المجموع : 48
ومن حَقِّ من يمشي مع العور أن يرى
ومن حَقِّ من يمشي مع العور أن يرى / وإن لم تَخُنهُ عَينُه مُتَعاوِرا
بدأت فأَسلفتَ التَّفَضُّلَ والبرَّا
بدأت فأَسلفتَ التَّفَضُّلَ والبرَّا / أَوليتَ إنعاماً مَلكتَ به الشكرا
وللسابق البادي من الفَضل رُتبةٌ / تُقَصِّر بالتالي وإن بَلَغَ العُذرَا
أتتنا عَذَارَاك اللواتي بَعَثتَها / لتوسعَنَا علماً وتُلبسَنَا فَخراً
فأَفصحنَ عن عُذرٍ وَطَوَّقنَ مِنَّةً / وقلنَ كذا مَن قال فليَقُلِ الشِّعرا
فأَوليتَها حُسنَ القَبُولِ معَظِّما / لِحَقِّ فتىً أهدي بهنَّ لنا ذكرا
تناهى النُّهى فيها وأبدَع نَظَمها / خَوَاطرَ ينقادُ البديعُ لها قَسرا
إذا لُحظت زادت نواظرنَا ضِياً / وإن نُشِرَت فَاحَت مجالسُنَا عطرا
تنازَعهَا قلبي مَليَّاً وناظري / فأعطيَتُ كلاً من محاسنها شَطرا
فترَّهتُ طرفي في وشِيِّ رياضها / وألقطتُ فِكري بين ألفاظها الدُّرا
تُضَاحكَنا فيها المعاني فَكُلَّما / تأملتُ منها لفظةً خلتُها شعرا
فمن ثَيِّبٍ لم تُفتَرع غيرَ خلسَة / وبكرٍ من الألفاظ قد زُوِّجت بِكرا
يظلُّ اجتهادي بينهنَّ مُقَصِّراً / وتُمسِي ظُنُوني دُون غايِتها حَسرى
إذا رُمتُ أن أدنو إليها تَمنَّعت / وَحَقَّ لها في العَدِل أن تُظهر الكبرا
وقد صَدرَت عن معدِنِ الفضلِ والعُلا / وقد صَحِبَت تلك الشمائلَ والنَّجرا
فتَمَّت لك النُّعمَى وساعدَكَ الُمنَى / ومُلِّيت في خفضٍ أبا عُمَرَ العُمرا
كَفَتنَا وإياك المعاذير نيَّةٌ / إذا خَلُصَت لم تذكر الوصلَ والهجرا
مدحتُ فعدَدتُ الذي فيك من علا / وأَلبستِنِي أوصافَكَ الزَّهرَ الغُرا
وما أنا إلا شعبةٌ مستمدِّة / لمغرزِ فيضٍ منك قد غمرَ البحرا
وقد كان ما بُلِّغتُه من مقالةٍ / أَنفتُ بها للفضلِ أن يألفَ الصغرى
إذا البلَدُ المعمورُ ضاق برُحِبةً / على ماجدٍ فليسكنِ البَلَدَ القَفرَا
وكم ماجدٍ لم يرضَ بالخَسفِ فَانبرَى / يُقارع عن هَّمِاتهِ البيضَ والسُّمرا
ومن علّقت نيلُ الأماني همومَهُ / تَجَشمَ في آثارِها المَطلبِ الوَعرا
فلا تشكُ أحداثَ الزمانِ فإنَّني / أراه بَمن يشَكو حَوَادثَه مُغرّى
وهل نَصَرَت من قبل شكواك فاضلاً / لِتأمَل منهنَّ الَمعُونَةَ والنَّصرا
وما غلب الأيامَ مِثلُ مُجرِّبٍ / إذا غَلَبَتهُ غايةٌ غلَّبَ الصَّبرا
إذا أنت لم تَزرَع وأبصرتَ حاصدَاً
إذا أنت لم تَزرَع وأبصرتَ حاصدَاً / ندمتَ على التفريط في زَمَنِ البَذرِ
إذا شئتَ أن تستَعرَ المالَ مُنفقاً / على شَهواتِ النفسِ في زَمَن العُسرِ
فَسَل نَفسكَ الإنفاقَ من كنزِ صَبرِها / عليك وإنظاراً إلى زمنِ اليُسرِ
فإن فعلتَ كُنتَ الغَنَّي وإن أبَت / فَكُلُّ مَنُوعٍ بعدَها واسعُ العُذرِ
وما الفقرُ إملاقُ الكريمِ ولا الِغنَى / وإن ضَلَّت الآراءُ في كثرةِ الوَفرِ
وبعضُ الغِنى تمحُو المعائبُ حُسنَه / ويَخلُصُ طبعُ المرءِ في حالةِ العُسرِ
أَتَتنَا العَذَارى الغِيدُ في حُلَلِ النُّهى
أَتَتنَا العَذَارى الغِيدُ في حُلَلِ النُّهى / تَنشُرُ عن عِلمٍ وتطوى على سِحرِ
تَلاعَبُ بالأذهانِ رَوعَةُ نَشرها / وتشغلُ بالمرأى اللطيفِ عن السير
أَلَذُّ من البُشرَى أَتَت بعد غَيبَة / وأحسنُ من نُعمَى تُقَابَلُ بالشُّكرِ
فلم أر عقداً كان أبهى تألُّقا / وأَشبهَ نَظما مُتقَناً منه بالنَّثرِ
ترى كلَّ بيتٍ مُستَقلاًّ بنفسه / تُبَاهِى معانيه بألفاظِه الغُرِّ
تَحَلَّت بوصفِ الجسم ثم تَنَكَّرَت / ومالت مع الإعراضِ في حَيَّز تَجري
أَرنَّت سحابُ الفِكرِ فيها فأَبرَزَت / لآلئ نُورٍ في حَدَائِقها الزُّهرِ
فجاءت ومعناها مُمازجُ لفظها / كما امتزجت بنتُ الغَمَامةِ بالخَمرِ
أشَدَّ إليه نسبَةً من حُرُوِفهِ / وأَحوَجَ من فعلٍ جَميلٍ إلى نشرِ
نَظَمتُها عقداً كما نظم الحجَى / وفاءَك في عِقدِ السماحةِ والفَخرِ
كأَنَّكَ إذ مرَّت على فيك أفرغت / ثناياك في ألفاظها بَهجةَ البشر
كَفَتنَا حُمَيَّا الخمرِ رِقةُ لفظِها / وأَمَّنَنَا تهذيبُها هَفوةِ السكرِ
على مُهجَتِي تَجني الحوادث والدَّهرُ
على مُهجَتِي تَجني الحوادث والدَّهرُ / فأمَّا اصطباري فهو مُمَتنِعٌ وعرُ
كأني أُلاقِي كلَّ يومٍ يَنُوبُني / بذنبٍ وما ذَنبي سوى أَنَّني حُرُّ
فإن لم يكن عند الزَّمانِ سوى الذي / أضيقُ به ذَرعاً فعندي له الصبرُ
وقالوا تَوّصَّل بالخضوعِ إلى الغِنى / وما علمُوا أنَّ الخُضوعَ هو الفَقرُ
وبَيني وبين المالِ بابانِ حَرَّما / عليَّ الغِنَى نفسي الأبيةُ والدهرُ
إذا قال هذا اليُسرُ أَبصَرتُ دونه / مواقفَ خَيرٌ من وقوفي بها العُسرُ
إذا قُدِّموا بالوفرِ أَقدَمتُ قَبلهم / بنفسِ فقيرٍ كلُّ أخلاِقهِ وَفرُ
وماذا على مثلي إذا خَضَعَت له / مطامعهُ في كفِّ مَن حصَلَ التِّبرُ
وأكثر ما عندي لمن قعدت به / فضائلهُ الإعراض والنَّظرُ الشزرُ
أبا حسنٍ طال انتظارُ عصَابةٍ
أبا حسنٍ طال انتظارُ عصَابةٍ / رَجَتكَ لما يُرجَى له الماجدُ الحرُّ
وقد حان بل قد هانَ لولا المطال أن / يحلَّ لهم عن وعدك الموثَقِ الأسرُ
وقد فاتهم من قربكَ الأُنسُ والمنى / وحَارَبَهُم فيك اختيارُكَ والدهر
فإن كنتَ قد عُوَّضتَ عنهم بغيرِهم / فَعَوَّضهم راحاً يزول بها الفكرُ
فأُنسُ الفتى في الدهرِ خِلٌّ مساعدٌ / وإن فاتَه الخِلُّ المساعدُ فالخمرُ
فإمَّا رسولٌ بالنبيذ مُبَادِرٌ / وإلا فلا تغضب إذا غضبَ الشِّعرُ
سقى جَانبي بغدادَ أخلافُ مُزنَةٍ
سقى جَانبي بغدادَ أخلافُ مُزنَةٍ / تُحاكي دُموعي صَوبَها وانحِدارها
فلي فيهما قَلبٌ شجاني اشتياقُهُ / ومهجةُ نفسٍ ما أَمَلُّ ادَّكارَهَا
سأغفرُ للأيامِ كلَّ عظيمةٍ / لئن قَرَّبت بعد الِبعاد مَزَارَها
لقد صرعتني خلفةُ الدَّهرِ صَرعةً
لقد صرعتني خلفةُ الدَّهرِ صَرعةً / تَيَقَّنتُ أَنَّي لستُ منها بمنتعش
وأنذرني عِقدُ الثمانينَ بالبلَى / فها هي أعضائي من الضَّعفِ ترتعش
وقد علمَت ذاتُ الوِشاحَينِ أَنَّني / سَئِمتُ تكاليفَ الحياةِ ومن يَعش
أسأتُ إلى نفسِي أُريد لها نَفعَاً
أسأتُ إلى نفسِي أُريد لها نَفعَاً / وقارفتُ ذَئباً لا أطيقُ له دَفعا
رَمتني كَفّي أسهماً لم أجد لها / إلى أن أصابَت أسهمي مَقتَلي وَقعا
وكم خطأ لو ساعدَ المرءَ جدُّه / لَعُدَّ صوباً واستزادَ به رَفعا
وذَنبي عظيمٌ غير أنِّي تائبٌ / ومن تابَ إخلاصاً فقد بَذَلَ الوُسعا
ولو أَنَّ تأديبَ الأميرِ لعَبده / بقاض على العاصين أَوسعَهم رَدعا
ولو خانَه فرعونُ آمناً طائعاً / وإن لم يُعد موسى العصا حيَّةً تَسعىَ
ولو كنت ذنباً كنتُ في جَنبِ حِلمِه / خبالَ هَباء ما يُجَابُ ولا يُدعى
وقد زاد في جُرمي تلاعُبُ مَعِشرٍ / بألسنة لم تلق من ورَع فسمَعا
حكوا أنني استصغرت نعمته التي / علوتُ بها الأفلاكَ والرُّتبَ السَّبعا
نبذتُ إذاً ذمَّتي وفارقتُ مِلَّتي / وخالفتُ في توحيدي العقلَ والشَّرعا
وإن كان لفظَي أو لساني جرى به / فلا باتَ إلاَّ وهوَ مُستوجبٌ قَطعا
وهل أَجحدُ الشمسَ الُمنيرةَ ضوءهَا / وأَزعُمُ أن الغَيثَ لا يَنبُتُ الزَّرعَا
فإن كان ما قالوه حقاً كَمَا حَكَوا / فَلِم جئتُ من بعدُ إلى بَابِهِ أَسعَى
فلا زال مَن وَلاَّه ينتظرُ الُمنى / ولا زالَ مَن عاداه يَرتقبُ الفُجعا
ولا زالت الأيامُ تُهدَي بشارةً / إليه تُرِي في قَلبِ حاسِده صَدعا
فتوحاً تَوَالي واحداً إثر واحدٍ / كما تتبع الألفاظ في سَجعها سَجعا
وَشيَّدتُ مَجدي بين قَومي فلم أقل
وَشيَّدتُ مَجدي بين قَومي فلم أقل / ألا ليتَ قَومي يَعلَمون صنيعي
وما سلب الشمسَ الكسوفُ ضياءَها
وما سلب الشمسَ الكسوفُ ضياءَها / ولِكنَّها سُدَّت عليها المطالعُ
وكم كُربةٍ كانت وسيلة فَرحةٍ / وضُرٍّ تُرَى في حافَّتَيه المنافعُ
وليس ملوماً مَن تعالَت هُمومُه / إذا أنزلَته بالَحضِيضِ القوارِعُ
أراجعةٌ تلك الليالي كعهدها
أراجعةٌ تلك الليالي كعهدها / إلى الوصلِ أم لا يُرتجى لي رجوعُها
وصحبة أقوامٍ لِبستُ لِفَقدِهم / ثيابَ حدادٍ مُستَجَدَ خليعُها
إذا لاحَ لي من نحو بغدادَ بارقٌ / تجافَت جُفُوني واسُتطيرَ هُجُوعُها
وإن أَخلَفَتها الغادياتُ رُعُودَعا / تُكَلّف تصديقَ الغمامِ دمُوعُها
سقى جانبي بغدادَ كُلُّ غَمَامةٍ / يُحَاكي دموعَ المستهام هُمُوعُها
مَعَاهِد من غزلانِ إنسٍ تحاَلَفت / لواحِظُها ألا يُدَاوَى صريعُها
بها تسَكُنُ النَّفسُ النفورُ ويَغتَدي / بآنسَ مِن قلبِ المقِيمِ نَزِيُعها
يَحنُّ إليها كلُّ قلبٍ كأنما / يُشَاد بحبَّاتِ القلوبِ ربُوعُها
فكلُّ ليالي عَيشها زَمَنُ الصَّبا / وكلُّ فصول الدَّهر فيها ربُيعها
وما زلتُ طَوعَ الحادثاتِ تقُودُني / على حُكمها مُستكرَهاً فأطيعُها
فلما حللتُ القَصرَ قَصرَ مسرَّتي / تَفَرَّقنَ عني آيساتٍ جُمُوعَها
بدارٍ بها يَسلَى المشوقُ اشتياقَه / ويأمَنُ رَيبَ الحادثات مَروعُها
بها مسرحٌ للعين فيما يَرُوقُها / ومُستَروَحٌ للنَّفس مِمَّا يروعُها
يرى كلُّ قلبٍ بينها ما يَسُرُّه / إذا زَهَرَت أشجارُها وزروعُها
كأنَّ خريرَ الماء في جَنَبَاتها / رُعُودٌ تلقَّت مُزنَةً تستريعُها
إذا ضرَبتها الريحُ وانبسطت لها / مُلاءةُ بَدرٍ فَصَّلتها وَشِيعُها
رأيتُ سيوفاً بين أثناء أدرُعٍ / مُذهَّبةً يَغشَى العيونَ لميعُها
فمن صنعةِ البدرِ المنيرِ نُصُولُها / ومن نسجِ أنفاسِ الرِّياحِ دُرُوعُها
صفا عَيشُنا فيها وكادَت لِطِيِبها / تُمازِجُها الأرواحُ لو تستطيعها
أبى سيِّدُ السادات إلا تظرُّفاً
أبى سيِّدُ السادات إلا تظرُّفاً / وإلا وصالاً دائماً وتَعَطُّفا
وساعدني فيه الزمانُ فَخِلتُه / تَحَرَّجَ من ظُلمي فتاب وأسعَفا
وأهيفَ لو للغُصنِ بعضُ قَوَامِهِ / تَقَصَّفَ عارٌ أن أُسَمِّيَه أَهيفَا
تحيَّنَ غفلاتِ الوشاةِ فَزَارنا / يُعرِّجُ عن قَصدِ الطريقِ تُخوُّفا
فما باشَرَت نَعلاهُ موضِعَ خُطوَةٍ / من الأرضِ إلا أورثاهُ تَصَلُّفا
وتلحظُ خَدَّيهِ العيونُ فَتَنثَنِي / تساقطُ فَوقَ الأرضِ وَرداً مُقَطَّفا
فقلت أَحُلم أم خَوَاطرُ صَبوةٍ / تُصوِّرُهُ أم أَنشَرَ الله يُوسُفا
وفيم تَجلَّى البدرُ والشمسُ لم تَغِب / أحاولُ منها أن تحولُ وتَكسفا
أَمَا خَشِيَت عيناك عيناً تُصِيبُها / وغُصنُكَ ذا إذ مَالَ أن يَتَقَصَّفَا
ولم يُحذِر الواشين من لحظاتِهِ / تَقَلُّب سَيفٍ بين جَفنَيِه مُرهَفاً
فقال اشتياقاً جئتُكُم وصَبَابَةً / إليكم وإكراماً لكم وَتَشوُّفاً
وليس الفتى مَن كان يُنصف حاضراً / أخاه ولكن من إذا غاب أنصف
ومَرَّ فلم أعلمَ لفَرطِ تحيري / أطيرُ سروراً أم أموتُ تأسُّفاً
فيا زَورَةً لم تَشفِ قَلباً مُتَيَّماً / وِلكنَّها زادت غرامي فأضعَفَا
فلما تَمثَّلنا الهديَّة خِلتُه / تمثَّلَ فيها بَهجَةً وتَظَرُّفا
ولما مَدَدنا نحوهُنَّ الهديَّة خِلتُه / يراها الضَّنى في حُبِّه فَتحيَّفَا
إلى باقلاء خِيف أن لا تقله / يَدَايَ لما بي من هواه فَنَصَّفَا
حَمَلنا بأطرافِ البنانِ ولم نَكَد / بنانا زَهاها الُحسنُ أن تتطرفا
وسوداً تَرَوَّت بالدِّهان وبُدِّلَت / بتَورِيدهِا لَوناً من النار أَكلَفَا
كأفواه زَنجٍ تُبصرُ الجِلدَ أَسوَدا / وتُبصِرُ إن قَرَّت لُجَينَاً مُؤَلفَا
كخلق حبيب خاف إكثارَ حاسدٍ / فأظهرَ صَرماً وهو يعتقدُ الوَفَا
وَمُنتَزع من وَكرِ أم شفيقةٍ / يَعزُّ عليها أن يُصَاد فيَعسفا
يغذَّى غذاء الطفل طال سَقَامُهُ / فَحَنَّ عليه والداه ورَفرفا
فلما بَدَت أطرافُ ريشٍ كأنه / مبادِي نباتٍ غبَّ قَطرٍ تَشَرَّفا
تكلَّفه من يرتجى عظم نَفِعِه / فكان به أحفَى وأحنَى وأرأفا
يزق بما يَهوَى ويعلف ما اشتهى / ويمنع بَعدَ الشَّبعِ أن يَتَصَرَّفا
فلما تراءتهُ العيونُ تَعَجُّبا / وقيل تَنَاهى بل تعدَّى وأَسرفا
أراق دَماً قد كان قبلُ يَصُونُه / كدمعةِ مُضنَى القلب رَوَّعَهُ الجَفَا
تضرب حتى خِلتُ أنَّ جناحه / فُؤادي حِيناً ثم عُوجِلَ وانطفا
فَجئ به مِثلَ الأسيرِ تَمَكَّنَت / أَعَادِيهِ منه بعد حَرب فَكُتِّفا
له أَخَوَاتٌ مِثلُه ألفت ثنى / على مثل ما كَانَا زماناً تألَّفا
وقال لي الفألُ الُمصيبُ مُبَشِّراً / كذا أبداً ما عِشتُما فَتَألَّفَا
فيالك من أكل على ذكر مَن بهِ / تَطيبُ لنا الدنيا تَعطَّفَ أم جَفَا
ولم أرَ قبل اليوم تُحفَةَ متحف / أَسَرَّ وأبهَى بل أَجَلَّ وأشرَفَا
علمنا به كيف التظَرُّفُ بعدَه / ومن عاشَرَ الُحرَّ الظريفَ تَظَرُّفا
وقالوا اضطرب في الأرض فالرزقُ واسعٌ
وقالوا اضطرب في الأرض فالرزقُ واسعٌ / فقلتُ ولكن مَطلبُ الرزقِ ضيِّقُ
إذا لم يكُن في الأرض حُرٌّ يُعينُني / ولم يكُ لي كَسبٌ فمن أين أُرزقُ
وتركي مواساة الأخلاءِ بالذي
وتركي مواساة الأخلاءِ بالذي / تَنال يَدَي ظُلمٍ لهم وعقوقُ
وإني لأستحي من الله أن أُرى / مجال اتِّساعٍ والصديق مضيقُ
كريمٌ يرى أن الرجاءَ موَاعدُ
كريمٌ يرى أن الرجاءَ موَاعدُ / وأنَّ انتظار السائلين منَ المطلِ
وَخيرُ الموالي من إذا ما مدحُته / مَدَحتُ به نفسي وأخبرتُ عن فضلي
سقى الغيثُ أو دَمعي وَقَلَّ كِلاهُما
سقى الغيثُ أو دَمعي وَقَلَّ كِلاهُما / لها أربُعاً جَورُ الهوى بينها عَدلُ
بحيث استرقَّ الدِّعصُ وانبسطَ النَّقى / وحيثُ تناهَى الحِقفُ وانقطعَ الرَّملُ
أُكَثِّرُ من أوصافها وهي واحدٌ / ولكن أَرى أسماءَها في فَميِ تحلُو
وفي ذلك الخِدرِ المُكلَّلِ ظَبيَةٌ / لكلِّ فؤاد عندَ أجفانها ذَحْلُ
إذا خَطَراتُ الريحِ بين سُجُوفِها / أباحت لطَرف العين ماحَظرَ البُخلُ
تلقَّت بأثناءِ النَّصيفِ لحاظنَا / وقالت لأُخرى ما لُمستهترٍ عقلُ
أفي مثلِ هذا اليوم يَمرَحُ طرفُهُ / وأعداؤنا حُولٌ وحُسادُنا قُبْلُ
ومدَّت لإسبالِ السُّجُوفِ بنَانَها / فَغازَلَنا عنها الشمائلُ والشكل
بقيتَ بقاء الدهر يا كَهفَ أهِله
بقيتَ بقاء الدهر يا كَهفَ أهِله / وهذا دعاءٌ للَبرِيَّة شاملُ
أبا قاسم ما للحِجى عند معدِلُ
أبا قاسم ما للحِجى عند معدِلُ / ولا للعُلى إلا عليك مُعَوَّلُ
عَهِدتُك لا يَثنى اعتزامك حادثٌ / مُلمٌّ ولا يحتاجُ صبرَك مُعضِلُ
تأمَّل تصاريفَ الزمانِ فإنَّما / يُكشِّفُ أسرارَ الأمورِ التأمُّلُ
أتبصرُ مَغبوطاً بحالٍ تَسُرُّهُ / إذا كَمُلَت لم تَبتَد تَتَحوَّلُ
نعيشُ كما تَهوى الخطوبُ تقودُنا / مذاهبُ آمالٍ تجورُ وتَعدِلُ
إذا ما تأمَّلنا الخُطوبَ وَكرّها / علينا عَلِمنا أنَّنا نَتَعَلَّلُ
وقَصرُ الَجزوعِ الصَّبرُ لكنَّ كُلمَّا / تقدَّمَ من صَبرِ الفتى فهو أجملُ
فَتَى كَيفما مِلنَا رأينا له يداً
فَتَى كَيفما مِلنَا رأينا له يداً / بعيدةَ مَرمَى الشكر مَطلبُها سَهلُ
خفيفُ على الأعناق مَحمَلُ مَنِّهَا / ولكن على الإنكار من عَدِّها ثقلُ
وواله ما أَفضَى من المال ما نَشَا / إلى كَفِّه إلا العِنانُ أو النَّصلُ
تَفَرَّقَ طُلابُ المساعي فَكُلُّهم / إذا اجتمعوا بعضٌ وأنت له كلُّ
وما فرَّعَ الأقوامُ في المجدِ / فباهوا به إلا وأنتَ له أصلُ