المجموع : 38
سلوتُ وفي قلبي على الهجرِ خطرةً
سلوتُ وفي قلبي على الهجرِ خطرةً / من الوَجدِ لم يدخُل مداخلها الصبرُ
أصدُّ فيدعوني فلطَّفتُ راجِعاً / إليها على نأيٍ فَيمنَعُني الهجرُ
فأصبحتُ لا أدري لأيتةِ وجهةٍ / أسيرُ ولا في أيِّ حالٍ له عذرُ
ولما رأيتُ الدهرَ يَهوى فِراقنا / ويَحسدُنا صِرنا إلى ما يرى الدَّهرِ
أَصابَ فُؤادِي منكَ ما كنتُ أحذرُ
أَصابَ فُؤادِي منكَ ما كنتُ أحذرُ / وما ذاكَ إلا أنه ليسَ يقصرُ
وعينٍ كعينِ الماءِ من كثرةِ البُكا / يُرى نومها شوقاً معَ الدَّمعِ ينظرُ
إِذا استتبَع الدَّمعُ الكَرى مَر مُسرعاً / إِلى الوردِ جيران له عنهُ يصدرُ
ولو كانَ صَبرِي مثلَ شَوقي تقاوما / ولكنَّ شَوقي من عزائيَ أكبرُ
وعينٍ قذاها الدمعُ والنومُ دمعُها
وعينٍ قذاها الدمعُ والنومُ دمعُها / ترى نومها في أيٍّ عينٍ بها يجري
خبَت ما خنَت من شدةِ الشوقِ والبُكا / على نفسِها والنفسِ والقلب والصدرِ
بكت عبرةً ثم امترت جَفنها دماً / جرى طاعةً للوجدِ والنومِ والصبرِ
عدمتُكِ عيناً طال عتبي بما جَنَت / على نفسِها ما دُمتُ حياً على الدهرِ
أيا دمعَ عيني ما الذي أنتَ صانِعُ
أيا دمعَ عيني ما الذي أنتَ صانِعُ / تردد في خدي كأنكَ راجِعُ
ويا سُقمَ جِسمي قل لطرفٍ حكيتَه / ألا هل لِمن أعديتَ عندَكَ شافِعُ
ويا زهرةَ الدنيا وبهجةَ حسنِها / ومن أنا منهُ بالأماني قانِعُ
عزيزٌ على عينيَّ أن ينطق البُكا / بسلواك فأفهم ما تقول المدامِعُ
تناسيتَ ما أوعيتَ سمعَكَ يا سمعي
تناسيتَ ما أوعيتَ سمعَكَ يا سمعي / كأنكَ بعد الضرِّ خالٍ من النفعِ
أما عندَ عينيكَ اللتينِ هما هما / لمكتئبٍ يرجوكَ شيئاً سِوَى المنعِ
لئن كنتَ مطبوعاً على الهجر عارفاً / فما الصبرُ في تركيبِ قلبي ولا طبعي
وإن تكُ أضحكت فوقَ خدِّكَ روضةٌ / فإنَّ على خدّي نوءاً من الدمعِ
سلِ المطرَ العامَ الذي عمَّ أرضكُم / أجاء بِمقدارِ الذي فاضَ من دمعي
على ثقةٍ إنِّي نحيلٌ ومدنف
على ثقةٍ إنِّي نحيلٌ ومدنف / صددت وأن الناسَ بي فيكَ أعرَفُ
وأني إذا ما غبتَ عن كلِّ مضعفٍ / من الشوقِ نادى باسمكَ الدهرَ يهتِفُ
إلى أينَ لي عن حُسنِ وجهكَ مذهبٌ / ومِن أين لي عنهُ إذا جاءَ مَصرفُ
وَفي كُل جَارِحةٍ هوىً متحيز / وفي كل جارحةٍ دموعٌ تذرفُ
ولعتُ فأمسكتُ العذولَ عن العذلِ
ولعتُ فأمسكتُ العذولَ عن العذلِ / وأصبحتُ في أمنٍ من الندِّ والمثلِ
هل الشمسُ إلا بالنهارِ ضياؤُها / تنيرُ ويطويها المساءُ إلى الأفلِ
وأنتَ الذي في كلِّ وقتٍ وساعةٍ / بكلِّ مكانٍ مشرق البَعدِ والقَبلِ
ملكتَ قلوبَ العالمينَ فأصبحت / عليكَ وقوفاً من هواكَ على وَجلِ
أما وانحِدارُ الدمعِ من جفنِ مقلةٍ
أما وانحِدارُ الدمعِ من جفنِ مقلةٍ / غريقٍ على خدٍّ من الدمعِ مُخضلِّ
لقد ذابَ كلي بالصَّبابةِ والضَّنى / وأدنفني شوقٌ إلى الحسنِ الكُلّي
إلى مُشرقٍ من وَجهِ بدرٍ مركّبٍ / وآخرَ مبسوطٍ من النورِ منحلِّ
ضياءٌ منيرٌ فوقَ شعبةِ بانةٍ / على رملةٍ ريا من الوبلِ والهَطلِ
أما آنَ للهجرانِ أن يُعقِبَ الوَصلا
أما آنَ للهجرانِ أن يُعقِبَ الوَصلا / وللحبِّ أن يُمشى حكومَته عَدلا
لقَد طالَ جَورُ الحبِّ في الحكمِ واعتدَى / عَلى أَهلهِ حتَّى أبادَهمُ قَتلا
عذابي بعذبِ الذكرِ عذبِ المُقبلِ
عذابي بعذبِ الذكرِ عذبِ المُقبلِ / ومَن سَهمُهُ الريانُ من دَم مَقتلي
رَمانيَ من عينيهِ بالسقمِ والضَّنى / فأَجرَاهما في كلٍّ عضوٍ ومفصِلِ
وساوَرَني العُذال فيهِ ولم أجِب / وكيفَ نصيرٌ للكئيبِ المعذَّلِ
وغالبَني من دمعِ عينيَّ واكِفٌ / جرى منهُ مجرى عبرةِ المتنحلِ
حَسِبتُ لساني أن يكونَ خؤُونا
حَسِبتُ لساني أن يكونَ خؤُونا / فأودعتُهُ سرِّي فكانَ أمينا
فقلتُ ليخفى دونَ سمعي وناظِري / أيا حَركاتي كنَّ فيهِ سكونا
فَما أبصَرت عينٌ لعينيَ نظرةً / ولا سَمِعت أذنٌ نعيً وَأنينا
لقد أحسَنت أحشَاي تربيةَ الهَوى / فَها هو ذا كهل وكانَ جَنينا
ولم أشكُ طولَ الليلِ حتَّى رأيتني
ولم أشكُ طولَ الليلِ حتَّى رأيتني / أقلِّبُ طرفاً يَرقُبُ النجمَ باكيا
وإنسانُ عيني أنحلَ الدَّمعُ جسمَهُ / خَميصَ الحشا من لذّةِ النَّومِ طاوِيا
وَقلباً أبى إلا التذكُّرَ فارتوَى / بسلوانهِ شَوقٌ وأصبحَ صادِيا
أناخَ إليهِ الهَمُّ فاعتاضَ زَفرةً / من الشَّوقِ لا تبلى وإن كان باكيا
بكى عاذلي مِن رَحمةٍ فرحمتُهُ
بكى عاذلي مِن رَحمةٍ فرحمتُهُ / وكَم مُسعدٍ لي في الهَوى ومُعينِ
ورقَّت دموعُ العينِ حتَّى كأنَّها / دموعُ دموعي لا دموعُ جُفوني
له من مهاةِ الرملِ عينٌ مريضةٌ
له من مهاةِ الرملِ عينٌ مريضةٌ / ومن ناضرِ الريحانِ خُضرةُ شاربِ
وَمِن يانعِ التفاحِ خد موردٌ / ومن خط حلو الخطِّ تقويسُ حاجبِ
ومن ناعمِ الأغصانِ قدٌّ وقامةٌ / ومن حالكِ الحبرِ اسودادُ الحَواجبِ
وَمن كلِّ ما تَهوى النفوسُ وتَشتَهي / نَصيبٌ وَما فيهِ نَصيبٌ لعائبِ
ولامسَهُ قلبي فآلمَ كفَّهُ
ولامسَهُ قلبي فآلمَ كفَّهُ / فمِن لَمسِ قلبي في أنامِلهِ عقرُ
وَمرَّ بِفكرِي خاطِراً فَجرحتُهُ / وَلم أرَ خلقاً قطُّ يجرحُهُ الفِكرُ
أراني ذليلَ النَّفسِ مذ أنتَ عاتبٌ
أراني ذليلَ النَّفسِ مذ أنتَ عاتبٌ / وأيَّةُ نفسٍ لا تذلُّ على الهَجرِ
يُعاتبُ بَعضي فيكَ بَعضاً وكلهُ / إليكَ وحبُّ العَفوِ يَسمحُ بالعُذرِ
رأت مِنه عَيني منظرينِ كما رأت
رأت مِنه عَيني منظرينِ كما رأت / مِن الشَّمسِ وَالبدرِ المُنيرِ عَلى الأَرضِ
عشيةَ حياني بِوَردٍ كأنَّهُ / خدودٌ أضيفَت بعضهنَّ إلى بعضِ
ونازَعني كأساً كأنَّ رُضابها / دُموعي لما صدَّ عَني مُقلتي غُمضي
وَولَّى وفعلُ السكرِ في حركاتهِ / من الراحِ فعلُ الريحِ بالغصُنِ الغَضِّ
رَحلتُم فكَم من أنَّةٍ بعدَ زَفرةٍ
رَحلتُم فكَم من أنَّةٍ بعدَ زَفرةٍ / مبينةٍ للناسِ شوقي إليكُمُ
وقد كنتُ أعتقتُ الجفونَ من البكا / فقد ردَّها في الرقِّ حزني عليكمُ