المجموع : 35
تَقلَّصَ ظِلٌّ للشَّبابِ ورَيفُ
تَقلَّصَ ظِلٌّ للشَّبابِ ورَيفُ / وأقبلَ من ضَاحي المَشِيبِ رَديفُ
وأيُّ صباحٍ لا تليهِ عشيَّةٌ / وأيُّ ربيعٍ لا يليهِ خَريفُ
على مِثلِ هذا قد مضى الدَّهرُ وانقضى / كذلكَ يَمضي تالدٌ وطريفُ
سوادُ اللَّيالي في بياضِ نَهارِها / أساطيرُ لا تُقرا لَهُنَّ حُروفُ
خليليَّ ما للنَّاس يضحكُ واحدٌ / وتبكي مئاتٌ حولَهُ وأُلُوفُ
لقد شَنَّ هذا الدَّهرُ غارةَ جاهِلٍ / تَساوَى خَسِيسٌ عِندهُ وشَرِيفُ
بَلاءٌ على وجهِ البسيطةِ غامِرٌ / كَطُوفانِ نُوحٍ حينَ كان يَطوفُ
لهُ بينَ أكبادِ الرِّجالِ مَخالبٌ / نَشِبنَ وَفِي الأَعناقِ مِنهُ سُيوفُ
كمِ اُعتَلَّ في الدُّنيا صحيحٌ وكمْ وكمْ / تفرَّقَ في عُرْضِ البلادِ لَفيفُ
وكمْ صُدِعَتْ للفاتكينَ مَفارِقٌ / وكم أُرغِمتْ للمالكينَ أُنوفُ
هو البينُ لا تدري طريقاً لوَفْدهِ / فتنجو ولا تُنجيكَ مِنهُ كُهوفُ
ويدخلُ بابَ الحصنِ وَهْوَ مُوَصَّدٌ / ويُبصِرُ في الدَّيجورِ وَهْوَ كَثِيفُ
وأعجبُ كيفَ النَّاسُ ضلُّوا عنِ الهُدَى / كما ضلَّ عن ضَوءِ النَّهارِ كَفيفُ
إذا ما رأى المَيْتَ الفَتى قالَ ما أنا / وذاك فَلِي داعِي المَنُونِ حليفُ
عليكَ سلامٌ يا مُحمَّدُ مُرسَلٌ / لَطيفٌ يؤَدِّيهِ إليكَ لَطيفُ
أُحاشيكَ من جهلٍ فإنَّكَ عاقِلٌ / خبيرٌ بأحكامِ الزَّمانِ حَصيفُ
شَكَوتُ الذي تَشكوهُ مِن هَوْلِ بأسِهِ / ولكنَّ صبري في البَلاءِ ضَعيفُ
وإنَّ الحَصى عند الجَزُوعِ ثَقِيلةٌ / وَضَخْمَ الصَّفا عِندَ الصَّبورِ خَفيفُ
منازِلَ عُسفانٍ فدتكِ المنازِلُ
منازِلَ عُسفانٍ فدتكِ المنازِلُ / أراجعةٌ تلكَ اللَّيالي الأوائِلُ
وهل ظَبَياتُ اُلبانِ أصبحنَ بعدنا / أوانِسَ أم كالعهدِ هُنَّ جَوافِلُ
سَقَى الطَّلُّ هاتِيكَ الرُّبوعَ وإِن يكن / سقاني بها من صَيِّبِ الدَّمعِ وابلُ
يُسلسِلُ دمعي بارقُ الحيِّ مَوهِناً / وتُضرِمُ أنفاسي الصَّبا والشَّمائلُ
إذا ملكَتْ أيدي الهَوى قلبَ عاشقٍ / فأهوَنُ شيءٍ ما تقولُ العَواذِلُ
وأعذَبُ شيءٍ في الزَّمانِ أحبَّةٌ / تزورُكُ أو تأتيكَ مِنها رَسائلُ
اتتني بلا وعدٍ رسالةُ فاضلٍ / لهُ ولها حقَّتْ عليَّ فَواصِلُ
بيوتٌ مِن الأشواقِ فيها مجامِرٌ / ولكنَّها للأُنسِ عندي مَناهِلُ
لَعِبْنَ بقلبي إذ حَلَلنَ بمِسمَعِي / كما لَعبت بالمُعرَباتِ العوامِلُ
ذكرتُ الحريريَّ الذي اليومَ عندنا / تلوحُ على الصوفيِّ منهُ شَمائِلُ
لهُ النَّظمُ والنَّثرُ الذي طابَ لفظُهُ / ومَعناهُ لُطفاً فهْو للحُسْنِ شامِلُ
حكمنا لهُ بالمَكرماتِ على هُدىً / من الحقِّ إذ قامت لَدينا الدَّلائلُ
سَبوقٌ إلى الغاياتِ قصَّرتُ دُونَهُ / وكيفَ يُباري فارسَ الخيلِ راجِلُ
تفضَّلَ بالمدحِ الذي هُوَ أهلُهُ / كريمٌ إلى أوجِ الكراماتِ واصِلُ
وأثنَى بما فيهِ فكانَ كأنَّهُ / بذاكَ يُناجي نفسَهُ وَهْوَ غافِلُ
ثناءٌ أراهُ باطِلاً غيرَ أنَّني / أرى سَوْءَةً لو قلتُ ذلكَ باطِلُ
فأسكُتُ عن هذا وذاك تأدُّباً / وكم من سكوتٍ قد تمنَّاهُ قائِلُ
سلامٌ على وادي الأراكِ وحاجِرِ
سلامٌ على وادي الأراكِ وحاجِرِ / وما ثَمَّ من ظبيٍ أنيسٍ ونافرِ
ديارٌ لنا فيها مِن العُرْبِ جِيرةٌ / كِرامُ جِوارٍ من كرامِ العَشائرِ
لقد حالَ عهدُ الوصلِ منَّا ومنهمُ / وما حالَ عهدُ الحبِّ بينَ الضَّمائرِ
يُذكِّرُنيهمِ كلَّما لاحَ بارقٌ / من الحيِّ يَستسقي سَحابَ المَحاجرِ
وبي ظَبَيَاتٌ في الكثيبِ تَمايَلتْ / تَصولُ بأهدابِ العُيونِ السَّواحرِ
فَواتِرُ أجفانٍ فَتَكنَ بمُهجتي / فَوَيلاهُ من فَتْك الجفونِ الفواترِ
عليهنَّ وشْيٌ للمَطارِفِ مُذهَبٌ / يلوحُ على وشيٍ من الحُسنِ باهِرِ
فأُعجِبتُ بالوَشيَين حتى تبلَّجَتْ / خَرِيدةُ حسنٍ نُزِّهَتْ عن نَظائرِ
نِزاريَّةٌ نجديَّةٌ رَبَعيَّةٌ / عليها رِداءٌ من طِراز المَحابرِ
أتتني مِن نحوِ الحُسينِ فأبرَزَتْ / مَحاسنَ لُطفٍ شَوَّقَت كلَّ ناظرِ
أبانت صفاءَ السِّرِّ منهُ وأكدَّت / صحيحَ وِدادٍ باطنٍ فيهِ ظاهرِ
سَقَى اللهُ نجداً والسَّلامُ مكرَّراً / على أولٍ من أرضِ نجدٍ وآخرِ
ألا إنَّ نجداً للذَّخائرِ مَعدَنٌ / نَعَمْ إنَّ نجداً مَعدِنٌ للذَّخائِرِ
إلى الدَّهرِ مِن آثارِ بَكرٍ وتَغلِبٍ / إفاضةُ ذكرٍ في المَحافلِ دائرِ
ألا حَبَّذا مِن أرضِ نجدٍ نُسَيمةٌ / وجُرعةُ ماءٍ من شُبيَثِ الجآذِرِ
ويا حَبَّذا ماءُ الجِفارِ وحَبَّذا / رُبوعُ تميمٍ والعراقِ المُجاورِ
أشوقُ إلى تلك الدِّيار وذكرِها / على بُعدها شوقَ الغريبِ المسافرِ
وإني لذو مَشطورِ جسمٍ من الضَّنَى / وقلبٍ صحيحٍ كاملِ الرأيِ وافرِ
كثيرُ المُنَى لكنْ قليلُ بُلوغِها / وإنَّ الأماني مِنْ تَعلَّةِ قاصِرِ
جَليدٌ على البلوَى صَبورٌ وإنَّنِي / على غيرِ جَهْدِ الصَّبرِ لستُ بقادرِ
ولا ريبَ أنَّ الصَّبرَ في الذَّوقِ مُرَّةٌ / موارِدُهُ في النَّفسِ حُلوُ المَصادرِ
لنا ليلةٌ قد أشبَهَت ليلةَ القدْرِ
لنا ليلةٌ قد أشبَهَت ليلةَ القدْرِ / على ألفِ شهرٍ فُضِّلَتْ بل على الدهرِ
حَوَت عُصبةً مِثلَ الكواكبِ بينَها / وزيرٌ بدا كالبدرِ في ليلة البدرِ
هو الأحمَدُ السَّامي المقامِ الذي بهِ / قد ابتهجَتْ بيروتُ باسمةَ الثَّغرِ
يُساقُ إليهِ المدحُ من كلِّ ناطقٍ / ويُختصُّ بعدَ اللهِ بالحمدِ والشُّكرِ
بصيرٌ بأحكامِ السِيِّاسةِ قائمٌ / على سَنَنِ الإنصافِ في النَهْيِ والأمرِ
طلبنا لهُ تقريرَ دولتهِ التي / سَعدنا بها مِن حيثُ نَدري ولا نَدِري
وذاكَ لنا حظٌّ سعيدٌ فلم يكنْ / لنا فيهِ من فضلٍ يُعَدُّ ولا أجرِ
أغَرُّ لهُ خَلْقٌ تهلَّلَ بالبَها
أغَرُّ لهُ خَلْقٌ تهلَّلَ بالبَها / وخُلْقٌ سَمَتْ أوضاعُهُ فكرَ مادِحِ
فكاهةُ خُلقٍ مذْ تبدَّى جَمالُها / أضاءتْ بآلاءٍ غَوادٍ رَوائحِ
أميرٌ أهامَ الفضلَ في ما بذاتهِ
أميرٌ أهامَ الفضلَ في ما بذاتهِ / مِن الفضلِ حُرٌّ اسمُهُ الفضلُ في المَلا
لهُ دُرُّ نظمي قد أتاهَ قريحتي / أغرُّ حكى نظمَ القلائدِ بالطُّلا
مَضَى كاهنُ اللهِ العَليِّ ابنُ داغرٍ
مَضَى كاهنُ اللهِ العَليِّ ابنُ داغرٍ / إلى العرشِ مَسروراً بغايتِهِ القُصَوى
يُناديهِ شعبُ اللهِ يا بُطرُسُ الصَّفا / ويَدعُو بهِ التاريخُ يا صخرَةَ التَّقوَى
مَليكُ الورَى عبدُ المجيدِ قد ابتَنَى
مَليكُ الورَى عبدُ المجيدِ قد ابتَنَى / مَقاماً لأنصارِ الجهِادِ مُشيَّدا
على بابهِ خطَّ المؤرِّخُ قائلاً / سلامٌ عليكم فادخُلوا البابَ سُجَّدا
لقبر التُّوَينِي كلَّ حينٍ كرامَةٌ
لقبر التُّوَينِي كلَّ حينٍ كرامَةٌ / وفي كلِّ يومٍ رحمةٌ تتجدَّدُ
هُوَ الخِضرُ في أجيال كلِّ مؤرِّخٍ / لهُ قامَ في بيروتَ ذِكرٌ مؤبَّدُ
لقد رَحلَت عن بيتِ عودَةَ مريمٌ
لقد رَحلَت عن بيتِ عودَةَ مريمٌ / بلا عَودةٍ في الدَّهرِ يُرجَى مَنالُها
فمِن بيتِ إبراهيمَ أرَّختُ عاجِلاً / إلى حِضْنِ إبراهيمَ جَدَّ اُنتِقالُهُا
لكم يا بَنِي الخورِي عَزاءٌ وسَلْوةٌ
لكم يا بَنِي الخورِي عَزاءٌ وسَلْوةٌ / بما أنَّ عبدَ اللهِ قد باتَ عِندَهُ
لقد جَرَحَ الأكبادَ عندَ فراقهِ / وليسَ لها طِبٌّ سوى الصبر بعدَهُ
كريمٌ ثوَى في مضجَعٍ ذي كرامةٍ / سَقى اللهُ مِن أَعلى السماواتِ لحدَهُ
قدِ اختارَهُ للفوزِ أرّخْ بملكهِ / ولا شَكَّ أنَّ اللهَ يَختارُ عبدهُ
لقد شادَها الحبرُ الجليلُ أغابِيُسْ
لقد شادَها الحبرُ الجليلُ أغابِيُسْ / يرومُ بها مِن ربِّهِ الفَوزَ بالأجرِ
فبادِرْ إليها في الصَّباحِ مؤرِّخاً / وأهدِ بها أزكى سلامٍ إلى الخِضْرِ
لكم يا بَنِي الخوري البَقا بعد راحلٍ
لكم يا بَنِي الخوري البَقا بعد راحلٍ / على فَقْدهِ يُستَوجَبُ الصَّبرُ فاصِبروا
أقامَ بدارِ الخُلدِ بينَ ملائكٍ / لهُ فتحوا أبوابها وتصدَّروا
وأوحَى إليهم حينَ أرَّخْتُ ربُّهُ / لقد جاءَ نصرُ الله والفتحُ فابشِروا
مَضَى الشَّيخُ مَرْعي راحلاً عن دِيارِنا
مَضَى الشَّيخُ مَرْعي راحلاً عن دِيارِنا / ولكنْ تهيا في السَّماءِ لهُ قَصْرُ
وأولَى بني الدَّحداحِ حُزناً مُخلَّداً / يدومُ كما يبقى لهُ عندهم ذِكرُ
هُمَامٌ تلَّقى الحادثاتِ بنفسهِ / فتمَّ لهُ مِن بعدِها المجدُ والفخرُ
إذا زُرَتَ مثواهُ فأرِّخْ وقُلْ بهِ / عليكَ الرِّضَى والعفوُ يا أيُّها القبرُ
بها يُوسُفُ العبسيُّ أوصَى لَدَى القَضَا
بها يُوسُفُ العبسيُّ أوصَى لَدَى القَضَا / جمالاً لبيتِ الله قد رَاقَ شَكْلهُ
فتىً مِن كرامِ النَّاسِ قد شاعَ ذِكرُهُ / بحُسنِ سجاياهُ كما بانَ فضُلهُ
قَضَى عُمرَهُ في طاعةِ اللهِ سالِكاً / سبيلَ التُّقَى في مَسلَكٍ هُوَ أهلُهُ
بَنَى قُبَّةً بيضاءَ في الأرضِ أرِّخوا / وفي القُبِّةِ الزَّرقاءِ أضحَى مَحلُّهُ