المجموع : 97
كبرت فعجل في تدارُكِ ما مَضَى
كبرت فعجل في تدارُكِ ما مَضَى / فإن المنايا شرُّها متدارِك
كسبتَ ذنوباً فامحها بامتداح من / بغرته تجلى الخطوب الحوالِك
دلائِلُهُ منهنَّ عينُ قُتادة
دلائِلُهُ منهنَّ عينُ قُتادة / أعِيدَت فكانت خيرَ عينٍ وأسعد
ثناء فحنّ الجذعُ شوقاً فكيفَ لا
ثناء فحنّ الجذعُ شوقاً فكيفَ لا / يَحِنُّ له قَلبِي وَتَنهَلُّ مُقلَتِي
كلامُ ذراعِ الشاةِ من معجزاتِهِ
كلامُ ذراعِ الشاةِ من معجزاتِهِ / وكم آية هنَّ النجوم الشوابكُ
حديثٌ قديم في الورى غير حادث
حديثٌ قديم في الورى غير حادث / ترام على دار الخطوب الكوارثِ
فيا باحثاً عن حتفه أي باحث / ثَبَتَّ على عهدِ الصِّبا غَيرَ ناكِثِ
وبادرت مهواة الهوى غيرَ رائِثِ /
سريعاً إلى داعٍ من الغي فاضحِ / ألوفاً لأفَّاك عن الرشدِ جامحِ
نفوراً بقلبٍ للبطالةِ جانح / ثقيلاً عليك الجدُّ من نهي ناصحِ
خفيفاً لديكَ الهزلُ من سَعي عابِثِ /
أتأمل في يومِ الجزاء إقالة / وليلُك ليلُ الغافلينَ بطالة
ويومُك يوم المسرفين ضلالَة / ثنيت إِلى الدنيا العنانَ جهَالَة
لتَمسك منها بالحبالِ الرثائث /
فَكَم شملِ أنسٍ أحدثت فيه صدعة / ويم سرورٍ قد أعادته فجعة
وآمِنِ سِربٍ حُكَمَت فيه صرعة / ثلاثاً فطلقها ولا تنو رجعة
لها فهي في التحقيق أم الخبائِثِ /
فيا حاطباً في حبلِ سُحتٍ وباطلِ / جَموعاً منوعاً وهو نصبُ الغوائلِ
رويدك إنَّ الموتَ أسرعُ نازِل / ثُكلتَ فما وفَّيت حقاً لسائلِ
ولكن جَمَعتَ المالَ حطماً لوارثِ /
شددت على الفاني وأحسِن به يدا / وبعتَ به العيشَ الهنيَّ المخلَّدا
فيا أيا المأفونُ رأياً مفنَّدا / ثراؤكَ فقرٌ والغنى مدح من هدَى
وساد بني سامٍ وحامِ ويافثِ /
فبادِر تَفُز مِنهُ بأشرفِ مقصَدِ / وتَصعَد بنادي الفخرِ أرفَعَ مَصعَدِ
وَتُسقى شَرَابَ الحبِّ غيرَ مصرَّدٍ / ثِمارُ المُنى تُجنى بجاهِ محمدِ
إذا أعضِلَت يوماً دواهي الحوادث /
أيا سَيّدَ الخلقِ العظيمَ مزيّة / مَدِيحُكَ قد أعيا البليغَ روية
وهل تركَ الذِّكرُ الحكيمُ بقيّة / ثناءٌ كما هَبَّ النسيمُ غُدَيَّة
فَجرَّرَ ذيلاً بالرياضِ الدمائِثِ /
دلائلُ أبدى مِن سَنا الشَّمسِ مَنظَراً / ففي يومِ بَدرِ إذ رَمَى قَبضَةَ الثَّرى
وما لعلّي يوم خَيبَرَ قد جرَى / ثَواقِبَ آياتٍ له أعجزَ الوَرَى
بها كاحتجابٍ عَن عَدوٍّ مُباحثِ /
فَرَبعيَ مَهجورٌ لشَوقٍ رباعِهِ / وقلبيَ مَعمُورٌ بِطُولِ نِزَاعِهِ
أقولُ إذا ما خِفتُ وشكَ انصداعه / ثوابِيَ مَضمُونٌ بِشرَطِ اتّباعِهِ
على المَلِكِ الأعلى مُمِيتي وبَاعِثِي /
وكم آيةٍ للمصطفى نُورُهَا انجَلَى
وكم آيةٍ للمصطفى نُورُهَا انجَلَى / وحسبُكَ إن سحّ الغمَامُ وظلَّلاَ
له وأبانت نطقها ظبيةُ الفَلاَ / تنآءى فحنّ الجذعُ شوقاً فَكَيفَ لا
يحنُ له قلبي وتنهلُّ مقلتي /
لئن عاقني ذنبي فغودرت مبعدا
لئن عاقني ذنبي فغودرت مبعدا / ولم أر أربعاً للرسول ومعهدا
فأهدي صلاتي ما حييت مرددا / تزوركَ يا خيرَ الأنامِ محمدا
صلاةُ شج في عبرة مستهلة /
فليسَ شبابُ المرءِ يُرجِعُهُ لَهُ
فليسَ شبابُ المرءِ يُرجِعُهُ لَهُ / عُصَارَةَ حَنَّاءٍ بِشَيبٍ مُرَجّل
ألا يا أيها المرءُ الذي رامَ توبَةً
ألا يا أيها المرءُ الذي رامَ توبَةً / فصدته عنها النفس معكوس آمالِ
وقد أيقَنَت علماً بباطن أمره / بأنَّ الفَتَى يَهذِي وليس بفَعَّالِ
إلى كم ترجي العمر والعمرُ ذاهبٌ / بتضييع أوقاتٍ وتبديد أحوالِ
بقيتَ لنصر الدين ما ذر شارقٌ
بقيتَ لنصر الدين ما ذر شارقٌ / وما جَدَّدتَ ورقاء في غُصُنٍ مَدحا
صَدِيقِي لَكَ العُتبَى وَما أنتَ مُذنِبُ
صَدِيقِي لَكَ العُتبَى وَما أنتَ مُذنِبُ / لكن عَساها أن تَرُوضَ ازورَارَكا
أتاني كتاب منك لم أر وَجهَهُ / فيا ليتَ شِعرِي أنِّي طِرتُ مَطَارَكا
أبا للوم تَرمِينِي وحاشاك فالتَمِس / لِيَ العذرَ لا تشننُن عليَّ مغاركا
حكمتَ ولم تَعذُر وتلكَ حكومةٌ / لِنَفسِكَ ما أبلغت فيها انتظاركا
عتبتَ ولم تَعذُر وتَزعَمُ أنَّنِي / لك الصاحبُ الخوَّانُ مَلَّ وتَاركا
أعيذُ الودادَ المحضَ والخطةَ التي / جعلتََ التُّقَى والعَدلَ فيها شِعَارَكا
صَدَعتَ فؤادي بالعتابِ وإنه / لمنزلُكَ الأرضي فخربتَ دَارَكا
فيا ثائرَ العتبِ الذي قد عكستَهُ / بحقٍ ألا فارجع على مَن أشاركا
قدحتَ زِنَادي بالعتابِ فَهَاكَهَا / نَتِيجَةَ فِكرِ فِيهِ أضرمت نَارَكا
فها هي تُبدِي من وجُوه جَفَائِها / وتجزي سواءً بالنفار نفاركا
ولو أنني أنصفتُ سلمتُ طائعاً / لِتَأخُذَ مني باحتكامكَ ثَارَكا
فإنَّ لَكَ الحبَّ الوثيقَ بناؤُهُ / وإنَّ لَكَ الفَضلَ الذي لَن يُشَاركَا
وكم لَكَ عِندِي قَبلَهَا من قَصِيدَةٍ / أريت بها في رفع قدري اقتداركَا
حَشَدن عليَّ القَولَ مَثنَى ومَوحِدا / وأعلَينَ في سَمكِ المَعالِي مَنَاركَا
رِياضٌ تروقُ القلبَ والطَّرفَ بَهجَةً / فها أنا أجنِي في رُباها ثِمَاركَا
فلو نُشِرَ الصَّادانِ مِن مَضجَعَيهِمَا / ليومِ رهانٍ لم يشقَّا غُبَاركَا
تَثَبَّت ولا تَعجَل على مَن تُحِبُّهُ / فَمِثلُك من أولى الرضى وتداركا
فَعَهدِيَ محفوظٌ وحَسبِي بِحفظِهِ / شهادةُ ربٍّ العالمين تبارَكا
أيا حَبَّذَا ذاك العتابُ الذي مَضَى
أيا حَبَّذَا ذاك العتابُ الذي مَضَى / وإن جَرَّهُ واشٍ بزورٍ تَمَضمَضَا
أغارت له خيلٌ فما ذَعِرَت حِمىً / ولكنَّها كانت طلائع للرِّضىَ
تألَّق منه بارقٌ صابَ مُزنَهُ / على معهد الحُبِّ الصميم فَرَوَّضا
تلألأ نوراً للصداقة كالئاً / وإن ضَنَّ سيفاً بالقطيعة منتضا
فإن سوَّدَ الشيطانُ منه صحيفةٌ / أتَى مَلِكُ الرَّحمى عليها فبيّضا
وما كان حبّ أحكمَ الصِّدقُ عقده / ليفسدَهُ سَعيُ الكذوبِ فَيُنقَضَا
أيضغى حبيبٌ صحَّ صدق صفائِهِ / لِنَفثِ حُبابٍ بالأكاذيب نضنضا
أعيد وداداً زاكى القصد وافياً / تخلص من إحسانه فتمخَّضا
ونية صدق في رضى الله أخلصت / سناها بآفاق البَسِيطَةِ قد أضا
مَنِ الآفك الساعي ليُخفِيَ نُورَهَا / أيَخفَى شُعَاعُ الشَّمسِ قد ملأ الفَضَا
وكيف يَحِلُّ المبطلون بإفكهم / معاقد حبٍّ أحكمتها يَدُ القضَا
تعرَّضَ يبغي هَدمَهَا فكأنَّهُ / لتشييد مبناها الوثيقِ تَعَرَّضَا
وحرَّضَ في تنفيرِهِ فكأنَّمَا / على البِرِّ والتسكينِ والحبِّ حَرَّضَا
وأوقد ناراً فهو يَصلَى جَحِيمَهَا / يُقَلِّبُ منها القلبَ في مَوقِدِ الغَضَا
لقد حكم الجبارُ فيما سَعَى لَهُ / بِرَفضِ القَضَايَا رَافِضاً ومحرِّضَاد
بَعَثتَ من الدُرِّ النفيسِ قلائداً / على ما ارتضى حكم المَحَبَّةِ واقتضى
نتيجةُ آدابٍ وطبعٍ مُهَذبٍ / أطالَ مداهُ في البيانِ وأعرضَا
ولا مثل بِكر بَاكَرتَنِي آنفا / كزورة خِلٍّ بعدما كان أعرَضَا
هي الروضةُ الغنَّاء أينعَ زهرُها / تناضرَ حُسناً مُذهباً ومفضَّضا
أو الغادةُ الحسناءُ راقت فينقَضِي / مدى العمر في وصفي لها وما ارتضى
تطابقَ منها شَعرُهَا وجَبِينُهَا / فذا اللَّيلُ مُسوَداً وذا الصُّبحُ أبيضا
أو الشهب منها زينة وهداية / ورجمٌ لشيطانِ إذا هو قَيَّضَا
أتَت ببديعِ الشعر طوراً مصرّحا / بآثارك الحسنى وطوراً معرضا
فهل مع هذا ريبةٌ في مودةٍ / بحالٍ ولو كانت فما أنا معرضا
فثق بولائي إنَّنِي لك مُخلِصٌ / هَوًى ثابتاً يَبقَى فليسَ له انقضا
عليكَ سلامُ اللهِ ما هَبَّتِ الصِّبَا / وما بارقٌ جنح الدُّجنة أو مضا
سَقاني فأهلاً بالسقايةِ والساقي
سَقاني فأهلاً بالسقايةِ والساقي / سلافاً بها قامَ السرور على ساقِ
ولا نُقلَ إلاَّ مِن بدائعِ حكمةٍ / ولا كأس من سُرورٍ وأوراقِ
فقد أنشأت لي نشوةً بعد نشوةٍ / تَمُد بروحانيةٍ ذات أذواقِ
فمن خطِّها الفاني متاع لناظري / وسمعي وحظ الروح من حَظّها الباقي
أعادت شبابي بعدَ سبعين حِجَّةً / فأثوابُهُ قر جُدِّدَت بعد إخلاقِ
وما كنتُ يوماً للمدامة صاحباً / ولا قَبِلتُها قَطُّ نشأةُ أخلاقي
ولا خَالَطَت لحمي ولا مازجت دمي / وقى شَرَّها مولاي فالشكر للواقي
وهذا على عهدِ الشبابِ فكيفَ لِي / بها بعد ماءٍ للشبيبة مهراقِ
وشتان ما بينَ المدامين فاعتبِر / فكم بين إنجاح لسعي وإخفاق
فتلك تهادَى بينَ ظُلمٍ وظُلمَةٍ / وهذي تهادى بين نورٍ وإشراقِ
أيا علمَ الإحسان غيرَ منازع / شهادةَ إجماعٍ عليها وإطباق
قصائِدُكَ الحُسنَى عَلَيَّ تواترت / بخمر من سُحبِ فِكرِكَ غيدَاقِ
خزائنُ آدابٍ بَعَثتَ بشدُرِّها / إلىّ ولم تمنُهن بخشية إنفاق
ولا مثلَ بِكرٍ حُرَّةٍ عربيّةٍ / زكيَّة أخلاقٍ كريمةٍ أعراقِ
فاقسمُ ما البيضُ الحسانُ تَبَرَّجت / تناجيكَ سِراً بين وحي وإطراقِ
بدورٌ بدت من أفق أطواقها على / رياض تَبَدَّت في قضبة ذات أطواق
فناظر منها الأقحوان ثغورها / وقابل منها نرجس سحر أحداقِ
وناسب منها الوردُ خَداً مورّداً / سقاه الشباب النَّضرُ بورك من ساقِ
وألبسنَ من صنعاء وشياً مُنَمنَماً / وحُلِّينَ من دُرٍّ نفائسَ أعلاقِ
بأحلى لأفواهٍ وأبهى لأعينٍ / وَأجلَى لألبابٍ وَأشهَى لعشاقِ
رأيتُ بها شُهبَ السماء تَنَزَّلت / إِليَّ تُحَيِّينِي تحيةَ مشتاقِ
ألا إنَّ هذا السحرَ لا سحرَ بابل / فقد سَحَرَت قَلبِي المُعَنَّى فَمَن راقِ
لقد أعجزت شكري فضائل ماجد / أبرِّ بأحبابِ وأوفَى بميثاقِ
تقاضى ديون الشعر مني منبها / رويدك لا تعجل عليَّ بإرهاق
فلو نُشِرَ الصادان من لحديهما / لإنصافِ هذا الدَّينِ لاذا بإملاق
فلا زلتَ تُحي للمكارِمِ رَسمَهَا / وقدرُكَ في أهلِ العُلاَ والنُّهَى راقِ
أيا زَفرَتِي زِيدي ويا عَبرتِي جُودِي
أيا زَفرَتِي زِيدي ويا عَبرتِي جُودِي / على فاضِلِ الدُّنيا عليِّ بن مسعودِ
على الشامخ الأبياتِ في المجدِ والعُلاَ / على السَّابق الغاياتِ في البأسِ والجودِ
على عُدَّةِ العصرِ التي جَمَعَت إلى / مهابة موهوب طلاقة مَودودِ
على من له في المُلكِ غيرُ منازعٍ / وزارة ميمون النقيبةِ محمود
على من إذا عُدَّ الكرام فإنه / بواجب فضل الحق أول معدود
ومن كعليٍّ ذي الشجاعة والرِّضا / لإصراخ مذعور وإيواءِ مَطرُود
ومن كعليٍّ ذي السماحة والنَّدى / لإسباغِ إنعامٍ وإنجازِ موعودِ
ومن كعليٍّ ذي الرجاحة والنهى / لإفصاح إشكالٍ وإدراك مقصودِ
ومن كعليٍّ للوزارة قائماً / عليها بتصويبٍ عليها وتَصعِيدِ
ومن كعليٍّ للإدارة سالكاً / لها نَهجَ تليينٍ مشوبٍ بتشديدِ
ومن كعليٍّ للسياسةِ منفذاً / أوامرَ تنفيذٍ وأحكام تَوطِيدِ
ومن كعليٍّ في رِضَا الله حاكماً / بإيجاد معدوم ولإعدام موجودِ
ومن كعليٍّ واصلِ الرَّحِمِ التي / تَمُتَّ بتقريبٍ له أو بِتَبعِيدِ
أيا كافىء السلطان كلَّ عظيمةٍ / بآراء تسديدٍ وأعمال تَمهِيدِ
ويا حامِيَ المُلكِ المُشِيدِ بناؤُهُ / بصولة محذور وغرّة مقصودِ
ويا كافِلَ الأيتام يُجري عليهِمُ / جرايةَ نُعمَى بابها غير مَسدودِ
ذكرتُكَ في نادي الوزارة صادعاً / بأمرٍ مطاع حُكمُهُ غير مردودِ
ذكرتُكَ في صدرِ الكتيبةِ قائماً / بخدمةِ مولى بعد طاعةش مَعبُودِ
ذكرتُكَ في المحرابِ والليلُ دامسٌ / تُرَدِّدُ آيَ الذكرِ أطيبَ ترديدِ
ودمعُكَ مُرفضٌ وقلبُكَ واجبٌ / لخشيةِ يوم بينَ عينيكَ مشهودِ
لأظلمت الدنيا عليَّ لفَقدِه / فها أنا أرعاها بمُقلة مَرصودِ
وقلّص من ظل الرَّجاء فراقه / فضلَّ رجائي بعده غير مَمدودِ
وكم سَبحَت فُلكُ المُنى في بحارها / مواخِرَ فاليومَ استَوت بي على الجودِي
وهوَّن عندي كلَّ خَطبٍ مصابُهُ / فَبَعدَ عليِّ لستُ أبكي لمفقودِ
عليه سلامُ اللهِ ما ذرَّ شارقٌ / وما صَدَعَت ورقاءُ في فَرِعِ أملُودِ
وجادت ثَرى اللَّحدِ الزَّكي سحائِبٌ / مجددَّة الرُّحمى بأحسن تجديدِ
رِضَى المَلِكِ الأعلى يَرُوح ويَغتَدِي
رِضَى المَلِكِ الأعلى يَرُوح ويَغتَدِي / على قَبر مَولانا الإمام المؤَيَّدِ
مَقَرُّ العُلى والمُلكِ والبأس والنَّدى / فَقُدِّس من مغنَى كريم ومشهدِ
ومثوى الهدى والفضل والعدل والنهي / فَبُورِكَ مِن مَثوى زكي ومَلحَدِ
فيا عجباً طودُ الوقارِ جلالةً / ثَوى تحتَ أطباقِ الصَّفِيحِ المنَضَّدِ
وواسِطَةُ العِقد الكريم الذي له / مآثُر فخرٍ بين مثنى وموحدِ
محمد الأرضي سَلِيلُ مُحَمَّدٍ / إمامُ الهُدَى نَجلُ الإمامِ مُحَمَّدِ
فيا نُخبةَ الأملاكِ غير منازع / ويَا عَلَم الأعلامِ غير مُفَنَّد
بَكَتكَ بلادٌ كنتَ تحمي ثُغُورَها / بِعَزمٍ أصيلٍ أو برأيِ مُسَدَّدِ
وكم مَعلَمٍ للدين أوضَحتَ رَسمَهُ / بَنَى لك في الفردوسِ أرفَعَ مَصعَدِ
هو البين ظَنا لا لَعَلَّ وَلا عَسَى
هو البين ظَنا لا لَعَلَّ وَلا عَسَى / فما بالُ نَفسي لم تفِض عندَه أسى
وَما لفؤادي لم يَذُب مِنهُ حسرةً / فتبّاً لهذا القلب سُرعانَ ما نَسى
وما لجفوني لا تفيضُ مورداً / منَ الدمعِ يَهمِي تارةً ومورّسا
وما للساني مُفصِحاً بخطابه / وما كان لو أوفى بَعَهدٍ لِيَنبسا
أمِن بعدِ ما أودَعت رُوحِيَ في الثَّرى / ورمّدتُ منِّي فلذة القلب مَرمَسَا
وبعد فراقِ ابني أبي القاسم الذي / كسانيَ ثَوبَ الثَّكلِ لا كانَ مَلبِسَا
أؤَمِّلُ في الدُنيا حياةً وأرتَضِي / مقيلاً لدى أبيَاتِها ومعرّسا
فآهٍ وللمفجوع فيها استراحة / ولا بُدَّ للمصدُورِ أن يتَنَفَّسَا
على عُمرٍ أفنَيتُ فيه بضاعتي / فأسلمني للقبر حَيرانَ مُفلسا
ظَلَلتُ به في غفلةٍ وجهالةٍ / إلى أن رَمَى سَهمَ الفِراقِ فَقَرطسَا
إلى الله أشكو بَرحَ حُزني فإنَّه / تلبّس منه القلبُ ما قد تَلَبَّسَا
وصدمة خَطبٍ نازلتني عَشِيَّةً / فما أغنَت الشكوى ولا نفعَ الأسا
فقد صدَّعت شملي وأصمت مَقاتلي / وقد هَدَّمت رُكنِي الوثيقَ المُؤَسَّسا
ثبتُّ لها صَبراً لشدَّة وقعها / فما زلزلت صَبري الجميلَ وقد رسا
ولكن لها نارٌ يشبُّ وقودها / أبيتُ لها ليل السليم موسوسا
وأطمع أن نَلقَى برحمَتِهِ الرِّضا / وأجزعُ أن نشقى بِذَنبٍ فننكسا
أبا القاسم اسمع شَكوَ والدك الذي / حسا مِن كؤوسِ البينِ أفظَعَ ماحَسا
وقفتُ فؤادي مذ رحلتَ على الأسى / فأشهدُ لا ينفكَ وقفاً محبَّسا
وقطّعتُ أمالي من النَّاس كلِّهِم / فلستُ أبالي أحسنَ المرءُ أم أسا
تواريتَ يا شَمسِي وبدرِي وناظِرِي / فصارَ وجودي مُذ تواريتَ حِندسا
وخلَّفت لي عبئاً من الثَّكلِ فادِحاً / فما أتعب الثَّكلانِ نَفساً واتعسا
فيا غُصناً نضراً ذوى عندما استوى / فأوحشني أضعافَ ما كان أنَّسا
يا نعمةً لمّا تبلّغتها انقضت / فأنعَمُ أحوالي بماعاد أبأسا
فودعته والدمعُ يَهمي سحابه / كما أسلم السلك الفريد المجنَّسا
وقبَّلتُ في ذاكَ الجبين مودَّعاً / لأكرم من نفسي عليَّ وأنفَسَا
فلو أنَّ هذا الموتَ يَقبَل فِديَةً / حبوناه أموالاً كِرَاماً وأنفُسَا
ولكنَّهُ حُكمٌ من اللهِ واجبٌ / يسلم فيه من بخير الورى ائتسى
تَغَمَّدَك الرَّحمنُ بالعفوِ والرِّضا / وكرَّم مثواك الحميدَ وقدّسا
وألفَ مِنَّا الشَمل في جَنَّةِ العُلاَ / فنشرب تسنيماً ونلبس سُندُسا
سَقَتنِي بكأسٍ ظلت منها بنشوةٍ
سَقَتنِي بكأسٍ ظلت منها بنشوةٍ / فيا حَبَّذا سُكرِي بصهبائِها الخل
ألا أيها القلب المعنّى صَبابةً
ألا أيها القلب المعنّى صَبابةً / بربعٍ دريسٍ مُقفِرِ العرصاتِ
تسائل عن سُدى وسَلمى سفاهةً / وقد مَرَّ عنكَ العمرُ في الغفلاتِ
تَنَبَّه فصبحُ الشيبِ قد لاحَ مُنذِراً / أفِق فإلى كم أنتَ في غمراتِ
ولذ بجنابِ المصطفى وكفى بِهِ / محلَّ الرِّضا والفوز والبركات
بأكرم محبوبٍ وأوجهِ شافعٍ / وأفضلِ ماضٍ في الأنامِ وآتِ
وأهدى دليل للسبيلِ التي بها / خلاصكَ يوم الهولِ والحسراتِ
لقد قذفت بالحق والحق دامغ
لقد قذفت بالحق والحق دامغ / وقد حكمت بالعدل والعدل قائم
دنا فتدلّى حيث صلّت وراءه
دنا فتدلّى حيث صلّت وراءه / ملائكة الرَّحمن مثنى وموحدا