القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ الجَيّاب الغَرْناطي الكل
المجموع : 97
كبرت فعجل في تدارُكِ ما مَضَى
كبرت فعجل في تدارُكِ ما مَضَى / فإن المنايا شرُّها متدارِك
كسبتَ ذنوباً فامحها بامتداح من / بغرته تجلى الخطوب الحوالِك
دلائِلُهُ منهنَّ عينُ قُتادة
دلائِلُهُ منهنَّ عينُ قُتادة / أعِيدَت فكانت خيرَ عينٍ وأسعد
ثناء فحنّ الجذعُ شوقاً فكيفَ لا
ثناء فحنّ الجذعُ شوقاً فكيفَ لا / يَحِنُّ له قَلبِي وَتَنهَلُّ مُقلَتِي
كلامُ ذراعِ الشاةِ من معجزاتِهِ
كلامُ ذراعِ الشاةِ من معجزاتِهِ / وكم آية هنَّ النجوم الشوابكُ
حديثٌ قديم في الورى غير حادث
حديثٌ قديم في الورى غير حادث / ترام على دار الخطوب الكوارثِ
فيا باحثاً عن حتفه أي باحث / ثَبَتَّ على عهدِ الصِّبا غَيرَ ناكِثِ
وبادرت مهواة الهوى غيرَ رائِثِ /
سريعاً إلى داعٍ من الغي فاضحِ / ألوفاً لأفَّاك عن الرشدِ جامحِ
نفوراً بقلبٍ للبطالةِ جانح / ثقيلاً عليك الجدُّ من نهي ناصحِ
خفيفاً لديكَ الهزلُ من سَعي عابِثِ /
أتأمل في يومِ الجزاء إقالة / وليلُك ليلُ الغافلينَ بطالة
ويومُك يوم المسرفين ضلالَة / ثنيت إِلى الدنيا العنانَ جهَالَة
لتَمسك منها بالحبالِ الرثائث /
فَكَم شملِ أنسٍ أحدثت فيه صدعة / ويم سرورٍ قد أعادته فجعة
وآمِنِ سِربٍ حُكَمَت فيه صرعة / ثلاثاً فطلقها ولا تنو رجعة
لها فهي في التحقيق أم الخبائِثِ /
فيا حاطباً في حبلِ سُحتٍ وباطلِ / جَموعاً منوعاً وهو نصبُ الغوائلِ
رويدك إنَّ الموتَ أسرعُ نازِل / ثُكلتَ فما وفَّيت حقاً لسائلِ
ولكن جَمَعتَ المالَ حطماً لوارثِ /
شددت على الفاني وأحسِن به يدا / وبعتَ به العيشَ الهنيَّ المخلَّدا
فيا أيا المأفونُ رأياً مفنَّدا / ثراؤكَ فقرٌ والغنى مدح من هدَى
وساد بني سامٍ وحامِ ويافثِ /
فبادِر تَفُز مِنهُ بأشرفِ مقصَدِ / وتَصعَد بنادي الفخرِ أرفَعَ مَصعَدِ
وَتُسقى شَرَابَ الحبِّ غيرَ مصرَّدٍ / ثِمارُ المُنى تُجنى بجاهِ محمدِ
إذا أعضِلَت يوماً دواهي الحوادث /
أيا سَيّدَ الخلقِ العظيمَ مزيّة / مَدِيحُكَ قد أعيا البليغَ روية
وهل تركَ الذِّكرُ الحكيمُ بقيّة / ثناءٌ كما هَبَّ النسيمُ غُدَيَّة
فَجرَّرَ ذيلاً بالرياضِ الدمائِثِ /
دلائلُ أبدى مِن سَنا الشَّمسِ مَنظَراً / ففي يومِ بَدرِ إذ رَمَى قَبضَةَ الثَّرى
وما لعلّي يوم خَيبَرَ قد جرَى / ثَواقِبَ آياتٍ له أعجزَ الوَرَى
بها كاحتجابٍ عَن عَدوٍّ مُباحثِ /
فَرَبعيَ مَهجورٌ لشَوقٍ رباعِهِ / وقلبيَ مَعمُورٌ بِطُولِ نِزَاعِهِ
أقولُ إذا ما خِفتُ وشكَ انصداعه / ثوابِيَ مَضمُونٌ بِشرَطِ اتّباعِهِ
على المَلِكِ الأعلى مُمِيتي وبَاعِثِي /
وكم آيةٍ للمصطفى نُورُهَا انجَلَى
وكم آيةٍ للمصطفى نُورُهَا انجَلَى / وحسبُكَ إن سحّ الغمَامُ وظلَّلاَ
له وأبانت نطقها ظبيةُ الفَلاَ / تنآءى فحنّ الجذعُ شوقاً فَكَيفَ لا
يحنُ له قلبي وتنهلُّ مقلتي /
لئن عاقني ذنبي فغودرت مبعدا
لئن عاقني ذنبي فغودرت مبعدا / ولم أر أربعاً للرسول ومعهدا
فأهدي صلاتي ما حييت مرددا / تزوركَ يا خيرَ الأنامِ محمدا
صلاةُ شج في عبرة مستهلة /
فليسَ شبابُ المرءِ يُرجِعُهُ لَهُ
فليسَ شبابُ المرءِ يُرجِعُهُ لَهُ / عُصَارَةَ حَنَّاءٍ بِشَيبٍ مُرَجّل
ألا يا أيها المرءُ الذي رامَ توبَةً
ألا يا أيها المرءُ الذي رامَ توبَةً / فصدته عنها النفس معكوس آمالِ
وقد أيقَنَت علماً بباطن أمره / بأنَّ الفَتَى يَهذِي وليس بفَعَّالِ
إلى كم ترجي العمر والعمرُ ذاهبٌ / بتضييع أوقاتٍ وتبديد أحوالِ
بقيتَ لنصر الدين ما ذر شارقٌ
بقيتَ لنصر الدين ما ذر شارقٌ / وما جَدَّدتَ ورقاء في غُصُنٍ مَدحا
صَدِيقِي لَكَ العُتبَى وَما أنتَ مُذنِبُ
صَدِيقِي لَكَ العُتبَى وَما أنتَ مُذنِبُ / لكن عَساها أن تَرُوضَ ازورَارَكا
أتاني كتاب منك لم أر وَجهَهُ / فيا ليتَ شِعرِي أنِّي طِرتُ مَطَارَكا
أبا للوم تَرمِينِي وحاشاك فالتَمِس / لِيَ العذرَ لا تشننُن عليَّ مغاركا
حكمتَ ولم تَعذُر وتلكَ حكومةٌ / لِنَفسِكَ ما أبلغت فيها انتظاركا
عتبتَ ولم تَعذُر وتَزعَمُ أنَّنِي / لك الصاحبُ الخوَّانُ مَلَّ وتَاركا
أعيذُ الودادَ المحضَ والخطةَ التي / جعلتََ التُّقَى والعَدلَ فيها شِعَارَكا
صَدَعتَ فؤادي بالعتابِ وإنه / لمنزلُكَ الأرضي فخربتَ دَارَكا
فيا ثائرَ العتبِ الذي قد عكستَهُ / بحقٍ ألا فارجع على مَن أشاركا
قدحتَ زِنَادي بالعتابِ فَهَاكَهَا / نَتِيجَةَ فِكرِ فِيهِ أضرمت نَارَكا
فها هي تُبدِي من وجُوه جَفَائِها / وتجزي سواءً بالنفار نفاركا
ولو أنني أنصفتُ سلمتُ طائعاً / لِتَأخُذَ مني باحتكامكَ ثَارَكا
فإنَّ لَكَ الحبَّ الوثيقَ بناؤُهُ / وإنَّ لَكَ الفَضلَ الذي لَن يُشَاركَا
وكم لَكَ عِندِي قَبلَهَا من قَصِيدَةٍ / أريت بها في رفع قدري اقتداركَا
حَشَدن عليَّ القَولَ مَثنَى ومَوحِدا / وأعلَينَ في سَمكِ المَعالِي مَنَاركَا
رِياضٌ تروقُ القلبَ والطَّرفَ بَهجَةً / فها أنا أجنِي في رُباها ثِمَاركَا
فلو نُشِرَ الصَّادانِ مِن مَضجَعَيهِمَا / ليومِ رهانٍ لم يشقَّا غُبَاركَا
تَثَبَّت ولا تَعجَل على مَن تُحِبُّهُ / فَمِثلُك من أولى الرضى وتداركا
فَعَهدِيَ محفوظٌ وحَسبِي بِحفظِهِ / شهادةُ ربٍّ العالمين تبارَكا
أيا حَبَّذَا ذاك العتابُ الذي مَضَى
أيا حَبَّذَا ذاك العتابُ الذي مَضَى / وإن جَرَّهُ واشٍ بزورٍ تَمَضمَضَا
أغارت له خيلٌ فما ذَعِرَت حِمىً / ولكنَّها كانت طلائع للرِّضىَ
تألَّق منه بارقٌ صابَ مُزنَهُ / على معهد الحُبِّ الصميم فَرَوَّضا
تلألأ نوراً للصداقة كالئاً / وإن ضَنَّ سيفاً بالقطيعة منتضا
فإن سوَّدَ الشيطانُ منه صحيفةٌ / أتَى مَلِكُ الرَّحمى عليها فبيّضا
وما كان حبّ أحكمَ الصِّدقُ عقده / ليفسدَهُ سَعيُ الكذوبِ فَيُنقَضَا
أيضغى حبيبٌ صحَّ صدق صفائِهِ / لِنَفثِ حُبابٍ بالأكاذيب نضنضا
أعيد وداداً زاكى القصد وافياً / تخلص من إحسانه فتمخَّضا
ونية صدق في رضى الله أخلصت / سناها بآفاق البَسِيطَةِ قد أضا
مَنِ الآفك الساعي ليُخفِيَ نُورَهَا / أيَخفَى شُعَاعُ الشَّمسِ قد ملأ الفَضَا
وكيف يَحِلُّ المبطلون بإفكهم / معاقد حبٍّ أحكمتها يَدُ القضَا
تعرَّضَ يبغي هَدمَهَا فكأنَّهُ / لتشييد مبناها الوثيقِ تَعَرَّضَا
وحرَّضَ في تنفيرِهِ فكأنَّمَا / على البِرِّ والتسكينِ والحبِّ حَرَّضَا
وأوقد ناراً فهو يَصلَى جَحِيمَهَا / يُقَلِّبُ منها القلبَ في مَوقِدِ الغَضَا
لقد حكم الجبارُ فيما سَعَى لَهُ / بِرَفضِ القَضَايَا رَافِضاً ومحرِّضَاد
بَعَثتَ من الدُرِّ النفيسِ قلائداً / على ما ارتضى حكم المَحَبَّةِ واقتضى
نتيجةُ آدابٍ وطبعٍ مُهَذبٍ / أطالَ مداهُ في البيانِ وأعرضَا
ولا مثل بِكر بَاكَرتَنِي آنفا / كزورة خِلٍّ بعدما كان أعرَضَا
هي الروضةُ الغنَّاء أينعَ زهرُها / تناضرَ حُسناً مُذهباً ومفضَّضا
أو الغادةُ الحسناءُ راقت فينقَضِي / مدى العمر في وصفي لها وما ارتضى
تطابقَ منها شَعرُهَا وجَبِينُهَا / فذا اللَّيلُ مُسوَداً وذا الصُّبحُ أبيضا
أو الشهب منها زينة وهداية / ورجمٌ لشيطانِ إذا هو قَيَّضَا
أتَت ببديعِ الشعر طوراً مصرّحا / بآثارك الحسنى وطوراً معرضا
فهل مع هذا ريبةٌ في مودةٍ / بحالٍ ولو كانت فما أنا معرضا
فثق بولائي إنَّنِي لك مُخلِصٌ / هَوًى ثابتاً يَبقَى فليسَ له انقضا
عليكَ سلامُ اللهِ ما هَبَّتِ الصِّبَا / وما بارقٌ جنح الدُّجنة أو مضا
سَقاني فأهلاً بالسقايةِ والساقي
سَقاني فأهلاً بالسقايةِ والساقي / سلافاً بها قامَ السرور على ساقِ
ولا نُقلَ إلاَّ مِن بدائعِ حكمةٍ / ولا كأس من سُرورٍ وأوراقِ
فقد أنشأت لي نشوةً بعد نشوةٍ / تَمُد بروحانيةٍ ذات أذواقِ
فمن خطِّها الفاني متاع لناظري / وسمعي وحظ الروح من حَظّها الباقي
أعادت شبابي بعدَ سبعين حِجَّةً / فأثوابُهُ قر جُدِّدَت بعد إخلاقِ
وما كنتُ يوماً للمدامة صاحباً / ولا قَبِلتُها قَطُّ نشأةُ أخلاقي
ولا خَالَطَت لحمي ولا مازجت دمي / وقى شَرَّها مولاي فالشكر للواقي
وهذا على عهدِ الشبابِ فكيفَ لِي / بها بعد ماءٍ للشبيبة مهراقِ
وشتان ما بينَ المدامين فاعتبِر / فكم بين إنجاح لسعي وإخفاق
فتلك تهادَى بينَ ظُلمٍ وظُلمَةٍ / وهذي تهادى بين نورٍ وإشراقِ
أيا علمَ الإحسان غيرَ منازع / شهادةَ إجماعٍ عليها وإطباق
قصائِدُكَ الحُسنَى عَلَيَّ تواترت / بخمر من سُحبِ فِكرِكَ غيدَاقِ
خزائنُ آدابٍ بَعَثتَ بشدُرِّها / إلىّ ولم تمنُهن بخشية إنفاق
ولا مثلَ بِكرٍ حُرَّةٍ عربيّةٍ / زكيَّة أخلاقٍ كريمةٍ أعراقِ
فاقسمُ ما البيضُ الحسانُ تَبَرَّجت / تناجيكَ سِراً بين وحي وإطراقِ
بدورٌ بدت من أفق أطواقها على / رياض تَبَدَّت في قضبة ذات أطواق
فناظر منها الأقحوان ثغورها / وقابل منها نرجس سحر أحداقِ
وناسب منها الوردُ خَداً مورّداً / سقاه الشباب النَّضرُ بورك من ساقِ
وألبسنَ من صنعاء وشياً مُنَمنَماً / وحُلِّينَ من دُرٍّ نفائسَ أعلاقِ
بأحلى لأفواهٍ وأبهى لأعينٍ / وَأجلَى لألبابٍ وَأشهَى لعشاقِ
رأيتُ بها شُهبَ السماء تَنَزَّلت / إِليَّ تُحَيِّينِي تحيةَ مشتاقِ
ألا إنَّ هذا السحرَ لا سحرَ بابل / فقد سَحَرَت قَلبِي المُعَنَّى فَمَن راقِ
لقد أعجزت شكري فضائل ماجد / أبرِّ بأحبابِ وأوفَى بميثاقِ
تقاضى ديون الشعر مني منبها / رويدك لا تعجل عليَّ بإرهاق
فلو نُشِرَ الصادان من لحديهما / لإنصافِ هذا الدَّينِ لاذا بإملاق
فلا زلتَ تُحي للمكارِمِ رَسمَهَا / وقدرُكَ في أهلِ العُلاَ والنُّهَى راقِ
أيا زَفرَتِي زِيدي ويا عَبرتِي جُودِي
أيا زَفرَتِي زِيدي ويا عَبرتِي جُودِي / على فاضِلِ الدُّنيا عليِّ بن مسعودِ
على الشامخ الأبياتِ في المجدِ والعُلاَ / على السَّابق الغاياتِ في البأسِ والجودِ
على عُدَّةِ العصرِ التي جَمَعَت إلى / مهابة موهوب طلاقة مَودودِ
على من له في المُلكِ غيرُ منازعٍ / وزارة ميمون النقيبةِ محمود
على من إذا عُدَّ الكرام فإنه / بواجب فضل الحق أول معدود
ومن كعليٍّ ذي الشجاعة والرِّضا / لإصراخ مذعور وإيواءِ مَطرُود
ومن كعليٍّ ذي السماحة والنَّدى / لإسباغِ إنعامٍ وإنجازِ موعودِ
ومن كعليٍّ ذي الرجاحة والنهى / لإفصاح إشكالٍ وإدراك مقصودِ
ومن كعليٍّ للوزارة قائماً / عليها بتصويبٍ عليها وتَصعِيدِ
ومن كعليٍّ للإدارة سالكاً / لها نَهجَ تليينٍ مشوبٍ بتشديدِ
ومن كعليٍّ للسياسةِ منفذاً / أوامرَ تنفيذٍ وأحكام تَوطِيدِ
ومن كعليٍّ في رِضَا الله حاكماً / بإيجاد معدوم ولإعدام موجودِ
ومن كعليٍّ واصلِ الرَّحِمِ التي / تَمُتَّ بتقريبٍ له أو بِتَبعِيدِ
أيا كافىء السلطان كلَّ عظيمةٍ / بآراء تسديدٍ وأعمال تَمهِيدِ
ويا حامِيَ المُلكِ المُشِيدِ بناؤُهُ / بصولة محذور وغرّة مقصودِ
ويا كافِلَ الأيتام يُجري عليهِمُ / جرايةَ نُعمَى بابها غير مَسدودِ
ذكرتُكَ في نادي الوزارة صادعاً / بأمرٍ مطاع حُكمُهُ غير مردودِ
ذكرتُكَ في صدرِ الكتيبةِ قائماً / بخدمةِ مولى بعد طاعةش مَعبُودِ
ذكرتُكَ في المحرابِ والليلُ دامسٌ / تُرَدِّدُ آيَ الذكرِ أطيبَ ترديدِ
ودمعُكَ مُرفضٌ وقلبُكَ واجبٌ / لخشيةِ يوم بينَ عينيكَ مشهودِ
لأظلمت الدنيا عليَّ لفَقدِه / فها أنا أرعاها بمُقلة مَرصودِ
وقلّص من ظل الرَّجاء فراقه / فضلَّ رجائي بعده غير مَمدودِ
وكم سَبحَت فُلكُ المُنى في بحارها / مواخِرَ فاليومَ استَوت بي على الجودِي
وهوَّن عندي كلَّ خَطبٍ مصابُهُ / فَبَعدَ عليِّ لستُ أبكي لمفقودِ
عليه سلامُ اللهِ ما ذرَّ شارقٌ / وما صَدَعَت ورقاءُ في فَرِعِ أملُودِ
وجادت ثَرى اللَّحدِ الزَّكي سحائِبٌ / مجددَّة الرُّحمى بأحسن تجديدِ
رِضَى المَلِكِ الأعلى يَرُوح ويَغتَدِي
رِضَى المَلِكِ الأعلى يَرُوح ويَغتَدِي / على قَبر مَولانا الإمام المؤَيَّدِ
مَقَرُّ العُلى والمُلكِ والبأس والنَّدى / فَقُدِّس من مغنَى كريم ومشهدِ
ومثوى الهدى والفضل والعدل والنهي / فَبُورِكَ مِن مَثوى زكي ومَلحَدِ
فيا عجباً طودُ الوقارِ جلالةً / ثَوى تحتَ أطباقِ الصَّفِيحِ المنَضَّدِ
وواسِطَةُ العِقد الكريم الذي له / مآثُر فخرٍ بين مثنى وموحدِ
محمد الأرضي سَلِيلُ مُحَمَّدٍ / إمامُ الهُدَى نَجلُ الإمامِ مُحَمَّدِ
فيا نُخبةَ الأملاكِ غير منازع / ويَا عَلَم الأعلامِ غير مُفَنَّد
بَكَتكَ بلادٌ كنتَ تحمي ثُغُورَها / بِعَزمٍ أصيلٍ أو برأيِ مُسَدَّدِ
وكم مَعلَمٍ للدين أوضَحتَ رَسمَهُ / بَنَى لك في الفردوسِ أرفَعَ مَصعَدِ
هو البين ظَنا لا لَعَلَّ وَلا عَسَى
هو البين ظَنا لا لَعَلَّ وَلا عَسَى / فما بالُ نَفسي لم تفِض عندَه أسى
وَما لفؤادي لم يَذُب مِنهُ حسرةً / فتبّاً لهذا القلب سُرعانَ ما نَسى
وما لجفوني لا تفيضُ مورداً / منَ الدمعِ يَهمِي تارةً ومورّسا
وما للساني مُفصِحاً بخطابه / وما كان لو أوفى بَعَهدٍ لِيَنبسا
أمِن بعدِ ما أودَعت رُوحِيَ في الثَّرى / ورمّدتُ منِّي فلذة القلب مَرمَسَا
وبعد فراقِ ابني أبي القاسم الذي / كسانيَ ثَوبَ الثَّكلِ لا كانَ مَلبِسَا
أؤَمِّلُ في الدُنيا حياةً وأرتَضِي / مقيلاً لدى أبيَاتِها ومعرّسا
فآهٍ وللمفجوع فيها استراحة / ولا بُدَّ للمصدُورِ أن يتَنَفَّسَا
على عُمرٍ أفنَيتُ فيه بضاعتي / فأسلمني للقبر حَيرانَ مُفلسا
ظَلَلتُ به في غفلةٍ وجهالةٍ / إلى أن رَمَى سَهمَ الفِراقِ فَقَرطسَا
إلى الله أشكو بَرحَ حُزني فإنَّه / تلبّس منه القلبُ ما قد تَلَبَّسَا
وصدمة خَطبٍ نازلتني عَشِيَّةً / فما أغنَت الشكوى ولا نفعَ الأسا
فقد صدَّعت شملي وأصمت مَقاتلي / وقد هَدَّمت رُكنِي الوثيقَ المُؤَسَّسا
ثبتُّ لها صَبراً لشدَّة وقعها / فما زلزلت صَبري الجميلَ وقد رسا
ولكن لها نارٌ يشبُّ وقودها / أبيتُ لها ليل السليم موسوسا
وأطمع أن نَلقَى برحمَتِهِ الرِّضا / وأجزعُ أن نشقى بِذَنبٍ فننكسا
أبا القاسم اسمع شَكوَ والدك الذي / حسا مِن كؤوسِ البينِ أفظَعَ ماحَسا
وقفتُ فؤادي مذ رحلتَ على الأسى / فأشهدُ لا ينفكَ وقفاً محبَّسا
وقطّعتُ أمالي من النَّاس كلِّهِم / فلستُ أبالي أحسنَ المرءُ أم أسا
تواريتَ يا شَمسِي وبدرِي وناظِرِي / فصارَ وجودي مُذ تواريتَ حِندسا
وخلَّفت لي عبئاً من الثَّكلِ فادِحاً / فما أتعب الثَّكلانِ نَفساً واتعسا
فيا غُصناً نضراً ذوى عندما استوى / فأوحشني أضعافَ ما كان أنَّسا
يا نعمةً لمّا تبلّغتها انقضت / فأنعَمُ أحوالي بماعاد أبأسا
فودعته والدمعُ يَهمي سحابه / كما أسلم السلك الفريد المجنَّسا
وقبَّلتُ في ذاكَ الجبين مودَّعاً / لأكرم من نفسي عليَّ وأنفَسَا
فلو أنَّ هذا الموتَ يَقبَل فِديَةً / حبوناه أموالاً كِرَاماً وأنفُسَا
ولكنَّهُ حُكمٌ من اللهِ واجبٌ / يسلم فيه من بخير الورى ائتسى
تَغَمَّدَك الرَّحمنُ بالعفوِ والرِّضا / وكرَّم مثواك الحميدَ وقدّسا
وألفَ مِنَّا الشَمل في جَنَّةِ العُلاَ / فنشرب تسنيماً ونلبس سُندُسا
سَقَتنِي بكأسٍ ظلت منها بنشوةٍ
سَقَتنِي بكأسٍ ظلت منها بنشوةٍ / فيا حَبَّذا سُكرِي بصهبائِها الخل
ألا أيها القلب المعنّى صَبابةً
ألا أيها القلب المعنّى صَبابةً / بربعٍ دريسٍ مُقفِرِ العرصاتِ
تسائل عن سُدى وسَلمى سفاهةً / وقد مَرَّ عنكَ العمرُ في الغفلاتِ
تَنَبَّه فصبحُ الشيبِ قد لاحَ مُنذِراً / أفِق فإلى كم أنتَ في غمراتِ
ولذ بجنابِ المصطفى وكفى بِهِ / محلَّ الرِّضا والفوز والبركات
بأكرم محبوبٍ وأوجهِ شافعٍ / وأفضلِ ماضٍ في الأنامِ وآتِ
وأهدى دليل للسبيلِ التي بها / خلاصكَ يوم الهولِ والحسراتِ
لقد قذفت بالحق والحق دامغ
لقد قذفت بالحق والحق دامغ / وقد حكمت بالعدل والعدل قائم
دنا فتدلّى حيث صلّت وراءه
دنا فتدلّى حيث صلّت وراءه / ملائكة الرَّحمن مثنى وموحدا

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025