القوافي :
الكل ا ب ت ث ج ح خ د ذ ر ز س ش ص ط ع غ ف ق ك ل م ن و ه ء ي
الشاعر : ابنُ هانِئ الأَندَلُسِي الكل
المجموع : 36
هو السيفُ سيف الصِّدق أمّا غِرارُهُ
هو السيفُ سيف الصِّدق أمّا غِرارُهُ / فَعَضْبٌ وأمّا مَتْنُهُ فَصَقِيل
يَشيعُ لهُ الإفْرِنْدُ دَمعاً كأنّمَا / تذكّرَ يومَ الطَّفِّ فهو يَسيل
سَقَتْني بما مَجّتْ شِفاهُ الأراقِمِ
سَقَتْني بما مَجّتْ شِفاهُ الأراقِمِ / وعاتَبَني فيها شِفارُ الصَّوارم
عَدَتنيَ عنها الحرْبُ يُصرَفُ نابُها / وصَلصَالُ رَعْدٍ في زئيرِ الضَّراغم
فكيْفَ بها نَجْدِيّةً حال دونَها / صَعاليكُ نجْدٍ في مُتون الصَّلادم
أتى دونَها نَأيُ المزارِ وبُعْدُهُ / وآسادُ أغْيالٍ وجِنُّ صَرائم
وأشْوَسُ غَيرانٌ عليها حُلاحِلٌ / طويلُ نجاد السيْفِ ماضي العزائم
ولو شِئْتُ لم تبْعُدْ عليّ خِيامُها / ولو طُنِّبَتْ بين النُّجومِ العواتم
وباتَ لها منّي على ظَهْرِ سابِحٍ / أشَمُّ أبيُّ الظُّلْمِ من آلِ ظالم
وأسْهَرَهَا جَرُّ الرّماحِ على الثرى / بأيدي فُتُوِّ الأزدِ صُفْرِ العمائم
فهَلْ تُبْلِغَنّيها الجيادُ كأنّها / أعِنّتُها من طولِ لَوكِ الشّكائم
منَ الأعْوَجيّاتِ التي ترزُقُ الغِنى / وتَضْمَنُ أقواتَ النُّسورِ القشاعم
من اللاّءِ هاجتْ للنّوى أرْيَحِيّتي / وهزّتْ إلى فُسْطاط مصرَ قَوادمي
فشيَّعتُ جيشَ النصرِ تشييعَ مُزْمعٍ / وَوَدّعْتُهُ توديعَ غيرِ مُصارم
وقد كدتُ لا ألوي على مَن تركتُهُ / ولكنْ عَداني ما ثنى من عَزائمي
ولو أنّني استأثرْتُ بالإذنِ وحدَهُ / لَسِرْتُ ولم أحْفِلْ بلومةِ لائم
طَرِبْتُ إلى يومٍ أُوَفّيه حَقَّهُ / لِيعْلَمَ أهلُ الشعرِ كيف مُقاومي
أصَبُّ إلى مِصْرٍ لِساعَةِ مَشْهَدٍ / يَعَضُّ لها غُيّابُها بالأباهم
فإنْ لم أُشاهِدْ يومَها مِلْءَ ناظري / أُشاهِدْهُ ملءَ السمْع ملء الحيازم
وقد صَوّرَتْ نفسي ليَ الفتحَ صورةً / وشامتْهُ لي من غيرِ نظرةِ شائم
كذاك إذا قام الدليلُ لذي النهى / على كوْنِ شيءٍ كان ضربةَ لازم
على أنّني قَضّيْتُ بعضَ مآربي / وأقرَرتُ عيني بالجيوش الخَضارم
وآنَسْتُ من أنصارِ دولةِ هاشمٍ / جَحاجِحَةً تَسْعَى لدولةِ هاشم
ويممت في طرق الجهاد سبيلهم / لأصلى كما يصلون لفح السمائم
وفارقتُهم لا مؤثِراً لفراقهم / ولا مستخفّاً بالحقوقِ اللوازم
فلِلّهِ ما ضَمَّ السُّرادِقُ والتقَتْ / عليه ظلالُ الخافقاتِ الحوائم
فثَمّ مصابيحُ الظّلام وشيعةُ ال / إمامِ وأُسْدُ المأزِقِ المُتَلاحم
وفي الجيش مَلآنٌ به الجيشُ باسطٌ / يَديهِ بقِسطاسٍ من العدل قائم
مُدبِّرُ حَربٍ لا بَخِيلٌ بنفسِهِ / عليها ولا مُستأثِرٌ بالغنائِم
ولا صارِفٌ راياتِهِ عن مُحارِبٍ / ولا مُمْسِكٌ معروفَهُ عن مُسالم
وللصّارخِ الملهوفِ أوّلُ ناصرٍ / وللمُتْرَفِ الجبّارِ أوّلُ قاصم
فلا عبْقَرِيٌّ كان أو هو كائِنٌ / فرَى فَريَهُ في المُعضِلاتِ العظائم
كذلك ما قاد الكتائبَ مثلُهُ / لإنصافِ مظلومٍ ولا قمعِ ظالم
ولم يتَجَمّعْ لامرىءٍ كان قبلَهُ / خِضابُ العَوالي واجتنابُ المآثم
رِضاكَ ابنَ وحيِ اللّهِ عنه فإنّهُ / رَعَى أولياءَ اللّهِ رعْيَ السوائم
إذا اختلفوا في الأمرِ ألّفَ بينهُم / طبيبٌ بأدواءِ النفوسِ السّقائم
فلا رأيُه في حالةٍ يَتْبَعُ الهوَى / ولا سَمْعُهُ مُستَوْقِفٌ للنّمائم
جَزَتْهُ جَوازي الخيرِ عنهُمْ فإنّهُ / سَقاهم بشُؤبوبٍ من العدِل ساجم
فقد سارَ فيهِمْ سيرةً لم يسِرْ بها / من النّاس إلاّ مثلُ كعبٍ وحاتم
أفاءَ عليهم ظِلَّ أيامكَ التي / زُهِينَ بأيّامِ العُلى والمكارم
وما غال جيشَ الشرْق قبلَكَ غائلٌ / ولاسِيّما بعدَ العَطايا الجسائم
وبعدَ صِلاتٍ ما رأى النّاسُ مثلَها / ولا حُدِّثوا في السالفِ المُتقادم
أولئك قوْمٌ يَعْلَمُ اللّهُ أنهم / قدِ اقتَسَموا الدّنيا اقتسامَ المغانم
فكم ألْفِ ألْفٍ قد غدَوا يطَأونها / بأقْدامِهِمْ وطءَ الحصَى بالمناسِم
ولو كنْتُ ممّن يَسْتريبُ عِيانَهُ / ويُدرِكُهُ فيما رَأى وَهْمُ واهم
لحدّثْتُ نفْسي أنّني كنتُ حالماً / وإن لمْ أكُنْ فيما رأيتُ بحالم
فلا يسْألَنّي مَن تخلَّفَ عَنهُمُ / فيَقْرَعَ في آرائِه سِنَّ نادم
لعَمْري همُ أنصارُ حقٍّ وكلُّهُمْ / من المجْدِ في بيتٍ رفيعِ الدعائم
لقد أظهروا من شكرِ نعمةِ ربِّهم / وقائِدِهم ما لسْتُ عنه بنائم
وإنّيَ قد حُمِّلْتُ منهم نَصائحاً / كرائمَ تُهْدى عن نفوسٍ كرائم
إليكَ أميرَ المؤمنينَ حَمَلْتُها / ودائعَ كالأموالِ تحتَ الخواتم
شَهِدْتُ بما أبْصَرتُه وعلِمْتُهُ / شهادَةَ بَرٍّ لا شَهَادَةَ آثِم
فقُمتُ بها عن ألسنِ القوم خُطبَةً / إذا ذُكِرَتْ لم تُخزِهم في المواسم
أصاخَت فقالت وقْعُ أجردَ شَيظمِ
أصاخَت فقالت وقْعُ أجردَ شَيظمِ / وشامَتْ فقالتْ لَمعُ أبيضَ مِخذَمِ
وما ذُعِرَتْ إلاّ لَجْرسِ حُلِيِّهَا / ولا لَمَحَتْ إلاّ بُرىً من مُخدَّم
ولا طَعِمَتْ إلاّ غِراراً منَ الكَرَى / حِذارَ كَلُوءِ العينِ غيرِ مُهَوِّم
حِذارَ فَتىً يَلْقَى الغَيورَ بحتْفِهِ / ويَمْرُقُ تحتَ الليلِ من جِلد أرقَم
وقالت هوَ اللْيثُ الطَّروقُ بذي الغضا / فليسَ حَفيفُ الغِيلِ إلاّ لِضَيغم
يَعِزُّ على الحسناءِ أن أطأ القَنا / وأعثِرَ في ذَيْلِ الخَميسِ العَرَمرَم
تَوَدُّ لوَ انّ الليْلَ كفْؤٌ لشَعْرِها / فيَسْتُرَ أوضاحَ الجَوادِ المُسَوَّم
ولم تَدرِ أنّي ألَبسُ الفَجَر والدُّجَى / وأسفِرُ للغَيْرانِ بعدَ تَلَثُّمي
وما كلُّ حَيٍّ قدْ طَرَقْتُ بهاجِعٍ / وما كلّ ليْلٍ قد سَرَيْتُ بمُظلِم
وكمْ كُرْبَةٍ كَشَّفْتُهَا بثَلاثَةٍ / من الصُّحبِ خَيفانٍ وماضٍ ولهذم
وما الفتكُ فتك الضارب الهامَ في الوغى / ولكنّهُ فَتْكُ العَميدِ المُتيَّم
وبينَ حَصَى الياقوتِ لَبّاتُ خائفٍ / حَبِيبٍ إليه لو تَوَسّدَ مِعْصَمي
جهلتُ الهوى حتى اختبرْتُ عذابَهُ / كما اختبرَ الرِّعْديد بأسَ المُصَمِّم
وقُدْتُ إلى نَفْسي منّيةَ نَفسِها / كما أُحِرقتْ في نارِها كَفُّ مُضْرِم
ومِمّا شَجَاني في العَلاقَةِ أنّني / شَرِبْتُ ذُعافاً قاتِلاً لَذَّ في فمي
رَمَيْتُ بسَهْمٍ لم يُصِبْ وأصابَني / فألقَيْتُ قَوْسي عن يَدَيَّ وأسهمُي
ألا إنّ جِسماً كانَ يَحْمِلُ هِمّتي / تَطاوَحَ في شدْقٍ من الدهرِ أضجَم
ومن عَجَبٍ أنّي هَرمْتُ ولم أشِبْ / ومَن يَلَبسِ الهِجرَانَ والبَينَ يَهرَم
لعَلّ فنىً يقضي لُبانَةَ هالِكٍ / إذا كان لا يقضي لُبانَةَ مُغْرَم
وكم دونَ أرْوَى من كَميٍّ مُلأّمٍ / وشَعْبٍ شَتيتٍ بعدها لم يُلأّمْ
ألا ليْتَ شِعْري هل يروعُ خِيامَهَا / عِثارُ المَذاكي بالقَنَا المُتَحَطِّم
فلو أنّني أسطيعُ أثقَلْتُ خِدرَهَا / بما فوق راياتِ المُعِزِّ من الدّم
منَ اللاّءِ لا يَصْدُرْنَ إلاّ رَوِيّة / كأنّ عليها صِبْغَ خَمْرٍ وعَنْدَم
كأنّ قَنَاهَا المُلْدَ وهي خَوافِقٌ / قُدُودُ المَها في كلّ رَيْطٍ مُسَهَّم
لها العَذبَاتُ الحُمْرُ تَهْفُو كأنّهَا / حَواشي بروقٍ أو ذوائبُ أنجُم
إذا زَعْزَعَتْهُنَّ الرّياحُ تَزَعْزَعَتْ / مَواكِبُ مُرّانِ الوشيجِ المُقَوَّم
يُقَدّمُهَا للطّعْنِ كلّ شَمَرْدَلٍ / على كُلّ خَوّارِ العِنانِ مطَهَّم
كتائب تُزْجي كُلَّ بُهْمَةِ مَعْرَكٍ / أبيِّ الدّنَايا والفِرارِ غَشَمْشَم
فما يشهَدُونَ الحربَ غيرَ تَغَطْرسٍ / ولا يَضرِبونَ الهامَ غير تَجَهضُم
غَدَوْا ناكِسي أبصارِهم عن خَليفةٍ / عليمٍ بسّر اللّهِ غيرِ مُعَلَّم
وروحِ هُدىً في جسم نورٍ يُمِدُّهُ / شُعاعٌ من الأعلى الذي لم يُجَسَّم
ومُتّصِلٍ بينَ الإلهِ وبيْنَهُ / مُمَر من الأسْبابِ لم يَتَصَرَّم
إذا أنْتَ لم تَعْلَمْ حقيقَةَ فَضْلِهِ / فسائِلْ بهِ الوَحْيَ المُنَزَّلَ تَعْلم
على كلّ خَطٍّ من أسِرّةِ وجهِهِ / دِليلٌ لعينِ النّاظِرِ المُتَوَسِّم
فأُقسِمُ لو لم يأخُذِ النّاسُ وَصفَهُ / عنِ اللّهِ لم يُعْقَلْ ولم يُتَوَهَّم
مُقَلَّدُ مَضّاءٍ من الحقّ صارمٍ / ووارثُ مسطورٍ من الآي مُحكَم
ومِدْرَهُ غَيْبٍ لا مُعَنّى تَجَارِبٍ / ولابسُ حِلْمٍ لا مُعارُ تَحَلُّم
غَنيٌّ بما في الطْبعِ عن مُستَفادِهِ / لهُ كَرَمُ الأخْلاقِ دونَ التكرُّم
ودانٍ ولولا الفضْلُ رُدّ جَلالُهُ / إلى غَيرِ مَرْئِيٍّ وغيرِ مُكلَّم
إذا كان منْ أيّامِهِ لكَ شافِعٌ / إلى أمَلٍ فاخْصِمْ به الدهْر واقصِم
إذا أنْتَ لم تْعدَمْ رِضاهُ الذي بهِ / يفوز بنو الدنيا فلستَ بمُعْدِم
إذا لم تُكَرّمْكَ الطِّباعُ بُحبّهِ / فلستَ على ذي نُهْيَةٍ بمُكَرَّم
ألا إنّما الأقدارُ طَوْعُ بَنانِهِ / فحارِبْهُ تُحْرَبْ أو فسالِمْهُ تَسْلم
إمامُ هُدىً ما التفَّ ثوبُ نُبُوّةٍ / على ابن نبيٍّ منه باللّه أعْلم
ولا بَسَطَتْ أيدي العُفاةِ بَنانَها / إلى أرْيَحيٍّ منه أنْدى وأكرَم
ولا التَمَعَ التّاجُ المفصَّلُ نَظمُهُ / على مَلِكٍ منه أجَلَّ وأعْظَم
ففِيهِ لنفسٍ ما استدَلّتْ دلالةٌ / وعِلْمٌ لأخرى لم تُدَبِّرْ فتَعْلم
إذا جَمَحَ الأعداءُ رَدّ جِماحَهُمْ / إلى جَذَعٍ يُزجي الحوادثَ أزلم
فسارَ بهم سَيرَ الذَّلول براكِبٍ / وشَلَّهُمُ شَلّ الطّلِيحِ المُسَدَّم
وأحسبُهُ أوحى بأمْرٍ إلى الظُّبَى / ولو لم يكُنْ ما قلتُ لم تتبسَّم
إذا سارَ تحتَ النَّقْع جَلّى ظلامَهُ / ولو سارَ منه تحتَ أربَدَ أقْتَم
وإن ثَبَّتَ الأقدامَ قَرّتْ قرارَهَا / فكانَ الهِدانُ النِّكسُ أوّلَ مُقْدِم
وتضحكُ سِنُّ الحرْبِ وهي مَلِيّةٌ / لأبْطالها بالمأزِقِ المُتَجَهِّم
فيَغْدوُ عليها فارسٌ غيرُ دارعٍ / ويَرْدى إليها سابحٌ غيرُ مُلجَم
فلا الضّربُ فوقَ الهامِ هَبراً بقاتِلٍ / ولا الطعّنُ في الأحداق شزْراً بمؤلم
أهابَ فهم لا يَظفَرُونَ بخالِعٍ / وجادَ فهم لا يَظفَرُونَ بمُعْدِم
لقد رَتَعَتْ آمالُنَا من جَنَابِهِ / بِغَيرِ وَبِيِّ المَرتَعِ المُتَوَخِّم
بحْيثُ يكونُ الماءُ غيرَ مُكدَّرٍ / لوارِدِهِ والحوضُ غيرَ مُهدَّم
فَشِيموا لَهَاهُ من عطاءٍ ونائِلٍ / إذا شِيمَ نَوْءٌ من سِماكٍ ومِرزَم
ولا تسألوا عن جارِهِ إنّ جارَهُ / هو البَدرُ لا يُرْقَى إليهِ بسلُمَّ
لكَ الدّهْرُ والأيّامُ تجري صرُوفُها / بما شِئْتَ منْ حَتْفٍ ورِزْقٍ مقسَّم
وأنتَ بدأتَ الصّفْحَ عن كلّ مُذنبٍ / وأنْتَ سَنَنْتَ العفْوَ عن كلّ مجْرِم
وكُلُّ أنَاةٍ في مَواطِنِ سُؤدَدٍ / ولا كأناةٍ من قديرٍ مُحَكَّم
ومَن يَتَيَقّنْ أنّ للعَفْوِ مَوضِعاً / من السيْفِ يَصْفَحْ عن كثيرٍ ويَحلُم
وما الرّأيُ إلاّ بَعْدَ طولِ تَثَبُّتٍ / ولا الحَزْمُ إلاّ بَعدَ طولِ تَلَوُّم
رأيتُكَ مَن تَرْزُقْهُ يُرْزَقْ من الورى / دِراكاً ومَن تَحرِمْ من الناس يُحْرَم
ومَن لم تُؤيِّدْ مُلْكَهُ يَهْوِ عَرشُهُ / ومَنْ لم تُثَبِّتْ عِزَّه يَتَهَدَّم
لكَ البِدَراتُ النُّجْلُ من كل طَلقةٍ / عَرُوبٍ كوجهِ الضاحكِ المتبسِّم
كأسنِمَةِ الآبالِ أو كحُدُوجِهَا / فمِن زاهِقٍ عن نِسَعةٍ ومُزَمَّم
متى يَتَشَذّرْ تحتْهَا العُودُ يَتَّئِد / وإنْ يَتَدَافَعْ تحتها الزَّولُ يَدرِم
وكانتْ ملوكُ الأرض تبجَحُ بالقِرى / قِرى المَحضِ في اللأواء غيرِ مُصَرَّم
وتَفْخَرُ أن أعْطَتْ نَجائبَ صِرْمَةً / وما أثّ من بَرْكِ الحِواءِ المصتَّم
فقد تَهَبُ الدّنْيا وأنجُمُ سعْدِها / طوالِعُ شتّى من فُرادى وتَوأم
وما الجودُ جُوداً في سِواكَ حَقيقَةً / وما هو إلاّ كالحديثِ المُرَجَّم
فلو أنّهُ في النّفس لم يكُ غُصّةً / ولو أنّهُ في الطْبع لم يُتَجَشَّم
وجُودُكَ جُودٌ ليسَ بالمالِ وحدهُ / إذا نَهَضَتْ كفٌّ بأعباء مَغْرَم
ولكِنْ به بَدْءاً وبالعيشِ كلّهِ / حميداً على العِلاّتِ غيرَ مُذَمَّم
وبالمجْدِ إنّ المجدَ أجزلُ نائِلٍ / وبالعَفْوِ إنّ العفُوَ أكبرُ مَغنَم
فَمن مُخبري عن ذا العِيان الذي أرى / فإنّ يقيني فيه مثلُ تَوَهُّمي
خَلا منك عصْرٌ أوّلٌ كان مثلَما / نبا السمعُ عن بيْتٍ من الشِّعر أخرم
فأمّا اللّيالي الغابراتُ فأدركَتْ / مَآربَهَا من بهجةٍ وتكرُّم
وأمّا اللّيالي السالفاتُ فقَطّعَتْ / أنامِلَهَا من حَسرَةٍ وتَنَدُّم
ولا عَجَبٌ أن كُنْتَ خَيرَ مُتَوَّجٍ / فجَدُّكَ بالبَطحاءِ خيرُ مُعمَّم
ولم تَلبَسِ التّيجانَ للجِهَةِ الّتي / أرادَ بها الأملاكُ من كلّ جَهْضَم
ولا لاتّقادٍ مِن سَناهَا عَقَدْتَها / ولكن لأمْرٍ ما وغْيبٍ مُكتَّم
إذا كان أمْنٌ يَشْمَلُ الأرضَ كلَّها / فلا بُدّ فيها من دليلٍ مُقَدَّم
وأشْهَدُ أنّ الدّينَ أنْتَ مَنارُهُ / وعُرْوَتُهُ الوُثْقَى التي لم تُفَصَّم
وللّهِ سَيْفٌ ليسَ يَكْهَمُ حَدُّهُ / على أنّه إن لم تَقَلَّدْهُ يَكْهَم
وللَوحْيِ بُرهانٌ ألَدٌّ خِصامُهُ / ولكنّهُ إن لم تُؤيّدْهُ يُخْصَم
وللدّهْرِ سَجْلٌ من حَياةٍ ومن رَدىً / ولكنّهُ من بَطْنِ كَفّيكَ يَنهَمي
فلا تَتَكَلّفْ للخميسِ من العِدى / خَميساً ولكِنْ رُعْهُ باسمِكَ يُهزَم
ومُضْرَمَةِ الأنفاسِ جَمْرٌ وطيسُها / شَرَنْبَثَةِ الكَفّينِ فاغرةِ الفَم
ضَرُوسٍ لها أبْناءُ صدْقٍ تَحُثُّهَا / فمِنْ خادِرٍ وَرْدٍ وأشْجَعَ أيْهَم
رَدَدْتَ رِماحَيْهَا بأوّلِ لحظَةٍ / وزعْزَعْتَ رُكْنَيْها بأوّلِ مَقْدَم
وأرْعَنَ يحْمُوم كأنّ أديمَهُ / إذا شُرِعَتْ أرماحُهُ ظَهرُ شَيهَم
هَريتُ شُدوق الأُسْدِ يُطوَى عجاجه / على عَنْقَفيرٍ يأكلُ الناسَ صَيلَم
فأركانُهُ مِن يذْبُلِ وعَمَايَةٍ / وأعلامُهُ مِن أعفُرٍ ويَلَملَم
إذا أخذَتْ أعلامُه صَدْرَ مِقْنَبٍ / رأيتَ شَرَورَى تحتَ نخلٍ مكَمَّم
أُسِفَّ عليهِ المِسكُ والنَّقْعُ مثلما / أُسِفَّ نَؤورٌ فوقَ جِلْدٍ مُوَشَّم
يسيرُ رُوَيْداً في الوَغى وحَديدُهُ / يسيلُ ذُعافاً وهْوَ غَيرُ مُسَمَّم
فما تَنْطِقُ الأرماحُ غيرَ تَصَلْصُلٍ / ولا تَرْجِعُ الأبْطالُ غيرَ تَغَمْغُم
فيَملأ سَمْعاً من رواعِدَ رُجَّفٍ / ويملأ عَيْناً من بوارِقَ ضُرَّم
غِطَمٌّ خِضَمُّ المَوج أورَقُ جَحفَلٌ / لُهامٌ كمِرْداةِ الصّفيحِ المُلَملَم
كأنّ عليه اليَمَّ باليَمِّ تَنْكَفي / غَوارِبُهُ واللّيْلَ بالليلِ يَرتَمي
فلا راجِعٌ باللأمِ غيرَ مُبتَّكٍ / ولا بحَبيكِ البَيضِ غيرَ مُهَدَّم
ولا بنَواصي الخيلِ غيرَ خضِيبَةٍ / ولا بحَديدِ الهِندِ غيرَ مُثَلَّم
رفعْتَ على هامِ العدى منه قَسْطَلاً / خَضَبْتَ مَشيبَ الفجرِ منه بعِظلِم
وغادَرْتَ صِبغاً من نجيعِ دمائِهم / على ظُفُرِ النّصْلِ الذي لم يُقَلَّم
لديكَ جنُودُ اللّهِ منْها رُجُومُهُ / فمن مارِجٍ نارٍ وكِسْفٍ مُضَرَّم
تقودُهُمُ في الجيش والجيشُ مَنسَكٌ / وكُلٌّ حَجيجٌ مِن مُحِلٍّ ومُحْرِم
كما سار في الأنصار جَدُّكَ من مِنىً / وقادَ الحواريّينَ عيسى بنُ مريم
فلا مُهْجَةٌ في الأرضِ منكَ مَنيعَةٌ / ولو قطَرَتْ من رِيقِ أرقطَ أرقَم
ولو أنّها نِيطَتْ بمِخْلَبِ قَسْوَرٍ / ولو أنها باتَتْ على رَوْقِ أعصَم
لقد أعذَرَتْ فيكَ الليالي وأنْذَرَتْ / فقُلْ للخطوبِ استَأخِري أو تقدَّمي
قُصاراك مَلْكُ الأرضِ لا ما يَرَوْنَهُ / من الحظّ فيها والنَّصِيبِ المُقَسَّم
ولا بدّ من تلكَ التي تجمعُ الوَرى / على لاحِبٍ يَهْدي إلى الحَقّ أقوَم
فقد سئِمَتْ بِيضُ الظُّبى من جفُوُنها / وكانتْ متى تألَفْ سِوَى الهام تَسْأم
وقد غَضِبَتْ للدّينِ باسطَ كَفّهِ / إليهِنّ في الآفاقِ كالمُتَظَلِّم
وللعَرَبِ العَرْباءِ ذَلّتْ خدُودُهَا / وللفَترَةِ العَمْياءِ في الزّمَنِ العَمي
وللعِزّ في مِصرٍ يُرَدُّ سَريرُهُ / إلى ناعِبٍ بالبَينِ يَنْعِقُ أسْحَم
وللمُلْكِ في بغدادَ أن رُدّ حُكمُهُ / إلى عَضُدٍ في غَيرِ كَفٍّ ومِعْصَم
إلى شِلْوِ مَيْتٍ في ثيابِ خليفةٍ / وبضع لحام في إهاب مورم
فإن يكن العبد اللئيم نجاره / فما هو من أهْلِ العِراقِ بألأم
سَوامٌ رِتاعٌ بينَ جَهْلٍ وحَيرَةٍ / ومُلْكٌ مُضاعٌ بينَ تُرْكٍ ودَيْلَم
كأنْ قد كشَفْتَ الأمرَ عن شُبُهاتِهِ / فلم يُضْطَهَدْ حَقٌّ ولم يُتَهَضّم
وفاضَ دماً مَدُّ الفُراتِ ولم يَجُزْ / لِوارِدِهِ طُهْرٌ بغَيرِ تَيَمُّم
فلا حَمَلَتْ فُرسانَ حرْبٍ جِيادُهَا / إذا لم تَزُرْهُمْ من كُمَيتٍ وأدهَم
ولا عَذُبَ الماءُ القَراحُ لِشارِبٍ / وفي الأرضِ مَرْوانِيّةٌ غيرُ أيِّم
ألا إنّ يوْماً هاشميّاً أظَلَّهُمْ / يُطيِرُ فَراشَ الهامِ عن كل مِجثم
كيوْمِ يَزيدٍ والسّبايا طَريدةٌ / على كلّ مَوّارِ المِلاطِ عَشَمْشَم
وقد غَصّتِ البَيْداءُ بالعِيسِ فوقَها / كرائِمُ أبناءِ النّبيّ المكَرَّم
ذُعِرْنَ بأبناءِ الضّبابِ وأعْوَجٍ / فأبْكَينَ أبناءَ الجَديلِ وشَدْقَم
يَشُلّونَها في كُلّ غاربِ دَوسَرٍ / عليهِ الوَلايا بالخِشاشِ مُخَزَّم
فما في حَريمٍ بعدَهَا منْ تَحَرُّجٍ / ولا هَتْكُ سِترٍ بعدَها بمحَرَّم
فإنْ يَتَخَرّمْ خيرُ سبطَيْ مَحمّدٍ / فإنّ وليّ الثّارِ لم يَتَخَرَّم
ألا سائِلُوا عنهُ البَتْولَ فتُخبَرُوا / أكانَتْ لهُ أُمّاً وكان لها ابنَم
ألا إن وتراً فيهم غير ضائع / وطلاب وتر منكم غير نوم
فلمْ يَبقَ للمِقدارِ إلاَّ تَعِلّةٌ / لديكَ مَداها فاحسِمِ الدّاءَ يُحسَم
ولم يبْقَ منهُمْ غيرُ فَقْعٍ بقَرقَرٍ / أذَلَّ من العَفْرِ الذّلِيلِ وأرغَم
سيُوفٌ كأغمادِ السّيوفِ ودولَةٌ / تَثَنّى دلالاً كالقضيب المُنَعَّم
فتَمْشونُ في وَشيِ الدّروعِ سوابغاً / ويمَشونَ في وَشيِ الُبرودِ المُنَمنَم
وإنّا وإيّاهُمْ كَمَارِنِ نَبْعَةٍ / تَهَضّمَ نَجمْاً من يَراعٍ مُهَضَّم
وما عاثَ فيهِمْ مِقْوَلٌ مثلُ مِقوَلي / ولا لاحَ فيهم مِيسَمٌ مثلُ مِيسَمي
وأولى بلَوْمٍ من أُمَيّةَ كُلّها / وإن جَلّ أمْرٌ من مَلامٍ ولُوَّم
أُناسٌ هُمُ الدّاءُ الدّفينُ الذي سَرَى / إلى رِمَمٍ بالطَّفِّ منكم وأعظُم
هُمُ قَدَحُوا تِلكَ الزّنادَ التي وَرَتْ / ولو لمْ تُشَبَّ النّارُ لم تَتَضَرّم
وهُم رَشّحُوا تَيْماً لإرْثِ نَبيّهِمْ / وما كانَ تَيْمِيٌّ إليهِ بمُنتَم
على أيّ حُكْمِ اللّهِ إذ يأفكونَهُ / أُحِلَّ لهم تقديمُ غيرِ المُقدَّم
وفي أيّ دِينِ الوَحيِ والمُصْطَفَى لَهُ / سَقَوْا آلَهُ ممزوجَ صابٍ بعَلقَم
فما نَقَموا أنّ الصّنيعَةَ لم تكُنْ / ولكنّها منهم شَناشِنُ أخْزَمْ
وتاللّهِ ما للّهِ بادَرَ فَوتَهَا / ذَوُو إفكِهم من مُهْوَإٍ أو مُنَقَّم
ولكِنّ أمراً كانَ أُبْرِمَ بَيْنَهُمْ / وإن قالَ قوْمٌ فَلتَةٌ غيرُ مُبْرَم
بأسْيافِ ذاكَ البَغْي أوّلَ سَلَّهَا / أُصِيبَ عليٌّ لا بسيْفِ ابنِ ملجم
وبالحِقْدِ حِقْدِ الجاهِلِيّةِ إنّهُ / إلى الآنَ لم يَظْعَنْ ولم يَتَصَرَّم
وبالثّارِ في بَدْرٍ أُرِيقَتْ دِماؤكُمْ / وقِيدَ إليكُمْ كلّ أجْردَ صِلدِم
ويَأبَى لكُم من أن يُطَلّ نَجِيعُها / فُتُوٌّ غِضابٌ مِنْ كمِيٍّ ومُعْلِم
يَرِيعُونَ في الهَيجا إلى ذي حَفيظَةٍ / طويلِ نِجادِ السيْفِ أبلَجَ خِضرم
قلِيلِ لِقاءِ البِيضِ إلاّ منَ الظُّبَى / قليلِ شَرابِ الكَأسِ إلاّ منَ الدّم
فطَوْراً تَرَاهُ مُؤدَماً غيرَ مُبْشَرٍ / وطوْراً تَراهُ مُبْشَراً غيرَ مُؤدَم
وكُنتُمْ إذا ما لم تُثَلَّمْ شِفارُكمْ / عِلمنا بأنّ الهامَ غيرُ مُثَلَّم
سبقْتُمْ إلى المَجْدِ القديمِ بأسْرِهِ / وبُؤتُمْ بِعادِيٍّ على الدّهرِ أقدَم
وليسَ كما أبْقَتْ ضُبَيْعَةُ أضْجَمٍ / وليسَ كما شادَتْ قبائلُ جُرْهُم
ولكِنّ طَوداً لم يُحَلْحَلْ رَسِيُّهُ / وفارعَةً قَعْساء لم تُتَسَنَّم
إذا ما بِناءٌ شادَهُ اللّهُ وَحْدَهُ / تَهَدّمَتِ الدّنْيا ولمْ يَتَهَدّم
فمُكْبِرُكُمْ للّهِ أوّلٌ مُكْبِرٍ / ومُعْظِمُكُمْ للّهِ أوّلُ مُعْظِم
تَمُدّونَ منْ أيْدٍ تَغَيَّمُ بالنّدَى / إذا ما سَماءُ القوْمِ لم تَتَغَيّم
ألا إنّكُمْ مُزْنٌ من العُرْفِ فائِضٌ / يُرَدُّ إلى بحْرٍ من القُدْسِ مُفْعَم
كأنّكُمُ لا تَحْسَبُونَ أكُفّكُم / تُفيضُ على العافي إذا لم يُحَكَّم
فلا صَفَدٌ منكُمْ إذا لم يكُنْ غِنىً / ولا مِنّةٌ طَوْلٌ إذا لم تُتَمَّمَ
بِكُمْ عَزّ ما بَينَ البَقيعِ ويَثرِبٍ / ونُسِّك ما بَينَ الحَطيمِ وزمزم
فلا بَرِحَتْ تَترَى عليكمُ من الوَرى / صَلاةُ مُصَلٍّ أو سَلامُ مُسَلِّم
لئن كانَ لي عن وُدّكُم مُتأخَّرٌ / فما ليَ في التّوحِيدِ من مُتَقَدَّم
مدَحْتُكُمُ عِلْماً بما أنَا قائِلٌ / إذا كان غَيري زاعِماً كُلًّ مَزْعَم
ولو أنّني أجري إلى حيْثُ لا مدى / من القوْلِ لم أحْرَجْ ولم أتَأثّم
لكم جامعُ النُّطْقِ المُفَرَّقِ في الورى / فمِن بينِ مشْرُوحٍ وآخَرَ مُبْهَم
وفي النّاسِ عِلْمٌ لا يَظُنّونَ غَيرَهُ / وذلكَ عُنْوانُ الصّحيفِ المُختَّم
إذا كانَتِ الألْبابُ يَقْصُرُ شَأوُهَا / فظُلْمٌ لِسِرِّ اللّهِ إنْ لم يُكتَّم
إذا كانَ تَفْريقُ اللُّغاتِ لِعِلّةٍ / فلا بُدّ فيها من وَسيطٍ مُتَرجِم
وآيَةُ هذا أن دَحَا اللّهُ أرْضَهُ / ولكنّهَا لم تُرْسَ من غيرِ مَعلَم
ولم يُؤتَ مَرْءٌ حِكمَةَ القولِ كلَّها / إذا هُوَ لم يَفْهَمْ ولم يَتَفَهّم
لكَ الفَضْلُ حتى منك لي كلُّ نعمَةٍ / وكُلُّ هُدىً ما كُلّ هادٍ بمُنْعِم
وإنّي وإنْ شَطّ المَزارُ لَراجِعٌ / إلى وُدّ قلْبٍ في ذراك مُخَيِّم
بأنْصَحَ من جَيبِ المحِبّ على النّوَى / وأطْهَرَ من ثَوبِ الحَرامِ المُهَيْنِم
وضِعْفُ الذي جَمجَمْتُ غيرَ مُصَرِّح / من الشكْرِ ما صَرّحْتُ غير مجَمجِم
وأُقْسِمُ أني فيكَ وحدي لَشيعَةٌ / وكنْتُ أبَرَّ القائِلينَ بمُقْسَم
ولولا قَطِينٌ في قَصِيٍّ منَ النّوَى / لما كان لي في الزّابِ من مُتَلَوَّم
وفي ذَمَلانِ العِيسِ كِلْتَا مَآربي / إذا أرْقَلَتْ بي من أَمُونٍ وعَيْهَم
فمنها إذا عَدّتْكَ شِيعَةُ رِحْلَتي / ومنها إذا أمّتْكَ شِيعَةُ مَقدَمي
وأينَ تكونُ الأرحَبِيّةُ في السُّرَى / وشَدْوِي على كِيرانِها وترَنُّمي
إذا لم أُجاوِزْ فَدْفَداً بعْدَ فَدْفَدٍ / إليكَ وأطْوي مَخْرِماً بعد مَخْرِم
وخَيرُ ازديارٍ غِبُّهُ وعلى النّوَى / يُحَجُّ إلى البيْتِ العَتيقِ المُحَرَّم
وعِنْدي على نأيِ المَزارِ وبُعْدِهِ / قصائِدُ تَشْرَى كالجُمانِ المُنظَّم
إذا أشْأمَتْ كانَتْ لُبانَةَ مُعْرِقٍ / وإن أعْرَقَتْ كانَتْ لُبانَةَ مُشئم
تَطَاوَلُ عن أقْدارِ قَوْمٍ جلالَةً / وتَصْغُرُ عن قَدْرِ الإمام المعظَّم
وأيَّ قَوافي الشعرِ فيكَ أحُوكُهَا / وما تركَ التّنزيلُ من مُتَرَدَّم
ولوْ أنّ عُمْري بالِغٌ فيكَ هِمّتي / لَثَقّفْتُ بَيتاً ألفَ عامٍ مُجَرَّم
أُسيءُ ظُنوني بالثّناءِ وأنتَحي / لِذَمّ ثنائي وهو غيرُ مذمّم
كمَنْ لامَ نَفْساً وهي غَيرُ ملُومَةٍ / وأُفْحِمَ ظَنّاً وهو ليس بمُفحم
ولمّا تَلَقّتْكَ المَواسِمُ آنِفاً / تَرَبّصْتُ حتى جئتُ فَرداً بمَوسم
لِيَعلَمَ أهْلُ الشّرْقِ والغَرْبِ أنّني / بنفسيَ لا بالوفدِ كان تَقَدُّمي
تَظَلّمَ مِنّا الحِبٌّ والحُبُّ ظالِمُ
تَظَلّمَ مِنّا الحِبٌّ والحُبُّ ظالِمُ / فهل بينَ ظَلاّمَينِ قاضٍ وحاكمُ
وفي البَينِ حَرْفٌ مُعجَمٌ قد قرأتُهُ / على خدّهَا لو أنّني منه سالم
وقد كانَ فيما أثّر المِسكُ فوقَهُ / دلِيلٌ ومن خَلْفِ الحِدادِ المآتم
لَياليَ لا آوي إلى غَيرِ ساجِعٍ / ببَينِكِ حتى كلُّ شيءٍ حَمائم
ولمّا التَقَتْ ألحاظُنا ووُشاتُنا / وأعلَنَ سِرُّ الوَشيِ ما الوَشيُ كاتم
تأوّهَ إنْسِيٌّ منَ الخِدْرِ ناشِجٌ / فأسْعَدَ وَحْشيٌّ من السِّدْرِ باغم
وقالت قَطاً سارٍ سمعتُ حَفيفَهُ / فقلتُ قلوبُ العاشِقينَ الحوائم
سَلُوا بانَةَ الوادي أأسماءُ بانَةٌ / بجَرعائِهِ أمْ عانِكٌ مُتَراكم
وما عَذُبَ المِسواكُ إلاّ لأنّهُ / يُقبّلُهَا دُوني وإنّي لَراغِم
وقلتُ له صِفْ لي جَنى رَشَفاتِها / فألثَمَني فاها بما هو زاعم
إذا خُلّةٌ بانَتْ لَهَوْنا بذِكْرِهَا / وإنْ أقفَرَتْ دارٌ كَفَتنا المَعالم
وقد يَستفِيقُ الشوْقُ بعد لَجاجِهِ / وتَعْدَى على البُهم العِتاقِ الرواسم
خليليّ هُبّا فانصُراها على الدّجى / كتائبَ حتى يَهزِمَ الليْلَ هازم
وحتى أرى الجَوزاءَ تنثُر عِقدَهَا / وتَسقُطُ من كفّ الثريّا الخواتم
وتغْدُو على يحيَى الوُفودُ ببابِهِ / كما ابْتَدَرَتْ أُمَّ الحَطيم المَواسم
فتى المُلْكِ يُغْنِيهِ عن السيْفِ رأيُهُ / ويَكفِيهِ من قَودِ الجيوش العَزائم
فلا جُودَ إلاّ بالجَزيلِ لآمِلٍ / ولا عَفْوَ إلاّ أن تَجِلّ الجَرائم
أخو الحْربِ وابنُ الحرْبِ جرّ نجادَه / إليها وما قُدّتْ عليه التّمائم
أُمَثّلُهُ في ناظِرٍ غَيرِ ناظِري / كأنّيَ فيما قد أرى منه حالم
وليس كما قالوا المنيّةُ كاسمِها / ولكنّها في كفّهِ اليومَ صارم
ويَعدِلُ في شَرْقِ البِلادِ وغَربها / على أنّهُ للبِيضِ والسُّمْرِ ظالم
تَشَكَّينَ أن لاقَينَ منه تَقَصُّداً / فأينَ الذي يَلقَى الليوثُ الضراغم
ولو أنّ هذا الأخرسَ الحيَّ ناطِقٌ / لَصَلّتْ عليكَ المُقْرَباتُ الصَّلادم
وما تِلكَ أوضاحٌ عليها وإن بَدَتْ / ولكنّما حَيّتْكَ عنها المَباسم
تمشّتْ شموسٌ طَلْقَةٌ في جُلودهَا / وضَمّتْ على هُوجِ الرياح الشكائم
تُعرِّضُها للطّعْنِ حتى كأنّها / لها مِنْ عِداهَا أضلُعٌ وحَيازم
وتطعنهم لم تَعْدُ نحراً ولَبّةً / كأنّكَ في عِقْدٍ من الدُّرّ ناظم
وكم جَحفلٍ مَجْرٍ قرعتَ صَفاتَهُ / بصاعقَةٍ يَصْلى بها وهي جاحم
أتَتْكَ به الآسادُ تُبْدي زئيرَهَا / فطارَتْ به عن جانبَيكَ القشاعم
أتَوكَ فما خَرّوا إلى البِيض سُجّداً / ولكنّما كانَتْ تَخِرُّ الجماجم
ولو حاربتْكَ الشمسُ دونَ لقائِهم / لأعْجَلَها جُنْدٌ من اللّهِ هازم
سبقْتَ المَنَايا واقعاً بنفوسِهِم / كما وقعَتْ قبلَ الخوافي القوادم
تَقودُ الكُماةَ المُعْلِمينَ إلى الوَغَى / لهمْ فوقَ أصْواتِ الحديدِ هَماهم
غَدَوْا في الدّروعِ السابغاتِ كأنّما / تُديرُ عُيوناً فوقهُنّ الأراقم
فليسَ لهم إلاّ الدّماءَ مَشَارِبٌ / وليسَ لهمْ إلاّ النفوسَ مطاعم
يَوَدّونَ لوْ صِيغتْ لهم من حِفاظهمْ / وإقدامهم تلكَ السّيوفُ الصّوارِمُ
ولوْ طَعَنَتْ قبلَ الرّماحِ أكُفُّهُمْ / ولوْ سَبَقَتْ قبل الأكفّ المَعاصمُ
رأى بكَ ليثُ الغابِ كيفَ اختضابُه / من العَلَقِ المُحمَرِّ والنّقعُ قاتِمُ
وجرّأتَهُ شِبْلاً صغيراً على الطُّلَى / فهل يشكرَنّ اليوْمَ وهوَ ضُبارِمُ
وعلّمتَهُ حتى إذا ما تمَهّرَتْ / بهِ السِّنُّ قلْتَ اذهبْ فإنّك عالم
ستَفخَرُ أنّ الدّهْرَ ممّنْ أجَرْتَهُ / وأنّ حَيَاةَ الخلْقِ ممّا تُسالم
وأنّكَ عن حَقّ الخلافةِ ذائدٌ / وأنّك عن ثَغْرِ الخلافَةِ باسم
وأنّكَ فُتَّ السابقينَ كأنّما / مَساعِيك في سُوقِ الرّجالِ أداهم
مَرَيْتَ سِجالاً من عِقابٍ ونائلٍ / كأنّكَ للأعمارِ والرّزقِ قاسم
وأمّنْتَ من سُبْلِ العُفاةِ فجدَّعتْ / إليك أُنوفَ البِيدِ وهي رواغم
وأدْنَيْتَها بالإذْنِ حتى كأنّمَا / تَخَطّتْ إليكَ السيْفَ والسيْفُ قائم
وتنْظُرُ عُلْواً أينَ منكَ وُفودُها / كأنّكَ يومَ الركْبِ للبرقِ شائِم
فلا تَخذُلِ البَدْرَ المُنيرَ الّذي بهِ / سَرَوا فله حَقٌّ على الجودِ لازم
أيأخُذُ منه الفَجرُ والفَجرُ ساطِعٌ / ويثبُتُ فيهِ الليلُ والليلُ فاحم
علوتَ فلولا التاجُ فوقك شكَّكتْ / تميمُ بنُ مُرٍّ فيكَ أنّك دارم
وجُدْتَ فلوْلا أنْ تَشَرّفَ طَيّءٌ / لقد قال بعضُ القوم إنّكَ حاتم
لك البيتُ بيتُ الفخرِ أنْتَ عَمودُهُ / وليس له إلاّ الرّماحَ دعائِم
أنافَ به أنْ ليس فوقكَ بالِغٌ / وشيّدَهُ أنْ ليسَ خلفَكَ هادم
وما كانتِ الدّنْيا لتحمِلَ أهلَهَا / ولكنّكُم فيها البحورُ الخَضارم
فمَهْلاً فقد أخرستمُونَا كأنّما / صَنائعُكُمْ عُرْبٌ ونحنُ أعاجِم
فلا زالَ مُنهَلٌّ من المجدِ ساكبٌ / عليكَ ومُرفَضٌّ من العزّ ساجِمُ
فثَمّ زَمانٌ كالشّبيبَةِ مُذْهَبٌ / وثَمّ لَيالٍ كالقدودِ نواعِمُ
وللّهِ دَرُّ البَينِ لولا خليفَةٌ / تخلّفني عنكم وحَبْلٌ مُداوِمُ
ودَرُّ القُصورِ البِيضِ يَعمُرُ مُلكَها / ملوكُ بني الدّنيا وهنّ الكَرائِمُ
وأنتَ بها فارْدُدْ تحيّةَ بعضنا / إذا قَبّلتْ كَفّيكَ عنّا الغمائمُ
ولوْ أنّني في مُلْحَدٍ ودَعَوتَني / لقامَتْ تُفَدّيكَ العِظامُ الرمائم
تحَمّلْتَ بالآمالِ إذ أنتَ راحِلٌ / وأقْبَلْتَ بالآلاءِ إذ أنْتَ قادم
مَددتَ يداً تَهمي على المُزنِ مِن عَلٍ / فهل لك بحرٌ فوقها مُتلاطِم
هو الحوضُ حوض اللّهِ من يكُ وارداً / لقد صَدَرتْ عنهُ الغيوثُ السّواجم
فإن كان هذا فِعْلُ كفّيكَ باللُّهى / لقد أصْبَحَتْ كَلاًّ عليكَ المكارم
ثَوَتْ مُضَرُ الحمراءُ تحتَ طِرافِها
ثَوَتْ مُضَرُ الحمراءُ تحتَ طِرافِها / وقالتْ نِزارٌ يا ربيعةُ ألجِمي
وقَدّمَ بَكْراً سعيُها قبل تغلبٍ / وقالا لشَيبانٍ جميعاً تَقَدَّمي
لكم فارعٌ لم يَبلُغ النجمُ ظِلَّهُ / وشاهِقَةٌ قَعْساءُ لم تُتَسَنّم
نَظَرْتُ كما جَلّتْ عُقابٌ على إرَمْ
نَظَرْتُ كما جَلّتْ عُقابٌ على إرَمْ / وإنّي لَفرَدٌ مثل ما انفرَدَ الزَّلَمْ
بمَرْقَبَةٍ مثلَ السِّنانِ تَقَدّمَتْ / خياشِيمُهُ واستُرْدِفَ العاملُ الأصَمّ
فلا قُلّةٌ شَهْبَاءُ إلاّ رَبَأتُهَا / ولا عَلَمٌ إلاّ رقَأتُ ذُرَى العَلَم
فقلتُ أدارُ المالِكِيّةِ ما أرى / بأسفَلِ ذا الوادي أم الطَّلْحُ والسلَم
وأكذَبَني طَرْفي فخَفّضْتُ كَلْكَلاً / وأطْرَقْتُ إطراقَ الشجاع ولم أرِم
فلمّا أجَنّ الشمسَ رَيبٌ من الدُّجى / ولفَّ سوامَ الحَيّ سَيْلٌ من العَتَم
عرفْتُ دِيارَ الحَيّ بالنّارِ للقِرَى / تُشَبُّ وبالأنجوجِ يُذكَى ويَضْطرَم
وأرعَيْتُها سَمْعي وقد راعَني لها / صَهِيلُ المَذاكي قبلَ قَرقرةِ النَّعَم
فلمّا رأيتُ الأفقَ قد سارَ سِيرَةً / مجوسِيّةً واسحنْكَكَ اللوح وادلهمّ
ولم يَبْقَ إلاّ سامِرُ الليلِ هادِرٌ / من البُزلِ أو غِرّيدُ سِرْبٍ من البَهَم
طرقْتُ فتاةَ الحيّ إذ نامَ أهلُهَا / وقد قامَ ليلُ العاشقينَ على قَدَم
فقالتْ أحَقّاً كلما جئتَ طارقاً / هتكتَ حجابَ المَجْدِ عن ظبية الحرَم
فسكّنْتُ من إرْعادِهَا وهْيَ هَونَةٌ / ضَعيفةُ طَيّ الخَصرِ في لحظِها سَقَم
أضُمُّ عليْهَا أضْلُعي وكأنّهَا / من الذُّعْرِ نَشْوَى أو تطَرّقَها لَمَم
أمِيلُ بها مَيْلَ النّزيفَةِ مُسْنِداً / إلى الصّدرِ منها ناعمَ الصّدر قد نجَم
ولم أنْسَها تَثني يدَي بمُطَرَّفٍ / لطيفٍ على المِسْواك مُختضِبٍ بدَم
فبِتُّ أُداري النفسَ عمّا يُريبُهَا / ونامَ القَطا من طُولِ لَيلي ولم أنَم
ولم أنسَ منها نَظرةً حينَ ودَّعَتْ / وقد مُلِئَتْ دَلوُ الصّباح إلى الوَذَم
أُنازِعُها باللَحْظِ سِرّاً كأنّمَا / تعلّمَ منها اللحظُ ما نَسيَ القَلَم
وقدْ أحْكَمَ الغَيرانُ في سوءِ ظَنّهِ / فما شَكّ في قَتلي وإن كان قد حَلُم
فباتَ بقلْبٍ قد تَوَغّرَ خِلْبُهُ / عليّ وشُبّتْ نارُهُ ليَ واحْتَدَم
وأقبَلَ يَسْتافُ الثّرَى من مَدارِجي / ومَسْحَبِ أذيالي على الرُّغْلِ واليَنَم
فما راعَهُ إلاّ مكانُ تَوكّؤي / على سِيَةِ القوسِ المُغَشّاةِ بالأدَم
ومَسقطُ قِدْح من قِداحي على الثّرَى / ومُنْقَدُّ ذَيْلٍ من ذُيولي على الأكَم
وقد صَدّقَتْ ما ظنَّ نَفحَةَ عازِبٍ / من الرّوضِ دَلّتْهُ على الطارقِ المُلِمّ
يُطيفُ بأطنابِ القِبابِ مُسَهَّداً / فيَنشَقُ ريحَ اللّيثِ والليثُ في الأجَم
لَدَى بِنْتِ قَيْلٍ قد أجارَتْ عميدَها / فكَفّتْ عميدَ الحّي عنْهُ وإن رُغم
وتَقْنى حَياءً أن يُلِمّ بخِدْرِهَا / فتَنْفِيه عنّا هيبةُ المجدِ والكرَم
فبِتْنا نُناجي أُمّهاتِ ضمِيرِهِ / وقد مَلّ من رَجمِ الظنونِ وقد سَئِم
هَتكتُ سُجوفَ الخِدرِ وهو بمَرصَدٍ / فلمّا تَعَارَفْنَا هممتُ به وهَمّ
فبادَرْتُ سَيفي حينَ بادَرَ سيْفَهُ / فثارَ إلى ماضٍ وثُرتُ إلى خَذِم
ونَبّهَ أقصَى الحيّ أنّي وتَرتُهُم / وقد علّ صَدُر السيفِ من ماجِدٍ عَمَم
فما أسْرَجُوا حتى تَعَثّرْتُ بالقَنَا / ولا ألجَموا حتى مَرَقْتُ من الخِيَم
ومِن بَينِ بُرْدَيَّ اللذينِ تراهُما / رقيقُ حواشي النفس والطبْع والشّيَم
يَسيرُ على نَهْجِ ابنِ عَمْرٍو فيَقْتَدي / بأروَعَ مجْموعٍ على فَضْلِهِ الأُمَم
ألا أيها الوادي المقدّس بالندى
ألا أيها الوادي المقدّس بالندى / وأهل الندى قلبي إليك مشوق
ويا أيّها القصر المنيف قبابه / على الزاب لا يسدد عليك طريق
ويا ملِكَ الزاب الرفيعَ عمادُه / بقيتَ لجمع المجد وهو فريق
على مالك الزاب السلام مردّدا / وريحان مسك بالسلام فتيق
خليل من يهدي إليه تحيتي / سقاه الحيا الوسميّ وهو غريق
فما أنس لا أنسَ الأمير إذا غدا / يروع بمرأى ملكه ويروق
ولا الجود يجري في صفيحة وجهه / إذا لاح من ذاك الجبين شروق
وهزَّتَه للمجد حتى كأنما / جرت في سجاياهُ العِذابِ رحيق
كثيرُ دليلِ الخيرِ في الوجهِ واضحٌ / جميلُ المحيا واللسانُ طليق
أما وأبي تلك الشمائل إنها / دليل على أن النجارَ عتيقُ
فكيف بصبر النفس عنه ودونه / من الأرض مغبر الفجاج عميق
وموحشة الأقراب يبدو سرابها / كما قُيِّدت بين الفِحَالَةِ نوق
حلفت له بالراقصات يهزُّها / إلى اللَه وخدٌ دائم وعنيق
لقد بات يسري في جنوبك لابسا / لعزمك طَبُ بالجياد رفيق
فسار وسارت لفه وأمامه / غمائم نصر تحتهنّ شروق
وتسعةُ آلاف عليها عجاجة / مسوّمة راياتهنّ خفوق
شهاب من الهيجا بكفّك ثاقب / له خلف أفواه الدروب طريق
إذا كذب الناس اللقاء فعنده / يقين كفرقان الكتاب صدوق
عجبت لمن حال الرجال بقربه / ومن ظنّ أن العائقات تعوق
إذا طاعة الأعداء لم تشف صدره / شفاه صبوح من دم وغبوق
به عرفت تلك الأعاريبُ قهرَها / فلا مارق يُخشَى عليه مَروق
فقد غدتِ الآجام وهي حدائق / وعاد زئير الليث وهو شهيق
سننتَ ليحيى سُنَّةً يقتدى بها / ففت ومنه في الأمور لحوق
كأنّك منه قيدَ مرأى ومسمَعٍ / وإن هزَّهُ قلبٌ إليك خفوق
يراك أمام الجيش حتى كأنه / حُذياكَ ثاوٍ أو إليكَ لصيق
فلا هو عن مرآك فيه مغيَّبٌ / ولا هو عن ذكراك فيه مُفيق
ويرضيك منه قلبُ الأمر حولٌ / فتوق لما يُعيي الأنامَ رَتُوق
أمنت على يحيى العدوّ ولم يكن / ليرفَعَ في ربّ العُقابِ أنوقُ
هو المرء لا ينفك يرحب ذرعه / لذا الروعِ ما دام المِكر يضيق
فتى لا يصير الغمضُ بين جفونه / ولا طعمه في ناظريه يروق
إذا الدرعُ ذابت في الهجير حسبته / بفيءٍ له بين الفُرات حديث
كأن عليه من أذى القيظ كلَّةً / تُزَرّ إذا ما اشتدّ منه ودوق
تفوق وتعلو أنت باللَه وحدَه / وباسمك يعلو قدرُه ويفوق
إليك أجاب الشرق عن صافناته / وعنه جوادٌ في الجياد عريق
من الدهم ورد اللون شيبَ بكمتةٍ / كما شيب بالمسك الفتيق خلوق
فلو ميز منه كلُّ لون بذاته / جرى سَبَجٌ منه وذاب عقيق
تهلّل مصقول النواحي كأنّه / إذا حال ماء المسك فيه غريق
إذا جئته من خلفه وأمامه / تثاءب ضرغام وشال فنيق
له منخر لا يملك البُهرُ أمره / ولا مسرح الأنفاس فيه يضيق
وينصب للهيجاء سمعا كأنه / سنان عتيد للطعان ذليق
وينظر من عيني رؤوم على طلا / تراعيه بالوعساء فهوَ يروق
ويخطو على صمّ خفاف وقوعها / ثقيلٌ يُردّ الصخرَ وهو فليق
تنافسُ فيه أعينٌ ومسامعٌ / وتكبو رياح خلفه وبُروق
فإما تشاهده يجاري فإنه / سينشقُّ عنه النقعُ وهو سبوق
أما وأبي الطرقِ المجنبِ إنه / حريٌّ بأن يحظى لديك خليق
فلا يشربنَّ الماء وهو مكدرٌ / ولا لبن الكوماءِ وهو مذيق
أأوصي به من علم الناس برها / ولا يتقفى البرَّ منه عقوق
هو المكرم الخيلَ الكريمَ نجارُها / وفارسُها والمشرفي دلوق
ومسكنُها الآطام وهي مشيدةٌ / وملحفها القومي وهو أنيق
وناتجُها تعزى إليه إذا اعتزت / عناجيج جردٌ كلهن عتيق
ألا أيها الحقّ المبين الذي انتحى / على باطل الأيام فهو زهوق
تعودَ عاداتٍ من الخير كلُّها / بعيد على من أمهنّ سحيق
فمنهن منعُ الجار حتى كأنما / له في ذرى المزن الكنهورِ نيق
ونصرك للحقّ الذي أنت أهله / وعونك للملهوف وهو رهيق
وإن سبقت منك المواعدُ أنجزَت / وإن أخذ الميثاق فهو وثيق
إذا فارق المرءُ الرفيعُ مكانُه / فليس له إلا عليك طريق
فمن كان لا يرعى بقربه ذمةً / فأنت أخٌ للابعدين شقيق
رأيتُ جميعَ الناس عندك أسوةً / وإن كان فيهم كاشح وصديق
كأنك من كلّ الطباع مركب / فأنت على كلّ العباد شفيق
وكنت يدَ المنصور منصورِ هاشمٍ / لذا البطش إذا أيدي الفوارس سوق
حسام وغاه إذا غدا ومجنَّه / إذا خيف من ريب الزمان طروق
وما كنت إلا البدر يوري بك الدجى / وقد عمّ آفاق البلاد غسوق
رمى بك آسادَ الأسنة والقنا / وقد فغرَت منهُم إليك شُدوق
هو الشعب إذ لم تملك القول ألسن / وإذا لم تسغ برد الشراب حُلوق
فكن كيف شاء الناس أو شئت كائنا / فليس لسهم الملك غيرك فوق
ولا تشكر الدنيا على نيل رتبة / فما نلتها إلا وأنت حقيق
رضى الله في ذا السخط منك على اللهى / فلا شيء في الدنيا أراك تُليق
وآليت لا آلوك شكرا على التي / غدت لي وسقا زيد فيه وُسوق
وإن أكفر النعمى وألقاك مثقلا / بأعبائها إني إذن لسروق
أأنساك إذ لا يسمع الصوت نبأة / وإذ أنا مغشي عليّ صعوق
وإذ أنا لم تنهض بجسميَ قوّة / وإذ لم يُبَلَّل من لساني ريق
وأخلفتني إذ لا يد المُزنِ سمحةٌ / علي ولا قلب الزمان رفيق
وكم لك عندي من يد يمنية / لها حسَبٌ في المكرمات عريق
وما عابَها من نائبات وعُود / سوى انني في بحرهنّ غريق
فإن كنتَ بالإحسان لا بدّ مُغرقي / فلا يلقينِّي البحرُ وهو عميق
يكلّ لساني عنكمُ وهو صارم / حسام وينبو الفكر وهو دقيق
بحقّكمُ أن تملكوا الناس أعبُدا / سواء رقيق منهمُ وعتيق
فأنتم نقلتم شيمةَ الدهر راغما / وشُدّ بكم فيه ثأى وفتوق
فثقف حتى ليس فيه تأوّد / وطهر حتى ليس فيه فسوق
لكم أحكَمَت حوكَ الجلابيب عبقَرٌ / ونسجَ سَلُوقي الحديد سَلُوق
ولا ضيرَ في أن تحسدوا إن ذلكم / ليجمل في عليائكم ويليق
وما ضركم من حاسديكم على العلى / وأيامكم تحدو بهم وتسوق
قضى الله أن يرعى الأنامَ حقوقَكم / وليس عليكم للأنام حقوق
لقد كرُمَت أحسابُكم ونفوسُكم / وطابت فروع منكمُ وعروق
بأكثبة الدهناء منهم منازل
بأكثبة الدهناء منهم منازل / وأندية يغدو عليها المقاول
تنافس أيّام المكارم بينها / بألسنة يهتزّ منها مناصل
ندامى الندى والخمر تسعى عليهمُ / بأزلامهم لُعس الشفاه عقائل
وفي الحيّ بيضاء التراقي كأنّها / صفيحة هنديّ جلاها الصياقل
تميمية لم يعرف الذلّ قومُها / ولا نكباتِ الدهر وهي غوائل
وفي قضُب الخطّي يهتزّ حولها / مَشابهُ من أعطافها وشواكل
أبيت لها في مثل هميّ وشعرِها / من الليل أسري والمطايا ذوامِلُ
ومن حبّها أني أكتِّم حبها / وأنّي بها صبٌّ كأنّيَ ذاهل
أُداري الهوى عنها وأخضع للعدى / وأخشى عليها ما تجرّ الغوائل
وقد جعلت تبأى علينا بقومها / وفي وجهها شغل عن الفخر شاغل
فقلت لها صه يا ابنة القيل إننا / بنو المجد نرمي دونه ونناضل
وإنا لمن قوم همُ ورثوا العلى / على حين لم تخلق تميمٌ ووائلُ
ألم تر أن الناس في كلّ موطن / تحلّ حلول الموت فيها الصّواهل
إذا ما كميٌّ لم يجد طرقَ دِرعه / ولم يدر يومَ السيف أين الحمائل
وإنا لنعظي يعرباً حقّ يعرب / وإنا سوانا من سواها الأباطل
وهبنا تركنا أن نعدّد ما خلا / وسارت به منّا القرون الأوائل
أليس لنا في عصرنا من ملوكنا / من الفخر ما نعلو به ونطاول
لنا مثل يحيى والبريّة كلّها / له خول حتى الملوك العباهل
فتى لو ترى الأنواء في الجود رأيه / لما انجاب غيمٌ عن قرى الأرض هاطل
ولو صالت الأسدُ الغضاب مصالَهُ / لما امتنعت منها الجيوش الجحافل
ولو فصل الله الحكومةَ فصلَه / لما اختلفت بالمشكلات الأقاول
ولو علم الناس الخفيّات مثله / لما كان في الأرض العريضة جاهل
به نصرةُ الأحساب إن قام داغِلٌ / يفاخره أو ذو لسان يجادل
فلو لم يكن في مفخر غيرُ حبّه / كفاني إذا التفّت عليّ المحافل
وإنّي له من أسعد الناس كلهم / لئن لم تحاربني عليه القبائل
ستنظم لي فيه نزارٌ مكايدا / ويحسدني عاف عليه ونائل
إذا كنتَ مدّاحَ الملوك فمثله / وإلا فلم تلهج بما أنت قائل
فما الصدق كل الصدق إلا مديحه / وإلا فإن القولَ إفكٌ وباطل
ولا الناس في كنه الحقيقة غيرُه / ولا بعده إلا السوام القلائل
فمن كان منهم عاجزا فهو قادر / ومن كان منهم ناقصا فهو كامل
فلا جالت الفرسانُ إلا لنصره / ولا حملتها المقرباتُ الصواهل
ولا قلّبت تلك السلاح أكفُّها / ولا وصلت تلك الأكفَّ الأنامل
ألا إنما أنت الحياة لعاقل / وإلا فما للعيش بعدك طائل
وكل مليك غيرك اليومَ سُوقةٌ / وكل جواد غيرَك اليوم باخل
لقد جمع اللَه العلى لك كلها / وتمت لعصر أنت فيه الفضائل
وأدرك راج منك ما هو طالب / وأعطيَ دهرٌ منك ما هو آمل
ودارت رحى الهيجا عليك بأسرها / ولاذت بحقويك القنا والقنابل
فتضربهم ما دام للسيف قائم / وتطعنهم ما دام للرمح عامل
كأنك تعتد الوشيج حدائقا / مفوفة تستنُّ فيها جداول
أو الخمر صرفا ما يمجّ لك الطلى / أو المسكَ ما تسفي عليك القساطل
وأنت ربيع الناس والجيش نازل / وأنت قريع الجيش والجيش راحل
فلا حيةٌ إلا لها منك قاتل / ولا أسدٌ إلا له منك آكل
لقد دام من والاك في ظل غبطة / وأمُّ الذي يشقى بسُخطك هابل
وما لامرئٍ من خوف بأسك مهرب / ولكنما الدنيا عليه حبائل
رضاك رضى الدنيا إذا هي أقبلت / وسخطك سخط الدهر والدهر غائل
وحربك حربٌ ليس يصلى بنارها / وأمرك أمر للفرائض هائل
نظرت فما للملك غيرك حازم / لبيب ولا في الناس غيرَك عاقل
ولا في بلاد الله غيرك معقل / لحر إذا ما قيل أين المعاقل
وأقسم ما في غير نفسك منة / لمجد ولا في طبع غيرك نائل
بهذا ألاقي الله يوم لقائه / وهذا هو الحق الذي أنا قائل
وإن كنت قد حسنت ظني بالورى / وغير الورى من حسن ما أنت فاعل
تريع ولم يعطفك غيرك عاطف / وتعطي ولم يسألك غيرك سائل
وما يبتغي العافي لديك وسيلة / إذا ابتغيت عند الملوك الوسائل
شهدت ولم أكتمكها من شهادة / بأنك للدنيا وللدين كافل
وأنك أوفى العالمين بذمة / وأطولهم باعا إلى ما تحول
وأسمحهم كفا إذا جاد جائد / واربطهم جأشا إذا صال صائل
فما للواء الدين غيرك رافع / ولا لقناة الدين غيرَك حامل
ولا بارق من غير بشرك لامع / ولا عارض من غير كفّك هامل
فمن كان مسبوقا فإنك سابق / ومن كان مفضولا فإنك فاضل
إذا طلب الجهالُ يوما دلائلا / على الشمس لم تُطلب عليك دلائل
صغائر افعال الملوك عظائم
صغائر افعال الملوك عظائم / وأعراسها في الناكثين مآتِمُ
هو الملك ما أدراك ما الملك دونه / تمرّ حلاوات وتحلو علاقم
ولولا ركوب الليل لم يبلغ الضحى / ولولا الرزايا لم تصحَّ المكارم
بلى ربما ساد امرئ من يسوده / وقام بأمر القوم من لا يقاوم
ولكن يبين الصبح من حالك الدجى / ويغرفُ من نزر المياه الخضارم
ويخشى الفتى من بأسه قبل باسه / وقد تتقى قبل العضاض الأراقم
وما كل من هزّ السيوف مُضاربٌ / ولا كلُّ من لاقى الكماة مصادم
وكل امرئ كان المعزّ إمامَهُ / يضيم ولا يهدي له الضيمَ ضائمُ
فقل لبني العبّاس ردّوا مظالما / فقد آن منكم أن تردّ المظالم
وإلا فردوا للمعز وسالموا / فأسلم أعداء المعزّ المسالم
وما ينقضي حلي الخواتم منكم / وليس لمقطوع اليدين خواتم
لبستم ثياب الملك وهي عمائم / وكيف على الأقزام تلوى العمائم
ألم تأتكم أنباؤه وسماته / على أوجه الأيّام منها مياسم
وحسنُ معانيه التي لو تجسّمت / غدت وهي من حسنٍ خرود نواعمك
وما هد أرض الروم منه وقلقلت / بنا ملكهم من خوفه والدعائم
فجاؤوه من شتى مقرٌّ ومرسلٌ / وفادٍ ومفديٌّ وراض وراغمُ
فألفوه لا الدنيا تميل به ولا / كرائم ما تحوي عليه كرائم
وأشجعهم في مجلس الملك ناطق / وأبينهم في هيبة الملك سالم
وأشجع من عين رأته فلم تَجُد / حشاشةُ نفس أمسكتها الحيازم
ولولا دفاع الأصر عن مهجاتهم / لخانتهمُ أقدامهم والقوائم
فما ظنُّكم ان أيقظ العرض سيفه / إذا كان هذا فعلَهُ وهو قائم
وقالوا بهم فاغمد حسامك جُنّة / فقلت لهم إن السيوف تمائم
وما ضرّ ذا حقّ أباطلُ خصمه / إذا كانت الأقدارُ عنه تُخاصم
وكل بناء أسس البغي أسه / يتاح له من كفّ بانيه هادم
بني الدولة الغراء شيموا سيوفكم / فإني لها الملكَ العراقيَّ شائم
وعزما فقد تعمى عيونُ صيرة / إذا لم يكن كحلَ العيون العزائمُ
فعن معصم الرأي المعزّيّ بطشُكم / وهل تبطش الراحات لولا المعاصم
ولولا هرقل لم يعد ساطعُ الهدى / ولا زال ليليٌّ من الكفر فاحم
فليس الورى منه ولا هو منهمُ / وإن جمعت بين الفروع الجرائم
وقد يدرك الشيئين مشتبهين من / جهات ومنها قائم البغي نائم
وليس من الآنس البهائم إن جرت / مع الإنس في معنى الحياة البهائم
أألله لا تنفكُّ هادمَ عسكر / كأن الذي عبّوا إليك الهزائم
بكلّ بلاد جرّ جيشُك ذيلَه / معالم من أحوالهم لا عوالم
كأن لم يروا فيها لغيرك رايةً / ولا سُمِعت فيها لجيش هماهم
وما من قليل سُدتَ أبناءَ هاشم / وإن كان منهم سادةٌ وأكارم
وفي الجسم أشياءٌ حسانٌ وإنّما / تُخَصُّ بحُسن اللثم منها المباسم
بمصرٍ صبابات إليك وطالما / صرمتَ ولهفي من حبيبٍ يصارم
فروِّ صداها من جيوشك إنّما / هي القلب مهجوراً وهنّ الضراغم
وناد فإن لم تسعَ نحوك أرجُلٌ / سعت طاعةً عنها إليك الجماجم
وما بعدت غايات طاغٍ مصارم / إذا امتُطِيت يوما إليه الصَّوارمُ
فيا ظالم الأموال كيف قدرت أن / تضاف إلى الإنصاف واسمك ظالم
غرُبت ولم تغرب وبنتَ ولم تَبِن / فكلّ ضميرٍ جاهلٍ بك عالمُ
كلّ بليغ في صفاتك أعجَمٌ / وكلُّ ملومٍ في نوالك لائم
فلو تقدر الألفاظ أكثر تَرجمت / ولكنّ هذا ما تُطِيقُ التراجِمُ
شكا ما شكوتُ الرُّمحُ والنصلُ والسهمُ
شكا ما شكوتُ الرُّمحُ والنصلُ والسهمُ / سلاحُكَ مجموعاً يُؤلفُهُ نظمُ
أخوكَ الذي تحنُو عليكَ ضُلُوعُهُ / وما عِندَهُ ممَّا علمتَ لهُ علمُ
سوى أن أحسسَّت ما بنفسكَ نفسُهُ / ودُونَكُما البيداءُ والأجبلُ الشُّمُّ
ألا هكذا فيسعدِ الصنوُ صِنوَهُ / فذا سيِّدٌ ندبٌ وذا سيدٌ قَرمُ
ولم يشكُ ذا حتى شكا ذاكَ قبلَهُ / وعاودَ ذا ممَّا تطرَّقَ ذا سُقمُ
ألا انظر إلى الأشياءِ كيفَ تنازَعَت / وكيفَ يدقُّ الفهمُ عنهنَّ والوهمُ
وما افترقا حتَّى يُقالَ تشابَهَا / بلِ امتزَجَ التركيبُ والدَّمُ واللحمُ
وما هو إلا شقَّةٌ منكَ إن شكا / شكوتَ على هذا جرى القدرُ الحتمُ
ولا عجبٌ من كونِ ذا واتفاقهِ / فروحاكما رُوحٌ وجسماكُمَا جِسمُ
إذا شِدتَ مَجداً شادَهُ وأتَمَّهُ / وَمِثلُكَ بانٍ لَيسَ يَخلِفُهُ هَدمُ
ألا بِكُمُ يَسمُو إلى العُلو من سما / وأنتُم نظامُ المُلكِ ما طَلَعَ النجمُ
بكم يُتأسَّى في العُلا وإليكُمُ / يُشَارُ وعنكُم يُؤخَذُ العَزمُ والحَزمُ
فلا بَرَقَت أيدي الحوادثِ بَينَكُم / ولا جازَ للدُّنيا على حُكمِكُم حَكمُ
برئتُ إلى الطنبورِ مما جنيتهُ
برئتُ إلى الطنبورِ مما جنيتهُ / عليهِ وان أذنب فمنهُ التعمُّدُ
وهل كنت الا كالخليّ من الهوى / أصابَ حمامَ الأيكِ وهو يُغرّدُ
مررتُ على أسرابِ طيركَ وقفاً
مررتُ على أسرابِ طيركَ وقفاً / فأرسلتُ عقباني إليها تصيدُها
فلم تُغنِ عنها في اللقاءِ صفوفُها / ولم تُغنِ عنها في البراز رُدُودُها
أكُرُّ على ما فرّ منها كأنَّني / أكرُّ على فرسان حَربٍ أذُودُها
فأذكرتني ما قال عاشقُ خِلَّةٍ / بَرى جسمَه هجرانُها وصدودُها
فلو أنَّ ما أبقيت مني مُعلَّقٌ / بعُودِ ثُمامٍ ما تأوَّدَ عُودُها
ثلاثُ خِصَال سُدتُ بها عَشيرَتي
ثلاثُ خِصَال سُدتُ بها عَشيرَتي / وَمن لم تَكُن فيه فَليسَ بِسَيِّدِ
فهُنَّ إذا واخيتُ صِرفُ مَوَدَّتي / وَجودُ يَميني وامتداحُ مُحَمَّدِ
أيا ابن ابي زمورٍ الماجدَ الذي
أيا ابن ابي زمورٍ الماجدَ الذي / تَبَدَّل كي يُنسى فلم يَكُ مَنسيا
تَبَدّلَ من جامِ الكَنيفِ بقربَةٍ / وكان طعاميا فَعادَ شرابيا
على نفرٍ ضربُ المئينَ ولم أزَل
على نفرٍ ضربُ المئينَ ولم أزَل / بِحَمدِكَ مثلَ الكسرِ يُضرَبُ في الكسرِ
وقد كان لي منه شفيع مشفع
وقد كان لي منه شفيع مشفع / به يمحق الله الذنوب ويغفر
فهل يقبل الصوم الذي أنا صائم / لبعدي عنه أو أثاب فأوجر
لقد ود هذا الشهر أن دام سرمدا / عليك دراكا يتبع العصر أعصر
كما ود هذا الشهر لو لم يفز به / سواك حنيف في العباد مطهر
وجددته وهو الجديد بقاؤه / وواصلت منه كل ما كنت تهجر
وانك لو لم تعتد لبنائه / بنته الليالي والقضاء المقدر
لئن كان اكبارا يعظم شأنه / فكل عظيم عند قدرك يصغر
فما للعلى من خلفه متقدم / وما للعلى من بعده متأخر
كأن الكحيل الجون والروض وقد / مجامره مسك عليها وعنبر
وأكثر من ألبانها من يخصها / اذا جاءها عاف من الناس مقتر
يفرقها في الجود ألفا لواحد / ورعيانها فيها وما ينتظر
وما مثلها مما تعاظم في الندى / ولا غيرها مما يقل ويكثر
فيا مالكا لم يعلم الناس كنهه / وفي خلقه علم عليه مستر
ويا شرفا لا يستخص قبيله / ويا مثلا في الغابرين يسير
أرى الناس أفواجا أليك كأنما / من الزاب بعث أو من الزاب محشر
لأنت لمن قد مزق الدهر شمله / ومعشره بالبين أهل ومعشر
وما للندى والبذل تمدح انما / مدحناك للحق الذي ليس ينكر

المعلومات المنشورة في هذا الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الموقع إنما تعبر عن رأي قائلها أو كاتبها كما يحق لك الاستفادة من محتويات الموقع في الاستخدام الشخصي غير التجاري مع ذكر المصدر.
الحقوق في الموقع محفوظة حسب رخصة المشاع الابداعي بهذه الكيفية CC-BY-NC
شبكة المدارس الإسلامية 2010 - 2025