المجموع : 70
عَلَوت كَما شاءَ العَزيز وَأَظهَرا
عَلَوت كَما شاءَ العَزيز وَأَظهَرا / وَأَحرَزتُ عزاً زادَ عَلياكَ مَظهَرا
وَما كَلف الأَقمار إِلّا لِأَنَّها / رَأَت منكَ صُبحاً قَد مَحاها وَأَسفَرا
إِذا الشَمس حَلَت مَنزِلاً تَبتَغي بِهِ / عُلاكَ اِكتَسَت ثَوبَ الغُروب معصفرا
تَمَنى مَصابيح السَماء لَو أَنني / أَتيت بِها في نَظم مَدحك أَسطُرا
لِأَنك بَحر لَو أَرَدت اِمتِداحه / أَفاضَت مَعانيه البَديعة أَبحُرا
مُحيط هُوَ العَذب الفُرات وَإِنَّما / أَرى عَجَباً أَن يَلفظ العَذب جَوهَرا
تَخَيرت مِن تلكَ الفَرائد وَصفه / وَغاية جُهد المَرء أَن يَتَخَيرا
لَجَأت إِلَيهِ وَاِعتَصَمت بِجاهه / وَوَكَلت بِالوَادي الخَصيب الغَضَنفَرا
فَلَو حارَبَتني الحادِثات لَأَحجَمَت / ذِئاب رَأَت في ذَلِكَ الغيل حَيدَرا
همام دَعته لِلشَهامة همة / بِذي يَزن سارَت فَطاول قَيصَرا
نمته إِلى الجدين سام وَيافث / فُروع أُصول دَوحِها الغَض أَثمَرا
سَقَتها شَآبيب المَعالي فَأَنضَرَت / وَلَكن عَليّ كانَ أَعلا وَأَنضَرا
وَأَورثه الإِسكَندر العَزم فَاِرتَقى / وَلَم يَقتَصر حَتى تَرقى لحميرا
فَفي العرب العرباء قَد طابَ مغرساً / وَعنصره السامي تَناول كَومَرا
مَكارم أَخلاق وَحُسن طَوية / وَرقة لَفظ كَالنَسيم إِذا سَرى
تَرفع عَن مَجرى الثُريا مَحَلَه / وَلَكن شُعاع الشَمس قَد يَطَأ الثَرى
عَلا وَاِستَفادَ الخَلق مِن فَيض فَضله / وَرَب سَحاب قَد سَما الأَرض أَمطَرا
بَلَغت مَن المَولى رَجائي وَإِنَّما / جَميل إِذا أَولى جَميلاً لَأَشكُرا
فَما العز مَقصور وَلا العز قاصر / وَلا المُرتَقى صَعب إِذا اللَه يَسَرا
وَإِني وَإِن لَم أَعطِ قَدرَك حَقَهُ / مِنَ الحَمد فَالمَولى مَتى شاءَ أَقدَرا
بَقيت بَقاء الدَهر لِلمَجد كُلَما / مَضى مِنهُ عَصر دُمت تَطويه أَعصرا
أَراكَ تَرى فكري عَلى الحَمد أَقدَرا
أَراكَ تَرى فكري عَلى الحَمد أَقدَرا / وَقَدرك أَجدى بِالمَديح وَأَجدَرا
وَقَصر عَنك الوَبل وَالقَطر في النَدى / فَجارَيت بِالآلاء كِسرى وَقَيصَرا
لِأَنك باريت السَموات رفعة / وَبرّك قَد أَجرى عَلى البَر أَبحُرا
وَإِني أَراكَ البَدر وَالشَمس في الضُحى / بِمَكة أَو كَالغَيث وَاللَيث في السَرى
وَكَيفَ تَباريك المُلوك وَمَن بَرا / أَحلك بِالبَيت المُحَرَم مَنبَرا
يؤمك مِن شَرق البِلاد وَغَربِها / مِن الوَفد راجي الرَفد أَشعَث أَغبَرا
وَذي ظِماءٍ وافى إِلى وَرد زَمزَم / فَأَورَده جَدوى يَمينك كَوثَرا
وَجَيش لهام يَضرب الهام في الوَغى / تَرَكتُ عَلَيهِ النسر قَد مَدّ منسرا
وَبيض بِبيض المُرهفات فَلقتها / وَسُمر جَلَت كَأس المَنية أَحمَرا
وَأَنعلت بِالتيجان خيلكَ فَاِنثَنَت / وَقَد صارَ مِنها أَخضَر اللَون أَشقَرا
إِذا أَصبَحت نَجداً أَظَل غُبارَها / هَذيلاً وَداسَ الهول دَوساً وَحَميرا
تَسير بِها مثل الجِبال كَتائِباً / تَخط بِسُمر الخَط في الأَرض أَسطُرا
فَتوردها صَدر الرَدى وَتردها / وَما كُل هاد أَورَد الخَيل أَصدَرا
بِذي لجب لَف السَباسب بِالرُبا / وَلَثَّم وَجه الأَرض حَتّى تَسَتَرا
تَعَرّض بَينَ الشَرق وَالغَرب وَاِرتَقى / لِنَجم الثُريا حينَ غَصَ بِهِ الثَرى
إِذا لَم تُطاولك المُلوك بِطولها / فَقَد بَسَطَت عُذراً لِمَن كانَ قَصرّا
وَمَن ذا الَّذي أَحرى بِمَجدك مِنهُمُ / وَمَدحك في التَنزيل جاءَ مُحَرَرا
وَأَعلى مُلوك الأَرض كِسرى وَلَم يَكُن / لَهُ نَسَب داني البُتول وَحَيدَرا
وَإِن كانَ بِالإِيوان أَظهَر فَخرَه / فَحَسبُك بِالمحراب وَالبَيت مَظهَرا
إِلى خَير خَلق اللَه تَنَمى أُصولَكُم / فَكُنتُم بِهِ في الناس أَكرَم عُنصُرا
وَقَد جاءَ مِنهُ لِلنَبيين خاتم / فَلَم يَرَ قَدرَ الكَون يَبلغ خُنصُرا
وَأَنتُم بَنوه وَالَّذين بِفَضلِهم / أَتى الروح بِالذكر المُبين مخبرا
وَمَن ذا الَّذي بِالشعر يَبلغ مَدحكم / وَفي هَل أَتى ما قَد أَتى وَتَصَدرا
فَيا اِبن الَّذ قَد سادَ في الحلم أَحنَفا / وَبَذل اللها معناً وَفي اليَأس عَنتَرا
أَتاني كِتاب مِنكَ بِالعَتب أَشرَعَت / أَسِنة مِن أَملى الكِتاب وَحبرا
أَتَحسَب أَني قَد تنصلت في الَّذي / بَعَثت بِهِ كَي لا أُلام
بَرئت مِن الإِسلام إِن كُنتَ كاذِباً / عَلَيكُم بِما قالَ الطَبيب وَحذرا
فَخُذها لِجَيش الحَمد فيكُم طَليعَةٌ / تَريكَ نَظاماً قَد تَقَدَم عَسكَرا
سَأَجري عَلَيكُم بِالقَوافي سَوابِقاً / إِذا رامَ مَجراها النَسيم تَعَثَرا
وَأَنظُر مِن شَكوى الملال لِفكرتي / وَآتي الَّذي أَملى العِتاب فَأَثرا
فَلا زلت مَقصوداً وَلا زلت قاصِداً / أَراكَ تَرى فكري عَلى الحَمد أَقدَرا
إِذا وَردت بي العيس مَورد حاجر
إِذا وَردت بي العيس مَورد حاجر / رَعَت في خَضيب بَينَ تلكَ المَحاجر
وَحَلَت مِن البَيت المُحَرَم في حِمى / تَحط بِهِ الأَوزارعَن كُلِ زائر
هُنالك لا أَرضى سِوى أَرض مَعشَر / لَهُم يَعتَزي شَطري فَيَعتَز سائِري
لَهُم قَصَبات السَبق مِن قَبل يَعرُب / إِلى المَجد وَالعَلياء مِن قَبل عابر
إِذا ماجَ بي بَحر البَديهة في الدُجى / فَمَدح بَني الزَهراء مِثل الزَواهر
بِهُم يَهتَدي فكري إِلى ذكر حمدهم / عَلى أَنَّهُ فَرض عَلى كُل ذاكر
وَلي في مَعاليهم مَدائح ناظم / لَهُ مِن أَياديهم مَنائح ناثر
إِذا لَم أَكُن أَثني عَلَيهُم فَإِنَّني / كَمَن قالَ باستحلال تَرك الشَعائر
أَلَم تَنظُر الآمال ما بَينَ وارد / مَكارم عَبد اللَه شَوقاً وَصادر
مَليك تَحَدى الدَهر بِالمَدح فَاِنبَرى / يماتنه فيهِ لِسان المَنابر
مَتى خَطَرت بي الأَريحية لَم يَكُن / إِلى خاطِري يَوماً سِواه بِخاطر
سَما بي إِلى أَوج البَلاغة وَصفه / عَلى أَنَّني لا أَرتَضي باسم شاعر
فَكُدت أُباري البَدر تيهاً وَقَد بَدَت / أَهلة شعري بَينَ أَهل المَشاعر
وَهامَت بِها في كُلِ واد رَواتها / وَأَترابها مَقصورة في السَرائر
نَوابغ لا تَهدي لِغَير مَملك / لَهُ الشَرف المَعالي كَريم العَناصر
شَريف بَعيد الصيت لا الذكر خامل / وَلا الفَضل مَقصور رَهين البَوادر
لَهُ الجود طبع لا التجشم مَوجب / نَداه وَلَن تَلقى الجهام بِماطر
لَهُ الكَرَم الفَياض ساغَ لِوارد / أَرى كُل حَوض دونَهُ حَوض مادر
وَأَقصَر مِن عَمر العِدى عُمر وَعده / وَفاءً وَأَمضى مِن مَواضي البَواتر
وَيَبدَأ بِالآلاءِ وَهِيَ أَدلة / عَلى حَمدِهِ ما بَينَ بادٍ وَحاضر
وَتَستَبق الآمال فيهِ وَإِن نَأى / إِلى غاية مِن جوده المُتبادر
وَتَحذر أَسد الغيل في الغَيل بَأسه / فَخادرها في غابه مثل خاذر
يَنفذ بَينَ البيض وَالبيض حُكمه / وَيفرق ما بَينَ الطَلا وَالمَغافر
كَميٌّ إِذا اِلتَفَ الوَشيج عَلى العِدا / رَمى كُلُ هام مِن همام بِطائر
مِتّى عَقَد الرايات رَوّى حُسامه / وَإِن حَلَّ أَرضاً غَصَها بِالعَساكر
يَزف كَما زَف العِقاب لِواؤه / عَلى كُل نسر مِن كماة المَناسر
تَعَمم أَياديه أَعاديه رَحمة / وَأَحسَن ما في الوجود رَحمة قادر
أَجل بَني مَن جاءَ لِلرُسل خاتِماً / وَشاهده بِالمَجد عَقد الخَناصر
لَهُ النعم العُظمى الَّتي قَبل أَوجبَت / لَهُ الشُكر مني بَعدَ أَول فاطر
هُوَ الغَيث فَاِحذَر أَن تَدفق وَبله / وَقُم عَن مَجاري سَيلِهِ غَير صاغر
نَدى يَفضح الأَنداء وَاللَفظ لُؤلؤٌ / وَمِن عادة الدَأماءِ لَفظ الجَواهر
وَبَيني وَبَين المَجد وَالحَمد وَالعُلا / وَعَون ابن عَون مِثل لمحة ناظر
وَعَنهُ وَمِنهُ سَوفَ أَروي وَأَرتَوي / إِذا وَرَدَت بي العيس مَورد حاجر
بِزَهو لَيالي الصَفو جاءَ بَشير
بِزَهو لَيالي الصَفو جاءَ بَشير / وَأَيدي التَهاني بِالسُرور تُشير
مَواكب عزٍّ أَشرَقَت حينَ أَشرَقَت / كَواكب سَعد قَد بَدَت وَبدور
وَقَد نَشَرَت لِلنَصر فَوقَ رُؤوسِنا / مَع السُؤدد الأَعلام أَينَ نَسير
وَطارَت بِنا تلك المطي كَأَنَّها / وَقَد أَسرَعَت يَوم الرَحيل طُيور
قسيّ صَناديد الوَغى بمتونها / سِهام وَأَقطار الفَلاة نَحور
مَدَدنا عَلى أَعناقِها السوط فَاِعتَدَت / وَكادَت عَلى هام السماك تَسير
وَرَدنا بِها ماء العَروس فعرّجت / إِلى مَورد العَرجاء وَهِيَ تَغير
وَكَحلت الأَجفان بالميل مُذ هَوَت / كَما قَد هَوَت نَحوَ الحَمام صُقور
قَطَعنا المَروري فَدفداً بَعد فَدفَدٍ / إِلى ان وَصَلنا وَاِستَمَر مَرير
فيمَّمت المَرعى فَقُلنا لَها اِرجَعي / فَربع المَعالي مخصب وَنَضير
وَدونَك مَرعى الجود راعي رُبوعه / فَثم غَدير المكرمات غَزيز
فَحَنت لَما قُلنا وَأَلقَت رِحالها / وَذلل مِنها الصَعب وَهُوَ عَسير
ضَرَبنا خِيام المَجد شَرق عَنيزة / وَكُلٌّ لَهُ فَوقَ النُجوم سَرير
لَثمنا بِها كف ابن عَون محمد / فَفاضَت عَلَينا بِالنَوال بُحور
كميّ كَريم أَريحي غَضَنفر / يَكاد عَلى جور الزَمان يُجير
لَهُ همم في المَجد تَسمو كَأَنَّها / قَد اِرتَفَعَت فَوقَ النُسور نُسور
يُنادي مُنادي المَوت عِندَ مَجاله / وَخَيل المَنايا بِالعِداة تَدور
بِأَي النَواحي تَنزلون وَقَد غَدا / عَلَيكُم نَواح الصارِخات يَثير
وَأَسمَر مَثل الغُصن بِالمَوت مُثمر / عَلَيهِ قُلوب المُعتَدين تَطير
وَسَيف بِكَأس الحَتف طافَ عَلَيكُم / فَذوقوا فَما لِلظالمين نَصير
وَأَني لنجد نَجدة وَسيوفنا / لَها المَوت حَدّ وَالرِقاب جَفير
إِذا لَمَعَت كَالنجم في غَسق الوَغى / يَلوح لَها فَوق المَجَرة نور
وَأَرماحنا مِن صَدر كَل غَضَنفَر / لَها أَين كُنا مَورد وَصَدور
فَيا ملك الدُنيا وَمن حُسن ذكره / كَصارمه بَين الأَنام شَهير
أَطاعَكَ خَوفاً فَيصَل مِن سميه / وَذلّ وَما كُل السُيوف ذُكور
وَأَبصر في كَف ابن عَون مُهنداً / يَرويه قرم بِالضراب خَبير
فَظَل يَذود النَوم عَنهُ لرعبه / وَمِن حَولِهِ لِلثاكلات زَفير
وَأَطفَأ نيران الحُروب بِدَمعه / وَما أَطفَئت بِالدَمع قَبل سَعير
رَآها وَما شَبَت فَشابَت قُرونه / وَما اتقدمت فَانقاد وَهُوَ صَغير
وَيا طالَما أَفنى الجموع بِسَيفه / وَمِن حَولِهِ لِلأعوجية سور
كَتائب أَبطال يَبدد شَملها / هَزبر عَلى هَول الحُروب جُسور
وَما كُل مَن وافاه مثل مُحمد / خَبير بِتَدبير الجُيوش بَصير
رَأى ملكاً في الحكم كَالرُمح عادِلاً / وَفي الحَرب كَالسَيف الصَقيل يَجور
مَنون بِهِ طَرف العَدو مُسهد / أَمانٌ بِهِ طَرف الصَديق قَرير
رَأتهُ الأَعادي كَالقُبول إِذا سَرى / فَوَلّت عَلى الأَعقاب وَهِي دبور
لِهَذا قَد اِندَقَت مَفاصل فَيصَل / وَكادَت عَلَيهِ الدائِرات تَدور
وَلَكنهُ لِلحادِثات مُجَربٌ / وَيَعلم عُقبى ما إِلَيهِ يَصير
تُلافي أُمور الملك قَبل تلافه / وَمِن غَير رأي لا تَتم أُمور
وَلما رَأى عَبد العَزيز بَريدة / أَتاها نَذير مِنهُ جاءَ يَزور
وَوافى يَقود القود وَالخَيل مُسرِعاً / عَلى الرأَس يَمشي وَالفُؤاد يَطير
يُبَشِرُنا عَقد اللِواء بِنَصرة / بِها ابن لُؤيّ لِلعَدو نَذير
سَمونا عَلى هام السماك تَرفعاً / فَلَيسَ لَنا في ذا الزَمان نَظير
بِبيض رِقاب القَوم أَضحَت قرابها / وَسمر لَها صَدر الخَميس سَمير
وَكَم مِن أَغَرٍّ بِالسِنان محجل / بِأَدمية لا يَعتريه فتور
إِذا ما عَدا صُبحاً وَغارَ عَلى العِدى / تَرى موريات القَدح كَيف تَغير
تَرَكنا مَطيراً في الفَدافد شردا / فَمنهم قَتيل في الوَغى وَأَسير
طَويناهُم طَيّ السجل بِأَرضهم / فَلَيسَ سِوى يَوم النُشور نُشور
نَهَبنا نُفوس القَوم وَهِيَ عَسيرة / وَعَفنا نَفيس المال وَهُوَ يَسير
رَميناهُم بِالشُهب وَالصُبح واضح / فَأظلم مِن لَيل العَجاجة نير
كَأَنَّهُم فَوقَ السَوابق خَرّد / لَهُنَّ مُتون الصافِنات خُدور
فَما فيهم قُرم يُمانع عَنهُم / وَقَد هُزموا أَو بِالثَبات يَشير
وَلِلبيض في الأَعناق عِندَ اِعتِناقَهم / صَليل وَللسمر الدقاق صَرير
فَكانَ دَمار القَوم بَعدَ حَياتَهُم / دَليلاً عَلى أَن الحَياةَ غُرور
وَلَم يَبقَ مِنهُم مَن يُواري مجندلاً / فَلَيسَ سِوى جَوف الطيور قُبور
وَكَم عُرباً مِن شدة الرعب غادَرَت / لهيبتنا الغدران حينَ نثور
يَرون إِذا ناموا كَأَنّا نَدوسَهُم / وَلِلخَيل في تلك الرُؤوس عَثير
يَروعَهُم سَيف ابن عَون بِن مُحسن / فَتى مِنهُ تَصريف الزَمان حذور
كَذا يَطرد الأَعداء مَن يَطلب العُلى / وَيَرقى مَراقي المَجد وَهُوَ جَدير
فَيا مَن سَما فَوق السَماكين قَدره / فَلا سُؤدد إِلّا إَلَيهِ يَصير
وَيا فالق الهامات مِن دون جُنده / وَللأَسد مِن تَحت العَجاج زَئير
قَطَعت إَلَيكَ البيد في طَلب العُلى / وَذاكَ بِفَضل مِن نداك يَصير
وَلَيسَت يَدي عَما أَروم قَصيرة / وَلَكِنَّما باعَ الزَمان قَصير
لَعَلّي بِفَضل منك أَبلَغ خطة / يَقصر عَنها أَول وَأَخير
أَهوّن بِذُل النَفس مِن دون عزّها / وَكَيف يَهون الأَمر وَهُوَ عَسير
سَتصحب مني يا ابن عَون غَضَنفَراً / وَإِن كُلّ مِنهُ الظَفر فَهُوَ ظَفور
وَإِن ضَعفت أَعضاؤه إِنّ قلبه / قويّ عَلى ما يَعتريه صَبور
وَسَوف تَرى مني اللَيالي عَجائِباً / وَتَحَدَث مِن بَعد الأُمور أُمور
لحى اللَه دَهراً ساوَرَتني صُروفه / ليعظم في عَينيّ وَهُوَ حَقير
رَأى صَغري فَاِستَصغَر الدَهر همتي / وَلي همم لَو صادمته يَمور
فَلا تَعذلوه إِنّ مِنهُ تَعجبي / قَليل وَلَكن مِن بَنيه كَثير
إِذا ما اِستَقام المَرء فيهُم تَعَوَجوا / كَأَن سُرور المخلفين شُرور
قَد اِتَفَقوا لَكن عَلى الخَلف بَينَهُم / وَكُل امرئٍ يَهوى الخِلاف غَدور
عَسى وَلَعَل اللَه يَرغم أَنفَهُم / بِسَيف اِبن عَون وَالإِله قَدير
وَدونَك يا نَسل الكِرام قَصيدة / لَها البَدر طرس وَالنُجوم سُطور
بَلاغة قَول ما لَها مِن مُطاول / يَقصّر عَنها عَنتر وَجَرير
بِحَمدك قَد سادَت وَما كُل شاعر / لَهُ بِاِمتِداح الأَكرَمين شُعور
أَتاكَ بِها كَالشَمس في الحُسن وَالبَها / مُحبٌّ لَما أَسدَت يَداك شُكور
إِذا ما اِستَهَلَّت في بَراعة مَدحَكُم / تفاوح مِن مسك الخِتام عَبير
غَرَست بَوادريهُم وِداداً تَرَعرَعا
غَرَست بَوادريهُم وِداداً تَرَعرَعا / وَلَو عاهَدوه بِالوَفاء لأَمرعا
عَلى أَن ذاكَ الغَرس أَثمَر بِالنَوى / وَجانيه قَلب بِالنَوى قَد تَقَطَعا
سَقتهُ فروّته عُيون تَفَجَرَت / فَأَجرَت عُيوناً وَهِيَ تحسب أَدمعا
سَأَطوي بِوَخد البُزَّل البيد في الدُجى / وَأَقطَع مِن تلك الفَراسخ أَذرُعا
وَأَحدو المَطايا بِالحَنين وَرُبما / رَكِبت جَواري البَحر للبر شرّعا
إِلى ابن رَسول اللَهِ وَابن وَصيه / لِبَدر تَحَرى مَهبَط الوَحي مطلَعا
لمتخذ دار الخِلافة مَوطِناً / وَنَشر سَجاياه طوى الأَرض أَجمَعا
سَما لِلمَعالي بِالعَوالي وَقَد رَقى / مَكاناً عَليا كاسمه وَتَرَفعا
وَأَحرَز مَجد الأَولين وَمَن أَتى / أَخيراً وَلم يَتبع قباذاً وَتَبعا
وَهَل يَترك النور المُبين مِن اِهتَدى / وَيَطلب مِن بَعد النَبيّ مشرعا
يَرى الحَزم قَبل العَزم فيما يَرومه / فَيَجعَل مِنهُ السَهل ما كاَن أَمنَعا
شَريف لَهُ الذكر الجَميل وَحَسبه / مِن الحَمد ما أَبدى الكِتاب وَأَبدَعا
همام عليّ القَدر لا البَدر بالغ / علاه وَلا بَهرام مِنهُ بِأَرفعا
لَو اِنتَظَمَت زَهر الكَواكب لَم تَجد / سُلوكاً سِوى مَدحي إَلَيهِ وَمهيعا
وَغاية عرفان البَرية أنه / كَريم مِن الأَصل الكَريم تَفَرعا
يَقولون لي هَلا تَحريت وَصفه / فَقُلت بودي أَن أَقول وَيَسمَعا
وَهَيهات أَن أُحصي النُجوم زَواهِراً / وَلو زَلَ عَنها كُل غَيم وَأقشَعا
تَضيق أَساليب البَديع فَمدحه / أَحاطَ بِما ضَم المُحيط وَأَوسَعا
إَلَيكَ اِبن عَون قَد نظمت قَلادة / تَجانس تاجاً بِالجمان تَرَصَعا
فَكُنتُ كَمَن أَهدى إِلى البَحر لُؤلُؤاً / وَلِلشَمس مصباحاً وَلِلسَيف مبضعا
وَما زلت أَهلاً لِلصَنيع وَلَم يَكُن / وِدادي إِلى آل النَبيّ تَصَنعا
أَحبهم ما دمت حَياً ديانة / وَاِرغَب لَكن عَن سِواهم تَرَفَعا
وَقَد سارَ شعري بَينَ شَرق وَمغرب / فَما اِختارَ غَير البَيت وَالآل مَوضِعا
وَما طارَ في الآفاق بدعاً مَديحَهُم / وَلكنه نَشر زَكيٌّ تَضَوعا
لَئن كُنتُ قَد أَحسَنت في آل محسن / فَحُب ذَوي عَون الكِرام الَّذي دَعا
فُروع أُصول أَينَعَت ثَمَراتِها / وَأَحسَن ما في الرَوض ما كانَ أَينَعا
فيا اِبن الَّذي قَد فَرق المال وَالعِدا / وَفي جَمع آل البَيت ساوى مُجمعا
أَراني أَتحفت السَماء بِأَنجُم / وَرَب رَحيق بِالمَزاج تَشَعشَعا
وَجَردت لَكن مِن مَعاليك مقولاً / وَأَجريت لَكن مِن مَعانيك يَنبعا
فَجئت بِها مثل الثَنايا تَناسَقَت / وَدر حباب توّج الجام مترعا
تَقبل مِن يَمناك لليمن قبلة / وَتَسعى لِتَقبيل اليَسار تَطَوعا
تَيمنت في قَصدي بلمعة بارق
تَيمنت في قَصدي بلمعة بارق / وَما لمجاز القَول فعل الحَقائق
وَأَورَدت آمالي المَعالي وَلَم أَهب / وَرود العَوالي أَو صُدور الفَيالق
وَجاريت في النَظم الجَواري مُسابِقاً / بِهِ غرراً زانَت وَجوه السَوابق
يَقولون لي زيد رَوى فَضل خالد / فَقُلت حَديث ساقه غَير صادق
أَرى قَصَبات السبق في حَلبة العُلا / وَما كُل سبّاق إَلَيها بِلاحق
فَحَتّى مَتى تَغريب نَجم بلاغَتي / وَما يَتَجَلى الصُبح مِن غَير شارق
أَسامٍ بِلا سامٍ وَحامٍ إِذا طَغى / زَمان بِطوفان مِن الهَم دافق
فَغادرت قَوماً لا يُقال بظلَهُم / لَأَنعَم في ظل مَديد السَرادق
وَفارَقت أَبناء الزَمان مَسيراً / مَديح جَميل الذكر بَين المَفارق
تَخيرت مِن هَذي الخَلائق جَهبذاً / خَليقاً بِأَن يَدعى كَريم الخَلائق
قَد اِبتَدأتني مِنهُ قَبلَ لِقائِهِ / مَكارم فَياض اللهى خَير سابق
تَعلمني حَسن الثَناء صِفاته / وَنَظم صحاح الجَوهر الُمتَناسق
فَأَيقنت إِنَّ البَحر يَلفظ لُؤلُؤاً / يَروقك في جيد مِن الحُسن رائق
تَود مَصابيح السَماء لَو أَنَّها / أَعيرت مَكان الصَمت حلية ناطق
فَتَروي كَما يُروى النَدى عَن سَحابِهِ / أَيادٍ تَوالَت مِن أَيادٍ دَوافق
وَثقت بِهِ مُستَظهِراً لاعتماده / عَلى ناصر تَرجوه آمال واثق
وَنَزهت طَرفي في حلاه كَناظر / إِلى سود أَحداق وَخُضر حَدائق
وَفي طَلب الخَلق اِتباع سميّه / دَليل عَلى تَعظيمه عِندَ خالق
بِمَن تَفخر الدُنيا إِذا لَم يَكُن بِها / شَبيه أَبي سُلطان حامي الحَقائق
فَمَن مثله وَالبَدر عندَ تَمامه / إِذا رامَ أَن يَحكيه يَرمي بِماحق
لَهُ هِمم مضّاءة وَعَزائم / تَسامَت عَلى هامات شَم الشَواهق
وَفيٌّ ذَكيٌّ لَوذعيٌّ إِذا اِرتَأى / هُديتَ بَرأي الأَلمَعي المُوافق
لَدى مِسلق سَوق البَلاغة نافق / لَدَيهِ وَلم يَسمَع نفاق المُنافق
خَبير بِتَصريف المَعاني فَلفظه / لدقته فَخم جَليل الدَقائق
فَدَعني مِن رَجم الظُنون فَإِنَّها / تَصور لِلأَفكار بَعض الخَوارق
فَقُل لِلوَرى إِني تَجَنبت غيره / تَجَنَب مَعشوق مَصون لِعاشق
وَسَيرت مِن فكري شُروداً زففتها / إِلى الكفء تَهدي مِن مُشوق لِشائق
لترتع في رَوض تَروي مِن الحَيا / وَقَطر النَدى فيهِ حَياة الخَلائق
يَرنح تِذكار المَعارف عَطفه / فَيَصبو وَلا يَصغى لِقَول اللقالق
أَتَتهُ عَلى اِستحياء حَوراء قَد غَدا / بَديع قَوافيها لَها كَالنَمارق
وَقَد بَدأته بالتَحية إِذ بَدَت / وَفُضَّ خِتامُ المسك عَنها لِناشق
أَرى لَمع بَرق مِن ثَناياك مُشرق
أَرى لَمع بَرق مِن ثَناياك مُشرق / أَضاءَ سَناه بَين غَرب وَمُشرق
فَغادر لَو اللَيل كَالفَرق أَبيَضاً / وَقَد كانَ مسوَداً كَيوم التَفَرّق
بَسمت لَنا عَن لُؤلؤ في عَقيقة / تَلألأ فيها نور جَوهره النَقي
يَرينا حباباً مِن ثَناياك في فَم / حَكى الكَأس لُطفاً وَهُوَ عَين المُحقق
فَهاتي أَذيقينا الرَحيق مُسلسلاً / مِن الريق أَعني لا الرَحيق المُعتق
وَطوفي بِهِ جوداً عَلَينا فَقَد صَفا / زَمان الصَفا وَاسعي بِهِ وَتَصَدقي
وَلا تَحرمي يا كَعبة الحُسن مِن طَوت / إَلَيكَ بِهِ الدُنيا مَطايا التَشوق
فَما لذة الأَيّام غَير مدامة / تدار عَلى سَجع الحَمام المُطَوق
بِرَوض إِذا ما جَنّ ماء غَديره / تَسلسل في أَصل الأَسيلات ما بَقي
تَراسَلَت الأَطيار فَوقَ غُصونه / كَأَنَّ عَلى الأَوراق وَشي مُنَمق
إِذا اِعتَنَقَت فيهِ الحَدائق راعَها / جَنى نَرجس يرنو إَلَيها كمحدق
وَإِن كتم الرِيحان سَر أَريجه / يَطير بِهِ النمام في كُل مفرق
وَإِن حَدَث النَهر الحَصى بِصَفائِهِ / يَميل إِلَيهِ البان في زيّ مُطرَق
تَروح برياه النَسيم وَتَغتَدي / فَتفترق الأَغصان طَوراً وَتَلتَقي
تَدر عَلَيهِ السُحب دُراً كَأَنَّهُ / قَلائد مَدحي في السَعيد المُوَفَق
هُوَ المُحسن المَقصود مِن آل مُحسن / وَأَشرَف مَن يَسمو المَعالي وَيَرتَقي
وَمَن فَرَق الأَعداء في كُل مَفرق / وَفلق منها الهام في كُلِ فَيلَق
أَدامَ السَرى فَالعرب مِن تَحت بَيرَق / تَحف بِهِ وَالتُرك مِن تَحت صَنجَق
تَضيق صَدر الأَرض كَثرَةُ جَيشِهِ / وَتَوسَع قَلب المَأزق المُتَضيق
لَو اِتَخَذَت أَعداؤه النَجم مَلجَأ / غَزاها عَلى شُهب مِن الخَيل سَبق
يَعلمها حسن الطراد اِقتِحامه / بِأَعلامهِ في مَأزِقٍ بَعدَ مَأزقِ
فَتى لا يَرى يَوم الكَريهة لافِتاً / عِنان كَمَيت أَو شَكيمة أَبلَق
إِذا التَهَبَ السَيف الرَقيق لَدى الوَغى / وَرَوى صَداه بِالدَم المُتَرَقرق
تَرى بَرق ماضي في غمام عَجاجة / وَسَيل دَم بَين الرُبى مُتَدَفق
فَيا ناهب الأَعمار يا غير جائر / وَيا واهب الأَموال يا خَير مُنفق
وَيا جامِعاً شَمل المَعالي وَشامِلاً / جَميع البَرايا بِالنَوال المفرّق
يَمينك وَالسَيف اليَماني فيهُما ال / مُنى وَالمَنايا لِلسَعيد وَلِلشَقي
فَلَم يَمضِ يَوم ما فَلقَت صَباحه / بِبَذل نَدى هام وَهام مُفلق
فَداعيك مُرتاد وَعاديك مُرتدٍ / وَيا نَعم ما تَرجو الأَنام وَتَتَقي
سَمَت بِكَ يا اِبنَ العَبدَليّ عَزائم / مَواض عَلى فرق الفَراقد تَرتَقي
وَخُذها عروباً أَعرَبَت عَن صِفاتَكُم / بَلاغتها قَد أَخرَسَت كُل مسلق
وَما أَنا إِلّا ناظم دُرَّ فَكرَتي / وَلَم أَنتَحل فيما أَقول وَأَسرق
وَما هُوَ إِلا ماء وَجه أَصونهُ / بِتَنزيه لَفظي عَن كَلام مُلفق
فَلا تَعدلوا مثلي بشر عصابة / فَمنطقة الجَوزاء مِن دون مَنطِقي
وَإِن يَعترضني في عُروضي جاهل / وَعرض لي عَرضاً كَثَوب مخلق
فَلا كُنت قلت الشعر ان لَم أَكُن بِهِ / أَمزق ذاكَ العَرض كُل مُمَزق
لِيَعلَم مَن في الشَرق وَالغَرب أَنني / صَفَعت جَريراً قَبل صَفع الفَرَزدق
وَما دامَ عَبد اللَه ذخري وَمَلجَأي / وَعَوني شَفيت النَفس مِن كُل أَحمَق
وَدونَك يا سَبط ابن عَون وَليدة / تَميس دَلالاً في حلا فكر مُغلَق
نُجوم بَديع في سَماء بَلاغة / تَزاهَت بِنور مِن مَعاليك مُشرق
إِذا طَرَقَت سَمع الفَتى فعلت بِهِ / لَباقَتِها فعل السلاف المُروق
تَطوف بَكَأس مِن صِفاتك ختمها / نَوافح مسك بِالمَدائح أَعبَق
هَل ابن سَبيل يَسأل اللَه رحمة
هَل ابن سَبيل يَسأل اللَه رحمة / إِلى روح إِبراهيم ذو نفسٍ زَكي
وَيَروي هَنيئاً ثُم يَروي مُؤرِخاً / سَبيلاً زَكيّ الخَير مَورِده زَكي
تَراءَت لَنا شَمس مع السَعد أَشرَقَت
تَراءَت لَنا شَمس مع السَعد أَشرَقَت / وَحَلَت مِن العَلياء أَعلى المَنازل
وَلاحَت بِتَوفيق مِن اللَه قَد سَما / لَها طالع مِن نورها غَير آفل
وَقَد أَقبَل الإِقبال يَزهو مُؤرخاً / جَلا كل حَسن طَيب مَولد ناظِلي
خُذ المَجد مِن بَين القَنا وَالمَناصل
خُذ المَجد مِن بَين القَنا وَالمَناصل / وَبِالهمم العليا لِأَقصى المنى صلِ
هُوَ العز لَكن لا تجاب دُروبه / سِوى بِضِراب فيهِ فَصل المَفاصل
وَإِن لَم يَطل للمرء باع برمحه / تَجده ذَليلاً باعه غَير طائل
وَمَن لَم يَروِ السَيف مِن دَم خَصمه / غَدا صادياً لا يَرتَوي بِالمَناهل
وَمَن لَم يَنَل بالعَزم أَقصى مَرامه / رَماه بِسَهم العَجز كَف التَكاسل
وَمَن كانَ عَن طود العلا مُتقاعِداً / يَهدِ ذرى عَلياه وَقع الزَلازل
وَمَن لَم يَكُن في العز أَوحَد قَومه / ثَنَته يَد الإِذلال بَينَ المَحافل
وَمَن كانَ عار عَن حلى المَجد وَالعلا / تَردّى بِثَوب العار بَينَ الجَحافل
وَمن لَم يَكُن يَحيى بِهِ الفَضل مَيت / وَلا سيما إِن كانَ مِن آل فاضل
أُناس عَلَيهُم سلط اللَه عَبده / وَخَصَهُم بِالمُقت دونَ القَبائل
فَكرّ عَلَيهُم كرة عَبدليّة / وَطالَ عَلَيهُم بِالقَنا المُتَطاول
وَحازَ بَعَون اللَه نَصراً عَلَيهُم / فَأَورَدَهُم في الحَرب شَرّ المَناهل
وَمَزَقَهُم بِالسَيف كُل مَمزق / فَطاروا وَلَكن فَوقَ ريش الذَوابل
فَوارتهم عَنهُ الطُيور وَقَد سَطا / عَلَيهُم بِضَرب مثل وَقع الجنادل
هُم أَيقَظوا عَين الرَدى وَتَناوموا / فَأَيقَظَهُم رَكض الخُيول الصَواهل
وَمَن نامَ عَما قَد جَناه تَنبَهَت / إَلَيهِ عُيون الإِنتِقام بِخاذل
وَمَن يَجعَل العُدوان وَالغَدر شيمة / يُسالم أَطراف الرِماح العَوامل
سَلوا عَنهُ بيض الهند يَومَ يلملم / فَكَم لَمم شابت بزرق المَناصل
وَمُذكرّ عَبد اللَه كَم طَلل عَفا / وَكَم قَد عَفا بالحلم عَن كُلِ جاهل
رَعى اللَه عَزم العَبدليّ فَإِنَّه / كَصارمه يَمضي بِحدة فاصل
فِداء ابن عَون كُل مَن كانَ منجِباً / فَما كُل سَيف فاتك بِالحَمائل
وَلا كُل عَزم قاطع مثل عَزمه / وَلا كُل سَهم صائب في المقاتل
قَوي بِعَون اللَه سُلطان عزه / لَهُ شَرف مِن فَوق هام العلى علي
شُجاع كميّ في الوَغى لا تَروعه / إِذا صالَت الأَعداء صَولة صائل
فَيا بَحر جود طابَ لِلناس وَرده / وَما كُل بَحر طابَ عَلاً لِناهل
إَلَيكَ عَروساً قَد تَحَلَت بَوَصفكم / أَتَت تَتَهادى في حليّ الشَمائل
مهفهفة ما اِفتَضَها فكر شاعر / وَلا سَمَحَت يَوماً لَهُ بِتَواصل
وَقَد زانَها حُسن الخَتام فَأَقبَلَت / تَقبّل مِنكَ الكَف يا خَير كافل
جَمَعتُم بِصُدق العَزم شَمل الفَضائل
جَمَعتُم بِصُدق العَزم شَمل الفَضائل / وَفَرَقتُم أَموالَكُم بِالفَواضل
فَما صلتم إِلّا وَصلتُم لِغاية / يَقصر عَنها في العُلا كُلُ طائل
هَزَزتُم عَوالي الذابِلات لِتَجتَنوا / ثِمار المَعالي مِن غُصون العَوامل
رَفَعتُم نَواصي الخَيل حَتّى كَسَرتُم / جُيوش الأَعادي بَينَ كُل المَنازل
مَلَأتُم قُلوب العرب رُعباً وَكُنتُم / كِرام بَني الدُنيا وَخَير القَبائل
فَما لَكُم في المَجد يا آل محسن / نَظير وَلا في جودَكُم مِن مُماثل
فَما جلتم في الحرب إِلّا جَلَوتُم / ظَلام لَياليها بَصُبح المناصل
وَأَطلَعتُم نَجم الأَسنة في الوَغى / وَأَرسَلتُم شُهب الخُيول الصَواهل
بَنَيتُم بُيوت المَجد يا آل مُحسن / فَصارَت لَها كَالعَرش سُمر الذَوابل
فَأية أَرض مادحتها خُيولَكُم / بِوَقع الحَوافي فَوقَ صُمّ الجَنادل
إِذا ما دَعى يا آل محسن صارخ / يَلبيه مِن أَبطالكم كُل باسل
جَعَلتُم دَم الأَبطال لِلخَيل مَورِداً / فَصارَ لَدَيها خَير وَرد لناهل
حَميتُم حِمى البَيت الحِرام مِن العِدى / بِبيض المَواضي وَالقَنا وَالقَنابل
وَحزتم كَمال الفضل وَالمَجد وَالعُلا / فَصارَ لَنا ظل بِكُم غَير زائل
لِأَنَكُم في الأَرض أَفضل مَن بِها / وَأَكرَم أَهليها وَأَهل الفَضائل
وَما دامَ صَمصام ابن عَون مُجَردا / كَسَيتُم بِثَوب العزّ بَينَ المَحافل
كَريم كَأَن البَحر مِن جود كَفه / يَفيض فَيَسقي كُل خصب وَما حَل
بَسيط العَطايا وافر الجود وَالنَدا / طَويل نَجاد السَيف صافي المَناهل
إِذا أُمه المُضطَر مُستَنجِداً بِهِ / أَناخَ المَطايا بَينَ نَيل وَنائل
وَتلك الأَيادي العَبدَلية في الوَرى / تَحل حُلول البَدر بَينَ المَنازل
فَحَسب ذَوي عَون مِن المَجد أَنهم / سَموا لِلمَعالي بِالمَليك الحَلاحل
وَحَسبي صدقي في بَديع صِفاتهم / إِذا قُلت لَم أَترُك مَقالاً لِقائل
فَلا تَجزعن مِن كَسر غمد فانه
فَلا تَجزعن مِن كَسر غمد فانه / دَليل عَلى النَصر القَريب المعجّل
حسامك أَضحى يا ابن عَون مجرَّدا / فَلَم يَرَ غمداً غَير هامة فَيصَل
رَفَعتَ عِماد المَجد فَوقَ النَعائم
رَفَعتَ عِماد المَجد فَوقَ النَعائم / فَلا غَرو إِن أَضحى قَوي الدَعائم
وَأَسَست أَركان العلى وَرُبوعَها / وَشَيَدتُها تَشييد ماضي العَزائم
بِأَبيض مَصقول الحَديدة مُرهف / كَأَنَّ عَلَيهِ المَوت ضَربَة لازم
وَأَسمَر لَو يَنساب في حَومة الوَغى / سَعى يَطلُب الأَعداء سَعي الأَراقم
وَمَن كانَ يَبني بِاللهاذم مَجده / فَما لِعُلاه مِن سَبيل لهادم
لِأَن المَعالي بِالعَوالي تَأَسست / وَأَسوارُها شَيَدَت بِبيض الصَوارم
رَأَيتُكَ أَمضيت الأُمور وَإِنَّما / بِهنّ جَرى المَقدور مِن قَبل آدم
وَأَوسَعت بِالجود الوجود وَلَم تَزَل / إِلى أَن ذَمَمنا بخل مَعن وَحاتم
فَلا أَحَد إِلّا وَأَمَّك راغِباً / لِتورده كَفاك عشر سَواجم
وَأَنتَ الكَريم البرّ في السلم تَرتَجي / وَتَحذَر في بَحر الوَغى المُتَلاطم
فَلَولاكَ قالَ الرُمح لَست بِعامل / وَلَولاك قالَ السَيف لَستَ بِصارم
فَمَن مُبلغ الأَيّام عَني بِأَنَّني / ضَرَبت خيامي في عرين الضَراغم
وَأَورَدت آمالي نَداهم وَفَضلَهُم / فَما صَدَرَت عَنهُم بِصَفقة نادم
ضَرَبتُ عَن الأَملاك صَفحاً وَغَيرَهُم / وَجئتك يا بَحر الغَنا وَالغَنائم
فَلا تَستَمع قَول الوشاة فَإِنَّني / نَظمتهم عِندي بسلك البَهائم
فَما أَبغَضوا مثلي سُدى غَير أَنَّهُم / يَعدّون مَدحي فيكُم كَالمآثم
أَلَم تَرَ حساناً وَلي أَسوة بِهِ / وَما كانَ يَلقى مِن عِدا آل هاشم
إِذا زَعَموا أَني مَع الفَضل جاهل / فَقُل لَهُم هاتوا فَصاحة عالم
وَمَن ذا يُجاري ما أَقول بِزَعمه / وَشاطيء بَحري مغرق كُل عائم
أَنا المُحسن الأَقوال في آل محسن / لإِحسانهم دَوماً بفعل المَكارم
إِذا ما نَظَمت الدُر في حُسن وَصفِهم / رَأوني لِذاك الدُر أَحسَن ناظم
فَدَعني مِن قَول النُحاة فَإِنَّهُم / تَعَدّوا لِصَرف النُطق في غَير لازِمِ
إِذا أَنا أَحكَمت المَعاني خَفَضتَهُم / وَأَرفعها قَهراً بِقوة جازم
وَما أَنا إِلّا شاعر ذو طَبيعة / وَلَستُ بِسَراق كَبَعض الأَعاجم
أَريش سِهام القَول مني لِنَحر مَن / قَلاني وَأَرميه بِريش القَشاعم
وَلَولا اِحتِقاري لِلئام سَلقتهم / بِحَدّ لِسان لا يُبالي بِلائم
فَيا كامد الحُسّاد يا قاهر العِدا / وَغَصّة قاليه وَرَغم المَراغم
إَلَيك بَعَثت الدُرّ مِن بَحر فكرة / يَفيض بِأَمواج الهُموم العَظائم
فَلا زلت ذا صَفح لَهُ عَفو قادر / أَماناً لِمَظلوم مَنوناً لِظالم
وَلا زالَ شعري راحة فَاِصفَعوا بِها / قَفا كُلَ نَحوي وَجَبهَةَ ناظم
خُذي الرُوح يا ريح الصَبا وَتَنَسَمي
خُذي الرُوح يا ريح الصَبا وَتَنَسَمي / وَيا بَرق حيّي حيّهم وَتَبَسم
وَيا نَسمَة الأَسحار مني تَحَمّلي / سَلاماً عَلى البَيت العَتيق المُحرم
يَطوف بِهِ سَبعاً وَيَهدي تَحيّة / وَيَسعى إِلى المَسعى بِأَشواق مُغرم
إِلى الحَجَر فَالأَركان فَالحَجَر الَّذي / يَقبّل شَوقاً لِلحَطيم فَزَمزَم
وَما قُلت شعري عَن عَناء بِطيبة / وَلَكن غَرامي بِالمَشاعر مرغمي
تجلدت لَكن لا يَفيد تَجلّدي / وَهَل يَشتَفي الداء الدَفين بِمُرِهُم
يعللني صَبري فَتَزداد شَقوتي / وَما حالَ مَن يَشقى كَحال منعم
فَما شئت فَاِفعل يا زَمان بِمُهجتي / إِذا اِنسَلَخ المَذبوح لَم يَتَأَلم
وَإِن هِيَ إِلّا النَفس إِن شئت أَخذَها / فَخُذها فَإِني لَست أَسأَل عَن دَمي
فَإِن لَم أَجد عَوناً عَلَيك فَإِنَّني / بِظل ابن عَون أَستقيل وَأَحتمي
مَليك سَما فَوق السَماكين قَدره / فَأَضحَت لَهُ الشَمس المُنيرة تَنتَمي
رَفَعتُ لَهُ شَكوى اِنكِساري وَإِنَّهُ / عَلى فَتح أَبواب الرَجا خَير مجزم
معزّ إِلى الداعي مُذل إِلى العِدى / أَمان إِلى الراجي مَنون لِمُجرم
لَهُ عزمة تَقوى عَلى الأَسَد في الوَغى / وَحَسبك بِالتَقوى عِناية مُسلم
وَسَيف حَكاه البَرق يَوم تَراكَم / بِكَف حَكاها الوَدق يَوم تكرم
يَثني بِهِ عِندَ اللقا كُل مُفرَد / إِذا ما العَوالي أَفرَدَت كُل تَوأَم
يَهزّ عَلى الأَعداء سُمراً عَواملاً / بِأَطرافها تَقويم من لَم يَقوم
أَسنة تلك السُمر زُرق تَصَوَبَت / لِصَدر الأَعادي فَاِكتَسَت لون عِندم
تَسابَق قَومٌ لِلعلا فَتَقَدَمَت / علاه فَقُلت الفَضل لِلمُتقدم
تَراه كَحصن فَوقَ ظَهر حِصانه / وَتَحسَبَهُ لَيثاً عَلى مَتن أَدهم
يُجاذب يُسراه اللِجام كَأَنَّما / يَدوس عَلى هامات قَوم ابن ملجم
تودّ الدَراري لَو غَدَت في مَديحهِ / وَأَوصافه الحُسنى كَدرّ منظم
مَجيد لِذكر الجود يَصبو وَلَم يَكُن / لِعصمتهِ يَصبو لجيد وَمعصم
إِذا ما تَغَنى السَيف يَهتَز عَطفه / لَهُ طَرَباً مَثل الشَجيّ المُتَيم
هُوَ الغَيث إِلّا أَنَّني في مَديحه / كَبلبل رَوض بِالثَنا مُتَرَنم
لَهُ شَرف قَد طابَ أَصلاً وَعُنصُراً / إِلى أَحمَد المُختار يَسمو وَينتَمي
أَصول ذَكَت طيباً وَطابَت فُروعَها / فَما أَثمَرَت إِلّا بشبل وَضيغَم
لَهُ صارم أَن أبصر العمر متنه / يصرمهُ مِن حَيث لَم يَتَصَرم
يَخاف وَيَرجى عابِساً مُتَبَسِماً / فُؤادي فِداء العابس المُتَبَسم
سَلَوت بِهِ الأَوطان لَما رَأيتَهُ / يَبلغني الأَوتار قَبل التَوَسُم
تَرَكتُ بَني الدُنيا وَيَممت نَحوَه / وَيُحسن عِندَ اليُم تَرك التَيَمم
فَيا ماجِداً لَم أَستَطع حَصر وَصفه / وَإِن كانَ فكري نَيِراً غَير مُظلم
إَلَيكَ مَع التَقصير أَهديت غادة / مِن القاصِرات الطَرف عَن كُلِ أَفخَم
شَمائلها مِثل الشَمائل أَقبَلَت / تَروم قُبولاً مِنكَ يا خَير مُنعم
بِمَنطقة الجَوزاء زَهواً تَمَنطَقَت / فَقُلت بِنور الفرقدين تَختمي
كَذا فَليَكُن بَذل النَدى وَالمَكارم
كَذا فَليَكُن بَذل النَدى وَالمَكارم / وَعَون ذَوي عَون السُراة الأَكارم
حَديث عَن الأَنداء يَروى عَن الحَيا / عَن البَحر عَن آلاء أَبناء هاشم
أَطار بِذكراهم شَوارد مَدحَهُم / بِغَير خَوافٍ جودَهُم وَقَوادم
كِرام إِذا ما قُلتُ فيهُم فَإِنَّني / مَثاب عَلى مَدحي لَهُم غَير آثم
يَرون السَخا حَتماً عَلى الحر واجِباً / فَلَم يَترُكوا مَعنى لِمعن وَحاتم
لَهم بالها وَجد كَأَنَّ عَلَيهُم / قَد اِفتَرَضَ الوَهاب حَمل المَغارم
يَقولون لي أَطنَبت فيهُم وَلَم أَكُن / تَغاليت في إِغراق غَير الكَرائم
فَأَيمانَهُم وَهِيَ المَيامين قَد هَمَت / بِفَيض النَدى مِن بَين تِلكَ الأَباهم
تَود الدَراري الزُهر لَو أَن لَيلة / تَناولها في مَدحهم فَكر ناظم
أَحلوا عَلى الهامات تيجان مَجدهم / وَغَيرَهُم اِستَغنى بِلَف المَحارم
تَرَفَعَت العَلياء عَمَن سِواهم / فَمركزها بَين اللها وَالهازم
وَما رغبت عَنها الأَعادي وَإِنَّما / حَمى حَمومة الغَيل اِغتيال الضراغم
رَوَت عَنهُم زُرق الأَسنة ما رَوَت / وَكلمت الأَبطال بيض الصَوارم
كَماة إِذا ما أَطلَقوا الخَيل في الوَغى / تَلوك العِدى بِالعَدو لَوك الشَكائم
وَلَم أَرَ أَجبالاً تَصادم مثلها / سِواها وَتَدعى بِالجياد الصَلادم
وَتَسري كَما تَسري الكَواكب في الدُجا / بِقَوم يَرون النسر تَحتَ القَوائم
إِذا زَعموا أَمضوا الَّذي أَمَروا بِهِ / كَما شاءَ عَبد اللَه ماضي العَزائم
مَليك عَلَيهِ التاج يُشرق فَالوَرى / تَرى مِنهُ في الإِكليل بَدر العَوالم
تَكوّن مِن نور سَما كُل شارق / أَضاءَ بِهِ بَدر وَكَل المَعالم
تَرقى إِلى أَوج الكَمال وَلم يَكُن / بِبَدع تَرقي الصَيدِ مِن آل فاطم
لَهُ الحَجَر وَالأَرَكان تَشهَد وَالصَفا / بِمَجد أَثيل مُشمَخر الدَعائم
تَأَلَق مِن بَيت النُبوة لَمَعه / فَطارَت بِبُشراه بُروق الغَمائم
وَأَطلَعه مِن مَهبَط الوَحي مِن هُدى / بِخَير بَني حَواء مفخر آدم
تَرعرع مِن شَم العَرانين ناشِئاً / فَجَدد تَعظيم الجُدود الأَعاظم
أَولئك أَقوام تَساموا فَمَدحَهُم / تَعود بِالأَعواد لا بِالمَواسم
تَمَنى أُناس أَن يَنالوا مَحَلَهُم / فَكانَت أَمانيهم كَأَحلام نائم
تعالَت بِهُم أَوهامَهُم لِوَساوس / عَلى غَير أُس ثابت وَدَعائم
يَجول البَعيد المُستَحيل بِفكره / مَجال الظُنون الكاذِبات بِواهم
تَنَزَهَت العَلياء عَن غَير أَهلِها / وَهَل تَطَأ الأَنعام نَجم النَعائم
لئن قَلت يَوماً في سِواهُم فَطالَما / قَرَعَت عَلى ما قُلتَهُ سن نادم
أَرى لِلمَعالي فيكُم عَين ناقد / يَدور عَلى إِنسانها جفن عالم
وَكُلٌّ بَتَرديد المَدائح صادح / يَرجَع في تَمجيدَكُم غَير باغم
وَيَنظم في الوَصف الشَريف قَلائِداً / وَأَبلغ مِنها قَول أَحكَم حاكم
وَمَن فيهُم جاءَ الكِتاب مُفَصَلاً / أَحاطَت عَلاهم بِالمُلوك الخَضارم
عَلَيكُم مِن اللَهِ السَلام صَلاتِهِ / بَني أَول الرُسل الكَرام وَخاتم
تَجول بفكري الشارِدات الكَرائم
تَجول بفكري الشارِدات الكَرائم / وَما بَرَحَت تَصبو إِلَيها الأَكارم
مخدّرة مَقصورة لا تَنالَها / عُيون عَلَيها مِن عَفاف تَمائم
وَكَم لَفظ البَحر الخَضم فَرائِداً / وَفي لجه ما لَم يَفصله ناظم
وَقَد ذهبت بَعض الكَرائم حَسرة / إِلى حَيث أَلقَقت رحلها وَالمَكارم
وَلَكِنَّني لَو شئت جَمع شُرودها / مَشَت بي إَلَيها هِمَتي وَالعَزائم
وَمِن عَجب إِن جئت مَن أَنا مادح / يُلاحظني شَذراً كَأَني شاتم
وَلَو قالَ يَوماً قَد أَجدت شكرته / وَعاديت جوداً تدَعيهِ الغَمائم
عَلى أَنَّني ان قُلت صدقاً قذَفتَهُ / وَإِن جئت بِالبُهتان فَالكُل لائم
فَأَيقَنتُ إِن القَول ضاعَ فَشَطره / مَهان وَشَطر في التَمحل عادم
وَأَعرَضت عَن زَيد وَعَمرو وَخالد / وَلَذَت بِمَن أَبقَت قُصي وَهاشم
وَسَيَرت شِعري في البَسيطة مادِحاً / لِمَن أَصله السَبط الكَريم وَفاطم
لِمن طابَ بَينَ المَأزمين غِراسَهُ / فَافصح فيهِ بِالمَدائح باغم
لِمَن عَرَفتَهُ المَشرفية وَالقَنا / وَشَعث النَواصي وَالوَغي وَالضَراغم
تَجمع فيهِ العَزم وَالحَزم وَالتُقى / فَكُل مَعانيهِ بِحار خَضارم
تَناول أَشتات المَفاخر وَحدَهُ / فَجَمَعَ الوَرى كَالفَرد وَهُوَ العَوالم
يَهزّ العَوالي بِالعَوالي فَتَتَقي / عَوامله أَعرابها وَالأَعاجم
إِذا كَشر الحَرب العوان عَن الظبا / فَثَغر اِبن عَون كَالمُهَند باسم
كَريم أَياديه الكَريمة سَيَرَت / أَياديه في الدُنيا وَمنها المَغانم
تَسامى بِهِ النور المُبين إِلى العُلا / فَأَيامَهُ لِلمُؤمنين مَواسم
لَهُ الكَعبة الغَراء وَالمنبر الَّذي / تَعالى عَلَيهِ لِلنَبيين خاتم
فَمَن شَكَ فَليَسأل بِهِ الرُكن وَالصَفا / وَزَمزم وَالمِيقات وَاللَه حاكم
هُوَ ابن الَّذي أَسرى بِهِ اللَهُ فَاِعتَلى / إِلى العَرش وَالروح الأَمين مُلازم
حمى حَومة الإِسلام مِنهُ مظفر / وَعَن لَعة تَروي القَنا وَالصوارم
تَنام عُيون الخَلق أَمناً وَغبطة / وَفي يَد عَبد اللَه للسيف قائم
مَليك لَهُ عَصر مُنيف وَعضبه / شَريف نمتهُ المُكرَمات الجسائم
فَلا تَحسَبوا أَني تَغاليت في الَّذي / أَقول فَفي القُرآن فَصل وَحاكم
بَعَثتُ إِلَيهِ بِالجُمان مُفَصلاً / وَكَيفَ يُهادي البَحرَ بِالقطر ساجم
وَمِن بَين فَكيهِ لِسان فَإِنَّهُ / يَقول فَيَروي عَنهُ لِلدَهر قادم
وَحَسب الَّذي يَروي الجَديدان شعره / مِن الفَخر مَدح في بَني السَبط دائم
فَخلدت ذكر العَبدليّ بِحَمده / وَفاء بِود عَهده مُتَقادم
وَمِن حُسن اِخلاصي مَتى رَمَت وَصفه / تَجول بِفكري الشارِدات الكَرائم
نَسيم الصِبا هَزَّت قَضيباً منعما
نَسيم الصِبا هَزَّت قَضيباً منعما / سَقاه الحَيا ماء الحَياة وَأَنعَما
تَمايل مِن مُر الهَبوب هَنيهة / وَرنحهُ فَاِهتَزَ ثُم تَقَوَما
وَفَتَحت الأَزهار طرا عُيونَها / إَلَيهِ وَطَير العَندَليب تَرَنَما
وَصَفَقَت الأَنهار في هامة الرُبى / فَأَرقَصَت الأَغصان وَالغَيث قَد هَما
وَحَرَكَت الأَكمام مِن طَرَب بِها / وَرود كَخَد بِالعذار تَنَمنَما
تَرى غرر الأَقمار بَينَ غَياضها / وَتَسمع قَمَرَيها شَجواً كُلَما قَد تَكَلَما
وَتَفَهم مِن تَرجيعِهِ في هَديله / حَديثاً بِهِ عَقد الهَناء تَنَظَما
سُروراً بِأَن عادَ السريّ لِصحة / وَأَذهَب عَنهُ السُقم مَن كانَ أَسقَما
وَأَشرَقَت الدُنيا فَنجم رِياضها / بِنَضرَتِهِ زَهواً إِلى النجم قَد سَما
تَعالى نَسيم الرَوض بَعد اِعتِلالِهِ / كَذَلِكَ إِن صَحَ القُبول تَنَسَما
وَقَد هَزَت السُمر العَوامل لِلوَغى / قُدوداً وَثَغر المشرفي تَبَسما
وَقَد رَفَعت لِلحَمد أَلوية الصَفا / وَعَمَ الهَناء المأزمين وَزَمزَما
وَقَد رحم اللَه العَوالي وَأَهلَها / وَأَسرَج خَيل الخَير فيهُم وَأَلجَما
فَأَبدَت نَواصي الصافِنات أَهلة / أَضاءَت وَأَطراف الأَسنة أَنجُما
وَكَم قَدَحت مِنها الحَوافر بِالحَصى / لَهيباً بِهِ قَلب العَدو تَضَرَما
وَقَد سَحَبت فيها الدُروع ذُيولَها / مِن التيه وَالإِدلال وَالقَوس هَمهما
شِفاءٌ بِهِ أَمسى العَدو عَلى شَفا / وَجَرَت لَهُ البُشرى خَميساَ عَرمرما
إِذا ثارَ مِن أَرض الحَطيم عُدتَ بِهِ / جِياد بِها جَيش العَدو تَحَطَما
فَما زادَ مِن ناواه إِلّا تَأَخَراً / وَما اِزدادَ مِن والاه إِلّا تَقَدَما
وَمَن كانَت الآمال تَخشاهُ وَالمَلا / عَلى البُعد تَرجوه البَرية منعما
مَليك إِلَه العالمين أَحَله / مَع الشَرف المَوروث بَيتاً محرما
فَزانَ بِهِ تلكَ الرِحاب كَرامة / وَزادَ بِهِ قَطر السَحاب تَكَرما
أَسالَ بِهِ وادي المحصب مَن مَنى / فَنالَ المُنى مَن حَلَ فيهِ وَأَحرَما
زَها حجَر إِسماعيل وَالحَجَر اِزدَهى / سُروراً وَلَولا الطَبع كانَ تَكَلَما
وَمَن قبل عَبد اللَه كَم مِن مملك / تَقادَم لَكن مَن ذَكَرت تَقَدَما
أَقَرَت بِهِ أُم القُرى عَين مَن سَعى / وَطافَ وَلَبى بِالحَجيج وَسَلَما
فَحَمداً لِمَن أَحيا الجَميع بسيد / بِهِ بَسط الأَرزاق فيهُم وَقَسما
أَلا لَيتَني مِمَن ثَوى في رِحابِهِ / وَجازَ إِلى أَرض الحِجاز المقطما
لَهمتك العَلياء تَعنو العَزائم
لَهمتك العَلياء تَعنو العَزائم / لِتَرقى بِها فَهِيَ الرقى وَالعَزائم
بَلَغت بِذي التاج الخديوي مَنصِباً / لَهُ البَدر في الإِكليل أَمسى بِزاحم
هُوَ الشَمس إِلّا أَنَّهُ الأَسَد الَّذي / تَقَلَد بِالمَريخ وَالإِسم صارم
عَلى مُلكه السامي بِهِ وَيَمينه / مِن النور جُلباب وَتاج وَخاتم
إِذا القَطر عَمّ القَطر رِيّاً فَعَن سَخا / يَدَيهِ يَرويِهِ النَدى لا الغَمائم
وَفيهِ لِسانُ الدَهر أَورَد مَنطِقاً / تَحَيَر في مَعناه مَعنَ وَحاتم
وَقالَ أَراهُ البَرّ وَالبَحر وَالنَدى / بَل العالم العلوي وَهِيَ المَعالم
عَلَوت بِهِ قَدراً وَعزّاً وَرفعةً / وَحَزماً بِهِ حازَ الكَمال الأَكارم
أَرى اليمّ مِن جَدوى يَمينك سائِلاً / عَلى السَبق أَضحى مَوجه يَتلاطم
تَعَهدت مِن يَثني عَلَيك وَإِن نَأى / فَمنُّك أَثمار وَمِنا الحَمائم
وَحَسبُك بِالإِجماع مِنا فَصادح / بِحَمدك غَريد وَآخر باغم
بمثلك مِما يَحدث الدَهر نَتَقي / وَكُلُ عَظيم تَتَقيهِ العَظائم
تَدارَكتُ لَما اِستَفحَلَ الخَطب خطة / قَد اِستَعرَبَت لَولاكَ فيها الأَعاجم
تَود النُجوم الزُهر لَو أَن في الدُجى / تَناولها مني لمدحك ناظم
وَكَم رمت أَسباب العُلا لالتقاطها / فَتقعد بي عَما أَروم القَوائم
كَأَني طَير أَبصَر الرَوض مُثمراً / فَما حَمَلتَهُ حينَ رَفَ القَوادم
وَلَو أَنَعَم المَولى سَمَوت بِهمة / إَلَيها وَكانَت دونَ هَمي النَعائم
وَلَكنما الأَيّام حالَت وَلَم أَحل / فَلا أَنا مَعلوم وَلا الحال كاتم
رَماني زَماني وَاِتَقى بِعصابة / رُؤوساً قَد اِلتَفَت عَلَيها المَحارم
وَقَد غَرَني دَهر تَبَسَم ضاحِكاً / وَفي فيهِ ما لاكت بفيها الأَراقم
فَدَتكَ المَواضي وَالمَواضي فَقَد عَلا / بِكَ الدين وَالدُنيا وَسَعدَك قادم
قَد اِفتّر عَنكَ العيد وَالمَجد مُشرِقاً / سُروراً فَثَغر الكَنن بِالبَشَر باسم
لِأَنَك عيد العيد وَالدَهر وَالوَرى / وَحَسبُك ما تَرويهِ عَنكَ المَكارم
نَحَرتُ بِهِ ما اللَه يَجعَلَهُ الفِدا / وَقائم يمن في يَمينك قائم
سَمَوت وَصادَقت العَزيز فَأَرخوا / بِصَديق إِسماعيل خَصَ المَواسم
وَجودَك في الدُنيا حَياة المَكارم
وَجودَك في الدُنيا حَياة المَكارم / وَجودك قَد أَحيا هَبات الأَكارم
فَإِن قُلت أَنتَ الدَهر كانَت صُروفه / عَبيداً وَكانَ الدَهر في زي خادم
وَإِن زالَت الظَلماء بِالشَمس إِذ عَلَت / فَإِنَّك أَعلى في زَوال المَظالم
وَإِن ظَمَئت أَرض تَروت غياضها / بَغَيث نَوال مِن أَياديك ساجم
فَما أَنتَ إِلّا القَطر إِن أَمسَك الحَيا / وَأَنتَ حَياة القَطر وارث حاتم
وَما الخَير إِلّا في همام حَياته / لِإِعدام أَحياء وَإِحياء عادم
أَقم أَود الباغي بِقائم مُرهَف / فَلولا الأَذى ما حَلَ قَتل الأَراقم
إِذا هُوَ راش السَهم طاش وَلَم يَصب / وَخابَ وَلم يَخطئهُ ريش القشاعم
وَفي كَمد الأَعداء أَعدَل شاهد / عَلى أَن مِن عادوه أَعدل قائم
إِذا ما أَرادوا الكَيد كادوا نُفوسَهُم / وَعادوا مَتى عادوا بِصَفقة نادم
إِذا غَصّ بِالريق الحَسود عذرته / كَذلك مَن يَسقي نَقيع العَلاقم
وَهَيهات أَن يَحووا علاك وَمَن رَأى / نَعاماً تَصَدى لالتقاط النَعائم
فَقُل لِلّذي يَرجو المَنيع وَقَد سَما / أَتَطلب صَيداً في عَرين الضَراغم
وَمِن دونِهِ أَطراف سُمر تَصوَبَت / أَسِنتها زُرق وَبيض صَوارم
وَنار بِها تَرمي البَنادق في الوَغى / كَشُهب وَأَصوات كَرَعد الغَمائم
وَهَل دافع رَجم المَدافع معقل / تَخصص مِن ذاكَ الشَواظ بِراجم
فَكَم رَفَعت لِلّه دَعوة طالب / دَوام مَعاليه وَدَعوةَ عالم
إِذا اِبتَهَل الإِسلام أَمن شيخه / عَلَيهِ بِما قَد عَمَ أَبناء آدم
فَتَرفع أَوراق الرِياض أَكفُها / وَتَلهج بِالتَأمين وَرق الحَمائم
أَلا أَيُّها العالي عَلى كُل مَن عَلا / وَسادَ عَلى كُل المُلوك الخَضارم
فَلا تَرهب الأَعداء فَاللَه حافظ / وَأَنتَ عَظيم في عُيون العَظائم
وَكَيفَ يَهاب الخَلق بِاللَه عارف / رَشيد وَمَن وَلّاه أَحكم حاكم
وَقَلده صَمصام نَصرته كَما / أَعَزّ سُلَيمان النَبي بِخاتم
بِذي الحَزم تَرقى لِلمَعالي العَزائم
بِذي الحَزم تَرقى لِلمَعالي العَزائم / فَيَسمو إِلَيها لا الرُقي وَالعَزائم
وَما سادَ إِلّا جَهبذ شادَ سُؤدداً / سَما شامِخاً وَالمُكرَمات دعائم
تَرفع دست الملك عَن كُل باذخ / مِن الناس طَرا وَاعتلتهُ المَكارم
يَقولون إِن المَجد جاه وَمنعة / فَقُلت لِهَذا أَحرَزتَهُ الأَكارم
لَقَد زين الدُنيا العَزيز مُحَمَد / وَذَلِكَ تَوفيق مِن اللَه دائم
وَزَهر مَصابيح المَجَرة أَشرَقَت / وَنَجم الثُريا بِالمَنازل ناجم
وكَم مَن ثُغور بِالسُرور تَبَسمَت / وَأَجمَل شَيء في الثغور البَواسم
تَأَمل لِأَمثال الكَواكب قَد بَدَت / فَلا بَلدة إِلّا وَفيها النَعائم
كَأَن رُبي مَصر الأَنيقة رَوضة / عَلى قَطرها بِالقَطر يَنهَل ساجم
رَوَت بِالنَدى حَتّى تَغانَت عَن النَدى / وَقَد أَخصَبَت مِنها الرُبى وَالمَعالم
وَبِالرَوض أَصلٌ قَد ترف فرعهُ / لِنضرتِهِ حامَت عَلَيهِ الحَمائم
وَغَنَت عَلى الأَفنان مِنهُ فَصادح / يُردد تَغريداً وَآخر باغم
يَظَل بِها النيل المُبارك جارياً / وَيَركُض مِنهُ موجهُ المتُلاطم
وتلكَ الجَواري المُنشئات كَأَنَّها / عَلى وَجهِهِ الأَعلام وَهِيَ قَشاعم
حَكتها القوافي في اِنتِظام وَقَد بَدَت / كَدر لَهُ في لُبة المَجد ناظم
تَباهَت بِتَوفيق العَزيز وَباهرَت / جُمان الثَنايا أَحرَزَتهُ المَباسم
وَأَبلَج فَخم القَدر جَلت شُؤونه / وَكَم أَحجَمَت عَنها الكماة الخَضارم
تَرفع عَن مَدح يُحيط بِوَصفِهِ / وَلَو ساعَد الأَعراب فيهِ الأَعاجم
لَئن ضَرَبَ النَطق البَليغ سَرادِقاً / عَلى البَعض مِنهُ أَعوزتهُ التَمائم
وَمَن ذا الَّذي يَحصي النُجوم إِذا بَدَت / وَيَحصُر ما قَد أَرسَلَتهُ الغَمائم
كَمال وَإِجلال وَعزّ وَمنعة / وَأَمن وَإِيمان وَملك وَقائم
وَتاج عَلى هام الفَخامة قَد عَلا / وَدَولة إِقبال بِها المَجد هائم
مَعَ السَعد قَد وافَت فَزادَ فُؤادنا / سُروراً بِما يَرويهِ وَالعزّ قادم
وَلما غَدا كَالعيد يَوم جُلوسه / تَحَلَت بِأَيام العَزيز المَواسم
لَقد صَدَرت مِن ذي الجَلال إِرادة / بِها وَرَدَت حَتماً إِلَيهِ المَراسم
فَلا زالَ ذا ملك جَليل مُتوجاً / رَعاياه مَحكوم عَلَيهِ وَحاكم
وَلا اِنفَكَ بِالنَصر العَزيز مقلداً / وَفي يَدهِ اليَمنى حسام وَخاتم