المجموع : 46
إلامَ أُرى نفسي سرابا من الوهم
إلامَ أُرى نفسي سرابا من الوهم / وحتامَ نرضى بالمقادير في الحكم
رجونا الليالي وهي خادعة لنا / فلم تعطنا الا أمانيَّ كالحلم
ولسنا وإن كنا على الهم عكفَّا / بأول من أخنت عليهم يد الهم
فهل لهلال ان يريش جناحنا / فننهض عن وكر الخصاصة والعدم
كريم اذا عد الكرام شآهمُ / وفاتهمُ بالمجد والحسب الجمّ
أيا سيد الآداب عذراً فانما / يراعى جدير في رحابك بالحطم
يخط القوافي وهو يعلم انها / إلى ربها تهدى فخذها على علم
وما حال عانٍ انت تعلم حزنه / لربة بيت شفها مضض السقم
تذوب من الادواء حتى كأنها / تبين بلا روح وتخفى بلا جسم
قضت عمرها تشكو سقاماً رمت بها / فما غادرت منها سوى الجلد والعظم
تراني فتبكي والطبيب حيالها / يحتم أن الموت صار من الحتم
اذا جاء أمر اللَه فالطب عاجز / وكل دواءٍ سيغَ حالَ إلى سم
ولست أذمّ الدهرَ إن خطوبهُ / لتصغر في عيني عن الهجو والذم
لك اللَه صباً ما برحت متيما
لك اللَه صباً ما برحت متيما / أفق قبل أن ينأى الحبيب فتسقما
شغفت بذات القرط يوم رحيلها / وقد سترت كفاعليك ومعصما
وشاقك منها حسن قدّ مقوم / من اللين يحكى السمهري المقوما
وصورت فيها ابن المهاة وروعه / اذا حل وسط الغاب يرقب ضيغما
ورحت لجرّاها جويا مسهدا / يعالج وجداً همَّ أن يتضرما
وحاولت كتم الشجو والشجو بين / كما حاول المحزون ان يتبسما
حنانا على دمع مصون بذلته / ورفقاً بقلب صار نهباً مقسما
فظلم الغواني للمحبين لم يكن / عجيباً فدأب أن تجور وتظلما
تخال قلوب الوامقين لحومها / على حسنها طيراً على النهل حوّما
متى خص قلب ابن الكناس برحمة / اذا كان قلب ابن العرينة أرحما
تحملت أعباء الصبابة يافعا / وجشمت قلبي في الهوى ما تجشما
فلله موموق تكاد ضلوعه / تعد فيبدو تحتها ما تكتما
طريح براه الشوق فوق وساده / وخلفه الوجد المبرح أعظما
يحاول شكر العائدين فلم يجد / له نفساً ان هم ان يتكلما
سلوا اللَه عني وهو أعلم غفوة / لعلي أرى ليلى إذا الطرف هوَّ ما
لئن ساءها التسليم خيفة أهلها / فما ساء طيف أن يزور مسلما
أسيرةَ حجليها وليست سبيةً / وإن رسفت مثل المصفد فيهما
بربكُ ما يرضيكُ اني جاهل / بقصدك هل بلغتنيه فأعلما
الى كم أعادي من جلالك عذلا / ويبغض قلبي في غرامك لوما
تراب لهم من عاذلين كواشح / تمنوا لعهد الحب ان يتصرما
خذي قصبات السبق مني فما لها / من القوم غيرى بات بالسبق مغرما
سجية من لم يرض بالشمس موطئا / ونجم الثريا تحت رجليه منسما
وما انا ممن يعشق الغيد قلبه / ويجعل فيهن النسيب مقدما
ولكن هو التشبيب قد بات عادة / يقدم في وصف الكواعب والدمى
لأمر احب البدر غير مقنع / وابغض بدراً بالجهام ملثما
اذا الظبية ارتاعت صبوت إلى طلى / هو الحسن طرفا والمحاسن مبسما
تشنف آذاني بدرّ منثر / فيجعله مدح الأمير منظما
طلعت أمير النيل طلعة فرقد / أضاء فراق الناظر المتوسما
جرت بك فلك لو رأتك لأبصرت / خضما عليها يحمل المجد مفعما
تهادت كما تمشى العروس لخدرها / تجر بردفيها الوشاح المسهما
ترى صاحب التاج المرصع فوقه / وتبصر ليثاً للخلافة هيصما
وما زلت بالاقباط حتى تغلبوا / على الدير فارتاح المسيح بن مريما
رعاه أمير المؤمنين بناظر / عن المصطفى يرعى الخطيم وزمزما
تجلى على الدنيا فأشرق وجهها / وضاء من الايام ما كان اقتما
اجل ملوك الارض في السلم سدة / وأموجهم في الحرب جيشاً عرمرما
فلا زال يحميها بكل غضنفر / يصول بمصقول اذا سل صمما
ولا زلت يا عبد الحميد موفقاً / بنصرك يدعو كل من كان مسلما
ولا زلت يا عباس تحمي لواءه / وتنشره اني رحلت وأينما
همُ لهمُ دعوى الهوى والهوى ليا
همُ لهمُ دعوى الهوى والهوى ليا / وأشكو وهم يبدون فيه التشاكيا
أقلى انهمالاً عبرة العين واجمدي / ويا نفس لا تبقي من الحب باقيا
حببتك غداراً وشيمتك الجفا / فكيف يكون الحب ان كنت وافيا
وأعلم أن الهجر يرضيك كلما / رأيت فؤادي بعد هجرك راضيا
وللصب حالات تدل على الهوى / وهل يكتم الانسان ما ليس خافيا
الهفا الى م القلب يهوى مقاطعا / ويأمن خوانا ويذكر ناسيا
فأحرى له ان لا يخادن صاحبا / اذا لم يجد حر خدينا مصافيا
وفارقت من فارقته غير نادم / وأقصى حياة المرء أن لا تلاقيا
عفا حبه حتى كان لم يكن هوى / وحتى كأن القلب ما بات عانيا
وآن لقلبي ان يقر خفوقه / متى كان عن ذكر الصبابة ساليا
ولى من عزيز المالكين عوارف / تكثر حسادي وتردى الاعاديا
دعتني دواعي فضله فامتدحته / وما زرته حتى امتدحت الدواعيا
فيا ابن سليل المجد والمنعم الذي / بلغنا به شأو العلى والامانيا
وقفت على الدنيا بأخمص مالك / وأخمصك الثاني يروم الدراريا
ونادى جلال الملك يدعوك أولا / اليه ويأبى أن يرى لك ثانيا
من لم يثبت مثلك العرش بالعلى / فخير له أن يترك العرش خاويا
اراك اذا ما سرت يوماً بموكب / وحولك أبصرت العتاق المذاكيا
ظلت عيون القوم في الارض خشعاً / تغض من الاجلال عنك المآقيا
يحيون من لولاه لاقوا بدهرهم / نوائب من شعب الخطوب دواهيا
أيجمل أن أطرى سواك ضلالة / وكان سواك الباخل المتساخيا
قد اخترته واللَه فيه أضلني / ولِلّه ما يختاره من ضلاليا
نهتني النهى عنه فامسكت مقولي / وقلت بخ ما للسفير وما ليا
فيا ليت أنا ما امتدحناه مدحة / ولا كان منا الشعر الا أهاجيا
كفى بك مني في بلادك شاعراً / يرى كل مختال بمدحك غاويا
فان كنت من نعمى يمينك ما نعى / فلا تمنعني أن أصوغ القوافيا
فلا زلت ترعى الملك في مصر بالعلى / الى أن يقول الملك أفديك راعيا
أراك غداة الفطر عيداً لعيده / وليس على مولى سواك مواليا
وحسبك من بذل النوال مغانما / وقد كان ما تقريه في الصوم كافيا
ومن أصبحت تهدى المعالي كفه / جدير بأن نهدى اليه التهانيا
أغيرك بين القوم يرجى ويتقى
أغيرك بين القوم يرجى ويتقى / اذا جال أردى أو إذا جاد أغدقا
هنيئاً لك الفضل الذي شاع ذكره / فغرب في اقصى البلاد وشرقا
ولم أرض ان البدر يحكيك في العلى / وقد ضاء وهناً في الدجى وتألقا
بلغت مدى عبد الحميد بلاغة / وحسان تبياناً وسحبان منطقا
وطوقت جيد الدهر بالفضل فانثنى / يضارع في السجع الحمام المطوقا
يراع كحد السيف أو ناب ضيغم / جرى البأس في أنيابه وترقرقا
يميناً لانت المرء من بات أصله / عريقاً ومن بالفضل أصبح أعرقا
فان زعم المغرور انك لم تكن / قرين المعالي كان في الزعم أحمقا
تعرض عن جهل يؤمل مأربا / فراح ولم يبلغ مناه فأخفقا
صموتاً كأن الخزي جز لسانه / وقد كان منفوخ الغلاصم أشدقا
رآك اتخذت النجم للنعل موطئا / فأرعد شأن الحاسدين وأبرقا
وقلَّب كف الخاسرين تندما / كما قلَّبَ السهدُ المحب المؤرقا
فأرفده عفواً يملك النفس عنده / إذا صار من رق انتقامك معتقا
ملكت فجاج الحلم وهي رحيبة / فما كان سمُّ العفو عندك ضيقا
لأجعلُ من يبغون شأوك عبرة / واترك عرض الغادرين ممزقا
وما حارب الاعداء إلا فضيلة / لديك وصيتاً في المشارق حلقا
وكائن هجا الاعراب قبلك سيدا / سليلَ ملوك بالجلال ممنطقا
وكم زادهم معن بن زائدةٍ جدىً / وكان عليهم بحر حلم تدفقا
ولو أمعن الحساد فيك لما رأوا / سواك بعلياء أحق وأليقا
همُ طرقوا باباً من الحقد موصدا / وهم فتحوا باباً من الكيد مغلقا
وهم فوقوا سهماً وحسبك واقيا / إذا كان سهم اللَه فيهم مفوقا
فقل لهمُ قوموا إلى المجد نستبق / لننظر من يضحى إلى المجد اسبقا
فان عجزوا فانهض بعزمك نهضة / ترد لهم طرفاً من العجز مطرقا
ترفق عليهم كي نرى منك سيدا / أطبَّ بأدواء الوشاة وأرفقا
رزينا يغض الطرف عن هفواتهم / ويحنو برفق خالط الحلم والتقى
وقوراً إذا الاحلام خفوا لطيشهم / وثبتاً اذا ما حادث الدهر اقلقا
أخا المجد لا زالت عليك مهابة / تزيدك ما بين المحافل رونقا
فسر في طريق سرت فيها معفرا / جبيناً لمن يبغى مداك ومفرقا
ومثلك من يغضى على الذنب تاركا / عداه يخطون الحديث الملفقا
ولا زلت رغم الحاسدين محسدا / وجدك رغم الكاشحين موفقا
أجدك هل تصبيك الا قصيدة / اذا تليت كانت سلافا معتقا
اليك قواف في مديحك صغتها / يروق جريرا نظمها والفرزدقا
ومن كان في علياك ابلغ قائل / يكن شاعراً يوم التفاضل مفلقا
مصاب أذال الدمع وهو مصون
مصاب أذال الدمع وهو مصون / وخطب وما كل الخطوب تهون
إذا ما قضى محيي النفوس بعلمه / ولم أبكه اني اذاً لخؤون
رثيتُ حياتي بعد فقد محمد / وساءلت هل بعد المعين معين
أتدرون من أودى أتدرون من ثوى / هو الليث والقبر المزار عرين
هو السيف مغموداً هو البحر غائضا / هو التبر ما بين الرغام دفين
أعاد إلى الاسلام أول عهده / فكان به من لا يدين يدين
وليس نكيراً بعد موت محمد / اذا ودعت دنيا تغر ودين
أرى وجهه طلقا تجول به المنى / اذا افتر ثغر باسم وجبين
له النطق كالماء الزلال على الظما / له اللفظ كالسحر المبين مبين
غراب نعى الفتيا فلا طار بعدها / ولا حل وكرا ظللته غصون
ولا نطق الشعر المقفى رويّه / بقاف ولا طالت قوادم جون
نعاه فاصمى أمة حول نعشه / بها هلع مما عرى وجنون
أحاجيه هل بعد الامام سميدع / كفيل بارزاق العفاة ضمين
وهل غيره للمجتديه نواله / حياة وللخصم الالدّ منون
حليم اذا الاحداث همت بكيده / وقور اذا خف الرجال رزين
وكم حلها من مشكلات سهولها / لدى علماء المسلمين حزون
يقولون قد أمضى على الظن حكمه / ألا ان ظن الالمعيّ يقين
جاز أهاضيب الظنون بفكرة / رأت ما وراء الغيب وهو حصين
اقنع بالتوحيد من كان مشركاً / فلولاه ساءت للعباد ظنون
عدنا على رغم من الحزم حازما / تقاد له الايامُ وهي حرون
يلقى جميع الشامتين كما لقي / ويأتي عليهم للشماتة حين
الحجى ودين والفضل والتقى / وافضل من زان النهى ويزين
لي عزيز أن أرى لك مهجة / تسيل وجسماً في التراب يبين
تركت قلوب القوم من دهش النوى / لها زفرة مثل اللظى وأنين
يبيت فحركت الرواسيَ عنوة / ومتَّ فعم الخافقات سكون
في صدر الامام تموجت / فكان لها كالبحر وهي سفين
الرأي اثقلت الليالي بحمله / فادركها الاجهاض وهو جنين
ركبت من الفضل الغزير مطية / لها نحو ربع الفرقدين حنين
عنك العلم في كل مجهل / وخصمك مبتور الدليل مهين
كائن حقرت الدهر حيث تعينه / كوارث مرت فوق رأسك عون
لان جلمود عليك من الاسى / فمروة قلب الموت ليس تلين
تسقى القبر لا صوب مزنة / شحيح بها صوب الحيا وضنين
ضن في الصيف الغمام بهاطل / من الزمن لم تبخل عليك عيون
ذكرتك بعد الأربعين وما انا / بناس وبالذكرى تهيج شجون
عسى بها همان همّ تذيعه / وهمّ كسر الزند فيّ كمين
فقد كنت عراف العفاة بنظرة / يحس بها دامي الفؤاد حزين
مر الغيث ان تهمى عليّ يمينه / فبعدك لم تمدد اليّ يمين
إذا انا لم امنح رثاءك حقه / فاني لا تقضى لديّ ديون
سأرثيك حتى يعلم الشعر أنني / حفيظ على أيدي الكرام أمين
عزاءً بني الاسلام إن مصابكم / لسهم به قلب العباد طعين
ويا أمة الشرق المدله خففوا / فكل بما ينعى النعاة رهين
كذلكم الدنيا غرور ومحنة / وليس لها بين الأنام خدين
وحسب الدموع الجاريات كأنها / غمام على قبر الامام هتون
جويّ له جفن من البين هامل
جويّ له جفن من البين هامل / وجسم من الشوق المبرح ناحل
وما البين الا لوعة وتلهف / وما الحب الا لوّم وعواذل
ولا العيش إلا حسرة ومضاضة / ولا الناس الا خادع ومخاتل
ومن مضض الأيام أني بمعشر / لهم أوجه قد رقعتها الجنادل
ولست براض بالمذلة بينهم / وأم الذي يرضى المذلة ثاكل
الى كم ألاقي كل حين شويعراً / جهولا يعاديني عيياً يجادل
فيا نفس تأساء فلا بد في غد / يفي عهدي الممطول دهر مماطل
ألهفاً أرى قوماً يهان عزيزهم / ويكرم فيهم ساقط الذكر خامل
لهم من يراعي ما يسود ذكرهم / ولي منه ما ضمت عليه الأنامل
ومن مد في سوء حبائل مكره / تمد له من كل سوء حبائل
وما مصر الا موطن ساء حاله / ومغنى رحيب بالسعاية آهل
فلا يغتلني المبغضون فانني / فتى علم هانت عليه الغوائل
واني على رغم الكواشح شاعر / لمولى أظلته المواضي الصياقل
مليك غدا فوق الثريا جلاله / فما بعدت لو أنه المتناول
وما هو الا خير من وطئ الثرى / من الخلق والتفت عليه المحافل
وما خلقت أمّ النجوم لموطئ / ولكنه فوق المجرة راجل
وما هو الَّا البدر في هالة العلى / وليس له الا القلوبَ منازل
قصدتك يا عباس والشعر في فمي / عليه من الذوق السليم دلائل
مديحك سحر للعقول بيانه / ومصرك لو تدرى القصائد بابل
توليت ملكاً ثبت اللَه عرشه / فلا هو منقوض ولا هو زائل
فدم واهن بالعام الذي أنت عيده / لنا فيه من يمناك جود ونائل
على ملعب الايام قام لعوب
على ملعب الايام قام لعوب / يمثل فصلاً والفصول ضروب
فقيه بدا بين الخصاصة والاسى / أناخت عليه للزمان خطوب
له سحنة تقذى العيون بقبحها / تلوح عليها ذلة وشحوب
وعينان للبؤسى قد ابيضتا أسى / برأس بدا في وفرتيه مشيب
فلم تزهه شمس السماء اذا بدت / ولا بدر هذا الافق حين يغيب
وفي يده اليمنى عصى كلما مشى / لها في طريق البائسين دبيب
اذا ما سرى كانت دليلاً ولم يكن / له غيرها بين العصى حبيب
يجوس بها سهلاً وحزناً وكلما / تتبعها تُطوى اليه سهوب
أراد غنى حيث الحياة ذميمة / بدهر قليل من بنيه وهوب
وقد بات في حال على الحرمضة / له زفرة تورى جوىً ولهيب
وكم ليلة باتت حشاه على الطوى / ينادي وما بين العباد مجيب
فلما رأى الفقر اصطفاه من الورى / تميز غيظاً واعتلاه قطوب
واضمر سوءاً في ضلوع تقعقعت / وفي القلب منه حسرة ووجيب
وقال دع الدنيا فقد يبلغ المنى / أخو اللؤم فيها والكريم يخيب
وهذي يميني أشهرت مدية بها / تُشق قلوب لا تشق جيوب
وعندي طريق اغفل القوم هديها / ولي في ثراها جيئةٌ وذهوب
سأقتل نفساً حرم اللَه قتلها / وما ضرني لو بعد ذاك اتوب
وعيشي غنياً طالما قد رجوته / فعيش الفتى في العسر ليس يطيب
ولو جئت للتحقيق انكرت مثلتي / ولو أنها في شرع احمد حوب
وكان له خدنٌ يقيم بداره / متى حان من شمس النهار غروب
يبيع من الحلوى بما لا يقوته / وليس له مما يبيع نصيب
فاضمر ذاك الغمر قتل صديقه / على طمع في المال حين يؤوب
فلما سجى الليل البهيم تقابلا / وباتا وكل للهجوع طلوب
ولما هفت عين الصديق الى الكرى / وقد هدأت بالنوم منه جنوب
تنحنح هذا الشيخ واستل مدية / لها في رياح الآثمين هبوب
واغمدها في صدره غير مرة / واخرجها بالروح وهي خضيب
فسال دم الاحشاء يجري على الثرى / يحاكي انحدار السيل وهو صبيب
وصاح به المقتول وهو مجندلٌ / تراوده في الروح منه شعوب
قتلت بلا شك وانت قتلتني / ولكنما ربي عليك رقيب
أليس حراماً ان تراني مضرَّجاً / ودمعي على الجفن القريح سكوب
ربينا على ودّ حنثت بعهده / فمن يا ترى انباك انك ذيب
أودّع روحاً طالما عفت ضيمها / اذا احدقت بي في الزمان كروب
ساقضي شهيداً يا خؤون وانني / مررت ولم تكتب عليّ ذنوب
وقد قرب الشُرطيّ من باب منزل / به رنة ممن قضى ونحيب
فاصغى اليه السمع والليل هادئ / وفي سمعه صوت القتيل ينوب
وقد سمع المقتول يصرخ راجياً / اغاثته ممن اليه قريب
فهمّ بفتح الدار حتى يجوسها / وفيها رأى حال المصاب تريب
فلما احس الشيخ اوجس خيفة / وقد جاءه يوم عليه عصيب
ورام هروباً ظن فيه نجاته / وصعب على الجاني الضرير هروب
فسيق الى التحقيق وهو مصفد / حياة وذكرى لو رآه لبيب
وقد حكم القاضي عليه بشنقه / جزاء وفاقاً وهو فيه مصيب
ذريني وقلبي قبل أن يتفطرا
ذريني وقلبي قبل أن يتفطرا / أدار هوى بين الجوانح مضمرا
فؤاد جوىّ كلما هبت الصبا / تذكر من ماضي ما تذكرا
ولم أنس يوم البين وقفة نازح / عن الدار غطى وجهه وتأزرا
ولم ألق كالأحداج يوم وداعه / بعينيَّ لولا البين احسن منظرا
صفوف صفوف من جمال واينق / يمالئن قوماً دارعين وحسرا
غرام تلظى بي فاذرف عبرتي / وما خلتها لولاه ان تتحدرا
حببتك دنيا القلب والحب جذوة / اذا لمست جلمود صخر تسعرا
تعرض لي قوم يقولون قد اتى / بشعر جرير لائما ومعيرا
فهاتوا جريراً ثم ثوبوا الى الهدى / ولِلّه في الغفران ان يتخيرا
ارى الحسد المطويّ يملى عليكمُ / اذا كنت في سوق التفاضل اشعرا
وحسبي فخاراً ان أقاس بمفلق / رقى بين مداح الخلائف منبرا
عهدتكمُ ادنى البرية محتدا / واخبث خلق اللَه نفساً وعنصرا
فلا تبتغوا شأوى فلست بمدرك / ولا تحرجوا في الخيس اغلب قسورا
وفيم ملامي رهط ديني ومعشري / اذا قلت جاء الشيخ إدّا ومنكرا
ترامى إلى حب الكعاب ضلالة / فيا ليته قبل الضلال تبصرا
ومن غيه والغيّ أخشن مركبا / يرى فرعه اسمى قبيلا ومعشرا
افق يا ابن يسى من ضلالك في الهوى / فمثلك احرى ان يفيق فيبصرا
رآك ابوها ارذل القوم عنده / واسقط نفساً في العباد واحقرا
فخلت الهدايا تسترق فؤاده / فارسلت تهديها السوار المجوهرا
ولم ينهك الاعراض حتى كسوتها / رداء من الخز النفيس محبرا
ولست وايم اللَه كفؤاً لمثلها / ولو بت أغنى العالمين وايسرا
ولست الذي يرضى لؤياً وغالبا / ولو فات كسرى في الفخار وقيصرا
ركبت المخازي وامتطيت متونها / وقد كنت أدرى بالمآل وأخبرا
ذممت حماة الدين والشرع بعدما / أذاقوك سما رغم انفك ممقرا
ومن يذمم الشرع الحنيف وقومه / فقد ذم طه والكتاب المطهرا
خرقت سياج الطهر وهو ممنع / وجست فناء بالعفاف مسورا
لأنت الذي سودت للفضل وجهه / وقد كان قبل اليوم أبيض أزهرا
وأنت الذي يأباه دين محمد / ولم يرضه عيسى اذا ما تنصرا
هي الآس والريحان والوردة التي
هي الآس والريحان والوردة التي / يطيب لنفس العاشقين شميمها
إذا خطرت مِليَا تنسمتَ روضة / من الحسن لا يخفى عليك نسيمها
لك الله إسماعيل في كل موقف
لك الله إسماعيل في كل موقف / تمد به للمكرمات سرادقا
لانت الذي زكاه للناس ربه / وقال اذكروه انه كان صادقا
أمولاي شكر من حماك قريب
أمولاي شكر من حماك قريب / وحمد عن الفعل الجميل ينوب
اليك اجل الأكرمين قصيدة / يقدمها مدحا اليك اديب
شكرت اياديك الجسام فانها / لكالودق نحيي الارض وهي جديب
ارشت جناحي بعد طول انكساره / وقد طاش سهم للزمان مصيب
وأحييت ارواحا غدوت مسيحها / ولولاك كادت بالخطوب تذوب
وثبّت بيتا زلزل الدهر ركنه / واوشك ان تخنى عليه خطوب
فاصبح من فيض المكارم روضة / عليها رداء من جداك قشيب
ولولاك لم نحمد من الدهر فعله / وعشنا وكل للهموم نسيب
فلا زلت في مصر معينا لاهلها / وانت الى كل القلوب حبيب
تعالوا نحث القوم فالقوم نوم
تعالوا نحث القوم فالقوم نوم / الى كم ننادي والخلائق هوم
أحب بلادي أن يكون غنيها / كثير الندى يعزى اليه التكرم
أغير بلاد النيل أرض خصيبة / تجود فلا يشكو الخصاصة معدم
فلا بعد هذي الارض للناس مربع / ولا بعد هذي الدار للخلق مغنم
بلاد رقت تبغي المجرة والسهى / وليس لها الا من العلم سلّم
سراة بلاد النيل فيم تأخر / وعهدي بقومي في الخطوب التقدم
نيروا بلاداً حلق الجهل فوقها / لينجاب عن وجه البلاد التجهم
ترضون ان يسطو من الغرب مخلب / على مصر او يعلو على الرأس منسم
نيتم قصوراً شاهقات تمثلث / جبال شروري دونها ويلملم
لم تبتنوا كليّة يستقى بها / رضيع فيحيى او وضيع فيعظم
ضعتم عليّاً وهو نبع ثرائكم / وأخفيتمُ للفضل ما ليس يكتم
كم سار فيكم والعدو محلق / وكم ذاد عنكم والوشيج مقوم
أواصف هذي شيمة عربية / بتمداحها شعري يصاغ وينظم
نهضت فأخجلت القعود بنهضة / يهش لها وجه البنين ويبسم
لنا كل يوم من أياديك نعمة / تتيه بها الدنيا ورزق يقسم
تجود بألف والسراة هواجد / وما لهمُ فيها من الجود درهم
بخٍ يا ابن من سار العباد بذكرهم / وسار مديحي اثرهم حيث يمموا
يحب حصيف القوم علماً وحكمة / وهمُّ جهول القوم ثوب ومطعم
قرنت بهذا الفضل خير قرينة / لها ثوب فضل بالمحامد معلم
نظرتُ اليها من خلال عطائها / ولم يبد وجهٌ بالعفاف ملثم
فلا زلتما بدرين في أفق العلى / تنيران ما غنى من الطير أعجم
هل الحب إلا مهجة الصب تدنف
هل الحب إلا مهجة الصب تدنف / أو الشوق إلا لوعة وتلهفُ
أفق قبل حب ليس تخبو ضرامه / غداة رحيل والمدامع ذرّف
وتاللَه لولا الوجد ما بت مسهدا / بأسود يقوى السهد فيه وأضعف
أراقب اسراب الكواكب في الدجى / وهن على نهر المجرة وقف
اعاذلتي إيهاً أما فيك رأفة / تلطف من داء الهوى وتخفف
ارى فوق تأنيب الغواذل رحمة / خليق بها دامي الجوانح مدنف
فأوهِ لصب كتَّم الحب قلبه / ونمَّ عليه الساجم المتوكف
اذات التثني يطلب الصب عطفة / اذا ماس غصن من قوامك أهيف
سألتك لي وعدا مطلت وفاءه / وقلت سؤول ما لديه تعفف
ولولاك ما حليت نفسي بحلية / ولا راق عيني غير حليك زخرف
ولا بات قلبي بين جنبيَّ طائراً / يروّعه منك القلى فيرفرف
نحنّ على فوضى الكعاب ونرتمي / على قاسيات لا تحن وتعطف
اراهن مثل ابن الكناس عريكة / ومنهن قلب ابن العرينة أرأف
وما هاجني الا الجمال مع الصبا / ودل الغواني والغزال المشنف
على انه لا مرتجى غير قادم / عليه من العلياء برد مفوف
مهيب فلا الايام تبلغ مأرباً / لديه ولا رائيه بالعين يطرف
من القوم يحمون النفوس بعدلهم / فيأمن منها الجانب المتخوف
مقاحيم حرب ليس ينبو حديدهم / وهم في مجال الطعن والضرب زحف
صفوف صفوف من كماة وشجعةٍ / تكاد تميد الارض منهم وترجف
يضم اليهم كل جيش عرمرم / يموج به قاع من الارض صفصف
خميس اذا خاض المعامع في الدجى / اضاءت له الدنيا رماح واسيف
وقد طال حتى ادرك النجم باعهم / وصار سواء عضبهم والمثقف
وهم بين معوج السلاح ضراغم / لها اجمات من قنا يتقصف
فلم ار أسدا قبلهم ضاق دونها / اذا اختلط الزحفان سهل ونفنف
ولم ار تحت النقع اثبت منهمُ / امام العدى والحرب هو جاء زفزف
بيوم كان الشمس فيه مريضة / وان الضحى ليل من النقع اسدف
وبيض على هام العداة سواقط / تسيل المنايا فوقها وهي رعّف
وخيل على رغم الحزون قوارح / تقاد سمانا في الحروب فتعجف
فيا واحد الدنيا ويا خير زائر / يذل لديه الباذخ المتغطرف
انا الشاعر الآتي بمدحك اولا / ومن جاء بعدي بالقصائد مردف
ولست بمفتون بما انا قائل / ولا ليَ بين التيه والعجب موقف
طلعت على مصر ووجهك مشرق / وكل الى بدر العلى متشوف
فقالت قفوا حتى نرى المجد جهرة / ويرنو الينا المالك المتصرف
فلما تصاففنا وللمجد هيبة / رأينا من الاجلال ما ليس يوصف
فلم نر اسمى منك مجداً وسؤددا / وانت علينا بالمهابة مشرف
قدمت ترى الخزان وهو كأنه / جبال شروري او اعزّ واكثف
بناء عظيم لم يجد لافتتاحه / سواك عظيماً فيه للفخر مألف
وكم من دعيٍّ فارق الصدر عنوةً / اذا حضر المستأذنُ المتنصِّف
وبالماء تحيي الارض بعد مواتها / وبالعدل يحيى الصارخ المتلهف
وفي مصر قوم قبلوا لك راحة / لدى ذكرها ينسى ربيع وصيّف
سكارى بمدحي فيك حتى كأنما / قريضي لديهم في مديحك قرقف
مديح خليق ان تتيه حروفه / على الدر لو صيغت من الدرّ أحرف
عثرت بحب الغانيات فلا لعا
عثرت بحب الغانيات فلا لعا / ورحت وما أبقيت للطهر موضعا
تعرض لي قوم يقولون ما له / وللشيخ حتى بات بالهجو مولعا
وما أنا الا مسلم وابن مسلم / يغار على الاسلام أنيَّ تروعا
تخذت قوافي الشعر سهماً مفوقا / فصادف من تلك المقاتل موقعا
شددت لساني ثم قلت له اتئد / لعل له عذراً يبين فيشفعا
الى ان قضى الشرع الحنيف فلم يدع / بقوس الاهاجي في ابن يوسف منزعا
وما حقه الا حسام ابن ملجم / يحز وريدا في قفاه وأخدعا
يحاول داراً بالنبيّ تطهرت / وبيتاً من النجم الملعلع أرفعا
ولو كان يدرى ما الحياء بقومه / لغطى عليهم وجهه وتقنعا
غمام دنا من بيت احمد قاتم / فهزته نكباء سرت فتقشعا
جنيت على الآداب حتى تروعت / وصلت على الاسلام حتى تفزعا
ومن كان لا يخلو من الطيش عقله / اذا ما جرى نحو الرذيلة أسرعا
فحقرت نفساً لا تزال حقيرة / وصعرت خدا بالمذلة أضرعا
وألهبت أستار العفاف بجذوة / بدا بعدها وجه الفضيلة أسفعا
طرقت بيوت الآنسات وانما / وطئت طريقاً كان من قبل مهيعا
وخلت وجاراً كنت فيه موسدا / يضارع بيتاً كالعرين ممنعا
بأي لسان قصر اللَه طوله / ذممت قضاة اللَه في الشرع أجمعا
وفندت حكماً لو به الشم أنذرت / لخرت له تلك الشواهق خشعا
وأظهرت من وهن العزيمة قوة / ومثلك من يحنى على الخزي أضلعا
فهل ينفع الايهام في الاصل بعدما / سمعنا قضاء في أصولك مقنعا
لقد ضعت في الدنيا وحسبك ضيعة / إذا كنت في حكم الشريعة أضيعا
ومثلك أحرى ان يداس بمنسم / ويلطم أني قابلوه ويصفعا
نظمت قوافي هجوه وأنا الذي / اذا صاغ شعراً في هجائك أبدعا
ولي شاغل في الحب عنك عسى الهوى / يهدّئ روعا أو يكفكف مدمعا
فليتك تدري ان قلبي مدله / يحن الى من ويندب مربعا
فكائن رأيت الخمر يحلو وذا فمي / على فمها يحسو الرحيق المشعشعا
لحى اللَه واش قد سعى بي عندها / فصادف منها لا هدى اللَه من سعى
إلى أن قضى الدهر المشت ببينها / فودعت قلبي والغزال المودعا
ليال تقضت في غرام مليحة / هي الحسن مرأى والمحاسن مسمعا
لئن صادها غيرى بناب وبرثن / وبات بها تحت الجدار ممتعا
فاني عهدت الكلب أسرع وثبة / وأحذق في صيد الغزال وأصنعا
لك الويل ما أجفاك طبعاً وألأما
لك الويل ما أجفاك طبعاً وألأما / خلقت أذىً أم كنت شرّاً مجسما
نريد لك الخير الكثير تكرما / وخلقك يأبى ان تكون مكرما
فغدر واخلاف وكذب وخسة / ونفس ترى نهب الرذائل مغنما
يبين عليك اللؤم في كل حادث / تهم اليه حاسراً ومعمما
تصول على الاموات بين قبورهم / ولو كنت تجزيهم بكيت لهم دما
وتنحى على الاوطان بالقلم الذي / بريت فلا ترعى ذماراً ولا حمى
يراع اذا جردته للاذرى انبرى / وان سل في خير نبا وتثلما
وكنا رجونا الخير منك وغرنا / دهاك فقلنا عله قد تقوما
اذا أنت كالجمر الذي كان خامداً / فلما سرت ريح عليه تضرما
وأصبحت كالأفعى استكنت بحجرها / فلما سعت مجّت لعاباً مسمما
فمهلاً رويداً ان للحق صارماً / صقيلاً اذا ما هز فوقك صمما
من اليوم فليرجمك من كان مؤمناً / وان مت فليلعنك من كان مسلما
تبوأ من الدنيا المخازي وانتظر / اذا قيل في الاخرى تبوأ جهنما
تعطل دين اللَه في خير مسجد
تعطل دين اللَه في خير مسجد / فرفقاً بدين اللَه يا ابن محمد
لأنت الذي يرجي اذا ناخ كلكل / على الشرعة السمحاء في كل معهد
بلاء أصاب المسلمين فراعهم / وضج له في يثرب قبر أحمد
وباتت قلوب المؤمنين فما ترى / سوى جازع باك وعان مصفد
ترى الازهر المعمور أقفر صحنه / كأنك تمشي في فلاة وفدفد
خلا من دعاء المستكين لربه / ومن صالحات العابد المتهجد
خلا من جموع المسلمين فاؤه / فلم ير فيه من يروح ويغتدي
خلا من جموع بدد الظلم شملهم / فباتوا كما تدري بشمل مبدد
رشادك يا ابن الاكرمين مسدد / فحطه برأي من حجاك مسدد
لأنت منار الامر في كل غيهبٍ / فاين السنا حتى نسير فنهتدي
أيرضيك يوماً ان تقول مفاخراً / لقد نال شعبي النائبات على يدي
نعيذك في التاريخ عن كل شائن / على صفحة الايام باق مخلد
اليكم ولاة الامر تمشي شكاتنا / مقيدة مشي الاسير المقيد
اليكم ولاة الامر في كل حادث / نهيب بصوت في الفضاء مردد
أإن أنّ محزون من الضيم والاذى / نسيتم اليه نزعة المتمرد
وإن طالب المهضوم بالحق قلتم / ولا تأخذوا عن قول واش مفند
لقد بات يرمينا الزمان بصرفه / الى ان رمتنا كفه بالمؤيد
مميت الشعور الحي في كل نهضة / ومحيي رفات الجبن في كل مشهد
لسوف تحول الحال فليهن قلبه / فما كل حالات الزمان بسرمد
حنانا علينا ايها القوم اننا / لأولى البرايا بالحليف المعضد
سلالة أقوام اذا هم تألموا / من الضيم أنحوا بالحسام المهند
وانا لمن قوم تنال حقوقهم / بغير المواضي والقنا المتقصد
ورب مضيم ضاق ذرعا فؤاده / فجرد منه الضيمما لم يجرد
الى العدل نشكو ما لقينا من الاذى / فيا عدل أنصفنا ويا أمة اشهدي
قطر النوى هل وقفة قبلما تعدو
قطر النوى هل وقفة قبلما تعدو / نودع وفدا ما لنا غيره وفد
أيا وفد مصر أنت عنوان امة / به يعرف الاقدام والدأب والجد
اذا جئت ارض الفاتحين فحيها / تحية مشتاق اضر به البعد
وزوروا امير المؤمنين وقبلوا / يدا فاض من هتان أنملها السعد
وقولوا له انا وفود معاشر / اذا احتدمت نار الوغى كلهم جند
وما هي الا لفظة منك تنتشى / بها مصر فالسودان فالكاب فالهند
بلاد بها الاسلام مد ظلاله / وليس سوى الاسلام ظل له مد
لغيرك اعلام تضارب لونها / وذا العلم القاني هو العلم الفرد
هلال ونجم يشرقان اذا الوغى / تلبد أو غامت دواجنه الربد
سلام على تلك الربوع فانها / مرابض من هابت لقاءهم الاسد
سلام عليكم أيها الوفد نائيا / وقد هتف الاحرار فليعش الوفد
أطلت ملامي في الحسان الكواعب
أطلت ملامي في الحسان الكواعب / أكان عليك اللوم ضربة لازب
رويدا فقد تاب المحب عن الهوى / وان كان عن ذكر الهوى غير تائب
سلوت التي راشت سهام لحاظها / الى خافق بين الجوانح واجب
من اللاء يبذلن الصبابة والهوى / ويشر بن كأس الحب مع كل شارب
من اليوم لا قلبي عليها بمشفق / ولا مدمعي خوف الفراق بساكب
أما إنه لولا الغرام لما سعت / الى وخزي العذال من كل جانب
ولولا غلوي في هواها لكان لي / على الرحب مثوى في صدور الحبائب
أمعهد حبي كيف اصبحت خاليا / وقد كنت ملهى الآنسات الربارب
فلا تمددي لمياء حبلا ظننته / مصونا غداة الجذب عن كل جاذب
سلوتك حتى ليس للحب صولة / على مدنف بين الحشا والترائب
واني ليصميني وقد راع مسمعي / مقالك يوما احمد كان صاحبي
وكنت اذا القاك خير سالم / فصرت اذا القاك شر محارب
اغرك ان الصب شب فؤاده / شبوب الغضا بين الصبا والجنائب
افق يا فؤادي فالصبابة زلة / رمت بك في مهوى الاماني الكواذب
قطعت قديم العمر غيّاً ولم تزل / تحنّ الى غيّ الليالي الذواهب
وماذا ترجى من غرام مبرح / رماك بهمّ طول ليلك ناصب
أقل يا ابن ابراهيم عثرة واجد / رمته يد الدنيا بنكباء حاصب
لأنت الذي يرجى اذا جازنا الحيا / وضنت علينا معصرات السحائب
فداءك نفسي من كريم سميدع / الى المجد تواق وفي المجد راغب
مهيب لسربال المحامد لابس / وسمح لاذيال المكارم ساحب
تعشق إدمان القرى فبنى لها / صوى كصوى الاسلام في كل لاحب
ملاذ اذا اخنت علينا عظيمة / من الدهر حزت في سنام وغارب
ثمال اليتامى يوماً يخلى مكانه / ابوهم وتأساء الايامي النوادب
اليك هلال السعد ازجيت شردا / تجول مع الركبان بين السباسب
تزور امرأ يهتز يوم عطائه / الينا اهتزاز البيض لدن المضارب
اذا الجود لم يعرف بحمد يذيعه / فكالقفر خلواً من منار لجائب
أجلك عن شعري اذا انا قلته / بثغر مراءٍ في ودادك كاذب
وكائن لاجلي حولوك فلم تحل / لكيد حسود أو لحقد مشاغب
بلوت وداداً صح مني صريحه / فلم تترك فيه مجالاً لعاتب
لهم مشرب لا ارتضيه وهكذا / تبين السجايا في اختلاف المشارب
أحاجيك ما يدريك ان رب نعمة / يذوب لها قلب المداجي الموارب
فداو من الحساد جرحاً سبرته / ولا تكوه الا بنار التجارب
اقاموا على خزي فان جن ليلهم / يعسون حول العار عس الثعالب
وكم أملوا ان يلحقوا بي فخيبوا / وعادوا باخفاق المقل المضارب
وخلفتهم خلفي بتيهاء مجهل / يئنون ان الرازحات اللواغب
ولو شئت ان اطغى بشعري عليهم / لاغرقتهم في لجه المتراكب
واشهد رب البيت لو رمت هجوهم / وخزتهم وخز القنا والقواضب
وعرفتهم اني الاشد شراسة / ولو فندتني أم سعد بن ناشب
ومن يغضب الليث الهصور بغابه / يضرس بانياب له ومخالب
تردوا ثياب اللؤم واتشحوا بها / سرابيل أوهى من نسيج العناكب
لهم منيَ الشهد الذي لذ طعمه / ولي من اهاجيهم سمام العقارب
وهل يستوي رب الفضائل والنهى / ورب المخازي والخنا والمثالب
لقد وجلوا لما مدحتك رهبة / ملكت فأسجح عن مروع وراهب
وان لم يثوبوا للهداية فارمهم / بيوم عصيب مثل يوم الذنائب
أعيذك بالرحمن من شر حاسد / اذا حسد النعمى ومن شر واقب
سمىّ هلال الافق لو كنت خصمه / لزاحمته في افقه بالمناكب
ولو كنت ممن يجعل البدر مأرباً / نصصت اليه العزم نص الركائب
ولكنك المرء التناهي علوه / فليس له في مجده من مآرب
فتى تملأ الاحقاب ذكراً وسيرة / وتملأ جوداً فارغات الحقائب
اذا ذهب المال الذي أنت واهب / فمدحك باق ذكره غير ذاهب
كأنك فيما أنت فيه من العلى / اشم بعيد الرعن عالي الاهاضب
يشق كبيدات السماء كأَنه / ذرى شامخ فوق المجرة راسب
لك الحسب الزاكي لك الطلعة التي / تنوب مناب النيرات الثواقب
ونفس عزوف لم تعب بدنية / وخلق عظيم لم يشب بشوائب
فاي قبيل لا تراك فخارها / وقدرك اعلى من لؤيّ بن غالب
اذا هو باهي بالذؤابة فته / بأصل هلاليّ طويل الذوائب
ألستم أجلّ العالمين ارومة / واكرم اصلاً من كرام المناسب
واي بلاد لا تراك اميرها / بربك سلها عن نداك تجاوب
فليس الذي يعطي الامارة مالكاً / اذا لم يزنها باللهى والرغائب
لك اللَه لم ابصر بغيرك سيداً / احق الموالي بارتها
ولم ار ابهى منك في كل مجلس / وأنت شبيه البدر بين الكواكب
نوالك غيث دافق غير مقلع / ووعدك برق صادق غير خالب
وان ينضب البحر الخضم بماءه / فكفك بحر ماؤه غير ناضب
تنيل الثريا لو ملكت عنانها / ولو لم تهب أشباهها كف واهب
ولكن تراها في السماء كانها / دنانير صانتها اكف الغياهب
ومالك بين المعتفين قسمته / فلم تخش من عاد عليه وسالب
تكاد ترى ما في الضمائر من منى / بفكر كما تهوى الفراسة صائب
وتدرك ما يخفى كانك قارئ / غضون جباه او خطوط رواجب
فان اعجبوا بالقطب زدت اكتشافهم / من الغيب علماً وهو جم العجائب
كأني سميّ المصطفى بابن ثابت / وقد مدح الهادي بغر غرائب
كأني بروح القدس فيك مؤيد / فان قلت مدحاً قلته غير هائب
اليك رواة الشعر تنبئك انني / اعدت لها عهد الفحول الاعارب
ولي قصبات السبق في كل حلبة / دفعت اليها بالقوافي النجائب
قواف تمنتها ملوك زمانها / لآلئ في تيجانها والعصائب
تحلق في الآفاق بين مشارق / تدل بأشعاري وبين مغارب
حسان لها مشي الهدى تخطرت / وآنا لها جري العتاق السلاهب
وطوراً لها عقل الحكيم وجده / وحينا لها مزح الخليع المداعب
ويوماً يوافيها الجبان بسمعه / فيغشي المنايا في صدور الكتائب
وما كل شعر جاز قاصية المدى / ولا كل مفتول الذراع بواثب
ولا كل وزان القريض بشاعر / ولا كل حمال اليراع بكاتب
ابا احمد بك يا ابا غير توأم / وخير فتى للحمد والشكر كاسب
تهنئك الدنيا بمولد منجب / وتزهي بمولود على المجد دائب
وما احمد الا اخي وابن سيدي / كلانا سواء في المنى والمطالب
كلانا سواء في محبة والد / يخاف علينا طارئات النوائب
وما الدهر الا خادم ابنك فارعه / بفضل كما ترعى ذمام الاقارب
ومره بامر احوزيّ يقف له / وقوف ضئيل كاسف البال شاحب
فدوما بنفس في المعالي رغيبة / وعيشا بعزم للمحامد خاطب
وسيرا بآفاق العلاء اهلة / تضيءُ مكان الآفلات الغوارب
محمد أقصر من نوالك أسترح / من النظم ان الفكر بعض المتاعب
اذا رمت ان اجزيك لم اقض برهة / بلا قدح فكر وهو احدى المصاعب
اطلت القوافي فيك وهي قصيرة / ولو شئت كانت لا تعد لحاسب
تغاير فيك الشعر حتى اطلته / ولما أقم يا ابن الكرام بواجب
ولي كل عام في رحابك وقفة / اهز بها عطفي جليل المناقب
فلو ذاقت الايام فيك مدائحي / لكان فم الايام حلو المراضب
الا يا اسلمي ذات المحامد والفخر
الا يا اسلمي ذات المحامد والفخر / لبرءك برء للصيانة والطهر
سلمت من الداء الملم سلامة / تعود على العافين باليمن واليسر
حببتك حب النفس أماً كريمة / ترد عن الأبناء غائلة الفقر
وسيدة تسقي القوافي بكفها / لتنبت منها زهرة الحمد والشكر
وغراء يهدي القاصدين يمينها / اذا الغيث لم ينزل او الرزق لم يجر
ومحجوبة عن ناظريها ولو بدت / لأغنى محياها الجلال عن الستر
مخبأة الا على اللَه في التقى / مقصرة الا عن الخلق في البر
اراها بعين الجود وضحاء سمحة / تنيل وتعطي وهي باسمة الثغر
وتبدو عطاياها فألمح بينها / وربك رب الجود لا ربة الخدر
دواء العلي من كل ضر يثفها / عجبنا لمس الدهر جسمك بالضر
نوال كوكف السحب يدفع بعضه / اذا رفعت يمناك بالنعم الدثر
وكف كموج البحر يترى وحسبها / من الشعر وصفاً ان تشبه بالبحر
فلازلت بين المحصنات اميرة / تدل على الاتراب بالنهي والامر
ولا تعجبي مما نظمت فانني / قصدت اختيال النظم باسمك والنثر
وما سرنا شيءٌ كبرءك عندما / تمشي رسول اليمن يهتف بالبشر
فلا ذنب للايام من بعد هذه / فقد جاءت الايام للناس بالعذر
مدحتك في قوم يعيبون ذوقهم / اذا ذكروا انثى اخ المجد في شعر
وما ضرّ ان اطرى الكريم وإلفه / هما اشبه الاشياء بالشمس والبدر
أعندك ما عند امرئ ادمن الخمرا
أعندك ما عند امرئ ادمن الخمرا / كأن بنا مما ألمّ به سكرا
بغير مدام يعلم اللَه اننا / خلائف همٍّ يذهل العقل والفكرا
ولولا الطلى لم يمسك الصدر همه / ولا رقأت من دمعها مقلة شكرى
ولا بات رب السهد في كل ليلة / من الهم الا وهو يفترش الجمرا
فلو كانت الصهباء تشرى بانفس / لقلت فذي نفسي لهذي التي تشرى
ترفق امام المدمنين على الطلى / فكم انعشت نفساً وكم شرحت صدرا
وكم أدنت الآمال وهي بعيدة / فكان الذي بيني وبين المنى شبرا
لئن حرموها في الكتاب فاننا / غنينا فلا نرجو ثواباً ولا اجرا
وحسب الالى قد حرموا الخمر اننا / يئسنا من الدنيا ومن اختها الاخرى
وددت لو أني مثل ابليس منظرا / ولو بؤت يوم الحشر باللعنة الكبرى
على ما رآى من هيبة اللَه لم يخف / عقابا ولم يقبل لخالقه امرا
فيا من يلوم المدمنين على الطلى / بربك لا تعجل لعلَّ لنا عذرا