غَلَوْا قِيَماً إذْ أرْخَصُوا مُهَجَاتِهمْ / وأكْثَرُ أسْبَابِ الغَلاءِ مِن الرُّخْصِ
وَصَايا الإِمامِ المُرْتَضَى ما تَقَيَّلُوا / فَيَا رُشْدَ مَنْ وَصَّى ويَا فَوْزَ مَنْ وُصِّي
سِرَاجُ الهُدَى الوهَّاجُ أَلْقَى شُعَاعَه / عَلَى مَنْ نَمَى والفَرْعُ مِنْ طِينَةِ الأَصِّ
وفَتَّاحُ أَبْوابِ النَّجاحِ وَكَمْ ثَوَتْ / وَإِطْبَاقُهَا مُسْتَحْكَمُ الرصِّ وَالنَّصِّ
بِهِ انْجَابَ دَيْجُورُ الغَوَايَةِ وانْجَلَى / وللحَقِّ نورٌ صَادِعٌ ظُلْمَةَ الخَرْصِ
خِلافَتُهُ أَلْوَتْ بِكُلِّ خِلافَةٍ / كَذَلِكَ بُطْلانُ القِيَاسِ مَعَ النَّصِّ
لَدَيْهِ اسْتَقَرَّتْ في نِصَابٍ ونَصْبَةٍ / وَلِلشَّرَفِ المَحْضِ اكْتِفَاءٌ عَن المَحْصِ
ثَنَاها إِلَيهِ العِلمُ وَالحِلْمُ فَانْثَنَتْ / تُشيدُ بِعَلْيَاهُ ثَنَاءً وَلا تُحْصِي
وَما اشْتَبَهَتْ حَالُ المُلُوكِ وَحالُهُ / ألَمْ تَرَ أنَّ الفَضْلَ لَيْسَ مِنَ النَّقْصِ
أَغَرُّ مِن الغُرِّ الجَحَاجِيحِ في الذُّرَى / مَنَاقِبُهُ بُسْلٌ عَلى الحَصْرِ والخَرْصِ
تَمَلَّكَ أَفْرَادَ المَكَارِمِ والعُلَى / وَلَمْ يُبْقِ لِلأَمْلاكِ فِيهِنَّ منْ شِقْصِ
مُؤَيّدُ إِبْرَامٍ وَنَقْضٍ مُبَارَكٌ / لَهُ النَّصْرُ خِلْصٌ حَبَّذَا النَّصْرُ مِن خِلْصِ
تُسَاعِدُ أَحْكَامُ المَقَادِيرِ حُكْمَهُ / فَتُدْنِي الذِي يُدْنِي وَتُقْصِي الذِي يُقْصِي
ويَا رُبَّ جَبَّارٍ يهَابُ هُجُومَهُ / فَيُمْسِكُ إِرْهَاباً عَنِ النَّبْسِ والنَّبْصِ
عَلَى الحَرْبِ والمِحْرَابِ غَادٍ ورائِحٌ / يَرُوحُ إلى خَمْسٍ ويَغْدُو علَى خَمْصِ
هَدَايَا الفُيوجِ النَافِذَاتِ بِعَقْدِهِ / مَزَايَا الفُتوحِ الفَاتِنَاتِ لَدَى النَّصِّ
تَخُطُّ اليَرَاعُ الصُّفْرُ إمْلاءَ سُمْرِهِ / فَتُسْلِي عَنِ الوَشْيِ المُرَقَّشِ والنَّمْصِ
ويَنْظُمُ فيهِ الشِّعْرُ بَأساً إلَى النَّدى / كَما يُنْظَمُ الياقُوتُ فَصَّاً إلَى فَصِّ
إلَى جُودِهِ تَثنِي الأَمانِي وُجُوهَها / ومَنْ يَتَعَدَّ القَبْضَ أَفْضَى إلَى القَبْصِ
فَلا يَرْجُ ظَمْآنٌ سِوَاهُ لِرِيِّهِ / مُحالٌ وُجُودُ الظِّلِّ في عَدَمِ الشَّخْصِ
هُوَ الفَتْحُ أَدْنى حَوْزِهِ المَغْرِبُ الأقْصَى
هُوَ الفَتْحُ أَدْنى حَوْزِهِ المَغْرِبُ الأقْصَى / عَنِ الصَّوْلِ يُسْتَقْضَى وبِالعَدْلِ يُسْتَقْصَى
تَنَافَسَ فِي إِهْدَائِهِ المَاءُ والثَّرَى / بِما عَمَّ إِسْعاداً مُعاداً وَما خَصَّا
يُسِيمُ ويُرْوِي النَّاسَ مِنْهُ بِأنْعُمٍ / تَحَامَتْ ضُروباً أنْ تُعَدَّ وأَنْ تُحْصَى
تَعَرَّضَ مِنها كالأَعارِيضِ لِلْمُنَى / أَفانِينُ لا غَمْطاً قَرَتْها وَلا غَمْصَا
فَكَامِلُها لا يَدْخُلُ الخَزْلُ جَزْلَهُ / وَوافِرُها لا يَقْبَلُ العَقْلَ والْعَقْصَا
هِدَايَةُ يَحْيَى المُرْتَضَى أحْيَتِ الهُدَى / فَهَدَّمَ ما أرْسَى الضَّلالُ وَما رَصَّا
وَدَعْوَتُهُ دانَتْ بِطَاعَتِهَا الدُّنَى / فَمنْ مَجْمَع البَحْرَيْنِ لِلمَسْجِدِ الأَقْصَى
هَنِيئاً لأُولِي الحَضْرَتَيْنِ بِرُشْدِهَا / إِلى الحَقِّ إِحْضَاراً إِذَا اسْتَقْصَرَتْ نَصَّا
أهانَتْ ولَمْ تَظْلِمْ عَرَارَ رُعَاتِهَا / لِظُلْمٍ وَعُدْوَانٍ بهِ امْتَازَ واخْتَصَّا
وبَاحَتْ بِخَلْعِ المُسْتَبيحِ وأَفْصَحَتْ / وقَدْ فَحَصَتْ عَنْهُ فَمَا أحْمَدَتْ فَحْصَا
تَحُطُّ وَتَذْرِي عن مَنَابِرِهَا اسْمَهُ / وسِيمَاهُ صِلاً في عَوَادِيهِ أو لِصَّا
وَتُقْصِيهِ طَرْداً عَنْ ذرَاها عِصِيّهَا / جَدِيراً بِأَنْ يُقْصَى خَلِيقاً بِأنْ يُعْصَى
فَإِنْ شَقِيَ التَّثْلِيثُ مِنها لِغُصَّةٍ / فَقَدْ شُفِيَ التَّوْحِيدُ مِمَّا بِهِ غَصَّا
وإنَّ عَدُوَّ الدِّينِ مَنْ ظَاهَر العِدَى / لِيَخْذُلَهُ فَاسْتَنْصَرَ الشِّرْكَ واسْتَقْصَى
بعُبَّادِ عِيسَى هَاضَ أُمَّةَ أحْمَدٍ / لأَشْيائِهَا بَخْساً وأعْيُنِهَا بَخْصا
فَإنْ حَانَ مَنْكُوباً ونَكَّبَ حَائِناً / لَقَدْ حَصَّ مُنْفَلاً وَأفْلَتَ مَنْحَصَّا
دَرَى الأَسْوَدُ القَيْسِيُّ أَنَّ أمَامَهُ / رَدَى الأَسْودِ العَنْسِيِّ مُشْبِهِهِ خَرْصا
فَوَدَّ لَو اسْتَعْصَى عِنَاداً عَلَى الهَوَى / بِحَيْثُ رَأَى المَنْجَى عَلَيْهِ قَدِ اسْتَعْصَى
وأَمْعَنَ عَنْ فَاسٍ فِرَاراً وَدَعَّهُ / بخَيْلِكَ فَاسٌ يَحْذَرُ الفَرْسَ والفَرْصا
وَلَيْسَتْ لَهُ مَرَّاكشٌ بِقَرارَةٍ / وأَنَّى ومَازَالَتْ مُظَاهِرَةً حِمْصَا
سَتَضْرِبُهُ ضَرْبَ الغَرَائِبِ وَارِداً / لِتَحْرِمَهُ في شرْبِها العَبَّ وَالمَصَّا
وَتُسْلِمُ إخْوَانَ الصَّليبِ كَأُخْتِها / لِضَارِبِهِمْ هَبْراً وَطَاعِنِهِمْ قَعْصَا
ولا غَرْوَ أنْ قِيسَتْ عَلَى تِلْكَ هَذِهِ / فَكَمْ مِنْ قِيَاسٍ في عِدَاكَ غَدا نَصَّا
فَيَا وَهْيَ أسْبَابِ السَّبَاسِبِ كُلَّمَا / أذِيقُوا الرَّدَى قَبْضاً وَسِيقُوا لَهُ قَبْصا
وَيا خَرَسَ الفُصْحِ الذي سَنَّهُ لَهُم / وغَادَرَ فيهِ القُسُّ يَعْرضُ مَا قَصَّا
لِحمْصٍ مِنَ البُشرَى مُجيلاً قِدَاحَهَا / بِهَبَّتِهَا تَسْعَى لِمَحْصِ الهُدَى مَحْصا
وَيَا لشَرِيشٍ والْجَزِيرَةِ يَا لَهَا / ومَكْنَاسَةٍ والقَصْرِ عَزَّ فَلا وَهْصَا
وَلاقَتْ علَى حُكْمِ السَّعَادَةِ بُرْدَها / ومَا بَرِحَتْ أثْنَاءَ شِقْوَتِهَا رَهْصا
وَأَثَّتْ رِياشاً فاسْتَحَثَّتْ لِدَعْوَةٍ / عَلَى رَبِّها أَن يَكْفِي الحَسِّ والحَصَّا
أَمَا ابْتَاعَتْ الفَوْزَ العَظيمَ بِبَيْعَةٍ / مُؤَكَّدَةٍ لا نَكْثَ عَنْهَا وَلا نَكْصَا
وَعَاجَتْ عَلَى النَّهْجِ القَوِيمِ فَيَمَّمَتْ / إمَاماً وَقَاهَا يُمْنهُ الوَقْمَ وَالوَقْصَا
مِنَ القَوْمِ للْمِحْرَابِ والحَرْبِ أَخْلَصُوا / كِرَامَ المَساعِي والعُلَى صَفْوَةً خُلْصا
فَمَا عَمَرُوا إِلا المَسَاجِدَ أرْبُعاً / ولا اسْتَشْعَرُوا إِلا دُرُوعَ الوَغَى قُمْصَا
تَشَابَهَ نَجْلٌ في الكَمَالِ ونَاجِلٌ / وفي نَزَعَاتِ الفَرْعِ مَا يَصِفُ الأَصَّا
سَكِينَتُهُ أَعْيَا الأَئِمَّة نَيْلُهَا / وَهَيْهَاتَ جَلَّ الطَّوْد أّنْ يُشْبِهَ الدّعْصا
يهِيمُ بِحَمْلِ الخِرْصِ والسَّيْفِ سَالِياً / هَوَى كُلِّ خَوْدٍ تَحْمِلُ الشَّنْفَ والخُرْصَا
فَقَدْ حَمَلا عَنْهُ أحَادِيثَ بَأسِهِ / يُشَافِهُ ذا خَدّاً لِخَدٍّ وَذَا قَصَّا
أبَى وَهُوَ المَاضِي العَزِيمَةِ رُخْصَةً / بِحَاليَةٍ مِنْ كَفِّهَا عَنَماً رَخْصَا
وَلَمْ يَتْرُكَن في العِلْمِ والحِلْم والنَّدَى / لِمَاضٍ وآتٍ بَعْدُ حَظّاً ولا شِقْصَا
هِيَ الدَّعْوَةُ المَهْدِيَّةُ اسْتَخْلَصَتْ لَها / نُهَى القائِمِ الهَادِي فكَان لَهَا خِلْصا
بإِظْهارِها وَصَّى أبو حَفْصٍ الرِّضى / بَنِيهِ فَوَفَّى دُونَهُمْ مَا بهِ وَصَّى
وَوَلَّى وَلِيّ العَهْدِ ضُرَّ عُدَاتِهَا / ومِنْ عادَةِ الضِّرْغامِ أنْ يُضْرِيَ الحَفْصَا
لَقَدْ أوْضَحَ العَلْيَاءَ بَدْرُ هدَايَةٍ / بِخَوْضِ الوَغَى والشَّمْسِ قَدْ خَفِيَتْ قُرْصَا
حَرِيصاً علَى الدِّينِ الحَنِيفِ ونَصْرِهِ / ولَيْسَ علَى الدُّنيا بِمُسْتَبْطِنٍ حِرْصا
بِرَايَتِهِ الحَمراء يَصْطَلِمُ العِدَى / لِمِلَّتِهِ البَيْضَاء غَضْبَانَ مُقْتَصَّا
وَمَا أَمَّلَ العَافُونَ خَمْسَ بَنَانِهِ / فَلاقَتْ مَطَايَاهُم بِطَيِّ الفَلا خَمْصا
تَهَلُّلُهُ يُغْنيَكَ أنْ تَطْلُبَ الغِنَى / وفِي الظِّلِّ ما يَكْفيك أنْ تَرْقُبَ الشَّخْصا
أَيَا دَولَةَ الآدابِ والعِلْمِ سَامِحِي / بَليغاً إِذا أَفْضى لتِلكَ الحُلَى أفْصَى
ودُومِي بَهاءً لِلزَّمانِ وَزِينَةً / وجُودُك لا يَرْضَى لَنَا فَيْضُهُ القَبْصَا
فَكُلُّ تَمامٍ لَيْسَ يُؤْمَنُ نَقْصُه / وَهذا تَمامٌ باهِرٌ يَأمَنُ النَّقْصَا