المجموع : 36
لهيب جوى قد أضمرته ضلوعهُ
لهيب جوى قد أضمرته ضلوعهُ / وسرّ هوى تمت عليه دموعهُ
وجفن جفاه الغمض شوقا وإنما / لبعد التداني بأن عنه هجوعه
أبى الليل إلا أن يطول وإنما / أبى الصبح أن يجلو الظلام صديعه
وينزل دار ظلت أنشد مهجتي / لديه فحيّت عن جوابي ربوعه
عهدت به شرخ الشباب وعيشة / صفت لي وإذا قلي عديم نزوعه
فأصبح مسلوب العزاء عن الصبا / وعصر الصبى عند الغواني شفيعه
تمنّيت أنّ الطيف زار فأنثني / وقد سرّني منه الفداة صنيعه
قنعت به والحر إن عز مطلب / سيغنيه عن ذل السؤال قنوعه
لئو قر قلب المالكية إنني / غدوت بقلب ليس يهدا ولوعهُ
يقولون لي ألا تجلّدت هل يرى / جليد فتى يبدي هواه هلوعهُ
وقالوا التداني قلت قد حيل دونه / فقالوا التسلي قلت بان جميعه
أعلل قلبي بالأماني وأنثني / حليف ضنى تسكاب دمعي بذيعه
أحبابنا إن كان عهدي مضيّعا / لديكم فعندي عهدكم لا أضيعه
لكم في ضمير القلب ودّ مؤكّد / وودّي قد انقضّت لديكم جموعهُ
هل الدهر يدني منك يا مي مرة / ويفعل بي ما شاء إني أطيعه
لقد ساء بي فعل الزمان فسهمه / رمى فأصاب القلب مني وقوعه
ولكنني في ظل أحمد لم أكن / لأخشى زمانا قد ألمت قطوعه
مليك به جلّت أناس مطيعة / وذلّت أناس أصبحت لا تطيعه
غدا في اقتناء الحمد بالجود جاهداً / وحاز المعالي فالثناء دروعه
فأوردت الآمال ورد نواله / فزاد على ريّ الأماني شروعهُ
فتىً يستقل النجم من جود كفّه / جلالاً وإن أولى الندى لا يشيعه
مليك غدا في جبهة الدهر غرّة / وأشرق في دهر تغشى هزيعه
إذا ما دعا داعي المكارم والعلى / لبذل العطايا الغرّ فهو سميعه
به عاد ممحوا الشريعة واغتدى / به الدين مردوداً إليه مضيعه
بغزوٍ ونسك في انفرادٍ ومجمع / يبيت وخوف الله حقا ضجيعهُ
ففي السلم تلقاه لدى الحق قائما / يجلي الدياجي خوفه وخضوعه
وف الحرب يفري الهام منه بصارم / سلوب نفوس الدارعين لموعه
فأنى يرى يوم الكريهة فارس / صريع المنايا فهو خوفا صريعه
فما ينثني رمح له عن مطاعن / غداة الوغى إلا إليه رجوعه
وما منع الأبطال من دون سيفه / جدار ولا حصن يشاد منيعه
أأحمد مهلا لم يكن في الورى إذا / سواك غدا نحو السماء طلوعه
وماكنه هذا السر سر عزيمة / ولكن سرّ الله فيه قريعهُ
هنيء لهذا الخلق ملك زكت لهم / أصول العلى منه وطابت فروعه
وما الغيث إلا معقب السيل إنه / نتيجة مجد بان منه نصوعه
وبالطائر الميمون عاد زمانهم / ربيعا وإقبال الزمان ربيعه
هو البدر أبدى رونق كالدهر نوره / واشرق في داجي الزمان طلوعه
فللشمس والأفلاك منه مسرّة / وللناس يمن منه لذّ مريعه
عليّ غدا في الفضل مثل سميّه / بقدر سما فوق السماء رفيعه
فهنّئت يا سيف الملوك بمقبل / يبشّر بالإقبال وهو قريعه
فأنت لأبكار المكارم معدن / ولا غرو أن يقفو البديع بديعه
قف العيس هذا ربع سلمى فسلّم
قف العيس هذا ربع سلمى فسلّم / وإن لم تجب رجعا ولم تتكلم
ولكنه عهد الصريم وأهله / تصرّم والأشواق لم تتصرّم
وما الدار إلا بالقطين فإن يبن / أقل لجفوني بعد فرقته اسجمي
لقد علم الجفن المحبين بعدهم / بكاء على الأحباب في كل معلم
عذولي اصح أخبرك بالحب كي ترى / عذيري لقد ألمتيني بالتلوم
أرى الحب في بدء المحبة طعمه / لذيذ وعقباه مرارة علقم
وأوله أن يطمع المرء في الهوى / فتدخله الأطماع تحت التحكم
ألم تر أني ظلت في رسم منزل / أسحّ سحاباً من دموعي ومن دمي
وأندب دارا باللوى غير أنني / اقول لها يا دار سلمى ألا اتتلكي
أيا ساكني أطلال منبج إن لي / إليكم جوى نيرانه في تضرّم
عليّ وقد جرتم مدى البعد لذتي / حرام ورفق العيش غير محرم
وليلي كما نام السليم ولم يجز / بشرع الهوى أن تسفكوا دم مسلم
أرجم في سلمى ظنوني ضلة / وما نافعي من أمر ظن مرجم
أروم الكرى علي أرى زور طيفهم / وما زوره إلا الجفن مهوم
خفوا الله في إظهار ما ظلت جاهدا / من الحب أخفيه لدائي المكتّم
ضننتم بتكليم وقد خالط الهوى / هواكم أضاميم الفؤاد المكلم
كما خالطت نعمى أبي اسحق والندى / بمعظمه روحي ولحمي وأعظمي
فاصبحت مرجوا وقد كنت راجياً / يسير الندى عند البخيل المذمّم
ومذ عمت بحرا من عطاياه أخرجت / له فكري درّ المديح المنظّم
كريم السجايا طاب فرعا وأصله / زكيّ من البيت الرفيع المكرم
سمي خليل اللّه أرسل للهدى / وأرسلت للجدوى بمال مقسّم
رأيت الورى عبّاد أصنام عسجد / فحطّمتها من سيب حور محطم
بك اكتسبت الأيام نورا وقبلها / غدت في دجى ليل من اللوم مظلم
وألقت لك الدنيا مقاليد أمرها / ورحت بعلم بالفواضل معلم
ودبّرت أمرا الملك بالدين والحجا / ورأي اصيل في الملمات محكم
نصرت ابن نصر من حمى الدين ما اغتدى / بعصرك فخذ ولا لدى كل مسلم
وأوقدت نارا للمكارم والعلى / فأسرج كل من غنيّ ومقدم
إذا ادخر المال البخيل فإنما / ذخيرته من كل صيبٍ معظم
وعصمته الذكر الجميل وإنه / حليّ علاً في كل حيد ومعصم
له قلم كلت لهيبته الظبا / إذا ما انتضاه مصلتا فاغر الفم
يفلّ به الجييش اللهام ويغتدى / به كهم في جانبي كل لهذم
فطورا تراه مجتني النحل سائلا / وطورا تراه سائلا سمّ أرقم
إليك وزير الملكِ أعملت همّتي / فعمت بتيّار من الجود مفعمِ
ولم أر أهلا في الأنام سواكمُ / لنظم قريضٍ من فصيحٍ وأعجم
زففت إلى الجدوى كريمة خاطري / هديّا ولم اختر لها غير مكرم
فأنكحتها علياك إذ لم أجد لها / من الناس كفؤا غير مجدك فاعلم
فخذ بكر فكر لا يقوم بمهرها / سواك ولا تسخر به كفّ منعم
أمن منزل بالجق أقوت معالمه
أمن منزل بالجق أقوت معالمه / ففاض بمغناها من الدمع ساجمه
تحمّلت عبئا أم من البين والجوى / غدا القلب والوجد القديم يلازمه
وما الوجد إلا ما عدو الفتى به / إذا آن تفريق الأحبّة راحمه
وما الحب إلا ما يؤنّب غازل / عليه فيعصى أو تلوم لوائمه
وكيف يطيق الصبر صب جفونه / تنم بما يخفيه والقلب كاتمه
ألا قاتل الله الجمال فإنها / أقلّ جمالا مبدعا فيه واسمه
نأت بهم والليل مرح سدوله / بفوديّ حتى أبيض للبعد فاحمه
ولم تدر ليلى ما الهوى وعذابه / ولا علمت منه الذي أنا عالمه
نسيم الصبا بلغ إلى جيرة الغضا / سلام مشوق وجده ما يسالمه
وصف لهم ما بي من الوجد والأسى / وما ضمّنته من فؤادي حيازمه
أول وقد كنت العزيز وكيف لا / يذلّ فتى قاضيه في الحب ظاله
وأعجب ما لاقيت في مذهب الهوى / محب يروم العدل والخصم حاكمه
فيا صاحبي اليوم عوجا لتسألا / فريق الحمى أمن استقلّت عزائمه
وقولا لهم أن ضل بالبعد عنهم / غرام فإنّ القلب مني غارمه
سلوا النجم يخير عن سهادى وموقع / لجفنيّ لم ينجم مع الدهر ناجمه
فأعجب بحب لا يساب بسلوة / لقد عمرت في القلب مني معالمه
لحا الله دهري كيف سلت من النوى / علي لتفريق الجيب صوارمه
وكيف أخاف الدهر في وقع حادث / ملم وابراهيم بالجود حاسمه
وزير رست للملك من طود رأيه / قواعده حين اطمأنّت دعائمه
إذا نظرت آراؤه الأمر أدركت / غرائبه والمشكلات عزائمه
ومالا أحاط العالمون بأسرهم / به فأبوا إسحق بالوهم عالمه
يرى الجود من بعد السؤال مذمّة / فتوليك ما لا ترتجيه مكارمه
وإن ضن صوب الغيث جادت يمينه / على الناس ما لم تستطعه سواجمه
فلو لم يجد شيئا ينيل لقاصد / فبالنفسِ مسرورا بذاك يقال
ففي كل كف من نداه غنائم / وكل مديح فهو لا شك غانمه
به غفرت للدهر كلّ إساءة / وعاد له بالعذر من هولائمه
أبا إسحق شيدت المعالي وفتقت / بجودك عن لب السماح كمائمه
تكفّلت بالمرين رزق وحكمة / ففضلك يمليها وجودك قاسمه
بكفّ يكفّ الخطب عن سوء فعله / وعن بغيه ذ تضمحلّ جرائمه
يقلّ يراعا أسمر اللون أهيفاً / طلاه دما إذا أحسن الوشم واشمه
تقمّص ثوب الحزن من فرح به / فبيّض حظ المرء إذ ذاك فاحمه
إذا ما مضى ردّ القضاء ولم تكن / لتمنع عن غير الولي مظالمه
إليك جمال الدين حثت عزائمي / فهانت بكم من ذا الزمان عظائمه
تجلّ محلي في الأنام فأنثني / وربعي ربيع إذ تجود غمائمه
وقد سرّني لما رأيتك سالما / وعود شبابي أخضر الغصن ناعمه
وما كان لي لولا مزارك بغية / أو ملها إذ شام غيرك شائمه
وما بفنا الحدباء من يرتجي له / سماح يد إلاك إذ أنت حاتمه
فخذها هديّا بكر فكر زففتها / إليك بعرف يملأ الأرض فاعمة
لئن حسنت منها فواتح نظمها / لقد عذبت بالمدح فيك خواتمه
فمتّعت يا خير الورى ببقائها / مع الدهر كي لا تستباح محارمه
إذا بارق من بارقٍ لاح مومضاً
إذا بارق من بارقٍ لاح مومضاً / أضاء فأعزاني بمن حل بالأضا
وإن مرّ خفاق النسيم سألته / يكون بذكرى عندهنّ معرّضا
فلى زفرات أعربت إن في الحشا / لهيبا غدا من دونه لهب الغضا
ولي بين أكناف الحمى ومحجّرٍ / غزال متى ما شاء عافى وأمرضا
متى جئته أبغي التواصل مقبلا / غدا بالتنائي والقطيعة معرضا
وما زال شملي منه بالقرب جامعا / فعاد لشملي بالبعاد مقوّضا
وقاضى الهوى منه عليّ تجبّرا / بحكم التنائي والتباعد قد قضى
يهيّج لي فرط الصبابة والأسى / تذكر عهد من تواصله مضى
عشيّة أضحى بالتداني ووصله / يساعفنا فاستبدل السخط بالرضى
وروض الغني يفترّ عن درك المنى / سقاه التداني عارضا منه فيّضا
ومذ هز لي من أهيف القد ذابلا / وجرّد عضب الجفن بالجفن وانتضى
تيقّنت قتلي منهما غير أنني / أرى طرفه في القتل أضحى محرّضا
وليس رجائب غير قرب محله / أو الجود من كف الوزير أبي الرضا
جرى القدر المحتوم وفق مراده / ووافقته في حسن طاعته الفضا
حمى حوزة المعروف منه بأنعم / يجمود بها حتى لقد ملأ الفضا
وقد كان خطي أسودا فأعاد / ندى كفّه بين البرية أبيضا
إذا جاد أغنى القاصدين وإن سطا / يذلّ له الجبار أو قال أمحضا
وإن أعوز الرأي الرصين لشكل / أطال صواب الرأي فيه وأعرضا
له قلم قد شيّد الملك حدّه / وجمّع أشتات المعالي وروّضا
يردّ ملم الخطب قسرا وطالما / أباد صروف الحادثات وأرفضا
يحطم سمر الخط بالخط بعدما / يفلّ الجراز المنتضى حين ينتضى
إذا ما جرى في حلبة الطرس بالردى / وبذل الندى أولى حقوقا فأوفضا
إليك وزير الملك ألقت جرانها / طلايح عزم عن سواك تقبّضا
أتاك ولم يترك له الدهر حالة / وأمك لما راح في الناس منفضا
وليس عجيب أن ينال بك الغنى / فتى راح في بحر العطايا محوضا
وأنت عليم أنه طول دهره / يمرّ عن الأيّام والناس معرضا
تعلّم منك الناس حلمك والندى / فرحت على كسب البناء مهبضا
وقد فاز من يأتي جنابك إن غدا / إلي مقاليد الأمور مفوّضا
جزى اللّه دهري كل خير فقد غدا / بكم عن جميع الذاهبين معوّضا
إذا شكرت زهر الرياض يد الحيا
إذا شكرت زهر الرياض يد الحيا / فشكري لما أولتني راح أزيرا
وأيّ امرئٍ أثنى عليه وإنني / إذ أعدّ لي فخرا عددت محمدا
ويكفيك شكري إن شكرتك في الورى / فمجد الفتى بالشكر راح مخلدا
ففخرك يا رب المفاخر شائع / بأنك قد قلّدتني منعما يدا
وعندك من غزر المروة شيمة / شريت بها من سائر الناس اعبدا
فقد صرت من حسن الضيقة منكمُ / أحبّك حتى كدت أن
لنا حاكم لم يخلق الله مثله
لنا حاكم لم يخلق الله مثله / بخلق وخلق قد حوى غاية القبح
يضلّ إلى طرق العلى غير أنه / إلى اللوم أهدى من ذباب إلى جزرره
وكنا عملنا للمظفّر دعوة
وكنا عملنا للمظفّر دعوة / ليحضر فيها عندنا يوم الاثنين
فجاء ولكني رأيت عجيبة / أتى أنفه من قبل ذاك بيومين
ببلدتنا الحدباء قاض مدمّغ
ببلدتنا الحدباء قاض مدمّغ / عليه أدلّاء البغاء قواطع
بوا قد ينعت وتطاولت / فهنّ له من أن ينموانع
فراحته في ان يرى فيه عرسه / كذي اله يكوي غيره وهو راتع
منازلهم بين اللوى فالدكادِك
منازلهم بين اللوى فالدكادِك / سقى هاطِل الوسميّ أطلال دارك
وإن ضنّ جود الغيث حينا فجادها / من الجفن صوب العارض المتدارك
ديار نفي عني تذكر عهدها / رقاوى وتذراف الدموع السوافك
عهدت بها البيض الدمى حين أنثني / أميس بصبغ للشبيبة حالك
وروض التصابي بالسرات ناضره / أريض لنا والغيد غير فوارك
إلى أن رمانا الدهر عن قوش صرفه / بأسهم بعد للتداني بواتك
وساروا وقلبي في ركائب عيسهم / ودمعي كنظم اللؤلؤ المتهالك
أنادي بمحاديهم ترفق فإنما / فراق لبيني تاركي في الهوالك
لبيني أضعت العهد مني وخنتني / ودادي فيا للّه ماذا بدا لك
فإن تبخلي بالقرب مني فإنني / قنوع بأن تهدين طيف خيالك
لأيّة حال بالقطيعة والجفا / صرمت حبا لي في الهوى من حبالك
وكيف أمني النفس منك بزورة / وشحط النوى بيني وبين فرارك
ومن لي بطيف منك والشام منزلي / وقد ضربت بالأبرقين قبابك
نأى جلدي لما نا يتم وإنما / فؤاديَ قد خلّفته في رحالك
فإن رشقتني أسهم البين بالنوى / كما رشقتني أسهم من لحاظك
لجأت إلى رب السماحة والندى / سمام العدى ذي المكرمات أتابك
هو الحافظ الحامي من الملك حوزة / بأصناف راي كالقنا الماسلك
إذا سار ما بين الصفوف ترى له / جيوش وغى قد أيّدت بالملائك
به قام هذا الملك حتى توطدت / دعائمه من دون كل الممالك
وفي يده للناس بالباس والندى / أقاليد أبواب التقى والناسك
وعلم إذا جاشت غوارب بحره / يقول الورى ما أن له من مشارك
فأنى امتطى ظهر الجواد لعزمة / وراح أمام الفيلق المتعارك
ترى اسدا من فوق أزرار درعه / سنا قمر بين الظبا والنيازك
أيا رب ذا الملك العظيم ومن له / مغامات صدق في الليالي الحوالك
إذا تليت آيات مجدك في الورى / تضوع بعرف من شذي المسك صائك
لقد راح بالإسلام نحوك فاقة / فعجل بغارات له ومعارك
بآساد موت في ظهور صلادم / تريك لظى من تحت قدح السنابك
فإنّ ثغور الروم تحنو تشوقا / اليك فبادرها بقطع المسالك
أيا سيف ذا الملك الغياثي إنني / جمعت علوما من فنون المدارك
وما كنت أسخي أن ألقب شاعرا / ولكن مدحي فيك لست بتارك
ولم تزل الأيام تزهى بمنصبي / ولكنها الأقدار سدّت مسالكي
وإني لذو حظ إذا جئت مداحا / لعلياك بل ثغر من الدهر ضاحك
لعمرك أضحت للوزير دلائل
لعمرك أضحت للوزير دلائل / كموسى وعيسى فهو يعلو ويعظم
غدا بيمينه بياض وقد أتى / بغير أب فهو الرسول المذمّم
نسيت إلى الحدباء زورا وإنما
نسيت إلى الحدباء زورا وإنما / إلى بعلبك أنت تعزى وتنسب
وقلت ابن موسى أي موسى ادعيته / لامك بعلاء أنت فيه مكذب
وإنك لم تعلم أباك من الورى / فتعزى له يا خزي من ماله أب
دعوا مقلتي تغفي إذا لم يكن وصل
دعوا مقلتي تغفي إذا لم يكن وصل / فما رقدني حرم ولا سهري حل
وإن لم أكن أهلا لما تسمحون به / من الجود والجدوى فأنتم له أهل
هبوا القلب صبرا إن بخلتم بزورة / فكل كريم لا يليق به البخل
فإني غريم للغرام موله / قتيل رمته منكم الحدق البخل
أيا ساكني أطلال جلق إنني / مدى الدهر لا أنسى هواكم ولا أسلو
منعتم عن العين القريحة فاغتدت / تجود بدمع فيضه أبدا هطل
نوالله لا أنفك من بعد بعدكم / تمرّ حباتي إذ غدت قبلها تحلو
وإني وتذكاري لياليا تصرّمت / بقربكم يعتادني للنوى خبل
بعدت عن الأهلين بعد فراقكم / ومالي بعد في هواكم ولا قبل
وصرت عدوّا وبعد ما كنت صاحبا / محبا وفي حبيكم عزني الأهل
سلام إذا هبّت صبا من جنابكم / ينشره بأن البيرق والأثل
تحيّة مشتاق على بعد داره / يرجي لقاكم وهو بالروح لا يغلو
سلوا هل سلا قلبي هواكم وهل به / سواكم وإن لم يبق قلب ولا عقل
سوى رمق إن دام ذا البعد والنوى / قضى وتولى لا فراق ولا وصل
ايا ساكني باب البريد تعطّفوا / على من به عن كل لذاته شغل
يجن إذا ما جن ليل وأنه / قتيل هوى لا يستقاد له قتل
لحا الله قلبي ما أشد حفاظه / أدام له وصل أم أنصرم الحبل
غدا بين حاليه وقد شطت النوى / وسدّت عليه دون وصلكم السبل
يملّ ثواء أن يدوم له النوى / ويرجو لقاء أن يسجتمع الشمل
وما دون ما أمّلته لقائكم / بلوغ منى يدنو ولا أمل يعلو
سوىي جود إبراهيم والملك الذي / فما فرعه الزاكي وقد كرم الأصل
فتى وعرّت طرق المعالي خلاله / على غيره إذ كل وعر له سهل
يجود إذا ما العام أغير مجدب / ويولي العطايا والحيا ليس ينهلّ
خلائق ما تنفكّ تولي فواضلا / تأثّل منها عنده المجد والفضل
ونفس تعاف العار حتى كأنّه / هو الثكل طعما أو غدا دونه الثكل
تجمع فيه العلم والحلم والتقى / وبذل الندى والخير والدين والعقل
فمن حلمه عفو ومن علمه حجا / ومن خيره بر ومن دينه عدل
ومعروفه جم وإحسانه الغنى / وفي ظله أمن وفي نطقه الفصل
فضائل لا تحصى إذا ريم حصرها / ويعجز من إحصاؤه القطر والرمل
به وضحت طرق المكارم والعلى / فما أن له في الناس شبه ولاشك
قؤول فعول للمكارم والندى / سريع وحسن القول أن يحسن الفعل
فيا أيّها المحمود في كلّ موقف / يرى الموت فيه والمثقف والنصل
شددت عرى ذا الدين منك بعزمة / قليل المنايا من وقائعها جزل
وأنقذت أهليه من الخوف والردى / بوقعاتك اللاتي يشيب لها الطفل
ملأت قلوب المشركين مهاية / بباسك حتى قد تغشاهم الذل
وقدت إليهم كل أروع باسل / له نغثات ليس ينفثها الصل
فما فتحت يوم الكريهة مقلة / لدى الروع إلا والسيفو لها كحل
أيا ملكا أدركت ما أرتجي به / وشرفت حتى لي بهام السها تجل
إذا كنت بي برا رؤوفا فإنما / رؤوس الأعادي ل ولم أرضها نعل
فإن تتخذني في الملمات تلقني / عليما بها إن راح غيري به جهل
خبير بما يأتي به الدهر حاذق / وأنفع ما لا تنفع الخيل والرجل
وأبقى لك المجد الرفيع على المدى / بشعر ستبلى بل ستحدى به البزل
فلا تسمعن عني مقالة كاذب / فما طاب إلا من يطيب له الأصل
طويت لكم سر الضمير على وفى
طويت لكم سر الضمير على وفى / يواظبه قلبي بغير تقلّب
فقولي وفعلي صادر عن مودّة / وليس على من ودكم من تعتب
أأبناء شماس إليكم رسالتي
أأبناء شماس إليكم رسالتي / بأنّكم لن تفلحوا أبدا قطّ
تجاوزنكم حسن الثناء وطالما / تجاوزكم دون الورى الخلق السبط
فلا تفررنكم كثرة من أراذل / فمالائق إلا بكم ذلك الرهط
شهرتم بقبح الذكر في كل مجلس / فقولكم فحش وحزبكم الزط
وما ذاك إلا لؤم أصلكم الذي / إلى الغاية القصوى من اللؤم يخط
ترفّق فذا قلب على العذل لا يقوى
ترفّق فذا قلب على العذل لا يقوى / وقد أقفرت من بعد ساكنها حزوى
يراه الجوى حتى استمر مريره / وأي فؤاد للتفرق لا يذوى
إذا خفق البرق الشىمي أوسرى / نسيم الحمى النجديّ هاج له البلوى
شكا بهّه ثم ارعوى عنه قائلا / إلام اشتكائي قد مللت من الشكوى
سلوا ظبيات الجزع من أجزع الحمى / وأطلاءها هل عاينوا الرشأ الأحوى
فمن بعده أنكرت عرفان عيشتي / ومن بعده غصني على جدّة يذوي
أأيامنا إن عاد عيدك مرّة / فمن منة تحوى ومن منة تقوى
وما ذكرتك النفس إلا تولّهت / عليك وكان القلب من جدّة يذوي
ويا حاديا إما مررت بذي الفضا / فرفقا فتلك الدار كانت بها أروى
وكن مسعدا بالربع في فيض عبرة / لعل ثراها بالمدامع أن يرى
فإن حفاظا إن وقفت بدارهم / لتبكي خليطا بأن أو منزلا أقوى
وإن مودات القلوب بواعث / شجا لحبيب أو بكاء على مثوى
وركبٍ سرى والليل مرخ سدوله / يخوض الدجى والهم يحدوهم حدوا
سرى وهو موسوق رجاء كأنما / بأرجائه تبدو لنا ظرها الرجوى
فقلت لهم والصبح افترّ ثغره / وثوب الدجى ما كاد عن جمعهم يطوى
قفوا فتقّي الدين أكرم مرتجى / يؤمّ وجدوى كفه الغاية القصوى
مليك غدا وجه الزمان مهلّلا / ببهجته والدهر يزهى به زهوا
إذا ما ادلهم الأمر يوما فرأيته / بكاد ذكاء يعلم السود والنجوى
كأن على كفّيه صوب غمامة / يصوب الورى بالبشر والعدل والجدوى
سريع إلى الداعي المثوف بالندى / رزين إذا ما خفّ عن حلمه رضوى
ترى نطقه فصلا وروتبه منى / ومجلسه فضلا وشيمته عفوا
إذا رفق المعروف يوما فكلّه / تفيدك من معروفها أبدا صفوا
فأما نحوت العيس تقصد غيره / فأنك طوال الدهر تخبط في عشوا
وما أنصفوه بالتقي لأنه / تجمع فيه العلم والحلم والتقوى
بصير بكسب الحمد حقا فهمّه / إلى نعمة تولى ومكرمة تحو
إذا ما العدى شبّوا ضرام كريهة / على حنق أهدى لهم غارة شعوا
بطعن يبيد الجيش وهو عرمرم / وضرب يريك القرن عن كثب شلوا
ويسقي حديد الهند من مورد الطلى / نجيعا كأنّ السيف في هامهم يروى
فذا المجد لا يفتري منه باطلا / وذا الفضل لا ما أثبتته يد الدعوى
أيا ملكا الزمت نفسي بحبه / على ثقة أن سوف ظهري به يقوى
أرقش من شعرى إليك قصيدة / بها عطش يروي إذا لفظها يروي
وأكتب ما لم تستطعه يد امرئ / وخاطرة ما أنت نعلمه فحوى
وأعلم أصناف العلوم وإنني / افوق بما عاتيته الحضر والبدوا
وتمنحني ذلّا وشخطا وجفوة / يعود بها جسمي حليف الظنى نضوا
وتسمع أقوال الوشاة وخيرهم / لما يغتديه من طعامك لا يسوى
ويقدح في عرضي الا أذل عندكم / ويشتمني من راح من عقله خلوا
إذا لم أكن في بابكم ذا نباهة / فما عيش مثلي عند مثلكم حلوا
وأنبئت أقواما لئاما تعرّضوا / بعرضي وفاهوا في أحاديثهم لعزا
وقد علموا أن ليس تخطي رميّة / سهامي ولا عن كلم أعراضهم تزوى
أنا الأفعوان الصل والضيغم الذي / على كل ذي روح له في الورى عدوى
أروح واعذو في البلاد وإنما / أقل فعالي أن نظمت لهم هجوا
فردّ مغيبي أيّها الملك الذي / نحا من مساعي الجود أشرفها نحوا
ودونك مني مدحة ليس لفؤها / سواك ولا عجب لذاك ولا غروا
لأنك فذّ في المعالي وإنني / لفذّ العاني حين اشدو بها شدوا
إذا اهتزّ للجدوى اهتزاز مهنّد
إذا اهتزّ للجدوى اهتزاز مهنّد / فأيّة وفرٍ لم يذل بالندى الوفر
صفوح عن الجاني وأكرم شيمة / له حين يلقى بالتهلّل والبشر
محبته فرض على كل مسلم / وبغضته في الخلق ضرب من الكفر
وأقسم أن الله يقبل في الورى / شفاعتهُ يوم القيامة في الحشر
ألم تر أن الله أوجب أمرهُ / وأوحى إلينا أن أطيعوا أولي الأمر
فتى ملكه عدل وصحبته هدىً / ورؤيتهُ ريّ ومسعاه في برّ
فمن أنقذ الإسلام بن بعد ما وهى / بهنديّة بيض وخطيّةٍ سمرِ
وىساد غيل في ظهور صلادمٍ / تعدّ العلى في الكر والعار في الفر
وآمن سرب المسلمين وغيرهُ / تقاعس عن ذبء وأعجز عن نصر
ومن جرّ جيش المشرقين بعزمة / أضاءت فكانت للورى سنّة الفجر
وأنقذ دمياطا ومصرا وأهلها / وقد كان أشفى المشركين على مصر
وتعقب عقبان الفلا إثر جيشه / دراكاً على عقبان راياته الصفر
قراهنّ أشلاء الأعادي تؤومها / إذا وضعَ الهنديّ يوما على نحر
وكم وقفة للّه ينجاب ليلها / وقد اسلم الكفار للقتل والأسر
وكم يوم حرب فلّ بالسيف غربهُ / يبِرّ على بدر وناهيك من بدر
وأيّة علم لم يقم حججا على / مسائله مستئجات من الفكر
إذا صرفت للمشكلات وحلّها / قوى نفسه جلّى العظيم من الأمر
تصانيفه في الدين تُعجزُ مالكا / وفي النحو والآداب فاقت أبا عمرو
هناوً بنى بالملك الذي / كسبتم به في الناس فخرا على فخر
وإن كنتم للناس شهر صيامهم / ولكن فيكم ليلة القدر
اليك مليك المسلمين توجّهت / بخائب عزم نهو انعمكم تسري
أبعد انقطاعي تسع عشرة حجّة / إلى بابكم أهدي الثمين من الشكر
أؤمّل ملكا غيركم بمدائح / مهرن فجلّت عن قليل من المهر
نهاني الحجار الشيب عن كلّ فعلةٍ / يهون بها فصلي وينخطّ من قدري
أسيّركم في الأرض شرقا ومغرباً / بمدح ونت عن مثله غاية السعر
يسيربكم إ أنتم آمنو السرى / وتيك مدى الأيام في البدو والحضر
فصن ماء وجهي أن يراق إلى فتى / سواك وبدّل عسر حالي باليسر
فلا انفك هذا الدهر منك متوجاً / بملك مخوف البأس مستنزل البر
بقيت لإبقاء المكارم والندى / وعشت لتعمير السيادة والفخر