القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : عُمارة اليَمَنِيّ الكل
المجموع : 79
إذا لم يكن بين القلوب صدود
إذا لم يكن بين القلوب صدود / فأهون شيء أن تصد خدود
وعندي على جور الزمان وعدله / فؤاد بغير الغانيات عميد
ووجد عدمت الصبر لما وجدته / وهم على نقص الحياة يزيد
خليلي لم يبل الزمان وإنما / بلينا وصرف النائبات جديد
وما هذه الأيام إلا رواحل / تبيد بها الأعمار ثم تبيد
وأضغاث أحلام تمر فتستوي / على المرء منها يقظة وهجود
ولما رأيت الغدر في كل شيمة / وليس لموف بالعقود عقيد
عذرت المواضي كيف تنبو شفارها / وسامحت نصل الرمح كيف يحيد
وعمم فودي المشيب فلم يقل / وقاري ألا ليت الشباب يعود
وقد تتمناه نفوس غبية / وليس تمني المستحيل يفيد
وكل امرء خانته صبغة رأسه / فإن وفاء الناس منه بعيد
تلوم الليالي في عهود نقضتها / وما لمواثيق الرجال عهود
مضى الصالح الملك الكفيل ودهره / ذميم وأما سعيد فحميد
تحلت به الأيام ثم سلبنه / فعطل نحر للزمان وجيد
تسود وجه الصبح منه رزية / وشابت نواصي الليل وهو وليد
وما كنت أدري قبلها أن حظنا / شقي وحظ النائبات سعيد
ولا أن وجه الرشد والرشد واضح / يغيب ولو أن الزمان يكيد
أتسطو بأعيان الملوك عبيدها / لقد ذل أحرار وعز عبيدها
لئن كان فينا الصالح الملك صالحاً / فكم من قدار لم تلده ثمود
أبعد أبي الغارات قدس روحه / يؤمل وعد أو يخاف وعيد
ولولا أبو النجم المظفر بعده / تقلص جود واضمحل وجود
وجدناه لما أن فقدنا شقيقه / فبورك موجود وطاب فقيد
لقد شكرته دولة علوية / يدافع عن حوبائها ويذود
تداركها بالحزم والعزم أروع / له عدة من نفسه وعديد
وقام بها والمجد يخذل أختها / أتم قيام والأنام قعود
إلى أن قر العز في مستقره / وقامت بحد المشرفي حدود
وفي ضحوة الإثنين سكن جأشها / وشد قواها والبلاء شديد
وطارت نفوس الخلق من خفقاتها / وكادت جبال الخافقين تميد
فأمسكها بدر بن رزيك عندما / وهي طنب منها ومال عمود
وأطفأ نار الشر عند التهابها / وليس لها غير الرجال وقود
وساس أمور الناس بالبأس والندى / فأخصب مرتاد وذل مريد
ومد على البيداء ستر غمامة / لها البيض برق والصليل رعود
ولو شاء يوم الجمعة الفتك بالعدى / لرضت جباه منهم وخدود
ولكنه أبقى ليعلم أنه / قدير على ما يشتهي ويريد
ألم تتسرع من أوائل خيله / فوارس لم يثبت لهن حسود
ألم يعف عنهم قادراً بعدما غدوا / فريقين منهم قائم وحصيد
وكل مقامات المظفر في الوغى / لها السيف قاض والرقاب شهود
أغر إذا لاقى الخطوب فإنه / صبور على حر الجلاد جليد
ترحب بالأهوال ساحة صدره / إذا طرقتها للهموم وفود
ولا غرو إن ماتت حقود بصدره / فإن صدور القادرين لحود
خليلي بالبطحاء حيث تجمعت / محامل منها ركع وسجود
أعندكما أني تيممت حضرة / مكارمها للوافدين قيود
وزارت أبا النجم الهمام قصائدي / فأنجح قصد عنده وقصيد
وهبت لها ريح القبول بفضله / فليس لها بعد الهبوب ركود
وميزها عن بهرج الناس نقده / وعلمها بالجود كيف تجيد
وفي كل يوم لا تزال صلاته / إلى منزلي تبدي الندى وتعيد
وأعجب ما شاهدت إحسان كفه / إلي وقد عض الحديد حديد
ولم تلهه عن عادة الجود محنة / بها الرمح غار والحسام رشيد
رآني بعين لو رأت يابس الثرى / لأينع مخضراً وأورق عود
تملك شكري من طريق خفية / بها تعرف السادات كيف تسود
وأيقظ لي أجفان حظي ولم أزل / أنبهها مذ كنت وهي رقود
فأفسد بالمعروف وجه معارفي / فمالي من أهل الوداد ودود
وخاطب عني نفسه فتفضلت / بما لم أكن أستامه وأورد
وما الجود إلا فطنة وتيقظ / وما البخل إلا حيرة وجمود
وفي بعض ما أولى غناي وإنما ال / ملوك على قدر النفوس تجود
وأحسن من نعماه عندي كرامة / صديقي عليها كاشح وحسود
فأوزعني الرحمن شكر اصطناعه / فما فوق ما أسدى إلي مزيد
ترى عند نجم الدين علم بما عندي
ترى عند نجم الدين علم بما عندي / له من جزيل الحمد أو خالص الود
وهل عنده أني خطيب لمجده / وأني على عليائه غير معتد
ولكن وداد سره مثل جهره / فباطن ما أخفي كظاهر ما أبدي
عفا الله عني في مديح معاشر / عفا عنهم ذمي وعاتبهم حمدي
أؤلف زور القول فيهم وقد أبت / مساعيك لي أن توقع الغي بالرشد
ومدحك عندي يا مؤيد طاعة / تقربني من طاعة الله والمجد
ولم لا وفيك البأس والدين والندى / وفضلك لا يحصى بحصر ولا عد
وبيتك من عليا عقيل بن عامر / إذا عدت الأنساب واسطة العقد
ولولا حياء الشعر من جودك الذي سرى / وافداً في كل أرض إلى الوفد
لقلت سقى الرحمن أيام جودكم / فقد بعدت عني وطال بها عهدي
فلا زالت الأعياد يلقاك وفدها / وأنت علي الجد مقتبل السعد
لك المجد والفضل الذي ليس يجحد
لك المجد والفضل الذي ليس يجحد / بل الحمد والمغبون من ليس يحمد
أرى شرف الأخلاق وهي عطية / بها الله يشقي من يشاء ويسعد
تفرد نجم الدين منها بسيرة / يحل بها الذكر الجميل ويعقد
جمال وإجمال وبأس ونائل / وفضل وإفضال ومجد وسؤدد
وحزم وعزم واتقاء وعفة / وخلق وأخلاق وفرع ومحتد
وما ضم هذا الشمل وهو كم ترى / وتسمعه إلا الأجل المؤيد
كريم إذا كلفت دهرك مثله / فقد سميته إيجاد ما ليس يوجد
أجزت على الدار الشريفة بعده / فقلت هل الأيام لي في عود
وهل ألتقي بدر الدجى منك طالعاً / وأبناؤه في برج سعدك أسعد
فلم تمض أيام إلى أن رأيته / وعهد العلى باق كما كنت أعهد
فقلت لها يا دار يهنيكي قادم / رحابك من أنواره تتوقد
فرحت به حتى كأن قدومه / رحيل بشيب أو شباب يجدد
وهنأت حسن الظن منك بمنعم / يصلي له الخطب الجليل ويسجد
لك المعجزات الخمس لم يفتخر بها
لك المعجزات الخمس لم يفتخر بها / سواك ولم تخفق عليه بنودها
فمنها بنو رزيك حين أزلتهم / وحمر المنايا في يديهم وسودها
ومنها رجوع الغز عن مصر بعدما / أبيح بهم وأغوارها ونجودها
ومنهن أيام رأينا وزارة / لغيرك عادت بعدما صد خودها
ألا إن حد السيف لم يبق خاطراً
ألا إن حد السيف لم يبق خاطراً / من الناس إلا حائراً يتردد
ذعرت الورى حتى لقد خاف مصلح / على نفسه أضعاف ما خاف مفسد
فإن بروق الماضيات وصوتها / رواعد منهن الفرائض ترعد
وإن صليل السيف أفحش نغمة / تظل تغني في الطلى وتغرد
تجاوز وإلا فالمقطم خيفة / يذوب وماء النيل لاشك يجمد
لك الحمد إن أرضاك قولي لك الحمد
لك الحمد إن أرضاك قولي لك الحمد / ومالي وسع غير ذاك ولا جهد
أنا الحر يا عبد الرحيم فإن جرى / حديث الذي أوليتني فأنا العبد
إذا ما لقيت الأكرم الندب فاعتذر
إذا ما لقيت الأكرم الندب فاعتذر / إليه عن التقصير في الحمد والشكر
وقل لا خلا منك الزمان ولا انطوى / بساطك من نهي مطاع ومن أمر
فمازلت طلق الوجه في السخط والرضى / حميد السجايا في التهجم والبشر
إذا ما تسحبنا عليك قبلتنا / قبول رحيب الساح والراح والصدر
وفى لك حد الجد والسيف غادر
وفى لك حد الجد والسيف غادر / وأنهضك التأييد والدهر عاثر
وأغنتك عن سل المواضي سعادة / تدور بها فيمن عصاك الدوائر
فتوح لها في كل يوم مسرة / تباشر سمع المجد منها البشائر
قضى الله يا ذخر الأئمة أن من / يناويك أو ينوي لك الغدر خاسر
ليهنك فتح أنجبت لك أمه / وأم العلى بالنصر والفتح عاقر
أتاك به الجد السعيد وسلمت / مقادته في راحتيك المقادر
صرفت بن أم الكبائر بعدما / نسينا بها منهن ماأنت ذاكر
وأبطلت كيد الخارجي بن يوسف / وأنت كفيل لابن يوسف ناصر
توهم أن الملك ما سولت له / وساوس أمثلها المنى والخواطر
وهذا مرام لم تزل دون نيله / موارد حتف مالهن مصادر
نصبت له فوق التراب وتحته / حبائل كيد ما لهن مرائر
وسدت عليه الأرض صولتك التي / مهابتها سور على الأرض دائر
ومازال مرعياً من الصبح والدجى / بعين رقيب طرفها لك ساهر
يقرب مثواه من البعد نحوكم / هواجر تحدو عيسه ودياجر
ومن كانت الأقدار خادمة له / مضت في العدى أحكامه وهو قادر
وكان ورد النيل أقصى أمانه / فحل به من أمنه ما يحاذر
وما راعه إلا توثب أروع / يباده في نصر الهدى ويبادر
جزى الله عز الدين عزاً فلم تزل / تزورك بشرى النصر فيما يباشر
هو الفخر لم يسبق إليه وإن يكن / له قبلها في الناكثين نظائر
أخو النصح مازالت طوية سره / تباطن فيما سركم وتظاهر
وذو الحزم والعزم الذي طال ما غدا / يراوح فيما تشتهي ويباكر
فشد به يمنى يديك فإنما / حسام حسام في يمينك باتر
وما هو إلا نعمة لك حمدها / وكافر نعماكم من الناس كافر
خصصت بها بيضاء لم يفتخر بها / من الوزراء الصيد قبلك فاخر
تجاوزت قدر الحمد فيها فما الذي / يقوم به منا خطيب وشاعر
وأسبغتها نعمى عممت بها الورى / فأثنى بما أوليت باد وحاضر
ووسعتها من بعدما ضاق رحبها / وغصت بأنفاس الرجال الحناجر
لكم يا بني رزيك لازال ظلكم / مواطن سحب الموت فيها مواطر
سللتم على عباس بيض عزائم / قهرتم بها سلطانه وهو قاهر
ولو لم تغيبوا فاز بالنصر فائز / وخلص من ظفر المنية ظافر
حفظتم لآل الحافظ الحرمة التي / رعى حقها منكم قديم وآخر
أبوك سقى في مثلها ابن مدافع / كؤوساً بها خمر المنية دائر
وأنت كفيت العاضد بن محمد / عدواً أتاه ثائراً وهو ثائر
فأنتم لهذا البيت كف وساعد / وأنتم لهذا الدست سمع وناظر
وكم لك عند العاضد الطهر من يد / لك الله فيها عن إمامك شاكر
ولا مثل خطب تقشعر لمثله / جلود الورى خوفاً وتبلى السرائر
تزل به الأقدام بعد ثبوتها / وتذهل أبصار وتعمى بصائر
ولولاك بعد الله فيها لزعزعت / أسرة ملك للهدى ومنابر
خبأت لذا الفتح المبين ذخيرة / ويا رب خطب فرجته الذخائر
فدامت معاليك الجسام التي بها / وجوه ليالينا زواه زواهر
سجوداً فهذا صاحب الركن والحجر
سجوداً فهذا صاحب الركن والحجر / ووارث علم النمل والنحل والحجر
وهمساً لأصوات وغضاً لأعين / تشاهد أسرار الهدى وهي لا تدري
إلا حبذا دست الخلافة كلما / غدا باسماً عن ثغره عاضد الطهر
إمام هدى أربى على كل غاية / كمالاً وما أربى سنيناً على العشر
إذا نحن شرفنا القوافي بذكره / فيا غيرة الشعرى عليه من الشعر
ولو قدرت أفعاله حق قدرها / مدحناه بالقرآن في النظم والنثر
ولكن أقول المدح شكراً لنعمة / تطرق بالإحسان بين يدي شكري
مناقب وضاح الأسرة ولم يزل / على وجهه نور الطلاقة والبشر
الست ترى ما أحسن التاج دائراً / على طلعة أبهى من الشمس والبدر
تمل أمير المؤمنين مواسماً / تزورك من صوم شريف ومن فطر
يواصلها سعد بجدك مقبل / فعام إلى عام وشهر إلى شهر
ركبت إلى كسر الخليج وإنما / ركبت إلى جبر الرعايا من الكسر
ولما رأيت البر بحراً من الظبى / تعجبت من بحر يسير إلى نهر
غدوت بفتح السد في زحف أرعن / يسد هبوب الريح بالأسل السمر
يرد ظلام النقع فجراً كأنما / أسنته مطبوعة من سنا الفجر
كأن على البيداء منه صحيفة / كتابتها سطر يضاف إلى سطر
إذا خفقت أعلامه وبنوده / رأيت عليها غرة العز والنصر
وقد خلع التأييد فوقك حلة / وطرز بالإحسان والعدل والبر
وأشرقت الدنيا بغرتك التي / تبلج منها نور أفعالك الغر
وخيمت في أكناف عالية الذرى / تنيف على برج السماكين والنسر
تخاطبها الجوزاء سراً وخفية / بمكنون ما لله فيك من السر
هي الصرح إلا أن هامان لم يشد / بناه ولا استمطاه فرعون للكفر
وقد خدمت سلطانك الأرض والسما / فأنوارها تسري وأنهارها تجري
تنزهت عن فخر بمصر وملكها / وقد عده فرعون قاصية الفخر
أوارث مجد الحافظ بن محمد / وحافظ حكم الله في محكم الذكر
إذا ما استجاب الله صالح دعوة / فمتعك الرحمن بالناصر الذخر
فقد سترت أيامه عيب دهرنا / فلا كشف الرحمن ذلك من ستر
تقلد هذا الأمر والدهر جامح ال / عنان ووجه العرف قد هم بالنكر
فمازال حتى ذل جامح صعبه / وأذعن طوعاً بالسياسة والقسر
وكم لك يا ذخر الأئمة من يد / فككت بها الإسلام من ربقة الأسر
وكم لك من ناري قراع ومن قرى / فنار لمغتر ونار لمعتز
ومختلف الطعمين عدلاً بنفسه / على قدر السجلين بالحلو والمر
تعلم منك الحزم لما لقيته / من البأس والإحسان بالسهل والوعر
ومكرمة بين المثوبة والعلى / قسمت العلى فيها الحمد والأجر
ومقترف للذنب معترف به / بسطت له ما ضاق من سعة العذر
وذي هفوة سامحته عن بصيرة / ولو شئت كشفت الرماد عن الجمر
وكم قدرة يا آل رزيك منكم / تعبر بالإحسان عن شرف القدر
ولو لم تكونوا آمرين على الورى / لكنتم أحق الناس بالنهي والأمر
فكيف وقد أضحى إمام زمانكم / لكم جامعاً بين الكفالة والصهر
فدمتم له مادام شعري فإنه / سيبقى إلى أن ينقضي عمر الدهر
سرى لك عرف في النسيم الذي سرى
سرى لك عرف في النسيم الذي سرى / وخطرة ذكر نفرت سنة الكرى
وأومض من تلقاء أرضك بارق / قضى لك عندي أن تنامي وأسهرا
يذكرني دراً بثغرك أبيضاً / ولون خضاب في بنانك أحمرا
طوى لك برد الليل نشراً كأنما / أجاز على دارين وهناً وما درى
وما كان ذاك النشر إلا تحية / بعثت بها مسك الذوائب أذفرا
بعثت بتلك الريح روح ابن قفرة / برى لحمه هز النوافج في البرى
حليف لأكوار المطايا كأنما / يعد القرى أوطى مهاداً من القرى
إذا قطعت أوصال أرض ركابه / فقد وصلت ذيل الهواجر بالسرى
كأن ابن حجر قد عناه بقوله / نحاول ملكاً أو نموت فنعذر
وما ظفر الراجي من المجد غاية / إذا هو لم يرج الأجل المظفر
أغر كأن الدهر أقسم جاهداً / بهيبته لا شاب بالعرف منكراً
تزور الأماني منه أبيض أبلجا / منيع الحمى رحب الذرى شامخ الذرى
تصافح إيمان المنى منه راحة / غمامية تنزى بها راحة الثرى
إذا ابتسمت أجفانه وجفانه / رأيت جبين المجد أبلج مسفرا
وقور النهى حتى إذا شهد الوغى / نهى طائش الأرماح أن يتوقرا
إذا اشتعلت خرصاته في عجاجة / تمد مذاكيها على الجو عثيرا
توهمت سقط النار في كل صعدة / تصعد في أطرافها فتسعرا
وإن هزها كف الشجاع وزنده / ورى زنده بالطعن في ثغر الورى
وأسكرها خمر النحور فأظهرت / عواملها سراً من النار مضمر
عتاد لمنصور العزائم لم يزل / إذا صار منصور اللواء مظفرا
تروع قلوباً أو تروق نواظراً / كذاك الحسام العضب مرأى ومخبرا
حسام بكف الصالح الملك لم يزل / تطير فراش الهام عنه إذا فرى
إذا سامه يوم الردى كان ماضياً / وإن سامه قسر العدى كان قسورا
مصون إلى وقت الجلاد وإنما / يعرى ذباب السيف إن حادث عرا
إن اختط معمور الرقاب أعادها / خراباً ويختط الربوع ليعمرا
أقام به سوراً على حوزة الهدى / وحلى به المجد الرفيع وسورا
فتى جمل الدنيا بغر محاسن / غدت من جبين الشمس أبهى وأبهرا
رأى الصالح الهادي الكفيل بمجدها / وأوصافها الحسنى أحق وأجدرا
فبرأ منها نفسه وأضافها / إليه لكي يثنى عليه ويشكرا
وكم نشأت من لج بحر غمامة / سرى وبلها في لجة البحر ممطرا
وفرع زكت فيه صنيعة أصله / فأورق بالشكر الجميل وأثمرا
يغرك صفو الود فيه فلا تقل / بجهل صفا من وده ما تكدرا
بنيت أبا الماضي بسيفك والندى / لمجديك من قيس وغسان مفخرا
وقدمك السعي الجميل إلى العلى / ومن لم تقدمه المساعى تأخرا
إذا رام عز الدين غاية سؤدد / فكل أمام عند همته ورا
أما وأبي ماضي لقد قال مجده / دع الخبر الماضي وخبر بما ترى
فتى طرفه في الحرب محراب جيشه / وساحته مأوى القراءة والقرى
ترحب عنه بالوفود رحابه / وتغدو لمن يلقاه بالشعر مشعر
لئن أحسنت فيه القوافي فإنه / رآني بعين لا يراني بها الورى
أضاف إلى الجود الكرامة فاستوت / نيابته عني مغيباً ومحضرا
وهذب فكري نقده وانتقاده / وأثنى على شعري وإن كان أشعرا
وألبسني الموشى من حبراته / فألبسته وشي الثناء محبرا
وخالفني فالجود منه مكرر / ومني له المدح الذي ما تكررا
وإني وإن أهديت من حسناته / إلى سمعه القول الذي ليس يفترى
أذم إليه خاطراً كلما جرى / إلى شكر ما أولى من الجود قصرا
ولو بلغتني ما أريد بلاغتي / نظمت له نثر الكواكب جوهرا
ألا أيها الناسي قديم مودة
ألا أيها الناسي قديم مودة / أبيت لها حفظاً مع النوم ذاكرا
أراك إذا أومأت نحو مهمة / ركبت إليها كل هول مبادرا
وإن عرضت حاج إليك صغيرة / أعدت رسولي مخفق السعي صاغرا
فإن كنت ذا عدلاً دعونا عادلاً / وإن كنت ذا جوراً دعوناك جائرا
ولو كنت كالنقاش فيما عدمته / من الشعر لم يعدم من الناس غادرا
ولكنني مازلت أدعى حقيقة / وإلا مجازاً قبل شعرك شاعرا
وقد أزمع الوفد اليماني رحلة / فرأيك في أن لا تعوق المسافرا
أراجعة لي عيشة الزمن النضر
أراجعة لي عيشة الزمن النضر / وعيش تقضى في كنانة والنظر
ليالي ريعان الشبيبة مقبل / وغصن الصبا يهتز في ورق خضر
رعى الله أيام الصبابة والصبا / وعصرهما أكرم بذلك من عصر
وعالية الأنساب عالية الهوى / ينيف بها فرع الذؤابة من فهر
سريت إليها والدجنة أضلع / حنتها يد الظلماء مني على سر
عثرت بأطراف الفنا حول خدرها / وكم خادر عن جانبي ذلك الخدر
وأيدني قلب وعزم كأنما / يقدان من حد المهند والصخر
وعلمني تاج الخلافة في السرى / ركوب الطريق السهل في المسلك الوعر
وعرفني معنى الشجاعة والندى / بخوض غمار الموت والنائل الغمر
جزيل الندى والبأس تمسي بنانه / مقسمة بين الصواعق والقطر
يسرك أن تلقى به الألف وحده / إذا غلبت غلب الرجال على الصبر
سما قدره عن كل خلق وشيمة / فما الزهر إلا من خلائقه الزهر
كأن العلى من قبل ورد عقيمة / فليس لها يا ورد غيرك من بكر
كريم له من آل رزيك إمرة / نما فرعها من دوحة المجد والفخر
يعدون ذخراً لكل ملمة / وأكرم به عند الملمات من ذخر
حسامهم الريان من علق الطلى / ورمحهم الظامي إلى علق الصدر
نشا من ربوع الملك في حجراتها / وربي من دست الوزارة في حجر
فجاء حقيق العزم بالمجد والعلى / وجاء خليق العزم بالنهي والأمر
ونمت عليه زاكيات أصوله / كما نم بالإصباح معترض الفجر
وساد من الأملاك كل مسود / وقاد جيوش المسلمين إلى الكفر
وطول باع الأسر والقتل في العدى / وفك بنعماه الرقاب من الأسر
ومن عجب أن المنايا تطيعه / إذا شاء في زيد وإن شاء في عمر
وتبدي له العصيان في مهجة ابنه / لقد بالغت في شيمة اللؤم والغدر
تولت ضرغام بن بدر وإنه / لأمنع في الإمكان من بيضة العقر
مضى الأكرم المأمون حين تطلعت / إليه عيون الوفد والعسكر المجر
ولاحت لهم في مخائل سؤدد / يخبرهم عن صدقها كرم النجر
فلله من غصن نضير وكوكب / منير وبدر غاب في غرة الشهر
وجوهرة من أنفس الدر لم تجد / لها صدفاً بعد التشظي سوى القبر
لئن نقص المقدار قدر حياته / لقد مات موفور الجلالة والقدر
ومن طال شرح المادحين لفضله / فما ضره أن مات مختصر العمر
كأن الليالي استشعرت سوء فعلها / وإن ضاق عن تقصيرها سعة العذر
فعوضه بابن ثلاثة أخوة / وقد يستفاد الربح من موضع الخسر
أتت بهم الأيام جبراً لكسرها / فيا لك من كسر ويا لك من جبر
سروا من بلاد الشام نحوك نجعة / كما انتجع الأسباط يوسف في مصر
قضية حال تقتضي نيل رتبة / يلم بها حكم العيافة والزجر
وما أنت إلا الكف تسطو على العدى / وهم قوة فيها كأنملك العشر
وقد أيد الرحمن موسى كليمه / بهارون لما قال أشركه في أمري
وقد عمر الإنعام والبأس ذكرهم / بأندية خضر وألوية حمر
وساروا إلى غايات كل فضيلة / بسيرتك الحسنى وأفعالك الغر
وهزوا أنابيب القنا حول ضيغم / يرشحهم للكر في ساعة الفر
مهيب السطى أضحت نوائب دهره / خواضع لا تسطو بناب ولا ظفر
إذا نزلت ثغر المخافة خيله / أزالت شعار الخوف عن ذلك الثغر
وإن خفقت راياته خفقت لها / قلوب أعاديه من الخوف والذعر
وكم غارة مسودة النقع أسفرت / وقائعه فيها عن العز والنصر
ومعترك ضنك المجال تكفلت / له البيض فيها بالغناء عن السمر
فتى حاز إحساناً وحسناً ونجدة / ثلاث خلال الغيث والليث والبدر
وضمنت شعري في مناقب مجده / ثلاث خلال الخمر والسحر والشعر
دعاني إلى مدحي لورد خلائق / زرعن له حب المحبة في صدري
وسابق إحسان مطلت بشكره / ولم أقض فيه واجب الحمد والشكر
ومن نثر الإحسان والبشر لم يفت / مناقبه مستحسن النظم والنثر
وما أدعي مدحاً يقوم بشكره / علي ولكني مدحت به شعري
ولازال شهر الله أسعد قادم / عليه بأعمال المثوبة والبر
توقره عند القدوم تواضعاً / وتوقره عند الرحيل من الأجر
سرت نفحة كالمسك أزهى وأعطر
سرت نفحة كالمسك أزهى وأعطر / وأردية الظلماء تطوى وتنشر
فأوهمت صحبي أنها عرف روضة / ينم بها واشي النسيم ويخبر
وما هي إلا نفحة بعثت بها / سليمى إلى صب تنام ويسهر
وإلا فما بال النسيم الذي سرى / بذي الأثل عن عرف العبير يعبر
حمى الله من ريب الحوادث بالحمى / وجوهاً بها روض من الحسن يزهر
وحيا بنجد والغوير وغرب / ظعائن منها منجد ومغور
سفحت على سفح المحجر أدمعاً / هي الدم لا ما اعتاد جفن ومحجر
ومائدة الأعطاف من نشوة الصبا / وما كل عطف بالمدامة يسكر
فتنت بها لحظاً ولفظاً فخاطري / وسمعي بسحر اللحظ والفظ يسحر
أقام لها الإحسان والحسن دولة / تظل بها الألباب تنهي وتؤمر
شهدت يقيناً أن مرآك جنة / وقالوا وما أدري وريقك كوثر
ألا حبذا في البان منك وفي النقا / وذائب شهد من ثناياك يقطر
ويا حبذا في البان منك وفي النقا / مشابه منها ما يضم ويهصر
لئن ساءني ليل بهجرك مظلم / لقد سرني صبح بوصلك مسفر
ذكرتك والنسيان يملك خاطري / وآية وجدي أنني لست أشعر
سلي خلوتي عن ضميري ألم أصن / هواك ومعروف الهوى يتنكر
بعيشك هل في الأرض غيري عاشق / وهل فارس الإسلام إلا المظفر
شهاب أمير المؤمنين الذي غدت / بدولته الأيام تسمو وتفخر
أغر لو أنا ما عرفنا حديثه / لحدثنا عنه سريري ومنير
حمى حرم العلياء لما تواثبت / عليها سباع ضاريات وأنسر
وفي ضحوة الاثنين لولا دفاعه / لما كان كسر الملك والدين يجبر
وقد أعربت يوم العروبة خيله / عن النصر تحت القصر والخلق حضر
حلفت بزوراء المحصب من منى / ومن ضمه منهم حطيم ومشعر
وبالنفر من بطحاء مكة بعدما / أهلوا بذكر الله فيها وكبروا
لقد سدت يا بدر بن رزيك رتبة / لها البدر خل والكواكب معشر
تناط أمور الملك منك بحازم / يقدم من تدبيرها ويؤخر
يرد صدور الخيل عند ورودها / ويورد في الخطب المهم ويصدر
يدبر ملك الفاطمي وإنه / إذا ضل وجه الرأي نعم المدبر
تلوذ بعطفيه إذا الخطب نالها / فيكشف عنها ما تخاف وتحذر
ومابرحت أفعاله زينة لها / تؤرخ في صحف المعالي وتسطر
وأي زمان لم تبت نصرة لها / تحسر ذيلي عزمة وتشمر
أفي زمان الهادي الكفيل طلائع / فقد كنت تصلى نارها حين تسعر
إذا نبت عنه في دفاع ملمة / تساوى له فيها مغيب ومحضر
لئن عز عصر ناصري فإنه / بذكركما العالي يعز وينصر
وما أنت إلا صارم في يمينه / يذاد بك الأعداء عنه وينصر
وذخر يرى ذخر الأئمة أنه / لدولته كنز يصان ويذخر
لئن نظم الأيام عقد طلائع / ضمنت بها يا سلك أن ليس تنثر
ولا عيب في بدر سوى أن قدره / وقد جاوز الجوزاء لا يتكبر
مليك له سجلا عقارب ونائل / بسيبهما يغني ويفني ويفقر
له صارم في أسود النقع أحمر / له جانب في أحمر الحديد أخضر
ويوم بصافي الجود والبشر مشرق / ويوم بكدراء العجاجة أكدر
يتيه بكفيه من الهند أبيض / ويزهى به لدن من الخط أسمر
تهز رياح النصر من عذباته / غصوناً بهامات المعادين تثمر
وتردى غداة السلم حول قبابه / إذا ضربت قبٌّ من الخيل ضمر
وترعف آناف اليراع بكفه / ندى وردى في الخلق ترجى وتحذر
يقدمه في رتبة البأس والندى / لسان إذا عد الكرام وخنصر
كلا شيمتيه م حياء ومن حبا / ببشر ويسر عنه تهمي وتهمر
فلا ظله الضافي عليه مقلص / ولا منه الصافي بمن يكدر
تهلل بشراً واستهل أناملاً / فلله بدر مشمس الجو ممطر
أرى الناس جسماً آل رزيك رأسه / وبدر له تاج رزيك وجوهر
دعوا يا بني الأخبار يحيى و جعفر / فكل بني رزيك يحيى و جعفر
ولا تذكروا كعباً وعمراً وعنتراً / فخادمهم كعب و عمرو وعنتر
وخلوا حديث البحتري فإنني / لهم بحتري لم تناسبه بحتر
وكنت أظن الشعر بعد طلائع / يموت فينسى أو يموت فيقتر
فأحييتم تلك السجايا بمثلها / حياة بها ميت المكارم ينشر
فليت له أذناً إليك سميعة / وعيناً إلى أفعالك الغر تنظر
ليعلم أن الله أبقى لكم بها / مآثر من مجد إلى الحشر تؤثر
إذا أنا بعت المدح في سوق غيركم / فإني به من حيث أربح أخسر
وإن آثر الناس الغنى بمذلة / فإني لما ترضى النزاهة أؤثر
وكم من بهيم الحظ مستبهم الغنى / غدا بكم وهو الأغر المشهر
سأفنى ويفنى ما بذلتم من الندى / ويخلد مدحي فيكم ويعمر
فلا تتركوني أشتكي جور حادث / وأنتم على الإنصاف أقوى وأقدر
ولا عذر لي إن لم أنل غاية المنى / وعن أمركم يجري القضاء المقدر
أبا النجم والنجوى إليك وإنما / لك البث فرض ذكره حين يذكر
أقلني عثار المدح فيك فلم تزل / تقيل عثار المذنبين وتغفر
تأخر عن مفروض حقك برهة / وفيض ندى كفيك لا يتأخر
مننت فلا وجه المطالب معرض / ولا منكب الإقبال عن أزور
أياديك لا يحصى لدي عديدها / وأبيات مدحي فيك تحصى وتحصر
عرفت لها الحق الذي أنكر الورى / فمعروفها ما لم يكن منك منكر
وأدنيت مثواها فطالت وغيرها / لديك من الآمال يقصى ويقصر
ماضرها نقص الليالي وحظها / لديك من الرأي الجميل موفر
قواف هي الشعرى سمواً وإنما / يلقبها بالشعر من ليس يشعر
ملكت عليها خنزوانات كبرها / وفيها على قوم سواكم تكبر
بذرت لها حب الكرامة منعماً / فلانت وقد كانت تصد وتنفر
ومليت عذراء الخواطر قد أتت / تمايس في ثوب النشيد وتخطر
تزف ولكن الصدور خدورها / وتنحل الباب الرجال وتمهر
وهنيت من شهر الإله بزائر / منه لو أن اليوم عنك أشهر
وما البدر إلا أنت فانظر هلاله / وصورته في نحر شانيك خنجر
فلا زلت يلقاك الزمان مكرراً / وتخدم بالمدح الذي لا يكرر
وعش وسفيه الحادثات موقر / وكاهله من حمل شكري موقر
وبلغت في المولى العماد من المنى / وإخوته الأخيار ما تتخير
نجوم أبوها البدر لاشك أنها / تضيء بآفاق المعالي وتزهر
وأغصان مجد أطلعتهن دوحة / تساوى له فرع كريم وعنصر
وأشبال خيس كل يوم وليلة / يرشحها للفرس ليث غضنفر
وحق المعالي يا أباها وصنوها
وحق المعالي يا أباها وصنوها / يمين امرئ عاداته القسم البر
لقد قصرت عما بلغت من العلى / وأحرزته أنباء دهرك والدهر
متى كنت يا صدر الزمان بموضع / فرتبتك العليا وموضعك الصدر
ولما حضرنا مجلس الأنس لم يكن / على وجهة إذ غبت أنس ولا بشر
فقدناك فقدان النفوس حياتها / ولم يك فقد الأرض أعوزها القطر
وأظلم جو الفضل إذ غاب بدره / وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر
قبولاً وإن قد بان عجز الخواطر
قبولاً وإن قد بان عجز الخواطر / وعذراً وإلا ضاق عذر البصائر
فما يشعر المزجي كواعب فكره / إليك اعتزازاً أنه غير شاعر
ولو لم يشجعني تغاضيك عاقني / محاذرتي من خجله المتجاسر
وما أنت ممن أستجيز لقاءه / حياء وإجلالاً بميسور خاطري
على أن فكري لم تزل خطراته / سوائم في روض من الفضل ناضر
وكم قد أعارتني الوجوه التفاتها / وأنست بسر الأنس من كل نافر
وجاوزت حد المحسنين بهمتي / إلى غاية لم تختلج في الضمائر
وزاحمت في أعيان قوم تقاصرت / خطى ناظم عن مرتقاهم وناثر
ولما رأوا لي منك أمنع جانب / غدا جذعي فيهم بعد بفاطر
وساعدت بالإطراء حسن قصائدي / وكنت لهم في غيبتي خير حاضر
ولولا عمير لم يسد آل عامر / ولولا طفيل لم يسد آل عامر
وكم قصدت بابي نفوس قصيرة / فطولت مرمى خطوها المتقاصر
وأحوال قوم زعزعت فرددتها / فكنت لكسر القوم أكرم جابر
حضرت وحط القوم ألأم خاذل / فكنت لهم في الغيب أكرم ناصر
أدرت جميل الرأي فيهم بنجوة / صرفت بها عنهم صروف الدوائر
تهن بأعياد غدا بك فخرها
تهن بأعياد غدا بك فخرها / وسار مسير النجم باسمك ذكرها
فلو يستطيع الدهر جاء مهنئاً / بأيام سعد أعقب الصوم فطرها
تولت ليالي الصوم يثني لسانها / عليك بأعمال يسرك أجرها
وأشرق فيها من صباحه وجهك ال / كريم صباح ناب إذ غاب فجرها
فما ليلة منها يحيق محاقها / ببدر الدجى إلا ووجهك بدرها
ألم تره يدعى بنعتك كلما / مضت أربع منها تقدم عشرها
ولو أن أيام الأهلة أوتيت / كما لك لم يختص بالنقص شطرها
وناسبت بالإحسان حسنك فاستوت / لنا منك أخبار المعالي وخبرها
وفي كل تُجتلى منك شيمة / يبشر آمال الورى منك يسرها
لئن كان للأيام ذنب نعده / فأيامك الحسنى من الذنب عذرها
وقد كان ملقاها عبوساً فأصبحت / يهش محياها ويبسم ثغرها
كفلت لها يا بن الكفيل بصولة / يدين لها سهل الخطوب ووعرها
وقد علمت أم الوزارة والعلى / على كثرة الأبناء أنك بكرها
وأن اسمك المشتق من شد أزرها / إذا اشتق من أسماء غيرك وزرها
هي الصدمة الأولى فمن بان صبره
هي الصدمة الأولى فمن بان صبره / على هول ملقاها تضاعف أجره
ولابد من موت وفوت وفرقة / ووجد بماء العين يوقد جمره
وما يتسلى من يموت حبيبه / بشيء ولا يخلو من الهم من الهم فكره
ولكنه جرح يعز اندماله / وكسر جناح لا يؤمل جبره
أذم صباح الأربعاء فإنه / تبسم عن ثغر المنية فجره
أصاب الهدى في نجمه بمصيبة / تداعى سماك الجو منها ونسره
وأفقر أهل الأرض من باذل الغنى / إذا قنط المحتاج واشتد فقره
عدمنا أبا الإسلام والملك والندى / وفارقنا قرد الزمان ووتره
فلا تعذلونا واعذرونا فمن بكى / على فقد أيوب فقد بان عذره
وكنا إذا ضاقت بأمر صدورنا / تكفله منا يداه وصدره
وإن عبست أيامنا ووجوهنا / مشى بيننا في معرض الصلح بشره
أقام بأعمال الفرات وخيله / يراع بها نيل العزيز ومصره
إلى أن رماها من أخيه بضيغم / فرى نابه أهل الصليب وظفره
فلما قضى نحبي حياة ودولة / بأمرك في إدراكها ثم أمره
تعاقبتما مصراً تعاقب وابل / يبيت بقطر النيل ينهل قطره
نزلت بدار حلها فحللتها / فمغناك مغناه وقصرك قصره
وواخيته في البر حياً وميتاً / فقبرك في دار القرار وقبره
وقد شخصت أهل البقيع إليكما / وإلا فسكان الحجون وحجره
هنيئاً لملك مات والعز عزه / وقدرته فوق الرجال وقدره
وأدرك من طول الحياة مراده / وما طال إلا في رضى الله عمره
وأسعد خلق الله من مات بعدما / رأى في بني أبنائه ما يسره
شهيد تلقى ربه وهو صائم / فكان على أهل الشهادة فطره
مضى وهو راض عنك لم ترم صدره / بضيق ولا جاشت من الغيظ قدره
حمى حوزة الإسلام والدين بعده / ثمانية من أجلهم عز نصره
فخذ حصرهم مني ففي حسناتهم / وإحسانهم ما ليس يمكن حصره
وسامح فللتركيب في النثر فسحة / يطول بمعناها على النظم نثره
تبعت القوافي طاعة وضرورة / فلا تلحني فيمن تأخر ذكره
فمن ناصريه عزه وتقيه / وسيفاه منهم والصلاح وفخره
أولئك أهل الحل والعقد ينتهي / إلى أمرهم طي الزمان ونشره
ومن كافليه قطبه وشهابه / إذا بات محتاجاً إلى الشد أزره
هما أخوا أيوب والملك الذي / أتى بهما تلواً له وهو بكره
وما حسن فوق الحسين وإنما / تأخر عنه بالولادة عصره
ولو خلف ابناً واحداً سيد الورى / لما حاز ميراث الخلافة صهره
ولم يتنازع عمه وابن عمه / عليها إلى أن يجمع الخلق حشره
فكيف بخيس آل أيوب أسده / لقد بان خوف الدهر منهم وذعره
وعلى الله نجماً تعرف الشمس أنه / أبوها ونور البدر منها وزهره
وأبقى المقام الناصري فإنه / لدولتكم كنز الرجاء وذخره
أفاض على الأيام أحسن سيرة / يموت بها جور الزمان وغدره
إذا كانت البلوى من الله فليكن / من الحزم حمد الله فيها وشكره
أفي كل يوم أنت باعث همة
أفي كل يوم أنت باعث همة / إلي أبا عمران من دونها الشكر
أجيء إلى الإسكندرية لم تقف / أكف بني المأمون عني ولا العطر
يصاحبني في كل أرض نوالهم / كأن أياديهم معي أبداً سفر
أمنت بموسى كيد دهري وسحره / إذا حل موسى بلدة يطل السحر
كأن جميع الناس إلا أقلهم / مساو لدنيانا وموسى لها عذر
لك الحسب الباقي على عقب الدهر
لك الحسب الباقي على عقب الدهر / بل الشرف الراقي على قمة النسر
كذا فليكن سعي الملوك إذا سعت / بها الهمم العليا إلى شرف الذكر
نهضتم بأعباء الوزارة نهضة / أقلتم بها الأقدام من ذلة العثر
كشفتم عن الإقليم غمته كما / كشفتم بأنوار الغنى ظلمة الفقر
حميتم من الإفرنج سرب خلافة / جريتم بها مجرى الأمان من الذعر
ولما استعان ابن النبي بنصركم / ودائرة الأنصار أضيق من شبر
جلبتم إليه النصر أوساً و خزرجاً / وما اشتقت الأنصار إلا من النصر
كتائب من جيرون منها أواخر / وأولها في الريف من شاطئي مصر
طلعتم فأطلعتم كواكب نصرة / أضاءت وكان الدين ليلاً بلا فجر
كواكب تزري بالنجوم لأنها / يسرى بها ليل الهموم وما تسري
وآبت إليكم يا بن أيوب دولة / تراسلكم في كل يوم مع السفر
وقرت بكم عين لنا وجوانح / أعيضت ببرد الوصل عن حرقة الهجر
وألقابكم في الدين مثل فعالكم / تنم بها الأخبار عن كرم الخبر
لها أسد منكم ونجم ومنكم / صلاح وسيف إن ذا غاية الفجر
حمى الله منكم عزمة أسدية / فككتم بها الإسلام من ربقة الكفر
لئن نصبوا في البر جسراً فإنكم / عبرتم ببحر من حديد على الجسر
طريق تقارعتم عليها مع العدى / ففزتم بها والصخر يقرع بالصخر
أخذتم على الأفرنج كل ثنية / وقلتم لأيدي الخيل مري على مري
وأزعجه من مصر خوف يلزه / كما لُزَّ مهزوم من الليل بالفجر
وكم وقعة عذراء لما فضضتها / بسيفك لم تترك لغيرك من عذر
ورعت بأطراف اليراعين قلب من / تفرخ في أيامه بيضة الغدر
كتائب تنفي الهم عن مستقره / وكتب تزيل الهم عن موطن الفكر
إذا نشرت أعلامها وعلومها / ثنت أمل المغرور طياً على غر
وأصبحت كالآساد في الجد والجدى / فناهيك من ماء نمير ومن نمر
وصغرت مقدار الخطايا بقدرة / يغور بصافي حلمها وغر الصدر
إذا ماتت الأحقاد يوماً بحلمكم / فليس لها غير التجاوز من قبر
وأيديكم بالبأس كاسرة العدى / ولكنها بالجود جابرة الكسر
أبوك الذي أضحى ذخيرة مجدكم / وأنت لن خير النفائس والذخر
ومن كنت معروفاً له فاستفزه / بمثلك تيه فهو في أوسع العذر
فكيف وقد أصبحت نار زناده / وإلا كنوز البدر في شبه البدر
توقره وسط الندي كرامة / وتحمل عنه ما يؤود من الوقر
وتخلفه سلماً وحرباً خلافة / تؤلف أضداداً من الماء والجمر
وكم قمت في بأس وجود ورتبة / بما سره في الخطب والدست والثغر
ولو أنطق الله الجمادات لم تقم / لنعمتكم بالمستحق من الشكر
يد لا يقوم المسلمون بشكرها / لكم آل أيوب إلى آخر الدهر
لكم أمن الرحمن أعظم يثرب / وأمن أركان البنية والحجر
ولو رجعت مصر إلى الكفر لانطوى / بساط الهدى من ساحل البر والبحر
ولكن شددتم أزره بوزارة / غدا لفظها يشتق من شدة الوزر
وما بقيت في الشرك إلا بقية / تتممها بالبيض والأسل السمر
وعند تمام الفتح آتي مهنئاً / ومستلماً أجر الكهانة والزجر
ومخترعاً فيكم عيون قصائد / هي العنبر الشحري أو نفثة الشحر
قصائد ما فيها من الحشو لفظة / بلى حشوها من ذكركم عبق النشر
تعلمت الإحسان من حسناتكم / فواحدة منها تقوم بالعشر
ولو لم أكن عبداً وهن إماؤكم / ترافع فكري وادعى حرمة الصهر
ولولا اعتقادي أن مدحك قربة / أرجي به نيل المثوبة والأجر
لما قلت شعراً بعد إعفاء خاطري / ولي سنوات منذ تبت عن الشعر
وجائزتي تسهيل أمري عليكم / وملقاكم لي بالطلاقة والبشر
ليالي بالفسطاط من شاطئي مصر
ليالي بالفسطاط من شاطئي مصر / سقى عهدك الماضي عهاد من القطر
لقد غمرتني من نداه مواهب / أضافت إلى عز الغنى شرف القدر
قصدت الجناب الصالحي تفاؤلاً / وقد فسدت حالي فأصلحني دهري
ولم يرض لي معروفه دون جاهه / فسير كتباً كالكتائب في أمري
كأن يدي في جانبي عدن بها / يهز على الأيام ألوية النصر
وما فارقني نعمة صالحية / كأني من مصر رحلت إلى مصر

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025