المجموع : 38
أَسيلَة خَدٍّ دونَهُ الأُسل السُمرُ
أَسيلَة خَدٍّ دونَهُ الأُسل السُمرُ / وَدونَ ارتِشاف الريق مِن ثَغرِها ثغرُ
أَناةٌ بَراها اللَهُ أَكمَلَ صورَة / فَأَردَفَت الأَرداف واختَصر الخصرُ
وَبقصرُ ليلي ما أَلَمَّت لأَنَّها / صَباحٌ وَهلأ يَبقى الدُجى وَهيَ الفَجرُ
مَرى البينُ جفنيها عَلى الخَدِّ فالتَقى / بِأَدمَعها وَالمَبسَمُ الدرّ بالدرّ
وَقالوا أَتَسلوا عَن لَذيذ رِضابِها / فَقُلتُ وَهَل حَلَّت لِشارِبها الخَمرُ
أَلَم تَعلَمي أَنَّ العَناءَ هوَ الغِنى / وَأَنَّ ابتِذال التِبر في حَقِّها تَبرُ
إِذا كانَ تِرحالي بِنِيَّة آيبٍ / فَباطِنُهُ وَصلٌ وَظاهِرُهُ هَجرُ
ذَريني أهب لِلمَجد شَرخ شَيبَتي / فَإِن لَم أُبادِرها استبدَّ بِها العُمرُ
فَلَم أَرَ هَذا العُمر إِلّا مَسافَة / إِذا مَرَّ يَوم مَرَّ مِن ذَرعها فَترُ
فَسلني بِالدُنيا فَقَلبي صَحيفَة / عَلى ظَهرِها مِن كُلِّ نائِبَةٍ سَطرُ
أَوسَع صَدري كُلَّ يَومٍ بِزَفرَةٍ / عَلى أَنَّهُ وسع يَضيقُ لَهُ الصَدرُ
أُكَلِّفُ أَقلامي تبلغني المُنى / وَقَد عجزت عَنهُ الرُدَيِنيَّةُ السُمرُ
وَإِن لَم يُنِل بِالبيضِ تَخضِبها الدِما / فَأَهون بِأَقلامٍ يُخَضِّبها الحِبرُ
إِذا فاتَ مِن أَربى عَلى العُشرِ رُمحَهُ / مُناهُ فَقَد فاتَت فَتىً رُمحُهُ شِبرُ
فعدِّ عَن الأَقلامِ واِستَنصِر القَنا / وَسيفك إِنَّ النَصل في حَدِّهِ النَصرُ
سأَنفي الأذى عَنّي وَشيكاتٍ بِفَتيَةٍ / طَعانهمُ نظمٌ وَضربِهُمُ نَثرُ
وَبَيداء لَولا أَنَّها هيَ مَجهل / لَشَبَّهتُها في الوسع صدرك يا بِشرُ
قطعت بِملء الغرضتين وَصارم / كَعَزمِكَ مِن ماء الفرند بِهِ أَثرُ
لَقَد جَمَعَ الرَحمَنُ فيكَ مَحاسِناً / بأيسَرها يُستَعبد العَبدُ وَالحُرُّ
يُكفِّرُني قَوم بِشُكر صَنيعِهِ / إِليَّ وَكفر المُنعَمينَ هوَ النَقَرُ
يَنوطُ نجادي رأيه وَحسامه / بِصَدرٍ كَمِثلِ البَرِّ أَو دونَهُ البَرُّ
وَيَحلَم عَن ذي الجَهلِ حَتّى كَأَنَّهُ / وَحاشاه مِن فَرطِ الوقارُ بِهِ وَقرُ
ومن يعتصم مِنه بعصمة خِدمَةٍ / يَحِد عَنه شَيئان المذلَّة وَالفَقرُ
وَما تَنجحُ الأَقلام إِلّا بِكَفِّهِ / وَمخلب غير اللَيث في كَفِّهِ ظُفرُ
سِهامٌ إِذا ما راشَها بِبَنانِهِ / أَصيب بِها قَلبُ البَلاغَةِ وَالنَحرُ
وَإِن سَحَبَ القِرطاسُ مِن وَقعِها بِهِ / تَجَلَّت وجوه الخَطبِ وَالخُطَبُ الغُرُّ
تُخَبِّرُ عَمّا في الضَمير كَأَنَّها / سواد سويداواتهنَّ لَها حِبرُ
وَيا عَجَباً للدَّستِ كَيفَ جَفافه / وَفي كُلِّ عقد مِن أَنامِلِهِ نَهرُ
وَلا عَجَبٌ أَن يَلفِظ الدُرَّ قائِلاً / وَهَل عَجَبٌ أَن يلفظَ الدُرَرُ البَحرُ
وَيعشى وَلا يَعشى بِنور جَبينه / عَجيب وَهَل يَعشى بِأَنوارِهِ البَدرُ
رَعاكَ الَّذي استَرعاكَ أَمر عِبادِهِ / وَحَيّاكَ مَن أَحياكَ يا أَيُّها الحَبرُ
فِداؤُكَ مَقبوض اليَدَينِ عَن النَدى / إِذا جادَ كانَ الديكُ بَيضَتُهُ وِترُ
إِذا كانَ أَولادُ الزَمانِ بوجهِهِم / عُبوسٌ فِبشرٌ في أسرته بِشرُ
يُغالِبُني فَرط الغَرامِ عَلى الصَبرِ
يُغالِبُني فَرط الغَرامِ عَلى الصَبرِ / وَلا صَبرَ لي عَن صورَةِ الشَمسِ وَالبَدرِ
وَيَعذُلني في الحُبِّ خِلوٌ وَلَو دَرى / بِهِ كَفَّ عَن عَذلي وَقَصَّر عَن زَجري
تَحَيَّرتُ في أَمري وَإِنّي لَعارِفٌ / بِأَمريَ لَكِنّي غُلِبتُ عَلى أَمري
وَصارَ عَليَّ القَلب وَالطَرفُ في الهَوى / نصيرين لِلظَّبيِ الَّذي لَجَّ في الهَجرِ
أَلا أَيُّها الظَمآنَ ها ماء مُقلَتي / وَيا قابِس النِيرانِ ها النار في صَدري
أَبى لِجُفوني فيك أَن تَطعم الكَرى / وَلِلقَلبِ أَن يَخلو مِنَ الهَمِّ وَالفِكرِ
وَذُبتُ فَلَو أَلقَيتَ في كأسِ خمرةٍ / لما اغتصَّ بي في كأسِها شارِب الخَمرِ
وَكَم لَذَّةٍ لي قَد نعمت بِطيبِها / وَلَم تَكُ فيما بَينَنا ريبة تَجري
تَطوفُ عَلَينا بِالمُدامِ سَبيَّةً / لَها جفن عَين قَد تَكَحَّل بِالسَحرِ
بدت تحت أَرواقِ الظَلامِ كَأَنَّما / يُواجِهُني مِن وَجهِها لَيلَةُ القَدرِ
وَلَيلٍ جثمنا تَحتَهُ فَتَطايَرَت / لوقَعَ المَطايا جاثِمات القطا الكُدري
تَسيرُ بِنا حَتّى إِذا عَزَّ جانِبٌ / مِنَ السَهلِ أَدَنتَنا إِلى جانِب الوَعرِ
كَواكِبُ رَكبٍ في كَواكِبِ ظُلمَةٍ / تَسيرُ كَما تَسري وَتَجري كَما تَجري
إِلى سَيدٍ أَوفَت فأوفاني المُنى / إِلى عِزَّةٍ أَوفَت عَلى غُرَّة البَدرِ
إِلى السَيِّدِ المِفضالِ وَالماجِدِ الَّذي / حَوى المَجدَ قدماً بِالمَفاخِرِ وَالقَدرِ
وَلَمّا ونت بُزل المَطايا حَثَثتُها / بِقَولي لَها سيري إِلى مَعدَنِ الفَخرِ
فَلَمّا أَحَست أَنَّكَ القَصدُ أَسرعت / رواحاً وأغنتني عن السَوطِ والزَجرِ
فَكانَ بِسَعدٍ لا بِنَجسٍ مَناخُها / عَلى بابِ مَن أَغنَت يَداهُ عَن القَطرِ
كَريم لَه من أَظلم الناس شاعِرٌ / يُشبِّههُ بِالغَيثِ وَالقَطرِ وَالبَحرِ
وَما زالَ ذا ذهب صَحيحٍ وَخاطِرٍ / وَذِكرٍ وَفِكرٍ لا يُقاسُ إِلى فِكرِ
وَإِن نابَ خَطبٌ لَم يَكُن دَفعُهُ سِوى / صدور العَوالي وَالمُهَنَّدَةِ البَترِ
رمت صفحة الأَعراب كَفُّ سَحابه / بِسَهمِ النَدى فاهتَزَّ في صَفَحةِ الدَهرِ
أَديبٌ لَبيبٌ ماجِدٌ متكِرِّمٌ / كَريمٌ المحيّا طَيِّبُ الأصلِ وَالذِكرِ
أَلا أَيُّها القيلُ الكَريمُ ومن سَما / بِمَجدٍ وَإِحسانٍ عَلى قِمَّةِ النَسرِ
تَقيكَ الرَدى نَفسٌ عَلى كَريمة / تُحبُّكَ حُبَّ الأمن في زمن الذُعرِ
لَقَد رفع الرَحمَنُ قَدرُكَ في الوَرى / كَما في اللَيالي شُرِّفت ليلة القَدرِ
فَإِن كنت في جنس البَرايا وفقتهم / فَلِلمِسكِ نَشرٌ لَيسَ يوجد في العِطرِ
إِلَيكَ عَروساً في قَريضٍ زَفَفتُها / إِلَيكَ فَخُذ يا أَبرَعَ الناسِ بِالشُكرِ
فَما عَزَّة الإِنسان إِلّا حَديثِهِ / فَعِش أَنتَ في خَيرِ الحَديثِ الَّذي يَجري
وَعِش أَبَداً ما لاح في الجَوِّ طائِرٌ / وَما هتفت وَرقاء في غُصُنِ نَضرِ
أَرى مِنكَ وَجهَ الصَدِّ لا يَتَغيَّرُ
أَرى مِنكَ وَجهَ الصَدِّ لا يَتَغيَّرُ / وَوَصلُكِ هِنداً في الهَوى يَتَعَذَّرُ
أُعَلِّلُ نَفسي بِالوَعيدِ لزورَةٍ / ومن دونِها طرفُ الفَتى يَتَحَسَّرُ
أَغَرَّكِ هِندٌ جفوة العَينِ لِلبُكا / وَرُؤياكِ من عيني الدِما تَتَحَدَّرُ
فَصِرتِ لِقَتلي عامِداً تَتَحَمَّلي / إِلى اللَهِ أَشكو إِنَّهُ مِنكِ أَقدَرُ
لَأَلقى امرءاً خِلُّ المَكارِمِ وَالنَدى / وَحَسبيَ في خَيرِ امرىءٍ حينَ يَذكُرُ
بِقَصدِ المهيّا فزت بِالخَيرِ وَالرَضا / وَما زالَ مَن يَرجوهُ بِالبِرِّ يَظفَرُ
فَلِلَّهِ دَرُّ السَيِّدِ بن مُفَرِّجٍ / فَتىً فاضِلٌ حُلوُ الشَمائِلِ خَيِّرُ
عَجِبتُ لِفَضلٍ فيهِ لَمّا رأَيتُهُ / وَما زِلتُ في أَفعالِهِ أَتَفَكَّرُ
لَهُ هِمَّة تَعلو عَلى كُلِّ هِمَّةٍ / وَرأيٌ حَصيفُ في الأُمورِ مُدَبِّرُ
مُقيمٌ لأهلِ القَصدِ بِالبَذلِ لِلعَطا / فِمِن وارِدٍ يَرجو وآخر يَصدُرِ
يَرى أَنَّ مَن والاهُ أَعظَم مِنَّةً / إِذا جاءهُ بِالقاصِدينَ مُبَشِّرُ
وَإِنّي لأَدري أَنَّ في القَصدِ نَحوَهُ / بُلوغَ الرِضا فيما أُحِبُّ وَأُثِرُ
رِضىً كامِل لِلفَضلِ وَالدينِ وَالسَخا / وَأَصلٌ بِهِ أَصلُ المَناقِبِ يَفخَرُ
أَماطَت يَداهُ الفَقر بِالجودِ وَالنَدى / وَقارَنه في النَيل من كان يَقتُرُ
إِذا رامَ راجٍ قَصدَهُ وَهوَ مُعدَمٌ / فَلا مطله يَخشى وَلا الرَد يَحذَرُ
أَلفَت النَدى يأَبى الجَديد وَلَم تَزَل / أَحاديثك الحُسنى مَدى الدَهرِ تَنشُرُ
هَنيئاً لك العيد الَّذي أَنت عيده / وَلا زالَت الأَعياد عندك تَكثُرُ
وَقابل فيهِ السَعدُ وَاليمن وَالرِضا / وَكل الَّذي تَرجوه سَهلٌ مُيَسَّرُ
أَتاني عَن تاجِ الزَمان تَعتُّبُ
أَتاني عَن تاجِ الزَمان تَعتُّبُ / يُضَيِّق وسع الأَرض فَضلاً عَن الصَدرِ
وَلَم أَمتَدِحهُ آخِراً لِجَهالَةٍ / وَهَل لِلَّذي لا يَعرف الشَمس من عُذرِ
وَلَكِنَّني لَمّا رأَيتُ صِفاتِهِ / خَتَمنَ العُلى طراً خَتَمتُ بِهِ شعري
وَقَد أَخَّرَ اللَهَ النَبيَّ لِفَضلِهِ / وَقَدَّمَه في رتبةِ الفَضلِ وَالأَجرِ
أَعرتَهُم مِن دُرِّ وَصفك جَوهَراً / تَحَلّوا بِهِ ما بَينَ سَحرٍ إِلى نَحرٍ
وَتاهو به عاريَّةً لا تَمَلُّكا / فَإِن شِئتَ رَدّوا ما استَعاروا مِنَ الدُرِّ
فَلَما تَمادى الأَمرُ نادَت بيَ العُلى / غَلَّطت فأعطِ القوسَ وَيحَكَ من يَبري
فَعادَ مَديحي نَحوَ أَبلجَ حَدِّثوا / بِلاح حَرَجٍ عَن جودِهِ وَعَن البَحُرِ
وَغايَة هَذا الفَضل أَنتَ وَإِنَّما / يُوافي إِلى الغاياتِ في آخِرِ الأَمرِ
تَراءَت لَنا حَوراء في صُورَةِ الإِنسِ
تَراءَت لَنا حَوراء في صُورَةِ الإِنسِ / تُشبَّه شَمساً وَهيَ أَبهى من الشَمسِ
لَها كُلُّ يَومٍ حُلَّة مستجِدَّةً / مِنَ الحُسنِ تُنسي صورَةَ الحُسنِ بِالأَمسِ
تُذَكِّرنا حور الجِنانِ إِذا بَدَت / وَلَكِنَّها أَضعافُ ما ذَكَّرت تُنسي
تَراءَت لَنا وَالشَكلُ وَالطَرفُ شكلها / فَما بَرَحَت إِلّا وَثوب الضَنا لِبسي
وَلَمّا طَواكَ البين واجتاحَكَ الرَدى
وَلَمّا طَواكَ البين واجتاحَكَ الرَدى / بَكَيناكَ ما لَم نَبكِ قَطُّ عَلى قِطِّ
لَقَد كُنتَ أُنسي في الفِراشِ لِوحدَتي / إِذا بعدت ذاتَ الوشاحَينِ وَالقُرطِ
وَقَد كُنتَ تَحمي ما يَدبُّ مِن الأَذى / إِليَّ بدانٍ مِنكَ أَو كانَ في شَحطِ
وَتَحرُسُني كاللَيثِ يَحرسُ شَبلَهُ / وَيَقتل من ناواه بِاللَطمِ وَالخَبطِ
وَلَو كُنتُ أَدري أَن بِئراً يَغولني / بِمَهواك مِنهُ لاحتبستك بِالرَبطِ
وَلَكِنَّ أَيدي الحادِثاتِ مُصيبَة / إِذا أَرسلت سهم المَنيَّةِ لا تُخطي
فَماذا الَّذي أَنعاه مِنكَ وَما الَّذي / أَعدده من كَفِّكَ الباطِشِ السَبطِ
وَمِن حُسنِ لَونٍ في قَميصِكَ بَعدَما / رأيتُكَ تَزجي لي وَتَحكم بِالقِسطِ
وَهَل نافِعي أَنّي أَرثيك بَعدَما / رأَيتُكَ تَزجي لي وَتحكم بِالقِسطِ
وَما أَنتَ إِلّا مثل حَظّي الَّذي نأى / وَتصحيفه يا مَن يُصَوِّر بِالخَطِّ
أَبانَ لَنا من درِّهِ يَومَ وَدَّعا
أَبانَ لَنا من درِّهِ يَومَ وَدَّعا / عُقوداً وَأَلفاظاً وَثغراً وَأَدمُعا
وَأبدى لنا من دَلِّه وَجَبينِهِ / وَمَنطَقِهِ مَلهىً وَمرأىً وَمَسمَعا
فَقُلتُ أَوجه لاح من تحت بُرقُعٍ / أَم البَدرُ بِالغَيمش الرَقيقِ تَبَرقَعا
أَصَم منادي بينَهُم حينَ أَسمَعا / وَرَوَّعَ قَلباً بِالفِراقِ مُروَّعا
شجاع إِذا لاقى كَميّاً مجرَّدا / جَبانٌ إِذا لاقى غَزالاً مُقَنَّعا
رَعى اللَهَ قَلباً بِالحِجازِ عَهِدتُهُ / وَإِن كُنتُ لا أَلقاهُ إِلّا مُودِّعا
أُحِبُّ النَوى لا عَن قِلىً غَيرَ أَنَّني / أَرى أُم عمروٍ وَالنَوى أَبَداً مَعا
يُوفّي هَواها حَقَّهُ فَيَصونَهُ / وَلَيسَ يَطيب الحُبُّ إِلّا مُمَنَّعا
وَفيها وَفي أَترابِها ليَ مَنظَرٌ / هُوَ العَيشُ لَو صادفت في الرَوضِ مَربعا
حُجبنَ فَما يُبدين إِلّا لِنيَّة / بِنَفسي شُموس تَجعَل الغَرب مَطلعا
وَلَمّا أَتَينَ الرَوض يَنشُرُ بَزَّهُ / تَضَوَّعن مِسكاً خالِصاً وَتَضَوَّعا
وقدَّت كمام الزَهر عنه فخلته / عُيوناً وخلت الطَل مِنهُنَّ أَدمعا
لَقَد خلقت عَيناه لِلسَّحرِ مَعدِناً / كَما خُلق الطَيموم للجودِ مَنبَعا
وَما أَبدَع الشَمل المُشَتَّت بَينَنا / وَلَو جمع الشَمل الشَتيت لأَبدَعا
سَأَقلَع غَرسَ الحُبِّ قَبلَ عُسوِّهِ / فأعجله من قبل أَن يَتَفرَّعا
وَأَورِد أَمالي الصَواديَ مِن يَدي / أَبي غانِمٍ بَحراً مِنَ الجودِ مُترعا
سَحاباً إِذا استَسقيت جاد إِجابة / وَإِن لم تَرِد سُقياهُ جاد تَبَرُّعا
وَبَحراً إِذا ما غُصتَ لقّاك دُرَّهُ / وَإِن لَم تغص أَلقى لك الدُرَّ مُسرِعا
نَدى الوجه من فرط الصَرامَة كُلَّما / جَرى الماءُ في صِمصامَةٍ كانَ أَقطعا
وَلَولا العَطايا أَنَّها سُنَّة لَهُ / لما قال لِلدُنيا إِذا عثرت لَعا
فإِن يَلبِس الدُنيا فَلِلجودِ لا لَها / وَإِن هَجَرَ الدُنيا فَعَنها ترفُّعا
يقطِّع آناء النَهارِ عَلى الطَوى / صِياماً وآناء الظَلام تَضَرُّعا
يُراقِبُ إِحياء المَسا لِورودِهِ / إِذا راقَبَ المَرءُ المَساءَ ليَهجَعا
إِذا كانَ حِفظُ الدينِ ما أَنتَ صانِع / فَلست تَرى في الناسِ إِلّا مضيعا
وَكَم قائِل لي كَيف مدحك هَكَذا / فَقُلتُ صِفوه إِنَّ لِلحَقِّ مُقنِعا
إِذا ما مدحت ابن الحسين بِوَصفِهِ / أَو البعض منه جِئتُ بِالمَدح أَجمعا
كَريم إِذا عاداكَ لَم تَر مغنماً / مِنَ الذَمِ إِلّا أَن تَقول وَيَسمعا
تُتَبِّعُ نعماه بروق ابتسامِهِ / كَما أَتبع الغيث البروق تتبُّعا
وَتُمطِرُ لِلعافينَ حَتّى كَأَنَّهُ / برويتهم يَسقي الرَحيق المُشَعشِعا
وَلَو أَنَّ إِنساناً لعظمِ مَحلِّهِ / ترفَّع عَن قدر الثَناءِ تَرَفَّعا
فَتىً ماله لِلوافِدين وَإِنَّما / يُضاف إِلَيهِ في الكَلامِ توسّعا
وَلَيسَ يُعَدُّ الجود جوداً لأَنَّهُ / يَرى ما أَتاهُ واجِباً لا تَبرُّعا
إِذا شرعت أَقلامه في كِتابَةٍ / رأَيت العَوالي في الكَتائِبِ شُرَّعا
وَإِن صدعت أَنيابهن بِمُديةٍ / رَأَيتُ لَها شمل الحَديد مصدَّعا
تَخِرُّ غداة الرَوعِ في الطِرسِ سُجَّدا / فَبيضٌ كَبيضِ الهِندِ في الهامِ رُكَّعا
تظلُّ سُيوف الهِندِ عِندَ صَريرِها / يُتَبِّعها فيما أَرادَ تَتَبُّعا
وَلَو مَسَّ أَنبوب اليَراعِ رأَيته / يُلَبي أَنابيبَ الرِماحِ إِذا دَعى
وَما أَحَدٌ في كتَبةٍ أَو كَتيبَةٍ / بأَسجَعَ مِنهُ في الكِتابِ وَأَشجَعا
فَصيح إِذا ما جال لَم ير مغنماً / مِنَ العَيشِ إِلّا أَن يَقول وَيَسمعها
سَعى لِلعلى حَتّى إِذا ما أَصابَها / أَتَتهُ العُلى تَسعى إِلَيهِ بِما سَعى
وتحرز ما تغنى بِهِ فَكَأَنَّما / تخال الفَتى مثل الغناء مُرجَّعا
وترقص أَطراف القَنا عن جبينه / إِذا ما اعتَرى يَومَ الهياجِ أَو ادَّعى
إِذا ما دَعى الداعوَ حيَّ عَلى النَدى / وَحيَّ عَلى الهيجاء أَقبل مسرعا
وَجَيشٍ كَأَنَّ الشَمسَ قَد لَبِسَت بِهِ / مِنَ النَقعِ وَالطَيرِ الحَوائِمِ بُرقُعا
شققت إِلى أَبطالِهِ الصَفَّ مِثلَما / شققت بِنصفين الرِداء الموشَّعا
بِأَبيَض يفري كل درعٍ وَجِنَّة / فَلَيسَ يُحاشي حاسِراً أَو مدرعا
وَلَم أَرَ كالطَيمومِ إِلّا أَبا النَدى / كريمين مِن أَصلٍ كَريم تفرَّعا
لِكُلِّ بهاءٌ مِنكُما غير أَنَّني / رأَيتكُما أَبهى إِذا كُنتُما معا
لَو أَنَّكُما بَعد التَأزُرِ مُتما / تضعضع رضوى أَو شرورى تضعضعا
مَعاً أَنتُما كالنَيِّرينِ مَحلة / وَنوراً ومثل الفرقدين تجمعا
أَبا حسن أَحيَيتَ بِالجودِ حاتِماً / وَبالحُلُمِ لُقماناً وَبِالمُلكِ تُبَّعا
فُطرتَ عَلى دينِ النَدى فاكتسبته / فَحُزتَ المَعالي فِطرَةً وَتَصَنُّعا
ورتَّبته فَوقَ السَموات رُتبَةً / فَلَم يَبقَ في جودٍ لغيركَ مَطمَعا
لَقَد سُدتَ أَهل الأَرضِ مُجتمع القوى / وَقَد سُدتَّهم من قبل ذَلِك مُرضعا
إِذا أَول الخُطيِّ أَخطاك طعنه / فَلا ترج في أَخراهُ لِلضَّيمِ مدفعا
إِذا ما طَريق المَدحِ ضاق عَلى امرىءٍ / رأَيتُ طَريق المَدحِ نَحوَكَ مهيعا
فَإِن قُلتَ لَيثاً كُنتَ أَشجَع مَدفَعا / وَإِن كُنتَ غيثاً كُنتَ أَنفَع موقعا
وَإِن قلت بَحراً كُنتَ أَعذَب مورداً / وَإِن قُلتُ بَدراً كُنتَ أَبعَد مطلعا
فَهُنِّيتَ ذا العيد الَّذي هوَ حاضِرٌ / وَهُنيتَ أَلفاً مثله مُتَوَقَّعا
زَمانكَ أَعياد وَهُنِّيت مثلها / ولست أَخُصُّ اليَومَ إِلّا لأَجمَعا
كرهتَ جوار المالِ من كَرَمٍ فَما / يَرى مالُك الخَزّانِ إِلّا مودِّعا
تَواضَعَ من فَرطِ الرَجاحَةِ أَنَّهُ / إِذا وزن الشَيء الرَفيع ترفَّعا
لَقَد أَلبَسَ اللَهَ البِلادَ وَأَهلَها / بِشخصلك تاجاً بِالمَعالي مرصَّعا
بَقيتَ بَقاء الدَهرِ تُرجى وَتُتَّقى / فَما العَيشُ إِلّا أَن تَضُرَّ وَتَنفَعا
أَتَرضونني يا آل جرّاح إِنَّني
أَتَرضونني يا آل جرّاح إِنَّني / مُدوّيٍ لكم أَضحى مَدى الدَهرِ هالِكا
وَما زِلتُ أَرجو أَن أَراكُم كَما أَرى / تَكون عَلى رغمِ المُلوكِ المَمالِكا
وَلما أَتى فَتحُ الشام رَمقتُهُ / بعين امرىء لِلرِّق أَضحى مُشارِكا
وَلَمّا أَفاد الناس مِنهُ وَأَينعت / ثِمار الغِنى مِنهُ وَلَم أَلق ذُلِكا
غَصَصتُ بِأَمرٍ لَم أَكُن جاهِلاً بِهِ / ولا راقِباً مِنهُ يُلِمُّ مُشابِكا
أَما كانَ لي في حُرمَةِ السَعيِ مِنكم / ذمام يَردُّ البَغيَ بِالعَزمِ آفكا
أَما كانَ في مَدحِ الأَمير أَبي النَدى / لكم مَذهَبٌ تَقضون فيهِ الحَسائِكا
تَرى الغيث وَهيَ العارِض الجونِ تَنثَني / لشقوة جَدّي جامِد الهطل فارِكا
تَرى البرق أَغشى العَين منكم مناره / يَعود لِبَختي أَسود اللون حالِكا
تَراني لِتَقديري حُرمتُ حِباءَكم / فَأَصبَحَ مِنّي حادِثُ الدَهرِ ناهِكا
فَإِن كانَ يُمنُ الدَولَةِ اختار مُهجَتي / وَخَلَّصها إِذا خَيَّم المَوتُ بارِكا
فَكَم عَزمَةٍ لِلمَلكِ زادَت بِحِكمَةٍ / وَسَدَّت عَلى سُبُلِ الطَريقِ المَسالِكا
وَكَم رام ثَوبَ العِزِّ إِنَّ سَتيرَهُ / بِذُلِّ وَأَن تَلقى له الدَهرَ مالِكا
أَلا إِنَّ هَذا العَبدَ رَهنَ كَفالَةٍ / وَقَد أَطلقتَه أَريحيَّة جاهِكا
وَقَد كانَ مَملوكاً وَفي رَدِّ مالِهِ / حَياةٌ لَهُ فاجعَلهُ من عُتقائِكا
هَبوا أَنَّ سِجني مانِعٌ لِوِصالِهِ
هَبوا أَنَّ سِجني مانِعٌ لِوِصالِهِ / فَما الخَطبُ أَيضاً لامتِناعِ خَيالِهِ
نَعَم لَم تَنَم عيني فيطرُق طَيفُهُ / زَوالُ مَنامي عِلَّة لَزَوالِهِ
فِدى الصَبِّ من لم ينسه في بَلائِهِ / وَيَنسى اسمُهُ مَن كانَ في مِثلِ حالِهِ
ومن صارَ سِجني قطعة من صُدودِهِ / وَطول التَنائي قطعة مِن مَلالِهِ
وَلَم تَرَ عيني حاسِدَينَ تَباينا / عَلَيهِ سِوى قَلبي وَتُربِ نِعالِهِ
وَإِنّي لأَطويهِ حِذاراً وَإِنَّما / يَخافُ اغتِيال الجَرحِ عِندَ اِندِمالِهِ
أَلّا بِأَبي الغُصن النَضير وَإِنَّما / كنيتُ بِهِ عَن قَدِّهِ واِعتِدالِهِ
وَلا بِأَبي بَدر المَحاقِ وَإِنَّما / يفدى إِذا حاكاه عِندَ كَمالِهِ
وَلا حَبَّذا نور الأَقاحي عابِساً / وَيا حَبَّذاه ضاحِكاً في ظِلالِهِ
فَإِن فاقه ثغر الحَبيب فَإِنَّما / أُقَرِّب ما أَعيا وجود مِثالِهِ
وَما حُسن هَذا الشِعر إِلّا لنفثِهِ / لَهُ في فَمي من قبل قطع وِصالِهِ
نَطقت بِسِحرٍ بَعدَها غَيرَ أَنَّهُ / مِنَ السِحرِ ما لَم يُختَلَف في حَلالِهِ
كَذاك ابن سيرينٍ لنفثة يوسف / تَكَلَّم في الرُؤيا بمثل مَقالِهِ
أَلا اصرِف إِلى صِدغَيهِ لحظك كله / وَدَع لَحظَه مُستَعمَلاً مِن نِصالِهِ
تَرى فيهِما نونَينِ عُطِّلَ واحِد / وَآخر مَعجوم بِنُقطَةِ خالِهِ
وَمِمّا يُسلّي خطَّة العَرض أَنَّها / وَضُرَّتَها في خطَّة لانتِقالِهِ
وَأَنَّهما مِثلَ البُروجِ لِبَدرِها / إِذا حَلَّ لَم تأمَنَ وَشيك ارتِحالِهِ
وَما الوقف إِلّا في الوزارَة إِنَّها / عقيليَّة مَحفوفة باعتِقالِهِ
أَتَستَغرِب العَلياء أَحمَد ناشِئاً / وَقَد بانَ منه الفَضل قَبلَ فَصالِهِ
صَغيراً تربّيه المَعاليَ فاضِلاً / فَسُوِّدَ مِن إِقبالِهِ في اِقتِبالِهِ
أَراني وَقَد أَعيا عَلى الفِكرِ أَمرَهُ / عَلى أَنَّ فِكري غائِضٌ في احتِفالِهِ
إِذا ما حَوى أَعلى المَراتِبِ ناشِئاً / فَماذا الَّذي يَبقى لحينِ اكتِهالِهِ
نَعَم إِنَّ غايات الجَوادِ إِذا انتَهى / إِلَيها تَبقّى فضله في خِلالِهِ
رأوا فَضلَهُ فاستَحسَنوه وَأَمسَكوا / طِباعاً عَلى أَقدارهم بِخِصالِهِ
فَأَبقوا له في الفَضلِ كثرة شكرهم / وَأَبقى لهم في الفَخرِ قِلَّةَ مالِهِ
وَعَقلٍ كَعذبِ الماءِ مِن نظم عَقله / بِعَقلِ سواه فَهوَ عَذبٌ زُلالِهِ
إِلى أَدبٍ مثل الهَواء أَو الهَوى / مَع الروحِ يَجري جائِلاً في مَجالِهِ
وَذهنٍ لَو الكافور يمنع حَرَّه / لأَزري بفخر المِسكِ عند اعتمالِهِ
وَما كُلُّ ذا التَشبيه إِلّا تَحامُلاً / عَلَيهِ وَلَكِن فضله في احتمالِهِ
وَيا سَيِّدي عَبدٌ دَعاكَ معولاً / عليك وَلَم يَخطُر سِواكَ بِبالِهِ
وَهَل يَستَعينُ المَرءُ من قَعر هُوَّه / لإِخراجِهِ إِلّا بِأَقوى حِبالِهِ
وَأَنتُم أُناس فضلهم غامر الوَرى / فَما بال مِثلي دائِراً في اِنخمالِهِ
وَإِذ صارَ سَعد وابنه مَعِقلاً لَهُ / فَما العُذر في إِطلاقِهِ من عِقالِهِ
هَل ابصَرتُموه شافِعاً بِسِواكم / وَأَنتُم بَعيد وَهوَ في ضيقِ حالِهِ
مَحَل العُلى أَنّي حللت مَحلُّها
مَحَل العُلى أَنّي حللت مَحلُّها / وَفيك وَإِن حاز الوَرى البَعضَ كُلُّها
ومذ كُنتَ علياً تَميم وَطال في / كَبيراً إِذا ماتَت وَفي الناسِ قُلُّها
لَقَد يَمَّمَت علياً تَميم وَطال في / سَماء العُلى من فَخرِ فرعك أَصلها
وَكانَت سَجايا الفَضل بكراً فَعِندَما / ولدتَ قَضى الرَحمَنُ أَنَّكَ بَعلُها
فَلَيسَ يُرى في الفَضل مثلك ماجِدٌ / وَلَيسَ يُرى في غَير مثلك مِثلُها
فَفَضلُكَ مَشهورٌ وَلوَ لَم يَكُن بِها / يَمُتّ إِذا لَم يَسرِ في الناس فَضلُها
مَتى ظَمِئَت منّا قَرائِحُ فَهمنا / فَأَنتَ بِريٍّ من نُهاكَ تَعُلُّها
وَإِن عُقِدَت يَوماً مَسائِل حِكمَة / فَأَنتَ بِلا إِعمال فِكرٍ تَحُلُّها
تُصَحِّحُ أَنّي شئتَ مَنها سَقيمها / وَتأَتي إِلى ما صَحَّ مِنها تُعِلُّها
سِواءً إِذا ما رمتَ إِيضاحَ عِلمها / دَقيقُ مَعانيها عَلَيكَ وَجُلُّها
ضَمانٌ عَليَّ أَنَّ قدرَكَ يَرتَقي / بِها في مَعالٍ لا يُنال أَقلُّها
برعت عَلى أَبناء سينِّكَ رِفعَةً / فَأَنتَ فَتاها في الفَخارِ وَكَهلُها
فَضَلتهُم جَمعاً بِشيمَتِكَ الَّتي / جَنى جودها لمّا قَضى النحب مَحلُها
أَبا قاسم إِن تَستَجِد وصف مِدَحتي / فمنك مَعانيها وَأَنتَ مَحَلُّها
فَلا فَضلَ لي بَل فضلها منك كلّه / وَلَكِن كَساني حلَّة الفَخر أَهلُها
أَبى اللَهَ أَن يأَتي بِخَير فَيَرتَجى
أَبى اللَهَ أَن يأَتي بِخَير فَيَرتَجى / ذمام فروع قَد ذممنا أُصولَها
إِذا الدار من قبل العَفاءِ نَبَت بِنا / فَكَيفَ تُرَجّى لِلمُقامِ طُلولَها
هَزَزتُ المَواضي فاِنثنَت عَن ضَرائِبي / فَما أَرَ بي من أَن أَهُزَّ كَليلَها
إِذا قيلَ دار الفَخرِ كنتم ضيوفَها / وَإِن قيلَ دار اللُؤم كُنتُم حلولَها
وَقولة خزي فيكُمُ ستتَفِزُّني / وَأعلمُ أَلّا بُدَّ مِن أَن أَقولَها
هَل الوَجدُ إِلّا أَن تَلوح خِيامُها
هَل الوَجدُ إِلّا أَن تَلوح خِيامُها / فَيَقضي بأهداءِ السَلامِ ذمامُها
وَقَفتُ بِها أَبكي وَتَرزُمُ ناقَتي / وَتصهل أَفراسي وَيَدعو حِمامُها
وَلَو بكتِ الوَرَقُ الحَمائِم شَجوها / بَعَيني مَحا أَطواقهُنَّ انسِجامُها
وَفي كَبدي استغفر اللَهَ غلة / إِلى بَردٍ يَثنى عليه لِثامُها
وَبَردٌ رُضاب سَلسَل غير أَنَّهُ / إِذا شربته النَفس زادَ هِيامُها
فَيا عَجَباً مِن غُلَةٍ كُلَّما اِرتَوَت / مِنَ السَلسَبيلِ العذب زادَ اِضطِرامُها
كَأَنَّ بُعَيدَ النَومِ في رَشَفاتِها / سُلافٌ رَحيق رقَّ مِنها مُدامُها
وَيَعبق رَيّاها وَأَنفاسها مَعاً / كَنافِحجَةٍ قَد فُضَّ عَنها خِتامُها
وَلَم أَنسَها يَومَ التَقى درُّ دَمعها / وَدُرُّ الثَنايا فَذُّها وَتؤامُها
وَقَد بَسِمت عَن ثَغرِها فَكأَنَّهُ / قَلائِدُ دُرِّ في العَقيقِ اِنتظامُها
وَقَد نَثَرَت دُرُّ الكَلامِ بَعتبِها / وَلَذَّ بِسَمعي عتبُها وَملامُها
فَلَم أَدرِ أَي الدُرِّ أَنفَسُ قيمَةً / أَأَدمُعُها أَم ثَغرُها أَم كَلامُها
وَقَد سَفَرَت عَن وَجهِها فَكأَنَّهُ / تَحسَّرَ عن شَمسِ النَهارِ جَهامُها
وَمِن حَيثُ ما دارَت بِطَلعَتِها تَرى / لإِشراقِها في الحُسنِ نور أَمامها
فَأَلقَت عَصاها في رياضٍ كَأَنَّها / تَشُقُّ عَن المِسكِ الفَتيق كمامُها
وَضاحَكها نور الأَقاحي فَراقَني / تَبسُّمه رَأدَ الضُحى واِبتِسامُها
نظرت وَلي عَينانِ عَينٌ ترقرقت / فَفاضَت وَأُخرى حار فيها جِمامُها
فَلَم أَرَ عَيناً غير سُقمِ جُفونِها / وَصِحَّة أَجفان الحِسانِ سِقامُها
خَليليَّ هَل يأَتي مَع الطَيفِ نَحوها / سَلامي كَما يأَتي إِليَّ سَلامُها
أَلَمَّت بِنا في لَيلَةٍ مُكفَهَّرَةٍ / فَما سفُرت حَتّى تَجلّى ظَلامُها
أَتَت موهناً وَاللَيل أَسوَد فاحِمِ / طَويلٍ حَكاه فَرعُها وَقَوامُها
فَأَبصر مِنّي الطَيف نَفساً أَبيَّةً / تَيقُّظُها من عِفَّةٍ وَمَنامُها
إِذا كانَ حَظّي أَينَ حَلَّ خَيالُها / فَسَيّانَ عِندي نَأيُها وَمُقامُها
وَهَل نافِعي أَن تَجمع الدارَ بَينَنا / بِكُلِّ مَكانٍ وَهيَ صَعبٌ مَرامُها
أَسيِّدَتي رِفقاً بِمُهجَة عاشِقٍ / يُعذِّبها بِالبُعدِ مِنكِ غَرامُها
لَكِ الخَيرُ جودي بِالجَمالِ فَإِنَّهُ / سَحابَة صَيفٍ لا يُرجّى دَوامُها
وَما الحُسنُ إِلّا دَولَة فاِصنَعي بِها / يَداً قَبلَ أَن تَمضي وَيغبر ذامُها
أَرى النَفسَ تَستَحلي الهَوى وَهوَ حَتفُها / بِعَيشِكِ هَل يَحلو لِنَفسِ حِمامُها
وَعيسٍ أَذابَت نِيَّتي جَلَّ نِيُّها / فَرحليَ من بعد السَنامِ سَنامُها
تَصارع في البَيداء خُوصاً كَأَنَّها / قِسيّ وَلَكِنَّ الرِجال سِهامُها
وَلوَ حُزِمَت من ضُمرها بِحُذامِها / لَجالَت عَلى أَوساطِهِنَّ حُذامُها
جَنَبنا إِلَيها كُلَّ عُوَجٍ كَأَنَّما / يُناطُ عَلى أَعلى الرِماحِ لِجامُها
كَأَنّي في البَيداء بيت قَصيدَةٍ / تُناشِدُني غيطانُها وَأَكامُها
إِلى أَن لثمنا كفَّ حَسّان إِنَّها / أَمانٌ من الفَقرِ المضِرِّ التِثامها
فَلَمّا اِستَلَمنا راحَةَ ابنِ مُفرِّجٍ / تدفَّق بِالجودِ الصَريحِ غِمامُها
هوَ المَلِكُ يُبلي بُسَطهُ قَبلَ وَقتِها / سُجودُ مُلوكٍ فَوقها وَقيامُها
فَإِن قَبَّلت مِنهُ رِكاباً وَراحَةً / فَقَد فازَ بِالحَظِّ الجَزيل سِهامُها
إِذا عايَنتَهُ مِن بَعيدٍ تَرَجَّ / فَإِن هيَ لَم تَفعَل تَرَجَّل هامُها
تَصادم تيجان المُلوك بِبابِهِ / وَيكثر في يَوم السَلام ازدِحامُها
نَمَتهُ إِلى أَعلى المَراتِبِ عُصبَة / يُسَوَّدُ مِن قبل البُلوغِ غُلامُها
هيَ الأُسدُ إِلّا أَنَّها تبذل القِرى / لِطارِقِها والأُسدُ يَحمى طَعامُها
إِذا ما استَهَلَّ الطِفل منهم تَهلَّلَت / وجوه المَعالي وَاِستَهَلَّ رُكامُها
هُمُ يَمزِجون الدَرَّ لِلطِّفلِ بِالعُلى / وَيَنشأ عَلَيها لَحمُها وَعِظامُها
وَإِن فَطموا أَطفالهم بعد بُرهةٍ / فَعَن دَرِّها لا عَن عُلاها فِطامُها
جِلادٌ عَلى حر الجِلادِ إِذا اِرتَمَت / كِلامُ الأَعادي بِالدِما وَكِلامُها
غَلائلها أَدراعها وَسَماعُها / صَليلُ المَواضي وَالدِماء مُدامُها
تَظَلُّ المَنايا حَيثُ ظَلَّت سُيوفُها / وَتُمسي العَطايا حيثُ أَمسَت خِيامُها
فَما السَعدُ كل السَعيدِ إِلّا عَطاؤُها / وَما النَحسُ كُلُّ النَحسِ إِلّا اِنتِقامُها
وَأَكثر ما فيها مِنَ العَيبِ أَنَّها / تُروِّع بِالضَيفِ المَنيخ سوامُها
أَلا إِنَّ طَيّاً لِلمَكارِمِ كَعبَةً / وَحسان مِنها رُكنُها وَمُقامُها
بِناصِر دينِ اللَهِ أُيِّدَ نَصرُها / وَجارٍ عَلى كُلِّ المُلوكِ اِحتِكامُها
بَعيدٌ مَداهُ لَيسَ تأَلَفُ كَفَّهُ / مِنَ المكرُماتِ الغُرّ إِلّا حُسامُها
وَلَو أَنَّ للأَنواء جود يَمينِهِ / لَجادَت بِآمال النُفوسِ رُهامُها
وَلَو أَنَّ لِلأَقمارِ ضوء جَبينِهِ / لما زالَ عَنها نورها وَتَمامُها
وَلَيسَ بِمَشغولِ البَنانِ عَن النَدى / إِذا شغلَ الكَفّ اليَمين حُسامُها
سَجيَّة نَفسٍ لِلمَكارِمِ جَمعُها / وَشيمَة نَفسٍ لِلمَعالي اِهتمامُها
إِذا اِسوَدَّت الحَربُ اِستَضاءَتِ بِسَيفِهِ / كَذَلِكَ أَو يَنجابُ عنه قُتامُها
لدى فازَةٍ لِلنَّقعِ أَو تاد مِثلها / عِتاقُ المَذاكي وَالرِماح دُعامُها
تَظلُّ كُعوب الرُمح فيها رَواكِعاً / إِلى كُلِّ قَلبٍ وَالسِنانُ إِمامُها
تَضُجُّ القنا فيها ضَجيجاً كَأَنَّها / خُصوم وَلَكِن في النُفوس اِختِصامُها
تُحكَّم في قُصرى الضُلوعِ قِصارُها / وَيَمرُق في صُمِّ العِظامِ عِظامُها
فَمِن زَردٍ فَوقَ العَوالي كَأَنَّها / خَواتِم أَودى في البَنانِ التِحامُها
وَمن زَرَدٍ قَد طار أَنصافه كَما / تَطاير عَن أَعلى البنان قُلامُها
إِذا طلعت راياته لعداتِهِ / فَلَيسَ عَجيباً فِلُّها واِنهزامُها
لَقَد علقت قَحطان منك أَبا النَدى / بِعُروَةِ مَجدٍ لا يَخاف اِنفِصامُها
وَكانَت سُيوفاً دُثَّراً فَشحذتُها / فَطيَّر ماضيها الطِلى وَكَهامُها
فَإِن كابدَت جَدباً فَأَنتَ رَبيعُها / وَإِن باشَرَت حَرباً فَأَنتَ حُسامُها
بِذِكرِ الَّذي أَوليت كانَ اِفتِخارها / وَفَضل الَّذي أَعطيت كانَ كِرامُها
قَليلٌ لَكَ الأَرضونَ مُلكاً وَأَهلها / عَبيداً فَهل مُستَكثِرٌ لَكَ شامُها
فَسِر واِفتَحِ الدُنيا فَإِنَّ ملوكها / بِها وَبِهِم نَقصٌ وَأَنتَ تَمامُها
الا أَن أَوصاف الأَمير جَواهِر / وَإِنَّ مَديحي سلكها وَنِظامُها
وَقَد بَلَغت نَفسي إِلَيكَ فَإِن يَكُن / لَها في الغِنى حَظٌّ فَذا العامُ عامُها
أَخذن زِمام الدَمع خَوف اِنسِجامِهِ
أَخذن زِمام الدَمع خَوف اِنسِجامِهِ / فَلَمّا اِستَقَلوا حَلَّ عقد ذِمامِهِ
غَدوا بِلالٍ مِن هلال ابنِ عامِرٍ / مَرامُ هِلال الأُفُقِ دونَ مَرامِهِ
تَرَدَّدَ فيهِ الحُسن من عَن يَمينه / وَيُسرتِهِ وَخَلفِهِ وَأَمامِهِ
جلت لَكَ وَجهاً من بَراقعه كَما / جَلا الوَردَ أَنفاسُ الصَبا مِن كَمامِهِ
يَشُفُّ سَناهُ مِن وَراءِ سُتورِهِ / كَما شَفَّ ضَوء البَدرِ تَحتَ جَهامِهِ
وَما زَوَّدَت نيلاً بلى إِنَّ جفنها / أَعار فُؤادي شُعبة مِن سِقامِهِ
فَظَلَّت مَتى تَنزح من العين عَبرةً / تَجُمُّ بِملءِ العَينِ أَو بِجامِهِ
هيَ البَدرُ لَولا كلفةً في أَديمه / هيَ الظَبي لَولا دقَّة في عِظامِهِ
هيَ البَدرُ لكن تستسرُّ زَمانها / وَهَل يَستَسرُّ البَدرُ عِندَ تَمامِهِ
لَقَد صَدع البين المشتَّتُ شملَنا / كَصدع الصَفا لا مَطمَعٌ في التِئامِهِ
فَإِن يك شَخصي بِالثُغور فَمُهجَتي / بِنَجدٍ سَقاهُ المزنُ صوب غِمامِهِ
فَهَل تَرَينَ عَينايَ بيض دخورِهِ / مُجاورةً بِالدَوِّ بيض نَعامِهِ
فأَشتمُّ من حُوذانِهِ وَعَرارِهِ / وَحُنوَتِهِ وَشيحه وَبشامِهِ
وَإِنّي لَنِعمَ المَرءُ خامَره الهَوى / فَما خامَرَ الفَحشاء حوبَ لِثامِهِ
إِذا ما أَرادَ الطَيفُ في النَوم لثمه / غَطا فمه عَنه بِثنيِ لِثامِهِ
فَكَيفَ يُرَجّى منه حال اِنتباهِهِ / صِبوٌ وَهَذا فعله في مَنامِهِ
إِذا ما دَعا لِلهَجرِ خِلٌّ فَلبّه / إِلَيهِ وَلوَ كانَ الرَدى في ضِرامِهِ
وَلَم أَلتَمِس بِالعَتبِ إِصلاحَ قَلبه / وَهَل يُشتَرى قَلب امرىءٍ بِخِصامِهِ
يَضُرُّ مَقام الأَكرَمَينَ بِهِم كَما / يَضُرُّ بِماء المزن طول مُقامِهِ
فَلا تعتقن مِن محمل السَيف عاتِقاً / وَلا فرساً من سَرجِهِ وَلِجامِهِ
فَموت الفَتى في العِزِّ مثل حَياتِهِ / وَعيشته في الذُلِّ مِثلَ حِمامِهِ
وَمَن فاتَهُ نَيلُ العُلى بِعُلومِهِ / وَأَقلامِهِ فَلَيبغِها بِحُسامِهِ
صَريرُ شَبا الأَقلام عِندَ كَلامِها / فِداء صَليلِ السَيفِ عِندَ كَلامِهِ
وَرأيكَ في الرُمحِ المقوَّم إِنَّما / قَوم العُلى مستودع في قَوامِهِ
وَجُردٍ جَعَلنا أَمَداً أَمَداً لَها / بِبَيداء يَوم المَرء فيها كَعامِهِ
يَلوكُ بَهيم الخَيل فيها لِجامه / إِلى أَن تَراهُ أَرثماً بِلغامِهِ
يَذرن جِمام الماءِ مِن كُلِّ مَنهَلٍ / ليكرعن من شُربِ العُلى في جمامِهِ
وَما عَدِمَت في الدَهر خَيلي أَكارِماً / وَلَكِنَّها تَبغي كَريمَ كِرامِهِ
أَبا طاهِرٍ مُحيي النَدى بَعدَ مَوتِهِ / نداه وَباني المَجد بعد اِنهِدامِهِ
كَريم المحيّا يألَف الجودُ كَفّه / كَما يألَف الآجال صَدر حُسامِهِ
تَظَلُّ المَنايا تَقتَدي بِسِنانِهِ / كَما يَقتَدي كل امرىءٍ بإِمامِهِ
أَلائمه في الجودِ لا تَعذُلَنَّه / فَطَبعُ الفَتى أَولى بِهِ مِن مَلامِهِ
رُوَيداً فَإن الجود مِثلَ رَضاعِهِ / لَدَيهِ وَترك الجودِ مثل فِطامِهِ
هوَ البَحرُ لا تَطلب بِعذلِكَ رَدّه / ومن ذا يَرُدُّ البحر عند التِطامِهِ
هَنيُّ النَدى يَفتضُّ ختم نَواله / وَوجهك نضر ماؤُهُ بِخِتامِهِ
غَدا سَعيهُ وَاللَهُ يَشكره لَهُ / سَناماً لهَذا المَجد فَوقَ سَنامِهِ
فَلَو مَلَكَ الآفاق دَع عَنكَ آمداً / غُلامٌ لَهُ ما اِستُكثِرَت لِغُلامِهِ
وَلَم يَنَلِ العَلياء بِالجَدِّ وَحدَهُ / وَلَكِن بعالي جِدِّهِ وَاِعتِزامِهِ
وطعن كأَنَّ الجَيش في الرَوع جَوهر / وَرمح عبيد اللَهِ سلك نظامِهِ
وَضرب يَظل السَيف في الهامِ خاطِباً / بِهِ وَصَليلُ السَيفِ مِثلُ كَلامِهِ
تَمُجُّ دروع القَوم منهم دِماءَهم / كَما مَجَّ فيض الخمر نسج فَدامِهِ
يَطول بِكَفَّيهِ القَصير من القَنا / وَيفري بِيمناه غرار كُهامِهِ
كَما أَنَّ ظُفرَ اللَيث يَفري بِكَفِّهِ / وَيَنبو بِكَفّي غيره عَن مَرامِهِ
وَقور فَما أَن يقلق الخَطب حَزمه / وَلا جِسمُهُ في السَرج فَقَد حِزامِهِ
تخال عَلى الجَرداء بَعضُ عِظامِها / فروسيَّة أَو تلك بعض عِظامِهِ
كَريمٌ يَسوس الحاسِدينَ بِعَفوه / فَإِن كفروه ساسَهم باِنتِقامِهِ
فَلا يغرر الأَعداء منه اِبتِسامَة / فَإِن قطوب السَيف عند اِبتِسامِهِ
إِذا ما رَماهُ المَرءُ عَن قَوسِ بُغضِهِ / أَصَبنَ المَنايا قَلبَهُ بِسِهامِهِ
وَكَم غادِرٍ قَد شَبَّ نارَ عَداوَةٍ / لَهُ فدحاه كَيدَهُ في ضِرامِهِ
فَصفحاً فَما زالَ الزَمان كَما تَرى / أَكارِمه مَرميَّة بِلئامِهِ
واِصلح بِبعض القَومِ بَعضاً فَإِنَّهُ / يُداوي بلحم الصِل شر سِمامِهِ
لكل امرىءٍ منهم دواء فَدَاوِهِ / بِذاكَ وَقِد كل امرىءٍ بِزِمامِهِ
رَعاكَ الَّذي اِستَرعاك أَمر عِبادِهِ / وَحيّاك مَن أَحياكَ غَوث أَنامِهِ
وَدم يدم المَعروف في الناس إِنَّما / دَوامك هَذا عِلَّة لِدَوامِهِ
هُمّو عَلَّموا عَيني سُؤال المَعالِمِ
هُمّو عَلَّموا عَيني سُؤال المَعالِمِ / بِنَوَعَينِ هَطّالٍ عَلَيها وَساجِمِ
أَبوا ضِنَّة بي أَن أَرى غَيرَ مُغرَمٍ / فَهَمّوا بِقَلبي أَن يُرى غَير هائِمِ
كَأَنَّهُم إِذا أَزمَعوا سَلَبوا الكرى / جُفوني فَما أَحظى بِلَذَّة نائِمِ
وَهَبتُ نَصيبي من سُلوّي لِعاذِلي / وَصارَمت حَبلي من حَبيب مَصارِمِ
وَصاحبت هَذا الحب طِفلاً وَيافِعاً / فَلَم أَرَ أَضنى مِن مُحبٍ مَكاتِمِ
وَما بُحتُ حَتّى اِستَنطَقَ الشَوق أَدمُعي / وَذَكَّرَني عَهدُ الحِمى المُتَقادِمِ
فَسرت أَشيم الجود في كُلِّ مَعدَنٍ / وَأَنتَقِدُ الناس اِنتِقادَ الدَراهِمِ
فَلَم أَرَ مِثلَ اليُمنِ رَب إِمارَةٍ / حُميد بن مَحمود حَليف المَكارِمِ
هوَ الجَبَل العالي الَّذي شُرُفاته / تَعَلّى عَلى أُسِّ النُجومِ النَواجِمِ
فَإِن قالَ قَوم إِنَّهُ مِثلَ حاتِم / فَفي كُلِّ عُضوٍ مِنهُ أَمثال حاتِمِ
فَيا طيئاً طَيَّ الأَمير وَمن غَدا / لَهُ شرف عالي الذُرى وَالدَعائِمِ
بَقيتَ لِيَومَيكَ اللَذينَ عُلاهُما / مصنَّفة في عُربها وَلأ اعاجِمِ
فَيَومُ وَغىً يَسطو بِقَسوَةٍ جابِرٍ / وَيَوم رضىً يَحنو بِعطفة راحِمِ
وَلَمّا رأى اللَهَ النَدى في عِبادِهِ / مَقاماً وَرُكن الجودِ لَيسَ بِقائِمِ
حَباكَ بِبَحرٍ من نَوالٍ إِذا طَما / ثَوى البَحرِ في تَيارِهِ المُتَلاطِمِ
لَئِن سَلَّمت طَييٌّ إِلَيك عنانها / فَأَصبَحت أَسنى ذَخرها لِلعَظائِمِ
وَعدَّل فيها عدَّة الدَولَة الَّذي / يُشارُ إِلَيهِ في كِتابِ المَلاحِمِ
فَما عدم التَوفيق عَن مُستَحَقِّهِ / وَلَيسَ الخَوافي في الوَرى كالقَوادِمِ
خَليليَّ مُرّا بِالعَقيقِ فَسَلِّما
خَليليَّ مُرّا بِالعَقيقِ فَسَلِّما / عَلى طَلَلٍ لَولا البلى لَتَكَلَّما
عهدت بِهِ رَوضاً أَريضاً تروده / عَذارى كغِزلان الصَريمة دُوَّما
فَأَصبَحَ قفراً لا أَنيسَ بِجَوِّهِ / كَذاكَ صُروف الدَهر بؤساً وَأَنعما
كَدأبك من أَسماء يَوم تَرَحَّلت / تريك خِلال السِجف كَفّاً وَمعصِما
بِوَجه نَقي اللون غير مُسَهَّم / تَلَفَّع بُرداً أَتحمياً مُسَهَّما
فَأَقسم لَو أَبصرت سنة وَجهها / صَبوت وَلَو كنت المَسيح بن مَريَما
إِذا اِشتَدَّ ما بي قلت قَولَ مُتَيَّمِ
إِذا اِشتَدَّ ما بي قلت قَولَ مُتَيَّمِ / لِيَوم النَوى في القَلبِ منه كلومُ
فَإِن تَكُن الأَيّام فَرَّقن بَينَنا / فَمَن ذا الَّذي من ريبهنَّ سَليمُ
وَأَنشدت شِعراً قاله ذو صَبابَةٍ / كَئيبِ شَجَتهُ أَربُعٌ وَرُسومُ
سَقى بلداً كانَت سُلَيمى تَحُلُّهُ / من المُزنِ ما تَروي بِهِ وَتَشيمُ
أَبا ثَعلَبٍ حَيّاك رَبّك كُلَّما
أَبا ثَعلَبٍ حَيّاك رَبّك كُلَّما / تَغَنّى بِأَفنانِ الأَراكِ حَمامُ
عَلَيكَ سَلام مِن أَخٍ لك ناصِحٍ / وَقلَّ لَهُ مِنّي عَلَيكَ سَلامُ
أَحب قرى نَجدٍ لأَنَكَ قاطِن / بهنَّ فَهَل حُبُّ الدِيار حَرامُ
يَسير إِلى أَرض السَتير عَلى النَوى / فُؤادي وَما نَحوَ المَسيرِ مُقامُ
وَضَيفَين جاءا مِن بَعيد فَقَرَّبا
وَضَيفَين جاءا مِن بَعيد فَقَرَّبا / عَلى فَرَسٍ حَتّى اِستَراحَ كِلاهُما
قَريناهُما ثُمَّ اِنتَزَعنا قِراهُما / لِضَيفَينِ جاءا مِن بَعيدٍ سِواهُما