المجموع : 92
قطعتَ لَذاذاتِ العَطايا بمَطلِها
قطعتَ لَذاذاتِ العَطايا بمَطلِها / وما كلُّ قلبٍ للمِطالِ بصابرِ
وهبتُ مِطالي للنَّبِيِّ فلا تكُن / عليهِ مُثيباً لي فلستُ بشاكرِ
زَفَفتُ إلى نَبهانَ من صَفوِ فِكرَتي
زَفَفتُ إلى نَبهانَ من صَفوِ فِكرَتي / عَروساً غَدا بطنُ الكتابِ لها خِدرا
فقبَّلها عَشراً وأظهرَ حُبَّها / فلما ذكرتُ المهرَ طلَّقها عَشرا
وقالوا التَقَى الوِردانِ وِردٌ من الندى
وقالوا التَقَى الوِردانِ وِردٌ من الندى / وَوِردٌ من الماءِ القَراحِ الذي يَجري
فقلتُ لهم وفُّوا أبا الجيش حقَّه / ولا تَظلموهُ ما البُحيرَةُ كالبَحرِ
أرى غِيرَ الأيام تَسطو ولا أَرى
أرى غِيرَ الأيام تَسطو ولا أَرى / لِسَطوَتِها من مُنكرٍ أو مغيِّرِ
ونائبةٍ من صَرفِ دَهرٍ لَقيتُها / بِصَبرٍ فَصاحَت بي نَوائِبُ أدهُرِ
فخفَّ بِها نَحوي عَلى الصوت مَعشرٌ / وقد كان مُلكُ الروم من دونِ مَعشَري
فأصبَحتُ كالربع الذي بان أهلُه / وأقفَرَ مِنهم منذُ تسعةِ أشهرِ
أقلِّبُ بَين البَينِ والدينِ مُهجَةً / على الجَمرِ في أحشاءِ لَهفان مُعسِرِ
يلينُ إذا اشتدَّ اقتضاءً غَريمُهُ / به فيَطولُ الخطبُ في هاتِ واصبرِ
وكنت أهنِّيهم على حالِ عُسرتي / بمَيسرةٍ لي في قُدوم المُيَسرِ
وما أَسلَفوني المالَ حتَّى تسلَّفَت / مَعاليكَ آمالي ولستَ بمُقترِ
وأقرَرتُ لما أن أقرَّ نداكَ لي / وكان كِلانا طائِعاً غيرَ مُجبرِ
وها أنتَ من صَوتي قريب وها هُمُ / مُطيفونَ بي فاقبَل لنَفسكَ وانظرِ
سما لكَ برقٌ أو بَدا لكَ نورُ
سما لكَ برقٌ أو بَدا لكَ نورُ / أو انكشَفَت تحتَ الظلام ثُغورُ
أم السكرُ من خَمر الهَوى بكَ لاعِبٌ / أفِق فلقد دارَت عليكَ خُمورُ
كأنَّكَ ما قدَّرتَ أنَّ فِراقَهم / على أخذِ ما استَبقى الصُّدودُ قَديرُ
أيَعدِلُ في عَينَيكَ سلطان دمعِها / وسلطانُ هذا البينِ فيكَ يَجورُ
غَرامٌ وشَوقٌ لَوعةٌ وصَبابةٌ / لهيبٌ ووَجدٌ رنةٌ وزَفيرُ
وإنَّ فُؤاداً يَحملُ البينُ بعضَ ذا / عليهِ ولا يأذى بهِ لَصبورُ
أتاركَتي إذ ودَّعَتني جفونُها / حَديثاً به ركبُ البلادِ يَسيرُ
تحيَّرتُ في أمري وأمرِك في الهَوى / وإنِّي لطبٌّ بالأمورِ بَصيرُ
يحث بكِ الحادي بَعيراً وهَودجاً / وما البينُ إلا هَودجٌ وبَعيرُ
وترقُبُني عينُ البَعير كأنَّه / إذا نَظرَت عَيني إليه غَيورُ
خليليَّ هذا الليلُ قد طالَ عِندنا / وليل خليلاتِ القلوبِ قَصيرُ
وقد كانَ لي منه خيالٌ يَزورني / فلمَّا مُنِعتُ النومَ كيفَ يَزورُ
وما سرَّ قَلبي أن يُعافى مِن الهَوى / وأنِّي بِلا حبٍّ يَتمُّ سرورُ
وإنِّي لَمشغولٌ عن اللهوِ في الهَوى / بخطبٍ له صمُّ الجبالِ تَمورُ
سقَى اللَهُ قبرَ الروذَباريِّ هاطِلاً / ففيهِ لأجناسِ العلوم قُبورُ
فتىً زهِدَت فيه الرَّغائب كلُّها / غَنيٌّ عن الأعراضِ وهو فَقيرُ
لئن ماتَ ما ماتَت محاسنُه التي / لها بينَ أصحابِ الحديثِ نُشورُ
أكذِّب أخبارَ النعاةِ تَزَوُّراً / على أنَّ تكذيبَ الحقائقِ زُورُ
كأنَّ العُلى مَحمولةٌ يوم حَملهِ / يسيرُ بها فوقَ الرجال سَريرُ
فلا بَرحَت عنِّي همومٌ لِفَقدِه / فإنَّ اغتِباطي بالحياةِ غُرورُ
ودانٍ دَنا كالغيثِ حتى تَدفَّقَت
ودانٍ دَنا كالغيثِ حتى تَدفَّقَت / على تَعسِ حالي منه عَينُ ندىً تَجري
نعِمتُ له حُسنَ الثناءِ ضِيافةً / فجادَ كأنَّ الضيفَ أولى بما يَقري
وزوَّدتُه ما قد سدَدتُ ببعضِه / مسالكَه ما بينَ صورٍ إلى مِصرِ
فأصبحَ يُغذيني اسمُه إن ذكرتُه / وأعجبُ ما تُغذي السعادةُ بالذكرِ
سهرتُ اهتِماماً بالعيونِ السواهر
سهرتُ اهتِماماً بالعيونِ السواهر / وباتَ حديثُ العاشقينَ مُسامِري
وقلتُ اغتِراراً بالسلامةِ والقَضا / يديرُ لساني في فَمي بالدَّوائِرِ
فأصبَحتُ لا أنفكُّ أذكُر ناسِياً / وقد كنتُ مَعروفاً بِنِسيانِ ذاكِرِ
إذا لم أُساعِدهُم بقَلبي ولم تَجُر / عَلَيه حكوماتُ الهَوى فَبناظِري
ولم يدرِ قَلبي كيفَ هجرانُ واصلٍ / لما لَم يزل يَعتادُ من وَصل هاجِرِ
خليليَّ ما بالي أرى كلَّ فِتنةٍ / على الناسِ تَخفى غيرَ فِتنَةِ شاعِرِ
فلا تَدعوا من بَعد ما قد عَلِمتُما / خليلَكما إلا عدوَّ السرائِرِ
يضيقُ اتساعُ الصدرِ بالسرِّ مرَّة / فكيفَ بِهذا اللازمِ المُتَواتِرِ
ولو كانَ لي دونَ النوى لَطَويتُه / ولكنَّه مِنها على يَدِ ناشِرِ
وضامِرةِ الكَشحَينِ ماسَت تَثنياً / فأَثنى عَلَيها مالَها في الضمائِرِ
أُسامِحُها في زلَّةِ الحبِّ كارِهاً / وأَعفو لها عَن ذَنبِهِ غيرَ قادِرِ
فأكشِفُ عن وَجهٍ من القَول في دَمي / فتسفِرُ عن وجهٍ من الحُسنِ باهِرِ
وتُعدي ولا يُعدى عَليها كأنها / لعزَّتِها فرسانُ عَوفِ بن عامِرِ
إذا ركبَت غنَّت مقارَعةُ القنا / غناءً على إيقاعِ وقعِ الحَوافِرِ
وإن أخَذَت أسيافَها يومَ غارة / فلا ردَّ إلا مِن عِصيِّ الخفائِرِ
معالٍ بنَتها ثمَّ همَّ علِيُّها / فألحَقها بالطالعاتِ الزَّواهِرِ
فَتىً تُورثُ الغاراتُ يمناهُ غيرةً / عَليهِ كأفعالِ النِّسا بِالضَّرائِرِ
وكم جادَ بالفَضل الكَبيرِ وكم جَنى / كثيراً عَلى قَومٍ مُلوكٍ أكابِرِ
وما رامَ في يومِ الكَريهَة مَورداً / فأَيقَنَ إلا أنه غيرُ صادِرِ
وللَّهِ في تلكَ الخلائقِ نِعمَةٌ / يدير بها طول البقاءِ لِشاعِرِ
يدٌ وحُسامٌ ما أقلَّ عَلَيهما / إذا اجتَمعا يَوماً بقاءَ السرائِرِ
لأَنمُلِهِ لا لِلِّقا طاعَةُ الرَّدى / وللسَّاعِدِ المَعروفُ لا للبَواتِرِ
أرَى كلَّ من يَهواكَ يلقاكَ قاتِلاً / كأنَّك في بعضِ العيونِ الفَواتِرِ
وقدَّمكَ الإقدامُ في كلِّ عَسكرٍ / وقد كِدتَ أن تُدعى لواء العَساكِرِ
مناقِبُ تُحيي مُلهماً وتَحثُّه / على سفرٍ فاعجَب لميتٍ مسافِرِ
فؤادٌ صَحا حتَّى تعقَّبهُ السُّكرُ
فؤادٌ صَحا حتَّى تعقَّبهُ السُّكرُ / وعاودَهُ من طَيفِ أحبابِه ذِكرُ
وكانَ له في القُربِ صَبر على النَّوى / فأسلَمَهُ في البُعدِ للجَزَعِ الصَّبرُ
قِفوا تَعجَبوا ممَّن رَمتني جُفونُه / فسافَر قَلبي سَفرها أيُّها السَّفرُ
سَقَى نصلَه سِحراً فلما أصابَني / أعادَ فؤادي في غَوايَتِهِ السِّحرُ
فَلا ذُقتُ طَعمَ الخَمرِ من بَعد ريقهِ / ولا لاحَ لي من بَعد غُرَّتِه البَدرُ
أنا العبدُ غدَّار بمولاهُ آبقٌ / إذا كانَ لي مولاً سجيَّته الغَدرُ
ولي مُهجةٌ عَذارءُ لم تلقَ ذلَّةً / فَما لِي إذا ألزَمتُها ذلَّةً عُذرُ
دَعاها إلى نَبهانَ تَسبيبُ عزِّها / فعزَّت فلا نهيٌ علَيها ولا أَمرُ
فتىً يخدِمُ العَلياءَ في السَّلم جودُه / وتخدِمُه في حَربه البيضُ والسُّمرُ
وأيامُه بينَ الشجاعَةِ والنَّدى / كذا قُسِّمت شَطرٌ لها وله شَطرُ
يفرِّقُ ما في كفِّه فَيضُ كَفِّهِ / ويَغرَقُ في نَعمائِه الحمد والشكرُ
أقام ابنُ بسطامٍ قيامَةَ ماله / فنادى مُنادي الجودِ من مالِه الحَشرُ
أتَيتُكَ في الآمالِ تَسحبُ ذَيلَها / على عَجَلٍ إذ كانَ يطلبُني الدَّهرُ
وخَودٍ أتَى الفكرُ الصَّحيحُ يزفُّها / لها ذكرُكَ المَشهورُ بينَ الوَرى عِطرُ
وما قَصُرَت إلا وقد جلَّ قدرُها / وسارَ علَى السَّبع الطِّوالِ لها فَخرُ
ولم أختصِرها عاجِزاً عن إِطالةٍ / وحقُّ العُلى أن لا يُطاوِلها الشِّعرُ
أمِن جزَعٍ هَذا التَّجنبُ أم صَبرِ
أمِن جزَعٍ هَذا التَّجنبُ أم صَبرِ / مخافةَ واشٍ أم جزاءً علَى هَجرِ
فمِن حيثُ لا يُرجَى الوَفاء رَجوتَه / ومن حيثُ يُخشَى الغَدر سارَعتَ في الغَدرِ
أما أنتَ من أهلِ الهَوى من ذَوي الأسَى / من القَوم تحتَ النَّهي في الحبِّ والأمرِ
ومن صدَّ تَخفيفاً فقد قامَ صدُّه / لمن لم يَجد عُذراً على الصدِّ بالعُذرِ
نعم كانَ ما قالَ الوُشاةُ وأكثرُ
نعم كانَ ما قالَ الوُشاةُ وأكثرُ / وكم كشَفَت حالي دُمُوعي وأستُرُ
قد اعتَرفَت عَيناكَ بالقَتل عِندهم / وما قَتلُ مِثلي يا مقاتِلُ يُنكَرُ
فإن كنتَ تَخشى أن تُقادَ بمُهجَتي / جُفونُكَ فاغمِد سَيفَها فهو مُشهَرُ
تَصبَّرتُ بعدَ الصَّبرِ لما فقَدتُه / زَماناً وكَم يَبقَى عَليَّ التصبُّرُ
ويَعذُرُني فيكَ العَذولُ فإن تَخُن / وِدادي فَعُذري عندَه مُتَعذِّرُ
تَعرَّضَني لما خلوتُ بذكرِكُم
تَعرَّضَني لما خلوتُ بذكرِكُم / هَوىً كان قد أخفَيتُه في ضَمائِري
فلَم أتَعاظَمهُ وقلتُ بقيَّة / لعَهدِ التَّصابي ليسَ هذا بِضائِري
فأسرَرتُه حتى تكاملَ سِرُّه / عليَّ فأَبدى دمعُ عَيني سَرائِري
أكتِّمهُ والدَّمعُ والسُّقمُ كَشَّفا / ومَن ذا يُباري كاشِفَينِ بساتِرِ
أرَى جَمراتٍ في مَسالِك أنفاسي
أرَى جَمراتٍ في مَسالِك أنفاسي / وأَغصانُ عَيشي كلُّها يابِس عاسي
وكنتُ أعدُّ الموتَ بَأساً وعِندما / أراهُ فَما في ذلكَ البأسِ من باسِ
كأنِّي وحيدٌ في قِفارِ تَنوفَةٍ / وإن كنتُ أُمسي في زحامٍ من الناسِ
فيا ليتَ لي ما كانَ غَيري بمِثله / يُعابُ إذا قالوا هُو الطاعِم الكَاسي
فلِم أنا في وَهدٍ من الأرضِ هابطٍ / وبالقُربِ مني للعُلى جَبلٌ راسِ
يَلوحُ عَليه جَعفرُ بنُ مُيسَّرٍ / فَيَرفعُ مني إن رَفعتُ له راسِي
ويُطمعُني في عادَةٍ أستَعيدها / ولا وَجهَ مَع تيكَ العَوائد للناسِي
أرَى ذلَّةَ الشكوى قد اشتغلت بها / فَمن يَشتَكي عنها هَواها إلى الناسِي
فَواعَجبي مِنها هي الياس وهيَ لو / تعودُ مَريضاً أذهبَت عنه بالياسِ
ألا رُبَّ يَومٍ أشرَقَت شَمسُ كَأسِه
ألا رُبَّ يَومٍ أشرَقَت شَمسُ كَأسِه / فطافَت علَى جُلاسِه قبلَ شَمسِه
كذلك ذو الفَخرين في طول عُمره / نَرى يَومه في الجود يزري بأمسِه
أبى الليلُ مِثلي مثلَ ما أنا مِنكمُ
أبى الليلُ مِثلي مثلَ ما أنا مِنكمُ / فما تَنقَضي عَنِّي دَياجِيه أو أقضي
تخصّ العُيون الساهراتِ بِطوله / فيفضلُ بعضُ القَوم فيها على بَعضِ
فَلو كانَ يوم البَعث للعرض ليلةٌ / لأنذَرتُكم مِن طُولها ليلَة العَرضِ
رَدَدتُ عَلى موسى بن هارون بِرَّهُ
رَدَدتُ عَلى موسى بن هارون بِرَّهُ / وكنتُ عَلى الأَحرارِ مُذ كنتُ مُحتاطا
وقدَّمتُ حُسنَ الظَنِّ ثمَّ جَلدتُه / على ما افتَرى عِندي مِن القَولِ أَسواطا
نعودُ إلى مُوسى فإنَّ حَديثَه / عَجيبٌ وإن طاشَ الحَليمُ وإن شاطا
يقصِّرُ عمَّا يأكلُ اليومَ حالُه / ويبذلُ بالقَولِ الرَّغائِبَ إفراطا
وقَد بلغَ العافينَ ذاكَ فَأَصبَحوا / عَلى بابِه من سائِر النَّاسِ أَخلاطا
وما بالُه لا يُتبعُ القولَ فعلَه / إِذا كانَ ديناراهُ عِشرينَ قِيراطا
بدائِعُ من أفعالهن البَدائِعُ
بدائِعُ من أفعالهن البَدائِعُ / ويتَّفقُ اللَّفظانِ والخُلفُ واقِعُ
يدافِعُني عَنهنَّ بأسٌ معارِضٌ / نَصوحٌ إذا ما قَرَّبتني المَطامِعُ
أقولُ وقَد ألقيتُ للسَّلم جانِبي / وبعضٌ لبعضٍ عَن فُؤادي مُدافِعُ
علامَ تَجمَّعتُنَّ من كلِّ فِتنةٍ / كأنَّ عَلى قَلبي لكُنَّ مُنازِعُ
وما همَّةُ الإنسانِ إلا هُمومُه / وإلا فما شُغلي بِما اللَّهُ صانِعُ
وإنِّي لَذو قَلبَينِ صابٍ وَصابِر / كَما أَنا ذو دَمعَينِ عاصٍ وطائِعُ
أَلا إنَّ أَعداءَ القُلوبِ عيونُها / كَما أنَّ أعداءَ العُيونِ البَراقِعُ
وأحمرَ قانٍ باتَ قَلبي يَسحُّهُ / ومجراهُ من خدَّيَّ أصفرُ فاقِعُ
له نحوكُم سَعيٌ بحالي وما سَعى / ومَفهومُ قَولٍ ما وَعَته المسامِعُ
بَكيتُ ولم أشعُر لقَلبي لما بِه / وقد شَرَّقته بِالدُّموعِ المَدامِعُ
وراميةٍ وجهَ السَّماءِ بمثلِه / سَراباً فكُلٌّ في مَدى الطرَّفِ واسِعُ
هَممتُ ومالي غيرُ عَزمٍ أعدُّه / لمَعمورةٍ بالخَوفِ وهيَ بَلاقِعُ
وذكر المُكنَّى بِالفَوارِسِ تاركٌ / فوارِسَها شَخصي لَها الدَّهر رايعُ
فتىً خَشيَت في غابِه لأُسد صُحبَتي / يُدافِعُ عنِّي بأسَها وتُدافِعُ
جَزاءً بِما أَضحَى يوقِّعُ رزقَها / وتَمتثلُ التَّوقيعَ فيها الوَقائِعُ
إذا استَيقَظَت أَسيافُه لعُداتِه / فلَيسَ لَها طَرفٌ من الخَوف هاجِعُ
يَمينٌ لَها في أنفسِ الخَلقِ حكمُها / وبُرهانُه بَينَ البريَّةِ ذائِعُ
يسارِعُ في يَوم اللِّقاءِ انتِهابَها / وفي ردِّها يومَ العَطاءِ يُسارِعُ
ينالُ أميرُ المُؤمِنينَ لأَمرِه / بناءً لَه من رأيهِ فيهِ رافِعُ
ومثلُ إمامِ الدِّين يأتي صَنيعُهُ / ومثلكَ يا بكجورُ تأتي الصَّنائِعُ
لتأبى مُساواة المُلوكِ لك العُلى / وأسمرُ نفَّاذٌ وأبيَضُ قاطِعُ
وخيلٌ سواءٌ عندها الكرُّ والكَلا / كأنَّ الذي يَلقَى المَنِيَّةَ راتِعُ
فإنَّ الذي أمسَت فَوارِسُها به / مِن الناسِ بينَ الخَيلِ والقَومِ شائِعُ
أتيتَ مِن الأَفعالِ ما يقتَدى بِه / وإن كانَ مَولودٌ لمجدِكَ شافِعُ
وما غابَ عنَّا ما إِليه مَصيرُه / ونورُكَ فيه لا مَحالَةَ لامِعُ
أقولُ وما غَيري من الناسِ قائِلٌ / ولا أحَدٌ في النَّاسِ غَيركَ سامِعُ
وكلٌّ لَه شِعرٌ ولكِنَّ مَسلَكي / عَلَيهِ وإن نالَ المشَقَّةَ شاسِعُ
إذا طَلعت خيلٌ فخيلُكَ كلُّها / لِسُرعتِها عِندَ النِزالِ طَلائِعُ
فسِر كيفَ ما أحبَبتَ في طلبِ العُلى / فكلّ امرئٍ في قَصدِها لكَ تابِعُ
أدلَّةُ أَهواءٍ يُضِلُّ اتِّباعها
أدلَّةُ أَهواءٍ يُضِلُّ اتِّباعها / ويجمعُ أَعمالَ القُلوبِ اجتِماعُها
جُفونٌ عَليها السِّحرُ لَولا مَراشِفٌ / عَلَيها الرقى مِنهنَّ لَولا امتِناعُها
ونارُ شَبابٍ شَبَّها الجهلُ فابتَدى / يَلوحُ عَلى شَكل المَشيبِ شُعاعُها
يعارضُني في عارِضَيَّ ولمَّتي / ليَردعَ نَفساً ما إليهِ ارتِداعُها
فَلا تَقطَعَنِّي إنَّ للحبِّ مُدَّةً / مَع المَوتِ لا مِن قبل ذاكَ انقِطاعُها
وماضٍ بماضٍ بَينَ جَفنيهِ غالب / عَلى كُلِّ أرضٍ أو يطيع مطاعُها
يَقومُ فَيَتلو كلَّ يَومٍ صَحائِفاً / فَهَل كانَ مَحظوراً عَلَيهِ استِماعُها
على ذِروَةٍ للحادِثاتِ منيفةٍ / فمِن عِندِه إشرافُها واطِّلاعُها
فَها أَناذا والنائِباتُ بِمَوقِفٍ / وتلكَ العُلى في مَوقِفٍ وسِباعُها
وما بعدَ رأي العَينِ في كلِّ نَكبةٍ / تظلَّمتُ مِنها اليَومَ إلا دفاعُها
وقَد نَصبَ الناسُ الخطوبَ وبايَعوا / لَها وعَلى جَدوى يَدَيك اختِلاعُها
لَياليكَ بيضٌ كالغَواني فَمَن يَجِد / سَواداً بإحداهُنَّ فهو قِناعُها
وأقسِمُ لو أشكلتُ يَوماً بِليلَةٍ / على أحدٍ أعيا علَيهِ انتِزاعُها
ومذ صارَ في الأَيام يومٌ مؤرَّخٌ / يُهنا بِه في مَجلِسٍ طالَ باعُها
فلَو تَستَطيعُ الخالياتُ التي مضَت / من الشوقِ جاءَت رسلُها ورِقاعُها
ولولا انتِظارُ الباقِياتِ مُديرها / إليكَ لحازَ السَّبقَ مِنها سِراعُها
وأما أَحاديثي فَأَعجَبُ ما يُرى / وتَسمَعُهُ مكتومُها ومُذاعُها
تَقلَّدتُ ديوانَ الديون لما مَضى / فلم تَنكَسِر واليومَ أدى ارتِفاعُها
وقيَّدَني قيدُ الوَفاءِ فلم أجد / سَبيلاً وإلا هانَ عِندي وَداعُها
أبا الجَيش جُزتَ الحدَّ في المَجدِ والعُلى
أبا الجَيش جُزتَ الحدَّ في المَجدِ والعُلى / فقيلَ وقُلنا ما أجلَّ وأَرفَعا
وقد جازَ شُكري حَدَّه فالتمِس مَعي / نَديماً نكن فيما نُحاولُه مَعا
أصرفُ النَّوى يَهواكَ لما استقلَّ بي
أصرفُ النَّوى يَهواكَ لما استقلَّ بي / عَلى غَيرِ تَوديعٍ فولَّيتُ مُسرِعا
خَلا بكَ حتَّى نالَ عندكَ حَظَّهُ / وقد كانَ ذاكَ الحَظُّ يَجمَعُنا مَعا
أَرى جَنباتِ الأرضِ باسمكَ ترجفُ
أَرى جَنباتِ الأرضِ باسمكَ ترجفُ / وأطرافُها من ذِكرِه تَتَخوَّفُ
وإلا فَما بالي أَرَى كلَّ مارقٍ / من البُعدِ تُلقيه إليكَ وتقذِفُ
كأنَّكَ سَيفٌ ضَيَّعَ السُّخطُ غِمدَهُ / فها هُو صَلتٌ في يَدِ اللَّهِ مُرهَفُ
يخافُ الطليقُ النازِحُ الدار حدَّه / كما يتَوقاهُ الأسيرُ المكَتَّفُ
لئِن كنتَ ذا الفَخرَين إنَّ رِفاعةً / ببأسِكَ ذا النارَينِ قَد صارَ يُعرَفُ
حَريقانِ في الدَّارَينِ يَعتَقِبانه / فمن مثله مُستأنِفٌ مُتَسلِّفُ
ومَن لَم يصدِّق بالجَحيمِ يردُّه / إلى قعرِها التكذيبُ عجلانَ يُقذفُ
وكان يَرى التَّكليفَ في الدين باطِلاً / فهَل هُو فيما مَسَّهُ متكلِّفُ
وفيكَ لنا في المارِقينَ بَقيَّةٌ / وإن غرَّهُم مِنها ومنكَ التوقُّفُ
وكَم غمةٍ لَو لَم تكُن لم يكُن لَها / سِواكَ ولا كانَت لغَيرِكَ تُكشَفُ
ويوماكَ في سلمٍ وحَربٍ كِلاهُما / سَواءٌ دمٌ قانٍ وحَمراء قرقفُ
ألَما بِلَونٍ واحِدٍ وتَفَرَّقا / ألا ربَّ لَونٍ واحِدٍ يتصرَّفُ
فللَّهِ كفٌّ جودُها مثلُ بأَسِها / تَحوزُ الندى في الحالَتَينِ وتُسرِفُ
ونفسٌ تَضيقُ الأرضُ عَنها وهمَّةٌ / تطِلُّ عَلَيها من عُلوٍّ وتُشرِفُ
وقلبٌ عَلى أَطرافِ كلِّ مَخوفَةٍ / وإن لَم يخِفها نازِلٌ مُتَطرِّفُ
وخَيلانِ خَيلٌ قادَها لمُلِمَّةٍ / إلى مَوقِفٍ مُرَّانُه يَتَقَصَّفُ
وخيلٌ نَهاها ذكرُهُ عَن لِقائِه / فراحَت كأنَّ الريحَ بالخَيلِ تَعصِفُ
بلَغتَ إِلى أَعلَى المَنازِلِ في العُلى / وكُلٌّ يُمنِّي نَفسَه ويُسوِّفُ
وأنتَ أَبو شبلَينِ يكشرُ عَنهُما / لكَي يَكبرا والجَيشُ بالجَيشِ يُوصَفُ
سَتَبقى لرَيبِ الدَّهرِ حتَّى تكفَّهُ / وويلٌ لرَيبِ الدَّهرِ مِما تُخلفُ
تَخلَّف ستبقي نِقمةً وسَحابَتَي / عطاءٍ وما تِلكَ الفراسة تُخلفُ
كَأنِّي إِذا ما قُلتُ أسمعُ كلَّ ما / أُشاهِدُه حَولي يَقولُ ويحلفُ
من الشعرِ ما قامَت براهينُ صدقهِ / ومنهُ حَديثٌ في سِواك يؤلفُ