المجموع : 38
يَعِزُّ عَلَينا أَن رَكنى مُحَمَّدٍ
يَعِزُّ عَلَينا أَن رَكنى مُحَمَّدٍ / أَصابَها ريبُ الرَدى فَتَصَدَّعا
تَداعى لَهُ الرُكنُ الَّذي كانُ يُرتَجى / وَأَتبَعهُ المِقدارُ رُكناً فَضَعضَعا
كَأَنَّ المَنايا تَبتَغي عِندَهُ لَها / تُراثاً فَما يَنفَكّ مِنها مُرَوّعا
أَبٌ مُشفِقٌ بَرٌّ وَأُمٌّ حَفِيَّةٌ / سَطَت بِهِما الأَيّامُ سَطوَة أَروَعا
وَفي الدَهرِ أَسواتٌ وَلكِن تَقارَبَت / لَياليهِما فَاِستَنفَذَ الصَبرُ أَجمَعا
تَناوبُ إِتيانِ الجَديدَينِ لَم يَدَع / مِنَ الناسِ إِلّا آلِمَ القَلبِ موجَعا
وَمَن ذا الَّذي يَبقى عَلى سوقِ لَيلَةٍ / وَيَومٍ إِذا اِحتَنا مَطيَّتهُ مَعا
إِذا غَمَّضَت فَوقي جُفونُ حَفيرَةٍ
إِذا غَمَّضَت فَوقي جُفونُ حَفيرَةٍ / مِنَ الأَرضِ فَاِبكيني بِما كُنتُ أَصنَعُ
يُعَزّيكِ عَنّي بَعدَ ذلِكَ سَلوَةٌ / وَأَن لَيسَ فيمَن وارَتِ الأَرضُ مَطمَعُ
إِذا لَم تَري شَخصي وَتُغنيكِ ثَروَتي / وَلَم تَسمَعي مِنّي وَلا مِنكِ أَسمَعُ
فَحينَئِذٍ تَسلينَ عَنّي وَإِن يَكُن / بُكاءٌ فَأَقصى ما تَبكينَ أَربَعُ
قَليلٌ وَرَبِّ البَيتِ يا ريمُ ما أَرى / فَتاةً بِمَن وَلّى بِهِ المَوتُ تَقنَعُ
بِمَن تَدفَعينَ الحادِثاتِ إِذا رَمى / عَلَيكِ بِها عامٌ مِنَ الجَدبِ يَطلعُ
فَيَومَئِذٍ تَدرينَ مَن قَد رُزئته / إِذا جَعَلَت أَركانُ بَيتِكِ تُنزَعُ
رَأَيتُ بغاةَ الخبرِ في كُلّ وُجهَةٍ
رَأَيتُ بغاةَ الخبرِ في كُلّ وُجهَةٍ / لغيبَةِ يَحيى مُستَكينَينَ خُضّعا
فَإِن يُمسِ مَن في الرَقّتينِ مُؤَمِّلاً / لِأَوبَةِ يَحيى نَحوَها مُتَطَلِّعا
فَما وَجهُ يَحيى وَحدَهُ غابَ عَنهُمُ / وَلكِنَّ يَحيى غابَ بِالخَيرِ أَجمَعا
أَرى الدَهرَ يُعطي مَرَّةً وَيُسَوّفُ
أَرى الدَهرَ يُعطي مَرَّةً وَيُسَوّفُ / وَيُتلِفُ أَموالاً مِراراً وَيُخلِفُ
وَيَخشُنُ مَسّاً حينَ يَمضي مولِياً / وَيَسمَحُ في الإِقبالِ ليناً وَيَعطِفُ
نَحِنُّ إِلى الدُنيا وَنَأمَنُ غِشَّها / وَفيها لَنا يَومٌ مِنَ الشَرِّ مُتلِفُ
إِذا اِكتَحَلَت عَينُ اِمرئٍ بِجَمالِها / أَضاءَ لَها مِنهُ جَمالٌ مُزيّفُ
عَلى أَنَّها مَشغوفَةٌ وَهيَ فارِكٌ / لِعُشّاقِها ظَلّامَةٌ لَيسَ تُنصِفُ
إِذا اِفتَخَرَت قَيسٌ عَلى الناسِ أَشرَقَت / بِأَيّامِها هاماتُ مَن يَتَشَرَّفُ
سُيوفٌ لَها في يَومِ بَدرٍ وَقائِعٌ / وَيَومَ حُنينٍ وَالقَنا يَتَقَصَّفُ
لِقَيسٍ حلومٌ تُمطِرُ البرَّ غَيمَها / تَعودُ عَلى مَن عَقَّ مِنها وَتُخلِفُ
لَأَحمَدُ يَومَ الحَربِ عِندَ عَدُوِّهِ / مِنَ المَوتِ أَدنى بِالحُتوفِ وَأَخوَفُ
هُوَ البَدرُ في قيسٍ يُضيءُ ظَلامُها / لِحادِثِ مَجدٍ بِالقَديمِ يُؤلِّفُ
وَقوفٌ عَلى طرقِ المَنايا بِسَيفِهِ / مَواقِفَ لا يَسطيعُها المُتَكَلِّفُ
لَهُ نَظَرٌ ما يَغمِضُ الأَمرَ دونَهُ
لَهُ نَظَرٌ ما يَغمِضُ الأَمرَ دونَهُ / تَكادُ سُتورُ الغَيبِ عَنهُ تُمزِقُ
لَقَد سَوَّدَت بَكرٌ عَلَيها وَتَغلِبٌ
لَقَد سَوَّدَت بَكرٌ عَلَيها وَتَغلِبٌ / وَما بَلَغَ العِشرينَ طَوقَ بنَ مالِكِ
وَما سَوَّدَت إِلّا نَقيّاً ثِيابهُ / بَعيدَ خُطى المَسعى شَريفَ المَسالِكِ
إِذا ذُكِرَت أَيّامُ طَوقٍ تَهَلَّلَت / رَبيعَةُ حَتّى ما تَرى غَيرَ ضاحِكِ
عَلى مُلكِ طَوقٍ حاجِزٌ لِعَدوِّهِ / بَناهُ بِأَطرافِ القَنا وَالنَيازِكِ
كَأَنَّ لَهُ أُذناً وَعَيناً بَصيرَةً / عَلى كُلِّ مَسلوكِ الفِجاجِ وَسالِكِ
لَقَد عَلِمَت جاراتُ طَوقٍ بِأَنَّهُ / قَليلُ الهُجوعِ عَن تَيَقَّظِ فاتِكِ
يُعانِقُ عِشقاً سَيفُهُ رَأسَ مَن عَصا / عِناقَ البعولِ لِلعَذارى الفَوارِكِ
إِذا ما بَدا في الجَيشِ طَوقٌ حَسِبتهُ / مِنَ العِزِّ يَمشي بِالنُجومِ الشَوابِكِ
أَبا الشامِ تَبكي مَن بِنَجدٍ مَنازِله
أَبا الشامِ تَبكي مَن بِنَجدٍ مَنازِله / وَتَندُبُ رَبعاً قَد تَفَرَّقَ آهِلُه
تَميلُ إِلى مَن لا يُباليكَ إِن نَأى / وَأَنتَ إِلَيهِ هائِمُ القَلبِ مائِلُه
إِذا مازَجَ الشَيبُ الشَبابَ تَجَهَّزَت / إِلى الحلمِ أَفراسُ الصِبا وَرَواحِلُه
وَلا عيشُ إِلّا وَالصِبا قائِدٌ لَهُ / فَقُل في لَياليهِ الَّذي أَنتَ قائِلُه
أَتى اللَه أَرضَ الشامِ بِالأَمنِ فَاِنجَلَت / ضَبابَةُ خَوفٍ قَد أَرَّبَت غَياطِلُه
أَتاها اِبنُ يَحيى جَعفَرٌ فَكَأَنَّما / أَتاها رَبيعٌ قَد تَعَرَّمَ وابِلُه
وَلَم يَبقَ سَهلٌ في قُرى الشامِ كُلِّها / وَلا جَبَلٌ إِلّا اِطمَأَنَّت زَلازِلُه
كَأَنَّ عَلَيها مِن مَخافَةِ جَعفَرٍ / كَتائِبُهُ مَبثوثَةٌ وَجَحافِلُه
لَهُ عَزماتٌ يَفلقُ الصَخرَ وَقعُها / وَحِلمٌ أَصيلٌ لَيسَ حِلمٌ يُعادِلُه
فَقُل لِلرِّضا هارونَ خَيرِ خَليفَةٍ / فَما فاقَ عاصيهِ وَلا خابَ آمِلُه
نَظَرتَ لِأَهلِ الشامِ لمّا تَعاظَمَت / ظلامَتُهُم حَتّى عَلا الحَقَّ باطِلُه
فَوَلَّيتَ مَن لا يَملَأُ القَولُ قَلبَهُ / إِذا اِختَلَجتَ نَفسَ الجَبانِ بَلابِلُه
تَكادُ قُلوبُ الناسِ تُخلي صُدورَهُم / إِذا عَلِقَت بِالمَشرِفيِّ أَنامِلُه
تَمنّى اِبنُ أَيلول مُنىً حالَ دونَها / تَيَقُّظ قَرمٍ مُدرِكٍ مَن يُحاوِلُه
تَلَبَّسَ أَثوابَ الظَلامِ لِظُلمِهِ / وَلَم يَدرِ أَنَّ اللَهَ ذا الطولِ خاذِلُه
فَسدَّت عَلَيهِ وَجهَ كُلِّ مُحجَّةٍ / رِماحُ اِبنِ يَحيى جَعفَرٍ وَمَناصِلُه
وَأَصبَحَ مَخذولاً بِدارِ مَذَلَّةٍ / تَراسَلُ أَطرافَ السُيوفِ مُقاتِلُه
أَنَختُ رِكابَ الجَهلِ بَعدَ كَلالِ
أَنَختُ رِكابَ الجَهلِ بَعدَ كَلالِ / وَأَدبَرَ عَنّي باطِلي وَضَلالي
فَإِن يَخلُ دِرعي مِن مَراحي فَرُبَّما / بَسَطتُ يَميني في الصِبا وَشمالي
بِأَلفِ ظِباءٍ طائِعينَ لإِمرَتي / وَعَهدُ شَبابٍ ذائِعٍ وَجَمالِ
إِذا هُنَّ حاوَلنَ القِيامَ تَعَذَّبَت / خُصورٌ بِأَردافٍ لَهُنَّ ثِقالِ
أَلا رُبَّ لَيلٍ قَد حَسَرتَ قِناعَهُ / وَقَد لَفَّ بَيني ثَوبَهُ بِرِحالِ
إِلى مَلكٍ لا يَبلُغُ المَدحُ قَدرَهُ / وَلَو أَيَّدَ المَتنى بِكُلِّ مَقالِ
أَمِنتُ مِنَ الأَيّامِ لَمّا تَعَلَّقَت / حِبالُ اِبن يَحيى جَعفَرٍ بِحِبالي
إِذا حَلَّ مُحتاجٌ بِجانِبِ جَعفَرٍ / كَفَتهُ بِوادي الجودِ كُلَّ نِزالِ
وَتُقسِمُ طَرفاً في الوَرى لَحَظاتُهُ / بِرَفعِ رِجالٍ أَو بِحَطِّ رِجالِ
وَيَخطُبُ أَيّاماً فَيُغلي مُهورَها / وَأَثمانُ أَيّامِ الكِرامِ غَوالي
أَخَذتُ بِأَسبابِ الغِنى حينَ جَرَّرَت / بِبابِ اِبنِ يَحيى البَرمَكيِّ جَمالي
وَلَيسَ لِأَحزانِ النِساءِ تَطاوُلٌ
وَلَيسَ لِأَحزانِ النِساءِ تَطاوُلٌ / وَلكِنَّ أَحزانَ الرِجالِ تَطولُ
فَلا تَبخَلي بِالدَمعِ عَنّي فَإِنّ مَن / يَضّنُ بِدَمعٍ عَن هَوىً لَبَخيلُ
وَلا كُنتُ مِمَّن يُتبِع الريحَ طَرفهُ / دَبوراً إِذا هَبَّت لَهُ وَقَبولُ
إِذا دارَ فيءٌ أَتبَعَ الفيءَ شَخصَهُ / يَميلُ مَعَ الأَيّامِ حَيثُ تَميلُ
بَقائي عَلى رَيبِ الزَمانِ قَليلٌ / وَإِنّي عَلى عَزّي بِهِ لَذَليلُ
رَأَيتُ لِداتي قَد مَضوا لِسَبيلِهِم / وَإِنَّ بَقائي بَعدَهُم لَقَليلُ
رَأَيتُ المَنايا تَصدَعُ الصَخرَ وَالصَفا / وَتَصدَعُ صَدرَ السَيفِ وَهوَ صَقيلُ
كَأَن لَم تَرَي هارونَ في ظِلِّ مُلكِهِ / تَسنَّمهُ يَومٌ عَلَيهِ ثَقيلُ
وَمِن دونِهِ سَمَرٌ عِجافٌ صُدورُها / يقيلُ وَحَيُّ المَوتِ حَيثُ تقيلُ
مَنازِلُ هارونَ الخَليفَة أَصبَحَت / لَهُنَّ عَلى شاطي الفُراتِ عَويلُ
مَنازِلُ أَمسَت في السِياقِ نُفوسُها / سُلِبنَ رِداءَ المُلكِ وَهوَ جَميلُ
لَبِسنَ حَلَيَّ المُلكِ ثُمَّ سُلِبنَها / فَهُنَّ وَلا حَليٌ لَهُنَّ عطولُ
يُذَكِّرُني هارونُ آثارَ مُلكِهِ / وَذلِكَ ذِكرٌ إِن بَقيتُ طَويلُ
إِذا ما سَطا عِزُّ المَنايا فَإِنَّهُ / سواقٌ عَزيزٌ عِندَهُ وَذَليلُ
وَما تَرَكَ المدّاحُ فيكَ مَقالَةً
وَما تَرَكَ المدّاحُ فيكَ مَقالَةً / وَلا قالَ إِلّا دَونَ ما فيكَ قائِلُ
ثَنَت طَرفَ عَينَيها صُدورَ المُصارِمُ
ثَنَت طَرفَ عَينَيها صُدورَ المُصارِمُ / وَضَنَّت بِحاجاتِ الصَديقِ المَكارِمِ
لَعَمري لَقَد لامَت سُعادُ عَلى الهَوى / وَلَستُ الَّذي يُصغي لِلامَةِ لائِمِ
دَعيني وَلَذّاتي أُطِعها فَإِنَّني / أُبادِرُ بِاللَذّاتِ شيبَ المَقادِمِ
دَعيني أَكُن إِن غَيَّرَ الشَيبُ لِمّتي / عَلى ماضِياتٍ في الصِبا غَيرَ نادِمِ
فَلا تَسحَتي بِالعَقلِ جَهلي فَإِنَّما / شُجونُ التَصابي في بَياضِ اللَهازِمِ
سَيَكفيكَ لَومي إِن بَقيتَ تَلون / مِنَ الرَأسِ زحافٌ بِسَعي القَوائِمِ
يُذَكِّرُني نَجداً وَطيبَ عِراصِها / عَلى ظَمَإٍ بَرد الرِياحِ النَواسِمِ
وَمَفتولَةَ الأَعضادِ تدمي أُنوفَها / تَثنّي المَباني في رُؤوسِ المَخارِمِ
تُعارِضُ زَيتونَ البَليخِ بِأَذرُعٍ / سَوابِحُ في أَمواجِ تِلكَ المَحارِمِ
فَيَطوينَ بِالأَيدي مَناشِرَ أَرجُلٍ / وَيَبسُطنَ أَثواباً بِنَسجِ المَناسِمِ
وَكَم خَبَطَت مِن فَحمَةٍ لِدُجنَّةٍ / وَجَمرَةِ وَهّاجِ مِن الصَيفِ جاحِمِ
إِلى اِبنِ جَميلٍ أَفنَتِ السَيرَ بِالسُرى / سِراعاً وَأَفناها دَوامُ الدَيامِمِ
أَناخَت بِمَمنوعِ الحِمى واسِعِ الجَدى / صَبورٍ عَلى عَضِّ السُنونِ اللَوازِمِ
يَسوسُ إِذا ساسَ الأُمورَ بِمَحصَدٍ / مِنَ الرَأيِ حِلال عُقودَ العَزائِمِ
كَفى اِبنَ جَميلٍ أَنَّهُ غَيرُ راقِدٍ / عَنِ المُكرَماتِ وَالأُمورِ الجَسائِمِ
يَنامُ غِراراً راعِياً لِأُمورِهِ / وَأَكثَرُ ما يَطوي الدُجى غَير نائِمِ
إِذا ذَكَرَ المَنون يَومي مُحَمَّدٍ / رَأَيتَ اِبتِهاجاً في وُجوهِ البَراجِمِ
تَسامَت بِأَعناقٍ طِوالٍ وَأَعيُن / إِلى الفَضلِ أَيّام العُلا وَالمَكارِمِ
فَلا تَحسَبَنّا حينَ نُغضي عَلى القَذى
فَلا تَحسَبَنّا حينَ نُغضي عَلى القَذى / بِنا صَمَمٌ عَن سوءِ رَأيِكَ أَو أَعمى
وَلكِن تَدَبَّرنا الأُمورَ فَلَم نَجِد / إِلى شَتمِ أَعراضِ العَشيرَةِ سُلّما
فَلا تَحسَبَنَّ الأَرضَ سَدَّت فُروجَها / عَلَيَّ وَأَنَّ الرِزقَ أَمسى مُحرَّما
فَأَبعَدُ ما أَمسى وَأَصبَح هِمَّةً / وَأَشرَفُها نَفساً إِذا كُنتَ مُعدَما
وَما قَدَّمَ الفَضل بن يَحيى مَكانَه
وَما قَدَّمَ الفَضل بن يَحيى مَكانَه / عَلى غَيرِهِ بَل قَدَّمتهُ المَكارِمُ
لَقَد أَرعَبَ الأَعداءَ حَتّى كَأَنَّهُ / عَلى كُلِّ ثَغرٍ بِالمِنَّةِ قائِمُ
كَفاني صروفَ الدَهرِ يَحيى بنُ خالِد
كَفاني صروفَ الدَهرِ يَحيى بنُ خالِد / فَأَصبَحت لا أَرتاعُ لِلحدثانِ
كَفاني كَفاهُ اللَهُ كُلَّ مُلمَّةٍ / طِلابُ فُلانٍ مَرَّةً وَفُلانُ
فَأَصبَحَت في رَفعٍ مِنَ العَيشِ واسِع / أقلِّبُ فيهِ ناظِري وَلِساني
أَلا لَيتَ حَيّاً بِالعِراقِ عَهِدتَهُم
أَلا لَيتَ حَيّاً بِالعِراقِ عَهِدتَهُم / ذَوي غِبطَةٍ في عَيشِهِم وَليانِ
يَرونَ دُموعي حينَ يَشتَمِلُ الدُجى / عَلَيَّ وَما أَلقى مِنَ الحَدَثانِ
إِذَن لَرَأوا جِسماً أَضَرَّ بِهِ الهَوى / وَعَينَ مُعَنّىً جَمَّة الهملانِ
أَمِن بِئرٍ مَيمونٍ يَحِنُّ صَبابَةً / إِلى أَهلِ بَغدادَ وتِلكَ أَماني
بَعدت وَبَيت اللَهِ مِمَّن تُحِبُّهُ / هَواكَ عِراقِيٌّ وَأَنتَ يَماني
إِذا ذُكِرَت بَغدادُ لي فَكَأَنَّما / تَحَرَّكَ في قَلبي شَباةُ سِنانِ
لَئِن أَنا لَم أُدرِك مِنَ الدَمعِ ثارِيا
لَئِن أَنا لَم أُدرِك مِنَ الدَمعِ ثارِيا / وَلَم أَشفِ قَرحاً داخِلاً في فُؤادِيا
لَتَختَرِمَنّي الحادِثاتُ وَحَسرَتي / بِأَحمَدَ في سَوداءِ قَلبي كَما هِيا
لَقَد أَفسَدَ الدُنيا عَلَيَّ فِراقُهُ / وَكَدَّرَ مِنها كُلَّ ما كانَ صافِياً
وَأَذكُرُ أَلّا نَلتَقي فَكَأَنَّما / أُعالِجُ أَنفاسَ المَنايا القَواضِيا
تَخَلَّصَت الأَيّامُ لا دَرَّ دَرُّها / حَبالَ اِبنِ أمي أَحمَدٍ مِن حِبالِيا
وَباعَدَ ما قَد كانَ بَيني وَبَينَهُ / مِنَ القُربِ أَيّامٌ تَسوقُ اللَيالِيا
كَأَنَّ يَميني يَومَ فارَقتُ أَحمَداً / أَخي وَشَقيقي فارَقَتها شمالِيا
وَما كانَتِ الأَيّامُ بَيني وَبَينَهُ / وَلا فَرحُ اللَذّاتِ إِلّا عَوارِيا
خَليلَيَّ لا تَستَبطِئا ما اِنتَظَرتُما / فَإِنَّ قَريباً كُلُّ ما كانَ آتِياً
أَلا تَرَيانِ اللَيلَ يَطوي نَهارَهُ / وَضوءَ النَهارِ كَيفَ يَطوي اللَيالِيا
هُما الفَتَيانِ المُترَفانِ إِذا اِنقَضت / شيبَة يَومَ عادَ آخرُ ناشِيا
وَيَمنَعُني مِن لذَّةِ العَيشِ أَنَّني / أَراكَ إِذا قارَفتَ لَهواً تَرانِيا
الآنَ أَرَحنا وَاِستَراحَت رِبكابُنا
الآنَ أَرَحنا وَاِستَراحَت رِبكابُنا / وأَمسَكَ مَن يُجدي وَمَن كانَ يَجتَدي
فَقُل لِلمَطايا قَد أَمِنتِ مِنَ السُرى / وَطَيِّ الفَيافي فَدفداً بَعدَ فَدفَدِ
وَقُل للعَطايا بَعدَ فَضلٍ تَعَطّلي / وَقُل لِلرَزايا كُلَّ يَومٍ تَجَدّدي
وَدونَكَ سَيفاً بَرمَكِيّاً مُهَنَّداً / أُصيبَ بِسَيفٍ هاشِمِيٍّ مُهَنّدِ
إِلَيكَ أَبا العبّاسِ سارَت نَجائِبٌ
إِلَيكَ أَبا العبّاسِ سارَت نَجائِبٌ / لَها هَمٌّ تَسري إِلَيكَ وَتَنزِعُ
بِذِكرِكَ تَحدوها إِذا ما تَأَخَّرَت / فَتَمضي عَلى هَولِ المضيِّ وَتُسرِعُ
فَما لِلِسانِ المَدحِ دونَكَ مشرعٌ / وَما لِلمَطايا دونَ بابِكَ مفزعُ
إِذا ما حِياضُ المَجدِ قَلَّت مِياهُها / فَحَوضُ أَبي العَبّاسِ في الجودِ مُترَعُ
فَزُرهُ تَزُر حِلماً وَعِلماً وَسُؤدُداً / وَبَأساً بِهِ أَنفُ الحَوادِثِ يُجدَعُ